كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

بعد فوزه بجائزة أفضل ممثل في المسابقة العربية لمهرجان القاهرة السينمائي

الفنان سعد الفرج : عشت أحداث فيلم «تورا بورا» قبل بدء التصوير

القاهرة - حسن أحمد

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الخامسة والثلاثون

   
 
 
 
 

يمتلك الفنان الكبير سعد الفرج تاريخا حافلا مليئا بالأعمال المهمة سواء على شاشة التلفزيون أو على خشبة المسرح، وفي ذروة نضجه الفني ووصوله لدرجة الاستاذية في التمثيل توج هذا التاريخ بدور رائع في فيلم «تورا بورا» مع المخرج وليد العوضي والذي نال عنه جائزة أفضل ممثل في المسابقة العربية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

وأعرب الفنان الكبير سعد الفرج في حواره لـ «النهار» عن سعادته بالجائزة التي جاءته من مهرجان دولي كبير مثل مهرجان القاهرة السينمائي، موضحا ان مشاركة الفيلم في المسابقة الدولية والعربية بالمهرجان جائزة في حد ذاتها.

·        كيف ترى مشاركة الكويت في المسابقة الرسمية للمهرجان بفيلم «تورا بورا»؟

ان ذلك يجعل العاملين في مجال السينما سواء في الكويت أو الخليج ان يحرصوا على المشاركة في هذا المهرجان العريق المهم ليس للعالم العربي فقط ولكن بالنسبة للعالم اجمع، فهذا المهرجان في عامه الخامس والثلاثين ومشاركة فيلم كويتي لأول مرة في المسابقة الدولية شيء يجب ان تحافظ عليه الكويت وان تظل متواجدة بهذا المستوى في الدورات القادمة وهذا يحتاج الى استعداد ودعم للعاملين في السينما.

·        وماذا عن الجائزة ؟

قبول الفيلم الكويتي للمشاركة في هذا المهرجان بالمسابقة الدولية اكبر جائزة، وحتى لو ما كنت حصلت على جائزة فان ذلك يكفي.

·        كيف تعاملت مع شخصية أبو طارق التي قدمتها في الفيلم ؟

هذه الشخصية واقعية وموجودة في الخليج وعالمنا العربي وحاولنا وضع النقاط على الحروف حتى لا تتكرر المآسي.

·        ما أبرز المشاهد التي اقتربت فيها من شخصية أبو طارق ؟

من بداية الشخصية لأنني عايشت النص منذ ان كان مجرد فكرة وهذا جعلني أعيش كل المشاهد كلها قبل ان يبدأ التصوير.

·     كواحد من رواد الحركة الفنية الكويتية، بين «بس يا بحر» و«تورا بورا» مسافة زمنية كبيرة، لماذا لم تستثمر بما يوازي قيمة الكويت الفنية؟

بعد انتاج فيلم «بس يا بحر» ونجاحه سواء على المستوى المحلي أو العالمي بمشاركته في مهرجان فينسيا وحصوله على جائزة تقديرية توقع جميع العاملين في الفيلم سواء منتجه ومخرجه أو الممثلين الذين عملوا فيه بدون مقابل وأنا واحد منهم ان يكون هناك دعم للخطوة الثانية وان يدعم رجال الأعمال هذه المسيرة وهذا لم يحدث سواء من الدولة أو من رجال الأعمال ولا اعلم ان كان ذلك بقصد وهذه مصيبة أو ان كانوا يجهلون دور السينما وفي هذه الحالة المصيبة أعظم، وتوقفت المسيرة التي كانت تنتظر شخصا مثل وليد العوضي، وجاء وليد وان كان متأخرا كثيرا عن مسيرة الستينات التي وشهدت تقديم فيلم «بس يا بحر» لكن ان يحدث شيء أفضل من الا يحدث أبدا، وأعتقد انه بعد «تورا بورا» ونجاحه في الكثير من المهرجانات ان ينتبه المسؤولون ورجال الأعمال الى ان الانتاج في الكويت قليل، فلو أنتجت الكويت فيلما أو فيلمين في العام على مستوى يسمح لها بالمشاركة في المهرجانات الدولية ويقدم صورة الكويت والخليج بشكل جيد فهذا هو المطلوب وان لم ينتبهوا فاعتقد ان وليد العوضي وفقا لمعرفتي به سيكون عليه مسئولية الاستمرار ولو استمر سيكون ذلك بالتعاون مع دول أخرى مثلما حدث مع المخرج خالد الصديق عندما تعاون مع ايطاليا والسودان والهند.

·        ألا تشعر بالحسرة لان مشوارك الفني الحافل لا يوجد به سوى فيلمين فقط؟

بالتأكيد كنت أتمنى تقديم أفلام كثيرة، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

·     في أحد الأيام قررت ان تذهب للقاء الفنان الكبير زكي طليمات عند زيارته للكويت، بعد كل هذه السنوات كيف ترى هذا اللقاء ؟

زكي طليمات يعيدني الى بداية الخمسينيات وأنا أعيش في قرية الفنطاس التي كان يبلغ عدد سكانها في ذلك الوقت حوالي 400 مواطن، وعندما شعرت ان القرية تضيق بي وأنني اختنقت، حملت فراشي على راسي واتجهت الى المدينة وكان لدي أحلام كبيرة لكن بعد لقائي بزكي طليمات ودراستي في أميركا وانكلترا ما كنت احلم ان يعرض لي فيلم في القاهرة، وكان ذلك أكبر من حلمي والحمد لله تحقق وهذا بفضل أساتذتي الانكليز في الـ «بي. بي. سي» وأساتذتي في كولومبيا بأميركا ورفاق دربي في الكويت الذين دعموني وساندوني وبفضل زملائي في فيلمي «بس يا بحر» و«تورا بورا» واحمد الله ان ما تحقق أكبر من حلمي.

·        هل واجهت صعوبات أثناء تصوير الفيلم في المغرب؟

لو لم يكن هناك صعوبات ما غمرتنا السعادة بالنجاح، فالنجاح لابد ان يصاحبه صعوبات والتي تزول عندما يصل الانسان الى ما يصبو اليه من خلال أي عمل يقدمه.

·        وما شكل هذه الصعوبات ؟

أهمها القلق، فأي فنان عندما يبدأ في عمل جديد يصاحبه القلق الذي يعد أصعب من أي تعب في التصوير، فالقلق يصاحب الفنان لأنه يريد ان يرضي الجماهير الذين يقدم لهم هذا العمل، ويظل القلق موجودا حتى ينتهي التصوير وبعرض العمل يحقق الفنان النجاح فيزول القلق وينتهي التعب.

·        كيف ترى وليد العوضي في أول تجاربه السينمائية ؟

أرى فيه مستقبل السينما الكويتية والخليجية، ولا أريد المبالغة وأقول أكثر من ذلك، فوليد موهبة كبيرة، وليد من العناصر التي ادعمها في حدود امكانياتي لايماني بأنه سيكون لها شأن عظيم بالنسبة للخليج.

·        رغم هذا المشوار الفني الممتد والحافل لماذا لم تفكر في العمل بمصر؟

مصر فيها من الكفاءات والفنانين الذين يغطون العالم العربي كله لكن الكويت ومنطقة الخليج كانت تحتاج للعناصر التي تستطيع ان تقدم صورة الخليج والكويت في أعمال فنية، وشعرت ان الكويت والخليج في حاجة لي اكبر من حاجة مصر.

·        ما رأيك في مستقبل السينما الخليجية ؟

نحن نبذل أقصى جهد لايماننا بهذا المجال، وكلها اجتهادات فردية ما لم تجد الدعم، فأعداد الجمهور في الخليج لا يمكن ان تغطي تكلفة أي فيلم، وأملنا كبير في ان يساهم المسؤولون في توصيل رسائلنا التي نؤمن بها الى العالم وهذا لن يتحقق بدون دعم وايمان بالفن.

·        ما آخر أخبارك الفنية بعد «تورا بورا» ؟

حاليا استمتع بردود الفعل والملاحظات الخاصة بفيلم «تورا بورا» وتعودت أنني كلما أقدم عملا انتظر حتى استفيد من تجربتي فيه حتى استعين بذلك في تجاربي القادمة، وبعد مهرجان القاهرة سنعرض الفيلم في مهرجان وهران بالجزائر.

·        ما الكلمة التي توجهها للشعب المصري في ظل الظروف العصيبة التي يمرون بها حاليا ؟

مصر هي قائدة الأمة العربية وصرحها الشامخ وتهم العرب بشكل عام مثلما تهم المصريين أنفسهم، ونحن نتألم عندما نشاهد بعض الأحداث على الفضائيات لكننا لا نستطيع ان نبدي رأينا فيها لأنه مثلما يقولون «أهل مكة أدرى بشعابها»، ولكن يحضرني بيت شعر للشيخ عبدالله سالم رحمه الله وهو «تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت فان تولت فبالأشرار تنقاد». 

الجريد الكويتية في

10/12/2012

المخرج وليد العوضي:

تلقيت تهديدات بسبب «تورا بورا» 

نال الفنان الكويتي سعد الفرج جائزة أفضل ممثل في المسابقة العربية في «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، عن دوره في فيلم «تورا بورا» من إخراج المخرج الكويتي وليد العوضي.

العوضي تحدث إلى «الجريدة» عن ظروف مشاركته في المهرجان والصعوبات التي واجهته أثناء التصوير.

·        كيف رشح «تورا بورا» للمشاركة في «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»؟

أثناء مشاركتي في مهرجان «كان السينمائي الدولي» في دورته الأخيرة، ومن خلال سوق الفيلم، تواصل معي القيمون على المهرجان وطلبوا مني إرسال نسخة كاملة من الفيلم لمشاهدتها، فنال إعجاب أعضاء لجنتي المشاهدة الأولى والثانية، وقرروا إدراجه ضمن المسابقتين الدولية والعربية لشدة إعجابهم بفكرته وطرحه الجريء للأحداث.

·        هل خططت لمشاركة الفيلم في مهرجانات دولية؟

بما أنه تجربتي السينمائية الروائية الطويلة الأولى وضعت نصب عيني أن يشارك الفيلم في مهرجانات دولية، من «كان» إلى ثم «برلين» إلى «مهرجان الخليج»، وبعد مهرجان القاهرة سأشارك في «مهرجان وهران السينمائي الدولي» خلال الشهر الجاري.

·        هل تطلّب الفيلم موازنة مرتفعة ليخرج بالشكل الذي هو عليه؟

لا، بل كانت موازنته جيدة ومناسبة. لكن المشاهد شعر بضخامة الموازنة كوننا وظفنا الأموال في طريقها الصحيح بشكل جيد، ما انعكس على جودة الصورة ومضمون العمل.

·        هل توقعت أن يحصد بطل الفيلم الفنان سعد الفرج جائزة أفضل ممثل عربي؟

مع أن المنافسة كانت قوية، لكن ثقتي بعملي كبيرة. بالنسبة إلى سعد الفرج، فهو يلقّب «أنطوني كوين العرب»، وقد أدى دوره بشكل مبهر ويستحق الجائزة عن جدارة. أشكر لجنة تحكيم المهرجان التي أشادت بالفيلم وبمستواه الفني.

·        كيف انبثقت فكرة الفيلم؟

بطبعي أهتم بقضايا حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، لذا فكرت في تقديم فيلم عن معاناة العرب الذين يسافرون إلى أفغانستان، تحديداً إلى منطقة «تورا بورا» من خلال معاناة أبو طارق وزوجته في الوصول إلى ابنهم الموجود هناك، وقد اعتمدت على جرأة الطرح في التعامل مع الفكرة.

·        ألم يقلقك إظهار عمليات العنف التي ترتكبها حركة طالبان؟

من يكتب عملاً لأجل فئة أو جماعة معينة أو تكون لديه مخاوف من جهة ما من الأفضل ألا يكتبه، ثم مشاهد العنف التي صورتها هي أقل بكثير مما يحدث، والدليل على ذلك الأفلام المنتشرة عبر الإنترنت التي تتضمن مشاهد حية حول ما يحدث في تلك المنطقة.

·        أعلنت أنك تلقيت تهديدات، فهل أثرت على طبيعة عملك؟

جاءت هذه التهديدات من متشددين لا يقبلون النقاش والحوار حول آرائهم ولم أعرها أي اهتمام، ومن يشاهد الفيلم لا يجد فيه أي مشكلة أو تجنٍّ على الإسلاميين، ويلاحظ أن الأب والأم بطلا الفيلم وحدهما ومعاناتهما  رسالتي التي أود نقلها إلى الجمهور.

·        كيف اخترت أماكن التصوير؟

بحثت عن أماكن تصوير قريبة من طبيعة تورا بورا، وزرت لهذه الغاية سورية ولبنان والأردن والمغرب وعثرت على مناطق جبلية مشابهة للأماكن الموجودة في تورا بورا، وعندما شاهدت الفيلم شعرت بأنني صورت بالفعل في أفغانستان، وهو الإحساس نفسه الذي وصل إلى الجمهور.

·        ما أصعب المشاهد بالنسبة إليك؟

المشاهد الخاصة برحلة أبو طارق (عبدالله الفرج) الجبلية، فالتصوير كان شاقاً للغاية وفي مناطق وعرة وظروف جوية سيئة، وتحمّل الأبطال صعاباً لخروج الفيلم بشكل جيد، بالإضافة إلى أن إدارة فريق عمل يضم 120 شخصاً خلف الكاميرا أمر لم يكن ممكناً لو لم يتمتع العاملون برغبة في العمل الجدي.

·        كيف تم اختيار الأبطال؟

سبق أن تعاونت مع الفنان سعد الفرج في فيلم روائي قصير، وعندما اطلع على قصة الفيلم تحمس لها وساندني ووقف إلى جواري، وعندما تبلغّ العاملون في الفيلم موافقته على المشاركة فيه تحمسوا بدورهم.

·        كم استغرق التحضير من وقت؟

راودتني فكرة الفيلم عام 2008 وانتهيت منه العام الماضي. استغرق التصوير نحو عام بين تصوير خارجي وبناء ديكورات وغيرها من أمور فنية.

·        لماذا اعتمدت في الفيلم لغات عدة؟

لإضفاء مزيد من المصداقية على العمل، فثمة من يتحدث بالعربية وآخر بالإنكليزية وثالث بالفرنسية ورابع بالأفغانية وخامس بالباكستانية، وقد بذل الممثلون مجهوداً لإتقان اللغات التي يتحدثون بها، لا سيما الأفغانية كونها صعبة للغاية.

·        ما صحة ما تردد حول حذف الرقابة الكويتية مشاهد من الفيلم قبل السماح بعرضه؟

غير صحيح. دارت مناقشات بين العاملين في لجنة الرقابة حول الفيلم وطلب البعض حذف عبارات قليلة من السيناريو، لكن بعد أخذ وردّ في حضوري تم السماح بعرض الفيلم كاملا وانتصر الرأي التنويري في الرقابة.

·        هل سيعرض الفيلم في الصالات خارج الكويت؟

بعد المشاركة في فعاليات مهرجان وهران سأبدأ تسويق الفيلم في الوطن العربي، وأطمح إلى أن يُعرض تجارياً في دول عربية من بينها مصر.

الجريد الكويتية في

10/12/2012

عضو لجنة التحكيم في المسابقة العربية لمهرجان القاهرة

الناقد عبد الستار ناجي: السينما الكويتية تعوزها قواعد

هيثم عسران 

شارك الناقد الزميل عبدالستار ناجي كعضو لجنة تحكيم في المسابقة العربية لمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأخيرة. عن مشاركته في المهرجان وانطباعاته والأفلام المشاركة فيه كان اللقاء التالي.

·        كيف جاءت مشاركتك في عضوية لجنة تحكيم المسابقة العربية لمهرجان القاهرة؟

أعتبر اختياري بمثابة تكريم لكل مبدعي الخليج، خصوصاً أنني الممثل الوحيد لهم في المهرجان. كذلك سعدت للغاية بهذا الأمر لأن المهرجان يعد الأعرق سينمائياً في الوطن العربي، فقد سبق وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجانات دولية عدة من بينها طوكيو وبرلين وفينسيا، وغيرها من مهرجانات عالمية وعربية أيضاً، لكن لمهرجان القاهرة مكانة خاصة وأعتبره بمثابة المؤسسة السينمائية الرئيسة لنا كسينمائيين عرب.

·        كيف تقيم الدورة هذا العام؟

بذل القيمون جهداً كبيراً على المهرجان لأجل خروجه بهذه الصورة، وبغض النظر عن الارتباك الذي حدث في جدول مواعيد الأفلام والندوات، فإن المهرجان قدم جرعة سينمائية جيدة للجمهور المصري ونجحت إدارته في اختيار مجموعة من الأفلام المميزة رغم اعتذار بعض صانعي السينما عن الحضور بسبب الأوضاع الأمنية. فلا ننسى أن هذه الدورة أقيمت في ظروف غير طبيعية وكنا نجلس في الأوبرا ونسمع أصوات الشباب في ميدان التحرير، ونزلنا إليهم أكثر من مرة لنخبرهم أن المهرجان يقف إلى جوارهم ويساندهم وأن السينما تعبِّر عنهم وعن فكرهم، لذا لا يمكن مقارنتها بأي دورة أخرى.

·        ما هي الآلية التي منحتم على أساسها جوائز المسابقة؟

كان أعضاء لجنة التحكيم من مختلف مجالات العمل السينمائي، وترأس اللجنة الفنان محمود عبد العزيز، صاحب الخبرة الكبيرة في مجال التمثيل. عملياً، اتفقنا منذ البداية على أن يتم تقييم كل فيلم بعد مشاهدته ومنحه درجات في مختلف فروعه على ان ننتهي منه بشكل كامل بعد مشاهدته. مثلاً، كان عبد العزيز يتحدث عن الجانب التمثيلي في حين يشرح السيناريست مدحت العدل ملاحظاته على السيناريو، وكل واحد من الأعضاء بحسب خبرته. هكذا كوَّنا رؤية متكاملة عن الفيلم وأبرزنا نقاط قوته ونقاط ضعفه.

·        تحصل أحياناً اختلافات في ما يتعلق بالجوائز، فهل حدث ذلك بينكم؟

كانت لغة الحوار بيننا سينمائية بامتياز. شخصياً، استفدت من آراء بقية أعضاء لجنة التحكيم في ما يتعلق بملاحظاتهم على الأفلام. لكن فعلاً واجهنا صعوبة في منح الجوائز للأفلام، خصوصاً أن لجنة المهرجان اختارت مجموعة من الأفلام العربية المميزة، فمن بين 17 فيلماً شاركت في المسابقة العربية لم نجد سوى عمل سينمائي واحد دون المستوى في حين استحقت بقية الأفلام الإشادة والتقدير، ما وضعنا في حرج كبير وحاولنا أن نكون منصفين في الجوائز الممنوحة عن اللجنة.

·     كيف ترى الفارق في التجربة بين المشاركة في لجان تحكيم مهرجان القاهرة والمشاركة في المهرجانات السينمائية العالمية؟

لكل مهرجان طبيعته الخاصة والمقارنة بينهم لا تجوز في هذا المجال. حتى إن المقارنة في ما بين مهرجانات السينما الأوروبية تكون غير منصفة. عموماً، يحمل مهرجان القاهرة الصفة الدولية التي لا يحملها غيره من مهرجانات عربية، ومهرجان دبي السينمائي على سبيل المثال لا يزال ينتظر منحه هذه الصفة رغم أن عمره اقترب من العشرة أعوام.

·        ما تقييمك لطبيعة الأفلام العربية التي شاركت في المسابقة؟

تعاني السينما العربية عموماً مشكلتين هما الإنتاج والحرية المتاحة، فنحن ما زلنا بحاجة إلى مساحة أكبر من الحرية كي يتمكن المبدعون من إطلاق العنان لأفكارهم وخيالهم السينمائي فتأتي تجاربهم معبرة بشكل حقيقي عن واقعنا المجتمعي، ونبتعد عن الأفلام التي لا تحمل مضموناً وتقدم قضايا لا أهمية حقيقية لها لدى المشاهد.

·        كيف رأيت الأفلام التي شاركت في المهرجان وتناولت الربيع العربي؟

قدم عدد من المخرجين تجارب سينمائية مختلفة ترصد الثورة المصرية والربيع العربي وتوثقهما بشكل عام، من بينها «الشتا اللي فات» الذي شاهدته للمرة الأولى في مهرجان فينسيا وشاهدته مرة ثانية في مهرجان القاهرة. لكن هذه الأعمال السينمائية تركزت على توثيق الأحداث بشكل درامي، ولم ترصدها من على بعد، وهو ما أعتقد أنه سيتم الانتباه له خلال الفترة المقبلة.

·        ما رأيك في الفيلم الكويتي «تورا بورا» الذي شارك في المسابقتين الدولية والعربية؟

أعجبت بمستوى الفيلم وحرصت على حضور عرضه في المهرجان والندوة الخاصة به، فهو يمثل مغامرة كبيرة بالنسبة إلى السينما الكويتية في أن تقدم فكرة معاناة أسرة التحق ابنها بحركة طالبان، فضلاً عن أن تنفيذه تم بجودة فنية عالية.

·        ما هي الصعوبات التي تقف أمام مشاركة السينما الكويتية في المهرجانات الدولية؟

السينما في الكويت بحاجة إلى بناء قواعدها، بمعنى تواجد الحرفيين المشتغلين بها من مساعدين مخرجين ومسؤولي إضاءة وديكورات واختصاصيين في مختلف المجالات بشكل أكبر، بالإضافة إلى إصدار تشريعات من مجلس الأمة خاصة بالسينما كي تنطلق نحو العالم الخارجي ويتحفز الشباب على المشاركة فيها، فضلاً عن  ضرورة ابتكار تظاهرات سينمائية يمكن من خلالها عرض إبداعات الفنانين الشباب، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على الأفلام المحلية.

الجريد الكويتية في

10/12/2012

فجر يوم جديد:

الرومانسية الثورية 

مجدي الطيب 

«مملكة النمل» و{لما شفتك» فيلمان عن القضية الفلسطينية عرضهما مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الخامسة والثلاثين، يعكسان بدرجة كبيرة فارق المعالجة والتناول بين مخرجين ينتميان إلى ثقافة مختلفة، ووعي سياسي متباين.

يمزج المخرج التونسي شوقي الماجري في «مملكة النمل» بين الأسطورة والواقع، ومنذ اللحظة التي تظهر فيها العناوين يبدو واثقاً من المغزى الذي يريد، والرسالة التي يتبناها ويود تمريرها؛ حيث اختار الجدار العازل أرضية لرسومات فنان الكاريكاتور الفلسطيني الراحل ناجي العلي، وتختلط على الجدار طائرات الأطفال الورقية بالهليكوبتر التي تعصف والدبابات التي تدمر، بينما وجوه الفدائيات الفلسطينيات الشهيرات يُرصعن التترات.

 لكن الماجري، والفيلم بأكمله، يتأرجح ويتخبط بين الرمز والأسطورة والواقع والملحمة، ويترنح تحت وطأة الخطابة، العظة المباشرة، والأسلوب المدرسي الذي عفى عليه الدهر في تناول القضية الفلسطينية؛ حيث المواجهات العبثية بين الفلسطينيين العزل وعدو متجبر مختال بعدته وعتاده، والصورة التقليدية للضابط الإسرائيلي الذي ينكل بضحاياه، والسماء التي تغضب بسبب ما يتعرض له الفلسطينيون فتبرق وترعد، بينما يهطل المطر علامة على أن الخير قادم!

هذه «الكليشيهات» فضلاً عن {المونولوجات» الطويلة أفسدت صورة الفيلم وإيقاعه، بينما كان بمقدور المخرج شوقي الماجري، الذي شارك في كتابة السيناريو مع خالد الطريفي، تركيز جهده وفيلمه في الخط «الميثولوجي» (الأسطوري) من خلال «مملكة النمل»، التي تعتمل في العقل، وتجد لها مكاناً على أرض الواقع في الكهوف والمغارات والسراديب التي تقود إلى المدن الفلسطينية قاطبة، وعلى رأسها القدس، في تأكيد على عروبة فلسطين، والمغزى واضح في الباطن «الجغرافي» الذي لا ينفصل عن الباطن «التاريخي»، وسحر الرؤية والمكان وغموضهما، وحكايات الجد التي تؤصل الحق التاريخي، وتوصل الماضي بالحاضر وتُبشر بالمستقبل.

أساطير وطقوس الخصوبة، والسلسال الفلسطيني الذي لا ينقطع، والحق الذي لا يموت ووراءه مُطالب، بالإضافة إلى الطقوس الفولكلورية الفلسطينية، ثروة نادرة لم يستثمرها الماجري والطريفي بالشكل الكافي في ظل انحيازهما إلى الشكل الواقعي؛ حيث الممارسات الهمجية للعدو البربري، الذي ينكل بالفلسطينيين، ولا يتورع عن دك مدارس الأطفال، وقصف قبور الموتى، وبطولة هذا الشعب، وقدرة شيوخه وكهوله وشبابه ونسائه وأطفاله على الصمود والمقاومة، وإيمانهم الذي تتراجع أمامه الدبابات، والحياة التي تولد من بين الأنقاض، وحب التراب الفلسطيني الذي يرثه الأبناء من الأباء والأجداد، وهول المأساة التي تضطر الأباء والأجداد إلى دفن الأبناء والأحفاد؛ فالقضايا كثيرة، والرؤية تعاني تشوشاً واضطراباً، وثمة رغبة مستحيلة في بث رسائل عدة أثقلت إيقاع «مملكة النمل» وأزعجت المتلقي.  

«المراهقة السياسية» التي تجلت بوضوح في فيلم «مملكة النمل» انقلبت إلى «رومانسية ثورية» في فيلم «لما شفتك»، الذي تدور أحداثه عام 1967؛ فالمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، التي تقيم في الأردن، اختارت حقبة الستينيات بوصفها الفترة الخصبة للنضال الوطني، الذي لا تحركه مصالح ولا يخضع لحسابات، وطوال الوقت كانت حريصة على ألا تخدش وعي المشاهد بمواقف عنترية أو خطب جوفاء وشعارات رنانة، من خلال قصة بسيطة في شكلها عميقة في مضمونها ومغزاها حول الصبي الفلسطيني الذي تدفعه ظروف الاحتلال الإسرائيلي إلى النزوح مع والدته إلى الحدود الأردنية، لكنه لا يطيق الحياة في مخيم اللاجئين، ولا يتكيف مع سكانه، كما يفتقد والده، الذي لم يوضح الفيلم مصيره، ويتخذ قراراً بألا يتراجع عن العودة إلى الوطن، مهما كان الثمن، ويغادر المخيم تاركاً أمه في حيرة وقلق بالغين، وفي طريقه يلتقي مجموعة من الثوار، الفدائيين، الذين تُدرك من حواراتهم الدور الذي لعبه في تسليحهم الاتحاد السوفياتي والصين، التي يُشير إليها كتاب تتصدر غلافه صورة الزعيم ماوتسي تونج، ويندمج الصبي مع الثوار في معسكرهم، ويتسلل إلى قلوبهم بروحه البريئة وشجاعته وجرأته وإصراره على الانضمام إليهم، ولا يغير وصول الأم من الأمر شيئاً، بل يُزيد الصبي تشبثاً بتنفيذ ما انتوى عليه، وذات ليلة يغافل الجميع، ويهرب إلى الحدود، وهناك يرصد الدوريات الإسرائيلية بدقة قبل أن يتسلل خفية. في تلك اللحظة، تصل الأم وعدد من «الثوار» لإنقاذه من غدر العدو، وبدلاً من أن تعنفه الأم أو تحثه على التراجع تضع يدها في يده، ويعبران الحدود معاً ليحققا «حلم العودة»!

مرة أخرى، وأخيرة، اتسم فيلم «مملكة النمل» بخشونة ومباشرة، لم يُخفف من غلوائهما سوى الاختيار الجيد لمواقع التصوير، بينما اقتربت المخرجة آن ماري جاسر من الصراع الذي لن ينتهي مع الكيان الصهيوني برومانسية مفرطة ورقة بالغة، ونجحت في اختيار وتوظيف ممثليها الذين اتسم أداؤهم بالتلقائية والصدق، على عكس منذر رياحنة، الذي ظهر في «مملكة النمل» تائهاً وشاحباً وباهتاً، وكادت الموهوبة صبا مبارك أن تلحق به، غير أن الأهم في هذا السياق أن المخرجة آن ماري جاسر أثبتت أن «المقاومة» يمكن أن تكون بسلاح «الرومانسية»!

الجريد الكويتية في

10/12/2012

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)