تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

حوارات مع صُناع الأفلام في الخليج:

غياب للبعد التاريخي والتحليلي وضعف في معرفة السينما الخليجية

صلاح سرميني

(حوارات مع صُناع الأفلام في الخليج) كتابٌ يحوي بين غلافيه (196) صفحةً من القطع المُتوسط، وهو واحدٌ من (4) كتبٍ صدرت بمُناسبة الدورة الثانية لمهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي التي انعقدت فعاليّاتها خلال الفترة من 10 وحتى 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2008.

وكان الأجدر بأن يُعنوَن بـ(حوارات مع 'بعض' صُناع الأفلام في الخليج)، إذّ يشمل الكتاب (16) حواراً مع مخرجين(وغابت المُخرجات عنه تماماً) تمّ اختيارهم بعشوائيةٍ مُطلقة، اعتمدت على الصدفة، وموافقة/أو رفض إجراء تلك الحوارات لأسبابٍ مختلفة، أولها ـ رُبما ـ لأنّ الصحافي، والشاعر، والكاتب المصري(عماد عبد المحسن) الذي أنجزه قليل الاهتمام بما يحدث في المشهد السينمائي الخليجي، ولم يلتقِ المخرجون به في أيّ مناسبةٍ سينمائية خليجية سابقة، وتوقع معظمهم بأنه يتابع أخبارهم عن طريق وسائل الإعلام فقط، ولم يشاهد أفلامهم.

والحقيقة، ارتكب المُؤلف/المُحاور خطأ احترافياً باختياره موضوعاً يجهله، وإجراء معظم الحوارات عن طريق الرسائل الإلكترونية المُتبادلة مع المخرجين، وهي الظاهرة الأخطر في الثقافة السينمائية الراهنة.

ويشترك في الخطأ الناقد السينمائي المصري (سمير فريد) مستشار مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي الذي أوكله تلك المهمة 'التخصصية'، أو وافق على إصدارها.

حيث تُحتم الجدّية في تناول الموضوع اختياراً حاذقاً لأحد المُتابعين للمشهد السينمائي الخليجي منذ بداياته، أو على الأقلّ، واحداً قريباً من صُناعه، والأسماء الجديرة بهذه المُهمة كثيرة، ولا أعتقد بأنّ (سمير فريد) غافلٌ عنها، أو يجهلها، وربما يتجاهلها.

سوف أتغاضى عن الأسلوب الركيك للمؤلف/المُحاور، وأغوص مباشرةً في عمق المشكلة :
'
وإنني إذ أعترف أنني كانت لدي الرغبة في أن يضم الكتاب عدداً أكبر من مخرجي السينما في دول الخليج، أؤكد على أن هناك رموزاً للسينما الخليجية لم تتح لي الفرصة لمحاورتهم، ....'

وهي فقرةٌ مُقتطعة من المُقدمة يعترف فيها(عماد عبد المحسن) بافتقار الكتاب لأسماء مهمة دون أن يذكرها، أو يكشف عن أسباب غيابها، أو قصوره في الوصول إليها، والتحاور معها.

من جهةٍ أخرى، إنّ جمع حواراتٍ مع صُناع الأفلام في الخليج، أو بعضهم في 'كتابٍ' لا يكتسب أهميته/ وأهميتها من دون دراسةٍ تاريخية، توثيقية، وتحليلية مُوجزة، أو مُستفيضة عن السينما في تلك المنطقة، وبإغفالها تتحول مادة 'الكتاب' إلى تحقيقاتٍ صحافية صالحة للنشر في الوسائل الإعلامية المكتوبة، والمواقع الإلكترونية.

في مقدمة الكتاب نقرأ:

' يلحظ الراصد حالة النشاط الاستثنائي التي تشهدها دول الخليج في مجال السينما في الآونة الأخيرة، سواءً من ناحية أفلام جديدة لمجموعة من المبدعين الشباب، أو من حيث إقامة مهرجانات دولية استطاعت أن تلفت إليها الأنظار بسرعة شديدة، وأن تحظى بمكانة إقليمية، ودولية.....لكن ما حفزني على إجراء هذه الحوارات هو الرغبة الحقيقية في المشاركة في هذا الفعل الإبداعي، فعل الرغبة الجارفة لدى جميع من حاورتهم في تقديم سينما خليجية متميزة، ....'.

ولا يفهم المُتابع الحقيقيّ لهذا ' النشاط الاستثنائي' لماذا غاب المؤلف/المُحاور عنه منذ بداياته في عام 2001 تاريخ انطلاقة ' تظاهرة أفلام من الإمارات' التي تحولت في عام 2002 إلى 'مُسابقة أفلام من الإمارات'.

وحتى غيابه عن الدورة الثامنة لـ 'مُسابقة أفلام من الإمارات' التي انعقدت في إطار الدورة الثانية لـ'مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي' الذي أصدر الكتاب.

هل كان يستخفّ قليلاً / أو كثيراً بما كان يحدث في المنطقة كما هو حال الكثير من الصحافيين، النقاد، والسينمائيين، ونراهم اليوم 'يناضلون' لحضور مهرجانات دبي، وأبو ظبي؟

أم أنه، وبعد ثماني سنواتٍ طويلة، اكتشف فجأةً أهمية ما يحدث هناك (يُوقع مقدمته بتاريخ آب /أغسطس 2008)؟

لا أنكر الجهد الذي بذله المؤلف/المُحاور لإنجاز حواراته، وأولها البحث المُضني في الانترنت عن كلّ ما يتعلق بالسينما في الخليج، والتعرّف نظرياً على المخرجين، وأعمالهم بقراءة الأخبار، والتقارير، والمقالات المكتوبة عنهم، وصياغة الأسئلة المُوجهة لهم، والتواصل معهم عن طريق الرسائل الإلكترونية ' ما عدا اللقاء المُباشر مع السعودي توفيق الزايدي'.

ومنذ البداية، توضح القائمة المُختارة منهم الخلط بين مخرجي الأعمال التلفزيونية، والوثائقية، والبرامج(مثل العُمانيين أحمد الحضري، ومال الله درويش، والسعودي توفيق الزايدي)..مع مخرجي الأفلام السينمائية (مثل البحريني بسام الذوادي، والعُماني خالد الزدجالي، والإماراتي سعيد سالمين المري)...

وأول ما يُثير الانتباه في تلك الحوارات المُتفاوتة الأهمية بين مخرج، وآخر، ويقللّ من مصداقية معلوماتها التوثيقية، سؤال يُوجهه للعُماني أحمد الحضري (الصفحة 13) :

ـ أخرجتَ في عام 1997 فيلمك التسجيلي الأول(عُمان أرض الفرص)..

بينما تُظهر الصفحة المُقابلة (12) قائمة أفلامه التي بدأت بفيلم سواعد على الطريق ـ الجزء الأول /1994، وسواعد على الطريق ـ الجزء الثاني/ 1995.

ومن ثمّ نقرأ أسئلةً غريبةً، 'منتهية الصلاحية'، مثل :

ـ هل يمكن أن يكون هناك مخرج للفيلم التسجيلي، بمعنى ألا يقدم غير هذه النوعية من الأفلام؟ وهو سؤالٌ لا يشغل بال متابع حقيقيّ، ويدلّ على فهمٍ قاصرٍ للسينما التسجيلية باعتبارها، أو بافتراضها الخطوات التمهيدية الأولى في الطريق نحو الفيلم الروائي الطويل.

فتاريخ السينما، ومنذ بداياتها، حسم بصرامةٍ هذا النوع من التساؤلات، وفي السينما العربية أمثلة كثيرة لمخرجين لم ينجزوا غير أفلام تسجيلية (صلاح التهامي، هاشم النحاس، عمر أميرلاي، عطيات الأبنودي...).

ولا يفوتني الإشارة إلى أسئلةٍ أخرى من نوع:

ـ منذ فيلمك الأول، وأنت تقدم أفلاماً تسجيلية حاز بعضها على جوائز في عدة مهرجانات، مثل فيلم 'بهجة الزائر' الذي كان جواز العبور بالنسبة لك للمهرجانات، وللتواجد على الساحة، حدثنا عن هذا الفيلم؟

ـ يعاني الفيلم التسجيلي من قلة الانتشار، هل لديك مقترحات لنشر الفيلم التسجيلي؟

وإذا كان المقصود بـ 'قلة الانتشار' هو غياب الأفلام التسجيلية عن الصالات التجارية، فإن المُعطيات الحالية تؤكد انحسار هذه الأمنية القديمة منذ سنواتٍ طويلة مع انتشار القنوات التلفزيونية العامة، والمُتخصصة، والتي قضت تماماً على حلم إنجاز فيلم تسجيلي بهدف عرضه في الصالات السينمائية، وأصبح العرض التلفزيوني أقصى طموح السينمائيين التسجيليين، لأنه ببساطة المكان الأمثل لوصوله إلى الجمهور، باستثناء بعض الأفلام التي اعتمدت على موضوعاتٍ ملتهبة، ووجدت بسهولة مكاناً لها في الصالات التجارية :

Bowling for Columbine*، Fahrenheit 9/11 ، SICKO للمخرج مايكل مور.

*محامي الرعب لمخرجه باربيت شرودر.

*ذاكرة المُهاجرين لمخرجته يامينا بنغيغي.

وفي الحوار الأكثر أهميةً مع المخرج البحريني بسام الذوادي، يكشف المؤلف/المُحاور عن بعض المعلومات الخاطئة المُستمدّة من الانترنت:

ـ أنتَ مؤسّس، ومدير عام مهرجان السينما العربية في البحرين، وشاركتَ في تأسيس مهرجان دبي للسينما الخليجية، ....

وبلباقة، يُصححُ الذوادي تلك المعلومة الواردة في الجزء الثاني من السؤال:

ـ أولا، مهرجان الخليج هو من تأسيس أخي المخرج 'مسعود أمر الله' من البداية إلى النهاية، ونحن وقفنا معه كسينمائيين، لنثبت دعمنا لهذا المجهود الرائع...

بسام الذوادي، بقصدٍ، أو من دونه، يُشير إلى واحدٍ من أهمّ الشخصيات السينمائية المُجتهدة، المُثقفة، والمُثابرة في الخليج، وهو الإماراتي 'مسعود أمر الله' الغائب عن الكتاب، والحاضر في أذهان، وأجوبة معظم المخرجين المُتواجدين فيه.

ولا/ ولن يفهم القارئ المُتخصص لماذا غاب عن الحوارات كما العشرات من الأسماء القديمة، والجديدة المُهمة .

وهكذا، يصبح الكتاب في تساهله، وتبسيطه واحداً من المطبوعات المحشورة في إصدارات 'مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي' ليمنحه بعض المصداقية في علاقته الشكلية مع المشهد السينمائي في الخليج، ومخرجيه، ومُخرجاته (المنسيات). 

' ناقد سينمائي من سورية يقيم في باريس

 

ـ عماد عبد المحسن:

صحافي، وشاعر، وكاتب مصري وُلد في عام 1971، يعمل سكرتير تحرير مجلة إذاعة، وتلفزيون الخليج، وعمل بصندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة المصرية.

مؤلفاته : نصف حلم فقط (ديوان شعري) /1996، بدلاً من ليلى(مجموعة قصصية)/1997، شباب يجنن (مسرحية)/2000، حلم ليلة في أغسطس(مسرحية)/ 2002، شوارع صغيرة(مجموعة قصصية)/ 2006، حوارات مع صُناع السينما في الخليج/2008، نلقاكم بعد الفاصل (نص مسرحيّ)/ 2008.

(منقولة باختصار عن دليل الدورة الثانية لمهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي2008).

القدس العربي

11/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)