تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

سد بوجه المحيط الهادئ..

الجانب المشرق من المستعمرات

ترجمة: إيمان قاسم ذيبان

عن/ اللوموند الفرنسية

يوماً ما ستتذكرين أيتها النبتة من زرعك؟

من وضع بذورك؟

من حصدك؟

يوماً ما، سأعود حتماً.. ولن أنساك مهما طال الزمن...

 

فيلم مفعم بالآلام الإنسانية والمواقف المكدرة والعواطف المثيرة. وكيف لا وهو وليد لسينما كلاسيكية ذات منحى مثالي تقريباً ومقتبس بالأساس عن رواية تحمل الأسم نفسه للكاتبة (مارغريت دورا) التي تم اختيارها لنيل جائزة (الكونكورد) في العام 1950والمنشورة حصراً لدى دار النشر المعروفة (فوليو).

تبدأ أحداث الفيلم في عام 1931 حيث تحصل (آن) المرأة الفرنسية البرجوازية التي(جسدت دورها الممثلة القديرة إيزابيل هوبيرت) على قطعة أرض متاخمة لخليج سيام في كمبوديا بعد وفاة زوجها الذي عمل موظفاً في المستعمرات التابعة للحكم الفرنسي.

كان شغلها الشاغل هو الحصول على قطعة أرض لزراعة الأرز والعيش بسلام مع أبنها جوزيف ذي العشرين عاماً وأبنتها سوزان في ربيعها السادس عشر.. إلا إنها تفاجأت بأن الإدارة المركزية منحتها أرضاً مالحة وصلبة. لذا قررت وبغية مقاومة البيروقراطيين الفاسدين الذين احتالوا عليها وهددوها بالطرد البدء بمشروع ذي فكرة جنونية يتمثل ببناء سد بوجه المحيط وبمساعدة أهالي القرية لتؤمن المياه اللازمة للزراعة وبالتالي تخدم الفلاحين الساكنين في الضواحي القريبة منها.

ولإدارة مشروعها الصغير بحذق، توجب عليها تصفية ديونها واستثمار مدخراتها بالكامل. وتدريجياً أخذت  العوائق بالازدياد. فقد منحت آن المتعبة والمسكونة بأفكار التنفيذ الحرية  شبه الكاملة لولديها ظناً منها بحسن تصرفهما في الأمور. في حين، جعل منها ظهور السيد (جو) (وهو أبن مزارع صيني معروف ورجل أعمال ذو سلطة ونفوذ كبيرين)، امرأة عديمة الذمة تدور حولها الشكوك حد اتهامها بممارسة البغاء. وطوال بقائه في هذه المستعمرة لم يكف الأخير عن الاهتمام بسوزان التي سرعان ما وقع في غرامها. محاولاً شراء مفاتن هذه المراهقة المحبة للملذات مشبهاً إياها بحجر ماسي نفيس يشوبه عيب واضح يحط من قيمته ونجح في الوصول إلى مبتغاه الذي سعى لأجله.

ولابد من القول أن المخرج الكمبودي (ريتي بانج) أراد لشخصية السيد جو أن تصبح نقطة تقاطع لأفكار خيالية بين عالم أصحاب الأرض المضطرب بسبب سياسة التهجين التي تلوح بالأفق وعالم المستعمرين الذين يرون في هذا المزارع تجسيداً لشخصيتهم لأن الاثنين عملا على استغلال القوى التي يمتلكانها بشتى الأشكال.

كما تدور الأحداث بحماسة واندفاع وقساوة بغية التعبير عن صورتين مجازيتين للفساد. تمثلت الأولى بتشويه نضال الأم لنيل استقلالها إزاء جشعها المفرط الذي دفعها للتضحية بابنتها، أما الثانية فتمثلت بتشويه معالم الحلم الحضاري للإدارة الاستعمارية الذي تلاشى إزاء فساد الضباط المرتشين ووحشية الجنود الذين تمادوا في القتل والترويع. والوحيد الذي نجا من هذا المحيط المتقهقر هو الابن جوزيف بشراسته وفظاظته في التعامل مع الآخرين.

وظهرت التغييرات المفاجئة بصورة جلية بفضل الممثلة إيزابيل هوبيرت التي استوفت جوانبه مبينة أبعاد القضية من زواياها كافة. ونستطيع أن ننسب إليها هذا السيل من الصفات، فهي (المحتالة والماكرة والشجاعة والفظة والهزيلة وسيئة النوايا إزاء الآخرين). وبينت هذه الصفات نماذج من الاختلافات الرئيسية في شخصيتها.

ومع(سد بوجه المحيط الهادئ)، أنهت إيزابيل الدور الأخير لثلاثة أفلام جسدت ببراعة أدواراً محورية لأمهات متعلقات بأصلهن ومسكونات بعصاب نفسي وأسري، يرغمن على ترك منازلهن والهجرة بعيداً عن أوطانهن. وأثنت أدوارها على التمسك بالهوية الوطنية والمغالاة في عمل الإنسان إلى حد التعب والإنهاك.

المدى العراقية في

11/05/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)