تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

"احكي يا شهر زاد".. امرأة حمل ورجل ذئب

محمود عبد الرحيم

أثار الفيلم جدلا واسعا بين النقاد

"احكي يا شهرزاد" فيلم أثار ضجة ولا يزال، للدرجة التي تدفعك بقوة للسعي وراء مشاهدته، خاصة إذا ما عرفت أن أسماء ذات بريق تتصدره، ولأول مرة تلتقي معا مثل: السيناريست وحيد حامد، ومخرج رائعة "باب الشمس" يسري نصر الله.

فضلا عن العنوان الجذاب الذي يحيلك إلى أروع القصص في تراثنا الثقافي وإن نقلناها عن الهند، ما يثير شهيتك ويرفع سقف توقعاتك بشأن درجة عالية من المتعة والاندهاش والقيم الفكرية والجمالية الملفتة، لكن يبدو أن مقولتي "ليس كل ما يلمع ذهبا" و"من رأي ليس كمن سمع" ينطبق بقوة على هذا العمل وما أثير حوله من ضجة تدخل في باب الدعاية المجانية أو المخططة.

معطيات خاطئة

فالفيلم لا يعدو عن كونه مقبولا وليس جيدا من كثرة الافتعاليات والصور النمطية والديالوجات المطولة والحبكات الفرعية العديدة داخل الحبكة الأصلية التي تشتت ذهنك وتجعلك تتساءل باستمرار: ماذا بعد؟ ومتى النهاية؟ لأن صناع الفيلم لم ينجحوا في الاحتفاظ بتركيزك من أول مشهد وحتى النهاية.

ولأن المقدمات انطلقت من معطيات خاطئة فالنتائج أتت مماثلة تماما، فالسيناريو والذي يستحق أن نتوقف عنده  طويلا لأنه الأساس الذي نهض عليه العمل، يتعامل بمنطق التنميط ويقدم افتراضات أحادية النظرة مرتبكة بتوجه أشبه بخطابات النساء اللائي لا يرون في الحياة إلا نموذجا واحدا للرجل الذئب والمرأة الحمل، الرجل مصدر الشر المطلق والمرأة مصدر الخير المطلق، وأن المجتمع تحكمه السلطة الذكورية التي يجب أن يتم التصدي لها ولو بالعنف.

فكل نساء وحيد حامد بصرف النظر عن خلفيتهن الثقافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، مظلومات ومقهورات من رجال أشرار ومجتمع ذكوري، وأنهن لا حول لهن ولا قوة، ومن تقتل فيهن مثل صفاء (رحاب الجمل) مبرر فعلها لأن وراءها رجل شهواني خائن سعيد (محمد رمضان)، ومن تفضل العنوسة وتعزف عن الزواج حتى الكهولة مثل أماني (سوسن بدر) وراء تعاستها رجل أناني مستغل حسين الإمام، ومن تمارس النفاق الديني وترتدي الحجاب على غير قناعة مثل سلمى حايك المصرية (فاطمة) وراءها رجل أو مجتمع يحترف القهر، ومن تتعرض لتجربة زواج فاشلة مثل طبيبة الأسنان ناهد (سناء عكرود) وراءها رجل نصاب وانتهازي أدهم (محمود حميدة)، ومن ترفض أن تتنازل عن مبادئها ونجاحاتها من أجل صعود الزوج مثل المذيعة هبة (منى زكي) وراءها رجل حقير وناكر للجميل كريم (حسن الرداد).

لا نموذج واحدا يقدمه "وحيد حامد" لرجل جدير بالاحترام ولو من باب التوازن والانسجام مع الواقع، وكأنه اختزل الحياة في الرجال الأشرار والنساء الأخيار، رغم أن واقع الحال يقول إن الخير والشر متلازمان وإن الرجل والمرأة  في نهاية الأمر إنسان يحمل الخير والشر.

بين الجنس والحجاب

ثم إن مساحة الجنس أو بالأحرى الإيحاءات الجنسية والحجاب في كثير من الأحيان مبالغ فيها وليس لها ضرورة درامية، على العكس تنتقص من قيمة الفيلم ولا تضيف له، على المستوى البناء الفني والفكري للعمل وليس من منطلق أخلاقي فقط.

فليس منطقيا أن يكون كل لقاءات الزوج والزوجة المذيعة ونقاشاتهم حتى لو في قضايا عامة على السرير، فكان بالإمكان قول الكثير بشكل هامس وليس بهذه الحسية المفرطة والفجة التي تستهدف العزف على وتر الغرائز دون أية دلالات جمالية أو فكرية، ثم لماذا الإصرار على تجسيد كل فعل له علاقة بالجسد مثل عملية الإجهاض التي جرت لطبيبة الأسنان. ثم حديث المذيعة بدون داع مع السيدة العانس عن حكاياتها الجنسية وكيف تقوم بإشباع نفسها والإصرار أن تحكي لها كل تفصيلة.. هل ثمة مغزى كبير من وراء ذلك أم أنه عزف آخر على وتر الاستثارة ومغازلة جمهور المراهقين وشباك التذاكر؟

ونفس المنطق ينسحب على مساحة الحديث عن الحجاب، فكان له ضرورة درامية فقط في الفيلم في مواضع قليلة من قبيل إخبارنا بأن هذه الفتاة المثيرة التي تهتم بمظهرها وأنوثتها للدرجة التي باتت تحمل لقب "سلمى حايك المصرية" وتعمل في متجر للعطور وأدوات التجميل، تضطر تماشيا مع طبيعة تقاليد مجتمعها وسكنها في العشوائيات أن ترتدي الحجاب في نهاية اليوم وهي عائدة. كما أن المواجهة التي جرت بين السيدة العانس والرجل الذي تقدم لخطبتها في الماضي لدى الاتفاق على ترتيبات الزواج وحديثه عن ضرورة أن تحتشم وترتدي الحجاب كان مهما لأنه عكس سلوكا سائدا لدى الرجال في مصر الذي ينبهر بالفتاة المتحررة لكنه حين يفكر في الزواج يفضل الارتباط بزوجة محجبة أو تقبل بالحجاب بصرف النظر عن تدينه من عدمه، وعما إذا كان مرتشيا ويمارس الابتزاز والاستغلال لمن حوله أم لا؟ ما يعكس نفاقا مجتمعيا وانفصاما بين القناعات والسلوك.

غير أن المشهد الذي جرى في  المترو وأراد أن يقول من خلاله الفيلم إن كل نساء مصر محجبات أو منقبات ومن لا ترتدي أحدهما تصبح محل ازدراء أو استهجان، وأن الحجاب يتم إجبار البنات عليه، أتى بصورة تحوي مبالغة شديدة، إذ جعل عربة السيدات في المترو كلها منقبات أو محجبات إلا المذيعة لدرجة أوصلتها إلي الإحساس بالنقص وبمجرد ما عرضت عليها إحدى المنتقبات شالا لتغطي رأسها لم تقاوم وفعلت دون تردد بل إنها ذهبت إلى المول التجاري مرتدية إياه على ملابس عصرية غير منسجمة معه.

هذا الطرح يسيء إلى المرأة التي يدافع عنها حسبما يخبرنا سياق فيلمه، على العكس ينتقص منها ويجعلها مجرد دمية يحركها من حولها دون تفكير أو إرادة، وفي نفس الوقت يكشف عن تناقض وتهافت الرؤى التي يسوقها الفيلم.

أخطاء بنائية

وشابت بعض المشاهد أخطاء بنائية ظهرت بصورة أكبر مع الشخصيات التي مالت نحو الافتعال ومنها شخصية صفاء (رحاب الجمل) الشابة العاقلة الناضجة والمتدينة والتي يظهر تناقضها في مشهد محاولة التحرش بها من قبل العامل في المحل، إذ جاءت ردة فعلها غير متسقة مع الملامح التي قدمها بها الفيلم إذ تقبل أن تهبه نفسها بعد أن تتمنع بحجة الحرام!!

وإذا توقفنا عند العنوان ذاته فرغم جاذبيته فإنه لا يعبر عن مضمون الفيلم بأي صورة من الصور، فشهرزاد كانت هي التي تقوم بفعل الحكي من أجل تشويق الملك شهريار وجعله يؤجل قتلها ليلة وراء أخرى، بينما المذيعة هنا "الأنثى" تستمع إلى أخريات "أنثي" أيضا، في غياب رجل يحكون عنه وعن شروره، ثم إن الحكايات ذاتها لم تكن مشوقة ولم تحتفظ بانتباهنا ولم نرغب في إكمالها ولم ننتظر المزيد، ووفق هذا الطرح فلا معنى لهذا العنوان ولا يحمل دلالة، والمقاربة مع القصة التراثية خاطئة.

بين السيناريو والإخراج

ومن الإنصاف أن نفرق في هذا العمل بين أهم عنصرين فيه.. السيناريو والإخراج، فالأخير على العكس تماما يتميز بحساسية خاصة وبرؤية فنية مميزة كعادة نصر الله، ونلمس هذا من قبل بداية الأحداث، من "التتر" المختلف الذي ينحى منحى رمزيا إذ يسعي من خلاله إلى تلخيص التيمة الأساسية للفيلم من خلال معادل بصري اعتمد فيه على أدوات المطبخ وبعض الخضراوات خاصة الطماطم التي بدت كما لو كانت ترمز إلى المرأة الجيد منها والمعطوب، وبدا الرجل أشبه بمجموعة الشوك المرصوص في طبق وكأنها أشبه برماح تتأهب للنيل من الطماطم.

ثم المشهد الأول الذي مهد به إدخالنا إلى أجواء العمل من خلال تجسيده الحالة الكابوسية بشكل ملفت ومشوق من خلال توظيف أصوات مختلفة كبكاء طفل أو آلات إيقاعية أو أصوات طبيعية كصوت الريح أو طرقات على الباب وارتطام شيء ما مع حركة الستائر والتجول بالكاميرا شمالا ويمينا ولأعلى ولأسفل في أرجاء الشقة، على خلفية مظلمة ثم إضاءة خافتة قبل الدخول إلى غرفة النوم ونهوض المذيعة مفزوعة من نومها.

كما أن نصر الله كان يحرص على استخدام لقطات من وراء حاجز زجاجي أو توظيف المرايا للاستفادة من الإيحاءات التي توفرها من قبيل المواجهة وكشف الحقيقة مثل لقطة الصحفي الانتهازي مع رئيس تحريره الذي يسعي لأن يخلفه أو لقطة المساومة بين الخبير الاقتصادي وزوجته  في الجراج أو لقطة المذيعة أمام المرآة عقب الاعتداء عليها من قبل الزوج وترك آثار على وجهها.

إلى جانب حرصه على توصيل معان متناقضة ومقاربات بشكل بصري جيد مثل اللقطة التي جمعت المذيعة وزوجها في الحمام وجعل الزوج يجلس في مكان التبرز وما يوحيه من تقزز وجعل الزوجة تجلس في ماء وصابون في البانيو وما يوحيه من تطهر ونقاء.

ويبقى مشهد النهاية مسايرا لفكر السيناريست، إذ يتنقل بالكاميرا من وجه المذيعة المشوه إلى أرجاء الأستوديو ويتوقف عند الجمهور الذي كله من النساء، مشيرا إلى أنهن ضحايا أو مشاريع ضحايا لعنف الرجل "الشرير" ثم ينهي فيلمه بخلفية بيضاء كدلالة على نقاء المرأة "رمز الخير المطلق" ليعيدنا إلى السياق الذي رصدناه منذ البداية وتحفظنا على معطياته ونتائجه المبالغ فيها والمتجاوزة للواقع.

ناقد سينمائي

إسلام أنلاين في

16/07/2009

 

السينما النظيفة.. صراع الفنانين والملتزمين

القسم الثقافي  

السينما النظيفة مصطلح مثير للجدل

أثار إعلان الفيلم المصري "احكي يا شهرزاد" على شاشات التلفزيون جدلا واسعا قبل عرض الفيلم في دور السينما؛ إذ حملت المشاهد المتلاحقة لإعلان الفيلم الكثير من الهواجس حول الفيلم وبطلته التي بدت كمن خرج من ثوب السينما النظيفة التي قدمتها على مدى عشر سنوات؛ وهو ما دفع مجموعة من الشباب الملتزم والمؤمن بفكرة "السينما النظيفة" لتجنيد جهودهم لمهاجمة الفيلم وصناعه وتحديدا منى زكي، على موقع "الفيس بوك".

جاء هجوم محبي منى زكي انطلاقا من تاريخها السينمائي الذي بدأته مع موجة ما أطلق عليه "السينما النظيفة" التي لا تتضمن أفلامها قبلا أو مشاهد حسية بين البطل والبطلة؛ وهو الأمر الذي لاقى استحسانا كبيرا من الجمهور وما زال، وكان سببا دفع به البعض تفسير ازدهار إيرادات السينما خلال السنوات التسع الأخيرة.

لكن مع ظهور "منى زكي" بطلة السينما النظيفة في فيلم مختلف عما اعتاد الجمهور رؤيته منها، ورفضها كون ظهورها في الفيلم جاء مخالفا لمفهوم "السينما النظيفة"، أصبح من حق المشاهد معرفة ماذا تعني بالسينما النظيفة؟ وأصبح من حق "منى زكي" معرفة ما صورة السينما النظيفة التي يختزنها عقل المشاهد البسيط؟ مع التأكيد على أن هناك آراء ترى أن مفهوم السينما النظيفة هو مفهوم محير ولا يمكن ضبطه والسينما في غنى عنه.

فما هي السينما النظيفة؟ وما مقياس الحكم عليها في ظل اتكاء مجموعة من الأفلام الضعيفة فنيا وفكريا عليها؟ وهل خلو الفيلم من المشاهد الحسية أو اللقطات المثيرة يجعله فيلما نظيفا في ظل احتواء أفلام من هذا النمط على الكثير من الأفكار الهدامة والقيم المادية الغربية؟

شارك برأيك عزيزي القارئ في مساحة أضف تعليقك، ودون موقفك من السينما النظيفة وتصورك لها ولإمكانياتها، عسى أن تكبر كرة الثلج هذه لتصبح مفهوما متبلورا ومتكاملا.

إسلام أنلاين في

13/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)