كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

افتقدت والدتها لحظة تكريمها

لبلبة: الفن عوضني عن الأسرة والأمومة

القاهرة - حسام عباس

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الخامسة والثلاثون

   
 
 
 
 

عاشت الفنانة لبلبة حالة من السعادة بتكريمها أول مرة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي تعتبره حصاد مشوار طويل من التعب والاجتهاد والنجاح، وهي تدين بالفضل لما وصلت إليه للعديدين من المخرجين والنجوم الذين عملت معهم، ولوالدتها التي ساندتها كثيراً منذ كانت طفلة حتى رحيلها، وهي تفتقدها في لحظات كثيرة مهمة في حياتها، كانت آخرها لحظة التكريم ، عن تكريمها ورحلتها الفنية ورصيدها وأعمالها الجديدة كان معها هذا اللقاء .

·        كيف تقيمين دورة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هذا العام؟

- إقامة المهرجان في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها مصر معجزة بكل المقاييس، وإنقاذ موقف حتى لا يفقد صفته الدولية، وتحية لوزير الثقافة ولعزت أبو عوف ولكل القائمين عليه هذا العام لأنها كانت مهمة انتحارية .

·        كيف استقبلت خبر تكريمك في المهرجان؟

- التكريم كان مفاجأة لي ولم أنتظره، وكنت مشغولة بالدرجة الأولى بأهمية الحفاظ على المهرجان نفسه، لكنني بكل تأكيد شعرت بسعادة كبيرة جداً، وأعتبره تقديرًا لمشوار طويل من العمل والتعب والاجتهاد وسهر الليالي والتضحية بحياتي من أجل الفن الذي أعطيته كل عمري .

·        بعد هذا المشوار هل تشعرين بأن تضحيتك كانت تستحق ما حصلت عليه من الفن؟

- الفن بكل تأكيد أعطاني الكثير والكثير، مثل النجاح الذي له متعة كبيرة لا تقاوم، والأهم حب الناس الذي يعوضني الأمومة والأسرة وكل شيء .

·        ألم تندمي يوما لأنك لم تعيشي كامرأة عادية بين أسرة وأولاد؟

- دائماً كان لدي إيمان بأن ما حدث لي هو من قبيل القسمة والنصيب ولا دخل لي في ذلك، ودائماً كنت محاطة بحب الجمهور وحب الأصدقاء والزملاء في العمل الذين عشت معهم أسعد لحظات حياتي .

·        لا بد أن هناك من تدينين لهم بالفضل في مشوارك الفني؟

- بكل تأكيد يأتي في الدرجة الأولى والدتي رحمها الله فهي التي صنعت مني فنانة ووجهتني كثيرًا منذ طفولتي، ودفعتني لتنمية موهبتي، والتضحية حتى استمر في مجال الفن، وأحقق نجاحاتي، وأتخطى كل الصعاب . كذلك أدين بالفضل لمكتشفي الأول وهو المخرج الكبير نيازي مصطفى الذي أطلق عليّ اسم “لبلبة”، كما أدين بفضل كبير للمخرج الراحل عاطف الطيب الذي ساعدني على تحقيق نقلة كبيرة ومهمة في مشواري الفني .

·        لا بد أن هناك مخرجين آخرين أثروا في مشوارك، وحققت معهم نجاحات مهمة؟

- هناك مخرجون كثيرون أفادوني كثيراً منهم سمير سيف وهو الذي وضعني على أعتاب مرحلة جديدة في مشواري خلال أكثر من فيلم مهم، كذلك محمد عبد العزيز الذي جمعني بالفنان عادل إمام في أكثر من فيلم متميز، وحسين كمال وأشرف فهمي ومحمد أبو سيف وأسامة فوزي وحسن الإمام، ويوسف شاهين بكل تأكيد .

·        قاطعتها: لا بد أن تجربتك مع يوسف شاهين لها خصوصية؟

- كنت محظوظة بالعمل معه في آخر مشواره، واستفدت منه الكثير، لأنه يعمل بمنطق مختلف عن الآخرين ويجهز للعمل قبل تنفيذه بشهور طويلة، وفترة التحضير تكون بمثابة دروس فنية ثرية ومفيدة جداً.

·        كذلك أعمالك مع عادل إمام كانت لها خصوصية، فماذا عنها؟

- أعمالي مع عادل إمام في منتصف مشواري الفني حققت لي حضوراً قوياً ونجومية بلا حدود، لأن فيلماً مثل “خللي بالك من جيرانك” ظل في دور العرض لمدة عام تقريباً، وفيلم “عصابة حمادة وتوتو” حقق نجاحاً مهماً أيضاً، و”البعض يذهب إلى المأذون مرتين” كان خطوة مهمة، كذلك “احترس من الخط”، حتى فيلم “عريس من جهة أمنية” الذي أعادني إليه بعد سنوات طويلة يعد خطوة مهمة في مشواري .

·     في العقد الأخير قدمت تجارب مهمة ومختلفة وحصلت عنها على جوائز عدة . . فما قيمة الجوائز في مشوارك؟

- الحقيقة أن ذلك يعود ليس إلى العقد الأخير لكن في مرحلة مهمة من مشواري بدأتها بفضل المخرج عاطف الطيب قدمت معه ''ضد الحكومة'' مع أحمد زكي ثم ''ليلة ساخنة'' مع نور الشريف، وقدمت ''جنة الشياطين'' مع أسامة فوزي وحصلت عنه على جوائز عديدة، وتم تكريمي في مهرجانات محلية وعربية ودولية عديدة بسبب هذه النوعية من الأفلام التي كانت نقطة تحول كبيرة في حياتي .

·        من أكثر من سعدوا بتكريمك من زملائك في الوسط الفني؟

- من حسن حظي أنني أتمتع بعلاقات جيدة مع كل زملائي الذين عملت معهم طوال مشواري، وهناك أشخاص قريبون مني إلى حد كبير منهم يسرا التي كانت أول من طرح اسمي على إدارة المهرجان لتكريمي، كذلك إلهام شاهين وعزت أبو عوف رئيس المهرجان الذي تحمس لي، وسمير صبري زميل عمري وأقرب الناس إلى قلبي .

·        هل يمكن أن نرى مذكراتك وقصة حياتك الفنية في كتاب؟

- لم أفكر في ذلك لأن حياتي صفحة مكشوفة أمام الناس، وحتى الخاصة ليس فيها ما يحتاج إلى حديث، وأترك ذلك للنقاد، والإعلام هو الذي يتحدث عن مشواري .

·        ما الذي ننتظره لك في الفترة المقبلة؟

- لدي فيلم تحت الإعداد باسم “هز وسط البلد” مع المخرج محمد أبوسيف، وهو عمل متميز جداً أتمنى أن تنتهي مشاكله الإنتاجية ويدخل حيز التنفيذ، كذلك نصحني الموسيقار الراحل عمار الشريعي بتجميع عدد من أغنياتي القديمة معه وإنقاذها من التلف، ولا أنوي بيعها لأي محطة أو قناة .

الخليج الإماراتية في

30/12/2012

 

زانج ييمو: فتى الصين العظيم

كتاب تكريمه من إعداد وترجمة د: سهام عبد السلام

صفاء الليثى  

واحد من أهم كتب التكريم لشخصية سينمائية قديرة صدر عن مهرجان القاهرة فى دورته الأخيرة، حالت الظروف السياسية لمصر فى ذاك الوقت من أن تحظى ندوة تكريمه بالاهتمام الذى يستحقة فنان كبير مثله، فى ندوته وجدناه يتحدث فقط لغته الأم، وتقوم مترجمة بالترجمة إلى الإنجليزية، ليعود إلى أذهاننا الفكرة الصحيحة عن العالمية التى  تبدأ من المحلية، هذا ما ترصده سهام عبد السلام الناقدة والمترجمة وهى تستعرض نشأته الفقيرة بجمهورية الصين الشعبية و تستعرض كونه ابنا لعائلة مضطهدة يشق طريقه بالدم.

يقول زانج ييمو: "اهتمت أفلامي الأولى بجمال الشكل، لكني انتقلت بعد ذلك إلى التركيز على المضمون، وبالذات على العواطف الإنسانية، الدافئة منها على وجه الخصوص.  كثيرا ما أتناول الفلاحين الصينيين في أفلامي، وذلك لأن الصين بلد زراعية أساسا، والقرى الريفية هي قلبها النابض.  كما أني أحب في الفلاحين عواطفهم البسيطة.  أحب أيضا موضوع البحث عن شيء، والكثير من بطلاتي بالذات يسعين بحثا عن شيء ما في محيطهن الاجتماعي أو فيما يتجاوزه.  والبطولة من موضوعاتي المفضلة أيضا، وفيلمي البطل يتميز بالإنتاج الكبير والمزج ما بين العواطف والبطولة، وقد حقق لي مرادي في إفساح مجال للسينما الصينية في عالم الأفلام المسلية ذات الميزانية الكبيرة، وهو الاتجاه السائد حاليا في صناعة السينما" .

ولد زانج ييمو في 14 نوفمبر عام 1950 بمدينة خيان في مقاطعة شانكسي بجمهورية الصين الشعبية، كان والده ضابطا في جيش الكومنتانج التابع لشيانج كاي شيك، لذلك صنفت السلطات الشيوعية أسرته في الفئة الخامسة، التي تقع في قاع الفئات ويتعرض أفرادها للاضطهاد.  ولما كان تصنيف أسرة زانج ييمو يعني أنه ابن لعائلة مشبوهة، فقد عانى الكثير في ظل هذا النظام. وأثناء الاضطرابات المتشنجة للثورة الثقافية في ستينيات القرن العشرين. ووصل الاضطهاد إلى درجة اتهام أخ له بالتجسس، وهروب أخ آخر إلى تايوان.  هكذا نشأ زانج ييمو في الصين الاشتراكية، حيث ساد الصراع الطبقي الحياة والأدب. عاين زانج ييمو في هذه السنوات الكثير من المآسي التي رآها تحدث حوله، والفوضى التي كانت تضرب أطنابها في حياة الناس. عاين زانج ييمو في هذه السنوات الكثير من المآسي التي رآها تحدث حوله، والفوضى التي كانت تضرب أطنابها في حياة الناس، لكن عمله بالمصنع أفاده في التعرف على حياة الطبقات الكادحة في الصين، إذ اكتسب ثروة من المعرفة بالناس، والحياة الإنسانية، وقلب الإنسان وروحه، أفادته في حياته الشخصية، وطريقة تفكيره وفي أعماله.  يقول زانج ييمو إن الثورة الثقافية فترة خاصة وفريدة في تاريخ الصين والعالم، وإنه ظل يحلم لسنوات بصنع أفلام عن هذه الفترة، لمناقشة معاناة الناس ومصائرهم وعلاقاتهم في عالم كاره للإنسان، ومانع له من التحكم في مقاليد حياته.  لكنه يعترف أن الأحوال السياسية الراهنة في بلده لا تجعل هذا الحلم ممكن التحقيق وعليه أن ينتظر، يشهد على هذا منع السلطات لعرض فيلمه أن تحيا (1994).  وعلى الرغم من كل ذلك، يقول زانج ييمو: "أعرف نفسي، وأعرف أني يستحيل أن أنفصل عن أرض الوطن الذي نشأت فيه .. وسأدين بالولاء للأبد لوطني وشعبي.  أنا فخور بأني صيني، وأهدى أعمالي وكل ما أفوز به عنها من جوائز إلى الصين وشعبها، فهم وطني وأهلي"، فعلاقته بوطنه الأم وحبه لها لا تتأثر بعلاقته بالسلطات الصينية وما تضعه أمامه من عراقيل.

وأثناء دراسته فى قسم التصوير السينمائى فى الأكاديمية التى التحق بها بعد أن باع دمه شاهد زانج ييمو الكثير من كلاسيكيات السينما العالمية، فتنامى حبه للسينما وتحول من مجرد مصور فوتوغرافي محترف إلى عاشق لفن السينما.  كان من بين زملاء دراسة زانج ييمو شين كياج، وتيان زوانج زوانج، وزانج يونزاو، وكلهم صاروا مخرجين بارزين عرفوا باسم الجيل الخامس لمخرجي السينما الصينيين.  شهدت السينما الصينية تجديدا هائلا على أيدي هذه النخبة من المخرجين، فقد صنعوا سينما صينية جديدة شهدت نجاحا ساحقا في جميع أنحاء العالم منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين.  لقد امتلكوا الجرأة على إخراج أفلام مختلفة لينقدوا الصين التي عرفوها، فرفضوا الصبغة السياسية التي سادت الأفلام الصينية في النصف الأول من القرن العشرين، والبطولات الطبقية التي صورتها السينما الاشتراكية الواقعية تحت راية حكم ماو تسي تونج منذ عام 1949.  وما أن مر عقدان على تخرج زانج ييمو حتى صار أحد أهم مخرجي الجيل الخامس، وأشهرهم، وأغزرهم إنتاجا.  ومما يحسب لزانج ييمو أنه دائم التعلم، فهو يتعلم من الحياة ومن ملاحظة الناس، مما يخدمه في بناء شخصياته وصياغة حبكات أفلامه، وهو يتعلم أيضا من أفلام المخرجين الآخرين.  فما أن يشاهد فيلما جميلا حتى يفكر: لماذا لا أصنع فيلما في مثل جودته؟  فيتمعن في تحليل ما يشاهده من أفلام ليعرف كيف توصل المخرج إلى المعالجة التي قدمها على الشاشة، فهو في حالة تعلم دائمة ما دام فن السينما موجودا.  ومن الجدير بالذكر أن زانج ييمو قد منح درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة بوسطن (14 نوفمبر 2008) ومن جامعة ييل الأمريكية (24 مايو 2010) ومن جامعة دانكوك بكوريا الجنوبية (31 أكتوبر 2012). 

لايمكن تناول أعمال زانج ييمو دون تأمل الصورة والألوان التى تعكس ثقافة الصين وترسم صورة عن الملبس والطبيعة .

الأرضية ذات اللون الأصفر تسود الشاشة مع ظهور الناس عليها كنقاط سوداء وحمراء.  أسلوب استمر مع زانج ييمو في كثير من أفلامه بدءا من بداياته مديرا للتصوير في فيلم الأرض الصفراء.  هذا الأسلوب يستلهم أسلوب التصوير الزيتي الصيني المعروف  باسم أسلوب مدرسة شانج آن

عرائس خيال الظل فن صيني تقليدي لجأ إليه بطل الفيلم ليكسب عيشه بعد إفلاسه.  العرائس تخدم الجماليات البصرية وتؤكد على التواصل مع التراث الثقافي للصين.

تركز الدراسة على الثراء اللونى في أفلام زانج ييمو الذي ظل من السمات المميزة لجميع أعماله.  يعزو زانج هذا الميل إلى نشأته في شمال الصين، حيث تأثر بالفن الشعبي والبيئة الثقافية في هذه المنطقة التي تحتفي بالثراء اللوني وجمال المرئيات.  يمثل اللون الأحمر مختلف المعاني في أفلام زانج ييمو المبكرة.  فاللون الأحمر بالنسبة لجوي إير بطلة فيلم الذرة الحمراء يمثل اليانج (الذكورة) التي تهيمن على محفة الزفاف، ويمثل الحياة، فالنبيذ الذي يصنع من الذرة البرية الحمراء يعين أسرتها على العيش، ويمثل الموت، فالنار التي تلتهمها في نهاية الفيلم حمراء. وهو ينتقل في فيلمي جو دو وارفعوا المصباح الأحمر ما بين قوة اللون الأحمر إلى هدوء اللونين الأبيض والأسود الممثلين لليِنّ (الأنوثة) والموت وفقا لقواعد الأسلاف التي تنتقل من الأب للابن.

يحتوى الكتاب على تحليل لأفلام زانج ييمو فيتناول الأبعاد الفكرية ، و المرأة والجنس وشخصيات الرجال ، كما يذكر الكتاب مساهمات  زانج ييمو في عوالم فنية أخرى مثل المسرح والاستعراض إذ لم يقتصر إبداع زانج ييمو على عالم السينما، بل غامر بالعمل بالإخراج المسرحي على خشبة المسرح، وبالمسرح الحي الذي يقدم في الهواء الطلق، كما اختير لإخراج استعراضات وختام دورات الألعاب الأوليمبية في الصين وفي الخارج

الجزيرة الوثائقية في

30/12/2012

 

المخرج زانغ ييمو فتى الصين العظيم

القاهرة - سعيد ياسين 

يعد زانغ ييمو واحداً من أفضل المخرجين المعروفين من الجيل الخامس للمخرجين الصينيين. وهو أحد أهم المخرجين المحترمين الذين يعملون الآن على الساحة والذين لهم بصمة فنية، وقد لاقت السينما الصينية على يديه كما على ايدي أبناء جيله، نجاحاً غير مسبوق في تاريخها، بفضل أصالة أفلامه وحرصه على جماليات الصورة وعمق مواضيعها، وقد وضعه تميزه في مصاف أهم سينمائيي العالم. فعلاوة على فوز أفلامه بالكثير من الجوائز، دعته مهرجانات كبرى ليشارك في لجانها، فكان عضواً في لجنة تحكيم مهرجان برلين السينمائي الدولي في عام 1993، وترأس لجنة تحكيم مهرجان فينيسيا السينمائي عام 1997.

وكرّمه أخيراً مهرجان القاهرة السينمائي الدولي فأصدر عنه كتاباً رصد فيه تباين أعماله ما بين أفلام فنية قليلة التكلفة لا تخضع لمتطلبات السوق، وأفلام تجارية ضخمة.

وأوضح الكتاب الذي أعدّته وترجمته سهام سنية عبدالسلام، أن المخرج عمل في النوعين من الأفلام، وأنه يرى الفارق بين الافلام قليلة التكاليف مثل «الذرة الحمراء» أو «ارفعوا المصباح الأحمر»، والأفلام ذات الموازنات الضخمة مثل «البطل» أو «منزل الخناجر الطائرة» كالفارق بين السماء والأرض، كما يرى أن تباين خبرات العمل بين هذه النوعيات يطوّر من قدراته السينمائية.

ويتوقف الكتاب أمام نشأة ييمو المولود في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1950 في مدينة خيان في مقاطعة شانكسي في الصين الشعبية، لوالد كان ضابطاً في جيش الكومنتانج التابع لشيانغ كاي شيك، وهو ما جعل السلطات الشيوعية تصنّف أسرته في الفئة الخامسة، وهي تقع في قاع المجتمع ويتعرض أفرادها إلى الاضطهاد، ومعاناته وأسرته من تمييز شديد ضدهم بسبب عائلتهم، حيث أخرجته السلطات من المدرسة الثانوية إبان الثورة الثقافية حين أغلقت المدارس والجامعات، وهو في السادسة عشرة، وأرسلته للعمل في المصانع والحقول.

واستغرقت هذه التجربة عشر سنوات من عمره، وأثناء عمله في مصنع للنسيج باع دمه أكثر من مرة ليشتري أول كاميرا امتلكها في حياته عام 1974، وكانت هذه الكاميرا أول همزة وصل بينه وبين فن الإخراج والتصوير السينمائى، وأفاده عمله في المصنع لمدة سبع سنوات في التعرف على حياة الطبقات الكادحة في الصين، وبعد انتهاء الثورة الثقافية عام 1976 مع وفاة ماوتسي تونغ، وإعادة فتح الكثير من الجامعات، نجح ييمو عام 1978 في اختبار القبول في أكاديمية السينما في بكين، وتخرج في قسم التصوير عام 1982.

وعقب تخرجه، كلف مع ثلاثة من زملائه ليعملوا مساعدي مخرج في ستوديو «جوانكسي» الذي يقع في منطقة نائية، لكنهم لم يجدوا هناك مخرجين ليساعدوهم، فشكّلوا بموافقة الحكومة فريقاً سمّوه «فريق الشباب» وبدأوا في صنع أفلامهم، وعمل ييمو في هذا الفريق مصوراً سينمائياً وممثلاً في أفلام زملائه من مخرجي الجيل الخامس، ومن بينها «محارب الفخار» و «البئر القديمة» الذي فاز عن دوره فيه بجائزة أحسن ممثل في مهرجان طوكيو السينمائي الدولي عام 1987.

وتمكن زانغ ييمو من إخراج أول أفلامه «الذرة الحمراء» عام 1987، وفاز عنه بجائزة «الدب الذهبى» في مهرجان برلين السينمائي، وحقق نجاحاً نقدياً وتجارياً باهراً على المستويين المحلي والعالمي، حيث قدم صورة واقعية خشنة عن الجنس والقهر على خلفية غزو اليابان للصين والذي كان غزواً دموياً، ثم أخرج بعد ذلك في العام نفسه فيلم «الاسم السري كوجار»، ولم يترك بصمة تجعل الناس يتذكرونه لدرجة أنه يعتبره أسوأ أفلامه، وكان بالنسبة اليه فيلم مغامرات سياسياً.

وفي عام 1989 أخرج مع زميله يانغ فينج ليانغ فيلم «جودو» بعد حملة القمع الدموية التي شنّتها الحكومة الصينية في ميدان تيان مين، وفاز هذا الفيلم بجائزة أفضل فيلم في مهرجان شيكاغو السينمائي، وفاز بالترشح لمسابقة الأوسكار.

وفي عام 1991 قدم أجمل أفلامه «ارفعوا المصباح الأحمر»، وفي عام 1992 قدم فيلم «حكاية كوي جوي» بأسلوب مختلف عما سبقه. وفي عام 1994 قدم فيلم « أن تحيا» وهو أول فيلم صيني تباع حقوق توزيعه قبل أن يتم العمل فيه ويعرض عرضاً عاماً، وحظرت السلطات الصينية عرضه في البلاد لما فيه من نقد لسياسات الحزب الشيوعى، كما حرم ييمو من العمل بالإخراج السينمائي لمدة عامين قبل أن يخرج فيلم «ثلاثية شنغهاى» الذي يراه عملاً خاصاً وغير معتاد يعبّر عن فرديته، وخصص الكتاب فصلاً كاملاً عن أسلوب زانغ ييمو والألوان في أفلامه والأبعاد الفكرية والمرأة والجنس وشخصيات الرجال فيها.

الحياة اللندنية في

21/12/2012

«كاسر الصمت» : للبؤس جمالياته أحياناً

القاهرة - فريال كامل 

شاركت فنزويلا إلى جانب 18 دولة في المسابقة الرسمية للدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي بفيلم «كاسر الصمت»، وهو العمل الروائي الأول للأخوين لويس إليخاندرو وأندريه إدواردو رودريجيز، ذلك بعد مشوار من العطاء في رعاية اللقطاء والتنمية الاجتماعية للمجتمعات المهمشة ما أثمر 40 فيلماً تسجيلياً.

يستقي فيلم «كاسر الصمت» أحداثه من أكثر البيئات تخلفاً من كل من النواحي الاجتماعية والاقتصادية وما يتولد عنهما من تصدع أخلاقي. ينتمي صانعا الفيلم لأسرة من قاع المجتمع، لذا يصوران بصدق تدني أحوالها والعلاقات المشوهة بين أفرادها. ويلقي الفيلم ضوءاً كاشفاً على معاناة الأبناء ويتبنى قضيتهم من دون مغالاة، ويثير التعاطف معهم من دون افتعال ويناصر حقوقهم من أجل حياة كريمة.

على الشاشة باب خشبي متصدع يحجز مخدع الأم وصديقها عن مدخل معتم وخانق يستخدم لجميع أغراض الحياة من الطهي إلى الاستحمام بطريقة بدائية وتناول الطعام ويستخدم أيضاً «غرفة» معيشة للأبناء (صبيتان وولد صغير). في ذلك الحيز تعيش الأسرة المكونة من الأم وصديقها المتعطل عن العمل فلا يفعل في حياته سوى إشباع رغبات الأم.

«أنا» الضحية

«أنا» الابنة الكبرى صبية ماهرة وقانعة في صمت. فهي تعاني من إعاقة في النطق والسمع. تقوم «أنا» منذ طفولتها برعاية أخيها وأختها لتكون مشاهد لعب ومرح الإخوة وأيضاً مشاكساتهم من أطرف مشاهد الفيلم وأكثرها إنسانية. تتحمل «أنا» أعباء الأسرة من إعداد الطعام وكي الملابس إضافة إلى عملها على رغم حداثة سنها، كعاملة مع أمها في مصنع لصناعة الملابس الجاهزة لتخالط مجتمعاً من النساء العاملات غير متجانس معها. تعامل الأم أبناءها بجفاء ويكون نصيب «أنا» من سوء المعاملة هو الأوفر وبينما تنشغل الأم عن دورها الطبيعي بالتزين لتروق في عين صديقها.

في مستهل الفيلم تتعرض «أنا» لانتهاك جسدي من قبل صديق الأم وعلى مدار الأحداث يصورها المخرجان من نافذة ذات قضبان حديدية أو شبكة معدنية، وغالباً ما تكون محجوبة خلف الظلال أو ذائبة في العتمة. تحاول الابنة أن تخبر أمها بما يحدث لها، إلا أن الأخيرة تبدو على الدوام منصرفة عنها غير مبالية بها. وإذ يطلع الابن إمانويل على انتهاك الرجل جسد شقيقته يصاب باضطراب نفسي يأخذ مظهر العنف وعدم التركيز إضافة للتبول اللاإرادي، وهو الحال الذي يدفع إدارة المدرسة لاستدعاء الأم وإطلاعها على حال ابنها ومطالبتها بالاهتمام به من دون جدوى. تغمر «أنا» أخيها بحنانها وتتطلع إلى أن تنفتح أمامها آفاق جديدة على شاطئ البحر.

الفيلم ثري بتفاصيل الحياة اليومية للأبناء بحلوها ومرها في بناء محكم من دون ترهل وأسلوب راقٍ من دون إثارة أو إسفاف.

إلى الفضاء الرحب

مع نمو الأحداث يتحول الرجل الذئب إلى التحرش بصوفيا الابنة الصغرى حتى ينال منها، فما يكون من «أنا» إلا أن تهدده بسكين لينصرف عنهما وفي الختام تصفو العلاقة بين الشقيقتين وتتخذ أنا قراراً بالفرار مع إخوتها من واقعهما المرير.

وفي لقطة ذات معنى تتعاون الشقيقتان على حمل حقيبة احتياجاتهما المتواضعة، وينتهي الفيلم بنهاية مفعمة بالأمل بينما ينطلق بهما الأتوبيس بعيداً وينكسر الصمت وتعبّر أنا عـن فرحتها بلغة الأصابع وتهطل الأمطار بغزارة لتختلط بدموع الأم بينما يلهو الإخوة على شاطئ البحر.

فيلم «كاسر الصمت» نوع من سينما الحقيقة تتتابع خلاله الأحداث في يسر وسلاسة من دون دعائم درامية ومن دون أي تركيز على دعائم ميلودرامية كالمفارقة والتشويق أو المفاجأة... وعلى هذا السياق تبدو صياغة الفيلم على التضاد التام مع صياغة الأفلام التجارية. ولقد عُني المخرجان بتصوير تفاصيل الحياة اليومية بأسلوب سينمائي راق خال من الإثارة مع التركيز على «أنا»، الشخصية الأساسية التي استحقت الممثلة عنها جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة. وعلى رغم بؤس المكان وتدني الأحوال فإن الفيلم عُني بجماليات الصورة وأثرى السرد بلقطات رمزية مودية.

وفي ظلّ هذا كله عرف الفيلم بكل قوة كيف يطرح المشاكل التي يتناولها بصدق، وخلص إلى مناصرة حقوق الأطفال في حياة كريمة.

في نهاية المهرجان القاهري حصد الفيلم الفنزويلي «كاسر الصمت» جائزة أفضل عمل أول، وجائزة أحسن إخراج وجائزة الهرم الفضي غير جائزة أفضل ممثلة إضافة لجائزة «الفيبريسي» (الاتحاد الدولي لصحافيي ونقاد السينما). 

الحياة اللندنية في

21/12/2012

 

أهدى فيلمه الأخير إلى ثوار ميدان التحرير

إياد نصار لـ «النهار»: لم أحزن لعدم حصولنا على أي جائزة

القاهرة - أحمد الجندي 

«نعم كنت أتمنى أن يحصل فيلمي «مصور قتيل» على جوائز مهرجان القاهرة السينمائي بعد المجهود الشاق الذي بذلناه فيه كفريق عمل للفيلم وحالة الإرهاق التي أصابتني وأنا أجسد شخصية المصور «أحمد» داخل أحداث الفيلم، لكني في الوقت نفسه لم يصبني الحزن لعدم حصولنا على أي جائزة، فيكفينا أن الفيلم مثل السينما المصرية داخل المهرجان وفي مسابقته الدولية وتنافس مع هذا العدد الكبير من الأفلام الجيدة من مختلف دول العالم، واختيار الفيلم لأن يلعب هذا الدور في حد ذاته يعد جائزة وأسعدني كثيراً».

هكذا استهل الفنان إياد نصار حواره مع «النهار» عندما سألناه عن مدى حزنه على عدم حصول فيلمه «مصور قتيل» على جوائز من مهرجان القاهرة، وأضاف: منذ أن عرض علىّ السيناريو وقرأته وأثناء تصويره وأنا كنت على ثقة من أن هذا الفيلم سيكون مختلفاً وسيلقى الإعجاب وقد تحقق هذا عند اختيار الفيلم ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان.

وحول ترشيحه لبطولة هذا الفيلم والذي جذبه إلى دوره والشخصية الصعبة التي جسدها، قال: مخرج الفيلم كريم العدل من أصدقائي المقربين، وكان من المفترض أن نعمل معاً في فيلمه الأول «ولد وبنت» لكن ظروف انشغالي بأعمال أخرى حال دون ذلك وعندما حكي لي عن قصة الفيلم طلبت منه قراءة السيناريو، وأرسله لي وعندما قرأت أقل من منتصف الورق اتصلت به وأخبرته بموافقتي على المشاركة في هذا الفيلم.

وأشار إياد إلى أن أول ما جذبه في هذا الفيلم وفي الشخصية التي جسدها هو كم التحديات الموجودة في هذا العمل، فالفيلم من خلال أحداثه وأجوائه مختلف تماماً عن الأفلام السائدة اليوم وأيضاً شخصية المصور «أحمد» تمثل تحدياً لأي فنان ف هي شخصية معقدة وغامضة ومحيرة وكل ردود أفعالها واقعية وهذا النوع من الشخصيات بقدر ما يكون مرهقاً في تجسيده بقدر ما يكون ممتعاً ويجعل الفنان في حالة من السعادة وهو يؤديها.

وعن مدى توقعه للنجاح الجماهيري للفيلم، أشار إياد إلى أن الفكرة ليست في التوقع بتحقيق النجاح على مستوى شباك التذاكر والإيرادات، لأن أحوال السينما في الفترة الحالية مع كل الأحداث التي تشهدها مصر الآن غير مستقرة، ومعظم جمهور السينما حالياً أقل من 5 ملايين مشاهد وهو رقم قليل ومعظمهم من الشباب، وهذا يشير إلى أن هناك 70 مليون مصري لا يشاهدون السينما وأتمنى أن تنصلح الأحوال وأن ننجح كفنانين وكسينمائيين في أن نستقطب هذه الملايين الضخمة إلى دور العرض ومشاهدة السينما، وأتمنى بشكل خاص أن يحظى «مصور قتيل» بالنجاح الجماهيري وأن يشاهده أكبر عدد من الجمهور، لأنه مهما تحدثنا عن النجاح على المستوى النقدي والمشاركة في المهرجانات، فإن النجاح الجماهيري يظل هو الهدف الذي يتمنى الفنان تحقيقه، فعندما لا يوجد جمهور أو متلقي لا يوجد فن وأي فنان مهما كان مجال إبداعه فإن ما يسعده بشكل حقيقي أن يعجب الناس بهذا الإبداع وأن يتابعونه ويشعرون بالرضي والمتعة عند التفاعل والتعايش معه.

·     وكيف يستقطب أهل السينما جمهورها إلى دور العرض مرة أخرى وبالملايين كما تقول في ظل الأحداث الجارية في مصر حالياً؟

أجاب إياد مؤكداً: الحالة التي تمر بها مصر حالياً لن تستمر طويلاً لأنها حالة مؤقتة وأنا على ثقة من أن إرادة الشعب هي التي ستنتصر في النهاية لأنه لا أحد يمكنه أن يقف في وجه أو أمام أحلام وطموحات الشعوب في الحرية وفي أن تعيش بكرامة وأمان، وعودة الجمهور إلى دور العرض ومشاهدة الأفلام فهذا يرتبط بشكل وثيق بتغير أحوال السينما إلى الأفضل، بمعنى أن يكون الكم الأكبر من الأفلام المعروضة لهذا الجمهور أفلاماً جيدة وعلى مستوى راقي وليس العكس كما يحدث الآن فدائماً هناك أفلام قليلة جداً جيدة وسط كم كبير من الأفلام الأقل جودة، وأنا متابع جيد للجمهور المصري ومنذ وقت طويل فهو جمهور حساس وذكي ويملك كم هائل من الوعي وإذا قدمنا له الجيد فسوف يقبل عليه ويشجعه.

·     سبق وأن أعلنت في مهرجان القاهرة السينمائي أنك تهدي فيلمك «مصور قتيل» إلى ثوار ميدان التحرير، من خلال هذه الروح الثورية كيف ترى الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي وإقامتها في ظل كل ما يحدث؟

ما يحدث في ميدان التحرير وفي معظم ميادين مصر من احتجاجات واعتصامات هو في رأيي يعد شريان الحياة لمصر الثورة التي ترفض أي توجه لكبت حريتها وانتفاضتها التي حصلت عليها بعد ثورة يناير بكل تضحياتها وشهداءها، وحالة التلاحم الجماهيري الحالية ما هي إلا مؤشرات تدل على أن الثورة مستمرة وأنا وكل من يحلم بالحرية نساند هذه الانتفاضة، أما عن المهرجان فأرى أنه ورغم كل الظروف الصعبة التي أقيم فيها نجح بل إن الإصرار على إقامته في موعده هو نوع من الثورة والتحدي، لأن المهرجان كان مهدداً بسحب الصفة الدولية منه إذا تم إلغاء دورته هذا العام وهذه كانت كارثة إذا حدثت لن يرضاها أي مصري أو عربي لهذا البلد الطيب الكريم مصر التي تحتضن الجميع.

النهار الكويتية في

18/12/2012

أيام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (5-5)

رشيد الحمد.. السفير الإنسان

عبدالستار ناجي  

قبل الانطلاق للحديث عن سفير دولة الكويت في جمهورية مصر العربية د. رشيد الحمد، أشير إلى أنني أتشرف شخصياً بأن أكون أحد تلامذته، في نهاية الستينيات في ثانوية كيفان، ويومها درس ولأعوام عدة مادة الجيولوجيا.

وفي هذه المحطة، نذهب الى ذلك الاستاذ.. والسفير.. والإنسان.

في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في دورته الخامسة والثلاثين التي اختتمت أعمالها منذ أيام، أذهب لاعادة التعرف عليه، فيبادرني:

- شعرت بالفخر، حينما سمعت اسم الكويت يصدح لوجودك في لجنة التحكيم.. في هذا المهرجان السينمائي الدولي المهم.

وأردف قائلاً:

- ويشرفني ايضا، ان أكون أحد تلاميذك، في ثانوية كيفان.. سعادة السفير.

.. ويقول:

- هذا ما يزيدني شرفا كبيراً.. بأن يكون أحد تلامذتي بمكانتك.. وقيمتك.. ويحقق مثل هذا الحضور والمكانة التي تشرف الكويت.

ويأتي الموعد الثاني، حيث عرض الفيلم الكويتي «تورا بورا» إخراج وليد العوضي، الذي شارك في مسابقتين، المسابقة الدولية والمسابقة العربية، وفي العرض الخاص بالجمهور، يوم الاثنين او الثالث من ديسمبر، كان سعادة السفير د. رشيد الحمد في مقدمة الحضور مع أركان سفارة دولة الكويت في القاهرة.

وبعد العرض يبادرنا بقوله:

- عمل سينمائي كبير، نشعر أمامه بالفخر والاعتزاز، قيمته وموضوعه، وأسلوبه، وحرفيته السينمائية العالية، بالإضافة للحضور الرائع لنجمنا القدير الفنان سعد الفرج.

ويستطرد:

- سينما عالية الجودة، وقضية حاضرة وخصبة، ورحلة للبحث عن ابن ضال.. وارادة انسان لتحدي المستحيل والظروف.. من أجل استعادة ابنه، عبر انتاج سينمائي عالي الجودة يستحق كل مفردات الدعم والرعاية. ويتجدد اللقاء في الحفل الختامي لمهرجان القاهرة السينمائي يوم السادس من ديسمبر في الأوبرا، وقد حرص السفير د. رشيد الحمد على أن يرافق الفنان الكبير سعد الفرج في أثناء دخولهما مسرح الأوبرا، والجلوس.

وبعد فوز نجمنا القدير سعد الفرج بجائزة أفضل ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي عن دوره المتميز في فيلم «تورا بورا» والاستقبال الكبير الذي حظى به، فور الاعلان عن فوزه.

نعود مباشرة للقاء السفير د. رشيد الحمد الذي يعود ليقول وبكثير من العمق:

- انجاز كبير حققه الفنان القدير سعد الفرج، وهو ليس بالأمر المستغرب على هذا الفنان ذي المكانة الفنية المرموقة، نتيجة مقدرته على استيعاب الدور وتقمصه بلياقة عالية وحس فني رائع.. كما أشيد بالدور الذي قمتم به شخصيا لدعم هذا الاستحقاق الفني.. والفوز كان مشتركا، بجائزة أفضل ممثل.. وبحضور الفيلم الرائع.. وايضا بتواجدكم في لجنة التحكيم.. كل هذه الامور انجازات لرصيد الكويت والسينما والحركة الفنية في الكويت على وجه الخصوص.

حضور خصب، وحرص شديد على المتابعة، وتجاوز كل الصيغ التقليدية، من أجل حضور سخي بالقيم، عامر بالمعاني، ثري بالدلالات والمعطيات.. ولعل هذا الحضور بحد ذاته، يجسد القيمة التي يحتلها ويمثلها هذا السفير الانسان، الذي غمر فريق عمل فيلم «تورا بورا» والعبدالله، بكل معاني التواصل.. والمتابعة.. والاهتمام.

خصوصا عند زيارة الفريق الى ديوانيته الاسبوعية، والتي باتت موعدا حقيقيا للتواصل مع ابناء الكويت في القاهرة.. من مقيمين.. وطلبة وزائرين.. حيث بيت الكويت الداعم للتحاور والتواصل.

لا نريد الاطالة.. لنؤكد بأننا أمام قيمة تتجاوز حدود الفعل الوظيفي.. الى بصمة واضافة حقيقية لرصيد الدبلوماسية الكويتية الحقيقية.

أيام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (4 - 5)

«المغضوب عليهم» فيلم مغربي حول التطرف!

عبدالستار ناجي  

ثمة نوعية من الأعمال السينمائية، تظل صالحة لكل زمان ومكان، وذلك لاصالتها في التصدي لعدد من الموضوعات المحورية، ضمن صيغ فنية عالية الجودة، واحتراف في التعاطي مع القضية المطروحة.

ووفق تلك المعطيات، يأتي الفيلم المغربي المغضوب «عليهم» من توقيع المخرج محسن بصري (الذي كتب سيناريو الفيلم وأخرجه وأنتجه ايضا).

الحكاية ببساطة شديدة مجموعة من المتطرفين تقوم باختطاف عناصر مسرحية شابة تستعد للقيام بجولتها المسرحية الأولى، وما يحيط ذلك الاختطاف من تفاعل انساني عميق.

وتمضي مع الرحلة، فرقة مسرحية شابة تتكون من ثلاثة شباب وفتاتين، تبدأ رحلتها من أجل تقديم عملها المسرحي الأول، الذي حضرت له منذ أكثر من ستة أشهر، وفي الطريق النائية، يشاهد عناصر الفرقة شابا ملقى على الأرض وحوله أصدقاؤه، وتبادر المجموعة المسرحية للمساعدة، فإذا بها وسط كمين، حيث يتم اختطاف المجموعة الى مكان نائ.

مجموعة المتطرفين ينتظرون زعيمهم الروحي، الذي يواصلون الاتصال به، ولكنه لا يجيب تارة.. ومشغول هاتفه تارة أخرى.. ولكنه كان قد اعطى قراره باغتيال هذه المجموعة المسرحية الشابة، لأنها تروج للفسق.. والفجور.. وهي عكس ذلك تماماً.

وتمر الليلة الأولى، بعزل البنات عن الأولاد.. وفي اليوم الثاني، باعادتهم من أجل السيطرة عليهم، خصوصا ان الخاطفين ثلاثة، والمخطوفين خمسة.

ويواصل قائد المجموعة الاتصال بالزعيم.. الذي لا يرد.

وتمر اللحظات بطيئة.. مجموعة مسرحية شابة وعناصر متطرفة.. لا تريد التحاور.. تنتظر الأوامر بتنفيذ المهمة.

وتمضي الأيام.. واللحظات.. العناصر المتطرفة تضغط على قائدها، الذي لا يستطيع الوصول الى زعيمه الروحي بأن تتم عملية التنفيذ.. وهو ينتظر.

ويبدأ الحوار.

المجموعة المسرحية، توافق على قرار العناصر المتطرفة، ولكنها تطلب طلبا واحداً، هو ان تعطي الفرصة لتقديم عرض واحد.. من المسرحية التي حضروا لها ستة أشهر.. على أن تقام البروفات والعرض أمام العناصر الارهابية.

وتبدأ البروفات.. بصخبها.. والعناصر المتطرفة تراقب وتشمئز.

وحينما يأتي العرض... بأجوائه ومعطياته، يجد احد العناصر المتطرفة نفسه يشارك المجموعة المسرحية رقصها... فيبادر احد زملائه باغتياله... ثم الانتحار... مما يدفع قائد المجموعة الى الهروب... دون اتمام العملية... ليجد عناصر الفرقة المسرحية انفسهم أحرارا... بعد ان كانوا أقرب الى الموت.

فيلم لا يذهب الى الطرح التقليدي، والصور المكررة للارهابين والمتطرفين، فيلم يقدم رؤية سينمائية تذهب الى المشاهد العربي وايضا الغربي، المصاب اصلا بـ «فوبيا الاسلام» ولكن نحن هنا امام مضامين فنية عالية الجودة ومعالجة لموضوع الارهاب، نتجاوز كل الصيغ التقليدية السابقة حيث تقديم الابعاد الانسانية في تحليل وتقديم شخصية الارهابي، الذي تورط بهذه اللعبة، ولا يمتلك قراره.

فيلم يذهب الى الاعتدال والوسطية في تقديم شخصيات المجموعة المسرحية... فيتجاوز نسبة كبيرة من النتاجات السينمائية العربية والغربية التي راحت تجتر ذات الصيغة الفنية والفكرية في تقديم شخصية الارهابي.

فيلم يحفز المشاهد.... يورطه... يدخله في لعبة الحوار الذاتي، حول مفهوم الاسلام المعتدل... بعيدا عن الوصفات الجاهزة للحوار.

فيلم يفجر قضية آنية... راهنة... معاشة، حول المنع والتحريم، الذي يتفجر اليوم، في العالمين العربي والاسلامي، ليداهم حرية التعبير بمختلف اشكاله عربيا واسلاميا، ليصل الامر الى حد «هدر الدماء» بعد تغييب الحوار.

لعبة سينمائية بسيطة، وفكرة أصيلة ثمينة، يذهب اليها المخرج محسن بصري ليورطنا، حتى نتحول الى رهائن يتلاعب بنا، وهو يقدم ايقاع الفيلم بلياقة واحترافية، مشددا على اهمية قبول الآخر... والتعايش.

مع المخرج محسن بصري، فريق متميز من الفنانين المغاربة، وهم من العناصر المسرحية ذات اللياقة العالية، ومنهم جميلة الهوني وماريا لالواز وعمر لطفي وأمين الناجي ومصطفى الهواري وعصام بوعلي وعبدالنبي النبوي وربيع بن جهيل.

في كل مشهد من مشاهد فيلم «المغضوب عليهم» نحن امام درس كبير... وطرح سينمائي كبير... يظل دائما يدعونا للحوار... وقبل كل هذا او ذاك احترام السينما المغربية الجديدة.

أيام مهرجان القاهرة السينمائي (3 - 5)

الصيني زانغ ييمو.. الإفطار مع مبدع؟!

عبدالستار ناجي  

صباح يوم الاثنين الثالث من ديسمبر دعتني السيدة سهير عبدالقادر مديرة مهرجان القاهرة السينمائي للإفطار على مائدة المخرج الصيني الكبير زانغ ييمو، شيء ما كما الحلم، فأنا أعرف هذا المبدع منذ مرحلة مبكرة من مسيرته الدولية، ولكنني لم أتشرف بلقائه شخصيا، عبر أكبر عدد من المهرجانات مثل «كان» و«فينيسيا» و«برلين» وغيرها.

وفي ذلك الصباح الجميل، يأتي اللقاء، وهو ليس مجرد لقاء بل إفطار وحوار.. وحديث طويل.. يتكرر على مدى يومين.. وأروي لكم البداية..

بعد التعرف عليه، والرجل لا يتحدث الا الصينية، وخلفه فريق من المرافقين والمترجمين، قلت له:

- أنا عبدالستار ناجي.. من الكويت. فكان رده عاديا.. غير مشجع.. حتى للجلوس.. وبادرته:

- شاهدتك يوم ميلادك..؟!

فكان أن أظهر علامات الدهشة..

وتابعت:

- شاهدتك في اليوم الذي تسلمت به أول جائزة دولية في مهرجان برلين السينمائي الدولي، حينما قدمت فيلم «ارفعوا المصابيح الحمر» عام 1991.

وانفرجت أساريره.. وابتسم.. ورد قائلاً:

حقاً إنه يوم ميلادي دولياً.

ويومها حصلت على جائزة الدب الفضي، ومن قبلها قدمت فيلم «جو دو» في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» السينمائي الدولي.

واسأله:

بالأمس، ذهبت الى الاهرامات.. كيف ترى هذا الإنجاز الخالد؟

شيء عظيم.. ذهلت.. تأملت.. عرفت عظمة هذا الشعب، وحضارته.. سأذهب اليوم الى المتحف.. لمزيد من التواصل.

ويكمل:

الشعب المصري عظيم.. عبر أجياله.. ويكفي هذه الثورة العظيمة.. التي لاتزال تتردد اصداؤها في ميدان التحرير حالياً.

هل شاهدت نتاجات سينمائية مصرية؟

حتى اللحظة لا، شاهدت من قبل ابداعات الراحل يوسف شاهين الذي يمثل مرحلة متطورة من الإبداع والخصيصة السينمائية.

تمثل المرحلة الخامسة من جيل السينما الصينية.. كيف ترى نتاجات الجيل الجديد؟

صناعات الإنتاج السينمائي في الصين نشطة، وذات اتجاهات متعددة، وبين ابناء الجيل الجديد، مبدعين وحرفيين.. وايضا بصمات خلاقة.

بعد سينما الإنسان والمؤلف، ذهبت الى أجواء المغامرة.. في أفلام مثل «هيرو» و«منزل السيف الطائرة» لماذا؟

حياتي مراحل.. ولا يمكن البقاء أو الثبات عند مرحلة.. أو محطة، هذه سنة التطور، فمنذ «الذرة الحمراء» 1987، وآخر أعمالي مسيرة طويلة تنوعت النتاجات، وأعتقد بأن على الفنان والسينمائي بشكل خاص، أن يذهب الى جميع الفضاءات والآفاق.. للبحث والتجديد.

ولهذا أخرجت حفل افتتاح واختتام أولمبياد بكين 2008؟

أجل. وكان بالنسبة لي تجربة خصبة، ثرية، جعلتني اذهب الى أعماق التاريخ للاكتشاف والبحث وتقديم ذلك التاريخ وتلك الانجازات الحضارية، بأسلوب فني ثري بالرؤية البصرية.. ومثل هذه المناسبات لا تتكرر في حياة المبدع دائماً.

تجربتك الأخيرة مع فيلم «زهور الحرب» تمثل ملحمة التاريخ للشعب الصيني؟

أجل.. وفي اطار درامي.. حرصت أن أوثق تلك المسيرة الطويلة لنضال الشعب الصيني.

شاهدتك في عام 1987 ممثلا في فيلم «الذرة الحمراء»؟

قدمت أربع تجارب فقط كممثل.. واكتفيت بذلك.. كان آخرها عام 1997 في فيلم «ابقى هادئاً».

مرة أخرى.. كيف ترى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟

دورة استثنائية.. دورة غير اعتيادية.. سعدت بوجودي.. وبلقائي مع أهل السينما.. وايضا شباب مصر.. لقد زرت العديد من المواقع، وفي كل مرة التقي الشباب، أحظى بالمحبة والاستقبال، الذي يؤكد بأنني أمام جمهور يعرف عددا من أعمالي.. ويعرفني.. وهذا أمر أسعدني.. كثيراً.

ماذا تقول للسينمائيين الشباب؟

لا تتعجلوا.. ولكن اعملوا.

على أمل لقاء قريب في «كان».. أو برلين.. أو فينيسيا.. أو القاهرة من جديد.

تحياتي.. وسعدت بك.

وجهة نظر

الميدان (4)

عبدالستار ناجي

مصر كانت تجتمع في ميدان التحرير.. ومن يقل غير ذلك، لم يعش هناك، ولم يكلف نفسه السير الى تلك البقعة التي باتت محط أنظار العالم، عبر أكبر عدد من القنوات التلفزيونية التي تنقل وعلى مدار الساعة احداثيات ذلك التجمع.. والنبض.. والصوت الواحد.

مصر بجميع أطيافها.. وأجيالها.. تأتي الى ميدان التحرير تتحاور... وتتناقش وتصدح بصوت واحد.. لا.

ومن هنا تأتي أهمية ميدان التحرير.

الذي سيتحول، وعبر الأجيال الى أحد الرموز التي تمثل عظمة مصر.. والشعب المصري.. الذي شيد الاهرام وشرب من النيل العظيم.. وها هو يطلق صرخات الرفض والتحدي.. من ميدان التحرير.

في ذلك الميدان الذي يمثل قلب مصر، تلتقي بكل الوجوه والسحنات والأطياف، وتقرأ كما من اليافطات والشعارات التي تصرخ ألما.. وترفض بشدة ما يقيد غد هذه الأمة.. ويلغي دور المؤسسات الدستورية.. ويهمش طموحات أجيال.

وتشرفت بأن أرافق ذات أمسية السيناريست الرائع مدحت العدل، الذي طاف بي في أنحاء الخيم.. وتعرفت على كل القطاعات.. والاتجاهات.. والوجوه.

مع د. مدحت العدل، ترى ميدان التحرير بشكل أعمق.. وأدق.. وأوضح.

ومعه تتحول الزيارة الى نبض.. واختلاجات.. وتتجاوز الصيغ (السياحية) للتصوير فقط.. الى المعايشة.. وتنفس الاوكسجين النقي للحرية.. والمستقبل.

وكل ما أقوله، شكرا لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الخامسة والثلاثين التي أتاحت لي الفرصة كي أكون في ميدان التحرير.

وعلى المحبة نلتقي

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

18/12/2012

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)