تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

حجاب الحب الضجة البرلمانية والإعلامية التي خدمت الفيلم وظلمته

نبيلة رزايق من الجزائر

أثار الفيلم المغربي"حجاب الحب" لمخرجه عزيز السالمي ضجة برلمانية وإعلامية قبل وبعد عرضه بقاعات السينما في  المغرب، مُحققاً بعد فترة وجيزة من عرضه أعلى الإيرادات. غير أن الكثير من الأقلام النقدية السينمائية المغربية أجمعت على أن"حجاب الحب" لا يستحق سينمائياً كل الهالة البرلمانية والإعلامية التي دارت من حوله، وأن غالبية الذين شاهدوا الفيلم  جاءت مشاهدتهم له كحركة إرتدادية لزلزال الضجة الاعلامية التي صاحبته، وأيقظت فيهم رغبة الفضول، تطبيقا للمبدأ القائل "الممنوع مرغوب" أو دعماً للإنتاج السينمائي المحلي الذي اعتاد المواطن المغربي على مساندته ظالما أو مظلوما، حاله في ذلك حال  كل المغاربة.

عدوى الضجة الإعلامية

وهناك من قال أيضاً أن "حجاب الحب" هو أول الأفلام الطويلة  لعزيز سالمي في عالم الفن السابع،  لكنه لم يرقَ بحسب ما ذهبوا إليه لتجاربه التلفزيونية  أو المسرحية التي اشتهر بها، وأمام كل هذه القراءات ما كان منا الا ترقب أي فرصة لمشاهدة هذا العمل، حتى لا ننحاز لقراءة دون أخرى.
لكن ومن بعد ما حدث بالمغرب، انتقلت عدوى الضجة إعلامية للجزائر، التي لم يشاهد فيها الفيلم الى غاية كتابة هذه السطور، حتى بما فيهم من إنتقدوا مخرج "حجاب الحب" وأبطاله وكان نقدهم على ضوء ما كتبته الصحافة المغربية وانحسرت كتاباتهم بالأساس، على خلفية  اختيار المخرج عزيز سالمي للممثلة الفرنسية من أصول جزائرية "حياة بلحلوفي" لأداء دور"البتول" بطلة فيلمه. إذ أسقطت الكثير من هذه الأقلام الأمر في دائرة الصراع السياسي بين البلدين وعنوّنته، أسفا، تحت بند المؤامرة التي تحاك من المغرب ضد الجزائر وأن المخرج يشهِّر بالمرأة الجزائرية، بالنظر للدور الذي قدمته بلحلوفي في هذا الفيلم، خاصة فيما يتعلق باللقطات الحميمية التي جمعتها بالبطل "حمزة" وقام بدوره المطرب والممثل يونس مقري، الذي ربما غاب ويغيب على الكثير من الجزائريين وربما حتى المغاربة أنه من أصول جزائرية أيضاً، كما أكد لنا ذلك بنفسه، وبين الزوبعة الاعلامية بالمغرب وشقيقتها بالجزائر ضاع الفيلم منا، لكننا ولحسن الحظ مسكنا بخيوطه ومجرياته بالشقيقة تونس عندما سمحت لنا الظروف، لمشاهدته ضمن الأفلام المتنافسة بالدورة الأخيرة لمهرجان الدولي لأفلام الطفولة والشباب بسوسة خلال شهر آذار الماضي.

قناعة لا تتزعزع

أكد لنا المخرج عزيز سالمي في إحدى النقاشات الجانبية التي أعقبت عرض الفيلم مؤخراً بمهرجان سوسة، أن كل التعليقات المشتركة بين الصحافة الجزائرية والمغربية يتفهمها ويصبها في إطار النقد السينمائي، متعجبا كيف يتم التحامل على فيلم لم يشاهده الكثير ممن كتبوا عنه، سواء في المغرب أو  الجزائر، معرباً عن تمسكه بفيلمه وأنه قد أنجزه بقناعة ذاتية وفنية لا يمكن أن تتزعزع بسبب الانتقادات التي قيلت فيه.

لكنه بالمقابل إستغرب تلك الكتابات التي وجهت إليه إتهامات جارحة، حسبه، على ضوء اختياره لحياة بلحلوفي الممثلة فرنسية من أصول جزائرية كبطلة لفيلمه المذكور، مندهشاً للقراءات التي أعطيت لهذا الاختيار وكيف صبها البعض في إطار الإساءة للمرأة الجزائرية وللجزائر على الخصوص، بسبب اللقطات الحميمية التي قامت بها خلال الفيلم، مؤكداً أن هذه الفكرة بالذات لم ولن تخطر بباله، لأنه يكن معزة كبيرة للجزائر والجزائريين، مشيراً أن ذات الدور كان قد اقترحه قبل ثلاث سنوات على هند صبري الممثلة التونيسية المقيمة بمصر، لكنها إعتذرت لارتباطها بعقود كثيرة، أما إختياره لحياة بلحلوفي فجاء من منطلق فني لا غير وكان عن طريق المصادفة وليس لأنها جزائرية، وكان من خلال عملية بحث على شبكة الانترنت أعجب بشكلها واتصل بها واتفقا على العمل سويا. 

أي شخص يتابع مجريات هذا الفيلم  من دون أن ينطلق من الخلفيات الاجتماعية والسياسية السالفة، يشد اليه ويخرج منه وبرأسه علامة استفهام كبيرة، لماذا كل هذا الضجيج الإعلامي والبرلماني، حول هذا الفيلم العادي جدا، بصورته وقصته، ومجريات أحداثه. فعلى الرغم من أن عنوان الفيلم "حجاب الحب" والضجة كانت من حول هذا الحجاب، الا ان المتتبع له يخرج بشعور أن موضوع الحجاب برمته، شماعة علقت عليها مجريات أحداث هذا الفيلم، وظلمته بالأساس عن قصد أو غير قصد.

أين الحجاب؟

فالمتتبع للمشاهد الأولى للفيلم يسأل من اللقطة الأولى: أين الحجاب الذي تحدث الجميع عنه؟ لا وجود له مع بدايات الفيلم، بل نفاجأ بأناقة وجمال البطلة "حياة بلحلوفي" التي تنحدر من أسرة ميسورة ومحافظة وتعمل كطبيبة بأحد المستشفيات، وعلى الرغم من جو المحافظة المحاطة به، هناك إبن العم الشاب المتديّن الذي يرغب في التقرب منها والزواج بها، لكنه يصطدم بالفارق الثقافي، فهي طبيبة وهو بائع قماش باحدى محلات العائلة التي تعيش كلها تحت سقف واحد.  في هذه الاجواء المحافظة أيضا تمارس "البتول" (حياة بلحلوفي) حياة مفعمة بالحيوية والنشاط ومصدرها ومركزها اللقاء بصديقاتها الأربع كل ليلة خميس باحدى النوادي الليلية، وبهذا المكان بالذات تلتقي بفارس الأحلام حمزة "يونس مقري"، زير نساء وعلى الرغم من اختلاف الطباع تُعجب به ويُعجب بها، يراودها في نفسها وتصده بشدة، لتجد نفسها واقعة في غرامه، وتسلم نفسها وجسدها، لتكون ثمرة تلك المعاشرة طفل في الاحشاء. ولما أخبرته بالأمر إعتبر ذلك ابتزازاً ومطية لإجباره على عقد القِران بها، علماً بأنها حدثته من قبل على ابن العم المتدين الذي يرغب في الزواج بها، لكنها رفضته. فكان الفراق الذي تزامن مع بداية شهر رمضان. ومن عادات أسرة البتول والكثير من الأسر المغاربية خلال هذه المناسبة الدينية أن تضع بناتهن، الخمار طوال شهر رمضان وهذا ما حدث مع البتول وهنا فقط طغى على الفيلم موضوع الحجاب، لكن البتول ومن شدة الاحباط قررت الإبقاء عليه حتى بعد رمضان، وفي هذه الأثناء لم تستطع نسيان من أحبت وسلّمت نفسها وجسدها له وحاولت الرجوع اليه مرة ثانية، لكنه اشترط أن تنزع الحجاب، إلا أنها أصرت على الإبقاء عليه وعلى العلاقة الحميمية بحمزة، التي بدأت تكتشفها أسرتها، ابن عمها من جهة وأخاها الذي صادفها مرة رفقته وهي متنكرة، لكنه تعرَّف عليها وكشف أمرها وراح يطاردها بسيارته ليلقي حتفه عند أحد المنعرجات في مطاردة على الطريقة الامريكية، لتقرر بعد وفاة أخيها وضع حد للعلاقة المستحيلة وتنزوي لقراءة القران. أما حمزة فاستمر في حياته ومطاردته للنساء لتقع في حباله إحدى صديقاتها المطلقات التي تلتقي بهما البتول مصادفة، لتشتعل نيران الغيرة وتأنيب الضمير لتقرر فضحه لها وكشف شخصيته الحقيقية وأنه أب الطفل الذي  في أحشائها. تتسارع وتيرة الفيلم وتحاول صديقتها جبر المكسور، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ويغمى على البتول ويفضح أمر حملها في عائلتها ليقرر ابن العم في شهامة منه ومن شدة حبه لها ستر عار العائلة وطلب الزواج منها ليختتم الفيلم بتعالي ضحكات الصديقات.

قصة عادية

هكذا رأيت الفيلم قصة حب جريئة حلوة واقعية عادية قد تحدث في أحسن العائلات العربية، لكن الذي "عكر" صفوها موضوع الأخلاق، الحجاب، المسموح، المرغوب والمفروض والذي يجب أن يكون بين اثنين جمعتهما الأقدار وفرقت بينهما الطباع لكنهما إصطدما بشخصية بعضهما هو متحرر ورجل وهي محافظة وإمرأة عربية قبل كل شيئ.

قصة جد عادية تستحق المشاهدة لأن المخرج حاول وبكل بساطة مكاشفة الذات الأنثوية والاجتماعية العربية على العموم، والمغربية على الخصوص، لكن الفيلم لا يستحق أبداً الضجة البرلمانية والصحفية التي دارت من حوله، والتي ربما هي التي خدمته وجعلت الجميع يهرول لمشاهدته لنخرج عند نهاية جنيريك فيلم "حجاب الحب" أنه عمل سينمائي متواضع جداً غير أنه أول التجارب السينمائية لمخرجه ويستحق التنويه، وموضوعه عادي جداً وأن الحجاب أُقحِم سينمائياً وبرلمانياً وإعلامياً، لغاية في نفس يعقوب أو في النفسية الإنتاجية على الخصوص لعزيز السالمي.

كان بإمكان المخرج عدم إقحام هذا الموضوع بالأساس بمجريات أحداث  فيلمه وإعطاء هامش وحرية أكبر لموضوع العنوسة، وكذا ازدواجية شخصية المرأة العربية وصراعها الداخلي بين المسموح، المرغوب والمفروض من خلال رحلة بحثها الحياتية عن نصفها الاخر، والذي قد تضيعه بسبب تمسكها بمبادئها وأخلاقها كما بإمكانها أيضاً أن تضيعه إذا فرطت فيهما كما حدث مع "البتول" حياة بلحلوفي بطلة "حجاب الحب".

جوائز وتنويهات

 من ناحية أخرى حصد هذا الفيلم المشاغب على الرغم من هذه الانتقادات، العديد من التنويهات بالمهرجانات السينمائية آخرها مهرجان سوسة، وقبلها مهرجان مراكش الدولي عندما عرض خارج المسابقة الرسمية ضمن أفلام "نبضة قلب"، كما إنتزع جائزتي السيناريو وثاني أحسن دور نسائي للممثلة السعدية لديب في أثناء مشاركته في المسابقة الرسمية للدورة العاشرة من مهرجان طنجة للفيلم الوطني.

يُشار في الأخير إلى أن عزيز السالمي مخرج مغربي، ولد سنة 1955 بمدينة مكناس بالمغرب، درس الفن بفرنسا، حيث حصل على شهادة الدكتوراه في المسرح من جامعة "السوربون" بباريس، واشتغل فترة بالإخراج المسرحى، قبل أن يتجه إلى التلفزيون، إذ أخرج عدة أفلام للقناتين الأولى والثانية، منها فيلم "على جناح السلامة" ثم فيلم "عايدة" ، ليخرج "حجاب الحب" بداية السنة الحالية، بمشاركة يونس مقري في دور"حمزة"، وحياة بلحلوفي في دور "الباتول"، والسعدية لديب في دور "هيام"، وعزيز حطاب في دور"أنس"، ونورا الصقلي في دور "نجوى"، ومليكة العمري في دور "لالة نزهة"، وهدى صدقي في دور "ماجدولين"، ونجاة خير الله في دور " نهاد"، ومنصور بدري في دور "هشام"، وعزيز الحطاب، وزينب بنعبود.

إيلاف في

08/05/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)