تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

دراما رمضان المقبل..الإبداع مصري والقضايا عربية!

القاهرة ـ حمدي رزق

برغم أن الدراما المصرية ستقدم في رمضان القادم نحو 50 مسلسلا، إلا أن أبرز هذه المسلسلات ينصب على قضايا عربية قديمة ومتجددة، انخرط صناع الدراما المصرية في تحويلها الى حلقات ذات إنتاج كبير، تتسابق جميعها الى الشاشات الفضائية العربية والمحلية، لتعرض في موسم المشاهدة الرئيسي، شهر رمضان المبارك.

البعد العربي في دراما رمضان المصرية هذا العام يعكس اهتماما من الكتاب والفنانين والمنتجين بالقضايا العربية، وهو من دون شك به بعد تسويقي، كون الشارع المصري والعربي على السواء منشغلاً كل الانشغال بحزمة من القضايا القومية المتأججة، من العراق الى فلسطين، ومن السودان الى العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، ومن السياسة الى المقاومة الى قتل العلماء المصريين والعرب.. كل هذه قضايا تشغل الدراما المصرية في رمضان هذا العام، وتطلقها من عقالها المحلي الى افاق عربية أوسع، تجعل كل مشاهد في العالم العربي يشاهد المسلسل المصري بنكهته الخاصة، من دون ان يشعر للحظة انه يشاهد مسلسلاً مصرياً.

معاداة السامية

ماذا لو قال الاعلامي الحقيقة كاملة؟ ماذا لو لم يرتب حساباته ويستشعر مكامن الخطر، وما يقال وما لا يقال؟ ..بتعبير أدق : ماذا لو لم يأخذ الاعلامي العربي قاعدة « ليس كل ما يعرف يقال « ؟..لو تكلم الاعلامي العربي عن حقيقة المحرقة النازية لليهود؟ من المؤكد أنه سيجد حبل العنصرية ومعاداة السامية معلقا فوق رقبته، بل سيجد ذاته مهددا في حياته. هذا هو مربط الفرس في مسلسل نور الشريف الجديد الذي يحمل اسم «ما تخافوش»، والمقرر عرضه في شهر رمضان المقبل. يشارك الشريف بطولة مسلسله الجديد كل من ميرنا وليد ومنى عبد الغني ( المطربة والممثلة المحجبة التي اعتزلت حينا ثم عادت الى الفن بالحجاب قبل سنوات)، فضلا عن ابنته مي نور الشريف والفنانة رجاء الجداوي.

المسلسل يحكي قصة اعلامي يدعى مكرم يلعب دوره نور الشريف، وهو يدير فضائية سياسية واخبارية مرموقة، ويتصدى للقضايا العربية الكبيرة، ويصطدم بفكرة السامية ومعاداة السامية، ليكشف المسلسل من خلال هذا الصدام حجم هيمنة الصهيونية على الاعلام العالمي، ودخولها في رؤوس أموال فضائيات الغرب، وقدرتها على اختراق فضائيات عربية بصورة غير مباشرة، وكيف سيدفع هذا الاعلامي ثمن صراحته وقوله الحقيقة المجردة. غير ان المسلسل في النهاية بأن يدعو للجبن في مواجهة هذه الدوائر، بل يبشر في النهاية بأ تخطي هذه الحواجز ممكن، وان الصمود في كشف الحقيقة، يبدد الخوف ويحرك الجبن في نفوس الجبناء، فيخرجون من جمودهم ويصبحون أكثر إيجابية.

والحق أن فكرة المسلسل على هذا النحو غير مسبوقة، صحيح أن الموضوع الإسرائيلي سبق ان تناولته عشرات المسلسلات المصرية والعربية لكن ليس من جهة معاداة السامية، ولذا فمن المتوقع ان يكون ثمة قيل وقال حول هذا المسلسل قبل عرضه.. يذكر بما أثير حول مسلسل محمد بحي في رمضان من العام 2002 والذي حمل عنوان (فارس بلا جواد) واتهم بمعاداة السامية لتناوله بروتوكولات حكماء صهيون، ومرت أزمة عرضه بصعوبة.

وسبق لنور الشريف أن تعرض للدولة العبرية في شريط سينمائي في العام 1992، كان يحمل عنوان «ناجي العلي»، وكان يحكي السيرة الذاتية لفنان الكاريكاتير الفلسطيني الشهير الذي تمت تصفيته جسدياً في ظروف غير مفهومة في العام 1987، وكان إنتاجه مصرياً ـ لبنانياً، وكان الطرف المصري في الإنتاج هو نور الشريف، وشهد تشريحاً لخارطة القضية الفلسطينية والاوضاع في لبنان في السبعينيات وفي غزو إسرائيل لبيروت في العام 1982.

ويبدو أن هذا المسلسل انما يأتي في سياق اهتمام نور الشريف بالبعد العربي في أعماله، منذ سنوات بعيدة .. والذي يحرص عليه ليكسب اعماله زخما عربيا، يتسق مع افكاره التي يروج لها في حواراته الصحافية وندواته ولقاءاته الفضائية .. التي قال في احداها انه ناصري الهوى!

البوَابة الثانية

قررت نبيلة عبيد ان تعود للدراما الرمضانية بعد خمسة اعوام من الغياب، كان آخرها مسلسلها الذي لاقى جدلا كبيرا ضده وهو «العمة نور»، بمسلسل «البوابة الثانية» الذي يتصدى مباشرة للقضية الفلسطينية، ولملف المقاومة، وفكرة الفصل بين المقاومة والارهاب، والتفريق بينهما..والعمليات الاستشهادية.
تدور أحداث المسلسل حول دكتوره في الجامعة لديها ابن يتم اعتقاله، أثناء قيامه برحلة في سيناء مع أصدقائه، داخل السجون الأسرائيلية، فتكتشف الدكتوره ذلك وتبدأ عملية البحث عنه محاوله إخراجه من المعتقل. انه أول مسلسل مصري تشارك فيه الممثلة اللبنانية « كارمن لبس «، وبلغ عدد ساعات المسلسل حوالى 20 ساعة، تم تصويرها خلال ما يقرب من 105 أيام، كان آخر المشاهد التي تم تصويرها في منطقة «رفح» الحدودية، والتي كان من المقرر أن يتم تصويرها في «غزة»، وهى المشاهد التي تقدم معاناة الأسر الفلسطينية بعد استشهاد أبنائهم خاصة تلك التي تعيشها الأمهات.

«البوابة الثانية» يناقش الخطوط المتوازية والمتشابهة بين واقعنا المصري والعربي المعاصر، المليء بأحداث وتناقضات من خلال قصة لأسرة مصرية ترتبط بعلاقة حب وصداقة مع أسرة فلسطينية.

انها ايضا محاولة أولى، للدخول بالدراما المصرية إلى رحاب القضية الفلسطينية. التي باتت فيما يبدو موضوعا اساسيا لهذه الدراما.. وستكون موضوعا لها لسنوات قادمة، كونها موضوعا رئيسيا لدى الشارع المصري..سواء عند المثقفين او العامة من الناس، من أجله يختصم الفرقاء السياسيون في مصر، ويزايد البعض على البعض، وخصوصا منذ أزمة غزة الأخيرة.

وتتوقع نبيلة عبيد وصناع مسلسلها أن يحقق النجاح لدى عرضه في شهر رمضان القادم، مستمدين توقعهم هذا من كونه يتناول القضية الأكثر شعبية في مصر الان..القضية الفلسطينية، غير ان هذا التوقع يبدو من المبكر جدا حسمه، فليس بالقضايا الكبرى وحدها ينجح العمل الفني.. وليست القضية الفلسطينية ضرورة لنجاح الدراما، فربما تعلو بها الى افاق غير متوقعة وربما العكس. الفيصل في النهاية سيكون مدى نضج التعاطي الفني.

تجسس وجريمة

بعد غياب طويل، تعود دراما التجسس المصرية الى الصورة، وتعود بطولات جهاز الاستخبارات العامة المصرية الى الظهور على شاشات التليفزيونات العربية، وهي عودة للبطولات الكبرى، التي تنعش الذاكرة الوطنية، وتضرب المثل للأجيال التي لم تشهد أيا من جولات الصراع العربي الإسرائيلي، ولا تعرف أيام البطولة والاستشهاد على الجبهة.

العود الأحمد لدراما التجسس والاستخبارات، يحمل عنوان «حرب الجواسيس»، وهو مسلسل لنجمة السينما منة شلبي وهشام سليم، كتب السيناريو له بشير الديك ويخرجه نادر جلال.

المسلسل الذي يعد من اعلى المسلسلات الرمضانية تكلفة هذا العام، مأخوذ عن رواية للراحل صالح مرسي، الذي كان شيخ رواية التجسس في مصر والعالم العربي. وكانت الرواية في جزأين وتحمل عنوان «سامية فهمي»، وصدرت في مطلع التسعينيات بعد أن نشرتها مجلة «المصور» الأسبوعية المصرية على حلقات في أواخر الثمانينيات. رواية مرسي مأخوذة من صلب ملفات الاستخبارات العامة المصرية، وتحكي قصة صحافية مصرية شابة، وتدور أحداثها عقب هزيمة حزيران ـ يونيو 1967، وهذه الصحافية (سامية فهمي، وهو اسم مستعار لصحافية مصرية لم يعلن عن اسمها حتى الان، ولا يعرف أحد من صناع المسلسل انفسهم ان كانت على قيد الحياة أم لا .. ولا سمح لهم بمقابلتها!!)، مخطوبة لشاب يدعى نبيل سالم..الصحافية مؤمنة بالوطن وبالثورة وبناصر، والشاب انتهازي أقرب الى شخصية المحتال، ويسافر الى ايطاليا هربا من الفشل في مصر، فيسقط في حبائل الموساد ـ جهاز استخبارات الدولة العبرية ـ وتكتشف سامية فهمي انه جاسوس فتبلغ الاستخبارات المصرية، ثم تطلب منها الاستخبارات أن تساعد في الايقاع به، فتلبي النداء وتدوس قلبها من اجل مصر، ومن اجل القضية العربية العادلة.

والجديد في هذه الدراما الثرية، والتي تم تصوير أغلب مشاهدها في رومانيا وايطاليا وشوارعهما، أنها تقدم البطلة وليس البطل الرجل، علما بأن المشاهد العربي تعود هذه البطولات الاستخباراتية من الرجال، لاسيما بعد أن صار «رأفت الهجان» علما على دراما التجسس، وقبله وبعده أبطال كانوا جميعا من الرجال.

والأمر الثاني، أن المشاهد الذي بات متعطشا للبطولات في هذا الزمن سيجد ضالته حتما على الشاشة مع عرض سامية فهمي أو حرب الجواسيس، لاسيما مع قدرة الديك على كتابة السيناريوهات الناجحة لهذا اللون من المسلسلات، فضلا عن الاتيان ببطلة شابة ذات شعبية كبيرة هي منة شلبي..

وهذه الدراما ـ حرب الجواسيس ـ وان كانت تجسد بطولة مصرية، الا أنها تجسد في الوقت ذاته صفحة مهمة من الصراع العربي الاسرائيلي، الذي لا يمكن فيه فصل النضال المصري عن النضالات العربية الأخرى، ولا يمكن حساب نضال طرف لنفسه فقط، لاسيما ان منبت الصراع هو القضية الفلسطينية وليس قضية مصرية، فهذه القضية المصرية لم تنشأ سوى بعد هزيمة 1967، وكانت مصر قد دخلت صراعا مسلحا مع اسرائيل قبل هذا التاريخ بتسعة عشرة عاما.

ومن قضية الصراع العربي الاسرائيلي في صيغته الاستخباراتية، الى قضايا واهتمامات عربية أخرى..ثمة اهتمام واضح بقضية قتل وتصفية واستقطاب العلماء الكبار من مصر والعالم العربي ليعملوا في أميركا، أو ليعملوا في صالح الغرب أو اسرائيل..التي قتلت من قبل عددا من العلماء الذين توفوا في ظروف غامضة مثل سعيد السيد بدير عالم الذرة ونجل الفنان الراحل سيد بدير داخل شقته بالإسكندرية في حزيران ـ يونيو العام 1988 بعد عودته من ألمانيا هو وزوجته وأولاده. وأكدت زوجة بدير وقتها ضلوع المخابرات الإسرائيلية «الموساد» في اغتيال زوجها.

كما توفي علماء ذرة مصريون في فترات سابقة على هذا الحادث في ظروف مشابهة ووجهت أصابع الاتهام إلى «الموساد» وجهات استخبارية غربية بالضلوع في اغتيالهم، من بينهم الدكتور سمير نجيب الذي اغتيل في مدينة ديترويت الأمريكية في اب ـ أغسطس العام 1967 عندما أعلن عن نيته الرجوع لمصر وحجز مقعدًا على الطائرة المتجهة.

ومن بين علماء الذرة المصريين الذين تم اغتيالهم أيضا العالم الدكتور مصطفى مشرفة أحد تلاميذ العالم ألبرت إينشتاين، وأحد أهم مساعديه في الوصول للنظرية النسبية حيث توفي في 16كانون ثان ـ يناير 1950.

و تواترت أنباء عن ضلوع «الموساد» في دس السم له أو ضلوع أحد المقربين من الملك فاروق بسبب تشكيل مشرفة جماعة تحت اسم «شباب مصر» من المثقفين والعلماء والطلاب تهدف لإقصائه عن الحكم كما اغتال «الموساد» أيضا عالم الذرة المصري يحيى المشد في فرنسا في 13 حزيران ـ يونيو 1980 في غرفته بفندق ميريديان بباريس على خلفية توليه الإشراف على البرنامج النووي العراقي ورفضه بعض شحنات اليورانيوم الفرنسي غير المطابق للمواصفات العلمية.

هؤلاء جميعا أثاروا خيال صناع الدراما المصرية، لتقدم في رمضان المقبل مسلسل تيسير فهمي الجديد «جنة ونار»، وهو وان كان قصة خيالية، الا أنه يجري على نفس المضمار، من حيث كونه يرصد محاولات جذب العلماء النوابغ في مصر والعالم العربي للعمل في الولايات المتحدة، وابعادهم عن أية برامج علمية من شأنها تقوية الموقف العربي التقني والعسكري والاقتصادي أمام الدولة العبرية.

في رمضان المقبل أيضا، سنتابع مسلسل «ليالي» الذي تقوم ببطولته «زينة «، وهو قصة فتاة هربت من منزلها وامتهنت الفن، ودخلت في علاقات متعددة مع رجال أعمال عرب، بعضهم استغلها في مؤامرات من تخطيط اللوبي الصهيوني لضرب مؤسسات اقتصادية ضخمة في مصر، وبعضهم أحبها بصدق.

وفي السياق يلتقي رجل أعمال لبناني بالصبية المصرية ويتزوجان ليكون الأمر سبباً للخلاف مع زوجته الأولى المقيمة في لبنان .. الأمر الذي جعل البعض يربط بين المسلسل وبين قصة مصرع المطربة اللبنانية سوزان تميم.

ويعترض صناع العمل على هذا الربط مبررين ذلك باًنه لا يوجد تقارب بين القصتين، فعلاقة «ليالي» الفنانة برجال الأعمال، هي نموذج لا يقتصر على الراحلة تميم ولا على «ليالي» فقط، حياة الناس تتشابه بشكل كبير ومن هنا ربما وجد البعض تقاطعات وتشابهات. والسؤال يصبح، هل تُقتل «ليالي» في الحلقة الأخيرة من المسلسل؟ الجواب يحصل عليه المشاهدون في نهاية رمضان المقبل.

ويشارك في المسلسل ممثلون لبنانيون هم عمار شلق، ماغي أبو غصن، هيثم اسماعيل ورولا شامية.

المستقبل اللبنانية في

19/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)