كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

«باي باي» بكل اللغات لعبدالحسين عبدالرضا: هل قصرت الفضائيات بحقه أيضا؟

مالك العثامنة

عن رحيل «أسطورة الكوميديا»

عبدالحسين عبدالرضا

   
 
 
 
 

حيث تزدهر الفنون، تزدهر الحالة المدنية وتنعكس على وجه المجتمع إضاءات التنوع والتعددية والانفتاح.

والمسرح وكل ما يتعلق بفنون التمثيل جزء مهم في هذا السياق، وعربيا كانت الكويت (بخلاف باقي دول الخليج) حالة متقدمة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، طبعا بحكم وجود الطفرة النفطية وطبيعة أهل البلاد.

خرجت من دائرة طباشير «البداوة» وتغلبت على جغرافيا الصحراء القاسية واقتصاديات الموارد البحرية الصعبة لتنطلق إلى آفاق أوسع من جغرافيتها على مستوى العالم العربي كله، خصوصا منذ نهاية خمسينات القرن الماضي، وتقبل المجتمع الكويتي المحافظ بطبعه الانفتاح وخلق بنفسه بيئة خصبة لحالة فنية مسرحية ومن بعد تلفزيونية استطاعت بجهود كويتية آنذاك أن تنتشر عربيا وبسهولة ورحابة.

بإشراف مصري تمثل في وجود المسرحي زكي طليمات لتأسيس المسرح الكويتي، انطلقت الحالة الفريدة بعروض رفيعة المستوى سرعان ما وجد المسرح الكويتي نفسه يعمل عبر كتاب نصوص محليين على تعريبها وصياغتها في معالجة محلية تجذب جمهورا يتعلم بسرعة ويندمج مع الحالة الفنية كمتلق بسرعة أكبر.

كانت الأسماء رجالا ونساء تزدهر في سماء الفن الكويتي والخليجي والعربي تباعا، من علي المفيدي وإبراهيم الصلال وعبدالعزيز النمش وحياة الفهد وسعاد عبدالله وعبدالحسين عبدالرضا وغيرهم كثير.

نجم التلفزيون

كانت التجربة المسرحية مهمة لصقل أدوات التمثيل والتعبير الأدائي لممثلي وممثلات الكويت الناشئين وقتها في الخمسينيات، وهذا الصقل المعرفي شكل خبرة مهمة لهؤلاء ليدخلوا عالم الدراما التلفزيونية فيما بعد في السبعينات، بخطى واثقة ورائدة أيضا على مستوى الخليج، وكانت الكوميديا رغم ما تشكله من صعوبة في المعالجة أقصر الطرق لقلوب المشاهدين، وكان عبدالحسين عبد الرضا، الشاب الذي درس علم الطباعة على نفقة حكومة الكويت في ألمانيا، قد بدأ باكتشاف نفسه ومواهبه، على المسرح الكويتي الجاد أولا، ثم في التلفزيون الذي انطلق انطلاقته الصاروخية فيه، عبر مسلسل «درب الزلق»، لتصبح شخصية العبثي المشاكس والذكي حسين بن عاقول لصيقة به لسنوات طويلة، ووضع المسلسل الذي ضم نخبة نجوم الكويت الدراما الكويتية على خريطة الدراما العربية الناجحة.

نجاح المسلسل، وأداء نجومه وعلى رأسهم عبدالحسين عبدالرضا، كان منصة لانطلاق أعمال تلفزيونية ناجحة بمجملها لعبدالرضا، وعودته للمسرح هذه المرة لكن على طريقته الخاصة، وبمعالجات محلية (كويتية وخليجية) فتربع الفنان، الذي ترك عالم المطابع، على عرش النجومية الكويتية والخليجية طوال عمره، ولكن ميزة عبدالحسين عبدالرضا لم تكن مقتصرة على كونه ممثلا محترفا متخصصا في الكوميديا بدون تهريج ولا إسفاف، بل كان متعدد المواهب، فهو يكتب الأغنيات، ويضع أفكار ألحانها أحيانا، ويغنيها بأداء استعراضي خفيف الدم، من هنا تخصص في انطلاقته المبكرة وبإبداع في فن الأوبريت، وهو فن صعب من حيث تجميع الأداء التمثيلي والقصة الجيدة واللحن والغناء في ساعة تلفزيونية واحدة، وقد نجح رهان عبدالرضا على نفسه، فكانت سلسلة أوبريتات مثلها غالبا مع شريكته في الأعمال الأولى سعاد عبدالله، لقيت نجاحا تجاوز الكويت إلى العالم العربي كله تقريبا.

هذا التفوق، توجه عبدالحسين عبدالرضا، برائعته المسرحية، «باي باي لندن»، وهي المسرحية التي كان توقيت ولادتها وعرضها في زمن كان دريد لحام فيه، قد شق طريق مسرح «الكباريه السياسي»، وفي زمن كان الترميز في انتقاد الحكومات فيه حالة إبداع.

كانت مسرحية «باي باي لندن» قمة تفوق الأداء المسرحي على المستوى العربي للفن الكويتي، ولعبد الرضا شخصيا، وكانت أيضا أوراق اعتماده الرسمية الحقيقية كسفير للكوميديا العربية المحترمة وترسيمه نجما عربيا له تقديره ومكانته من المحيط إلى الخليج، فصارت مسرحياته (وأعماله في المجمل) بعدها تجد طريقها بسهولة حتى لو كانت ذات طرح محلي، مثل مسرحية «فرسان المناخ»، التي انتقد فيها بشدة طفرة البورصات ولعبة سوق الأسهم في الكويت، وشرحت الحالة في كوميديا راقية للعالم العربي.

طور الفنان الراحل الكبير أدواته للوصول إلى المشاهد العربي فأسس أول قناة عربية فضائية متخصصة في الأعمال الكوميدية، وهي قناة فنون، التي وجدت مساحة كبيرة لدى الجمهور وقدمت ولا تزال مجمل الأعمال الكوميدية المحترمة، وضمن ذائقة مساحتها ذائقة عبدالحسين عبدالرضا نفسه، وهي ذائقة الخبير المعتق، التي تحترم جمهورها إلى أقصى حد.

تقصير الفضائيات بحق عبدالرضا

هذا غيض من فيض تاريخ الفن الكويتي، وقد حلق به عبدالرضا إلى آفاق بعيدة وواسعة، لننتهي إلى صدمتنا بوفاته – والموت حق – لكن الصدمة كانت نابعة من تقدير ومحبة لهذا الفنان الكبير.

وها نحن ننتهي إلى تشظ عربي تفتت في الوعي حد العبث والضحالة، فيختلف ضحايا عبث الواقع العربي المعاصر والمنحط على طلب الرحمة للفنان الكبير الراحل عن عالمنا بكل وقار الكبار، ويتجادل متوهمو وكالة الله عز وجل شأنه على الأرض، في قضايا لم تكن تخطر في بال أحد في زمن عربي سابق وجميل.

ومن المؤسف أن قنوات عربية قليلة غطت رحيل الفنان الكبير أو أفردت له مساحة تليق بتاريخه الطويل، ولم تتردد قنوات فضائية باستمرار احتفالها بمهرجي زمن الديجيتال، وتقديم الغث في لحظة غياب الكبير وهذا يعكس منطق الإعلام في زماننا.

وكم كانت موجعة متابعة تلك التغطية على القنوات الكويتية والتي تحدث فيها مثقفو وفنانو العالم العربي عن الراحل بحرقة وأسى، وكم كان لافتا أيضا حذر الإعلام الكويتي في الإحاطة بالبعد العربي، الذي حلق في فضائه الراحل بأجنحة كبيرة، وهي على ما أعتقد سياسة كويتية عامة بالانعزال عن المحيط العربي منذ الغزو العراقي البائس لتلك الدولة التي كانت وبحق إحدى منارات العالم العربي في زمن عربي محترم.

رحم الله عبدالحسين عبدالرضا، فهو الآن بين يدي رحمن رحيم، وسعت رحمته كل شيء، و «كل شيء» مطلقة لا يقيدها فكر مظلم، ولا تحددها عتمة في العقل والوجدان.

إعلامي أردني يقيم في بروكسل

القدس العربي اللندنية في

16.08.2017

 
 

الكويت تحتضن صانع ابتسامتها عبدالحسين عبدالرضا

كتب الخبر

لافي الشمري -  فادي عبدالله -  مصطفى جمعة

·       آلاف المحبين توافدوا من داخل الكويت وخارجها إلى مقبرة الصليبيخات 

·       القاسمي: قدم الكثير في حياته المسرحية والفنية وترك تاريخا فنياً حافلاً 

·       بشار عبدالحسين: شكراً لصاحب السمو على مبادرته بنقل الجثمان على طائرة أميرية

ووري جثمان الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا عصر أمس في مقبرة الصليبيخات، وقد شُيع في جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف من أبناء الكويت ودول الخليج والأقطار العربية الذين توافدوا منذ الصباح الباكر لوداع نجمهم المحبوب.

تنفيذاً لتوجيهات سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وصل جثمان فقيد الفن الكويتي والخليجي والعربي عبدالحسين عبدالرضا إلى المطار الأميري على متن طائرة أميرية من مطار هيثرو في لندن، وذلك في الـ9.25 من صباح أمس، حيث كان في استقبال الجثمان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله، والفنانون جاسم النبهان وطارق العلي والبحريني أحمد الجميري والمطرب عبدالله الرويشد وعدد من الفنانين الشباب وأفراد أسرة الفقيد.

وكان يرافق الجثمان من لندن نجل الفقيد بشار، والفنانان داود حسين وباسم عبدالأمير، ومدير أعمال الراحل حسن السلمان وغيرهم.

وانتهت إجراءات خروج الجثمان من المطار بسهولة ويسر، نظراً للاستعداد الكبير الذي اعد لتسهيل مهمة اسرته ومرافقيه الذين انتظروا طويلا في لندن للانتهاء من اجراءات نقله على الطائرة الاميرية، والتي استغرقت 5 أيام، بعدما فاضت روح الفقيد إلى بارئها يوم الجمعة الماضي. ثم انتقل جثمان الفقيد مباشرة من المطار إلى المقبرة الجعفرية لإتمام التجهيز لدفنه.

رسالة وطنية

ومن المطار، وعقب استقباله جثمان الفنان الراحل عبدالرضا، صرح الوزير العبدالله أمس بأن "الفقيد أفنى حياته في خدمة الكويت وبث رسالة وطنية سامية"، مبيناً أن "ما قام به المواطنون تجاه المرحوم يمثل رد جميل له على سنوات طوال من الأعمال الفنية التي قدمها طيلة حياته، أمتع فيها الجمهور". وأضاف العبدالله أن "الفنان الراحل ذهب بجسده، لكن أعماله وأفكاره باقية في الوجدان"، داعياً المولى، عز وجل، أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

من جانبه، أعرب بشار نجل الفنان الراحل عن شكره وتقديره لحضرة صاحب السمو أمير البلاد على مبادرته السامية بنقل جثمان والده على متن طائرة أميرية واهتمامه المتواصل به وبوالده، معبرا كذلك عن الشكر والامتنان على حسن الاستقبال وتسهيل كل الإجراءات المتعلقة بنقل جثمان و"الوفاء قوبل بالوفاء".

وعن ردة الفعل التي صاحبت وفاة الفنان الراحل، ذكر أن "هذا الأمر ليس بغريب على أهل الكويت والوطن العربي بعدما أفنى الراحل حياته في إسعادهم على مدى خمسين عاما"، مبينا أن هذه اللفتة الكريمة خففت من ألم الفراق.

الابتسامة الأخيرة

بدوره، قال الفنان داود حسين إن الراحل الكبير ترك أعمالا فنية خالدة ستبقى في ذاكرة الجميع، وهذا سبب حالة الحزن التي عمت محبيه سائلا المولى عز وجل ان يلهم ذويه الصبر والسلوان، لافتاً إلى أن الفنان الراحل كان في آخر نظرة معه في المستشفى "مبتسما" وقد كان دائم الابتسامة حتى في آخر لحظات حياته.

وأضاف حسين أن الراحل كان بمنزلة الأب الناصح له في مختلف المجالات وله مواقف مشهودة مع كل الفنانين والإعلاميين، مشيرا إلى أن الراحل كان أيضا دائم النصح للجميع وحريصا على العطاء والتفاني في العمل.

نموذج وقدوة

وعبر الفنان جاسم النبهان عن حزنه العميق لرحيل عملاق الفن في الكويت الذي كان نموذجا وقدوة سواء على المستوى الفني او الانساني مع التزامه بالحضور والتواصل مع كل ابناء جيله، كما كان موجها وناصحا لكل الاجيال الواعدة التي تعامل معها عبر اعماله الفنية سواء المسرحية او التلفزيونية.

وطالب الذين احزنهم هذا المصاب الكبير بان ينتهجوا نهجه ويسيروا على دربه في تقديم الفن الملتزم صاحب الرسالة التي تضم ولا تفرق، تقرب ولا تبعد، داعياً ان يمن الله عليه برحمته ويسكنه فسيح جناته بقدر اسعاده لجمهوره الكبير والواسع الذي يمتد باتساع الوطن العربي الكبير ويمنح اسرته وذويه وأحبابه ورفاقه وتلاميذه الصبر والسلوان.

من جهته، أكد الفنان باسم عبدالأمير أن دعاء الناس من كل الدول للفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا بأن يتغمده الله تعالى برحمته ويسكنه فسيح جناته دليل المحبة الصادقة من الناس، مبيناً أن الفنان الراحل كان كثيرا ما يوصي بالوفاء والمحبة للوطن وضرورة العمل على نهضته والمحافظة عليه فهو لم يكن فقط فنانا تمثيليا بل إنسان محب لوطنه أيضا.

فاجعة

أما الفنان طارق العلي، فرأى أن الفاجعة هي أن تفقد فنانا كبيرا مثل عبدالحسين عبدالرضا بكل ما يعنيه اسمه وإرثه الفني الكبير، معربا عن الشكر والتقدير للقيادة السياسية على المبادرة السامية بنقل الجثمان إلى أرض الوطن بالطائرة الأميرية.

وأضاف العلي أنه يشعر بالفخر بأن مسؤولين في الدولة، وعلى رأسهم الوزير الشيخ محمد عبدالله، كانوا في مقدمة الحضور لاستقبال جثمان الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، مشيراً إلى أنه برحيل فنان بهذه القامة والمكانة فقد الفن الكويتي والخليجي والعربي عمودا من أعمدته، لكن هناك أجيالا من الشباب الفنانين نهلوا من معين الجيل الفني الكبير، وسوف يسيرون على خطاهم للحفاظ على الفن الكويتي الأصيل".

من ناحيته، وصف الفنان مشاري البلام "بوعدنان" بأنه شخصية غير عادية، بل شخصية فنية أبوية قام باحتضان الكبير والصغير، "وأعطى من خبرته ولم يبخل بشيء علينا، ولم يبخل علينا فنياً أو إنسانياً، ووقف معنا في كل الأحوال، وهذا اليوم الذي نحن فيه هو ثمرة جناها الراحل الكبير بعد كل ما زرعه في الدنيا".

من ناحيته، قال الفنان الإماراتي حبيب غلوم: "نحن أقل شيء نقدمه لهذا الفنان الكبير هو الحضور إلى الكويت والمشاركة في مراسم الدفن، ونقدم التعازي والقيام بالواجب"، مشيراً إلى أن الراحل فنان كبير وقام بتعليم الفنانين المسرح، وهو الذي حبب أهلنا في مجال الفن، وحظي باحترام الناس.

ذاكرة الأجيال

قال الفنان القدير محمد المنصور بعد تشييع الراحل: "عبدالحسين ذهب جسداً، لكن روحه ستبقى معنا، كذلك أعماله الفنية، سواء المسرحية أو التلفزيونية أو الإذاعية أو الأوبريتات ستبقى خالدة في ذاكرة الأجيال، وهذه الابتسامة والضحكة ستظل إلى أبد الآبدين، الله يرحمه ويصبر أهله ويصبرنا".

الكوميديا الهادفة

كما قال الكاتب والفنان القدير عبدالرحمن الصالح: "يتوقف القول وتموت الكلمات، بوعدنان أخ وصديق وعشرة عمر بيننا، وعندما أريد أن أتحدث عنه أحس أن الكلمات تهرب مني، ولكن أقول إن لفقده أثرا ليس على الكويت فقط بل الخليج والوطن العربي، بحيث افتقدوا ابتسامة كانت ترسم على كل الوجوه، وبرحيل بوعدنان أعتقد أن الكوميديا الهادفة التي تخدم الوطن انتهت، ولم يبق في الساحة إلا التهريج".

التواضع والفن

بدوره، قال الفنان القدير عبدالرحمن العقل: "عظم الله أجرنا وأجر أهل الكويت وكل من يحبهم، وعسى أن يصبرنا وكل محبي عبدالحسين عبدالرضا على فراقه، هذا الإنسان رمز للأخلاق والأدب والتواضع والفن، إنه إنسان لن يتكرر، لكن هذا قضاء الله، اللهم لا اعتراض، نطلب له الدعاء بالمغفرة والرحمة، ونسأل أن يغمد روحه الجنة".

أما الكاتب والمخرج بدر محارب فقال: "أتقدم بخالص العزاء لأسرة الفقيد، وللأسرة الفنية في الكويت والخليج والعالم العربي، ولكل من عشق فن الفنان الراحل، وعزاؤنا الوحيد رغم أنه رحل بجسده، أنه لايزال حاضراً بأعماله وحواراته وبجمله وقفشاته ومشاهده، وأعماله الفنية التي استمرت على مدى 56 سنة، ولانزال نشاهدها إلى اليوم الحالي، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال الفضائيات العربية، ولا نقول وداعا، ولا نقول الفنان الراحل، فالخالدون لا يرحلون، فهم يرحلون بأجسادهم، لكنهم يبقون معنا بأفكارهم وأعمالهم".

من جهته، قال الفنان البحريني عبدالله ملك: "دائما كانت تجمعنا المناسبات الطيبة، والله يطيل بأعمار زملائه وزميلاته في الساحة الفنية، وهذه الكويت المعطاءة، هي دائماً معروفة برجالاتها، ونجومها وأعلامها، لقد أتينا مجموعة من الفنانين ومحبي الراحل من عامة الشعب من مملكة البحرين، وجئنا باسم البحرين لنعزي كل أهل الكويت، من خلال القيام بهذا الواجب الإنساني، لأن الراحل كان صاحب واجب مع كل الناس، أعطى حبه وقلبه لهم، وهذه حكمة الله أن يتوقف القلب، والموت هو الأمر الوحيد الذي نقف أمامه صاغرين ومستسلمين لقضاء الله وقدره، الحمد لله على كل شيء، الله يرحمك يا بوعدنان ويغمد روحك الجنة، ويلهم أهلك وكل أهل الفن الصبر والسلوان".

هامة كبيرة

وقال الفنان القدير عبدالعزيز الحداد: "الكلمات تتأثر والقول يصعب، لكن في هذا المكان الذي نودعه فيه، أقول له شكراً لأمر كبير، وهو تفعيل الوحدة الوطنية، وهذا التجمع الموجود بأننا نلتف حول هامة ورجل كبير، وأن كل الناس مجتمعة موحدة في الحب والصدق تجاهه، وترك لنا جميعا أثرا مشتركا؛ الروح التي يقدم فيها الكوميديا كانت روحا صادقة وأمينة".

من جانبه، قال الفنان حسن البلام: "علاقتنا مع المرحوم علاقة إنسانية قبل أن تكون علاقة فنان كبير مع زملائه، ومن ناحيتي أنا شخصيا تجسد هذا الأمر بالعلاقة القوية والمتينة؛ سواء في العمل أو خارجه، وهو بمنزلة والدي حقيقة، ولا أبالغ في ذلك، وعندما يقول البعض إن الابتسامة والضحكة ذهبت فهي فعلا كذلك، وكنا نتطبع بطبائعه وطريقة كلامه في حياتنا، ولا أعلم ماذا أقول عن هذه اللحظة، ولا أستطيع في الحقيقة أن أصف هذا الأمر، ولا أنسى عتبه علي عندما واجهت العارض الصحي، ولومه لي بأن أكون حذرا تجاه صحتي وغيرها العديد من الأمور التي لن أستطيع أن أصفها".

وقال المخرج والممثل صادق بهبهاني: "ماتت الكوميديا ومات الفن بوفاته، ولن أستطيع أن أقول أكثر من ذلك، لأنه شخصية مؤثرة فيني والأب الروحي لي ولجميع الفناني الشباب، والداعم الكبير لنا، فهو محب لنا ومتابع لإنجازاتنا، وهو شخصية لن أستطيع أن أوفيها حقها، وقد حالفني الحظ أن أكون معه في بعض الأعمال، ورأيت منه كل خير بصراحة، الله يرحمه إنه فنان لن يعوض".

ضحكة الكويت

وشارك أيضا الفنان عبدالله السيف بكلمة خاصة: "هذا الجمع هو أكبر دليل على شهرته على مستوى الكويت والخليج، وفقدنا ضحكة الكويت وابتسامتها، وهو لن يعوض في الحقيقة".

وقال المخرج عبدالعزيز صفر: "لن أستطيع أن أصفه، في الحقيقة، هو خسارة بحد ذاتها، فهو الأب الروحي لنا ونعتبره معنا في البيت، بحيث ترك مع فنه حب الكويت، والجميع حزين لفقدانه ومشاعر العائلة لا تختلف فيه، فهي محبة لفنه ولشخصيته الفريدة".

عطاء سخي

وقال المطرب الشاب بشار الشطي: "لم أتخيل هذا الأمر، ولكن ذلك هو أمر الله وإرادته، فأبوعدنان أعطى من قلبه حتى نرى أعماله باقية، وأشعر الناس أنه منهم وفيهم".

حاكم الشارقة يعزي العبدالله وأسرة الفقيد

بعث عضو المجلس الأعلى الإماراتي، حاكم الشارقة، الشيخ د. سلطان القاسمي برقيات تعزية إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله وإلى أسرة الفقيد الفنان عبدالحسين عبدالرضا.

وقالت وكالة أنباء الإمارات (وام) إن الشيخ القاسمي أرسل أيضا برقيات تعزية لأسرة المسرح الكويتي والخليجي والعربي، أعرب فيها عن خالص تعازيه ومواساته بفقدان أحد رواد الفن الذي قدم الكثير في حياته المسرحية والفنية، وترك تاريخا فنيا حافلا، سائلا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته.

كانت الساحة الفنية الكويتية والخليجية والعربية قد فقدت الفنان الكبير الذي وافته المنية في 11 الجاري بالعاصمة البريطانية لندن، بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 78 عاما.

الروضان: عملاق الكوميديا كان مثالاً في التفاني والوحدة الوطنية

قال وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون الشباب بالوكالة خالد الروضان، إن الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا كان مثالاً في التفاني بالعمل والوحدة الوطنية.

وأضاف الوزير الروضان في تصريح للصحافيين خلال تشييع جثمان الفنان الراحل، أن الفقيد كان يمثل جميع أبناء المجتمع الكويتي في أعماله، "وهناك أجيال من الكويتيين تربت على تلك الأعمال الوطنية". وأشار إلى المكانة الكبيرة التي كان يحظى بها الفنان الراحل لدى الشعوب الخليجية والعربية، مبيناً أن الحشد الكبير من المواطنين والمقيمين، الذي توافد إلى المقبرة لتشييعه دليل على محبة الناس له.

بدوره قال الوكيل المساعد لقطاع الخدمات الإعلامية والإعلام الجديد بوزارة الإعلام يوسف مصطفى، إن هذه المحبة انعكست على المشاعر الفيّاضة التي انطلقت منذ لحظة إعلان وفاة الفقيد الكبير عبدالحسين عبدالرضا، "واليوم نرى في هذا الطقس الحار والرطب، أهل الكويت الأوفياء لكل من أوفى، ولكل من أعطى لهذا الوطن، للوفي عبدالحسين عبدالرضا الذي سيظل إن شاء الله عالقاً في أذهان الكويتيين جيلاً بعد أجيال، وإن شاء الله سنظل في وزارة الإعلام أوفياء كما وفت الدولة بقيادتها السياسية، بحكوماتها الرشيدة، وأبنائها، لهذا الإنسان العظيم".

جمعية المسرحيين في الإمارات تودع «سيد المسرح الخليجي»

شارك في وداع الفقيد عبد الحسين عبدالرضا وفد من جمعية المسرحيين في الإمارات، إلى جانب عدد من الفنانين الإماراتيين، وحضروا مراسم الدفن وتقديم واجب العزاء في الكويت، تقديراً لمكانة الفنان الراحل.

وضم الوفد كلاً من الفنان حبيب غلوم، ومرعي الحليان، وسعيد سالم، إضافة إلى مشاركة الفنان حمد الكبيسي وآخرين، بجانب عدد من الإعلاميين.

وأصدر الوفد بياناً جاء فيه: "نعزي أنفسنا قبل أن نعزي الكويت وقيادتها وشعبها وفنانيها بوفاة أخ الجميع، وفنان الشعب الخليجي كله".

وأكد البيان أن الراحل الكبير كان فناناً غير عادي، فهو سيد المسرح الخليجي، وترك بصمة كبيرة وواضحة في الوسط الفني العربي.

وأضاف أن الفنان الراحل أستاذ، ليس فقط في الساحة الفنية بل تعلم منه المحيطون به قيم التواضع والإنسانية، وهذا ما يفسر محبة الجميع له، نسعى إلى أن يترحم علينا الجميع مثلما يترحمون على الفنان عبدالرضا، وهذا يدل على أنه فرض حبه واحترامه، فهو يستحق هذا التقدير وأكثر بعد أن كرس حياته على امتداد أكثر من 50 عاماً لخدمة الفن والثقافة والناس وإسعادهم.

تغطية إعلامية للحدث

• بدأت الجموع تتوافد منذ الصباح إلى المقبرة الجعفرية في الصليبيخات، بعد نقل الجثمان من المطار إليها.

• كان الفنان القدير سعد الفرج رفيق درب الراحل حاضراً، وقد تزاحم الناس من أجل تعزيته.

• قام العديد من الوسائل الإعلامية المختلفة بتغطية حدث تشييع جثمان الراحل، ومنها تلفزيون الكويت، وإذاعة الكويت، وقنوات الجزيرة والريان القطرية وسكاي نيوز عربية.

• شاركت مجموعات كبيرة من أهل الخليج التي حضرت إلى البلاد خصيصاً للمشاركة في التشييع.

• نظراً لكثرة عدد محبي الراحل بوعدنان، لم تتسع صالة المقبرة للعدد الكبير، فأدوا صلاة الجنازة في الساحة الخارجية.

الراحل ترك أعمالاً فنية خالدة ستبقى في ذاكرة الجميع داود حسين

رحل عملاق الفن في الكويت الذي كان نموذجاً وقدوة جاسم النبهان

عبدالحسين ذهب جسداً لكن روحه ستبقى معنا محمد المنصور

# # # #

في وداع فنان قدير

خليل علي حيدر

لماذا أثار رحيل الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا كل هذا الحزن في نفوسنا، وجعل معظم العيون تدمع والنفوس تتألم؟ ربما لأننا شعرنا بتوديعه إنما نودع جانبا أحببناه من حياتنا وتاريخنا ومسرحنا وثقافتنا الفنية، والتي تجسدت كأروع ما يكون التجلي، في مجمل الأعمال التي أنجزها "أبو عدنان"، الفنان عبدالحسين عبدالرضا مع من زامله من كبار المسرحيين.

عايش الفنان الراحل وبعض رفاقه بدايات الكويت وهي تتغير عاما بعد عام، وعرف معهم أواخر مراحل الحياة القاسية في البيئة الفقيرة التي عاشها الكويتيون قبل زحف الرفاهية. وما لم يعشه منها لمس تأثيراتها وبقايا ذكرياتها وثقافتها في حياة أصدقائه ومجتمعه وحيّه، بما تركت تلك المرحلة من أمثال وحكايات ومواقف.

وعاصر هؤلاء الفنانون في حياتهم بعد ذلك بعض الأحداث المحلية والعربية الجسام التي غيرت الكثير من المسارات مثل نكسة حزيران عام 1967 وأزمة المناخ المدمرة وقصص الفساد ثم عدوان 1990 والاحتلال والتحرير. وقد نجح عبدالحسين عبدالرضا وجيله من الفنانين والفنانات الكبار في استيعاب هذه الأحداث الهائلة وتحويل بعضها إلى أعمال فنية درامية رائعة، مضحكة مبكية، ستبقى في الذاكرة الوطنية لسنوات طويلة قادمة.

تحولت وفاة "بوعدنان"، رغم أنها كانت متوقعة بعد كل هذه المعاناة من المرض وهذه السنوات الطوال التي كرسها للعطاء الفني، إلى محور استقطاب من الحزن الشعبي العام! حزن عميق على رحيله ورحيل عصره، الذي لا نزال نتعلق بأهدابه وأستاره محاولين إيقاف الزمن، متمنين بقاء تلك الأشياء الطفولية الحالمة القائمة، التي أحببناها من ذكريات عزيزة غاربة.

عصر استطاع الفنان التشكيلي الراحل "أيوب حسين" وآخرون تجسيد بعض ملامحه ومكوناته في لوحاتهم، وتفوق عبدالحسين ورفاقه في إحيائها على خشبة المسرح وشاشة التلفاز، ومن حسن حظ عبدالحسين ومن معه من الفنانين بروزهم في هذا العصر والمرحلة، في زمن تقدمت فيه التقنية والتصوير وسهل تسجيل وتوثيق الأعمال الفنية من تمثيل وغناء وغيره، فكم من فنان كبير وكم من مغن وموسيقار بارع في الأزمنة السابقة كان يملأ عصره مرحا وسرورا، ويجول في أروقة أيامه وسنين زمانه، غدا اليوم مجرد اسم وخبر بعد رحيله، بسبب عدم وجود هذه التقنيات العظيمة والأوعية الإلكترونية والرقمية لحفظ تمثيله أو ألحانه وصوته الشجي!

ولعل في هذا الحفظ شيئاً من العزاء لنا ولكل الفنانين والفنانات، وتذكيراً بأن المبدع إذ يرحل بجسده في نهاية حياته يبقى دائما في ذاكرة التاريخ وثقافة الشعوب، بفضل هذه التقنيات المذهلة.

وقد أدى تلفزيون الكويت دورا فائق الجودة في تغطية الحدث المؤثر وبخاصة البرنامج المباشر لمقدمة البرامج المذيعة "إيمان نجم" التي غالبت الدموع والحزن الشديد وأنجزت بكفاءة المقابلات والاتصالات والإشادة بالفنان الكبير.

أشعرنا رحيل "أبو عدنان" وما أثار من مشاعر مختلفة، كم هي مؤثرة عطاءات المسرحيين والفنانين عموما، وكم أثروا ثفافة المجتمع وساهموا في تقوية نسيجه، واكتشفنا من خلال الحديث عن الفنان الكبير أهمية الدقة والحرص على الالتزام بالوقت وإتقان العمل والتفاني فيه. وهذا ما كان يدهش الكثيرين في الراحل الكبير، حيث كان رغم مرضه لا يكاد ينجز عملا حتى يباشر غيره رغم مرضه، فكأنه في سباق مع الزمن.

وثمة جانب يحاول الكثيرون تجاهله بتأثير من الثقافة المتشددة التي حاصرتنا طويلا ولا تزال، وهو الدور الذي قام به الفن والمسرح والغناء وأشكال التعبير الإبداعية، في دعم الحريات الاجتماعية والثقافية في المجتمع الكويتي، حيث سمح فيه منذ وقت مبكر بانتشار الآلات الموسيقية وأجهزة عرض الأفلام السينمائية في بيوت الأهالي وتدريس الرسم والموسيقى والتمثيل، وإنشاء دور السينما والمسرح، وتأسيس جمعيات الفنون التشكيلية من رسم ونحت ومعاهد التمثيل والموسيقى. وقد أسدت الأعمال المسرحية والدرامية للمسرحيين رجالا ونساء، وأعمال الراحل عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وسعاد عبدالله ومريم الصالح والآخرون على وجه الخصوص، خدمة يشعر بها الجميع في مجال نشر الاعتدال والتسامح ونبذ التعصب، مقارنة بمجتمعات خليجية وعربية وإسلامية أخرى لا تزال تقيم ما بوسعها من حواجز ضد هذه الفنون وغيرها. وكان للعديد من الأعمال المسرحية التي برز واشتهر في تمثيلها "بوعدنان" دور معروف في هذا المجال. ولا عجب إن أثار نجاحه قوى التعصب والتشدد ضده حتى بلغ الأمر تهديده في حياته.

تحولت أيام الحزن برحيل الفنان بالمصادفة إلى لحظة تزخر بالعبرة الوطنية والمفارقة السياسية، فقد تقاطعت أخبار وفاته والحزن والتأثر والإشادة بدوره ومكانته مع أخبار إلقاء القبض على أفراد "خلية العبدلي" المطاردة أمنياً، فأتيحت الفرصة لكل الكويتيين لأن يلمسوا الفرق، شيعة وسنة، بين من أنجبتهم ثقافة الكويت المتسامحة والمتنوعة المدافعة عن الفن والمجتمع والقيم الحديثة، وبين من انخدعوا بالأفكار المغامرة والشعارات المتعصبة التي جعلت الكثيرين يدفعون ثمن الانجراف والانحراف من أيام حياتهم ومن أحزان أهاليهم ومن غضب المواطنين مما فعلوا.

لابد من الإشادة في الختام باللفتة الأميرية السامية والاحتفاء رسميا وباستحقاق بالفنان القدير "أبوعدنان"، واهتمام سموه الكريم وجهاز الدولة بالحدث، إذ كانت تلك رسالة بالغة التقدير إلى الوسط الثقافي والفني خاصة، وإشعارا للمجتمع بتقدير القيادة السياسية لدور الثقافة والفنون في إبراز الاهتمام بالمبدعين، وخصوصا بفنان رفيع المكانة عظيم الأداء مثل عبدالحسين عبدالرضا، الذي اجتمع الكل في حبه وتقديره والحزن على فراقه.

للفقيد الكبير الرحمة، ولأهله ومحبيه وجمهوره الكبير الصبر والسلوان.

# # # #

الأغلبية الصامتة: أيامك يا «بوعدنان»

إبراهيم المليفي

الفنان عبدالحسين عبدالرضا مبدع وجد في دولة كان الفن ضمن أسلحتها الناعمة الرئيسة، فأنتج هو ورفاقه المخلصون ما يعرف بترسانة الفن الكويتي التي أدخلت الكويت ومفرداتها وأسلوب حياتها في بيوت منطقة الخليج والوطن العربي.

للإبداع والمبدعين خطوط إنتاج لها بدايات منطقية ونهايات حتمية، والدول التي تزخر بالمبدعين ليس بالضرورة أن تكون مثل الصين من ناحية الكثافة السكانية أو مثل روسيا من ناحية المساحة، المسألة رغم صعوبتها وهي صناعة المبدع تحتاج لشرط أساسي هو بيئة الإبداع حتى يكون تحقيق ذلك الهدف ممكنا.

يوم أمس احتضن تراب الكويت جسد شخصية من أهم الشخصيات الكويتية المعاصرة في عالم الفن وهو عبدالحسين عبدالرضا، لتطوى معه الصفحة الأخيرة من حياة ذلك المبدع الذي صنع لنفسه نموذجا متفردا في عالم الكوميديا استحق من خلاله هذا الالتفاف الاستثنائي رسميا وشعبيا لشخصية ليس لها منصب أو دور سياسي أو اجتماعي.

رحيل "بوعدنان" فجّر مجددا بركانا من الأسئلة: هل صنع نفسه؟ أم الدولة؟ هل خلق البيئة الحاضنة لإبداعه؟ أم هي موجودة بالأساس؟ هل ستشهد الكويت ولادة فنان جديد بمواصفات بجيل الرواد من الفنانين؟ لقد أجبت في مقال سابق ولا بأس من التكرار بالقول إن المبدع حالة خاصة لا يمكن لأي مختبر تصنيع جيناته، وأضيف المبدع هنا ليس فنانا أو كاتبا أو شاعرا أو رساما بل هو بستان فيه لاعب مثل جاسم يعقوب ومخترعين يفوزون بمسابقات دولية ولا يجدون غير التجاهل والجهل بما حققوه وما قد يحققونه للكويت في المستقبل.

المبدع يحتاج إلى بيئة تتفجر فيها إبداعاته، وأول ركن فيها هو الحرية قبل الفلوس، وتلعب عوامل مهمة مثل وجود قيادات ومشاريع طموحة ناهيك عن طبيعة المجتمع وانفتاحه وثرائه المعرفي والشعبي أدوارا مهمة في صنع المعجزات لدول صغيرة مثل الكويت التي أوجدت بقواها الناعمة مكانة أكبر بكثير من مساحتها، الفنان عبدالحسين عبدالرضا مبدع وجد في دولة كان الفن ضمن أسلحتها الناعمة الرئيسة، فأنتج هو ورفاقه المخلصون ما يعرف بترسانة الفن الكويتي التي أدخلت الكويت ومفرداتها وأسلوب حياتها في بيوت منطقة الخليج والوطن العربي، فأحبوها من مسلسل أو مسرحية أو أغنية.

السؤال الذي يؤرقني هو الأخير: هل ستشهد الكويت ولادة فنان جديد بمواصفات بجيل الرواد من الفنانين؟ أعتقد أننا نشهد تحولات كبيرة في شخصية الفنان والبيئة التي يعمل فيها وذوق الجمهور والنتيجة لا تبشر بالخير؛ لأننا لا نرى فنا بقدر ما نرى عملية تجارية بائسة تتم بمواصفات عربية متخلفة، وجمهور يبارك الحوارات الهابطة، وبالأخير الجميع يشتكي ويقول: وين أيامك يا "بوعدنان"؟ وين فنك يا سعد؟ "منو" مثل النفيسي؟ ما تلاقون مثل النمش... إلخ.

# # # #

منظور آخر: عبدالحسين عبدالرضا لسنا مستعدين لوداعك

أروى الوقيان

«بوعدنان» لسنا مستعدين لوداعك بعد، ولا نشعر أن خمسين عاما من عطائك تكفينا، صعب أن يكتفي أي شخص من إبداعاتك ولكن عزائي أن المبدعين لا يرحلون وتظل أعمالهم خالدة كمحبتهم في قلوبنا.

يوم وفاتك كان يوماً حزيناً على الكويت وعلى جميع محبي الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا، هذا الفنان الذي صاحبنا في طفولتنا ومراهقتنا وشبابنا، كان ذكيا بطرحه وسريع البديهة بتعليقاته الكوميدية الساخرة، كوّن لنفسه منهجا لم يستطع أحد أن يقلده.

كنا نشعر به قريبا منا، وكأنه أحد أفراد عائلتنا لأنه لازمنا في جميع مراحل حياتنا، كان دوما له بصمة وحضور، كان يتفوق على مرضه دوما بابتسامته المعهودة، ومسلسلاته كانت جزءا من رمضان، ومسرحياته خالدة لا تنسى، استطاع أن يحقق المعادلة الصعبة بأن يقدم رسالة قوية من خلال الكوميديا الراقية غير المبتذله كالمنتشرة.

كان "بوعدنان" رجلا جريئاً لا يخاف الانتقاد لإصلاح البلد، وحبه للكويت غير قابل للمساومة وواضح لا يحتاج إلى دليل، فاستطاع خلال مشواره الذي امتد لأكثر من خمسين عاما أن يتحفنا بإبداعاته ويمتعنا بفنه ومدرسته، أدواره عالقة في أذهاننا، من ينسى حسين في درب الزلق الذي يعتبر المسلسل المفضل لدى الشعب الكويتي، ورغم أنه أُنتج في عام 1977 فإنه ظل خالدا حتى اليوم.

كانت له مسرحيات كثيرة أشهرها "باي باي لندن" و"بني صامت" و"عزوبي السالمية" و"على هامان يا فرعون"، وغيرها الكثير. ولم تقتصر موهبته على التمثيل بل كتب الفنان الراحل بعض أعماله المسرحية والتلفزيونية بنفسه، منها "سيف العرب" و"فرسان المناخ" و"عزوبي السالمية" و"30 يوم حب" و"قاصد خير" وغيرها، كما أنه خاض مجال التلحين والغناء والتأليف المسرحي والتلفزيوني وأصبح منتجا.

بالإضافة لذلك ساعد صوته الجميل على أداء الأوبريتات الغنائية تلك التي كنا نعشقها ونرددها ونحن صغار، لا سيما تلك التي جمعته مع الفنانة القديرة سعاد عبدالله.

تاريخ الراحل كبير ولا يختزل بمقالة، ومحبته أكبر من أن تختزلها الحروف.

"بوعدنان" لسنا مستعدين لوداعك بعد، ولا نشعر أن خمسين عاما من عطائك تكفينا، صعب أن يكتفي أي شخص من إبداعاتك ولكن عزائي أن المبدعين لا يرحلون وتظل أعمالهم خالدة كمحبتهم في قلوبنا.

رحلت وجعلت في قلب كل محبيك في العالم غصة، كنت دوما سببا لضحكنا وإسعادنا ورحيلك لن يكون سهلا لأنك لم تكن يوما شخصا عاديا.

قفلة:

نشكر السلطات السعودية التي تفاعلت لأول مرة مع الإساءة في تغريده شيخ دين يدعى د. علي الربيعي، وأتمنى أن يتم تطبيق معاقبة الأشخاص الذين يسيئون للكويت ويحثون على العنصرية دوما، لما لهم من دور سيئ في وسائل التواصل الاجتماعي بنشر الكراهية والبغضاء.

# # # #

المشهد الأخير

لافي الشمري

نعق غراب الشؤم من عاصمة الضباب، فطارت أسراب الفكاهة تبحث عن ملاذ لها وتخشى الغياب، ويتوجس قلب بوعدنان الذي اتسع للحب والشوك بالخيفة والارتياب، يرتبك... يخفق... يسرع... يبطئ... ويخفت فجأة فقد أنهكته الأوصاب، ووجوه المحيطين تسكنها الدهشة ويكون الاضطراب، وتتبعثر أوتار قيثارة الضحك ويدنو وقت الغياب، يهبط الإيقاع والدموع تنساب، فالكل يذرف دماً في حضرة أبجدية الكوميديا، ويُكتم الانتحاب.

ومن عاصمة الضباب وهو في الاغتراب، يغادرنا شارد بن جمعة الشخصية التي أداها عبدالحسين عبدالرضا في مسرحية "باي باي لندن" في يوم الجمعة، ويرحل متأبطا قاموس فرحنا المكتنز بدعاباته الجميلة و"إفيهاته" الراقية، غادرنا روحا بعدما استقر في وجداننا قدوة وإنسانا وغرس في نفوس مريديه الابتسامة ونثر أكاليل الفكاهة.

اشتهر الراحل بتأليف وكتابة معظم أعماله، وكانت له تدخلات كثيرة تصب في مصلحة العمل الذي لم يكن من تأليفه، لكن سيناريو مراسم الدفن لم يكن من بنات أفكاره، ولم يتدخل فيه، فجاء المشهد الأخير عفوياً بدافع الحب، الكل أتوا... من الكويت ومن دول مجلس التعاون الخليجي لوداع الراحل، يريدون أن يكونوا ضمن هذا المشهد الذي كانوا دائماً خارج إطاره، أردوا أن يلقوا النظرة الأخيرة على نجمهم المفضل، فكان مشهد الوداع الأخير بمنزلة انتفاضة حب للفن الجميل الذي قدمه بوعدنان.

كان الراحل يجيد التقاط "الإفيه" بحرفية يقل نظيرها، وكأنه حينما أبصر النور صرخ بـ "الإفيه"، مدشناً مشوار حياته المرصع بالنجاح والتميز والتفوق.

عبدالحسين فيلسوف الكوميديا الكويتي والخليجي يغيب، وستبقى إلى الأبد نفحات الكوميديا البيضاء التي قدمها على مدار أكثر 50 عاماً، وسيبقى إكليل التراجيديا المتوج به حسين بن عاقول وهو يحمل أحلامنا في الثراء وانكساراتنا في فشل مشروع مصنع الكبريت الوطني، سنتذكر دروس الحب العفيف التي قدمها عتيج المسيان وهو يئد عشقه ويكتم عواطفه لتنعم نورة بالسعادة، وكلما قلبنا في فصول الانتماء وجدنا درساً خصوصياً في حب الوطن ونبذ الطائفية.

# # # #

وطنٌ يبكيه الوطن!

مسفر الدوسري

ضحكتي يوم أنا طفل رضيع.. ما سوَت عبرتي عن الوداع

(ابن لعبون).. وكأن عبدالحسين عبدالرضا كان منذ البدء على علم بأننا سنصبح من سلالة الحزن، ومن أبناء الدمع عند رحيله، كأنه كان يدرك مدى عمق الثقب الذي سيتركه في قلوبنا مفتوحاً يشرب من شهيق عبراتنا ولن يرتوي، وأننا سنرفع الرايات السوداء على نواصي أرواحنا لسنين يصعب التكهن بعددها، بعد انتقاله إلى العالم الآخر، كأنه كان يعي، بحسه الفني وروحه الشفافة منذ صعد أول خطوة له على خشبة المسرح، فاجعة فقده التي ستلتهمنا بعدما يقارب 55 عاماً منذ تلك الخطوة، كأنه استشف هذه الحقيقة الموجعة مبكرا ومنذ ذلك الوقت، لذلك لم يتوقف عن ملء قلوبنا من حينها بالضحكات التي لا ينالها اليباس، ونهر جارٍ من الابتسامات لا يجفّ!

لم يترك الفنان عبدالحسين عبدالرضا مساحة فارغة في قلوبنا إلا وغَرَس بها شجرة كشجرة الميلاد، إلا أن ما يتدلى من أغصانها قناديل بهجة، منذ كنا صغارا ومسلسلات الأبيض والأسود في التلفزيون الكويتي و"أجلح وأملح" و"أبوعليوي"، وذلك "الملقوف" لايزال يحمل فوق منكبيه حقيبة ملآى بعالم من الفرح يوزع منها مجانا لكل من يصادفه دون أن يعرفه، لم يسأل أحداً قط عن هويته قبل أن "يتصدّق" عليه ببسمة تحسّن من وضع شفتيه، أو يجزل العطاء له بضحكة تغسل أنفاسه في صدره، حتى بعد أن مشى في شرايينا بـ"درب الزلق"، لم تهتز تلك الحقيبة، ولم تتحرك قيد شعرة من فوق منكبيه، ولم يغير "الملقوف" حتى بعد أن أصبح "حسينوه" عادته في "التصدّق" بالبهجة لكل الناس بلا تفرقة ودون أن يسأل أياً منهم عن طبقته، أو دينه، أو طائفته، أو مذهبه، أو انتمائه، أو جنسيته، أو جنسه، أو لونه.

منذ أن كنا صغاراً، وحتى آخر عهدنا به في هذه الدنيا، وهذا الفنان الاستثنائي لم يغيّر "سنّته" في توزيع عطاياه، ساميا عن كل ما يسلب إنسانيته، متحداً مع نُبل رسالته كفنان وُلد بقلب يتسع للجميع، بلا استثناء، ولا إقصاء لديه إلا لسوس القلوب من الناس الذين إذا دخلوا قلباً نخروه، لذلك عاش الفنان عبدالحسين عبدالرضا بقلب نظيف لا يفتحه إلا لمن يثق أنه سيحافظ على بقائه نظيفا، كما يشهد بذلك كل من عرفوه عن قرب.

عبدالحسين عبدالرضا ليس فنانا فقط، إنه وحدة وطنية، ونسيج اجتماعي متماسك ومتين، إنه التقاء الطرق في فضاء المتاهة، وهو نقطة التجمع للانتقال إلى طفولة قلوبنا، ليس هربا من الحياة، لكن لزيادة رقعة الجمال.

كان من الضرورة الوجودية أن تولد مساحة هائلة من الجمال اسمها عبدالحسين عبدالرضا، مقابل مساحة البشاعة الهائلة التي تهدد بأكل أرواحنا كل لحظة، ليصالحنا مع الحياة، لذلك حرص عبدالحسين عبدالرضا منذ اللحظة الأولى على أن يستثمر جل حياته بملء حياتنا بالضحكات، تحسباً للحظة سيبكي فيها كل الوطن فراقه كثيرا، لكن هيهات! كل ضحك الدنيا لن يكون عزاءنا في وداعك يا أبا عدنان، وسنظل نردد بيت ابن لعبون ما حيينا.

# # # #

رحيل موجع

وليد أبوبكر

كم نود في زماننا هذا أن يمر يوم لا يسوؤه خبر شخصي. وأن نكتفي بما هو عليه واقعنا. عبدالحسين عبدالرضا الرجل الجميل.

رحل رجل الابتسامة من الشفة ومن القلب يوزعها في حياته العادية دون تكلف أو افتعال نجومية، بقدر ما يبثها على شفاه الناس وهو على خشبة المسرح.

هو جزء من عمر طويل بدأ أوائل ستينيات القرن الماضي ولم يتوقف. كان زكي طليمات الذي جمع حوله عبدالحسين وسعد الفرج وخالد النفيسي وآخرين شكلوا نواة المسرح العربي رسمياً، قبل أن يتحول إلى جمعية نفع عام ليكون رائداً ورديفاً لبقية المسارح، وليقدم نجوماً من الأبرز والأهم في الفن العربي الكويتي، وربما كان عبدالحسين أبرزهم عربياً بعد مسرحيته "باي باي لندن" التي وقفت إلى جانب أبرز عروض الكوميديا في الوطن العربي، لكن مسرحيات كثيرة وأعمالا فنية سبقتها، لها حضورها المحلي والخليجي الذي لا يمكن تخطيه.

عبدالحسين قريب ممن يعرفه، متواضع، خلوق، يستمع ويتفهم، يسأل ويتقبل منذ مطلع شبابه. وتكفي الإشارة إلى أنه حذف مشهدا كاملا من مسرحية "باي باي لندن" دون تردد، عندما تفهّم الاقتراح. وهذه صفات لا يمكن إلا أن تلاحظ في الجيل المؤسس للمسرح الحديث في الكويت.

قبل عامين كان لنا آخر لقاء، وبدا كأننا لم نفترق. كان مهرجان الفجيرة للمونودراما يكرمه. تذكرنا كثيرا من أيام المسرح الأولى وقت تلمّس الطريق، تذكر الصديق عبدالعزيز السريع أن عبدالحسين اختير كأفضل ممثل وصقر الرشود كأفضل مخرج.

أوائل سبعينيات القرن الماضي في استفتاء أجريته شخصيا في جريدة الوطن كنت نسيته ونوها به. كنت جزءا يوميا من "باي باي لندن" التي أكمل الرحيل ثلاثيها المسرحي، نبيل بدران مؤلفا والمنصف السويسي مخرجا وعبدالحسين عبدالرضا ممثلا. ومن قبل رحل غانم الصالح ورحلت مريم الغضبان. الفن الجميل ككل جميل من بلادنا كلها يرحل.

عليك الرحمة يا صديقي عبدالحسين عبدالرضا يا أبا عدنان.

الجريدة الكويتية في

17.08.2017

 
 

جنازة مهيبة للفنان الكبير الراحل عبدالحسين عبدالرضا بمشاركة الآلاف من محبي الإنسان «صانع البسمة»

الكويت ودَّعت «أبوعدنان».. بالدموع

عبدالستار ناجي ، مشاري حامد ، محمد عبدالحفيظ

غصت مقبرة الصليبخات الجعفرية أمس بالمشيعين من مختلف الأعمار والاتجاهات، الذين حرصوا على وداع فنان الكويت الأول عبدالحسين عبدالرضا، بعد أن أدوا على جثمانه صلاة الجنازة في مشهد كويتي مهيب، أثبت بما لا يدع مجالاً لأي شك أن الكويتيين هم أهل الوفاء، وهم أصحاب القلوب المؤمنة بأنَّ وحدة الوطن، واتفاق الكلمة ونبذ الفرقة والاختلاف هي أسلحتهم في مواجهة الشدائد والأزمات والأحداث الجسام. (طالع 06-03)
المواطنون صغاراً وكباراً، سياسيين وفنانين، إعلاميين وصحافيين، أدباء وكتاباً، وغيرهم من شتى المشارب توافدوا الى المقبرة لتشييع أبوعدنان صانع البسمة، وراسم الفرحة، ولسان حالهم يقول: انه عبدالحسين عبدالرضا، الذي دخل كل بيت كويتي، بل وكل بيت خليجي وعربي بأعماله الهادفة الراقية التي ستظل محفورة في الوجدان مستعصية على المحو والنسيان
.

المقبرة الجعفرية امتلأت بالنماذج الوطنية والقامات السياسية، والشخصيات العامة التي اتفقت كلها على حب أبوعدنان وان اختلفت حول أمور سياسية وحياتية تقل احياناً وتكثر أحياناً.
لقد جمعهم عبدالحسين عبدالرضا حياً وميتاً، جمعهم في حياته إذ تابعوا أعماله واحداً بعد الآخر، ورأوا فيها تجسيداً لآمال الوطن ولآلام الوطن
.

وجمعهم بعد موته، إذ حرص على تشييعه الجميع وفاء لشخصه، وتقديراً لعطائه، وتأكيداً على أن الكويت وفية لابنائها، مقدِّرة عطاءهم، وذاكرة أعمالهم، وان غابوا عن الدنيا، وأصبحوا بين يدي الله خالق الأرض والسماء.

النهار ومعها كل وسائل الإعلام كانت حاضرة في مشهد وداع الفنان الكبير، لتسجل بالكلمة والصورة يوم تشييع الفنان الفذ عبدالحسين عبدالرضا، الذي أبكى الكويت يوم موته ويوم وداعه، على غير عادته وقت أن كان على قيد الحياة.

# # # #

«بوعدنان».. برج العرب

كعادة أهل الإمارات في مشاركة الكويت في جميع مناسباتها السعيدة منها والحزينة.. كانت صورة العملاق الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا تتصدر المشهد العام في دبي أمس حيث ازدان بها برج العرب الشهير تأكيداً على أن بوعدنان هو.. برج العرب الفني.
وكان نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كتب في تغريدة له على صفحته الشخصية بتويتر: ودعت الكويت ومعها شعوب الخليج اليوم الفنان عبدالحسين عبدالرضا.. ودعنا ضحكة الخليج وفرحتها.. كل خليجي له وقت جميل معك.. أسعدك الله في مثواك
.

# # # #

وجهة نظر

عبد الحسين (4)

عبدالستار ناجي

بالأمس، وفي وداع الراحل عبدالحسين عبد الرضا الى مثواه الأخير، ضرب أهل الكويت حكومة وشعبا مثلا عاليا في الوقوف على قلب رجل واحد، وامام جميع التحديات.

منظر مهيب... مجلل بالقيم الكبرى والمعاني العظيمة طرزها أهل الكويت الذين ازدحمت بهم مقبرة الصليبخات، حيث الجميع يودع أحد الرموز الشامخة للفن الكويتي... من زرع الفرح ومن كان «الترمومتر» الحقيقي لكافة التحولات والمتغيرات التي عاشتها الكويت على مدى أكثر من ستة عقود من الزمان.

بعيدا عن الحزن والعاطفة الجياشة... كان المشهد يدعونا الى التأمل لعظمة الشعب الكويتي ومساحة الوفاء والتقدير التي يحملها لأبناء الكبار المؤسسين الذين اثروا حياتنا وساهموا في بناء نهضة الكويت ورفع اسمها عاليا.

نعلم جيدا، بان حالة الحزن كانت عاصفة، ولكن ما بعد ذلك فهو أعمق.. وأثرى... وأهم، فنحن أمام حالة من الاجماع... والاجتماع... وحالة من العزاء المشترك، هذا يعزي ذاك... وذاك يعزي ذلك... في اختلاط ثري بين أطياف المجتمع والذي يمثل موزاييك يشكل هذه الأرض الطيبة الكريمة بقيادة سمو الأمير الوالد الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد الجابر.

في وداع الراحل عبد الحسين عبدالرضا... كانت الكويت كما كانت دائما... أسرة واحدة... وبيتا يتسع للجميع بتسامحيته... ومحبته.. واخوته...

فما أحوجنا ان نتعلم من تلك الأحداث أهمية ان نكون دائما أسرة واحدة...

رحمك الله أبا عدنان... وأنت من أفرحنا... ووحدنا... فإلى جنات الخلد...

وعلى المحبة نلتقي

النهار الكويتية في

17.08.2017

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)