تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

ضوء

تسويق سينمائي “إسرائيلي

عدنان مدانات

ثمة سينمائيون عرب يحلمون بالعالمية ولا يجدون طريقا إليها إلا من خلال المهرجانات السينمائية الدولية التي تقام في دول أوروبا الساعية إلى خلق علاقات تطبيع بين السينمائيين العرب و”إسرائيل”، والتي تنجح أحيانا في مسعاها نحو تطبيع علاقة السينمائيين العرب الذين تغشى أبصارهم أضواء المهرجانات مع “الإسرائيليين”، وتفشل أحياناً أخرى.

أبرز السينمائيين “الإسرائيليين” المكرسين لحفلات التطبيع السينمائية وأكثرهم شهرة في المهرجانات السينمائية الدولية يدعى عاموس غيتاي.

كانت إدارة مهرجان كان السينمائي قد منحت عاموس غيتاي قبل أعوام إحدى جوائزها مناصفة مع جائزة قدمت للمخرجة اللبنانية الراحلة رندا الشهال عن فيلمها “المتحضرات”، وهي المخرجة اليسارية الانتماء والتي أعلنت أمام الملأ موقفاً مشرفاً وغير مسبوق رفضت بموجبه قبول الجائزة مع مخرج “إسرائيلي”. لكن سينمائيين عرب آخرين أقاموا علاقات صداقة وتعاون حتى مع المخرج “الإسرائيلي” وحاولوا تسويقه باعتباره، على الأقل، مؤيداً للسلام ولحقوق الفلسطينيين، ومن هؤلاء السينمائيين المخرج الراحل يوسف شاهين، كما شارك بعضهم، ومنهم يوسف شاهين وإيليا سليمان وآخرون، في أفلام مشتركة مكونة من عدد كبير من المقاطع القصيرة أخرج كل واحد منها مخرجٌ من المحتفى بهم في مهرجان كان.

في العام 2005 أخرج عاموس غيتاي فيلماً روائياً طويلاً بعنوان “المنطقة الحرة” (فري زون) صور معظم أحداثه في الأردن. في حينه صرح غيتاي للصحف “الإسرائيلية” حول تجربته في التصوير في الأردن زاعما أن الفنانين الأردنيين( لا نعثر في الفيلم على فنانين أردنيين)، الذين عملوا معه كانوا متوجسين في البدء من التجربة ثم ساد التفاهم والوئام بين أفراد الطاقم الإسرائيلي والمتعاونين من الفنانين الأردنيين.

شاهدت مؤخرا فيلم “المنطقة الحرة” مسجلاً على ال”دي ي دي” وذعرت بسبب ذلك القدر الكبير من الإساءة المتوافرة في الفيلم للأردن أناساً وطبيعة وعمراناً. معظم أحداث الفيلم مصورة على طول الطريق من الحدود “الإسرائيلية” إلى أطراف مدينة الزرقاء الواقعة شمال عمان حيث توجد المنطقة الحرة، تتابع الأحداث رحلة امرأة “إسرائيلية” نحو المنطقة الحرة لتحصيل أموال لزوجها المصاب نتيجة انفجار حصل في مزرعته سببه إرهابي “فلسطيني”، من تاجر أردني يلقب بالأمريكاني.

من دون الخوض في تفاصيل حكاية الفيلم يهمنا هنا ملاحظة أن ما تصوره الكاميرا “الإسرائيلية” من مناظر تمر بها السيارة يعطي انطباعا مشوها ومنفرا عن الطبيعة والبيئة الأردنية.. على طول الطريق نرى أراضي جرداء، منازل خربة، بهائم تتجول وحيوانات نافقة، مكبات للنفايات، مقابر للسيارات المحطمة، وحين تمر الكاميرا وسط عمان تعرض علينا أشد المناطق ازدحاما بسبب وقوعها عند محطة النقل العامة.

بالمقابل، وبما أن الفيلم من نوع “أفلام الطريق” فلا يعدم أن تصادف الكاميرا مناظر طبيعية معقولة من نوع أبنية حديثة على جانبي الطريق أو مناطق خضراء فيها أشجار. لكن المخرج هنا يكشف عن عنصريته إذ يتذاكى ويلجأ إلى التغطية على هذه المناظر بطبع مشاهد مرئية فوقها (صورة مركبة نتيجة التعريض المزدوج، وفق المصطلح السينمائي) يختفي بسببها المنظر الخارجي ويتراجع إلى خلفية اللقطة متيحاً المجال في المقدمة لمشاهد تتذكر فيها امرأة موجودة في السيارة برفقة السائقة مشاهد من علاقة لها مع صديقها. وهذه الصورة المركبة لا تستخدم أبدا عندما تصور الكاميرا في طريقها مناظر بشعة منفرة.

عندما تصل “الإسرائيلية” إلى المنطقة الحرة تكتشف أن الوقت بات متأخرا وأن عليها الذهاب للقرية التي يعيش فيها التاجر المدين لزوجها، وهذا ما يتيح للمخرج “الإسرائيلي” فرصة تصوير قرية يسيطر عليها إرهابيون “إسلاميون” رعاع عديمو الرحمة حتى تجاه أهلهم وأقاربهم وسكان قريتهم، يعيثون في القرية خرابا ويشعلون الحرائق وهذا يحدث بقيادة ابن التاجر نفسه.

إضافة إلى كل هذا الكذب في تصوير الواقع والبيئة المصحوب باللؤم العنصري، فالفيلم ينم عن مستوى فني متدن للغاية لا يليق بمخرج يحتفل به مهرجان” كان” السينمائي في كل دورة تقريباً.

بعد عامين من إخراجه لهذا الفيلم يشارك عاموس غيتاي ( 2007) في فيلم من تمويل فرنسي، مع مجموعة كبيرة من مخرجين من أنحاء العالم، ومنهم يوسف شاهين وعرب آخرون، في فيلم يحمل عنوان “لكل سينماه”، يصور فيه كل مخرج فيلما قصيرا حكايته تدور في أجواء صالات السينما. الفكرة جميلة ومبتكرة بحد ذاتها، وقد أنجز العديد من المخرجين مقاطع رائعة في تنفيذها وموضوعها تعكس عشقهم للسينما. الفيلم الوحيد الذي شذ عن القاعدة وعن جمال الموضوع وشعرية الفكرة وأراد أن يعبر عن موقف سياسي عنصري، كان فيلم عاموس غيتاي، والذي يصور قاعة للسينما فيها “إسرائيليون” و”إسرائيليات” يشاهدون فيلماً فيقوم إرهابي فلسطيني بتفجير الصالة ليحول المتفرجين والمتفرجات الأبرياء إلى قتلى وجرحى وليملأ الشاشة بمناظر الدماء والأشلاء والدمار.

الخليج الإماراتية

07/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)