تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مواجهة صريحة بين الناس والفنانين

الفن حلال.. أم حرام؟

تحقيق: فاطمة المبارك  

منذ صغري وأنا اسمع والدي - حفظه الله - يوصينا أن نستفيد من كل مسلسل ومن كل عمل فني نشاهده في التلفزيون، كان يقول لنا دائما: هذه الأعمال قدمها أناس إلينا لا لنستمتع بها فقط، بل لنستفيد منها في حياتنا.. وكنت حينها أحاول أن أحقق ما قاله والدي فأركز جيدا على أي عمل فني أشاهده لأخرج منه بحصيلة تفيدني.

والدي بهذا الشيء زرع حب الفن في نفسي، وكبرت وكبر هذا الحب، لهذا كنت عندما اسمع من يحرم الفن استغرب، استغرب جدا، كيف يكون الفن حراما وعيبا وخطأ ومنه نأخذ العبرة والعظة؟!!إلى أن دخلت معترك الحياة العملية، وكتبت في مجال الصحافة، والصحافة الفنية بالذات التي كانت كقدر لي تلاحقني أينما كتبت، وتعرفت على الكثير من الفنانين والوجوه الفنية، وعشت داخل هذا الوسط، حينها فقط أدركت إنني كنت محقة في حب هذا المجال - كما علمني والدي دوما - واليوم قررت أن نكون في مواجهة صريحة بين ما يقال ويتداول على ألسنة الناس، وما سيوضحه لنا الفنانون عن حقيقة هذا المجال ورسالته..

سؤالي للناس كان: هل ستقبل أن يكون احد أفراد عائلتك "ابنك" أو "أخوك" فنانا؟ واتت الإجابات متقاربة تقريبا:

رنا وهي أم لطفلين "احمد وتيم" قالت وبكل رفض: لا طبعا لن اقبل حدوث مثل هذا الشيء لأن الفن حرام، ممكن لو طلب مني احدهما مستقبلا أن يكون فنانا تشكيليا مثلا فلا بأس، لأن الفن التشكيلي لا يدخل في قائمة الممنوعات، أما غير هذا فلا، ولا تقولي فن ملتزم، لأن الفنان الملتزم مصيره الفشل هذه الأيام.

آراء الناس.. معارضة على طول الخط

فتاة فلسطينية لديها من الإخوان 9 وكنّت نفسها باسم أم البراء قالت: لا اعتقد إن الدنيا خلت من الوظائف والتخصصات لهذه الدرجة التي اقبل فيها أن يصل إخواني إلى مرحلة الفن، والأسباب عديدة فهو تخصص بلا مستقبل أولا، ومن ناحية ثانية دروب الفن متفرعة وربما تدخل في أمور غير شرعية، أو بالأحرى لا يأمن الإنسان على نفسه في طريق الفن لكثرة المغريات والشهوات والملذات التي تلهي عن ذكر الله.

في حين كان لجهاد الرومي، فتاة في مقتبل العمر رأي مغاير بعض الشيء إذ قالت: تختلف الآراء في هذا الموضوع بين مؤيد ومعارض، ولكن الأكثرية معارضون، أنا اعرف احد الأشخاص دخل لهذا المجال، ومع انه كان "كومبارس" إلا إن والدته قالت له: إذا استمريت في هذا الدرب فلست بأمك.

عني أنا ولأنني لم أصبح أما حتى الآن أجد أن الموضوع عادي، وسأقبل أن يدخل ابني هذا المجال، أما بنتي فلا، المجتمع لا يتقبل وعاداتنا وتقاليدنا لا تؤيد هذا الشيء . أتذكر ذات مرة قالها أخي عن طريق المزاح انه يرغب في دخول الفن، فأجبته: عادي جدا مادمت ستسير في الدرب السليم. الفن ليس كله خطا ولابد أن نوضح هذا الشيء.

أما أم علي وهي أم لطفل عمره سنة و8 شهور فقد رفضت أن يدخل ابنها مستقبلا هذا المجال وقالت: سوف ارفض الأمر رفضا قاطعا، وأمور كثيرة تجعلني ارفض وبشدة منها: نظرة المجتمع إذ طول عمرنا تربينا على أن الفن عيب، لهذا ارفض كل أنواع الفن الملتزم وغير الملتزم. سأقبل أن يشاهد مثل هذه الاعمال الفنية أما انه يكون فنانا فلا وألف لا. نظرة المجتمع للفنان كانت ومازالت على أساس انه إنسان سيئ، نحن لا نخاف من مخالطة الفتيات له في العمل لأن الكثير من الأعمال فيها اختلاط وهذا أمر طبيعي جدا. لقد تغير الفن الآن كثيرا، ولاحظي وسائل الفنانين للشهرة الصراحة شيء مخيف.

وتواصل ام علي: لقد دار حوار بيني وبين زوجي قبل فترة حول هذا الموضوع وسألته: هل تقبل دخول ابننا هذا المجال؟

فقال: عادي جدا أن يكون فنانا كونها شغلة ويحصل عليها رزقه، ولكن: هل سنؤمن عليه من مخاطر هذا الدرب؟

وبعد تفكير عميق أجابني إبراهيم سند - المدير العام لمنتديات مملكة البحرين، قائلا: سؤالك يحتمل ثلاث إجابات (نعم أو لا أو التوازن)، هناك من يقبل هذا الأمر بسلبياته وإيجابياته وهذا النوع من الناس (ارتمائي)، وهناك من يرفضه بسلبياته وإيجابياته وهذا النوع (انكفائي)، وهناك من يتوقف عند هذه الأسئلة لدراستها ثم الإجابة (بنعم )أو (لا) وهذا النوع (المتزن)، وأنا أجد نفسي في النوع الثالث، حيث طلبت إعطائي مهله قصيرة قبل أن أجيب على سؤالك حتى تكون إجابتي دون تسرع أو تخبط بالرد، ودون التطرق بالخوض في الحلال أو الحرام من تلقاء نفسي بل المرجعية الشرعية لا تظلم أحدا وهي الفاصل في هذه النقطة.

إذ تكفي شهادة الفنانين أنفسهم على أنفسهم لهذا المجال، حيث قرأت الكثير من تصريحاتهم من خلال عدة لقاءات صحفية أو مرئية التي تجرى معهم، حيث أكد أغلبيتهم بأن مجال الفن متعب وشائك ومليء بالصعاب والتضحيات، فإذا جاءت الشهادة من أهل الشهادة فأعلم بأنها حق. ولنأخذ جزئية واحدة ونتكلم فيها ألا وهي التضحيات، فمنهم من يضحي بماله أو وقته أو شبابه وحتى شرفه، أنا هنا لا انتقص من مهنة الفن والفنانين واضع مكانتهم بموقع الحضيض لا والله، ولكن الفن في هذه الأيام لم يعد كما كان في السابق كرسالة إعلامية يقدمها الفنان للمجتمع، بل أصبحت في نظري صفقات تجارية يسوقها من كان همه الربح المادي لا أكثر والوصول إلى قمة الشهرة بأي شكل من الأشكال وبأي ثمن، فقد اختلط مجال الفن بخليط من الحمائم والعنادل والصقور والنسور، حتى أصبح الفن يسبح في أزمة فنية كما هي الأزمة الاقتصادية التي تسودنا هذه الأيام.

ولم يختلف رأي أم جنى أم لستة أبناء 3 أولاد و3 فتيات كثيرا عمن سبقها إذ قالت: لا اقبل بهذا المجال أبدا، دعهم يدخلون مجال الصحافة أو الطب أو أي شيء آخر انساني، أما الفن فلا، الفن اليوم حتى مع كبار الفنانين تحول إلى تجارة وعروض أزياء واغراءات، وضاع الهدف من الفن، ومع احترامي لكل الفنانين لا يوجد فن إلا الفن القديم عندما كان للفن معنى وهدف، وكان الفنان عملاق بفنه وعمله.

وباختصار وإيجاز رفضت شيخة الهزيم - مدرسة لغة انجليزية هذا المجال حين قالت: بعيدا عن الحلال والحرام وان كان هذا أول سبب ارفض معه دخول إخواني لهذا المجال، إلا أن ما نسمعه من مشاكل وانحرافات عن هذا الوسط يجعلنا نرفض رفضا قاطعا الخوض في هذا المجال.

في حين كان لعلي المحرقي - مدير أعمال بعض القبول لهذا المجال ولكن على استحياء حين قال: اقبل دخول أخي لهذا المجال ولا اقبل بدخول أختي، لأنها حينها ستضطر إلى أن تكشف عن شعرها والكل يلمسها، وهذا حرام وصعب على عاداتنا وتقاليدنا.

دفاع الفنانين عن أنفسهم

بعدها توجهت للفنانين في المجالين: تمثيل، وغناء، بالإضافة إلى المخرجين الذين يقودون العملية الفنية بأكملها لاستمع إلى آرائهم وأوصلها لكل الناس:

يوسف الشتي "مطرب" حدد بعض الشروط لدخول هذا المجال وقال: لا ننكر وجود السيئين في هذا المجال، ولكنه يعتمد على معدن الشخص نفسه، وتربيته، ورغبته في الذي يقدمه، فالناس الذين يرغبون في دخولهم المجال الفني عليهم أن يدخلوا محملين برسالة وهدف لتقديمه.

الفن رسالة، والغناء إذا كان نظيفا ويحمل رسالة ومعنى دون الفيديو كليبات التي تقدم هذه الأيام فأنا اعتقد شخصيا انه لا عيب أو ضير من ورائه.

وأوضحت نجمة عبدالله "مطربة" أن الفن ليس كله خاطئا وبينت هذا الشيء بقولها: الفن غذاء الروح، وعني أنا حافظت على نفسي ومركزي الفني فيما أقدم، من الخطأ أن نمنع أبناءنا الخوض في هذا المجال، وبالتأكيد سنكون مخطئين حينها، الفن ذوق ورقي، وليس كل الفن سيئا، بالعكس هو يعتمد على الشخص نفسه وما يختاره، فأنا مثلا اخترت أن أسير على خطى أم كلثوم، ولابد أن أحافظ على الخطى التي سارت عليها هي، أما لو اخترت شخصية شاكيرا مثلا فهنا الأمر سيختلف والتقليد والذوق سيختلف أيضا، لهذا أقول دعوا أبناءكم يدخلون هذا المجال شرط الاختيار الصحيح للدرب الذي سنمشيه، لأن الفن ليس كله خطا.

أما المطربة لولوة فقد وافقت على كلام الناس ، إلا انه كان لها سببها الخاص بها إذ قالت: سأوافق الناس كثيرا في رفضهم دخول أبنائهم هذا المجال، وسأختلف معهم في الأسباب، وسببي الوحيد هو كونه مجال على الرغم من كل تعبه إلا انه مجال غير مدعوم من الجهات الحكومية، ويفتقر إلى أدنى مقومات التشجيع، ومن يرغب في كسب لقمة العيش عليه أن يفكر بأي مهنة أخرى غير الفن.

وبقوة في الرأي دافع المخرج بسام الذوادي عن هذا المجال قائلا: الكلام الذي يقال خاطئ جدا، لأن الفن علم وحياة وحضارة ومجتمع، ومن يخاف دخول ابنه في هذا المجال فهو غير واثق من طريقة تربيته لابنه، أنت لابد أن تترك لابنك حرية الاختيار وحرية تجربة كل شيء ليحدد هو فيما بعد ما هو الصح وما هو الخطأ..

كلمة واحدة من الناس بالحكم على سوء الفن تلغي في نظرنا كل شيء هذا غير سليم بالمرة، ونحن لسنا بصدد إصلاح هذه النظرة، أنا كمخرج اعمل في مجال إبداعي وليس إصلاحيا، سأترك إصلاح هذه النظرة للباحثين الاجتماعيين والمصلحين، أما أنا فسأواصل تقديم الأفلام والمسلسلات وسأبدع في هذا الشيء بلا خوف.

ودعيني أوضح شيئا يغفل عنه كل الناس: كل المجالات المهنية تحتوي السيئ، ولكنها غير بارزة، لأن الضوء غير مركز عليها، فتبدو جميعها كأنها نظيفة ولا غبار عليها.. أما المجال الفني فيدفع العامل فيه ضريبة الشهرة والفن، وهذه هي الضريبة.

ومن ناحيتها تساءلت سميرة عابد "ممثلة" قائلة: إذا كان الفن حرام فلم هناك فنانات محجبات يعملن في هذا المجال؟ وهناك المزيد سيدخلون إليه مستقبلا، إن النظرة ستكون سوداوية جدا لكل ما هو جميل ومقدم بدراسة ونظرة متأنية.

أنا لا أبيح أو أجيز كل ما هو فن، وبالتأكيد علينا أن نقف عند بعض الخطوط الحمراء، ولكن أن نحرم الفن ككل فهذا شيء لا يجوز.

من ناحية أخرى حللت سناء يونس "ممثلة" سبب رفض الناس للفن بقولها: أنا مع من يرفض هذا المجال 100% ولا ألوم الناس على هذا الرأي بسبب ما يرونه ويسمعونه عن بعض المتسلقين الداخلين هذا المجال للتخريب وتشويه سمعة الفن وليس لتقديم رسالة سامية كما يفعله البعض الآخر.

الرفض صار يطال ليس الفن فحسب، بل صرنا نسمع إن الناس اخذوا يمانعون حتى أن يصبح ابنهم مذيعا أو مذيعة، وهذا ليس عيب الناس بل عيب كما ذكرت من دخل هذا المجال فشوه سمعته.

ودورنا نحن كفنانين أن نوضح من خلال مسيرتنا الفنية النظيفة مدى أهمية رسالة الفن لمن يريد أن يدخل هذا المجال، ونقول لهم: في الفن هناك طريقان: الجيد والرديء، واختر أنت ما تريد منهما.

أما حسين الحليبي "ممثل" فقد كان مستغربا مما يقال وتساءل: أنا اسأل هؤلاء الرافضين للفن: ألا تشاهدوا برامج؟ مسلسلات؟ أفلام؟ هذه الأشياء المقدمة لنا بالتأكيد ستؤثر فينا بشكل من الأشكال، ستغذي بداخلنا شيئا، وسترضينا في أحيان أخرى، إذن فإن الأمر هو تعاط مع الفن، ولا يوجد إنسان لا يتعاطى معه، وهذا ما نقدمه نحن، نقدم إليكم ما يرضيكم وما يغذي معارفكم، ثم انه لا توجد حضارة بلا فن، الفن هو أساس الحضارة، وما قامت الشعوب إلا بالفن، ومن يقول غير هذا أنا ارفض كلامه رفضا قاطعا وبلا نقاش.

وفي الختام لم يرفض احمد مبارك "ممثل" ما قاله الناس عن هذا المجال وقال: الفن رسالة حاله حال أي مهنة أو عمل آخر، من خلاله يتم التوجيه والعظة، ومن خلاله أيضا يتم الاستمتاع كحالنا عندما تقدم لنا الأعمال التراثية وقصص الماضي، إذن هو رسالة ولكن متى ما خرجت هذه الرسالة عن مسارها الصحيح فقدت جمالها وسارت في درب الخطأ.

نعم هناك بعض الفن عيب وحرام، فلماذا نخاف من قول الحق وذكر الحقيقة؟ هناك بعض الأشياء لن يتقبلها الناس بالتأكيد، ولن نتقبلها نحن الفنانين أيضا.

نحن مجتمع له عاداته وتقاليده ودينه، لابد أن نحافظ على كل هذا وألا ننسى أنفسنا أمام المغريات.

هناك بعض ما يقدم خاطئ ولا يجوز كبعض القصص التي لا تمت إلى واقعنا ومجتمعنا بصلة، هناك بعض الفنانات يتمادين كثيرا في لبسهن، ونحن في مجتمع مسلم علينا المحافظة على احتشامنا، وهناك أيضا بعض الفيديو كليبات خليعة جدا ولا يرتضيها احد، وكل هذه الأشياء مرفوضة بالتأكيد ولابد من إعادة النظر فيها.

أخبار الخليج البحرينية في

28/03/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)