تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

ممثلون وممثلون

ابراهيم العريس

يشكو الفنان اللبناني من على شاشة برنامج حكي يجمع السياسيين الى الفنانين الى غيرهم من الناس، أن أهل السياسة في لبنان، لكثرة ما يظهرون على الشاشة الصغيرة، لمناسبة ومن دون مناسبة، سرقوا «الجو» من أهل الفن، غير تاركين لهؤلاء حيزاً يطلون منه. ثم يفتي صاحبنا بأن الفارق بين السياسي والفنان يكمن في حرف الجر فـ السياسي في رأيه «يمثل على الناس، فيما الفنان يمثل لهم». طبعاً الفكرة الأخيرة هذه، طريفة ولا تخلو من ذكاء حتى وإن كان من الصعب مشاركة الفنان فيها.

فالتعميم هنا سيّء لكنه نموذجي بالتأكيد، وهو ينتمي الى تلك الأجوبة السريعة التي يطلقها أي انسان حين يجد نفسه أمام ميكروفون وكاميرا، فيكتشف أنه سوف يكون «نجماً» ولو لدقائق قليلة. فالحقيقة أن ليس كل السياسيين يمثلون على الناس، كما أن ليس كل الممثلين يمثلون للناس بخاصة اذا ما شاهدنا المسلسلات التي يمثلون فيها!

لكن هذا ليس بيت القصيد بالنسبة الينا هنا. إذ، إن تخلينا عن التعميم غير المحمود، ونظرنا الى الأمور من زاوية مقارنة، ثم استفتينا ردود فعل الجمهور، قد نتوصل الى نتيجة سيكون من شأنها أن تفاجئ فناننا الطيب، حتى من دون أن تخرج في سياقها عن النقد الذي كان يرمي الى ايصاله من كلامه. ذلك أن أية مقارنة بين الأداء «التمثيلي» لعدد كبير من السياسيين، والأداء التمثيلي لعدد كبير من ممثلي الشاشة الصغيرة، لن تكون في مصلحة هؤلاء الآخرين.

فالواقع أن «ممثلين» من أهل السياسة، يبدون في المحصلة الأخيرة أكثر كفاءة وحتى أكثر قبولاً من الجمهور. فإذا كان ممثل الدراما يُبكي متفرجيه في لحظات درامية، فإن ممثل السياسة يبكيهم في معظم اللحظات. وإذا كان ممثل الدراما يضحك متفرجيه وإن بحدود، فإن «الممثل» السياسي يضحكهم من دون حدود. وإذا كان من خواص فن التمثيل أنه كذب على الناس، ليسليهم - بحسب نظرية الكاتب الأرجنتيني بورخيس في أن كل ابداع إنما هو كذب لذيذ - فإن ممثلي السياسة يبدون دائماً، أكثر اتقاناً لهذا الكذب من غيرهم من ممثلي الفن الدرامي. ثم إذا كان الكذب الدرامي ينتهي غالباً - ويا للسذاجة! - نهايات سعيدة، فإن الكذب السياسي غالباً ما ينتهي نهايات مأسوية، ما يجعله اشد وقعاً وقوة، وغير قابل لأن يُنسى. وبالتالي فإن آثاره - السيئة غالباً - تبقى مفاعليها حاضرة في مصائر الشعوب وآلامها، فيما تنتهي مفاعيل التمثيل الآخر، ما إن ينتهي بث العمل وتبدأ الأخبار.

ولنضف الى هذا أن الجمهور لا يعرف أبداً مصير الشخصيات بعد أن ينتهي بث العمل، فهو يعرف أن السياسيين الذين يخوضون صراعاتهم أمامه على الشاشة طوال ساعة وأكثر، سينتهي الأمر بهم الى طاولة في مطعم يأكلون معاً، ويتندرون على سذاجة الجمهور الذي صدّقهم. فمن الأقوى في رأيكم؟

الحياة اللندنية في

20/07/2009

   

أصوات خافتة ... مشفرة

فجر يعقوب 

تُقدم المخرجة السورية الشابة ايناس حقي في مسلسلها الجديد «أصوات خافتة» على تجربة تتميز بالشجاعة والجرأة لجهة تحريك مادة درامية لم يتم التطرق إليها من قبل في الدراما السورية المعاصرة. فالمسلسل الذي كتبته سلاف رهونجي يتحدث عن حياة الصحافيين في سورية للمرة الاولى، ولكن ما يهمنا هنا في هذه العجالة هو حكاية موسيقية أرادت المخرجة حقي أن تحول مادتها إلى معاناة راقصة باليه سورية، باعتبار أن معهداً لرقص الباليه الحديث موجود في سورية، وكثيرون من السوريين لا يعرفون بوجوده.

لا نعرف ما إذا كانت وظيفة الدراما التلفزيونية أن تعرّف المشاهد بوجود مثل هذا المعهد، ولكن ما هو أكيد أن المخرجة الشابة التي درست في هذا المعهد، وتخرجت منه لم تجد فضاء أمامها يمكنها الإطلال منه على هذا العالم من خلال الطيران الرشيق الذي يميز الجسد الانساني في معركته الجميلة مع المكان.

تحسن المخرجة الشابة صنعاً وهي تقوم بهذه التحويرات الدرامية الثمينة في النص المكتوب بالاتفاق مع الكاتبة رهونجي لحساب مسلسل معاصر يمكنه أن يقدم صورة طيبة عن مآل دراما باتت تكثر من ندب حاضرها، إما بالتذمر من الأزمة المالية العالمية وتخبط صناعها بين واقع الانتاج والتوزيع، وإما باستحضار مسلسلات الأسود والأبيض والتحسر عليها وعلى صناعها وكتابها على رغم اعتراف الجميع ببدائية صنعها. لا يمكن بالطبع تجاهل مسلسلات مثل «حمام الهنا» و «مقالب غوار»، وهي قد مهدت لظهور الأعمال اللاحقة، ولكن بات لافتاً استحضارها المكثف في الصحافة المكتوبة والمرئية، وكأن الدراما السورية المعاصرة لم يعد بوسعها عمل شيء من دونها، مع أن بعض المشاريع التي تصور حالياً تؤكد وتدلل على أن هذه الدراما وإن تناقص عدد مسلسلاتها لأسباب مختلفة لايزال بوسعها قول امور جوهرية.

«أصوات خافتة» بحسب مخرجته التي لم يعد يرهبها العمل مع ممثلين محترفين بالنظر إلى حداثة سنها تؤكد أن عملها مع أبيها المخرج المخضرم هيثم حقي سنوات عدة كمخرج منفذ سمح لها بتجاوز «رهاب» العمل مع هؤلاء الممثلين، وجلّ ما تسعى إليه الآن في مشروعها الجديد هو امكانية محاكاة هذا الفضاء المشرع أمام راقصة باليه سورية. وهذا لا يعني أن ايناس حقي تقدم شيئاً من تجربتها الخاصة كما تقول، لأن هذه معاناة الكثير من زميلاتها اللواتي تخرجن قبلها أو بعدها ولم يجدن الفضاء مفتوحاً أمامهن.

«أصوات خافتة» فيه حكايات عن الصحافيين السوريين، وفيه أيضاً الأصوات التي يحدثها الجسد الانساني لحظة طيرانه وبقائه معلقاً لثوان في فضاء يفترض أنه مفتوح على الدوام. وهي أصوات تستحق الثناء، على رغم أن هذا التحليق سيأتي مشفراً هذا الموسم على محطة «أوربت» مالكة العمل ومنتجته، وفي هذا عبور نحو فضاء مكتوم آخر للحديث عنه صلة!

الحياة اللندنية في

22/07/2009

 

 

 «السينما والناس»

إبراهيم حاج عبدي 

على رغم عنوانه التقليدي «السينما والناس»، يعد هذا البـــرنـــامج، الذي يــقدم أسبـــوعيـاً على فضائـــيــــة «الحرية»، والمتخصص في الفن السابع، واحداً من أبرز البرامج السينمائية التي تظهر كعلامة مضيئة وسط كثافة البرامج السينمائية التي تقدم على هذه الفضائية أو تلك، والتي غالباً ما تلامس قشور السينما من دون الخوض في جوهر هذا الفن.

البرنامج يعتمد على اختيار فيلم سينمائي وعرضه كاملاً، بعد قراءة نقدية مبسطة يمهد بها لعرض الفيلم، مقدم البرنامج الشاعر والمخرج العراقي برهان شاوي، في محاولة لتقريب النقد السينمائي من أذهان الجمهور غير المختص، والتعريف بمخرج الفيلم وأبطاله وظروف إنتاجه. لكن أهمية البرنامج لا تأتي من هذه التفاصيل الجانبية، وإنما تنبع من قيمة الفيلم المختار، بل ومن خصوصية هذا الاختيار. فالشاشات الصغيرة العربية مغرمة بعرض «الأفلام الهوليوودية»، وعلى رغم أن هذه الأفلام تضم عناوين سينمائية ضخمة، ولافتة فإن المفارقة تكمن في أن تلك الفضائيات لا تختار سوى أفلام ذات قيمة سينمائية ضئيلة تتمثل في أفلام الآكشن، والميلودراما الرخيصة، وبعض أفلام الرعب. «السينما والناس» يغرد خارج السرب، إذ يذهب إلى سينما الهوامش والأطراف، إذا جاز التعبير. فقد عرض، مثلاً، بعض أجمل ما قدمته السينما الإيرانية على يد مخرجين كبار من أمثال مجيد مجيدي، ومحسن مخملباف، وسميرة مخملباف، وعباس كياروستامي وسواهم. وإذا ذهب مقدم البرنامج أبعد في اتجاه الشرق، أي نحو «السينما البوليوودية»، فإنه، وعلى عكس غالبية الفضائيات، لا يختار تلك الأفلام العاطفية المملوءة بالرقصات والأغاني، والمصادفات العجيبة، والحركات البهلوانية... وإنما يختار أفلاماً هندية ذات مذاق خاص مثل فيلم «بلاك» الذي لعب بطولته أحد ابرز نجوم السينما الهندية، أميتاب باتشان. وبما أن الرابط الذي يجمع بين هذه الخيارات هو البحث عن أفلام عابقة بجماليات السينما، ومشغولة بأسلوب خاص، فإن مقدم البرنامج، الذي درس السينما في موسكو، وأخرج أفلاماً تسجيلية عدة، يعود، أحياناً، إلى كلاسيكيات السينما العالمية والى أسماء بارزة أسهمت بقدر كبير في إعلاء شأن الفن السابع من أمثال أكيرا كوروساوا، وفيلليني، وبازولليني، وبيرتولوتشي، وكازان، ويلماز غوني... وغيرهم.

يتأرجح البرنامج بين القديم والحديث، ويقتفي جغرافية الكرة الأرضية شرقاً وغرباً، ولا يخضع لأي معيار سوى «سحر السينما» في سعي إلى العثور على أفلام شكلت محطات مهمة في تاريخ السينما، والملاحظة الجديرة بالانتباه، والتي تنفرد بها هذه الفضائية، تتمثل في أن الفيلم يعرض في شكل مستمر ومن دون انقطاع، بمعنى أن الإعلان التجاري أو الترويجي لا يقطع الشريط مطلقاً، تماماً كما هي الحال في العرض السينمائي، وهذه الملاحظة الأخيرة لوحدها كافية لتوضيح قيمة هذا البرنامج، ومدى احترام القائمين عليه للسينما.

الحياة اللندنية في

24/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)