تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مخرج الروائع

أحب الهز .. ولا أهتز

بقلم : إيريس نظمي

جملة قالها لي حسن الإمام حينما كنت أجلس معه في الاستوديو وفي الاستراحة بين المشاهد. وكنا نتحدث عن أحوال السينما .. فهو يقصد بذلك هز الوسط الذي جعل النقاد يهاجمونه وأنا واحدة منهم - لكنه لا يهتز لكلامهم " الرقص موجود في دمنا .. فالطفل ينزل من بطن أمه يرقص إذا هززته .. أو غنيت له"

والواقع أننا ظلمنا حسن الإمام الذي لم يأخد حقه من التكريم سواء في حياته أو في مماته .. رغم أنه يعتبر أحد رموز السينما سواء شئنا أو لم نشأ لكن الحس الجماعي كان أصدق حين لقب بمخرج الروائع.. وملك الشباك.. فقد كان اسمه ماركة مسجلة.. يكفي أنه قدم ثلاثية نجيب محفوظ »قصر الشوق« و»بين القصرين« و»السكرية« التي عشنا معها تفاصيل ذلك الزمن، ورسم شخصيات بعناية.. خاصة شخصية »سي السيد« التي أداها يحيي شاهين وأصبحت رمزا للقهر.

قال لي حسن الإمام أنه أخذ من شخصية والده الكثير »فقد كنا حين نراه نجري إلي حجراتنا كالفئران« ويكفيه فخرا أن المشهد الذي قدمه في »قصر الشوق« وهو مشهد المظاهرة الوطنية ضد الإنجليزي وقلب الترام أصبح المخرجين يستغلونها في كل أفلامهم.

ولا ننسي أنه قدم السندريللا »سعاد حسني« في فيلم استعراضي »خلي بالك من زوزو« الذي شاهدناه مرات علي الفضائيات وفي الشاشة الصغيرة ولا نمل منه بعكس الكثير من أفلام هذا الزمن. وقد ظل الفيلم معروضا بدور العرض أكثر من عام كامل.. وهي أول مرة تحدث في تاريخ السينما المصرية.

وبعد نجاح هذا الفيلم قدم أيضا السندريللا في »أميرة حبي أنا«.. كما قدم الكثير من الأفلام الإنسانية.. منها »الخطايا« لعبدالحليم، والملاك الظالم.. و»بنات الليل« و»الجسر« لهند رستم. و»حب في الظلام« و»بالوالدين إحسانا«.. هذا علي سبيل المثال.

وقدم حسن الإمام كثيرا من نجوم السينما منهم فاتن حمامة وفريد شوقي وهدي سلطان وهند رستم وحسين فهمي ونور الشريف وغيرهم..

كانت أفلامه تصل بسهولة إلي قلوب الناس لقيمتها الإنسانية.. وتنتهي بعبرة. ولازلنا نحب مشاهدتها.

أذكر مرة أن إيناس الدغيدي التي تتلمذت علي يديه.. وكنت أراها دائما تعمل معه كمساعد مخرج أن أدلت برأي سلبي في أفلام حسن الإمام.. أن اتصل بي وقال: »ياإيريس ردي علي لساني حتي أنتي ياإيناس؟«

إن الحديث مع حسن الإمام ممتع.. له جاذبية خاصة.. فنان يتمتع بطلاقة اللسان وسرعة البديهة وخفة الظل.. إنه ابن بلد ذكي وفهلوي رغم أنه تربي في مدارس الخرنفش الفرنسية.

< < <

كانت روحه الساخرة واضحة كالعادة. انتقد موجة أفلام العنف وأفلام المسدسات كما أسماها.. وأفلام نجوم الكوميديا الذين يمسكون في أيديهم المدافع الرشاشة.. قال لي: إنه يشعر بالرضا عن نفسه لأنه لم يشارك في تقديم أفلام العنف والدم والانتقام. تري لو عاش حسن الإمام حتي الآن ليشاهد بحور الدم في أفلامنا المصرية فماذا يقول؟

< < <

كانت آخر مرة رأيته فيها حين دعاني لألقاه في مقابر السيدة نفيسة.. وذهلت لهذه الدعوة.. لكنه قال لي: سترينني في شيء جديد تماما.. وتصورت أنه يخرج فيلما جديدا وذهبت أنا وزميلي المصور أحمد عبدالعزيز »رحمه الله« لكي نسجل هذا الحدث الجديد..

 وأخذت أبحث عنه وعن مجموعة العاملين في الفيلم.. وأخذنا نمشي بين المقابر التي اصطفت علي الجانبين.. مقابر لا نهاية لها.. والحجرات يسكنها الأحياء والأموات. ووجدت رجلا يجلس أمام أحد القبور يرتدي جبة وقفطانا ولاسة حريرية وقد وضع علي رأسه عمامة كبيرة وفي أصابعه خواتم ذهبية.. ذهبت لأساله عن المخرج حسن الإمام وبقية الممثلين.. وحين رفع رأسه وتأملته استغرقت في الضحك. إنه هو نفسه حسن الإمام الذي يقوم في فيلم »مدافن مفروشة للإيجار« بدور التربي »الريس عياش« الذي يؤجر المدافن مفروشة للأحياء.. وأصبح يمتلك السيارة الفارهة والعمارات العالية..

كان حسن الإمام أول من حضر من أسرة الفيلم.. رحب بي ترحيبا كبيرا.. وجلس يتحدث إليّ كيف أقنعه المخرج علي عبدالخالق أن يمثل لينهي حياته كما بدأها ممثلا علي مسرح رمسيس.

لقد خرج حسن الإمام من بيته بملابس الدور ودخل مسجد السيدة نفيسة لكي يقرأ الفاتحة طالبا من الله أن يعينه علي تلك المهمة التي كلفه بها المخرج علي عبدالخالق.

ويضحك ضحكته »المجلجلة« »لقد اكتشفت وبدون فخر تسعين في المائة من فناني وفنانات مصر.. حتي جاء علي عبدالخالق ليكتشفني.. وهاآنذا أعود لنفس البداية بعد خبرة العمر.

كان يتكلم كمن يتنبأ لنفسه بالنهاية.

رحم الله مخرج الروائع المبدع حسن الإمام.

آخر ساعة المصرية في

22/07/2009

 

في المهرجان الدولي للفيلم العربي بـ»وهران«:

الباهية.. »وأم الأشراف « وتكريم »يسرا«

وهران :نعمة الله حسين 

من وهران تلك المدينة الجزائرية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ.. مدينة كانت دائما رمزا للصمود.. والكرامة.. والتحدي تعانقت فيها الكنائس والمساجد، وهب فيها أبناؤها دماءهم لاستعادة شرف الحرية والاستقلال علي مر الزمان سواء من الأتراك.. الأسبان.. الفرنسيين.. وكتب عليها أن تقاوم في زمن أشرس الأمراض.. وأخطر الأوبئة »الطاعون« فكانت الرواية الرائعة للكاتب الفرنسي »البير كامي«.

من المدينة الغارقة في القدم.. والتي يحتضنها جبل »المرجاجو« المدفون في قمته »سيدي عبد القادر الجيلاني« والعديد من أولياء الله الصالحين.

في مدينة وهران أو »الباهية« كما يطلق عليها.. حيث للمرأة زعامة قديمة.. واحترام كبير في عالم الصحراء الفسيح.. بأحجارها وكهوفها.. وحفرياتها، صنفتها اليونسكو ضمن التراث العالمي لذاكرة الصراع الأبدي للإنسان في مسيرة كسب القوت تعود لأكثر من مليون سنة.

ومن »أم الأشراف «.. »تين هنان« التي تحكي عنها الأسطورة إنها استطاعت بحنكتها .. وحكمتها .. ودهائها أن تصنع مجد المنطقة، فكانت ملكة متوجة.. وامرأة احتفظت بالجمال والقدرة الخارقة علي اتخاذ القرار.. فأمن بها الجميع حتي أن الأسطورة تقول إن هذا الأمان والحماية تعدي الرجال.. فأمنت بها النوق والغزلان.

من مدينة غارقة في القدم احترمت المرأة وتوجتها يأتي مهرجان وهران السينمائي الدولي للفيلم العربي في دورته الثالثة والذي يقام تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية »السيد عبد العزيز بوتفليقة« ورئاسة واحد من أبرز مثقفي العالم العربي »حبيب شوقي حمراوي« ليحتفي بالسينما العربية وبالسينمائيين العرب ـ وبذلك يكون هو المهرجان الوحيد الخاص بالسينما العربية في منطقتنا من الخليج للمحيط الذي يتوجه للسينما العربية وفنانيها.

وفي هذه الدورة يتم تكريم فنانة مصرية دخلت قلوبنا جميعا ليس بما قدمته من أعمال سينمائية وتليفزيونية فقط بل لما تتميز به من صدق.. وبساطة.. وطيبة علي المستوي الشخصي لكل من عرفها واقترب منها.. »يسرا« فنانة في زمن التكفير وهو اسم الكتاب الذي كتبه عنها »الناقد الكبير سمير فريد« بمناسبة تكريمها في المهرجان القومي للسينما المصرية الأخير والكتاب يعد من أمتع وأغزر الكتب التي صدرت عن فنان من تأريخ لمشوار حياته الفنية والشخصية. وفي إطار تكريم السينما الفلسطينية يتم تكريم المخرج الفلسطيني المتميز »رشيد مشهراوي« الذي اعتبر الفن سلاحا يصل به صوت وطنه إلي العالم أجمع.. كما يرأس رشيد لجنة التحكيم.. أما لجنة تحكيم الأفلام القصيرة فترأسها الممثلة اللبنانية »كلوديا مرعشيليان« وتضم في عضويتها من مصر الزميل الشاب »أحمد فايق حمزة«.

كما تكرم الجزائر مخرجها الشهيد الراحل »عبد القادر بعلولة«.

وسوف تقام علي هامش المهرجان ندوة لمدة يومين لمناقشة مشاكل السينما والسينمائيين العرب تحمل عنوان »السينما العربية بين الرؤي الكلاسيكية والرؤي الحديثة« ويشارك فيها عدد من السينمائيين والنقاد العرب.

والحقيقة أن السينما الجزائرية تاريخها طويل يعود إلي نهاية القرن التاسع عشر عندما اختار المخرج الفرنسي الجزائري المولد »فيليكس ميسجيش« تصوير عدد من المشاهد بشوارع الجزائر العاصمة ومدينة تلمسان بإشراف المخرج لوميير في خريف عام 1886 ثم في الفترة التي فصلت الحرب العالمية الأولي عن الثورة الجزائرية فعرفت تصوير خمسين فيلما لشركات أجنبية بحضور قليل للجزائريين حيث عمدت قوي الاحتلال لإلغاء المواهب الجزائرية.

وعندما قامت الثورة الجزائرية ومع إدراكها للدور الهام الذي تلعبه السينما في ساحة النضال أسس جيش التحرير الوطني أول مدرسة للتكوين السينمائي للثورة الجزائرية بجبال الأوراس بالشرق الجزائري عام 1957 بإشراف المخرج الفرنسي »رينيه فوتييه« وهو أحد أنصار جبهة التحرير الجزائرية وصاحب فيلم »الجزائر تحترق« لتكون الأفلام التي يصورونها هي أحد المدافع القاصفة في قلب الاستعمار الفرنسي ووثيقة حية من أرض المعركة تحفظ للأمة ذاكرتها. وهكذا كانت السينما الجزائرية سلاحا فعالا في المقاومة ووثيقة تاريخية وليست فقط للمتعة والتسلية لذلك لم يكن غريبا أن يظل فيلم »وقائع سنوات الجمر« للأخضر حامينا الفيلم العربي الوحيد الحاصل علي السعفة الذهبية لمهرجان »كان« وأن يكون سينمائي كبير »كرشيد بوشارب« بفيلمه »البلديون« الذي عرض في »كان« منذ عدة سنوات سببا مباشرا في تغيير قوانين المعاشات لمن شارك من الجزائريين في حرب تحرير أوروبا من النازية وأن يعاملوا مثل الجنود الفرنسيين.

 ولهذا كان من حق »الباهية« أن تتباهي بمهرجانها السينمائي العربي.

آخر ساعة المصرية في

22/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)