مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 

صفحات

<<

01

02

03

>>

سابق

 
مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي
الدورة السادسة والسبعون

 28th AUG - 07th September 2019

 
 

 
رسالة يومية لتغطية فعاليات فينيسيا السينمائي

بالتعاون مع موقع "هنا روما"

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

عامٌ إستثنائي للسينما العربيّة، وفير الغلّة ولذيذ الثمر في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي

«الأسد الذهبي» إلى تود فيليبس عن فيلم «مُهرّج»، وأسد المستقبل إلى السوداني أمجد أبو العلاء

(هنا رورما) - فينيسيا - عرفان رشيد*

 
 

 

 
 

لم يحدث، في تاريخها منذ البدايات، أن تكون السينما العربيّة  قد نالت كل هذا الترحاب والجوائز في دورةٍ واحدةٍ لمهرجانٍ سينمائي دولي، إذْ تعدّدت الجوائز التي حملها المخرجون والفنانون العرب المشاركون في الدورة الـ 76 من مهرجان فينيسيا  إلى بلادهم.. سبع جوائز هامّة منحتها لجان تحكيم المهرجان إلى أربعة مخرجين من السودان ولبنان وتونس والسعودية، وإلى ممثلٍ تونسيّ الأصول.

ونال فيلم «مهرّج» للأمريكي تود فيليبس جائزة «الأسد الذهبي» في الدورة السادسة والسبعين لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، التي أُختُتمت مساء السبت في جزيرة «اليدو» بفينسيا، وكان المرشّح الأقوى لنيلها منذ عرضه في الأيام الأولى من المهرجان، إلى جانب فيلم «أسنان لبنيّة» للمخرجة الأستراليّة شانون ميرفي. وكان كثيرون، بمن فيهم أنا شخصيّاً، توقّعوا بأن يُمنح بطل الفيلم، النجم خواكين فينيكس، «كأس ڤولپي» لأفضل أداءٍ رجالي، فقد كانت مُستحقّةً للغاية، إذا تجاوز فينيكس، في هذا الدور، كلّ ما أدّى من أدوارٍ حتى الآن.  

فينيكس حضر حفل توزيع الجوائز لمرافقة مخرجه وصعد على الخشبة لدى استلام تود فيليبس «الأسد الذهبي»، والذي أعرب له عن امتنانه بقوله ”خواكين، أنت كنت أسدي الذهبي في الفيلم، ومن دونك لا وجود لهذا الفيلم…»؛ وترك فينيكس المشهد بكامله لمخرجه ، وبرُغم إلحاح المنظّمين عليه بقول شيء، فقد اكتفى بترداد كلمة كلمة «غراتسييه - شكراً بالإيطاليّة - لثلاث مرّات».

وذهب «كأس ڤولپي» لأفضل أداءٍ رجالي إلى الممثل الإيطالي لوكا مارينيلّي عن دوره في فيلم «مارتين إيدين» من إخراج بييترو مارتشيلّو. مارينيلّي أهدى جائزته ”إلى أؤلئك الذين يجهدون ويُكافحون ليل نهار في لُجّة مياه المتوسّط لإنقاذ حيوات البشر الفارّين من إتون حروبٍ طاحنة… أؤلئك المنقذون يمنحون حياتنا قيمتها الحقيقيّة، ويجعلوننا نشعر بالأمان…“؛ ذات الشيء فعلته الممثلة الفرنسيّة آريان آسكاريدي التي فازت بـ «كأس ڤولپي» لأفضل أداءٍ نسائي عن دورها في فيلم «غلوريا موندي» من إخراج زوجها روبير غيديغيان، وقالت آسكاريدي ”أنا ابنة عائلة إيطالية جنوبيّة أضطُرت، بسبب الجوع والفاقة، إلى الهجرة إلى فرنسا وولدت في مرسيليا بجنوب فرنسا، وهذه الجائزة إليّ تحيّة إلى جميع من اضطرّوا على هجر منازلهم“، وبجرّة أُذنٍ قاسيةٍ لمناهضي الهجرة في أوروبا، وفي إيطاليا بالذات قالت آسكاريدي ”هل تعلمون ماذا يعني أن يمتلك الإنسان ثلاثة جذورٍ ومنابع ثقافيّة؟ أنا أعلم ذلك وأعلم بأنه شيءٌ عظيم“، مشيرةً إلى ثقافاتها وجذورها الفرنسية والعربية.

ومنحت لجنة التحكيم الدولية برئاسة المخرجة الأرجينتينيّة لوكريسا مارتيل جائزة لجنة التحكيم الكبرى إلى المخرج رومان بولانسكي عن فيلمه «إنّي أتّهم»، والذي رافقته سجالات كثيرة بسبب الاتّهامات إلى پولانسكي بالعتداء الجنسي على قاصرة، قبل بضعة عقود.

كما مَنحت اللجنة جائزة «الأسد الفضّي لأفضل إخراج» إلى المخرج السويدي روي آندرسون عن فيلمه «عن اللانهاية»، ونال فيلم «لم تعد المافيا كما كانت» للمخرج الصقلّي فرانكو ماريسكو جائزة «لجنة التحكيم الخاصّة»، فيما مُنح الممثل الأُسترالي الشاب توبي والاس «جائزة مارتشيلّو ماسترويانّي لأفضل طاقة شابّة»، عن دوره في فيلم «أسنان لبنيّة» للمخرجة الأستراليّة شانون ميرفي، وهي جائزةٌ مُستحقّة للغاية، ولم تكن لتفقد بريقها لو أنّها كانت مُنحت له ولزميلته الشابّة في الفيلم إيليزا سكانلين؛ فيما كان الفيلم أحد أقوى المرشّحين لجائزة «الأسد الذهبي»، والمنافس الأقرب لفيلم «مهرّج».

أسد المستقبل منذ الوهلة الأولى…

ذاتُ القناعة التي امتلكها الآخرون بشأن فيلم «مهرّج»، امتلكتها أنا بشأن شريط المخرج السوداني الشاب أمجد أبو العلاء  «ستموت في العشرين» والذي عُرض ضمن برنامج «أيّام المخرجين في فينيسيا» ، وقد أبديت، منذ اللحظة الأولى من خروجي من الصالة التي شهدت العرض الأول عن استغرابي الشديد إزاء إقصاء عن المسابقة الرسمية للمهرجان، في الوقت الذي تضمّن هذا البرنامج أعمالاً  أدنى منه بكثير.

وبنيل أمجد أبو العلاء «أسد المستقبل»، والنجم الفرنسي ( تونسيّ الأصول ) سامي بوعجيلة جائزة «أفضل أداء رجالي» في مسابقة برنامج «آفاق» عن دور «فارس» في شريط التونسي مهدي برصاوي «بيك نعيش»، إرتفعت حصيلة جوائز السينمائيّين العرب في هذه الدورة إلى سبعة جوائز، وهي حصيلة إستثنائية، لم تحظَ بها السينما العربية في تاريخها من مهرجانٍ واحد، ما دلّل على الحالة الإيجابيّة التي تمر بها هذه السينما في السنوات الأخيرة وبكون غِلّة هذا الموسم وفيراً وجيّداً.

فبالإضافة إلى فوز فيلم «جدار الصوت» للبناني أحمد الغُصين بالجائزة الكبرى في مسابقة «جائزة أسبوع النقّاد» (التي سُعدت بكوني عضواً في لجنة تحكيمها، للمرّة الثالثة منذ انطلاقها قبل 34 عاماً)، فقد حمل هذا المخرج الشاب معه إلى بيروت جائزتين أُخريَين، هما «جائزة الجمهور»، والذي صوّت لفيلمه بحشدٍ كبيرٍ من التفضيلات، وجائزة «أفضل إسهامة تقنيّة» كونه «حوّل الصوت في الفيلم إلى بطلٍ سادسٍ إلى جانب أبطاله الخمسة، الذين حُوصروا داخل منزلٍ في الجنوب اللبناني المهدّم  بفعل عمليات القصف والمواجهة خلال حرب 2006 الإسرائليّة ضد لبنان“.

وجاءت الجوائز الثلاث إلى أحمد الغصين لتُسجّل سابقة أولى في تاريخ جائرة «أسبوع النقّاد»، المُقامة ضمن إطار مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، إذْ لم يسبق لفيلمٍ واحد ، أن ينال ثلاث جوائز ضمن ذات البرنامج.

وضمن برنامج «جائزة أسبوع النُقّاد»، فازت المخرجة السعوديّة الشابة شهد أمين بجائزة فيدراليّة «نوادي السينما في مدينة فيرونا»، التي تُعدّ الأقدم في إيطاليا، وستحتفل بميلادها الرابع والسبعين في هذه السنة.

وكان شريط المخرجة التونسية منال لعبيدي «أريكة في تونس» قد فاز بجائزة  الجمهور ضمن مسابقة «أيام المخرجين في فينيسيا».

وجاء تشارك أحمد الغصين وشهد أمين ومنال لبيدي في الفوز بجوائز تفضيلات الجمهور دليلاً قاطعاً على قدرة الأعمال  السينمائية العربية على إقناع الجمهور العادي (في حال فيلمي الغصين ولبيدي ) وهواة السينما «السينيفيلز» (في حال فيلم شهد أمين)، وهو ما يمكن اعتبارة منعطفاً هاماً ينبغي البناء عليه لإيصال الفيلم العربي، بشكلٍ عام، إلى الجمهور الأوسع وخارج من دائرة المهرجانات السينمائية، أو دائرة الاحتفاءات الوقتية العابرة لهذا السبب السياسي أو لذاك الشغف الانثروپولوجي، لدى مسؤولي ومبرمجي المهرجانات السينمائية في الغرب.

بالتعاون مع موقع 

http://www.hunaroma.it/ar/

 

 

موقع "هنا روما" في

08.09.2019

 
 
 
 
 
 

الدورة الـ 76 لمهرجان «فينيسيا» السينمائي الدولي:

اللبناني أحمد الغصين والسعودية شهد أمين يحصدان أربعاً من جوائز «اسبوع النقاد » في مهرجان فينيسيا..

(هنا رورما) - فينيسيا - عرفان رشيد*

 
 

 

 

 
 

في سابقة أولى في تاريخ جائرة «أسبوع النقّاد»، التي تُقام ضمن إطار مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي منذ أربعةٍ وثلاثين عاماً، فاز المخرج اللبناني أحمد الغُصَيْن بثلاثة من جوائز هذه المسابقة عن فيلمه «جدار الصوت»، فيما فازت المخرجة السعودية الشابة شهد أمين بحائزة رابعة ضمن هذه المسابقة عن فيلمها «سيّدة البحر».

وبالإضافة إلى الفوز بالجائزة الكبرى، فسيحمل الغُصين  معه إلى بيروت جائزتي الجمهور، الذي صوّت لفيلمه بحشدٍ كبيرٍ من التفضيلات، وبجائزة «أفضل إسهامة تقنيّة» كونه «حوّل الصوت في الفيلم إلى بطلٍ سادسٍ إلى جالنب أبطال الفيلم الخمسة» الذين حُوصروا داخل منزلٍ في الجنوب اللبناني المهدّم  بفعل عمليات القصف والمواجهة خلال حرب 2006 الإسرائليّة ضد لبنان.

وضمن البرنامج ذاته، فازت شهد أمين بجائزة منحتها فيدراليّة نوادي السينما العريقة في مدينة فيرونا، التي تُعدّ الأقدم في إيطاليا، وستحتفل بميلادها الرابع والسبعين في هذه السنة.

على صعيدٍ آخر، فاز  شريط المخرجة التونسية منال لبيدي «أريكة في تونس» بجائزة  الجمهور صمن مسابقة «أيام المخرجين في فينيسيا».

وما يزال الترقّب عالياً لنجاحات أخرى قد يُحقّقها السينمائيّون العرب المشاركون في الدورة السادسة والسبعين من المهرجان، عشيّة إعلان لجنة التحكيم الدولية برئاسة المخرجة الأرجينتينية لوكريسيا مارتيل عن جوائز المسابقة الرسمية، والتي تشارك فيها السعودية هيفاء المنصور بشريطها الروائي الثالث « المُرشّحة المثاليّة»، إضافةً إلى الترقّب للنتائج التي ستُفصح بها لجنة تحكيم جائزة دي لورينتيس برئاسة المخرج اليوغسلافي أمير كوستوريتسا وعضوية النجمة التونسيّة هند صبري، وذلك بالإعلان عن عن جائزة «أسد المستقبل» التي يتنافس عليها مخرجو العمل الأول، ومن بينهم خمسة مخرجين عرباً هم السوداني أمجد أبو العلاء بفيلمه «ستموت في العشرين»، و التونسي مهدي برصاوي بفيلمه «بيك نعيش»، إضافة إلى المخرجين الثلاثة الآخرين الذي أشرنا إليهم في بداية هذا الخبر، وهم شهد أمين، وأحمد الغُصين ومنال لبيدي.

بالتعاون مع موقع 

http://www.hunaroma.it/ar/

 

 

موقع "هنا روما" في

07.09.2019

 
 
 
 
 
 

الدورة الـ 76 لمهرجان «فينيسيا» السينمائي الدولي:

حضورٌ عربي لافت، والنجم الأمريكي جواكين فوينيكس يتجاوز نفسه ويترسّح بقوّة لجائزة أفضل ممثل

(هنا رورما) - فينيسيا - عرفان رشيد*

 
 

 

 

 
 

تتواصل في جزيرة الليدو بمدينة «فينيسيا» الدورة الـ76 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، «موسترا دي فينيسيا». 

وشهدت الأيام الأولى عروضاً لأفلام من المسابقة الرسمية والبرامج والتظاهرات المُلحقة في المهرجان، ومن بينها برنامج «آفاق» و «جائزة أسبوع النقّاد» و «أيّام المخرجين في فينيسيا»، وشهدت جميع هذه البرامج حضوراً لافتاً للسينما القادمة من البلدان العربية، إذْ افتتح فيلم «المرشّحة المثاليّة» للمخرجة السعوديّة هيفاء المنصور، عروض المسابقة الرسمية، فيما عُرض فيلم مواطنتها الشابة شهد أمين «سيّدة البحر» ضمن مسابقة «جائزة أسبوع النقّاد»، إلى جانب شريط «جدار الصوت» للمخرج اللبناني أحمد الغُصين.

وشهد برنامجا «آفاق» و «أيّام المخرجين في فينيسيا» عرض عملين لافتين قادمين من تونس والسودان، نتوقّع (أو بالأحرى نأملٌ) أن يحظيا باهتمام لجنتي التحكيم اللتين ستُقرّران جوائز البرنامجين، وهما شريط «بيك نعيش» للمخرج التونسي الشاب مهدي برصاوي، الذي أنتجه حبيب عطيّة، وشريط «ستموت في العشرين» للمخرج السوداني أمجد أبر العلاء.

وباستثناء فيلم «المرشّحة المثاليّة»، فإن الأفلام الأربعة الأخرى، مُرشّحة لجائزة «أسد المستقبل» التي ستُمنح إلى مخرجي العمل الروائي الأول.

جواكين فوينيكس: أفضل ممثل 

وإذا كان حضور بعض من هذه الأفلام العربية قد أحدث مفاجأةً سارّة للمستوى الجميل الذي ظهرت عليه، فإنّ المفاجأة الحقيقيّة في هذه الدورة من المهرجان تحقّقت، مرّةً أُخرى، كما في السنوات القلبلة الماضية، حين ظفر المدير الفنّي لمهرجان فينسيا السينمائي الدولي آلبيرتو باربيرا، بالفيلم الذي سيحمل اسم مهرجانه إلى الواجهة، وذلك هو فيلم «مهرّج» - Jocker -  للمخرج الأمريكي تود فيليپس، المعروض في المسابقة الرسمية، والمُرشّحٌ القوي لأن ينال بطله جواكين فوينيكس جائزة «كأس ڤولبي» لأفضل أداءٍ رجالي، كما هو مُرشّحٌ قوي للغاية لجوائز الأوسكار، سواءٌ كفيلم، أو كأفضل أداءٍ رجالي، حيثُ يتجاوز فية فوينيكس، حقاً، نفسه في الأداء، مُعيداً إلى الذاكرة أداءً عظيماً لروبيرت دي نيرو في «سائق التاكسي» لمارتين سكورسيزي، والذي يُزامله في هذا الفيلم بدورٍ ثانوي، يظهر فيه كمقدّمٍ لبرنامج تلفزيوني حواري ساخر. 

لكن، كيف كانت حال الشاب آرثر فليك - الـ«مهرج» - قبل ان نراه في الحال التي آل اليها؟

ليس هذا هو سؤال الجمهور فحسب، بل هو ذات السؤال الذي يطرحه آرثر فليك على نفسه، باختلاف جوهري هو: أنّ تساؤل المتفرّج نابعٌ من الفضول الطبيعي أمام شخصيةٍ لا تخلو من الغرابة وتكتنز الكثير من المفاجأة، فيما ينبع تساؤل فليك لنفسه من الحاجة «الإنسانيّة والمرضيّة» لكائنٍ بلغ عند مفترق طريقين: إمّا الاستمرار في السعي لطبع الابتسامة لع ى وجوه الآخرين غير الآبهين بمأساته الإنسانية، أو انّ عليه ان يستجيب لما يُستحثّهُ اليه هؤلاء الآخرون، إى الدفع إلى صوب الحنق والكراهية والمقت، والانتقام في نهاية المطاف؟

كلّ ذلك يحدُث بتسارعٍ رهيبٍ للأحداث وبتصاعدٍ متواترٍ، ليس لإيقاع الحركة في الفصل الثاني من الفيلم، بل أيضاً لإيقاع العنف فيه، عُنف وإهانات وازدراء الآخرين، وعنف آرثر فليك وقراره في «إجلاس» جميع الأشخاص في المكان الذي يستحقون الجلوس فيه، في وجهة نظره. 

يعيش آرثر فليك في مدينة «جوثام» ويعمل مهرّجاً خارج السيرك، يروّج لمحل تجاري ويتعرّض الى الاعتداء بالضرب والركلات والى تحطيم لوحته الإعلانية من قبل عدد من الصبية العنيفين، إلاً انّه مستعد للصفح عنهم لأنهم "ليسوا إلاّ صبية أرادوا اللهو"، كما يقول لزميله الذي يتنافس معه في شغل وظيفة المهرّج المروّج، والذي يُهديه مسدساً يتحوّل، دون أية رغبة من آرثر الى سلاح الانتقام، حين يتكرّر الاعتداء عليه في قطار الإنفاق من قبل ثلاثة شباب عنيفين انهالوا عليه بالضرب والركلات، وحين يصرخون في وجهه مُهينينَ إيّاه: «ما الذي يُضحكِكَ أيها القبيح!؟».

جميع من يُحيطون بآرثر فليك يقسون عليه بالعنف والضرب والركلات، لكن العنف الأكبر الذي يستشعره هذا الشاب هو ذلك الذي يتسبّبون فيه بتجاهلهم إيّاه، بشكلٍ أو بآخر، كما هي حالة زملائه في العمل والذين يكيدون به أو من يحاول، من بينهم، تحيّن الفرصة لسرقة مصدر رزقه، باختلاق الوسائل لتسريحه من العمل المتواضع الذي يُقيم به أوده ويرعى بمردُوده الضئيل أمّه المُقعدة؛ أو كما هي حالة تلك الأُم التي تقضي جُلّ الوقت في انتظارِ ردٍ من عشيق سابق، صار اليوم مُرشّحاً قوياً لمنصب عمدة المدينة، وتتضمّن تلك الرسائل مطالبات بأن يقوم هذا العشيق بواجبه، كأب، لآرثر فليك، التي تدّعي بأنّها حَبُلتْ به منه. 

ذاتُ التجاهل يلمسه آرثر فليك المُعالِجةِ النفسية التي تُشرف على متابعة وضعه الصحّي بعد خروجه من مستشفى الأمراض العقليّة، لكنّها لا تذهب أبعد من تكرار ذات الأسئلة في كل لقاء بينهما، وحين تقرّر تغيير خطابها معه، فإن ذلك سيكون في اللحظة التي تُخبره بإغلاق خدمة العلاج والطبابة  النفسية، "لأنّ البلدية استقطعت من الميزانية التخصيصات الصحية!".

وفي المرّة الوحيدة التي يعثر فيها آرثر على ابتسامة صادقة من جارته السوداء، فإنّهُ يحوّل آصرته المُفترضة مع تلك الفتاة، وبرؤاه المضطربة، الى قصة عشق مًُتخيّلة، لا تفضي إلاّ زيادة مخاوف الفتاة الشابة من هذا الكائن المُثير للقلق والاضطراب.

يعيش آرثر داخل مثلث قاسٍ تتشكّل رؤوس زواياه من الشقة المتواضعة التي يلتجيءُ اليها للعناية بأمّه المُقعدة، فضاءُ العمل اليومي المليء بالإهانات اليومية وعالم  توماس واين، الثري المرشح لمنصب المحافظ القاسي، الذي تنحو سياسته صوب زيادة تعميق الشِقَّةِ ما بين الأثرياء والفقراء في المدينة.

يحاول آرثر فتح أضلاع هذا المثلث القاسي وتحويله الى مربع عبر اضافة ظلع جديد يقوم على  رغبته وحلمه بأن يُصبح مهرجاً "يحمل البسمة الى وجوه الناس"، وحين تُتاح له الفرصة، يحوّل الآخرون فقرته الى مادة للتندر عليه والتعرّض به، بالذات خلال برنامجٍ تلفزيوني واسع الانتشار يُقدّمه موراي فرانكلين «روبيرت دي نيرو»، الذي يحاول استزاجه والاستفادة من تأثير براءته (سذاجته برأي فرانكلين) على الجمهور.

يحدثُ كلّ ذلك في لحظة تغلي فيه المدينة، ودواخل آرثر بالغضب، كما مرجلٍ آيلِ للانفجار. ذلك الانفجار الذي ينتهي بالانتقام الأقسى.

بالتعاون مع موقع 

http://www.hunaroma.it/ar/

 

 

موقع "هنا روما" في

02.09.2019

 
 
 
 
 
 

مهرجان فينيسيا السينمائي الـ 76 إنطلق بسجالات حول قضية الـ «التحرّش الجنسي» في عالم السينما

(هنا رورما) - فينيسيا - عرفان رشيد

 
 

 

 
 

واحدٌ وعشرون فيلماً في المسابقة الرسمية، 11 منها لمخرجين يشاركون هذه للمرةالأولى؛ شباب ومخرجات وأساتذة كبار، تسبّب حضور البعض منهم في المسابقة الرسمية سجالاً واسعاً، كالمخرج البولندي الكبير رومان بولانسكي المُتّهم  بالتحرش الجنسي بقاصرة، في وقت كانت إدارة مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي قد أبدت تأييدها لحركة «MeToo» الاحتجاجية ضد التحرّش الجنسي في عالم السينما والتي ابتدأتها قبل عامين في مهرجان «كان» السينمائي الدولي مجموعة كبيرة نجمات وممثلات السينما العالمية، والتي لاقت ترحاباً وتأييداً واسعين.

وعاد موضوع حضور رومان بولانسكي وفيلمه «إنّي أتّهم» في المسابقة الرسمية للمهرجان، إلى الواجهة وليشغل الصفحات الأولى من المتابعات من مهرجان فينيسيا بالتزامن العرض الرسمي للفيلم يوم غدٍ (الجمعة)، بعد أن هيمن في الأيام السابقة على السجالات عَقِبَ المؤتمر الصحفي الافتتاحي الذي عقده رئيس بيينالة فينيسيا باولو باراتّا والمدير الفنّي للمهرجان آلبيرتو باربيرا، الذي ”قال أنا لست قاضياً في قاعة المحكمة لأُصدر حكماً قضائياً على رومان بولانسكي، الذي أُعدّه واحداً من اساتذة السينما في العالم“.

وأشار المدير الفنّي للمهرجان إلى تواجد أعمالٍ لمخرجات في البرامج الرئيسيّة للمهرجان مُشدّداً على أن «الموسترا» عندما نتجاور مع الأعمال السينمائية المُقدّمة إلى المهرجان ”فإنّنا لا نفعل ذلك مدفوعين بخيارات تنطلق من توزيع الكوتات ما بين الرجال والنساء، أو برغبة ترويجيّة أو دعائية بل من القناعة المطلقة بعمق الموضوعات المُتناولة في عدد كبير من أعمال المخرجات، وغالب هذه الموضوعات تتم مواجهتها بروحيّة نقديّة بنّاءة“.

وكانت رئيسة لجنة التحكيم الدوليّة، المخرجة الارجنتييّة لوكريسيا مارتيل، قد اضطُرّت إلى إصدار بيان مُقتضب للردّ على بعض ما نشرته الصحافة بُعَيدَ المؤتمر الصحفي للجنة التحكيم، إثرَ تغريدات ومنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي لمّحت إلى احتمال أن يكون لدى مارتيل «مواقف مُسبّقة» من مشاركة أفلام المخرجين المُشار إليهم بالبنان في قضية «التحرّش الجنسي». ونفت مارتيل في بيانها وجودَ أيّة ظلال لا سُمّيَ بـ «المواقف المُسبّقة» حول أعمال أؤلئك المخرجين المتنافسين في البرنامج الرسمي للمهرجان، وقالت في بيانها ”أرغب في الإيضاح، ردّاً على ما نُشر في الصحافة عقِب مؤتمرنا الصحفي، بأنّ كلماتي في ذلك المؤتمر إستُوعبت على شكلٍ مغلوط. وبما إنّني لا أفصل العمل الفنّي عن صانعه، فقد لمست الكثير من الحسّ الإنساني في أعمال رومان بولانسكي السابقة، ولذا فإنّني لا أملك أي اعتراض على تواجد فيلمه الجديد ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان“. 

وأضافت لوكريسيا مارتيل ”ليست لديّ أيّة مواقف مُسبّقة تجاه هذا الفيلم، وسأُشاهده، بطبيعة الحال، بنفس المشاعر التي سأُشاهد فيها الأفلام الأخرى المعروضة في المسابقة“، وختمت بيانها المقتضب والقاطع بالقول ”لو كانت لديّ أيّة مواقف مُسبّقة، كنت سأستقيل من مهمّة إدارة لجنة التحكيم الدوليّة“.

وبرُغم احتمال استمرار هذا النوع من السجالات طيلة الأيام التالية من المهرجان، فأنّ غالبها سيُطوى بالتأكيد مع دخول المسابقة الرسمية حيز المواجهة الفيلميّة، وستكون الأفلام، كما نأمُل، هي المادّة الأساسيّة التي يدور النقاش والحوار و «السجال النقدي» حولها. وثمة الكثير، بالفعل، لما يستحق النقاش في اختيارات المدير الفنّي للمهرجان الذي وصف دورته الحاليّة بأنّها ”تحمل ثورةً“ في عالم السينما. وأضاف باربيرا أنّه لو نظر إلى الوراء، بعد هذه السنوات الثمان، في إدارة أعرق مهرجان سينمائي في العالم ”فإنّني أشعر بالفخر إزاء ما حقّقه المهرجان من تطوّر وتجديد، بنظرة مستقبليّة إلى الأمام، وذلك عبر التخلّي عن القوالب الثابتة والجامدة المُقاومة للتغير“. وأضاف ”لقد أُنجز كلّ ذلك دون أيّة مواقف مُسبّقة، وهو ما أفخر به حقاً“.    

وبالإضافة إلى أفلام المسابقة الرسمية الـ 21 ثمة في «موسترا دي فينيسيا» تظاهرات أخرى  كبرنامج «آفاق»، الذي يضم عدداً كبيراً من الأفلام الطويلة والمتوسطة والقصيرة، والتي غالباً ما ستكون، كما يحدث في مهرجان «كان» أيضاً، افضل بكثير من بعض أفلام المسابقة الرسمية، التي تُضمُّ في البرنامج الأهم لدواعٍ سياسيّة، نجومية، توزيعية، أو حتى بفعل ضغوط تمارسها على ادارات المهرجانات الكبرى شركات التوزيع النافذة.

ويلاحظ في هذه الدورة من المهرجان حضورُ عدد من الأفلام التي تتعامل مع قضايا ذات طابع تاريخي، واعتبر المدير الفنّي للمهرجان هذا الأمر ”إستجابةً من السينمائيّين، وبالذات «سينما المؤلف»، إلى الحاجة في إعادة صياغة آصرة جديدة مع «الحقائق التاريخيّة» في أدقّ تفاصيلها، وذلك لأنّ أحداثاً تاريخّة كثيرة تراكمت عليها قراءات وتأويلات، لم تكن، في الغالب، متآصرة مع الحقيقة. ولذا فإنّنا نشهد تقارب العديد من المخرجين مع الحقائق التاريحيّة، ويفعل البعض منهم ذلك بدِقّة المؤرّخ العلمي، المستند على وثائق تاريخيّة، من تسجيلات صوتية وفيلمية للمحاكمات الكبرى وعلى الإفادات والاعترافات خلال التحقيقات القضائية والشهادات المكتوبة أثناء المحاكمات، ما ضيّقَ مساحة المُتخيّل وما هو غير مستند إلى الحقائق“، ويُضيف باربيرا قوله ”لا يتعلّق الأمر في هذه الحالات بمجرّد رغبة السينمائيّين في إلقاء نظرةٍ على الماضي، بل من رغبة هؤلاء المخرجين في إزاحة الغبار المتراكم على الكثير من أحداث الماضي، وذلك لأنّ لذلك الماضي انعكاساتٍ على الحاضر وعلى المستقبل، وبالتالي يأتي حديث المخرجين عن التاريخ الماضي كما لو كان حديثاً عن يومنا هذا“.

* بالتعاون مع موقع  www.hunarom.it/ar/

 

 

موقع "هنا روما" في

30.08.2019

 
 
 
 
 

صفحات

<<

01

02

03

>>

سابق

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004