ملفات خاصة

 
 
 

سمير غانم فنان مصري أجاد الخروج عن النص دون تحرش بالسياسة

محمد عبدالهادي

 

عن رحيل الفنان

سمير غانم

   
 
 
 
 
 
 

الكوميديا تمثل أسلوب حياة عند سمير غانم الذي ظل يرتدي نظارة سميكة وملابس غريبة بعض الشيء وقريبة من الزي الهندي ويكره الحزن والهم.

لم يعبأ الفنان الكوميدي سمير غانم يوما بحسبة الزمن ولا تأثيراته على الوجوه، وظل مضحكا كشخصياته التي جسدها على مدار رحلة فنية استمرت 58 عاما عبر معادلة فنية ترتكز على الارتجال وسرعة البديهة والسخرية العنيفة التي لم تفارقه يومًا حتى حينما هاجم المرض أعضاءه وأعطبها فكان رده “فايروس ابن مجنونة”، يقصد فايروس كورونا.

تتضارب الأنباء حول صحة الفنان الكبير القابع تحت شبكة من أجهزة التنفس الاصطناعي حاليًا بعد أن أضر الفايروس بصدره وامتد حتى كليتيه فأصابهما بالفشل، ليفقد صاحب الوجه البشوش وخفيف الظل حضوره الفطري وخروجه عن النص الذي عانى منه الكثير من زملائه، وتتوقف بذلك مدرسة فنية ناضجة وقطار تمثيلي قطع رحلة طويلة لم تتوقف يومًا في محطة ولم يسع إلى التقاط الأنفاس للراحة.

مواصفات غانم الجسدية تختلف عن بقية نجوم الكوميديا، فهو وسيم رغم باروكته التي بقى مصراً عليها رافضاً زراعة الشعر، متمسكاً بنظارة سميكة وملابس غريبة أقرب إلى الأزياء الهندية

توليد الضحك

رفض غانم المولود في أسيوط بجنوب مصر عام 1937، أن يشغل باله بعدد البطولات المطلقة، فكل ما يعنيه ترك بصمة لا تنسى سواء على خشبة المسرح أو قاعة السينما أو شاشة الدراما مهما كانت مساحة الدور صغيرة، لتثبت الأيام صدق نظريته، بعدما بلغ إجمالي الأعمال التي شارك فيها نحو 250 عملًا متنوعًا.

واصل العمل بكثافة منذ انطلاقته الفنية عام 1963 دون أن يفقد زخمه، واعتمد على ملكاته الخاصة في استكمال مواطن النقص في السيناريو وتوليد الضحك، فتارة يضيف أفيهات خاصة من وحي خياله يكمل بها الحبكة الفنية أو يرتجل في المفارقات والمواقف بصورة صارخة، فأصبح وجوده ضمانة للضحك، بصرف النظر عن جودة العمل الذي يشارك فيه.

يمثل الارتجال الذكي السلاح الذي اعتمد عليه غانم في رحلته الفنية دون تغيير جلده مثلما فعل أبناء جيله، كعادل إمام الذي لجأ إلى الحركة لتعويض شح النصوص المضحكة، فغانم امتلك القدرة على الإضافات الشخصية والتلقائية والإبداع اللحظي، وجميعها كانت نهرا لا ينضب حتى بعد تجاوزه الخامسة والثمانين.

الفنان الذي يصارع المرض حالياً رفقة زوجته الفنانة دلال عبدالعزيز يدين إلى الصدفة في حياته الخاصة والفنية، فلولا فصله من كلية الشرطة لما شق طريقه نحو عالم التمثيل

رؤية مغايرة

تعد الرؤية المغايرة جزءًا من تركيبته الشخصية، فبمجرد رؤيته شوكة وملعقة خشبية ضخمة معلقة كقطعة ديكور في منزل أحد أصدقائه أثناء مأدبة غداء تولدت في ذهنه توظيفها لتخرج في مشهد تناول الطعام في مسرحية “المتزوجون” بطريقة جعلتها أهم فقرات أكثر أعماله المسرحية شهرة وجماهيرية.

جرت القدرات الكوميدية في دم غانم منذ الولادة بحكم والدته خفيفة الظل التي يعتبرها أكثر طرافة من أفضل الممثلات الكوميديانات في السينما المصرية مثل ماري منيب وزينات صدقي، فخفة ظلها التي ورثها عنها كسرت التشدد في المنزل الذي فرضه والده ضابط الشرطة شديد الصرامة.

يدين الفنان المصري إلى الصدفة في حياته الخاصة والفنية، فلولا رسوبه في مادة الشريعة الإسلامية في كلية الشرطة لمدة عامين متتالين وفصله منها لما شق طريقه نحو عالم التمثيل من مسرح كلية الزراعة ليتخرج فيها مع رفيق دربه جورج سيدهم ويشكلان معًا ثنائيا فنيًا ناجحًا فرض اسمه على عالم الاسكتشات الغنائية اللطيفة.

لعبت الصدفة أيضًا دورها في ضم الثنائي جورج وغانم، الضيف أحمد، والذي كان يشق طريقه عبر مسرح الجامعة في الوقت ذاته معهما، بعدما شاهدا ردود أفعاله أثناء محاوله اللحاق بحافلة ركاب مزدحمة بوسط القاهرة ليقدماه للمخرج محمد سالم، كبديل لعادل نصيف الذي انشغل في برنامج أضواء المسرح، وتتشكل نواة فرقة ثلاثي أضواء المسرح التي تربعت على عرش الفرق الاستعراضية لقرابة عقد كامل.

وامتاز بالقدرة على الخروج عن المألوف حتى في حياته الخاصة، فحينما أعجبته فتاة صومالية شاهدها صدفة في إحدى الحفلات تقدم للزواج منها فورا، وتكرر الأمر في زيجته الثانية التي رآها في إحدى الحفلات ولم تستمر سوى أسبوع واحد فقط، قبل أن يتزوج من الفنانة دلال عبدالعزيز التي كانت تصغره بنحو عقدين كاملين وقت اقترانه بها بعد أن عملا معا في مسرحية “أهلا يا دكتور”.

يجيد غانم تفكيك الموقف الاجتماعي وتحويله إلى الكوميديا عبر الخيال الواسع والإضافات التي تخلف مشاهد شديدة الإضحاك، كالظهور بجورب مقطوع بالكامل باستثناء عنقه فقط في مسرحية “المتزوجون” للتعبير عن الفقر الشديد، أو التشبه بشكل امرأة بوضع بالونتين ضخمتين في صدر فستان دون التخلي عن الشارب في صورة شديدة الكاريكاتيرية في مسرحية “بهلول في إسطنبول”.

امتلك الفنان وعًيا كاملًا بطبيعة الإنتاج السينمائي وتقلباته، فلم يتعرض قطاره للتعطل، حينما نشطت أفلام المقاولات أو الأعمال المنتجة في لبنان فإنه تصدر المشهد، وعندما ساد توجه لتلميع أسماء بعينها لعلاقات شخصية بحتة لم يبال بحسبة الاسم أو التاريخ وعمل من أجل العمل.

غانم يمثل مدرسة كوميدية يصعب تكرارها، جامعاً بين الموهبة والذكاء الفطري والقدرة على الإضحاك مهما كان النص ضعيفا. (الصور من السوشيال ميديا)

مرونة كبيرة

تنبع تلك المرونة من صدق الفنان مع ذاته فلم يزعم ككثير من أبناء جيله بسعيه للنقد السياسي أو الاجتماعي أو حمله رسالة أخلاقية تنويرية يغيّر بها سلوك الجمهور ويصلحه، وكانت مساعيه دائمًا التسلية والترفيه، وكسر صخب الحياة وضجيجها حتى لو تحرش في بعض جمله الحوارية بالسياسة لكن بهدوء.

كانت تلك الرؤية سببًا في جدل مع زميله الفنان محمد صبحي الذي تحمل غالبية أعماله أهدافا سياسية واجتماعية، فالكوميديا عنده ليست لها علاقة بالمضمون لكن بقدرتها على انتزاع الفرحة، ويرى أن صبحي رغم قدراته لا يضحكه، وتكرر الأمر مع عادل إمام الذي قال إنه يضحكه كثيرًا في الجلسات الثنائية بعيدًا عن التمثيل.

من صفاته الطاغية تميزه بالمرونة، فمع تفكك فرقة أضواء المسرح رسم لنفسه مجالًا جديدًا بتجسيد شخصيات كاريكاتيرية في الفوازير مثل “فطوطة” و”سمورة” في الثمانينات وحقق من خلالها شعبية كبيرة، ولا تزال فوازيره نموذجا لفن صناعة الفوازير.

عرف غانم بالتجديد طوال حياته وركوب الموجات الفنية ما سمح له بمواكبة التغيرات العنيفة التي يشهدها سوق الضحك وتغير ذائقة الجمهور والعمل مع مخرجين في عمر ابنتيه (دنيا وإيمي) دون امتعاض ليقارع الأجيال الجديدة في النكتة السريعة والاستظراف أيضًا.

لم يعتبر نفسه منافسًا لفنان آخر من أي جيل، فلكل فنان ولكل جيل لونه وجمهوره، وهو ما جعله يتبنى العمل مع الوجوه الجديدة، مثل علي ربيع وأوس أوس وحمدي الميرغني، خاصة الأخير الذي يقول إنه يشبهه بصورة جزئية من ناحية الأسلوب، وكال إشادات مستمرة لأشرف عبدالباقي كصاحب تجربة مسرحية تكتشف المواهب وتذلل الطريق لها من خلال العروض المسرحية المعروفة بـ”مسرح مصر”.

ترتبط تلك التفضيلات بتعلق غانم الشديد بالارتجال الذي أعاد “مسرح مصر” إلى الواجهة، وهي تأتي مغايرة لتعليقات النقاد السلبية بشأن تلك النوعية من الكوميديا وجنوحها نحو التفاهة أحيانًا، ففي عُرف الفنان الكبير النجاح هو إثارة الضحك أيًا كانت الوسيلة.

لم يعبأ الفنان الكوميدي سمير غانم يوما بحسبة الزمن ولا تأثيراته على الوجوه، وظل مضحكا كشخصياته التي جسدها على مدار رحلة فنية استمرت 58 عاما عبر معادلة فنية ترتكز على الارتجال وسرعة البديهة والسخرية العنيفة

عشق غانم مفاجأة زملائه كثيرًا بالنكات التي لا يتضمنها نص السيناريو، حتى يتلذذ بوقعها على وجوههم وقياس ردود فعلهم، متيقنًا أنه سيفوز في معركة “التنمر الفني الحميد” بسرعة البديهة والقدرة على التخيل وإجادة ملكة الإسقاط على الواقع المعاش.

لم يكن خروج غانم عن النص مأمون العواقب دائمًا، فقد سبب له ذلك أزمات مع كتاب النصوص المسرحية، خاصة الكاتب فيصل ندا الذي طالب الرقابة بإيقاف عرض مسرحية “أهلًا يا دكتور” بعد عرضها لمدة خمس سنوات لارتجال غانم المستمر، في سابقة كانت الأولى من نوعها وأدت لقطيعة بينهما استمرت ثلاثة عقود.

امتدت النظرة المختلفة لغانم حتى في تعامله مع مظهره الخارجي، مع رفضه إجراء عملية لزراعة الشعر كأبناء جيله لهدف تمثيلي صرف، فالشعر المستعار عنده كان هدفا فنيًا ساعده على تغيير شخصيته باستمرار.

لا تمثل الكوميديا مهنة عنده، فهي أسلوب حياة، والفنان الذي ظل يرتدي نظارة سميكة وملابس غريبة بعض الشيء وقريبة من الزي الهندي، يكره الحزن والهم، ولاقى في سبيل ذلك المبدأ اتهامات بالجحود بعدما انقطع عن زيارة رفيق عمره جورج سيدهم في مرضه العضال الذي أقعده لعدم رغبته في رؤية صديقه عاجزًا عن الضحك.

خشي غانم مرارة الفقد كثيرًا ولا يستطيع التعاطي معها كشخص يحب الحياة وينهل منها باستمرار، وكان الموت محركًا لكثير من قراراته، فغادر فرقة ثلاثي أضواء المسرح في أوج مجدها بعد وفاة الضيف أحمد، وبعدها “سيد” شقيق غانم الأكبر ومدير أعماله والمسؤول عن حسابات الفرقة كاملة، بمرض الفشل الكلوي الذي يعاني منه غانم حاليًا لعجزه عن تقبل العمل في مكان هبت منه رائحة الموت مرتين في شهور قصيرة.

الارتجال الذكي يمثل السلاح الذي اعتمد عليه غانم، دون تغيير جلده مثلما فعل غيره، كعادل إمام الذي لجأ إلى الحركة لتعويض شح النصوص المضحكة

اقتنع المخرجون كثيرًا بالتفكير خارج الصندوق الذي يملكه غانم فجعلوه مرجعا لتسمية أعمالهم، أملًا في العثور على الجديد والمختلف، ولم تخطئ مساعيهم مثل المخرج عمر عبدالعزيز الذي لجأ إليه في عمل مشترك، فأنتجا معًا اسمًا غريبًا على الساحة الفنية في ”تجيبها كده تجيلها كده هي كده”، وهي تركيبة لغوية غريبة بالنسبة إلى فيلم سينمائي.

امتلك غانم في رحلته الفنية سمة مغايرة للممثل الكوميدي، فهو وسيم شبيه بجانات السينما وليس به عيوب شكلية مضحكة كالقصر أو السمنة الشديدة، ولا يتلاعب بملامح وجهه مثل إسماعيل ياسين، مع صراحة غير مألوفة في لقاءاته الصحافية في حديثه عن نفسه وزملائه، كالكشف عن عدد مرات خيانته الزوجية التي وصلت لست مرات وقت خطبته، أو وجهة نظر زملاء مقربين في الزواج مثل جورج سيدهم الذي رأى في الزواج مشروعًا فاشلًا.

نصوص ضعيفة

بدأت التعليقات النقدية تتزايد على نوعية الأدوار التي أداها غانم في العقد الأخير مع اشتباكه بنصوص شديدة الضعف لا تناسب تاريخه الطويل في الكوميديا، لأنه لم يعد يحتاج إلى إضافة رصيد لسيرته الفنية التي تعج بالأعمال المتميزة.

تتماشى تلك الردة مع طبيعة الدراما ذاتها في الفترة الأخيرة، بهجرها أسلوب المفارقات واعتمادها على الاستظراف الزائد، ما يضطر الفنان الراغب في العطاء للقبول بتنازلات، لكن ذلك لم يمنع مشاركته في تجارب جيدة، مثل مسلسل “شربات لوز” مع الفنانة المخضرمة يسرا.

المرونة التي يتميز بها غانم سهلت له بعد تفكك فرقة أضواء المسرح رسم مجال جديد بتجسيد شخصيات كاريكاتيرية مثل "فطوطة" و"سمورة" في الثمانينات

شكل غانم ما يشبه الفرقة الفنية مع زوجته دلال عبدالعزيز وكل من ابنتيه دنيا وإيمي وظهر في غالبية أعمال الابنتين كضيف شرف ولو لدقائق معدودة، ومع ذلك لم يتعرض لهجوم مثلما نال زملاءه بإقحام الأبناء في الوسط الفني عنوة، فقدراته ودلال لم تترك مجالا للتشكيك في موهبة ابنتيه.

حتى الإصابة بفايروس كورونا التي لحقت بالعائلة كان مصدرها الثنائيات الفنية التي يشكلانها معًا بعدما التقطت دنيا ودلال العدوى أثناء تصوير مسلسل “عالم موازي” الذي كان يفترض عرضه في النصف الثاني من رمضان، بينما كان الأب وابنته الثانية إيمي في الوقت ذاته يصوران حملة مشتركة لصالح إحدى شركات الاتصالات اتسمت بكم كبير من الكوميديا والمفارقات.

يكاد سمير غانم يكون الممثل الأكثر حضورًا في شهرة الشخصيات التي أداها وتعلق الجمهور بها مع تسميات بأسماء طريفة، فلا ينسى الجمهور شخصية “زكي طفطف” في المسلسل الخيالي “سوبر ميرو”، و”زيزو” في “معلش يا كابتن زيزو”، و”هيصة” في مسلسل “السيد هيصة”، و”فرحات الوطواط” في “إنسى اللي فات يا فرحات”. وقد استطاع عبر تغيير نبرات صوته في امتلاك مقومات فريدة ميزته عن غيره، فجعل من النكتة التقليدية ذات طابع مغاير حينما تخرج بصوته وطريقته، وهي أهم متطلبات الفنان الطريف الذي يسهل عليه إضحاك الجمهور ضمن أحداث عمل يحمل جرعات من التراجيديا.

صحافي مصري

 

العرب اللندنية في

15.05.2021

 
 
 
 
 

ندعو الله وننتظر يده الحانية

طارق الشناوي

الذى يجرى على (السوشيال ميديا) وفى عدد من المواقع الصحفية، رغم قسوته وبشاعته ولا إنسانيته ولا حتى (حيوانيته)، ليس جديدا، صار مع الأسف يُشكل القسط الأكبر مما نقرأه.. آخر ضحايا تلك الأخبار هو سمير غانم، البعض بحسن نية يصدق هذه الأخبار ويعمل على ذيوعها وانتشارها.

الكل يعلم قطعًا الحالة الحرجة لسمير ودلال، ولا نملك فى هذه اللحظات سوى التوجه لله فى انتظار يده الحانية، لماذا يتعجل البعض نشر أخبار الرحيل، هل هذا هو السبق الصحفى الذى ينتظرون تحقيقه، ليتباهى كل موقع بأنه كان الأسبق فى النشر؟.

سمير غانم كان فى الساعات الأخيرة هو الهدف، مستغلين أن الملابسات المحيطة ستؤدى إلى سرعة التصديق، وهكذا تورط البعض فى كتابة كلمات الرثاء، رغم أننا لم نفقد الأمل، وبإذن الله لن نفقده.

مثل هذه الشائعات تؤدى لكثير من الأشجان لدى الفنانين، خاصة عندما تمتزج بإحساس الترصد، حيث يعتقد بعضهم أن هناك من يقصد أن يشيع عنه هذا الخبر، وبحكم المهنة كثيرًا ما أتلقى مكالمات من بعض الزملاء الصحفيين والمذيعين فى مصر والعالم العربى وهم يقولون لى سمعت شائعة موت فلان، أقول لهم: هل تأكدتم؟. تأتى الإجابة نريد أن نتأكد منك والخبر يتم انتقاله على «النت».

سمير غانم كثيرًا ما واجه بسخرية هذا الخبر فى السنوات الأخيرة، ولم يكن هو فقط الهدف الوحيد، ولكن كثيرًا من النجوم الذين أحببناهم قرأوا خبر الرحيل وهم أحياء يرزقون، ومن أكثر الفنانين الذين تصدوا للخبر عادل إمام الذى كتب بنفسه قبل بضع سنوات على صفحته يسخر من الموت، وحرص على أن يلتمس الأعذار لمن لم يستطع المجىء إليه فى لحظة وداعه، مؤكدًا أنه تسامح معهم، خاصة أنه يعلم أن بعضهم قد توقع أنها شائعة لكثرة تكرارها، كما أن هناك من انشغل فى الاستوديو، وهو لا يستطيع أن يلوم أحدًا منهم!!.

على مدى الحياة الفنية وتلك الشائعات لا تتوقف، ومن أشهرها تلك التى لاحقت الملحن والممثل القدير «عبدالعظيم عبدالحق» فى منتصف السبعينيات، والتى كانت فى حقيقة الأمر مقلبًا صنعه «عبدالحليم» مستعينًا بإذاعى كبير تعود أن يمد الكاتب الصحفى الكبير «كمال الملاخ» بالأخبار الفنية، وكان الملاخ هو المسؤول عن الصفحة الأخيرة فى جريدة «الأهرام»، إلا أنه كان على خلاف مع «عبدالحليم»، فاستغل «حليم» علاقته الوطيدة بهذا الإذاعى وأيضًا مصداقيته لدى «الملاخ» واتفقا على أن يسرب له خبلًا رحيل «عبدالعظيم» ونشر بمساحة كبيرة على الصفحة الأخيرة، فى وقت كان لا يوجد فيه بمصر سوى ثلاث صحف صباحية، أوسعها انتشارًا «الأهرام»، والجزء الثانى من المؤامرة لم يكن فى نشر خبر كاذب، ولكن لعب «سمير صبرى» دورًا فى ذيوع الحكاية، عندما حرص على أن يقدم نفيًا لها بصوت وصورة «عبدالعظيم عبدالحق»، الذى تم تصويره وهو ممسك بالجريدة التى تخفى وجهه، وبعد ذلك تهبط الجريدة شيئًا فشيئا لنرى «عبدالعظيم» مبتسمًا فى برنامج سمير التليفزيونى الأشهر «النادى الدولى».

لا أتصور أن شائعات الموت فى ظل الانتشار الفضائى قابلة للحياة أكثر من دقائق معدودة. أليس الأجدى أن نتوجه إلى الله بالدعاء لكى يعبر سمير غانم وكل المرضى إلى شاطئ الحياة (آمين يا رب العالمين)؟!!

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

12.05.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004