تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

القضية الفلسطينية في حاجة إلى أعمال درامية توثقها

الدراما العربية تتفطّن أخيرا إلى فلسطين!

حذام خريّف

يبدو أن الحظ سيحالف القضية الفلسطينية من ناحية الإنتاج الدارامي في الموسم الرمضاني القادم حيث تشير الأخبار الفنية إلى أن هذا العام سيشهد تطوّرا لافتا في عدد المسلسلات المزمع عرضها والتي تدور في فلك الملحمة الفلسطينية، منها "كتائب علي الثلج" بطولة جمال سليمان وسلاف فواخرجي، و"متخافوش" الذي يقول عنه بطله نور الشريف إنه يفضح الحركة الصهيونية وينادي بحق العودة للفلسطنيين.. والعمل الآخر،الذي لم تتحدد ملامحه بعد، هو مسلسل "القدس" إخراج الفلسطيني – السوري باسل الخطيب الذي كتبه منذ حوالي عشر سنوات وأعادت إحياءه مجزرة غزة الأخيرة.

وكان المخرج السوري نجدة انزور أعلن عن عزمه تقديم مسلسل جديد يتناول موضوع القضية الفلسطينية وهو مقتبس عن رواية الفلسطيني ابراهيم نصر الله "زمن الخيول البيضاء"، وفي نفس السياق ذكر المخرج يوسف رزق أن أحداث العدوان الإسرائيلي على غزة حاضرة بقوة في مسلسل "سفر الحجارة".

فهل ستتاح لهذه الأعمال فرصة للتسويق في أكثر من فضائية واحتلال مساحة عرض هامة، أم أن مصيرها لن يكون أفضل من غيرها، مثل مسلسل "الاجتياح" الذي تجاهله العرب وكرّمه الغرب؟. وهل هذه هي البداية نحو استفاقة فضائية عربية درامية للدور الجوهري للإعلام في نشر القضية الفلسطينية وحفظها للأجيال القادمة؟ أم هي مجرّد أعمال جادت بها أحداث غزة الأخيرة واستغلتها جهات الانتاج للترويج والربح؟.

بالعودة إلى تاريخ الدراما العربية وأيضا إلى تاريخ النكبات الفلسطينية/العربية، نلاحظ أن هناك "تجاهلا" للقضية الفلسطينية تلفزيونيا. وبقيت المسلسلات التي تناولتها الدارما العربية مجرّد تجارب مبعثرة، وحتى إذا رأت النور فلا تقبل عليها أكثر من فضائية أو اثنتين، رغم أن مثل هذه الأعمال مرشحة لأن تحقق نسبة مشاهدة عالية، لما يكنّه المشاهد العربي في كلّ أقطار الدنيا من مشاعر خاصة للقضية الفلسطينية.

تجنّد اسرائيل ميزانيات ضخمة واسطولا إعلاميا يفوق الخيال، تتزعّمه كبرى امبراطوريات الانتاج السينمائي والتلفزيوني في العالم، بدءا من هوليوود وصولا إلى روبرت مردوخ، أحد أباطرة الإعلام في العالم، الذي يعشق الصهيونية وملتزم بكافة توجهاتها ومبادئها. وتعتبر مجموعة مودوخ الإعلامية "نيوز كورب" "News Corp" من أهم المؤسسات العالمية التي تحرص جمعية الصداقة الأمريكية الإسرائيلية "اللوبي اليهودي" على شكرها؛ لدعمها "الدولة العبرية" إعلاميا واستثماريا.. فيما تبقى القضية الفلسطينية موضوعا هامشيا، يستعمله الإعلام العربي كورقة مربحة في حالة حدوث أي عدوان أو مجزرة جديدة، فيما عدا ذلك تبقى أحداث القضية مجرّد عنوان في نشرات الأخبار.

لقد تجاوز عمر القضية الستين، ويبلغ عدد المسلسلات العربية المنتجة في السنة المئات، ولكن البحث في أرشيف القنوات التلفزيونية العربية يكشف فقرا مدقعا بخصوص الأعمال الدرامية التي تناولت المأساة الفلسطينية، فهي معدودة وقليلة جدا، وأغلبها أعمال أردنية وسورية. أما المسلسلات المصرية فنادرا ما تطرّقت إلى القضية بشكل مستقل، وتتم الإشارة إليها فقط كجزء من أحداث تاريخية لا يمكن عزلها عن مسار معين نظرا لارتباط القضية، في محطات كثيرة، بتاريخ مصر.

وقد كانت الدراما الأردنية والسورية أكثر من تناول هذا الموضوع سينمائيا وتلفزيونيا. فقد انتجت سوريا عديد المسلسلات على غرار مسلسل "عز الدين القسام" "1985"، و"نهارات الدفلى" "1995"، وأيضا مسلسل "عائد إلى حيفا"، عن رواية غسان كنفاني "2005"، ولم يقابل بالرواج الذي يستحقه رغم مستواه الفني الجيد، والشهرة التي حققتها الرواية. كذلك في العام نفسه انتج مسلسل "عياش" عن الشهيد يحيى عياش، ولم يعرض إلا في فضائية "المنار" التي انفردت أيضا بعرض مسلسل "الشتات.

من جهته قام التلفزيون الأردني بانتاج العديد من المسلسلات منها "باب العمود" ومسلسل "الدرب الطويل"، الذي لم يلق رواجا في الفضائيات العربية، ولم يعرض إلا في الفضائية الأردنية وفضائية دبي، كونها منتجة العمل، والفضائية الفلسطينية، وهو ما حصل أيضا مع المسلسل الرائع "التغريبة الفلسطينية"، وهو عمل سوري أردني مشترك يعتبر أحد أهم الأعمال الدرامية التي قدمت القضية الفلسطينية.

إن تواضع توزيع الأعمال الدرامية التي تضع يدها على الجرح، الفلسطيني والعربي، يعود بالأساس إلى استراتيجيتها الفضائيات العربية، إذن تتحكّم هذه الاستراتيجية في طبيعة الأعمال الدارمية ومضامينها، والقضية الفلسطينية من المواضيع الحساسة التي تتفادى كثير من الفضائيات العربية الغوص فيها.

لم تأخذ مسلسلات الموضوع الفلسطيني حقّها في فرص التسويق والترويج اللازمين، وقوبلت أحيانا بعدم اهتمام، نظرا لخوف بعض الفضائيات من عرضها، ربما لأنها تعتبرها "مقلقة" وغير محبذة، الأمر الذي فرض نوعا من الحصار عليها.

وقد لقّن مسلسل "الاجتياح" الفضائيات العربية درسا عظيما جعلها تراجع إقبالها الضعيف على مثل هذه المسلسلات. فقد رفضت المحطات التلفزيونية العربية عرض هذا المسلسل ولم يجد سوى الفضائية اللبنانية "LBC" التي غامرت بعرضه، ثمّ تحولت هذه المغامرة إلى سبق اعلامي، بعد أن نال "اجتياح" شوقي الماجري جائزة الـ"ايمي" العالمية. فسطع نجم المسلسل وأصبح المشاهد العربي لا يفتح أية فضائية إلاّ وشاهد فيها "الاجتياح".

القضية الفلسطينية وكذلك الذاكرة العربية في حاجة ماسة إلى أعمال درامية توثق الحاضر للأجيال القادمة، وليس هناك أفضل من الإعلام، والتلفزيون بالتحديد، لتأريخ ذلك، وهمااليوم السلاح الأكثر تأثيرا في هذا الصراع..

العرب أنلاين في

12/06/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)