تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

على الشاشات العربية

الفيلم اللبناني «دخان بلا نار».. حالة سينمائية مختلفة

كتب عماد النويري

سمير حبشي هو أول مخرج لبناني ينجز فيلما روائيا بعد تاريخ إعلان انتهاء الحرب في لبنان وكان ذلك عام 1992 وحمل فيلمه عنوان «الإعصار» وقد عرض الفيلم ضمن أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان «قرطاج السينمائي» عام 1994 ونجح الفيلم في الاستحواذ على التقدير الجماهيري والنقدي وبشر الفيلم بولادة مخرج متمكن من مفردات لغته السينمائية. ويصور «الاعصار» بعض تداعيات الحرب الأهلية وأثرها على مختلف الطوائف اللبنانية. اختفى بعدها سمير وكنا نعرف انه انشغل بتقديم أعمال تلفزيونية إضافة إلى انشغاله بالتدريس في بعض الجامعات اللبنانية. مضت سنوات حتى ظهر سمير حبشي مع فيلمه الجديد «دخان بلا نار» في مهرجان ابوظبي السينمائي الدولي - الدورة الثانية. وقد عرض الفيلم ضمن أفلام المسابقة الرسمية للمهرجان وحينها أثار الفيلم الكثير من النقاش والجدل في الندوة التي أقيمت بعد عرض الفيلم.

انتقادات وحيادية

انصبت الانتقادات على عدم حيادية المخرج في طرح وجهة نظره، واعتبر الفيلم انه يسيء إلى العلاقات بين لبنان وسوريا. بعد أسابيع من عرضه في ابوظبي رفضت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي مشاركة الفيلم في فعاليات المهرجان. ومؤخرا بدأ عرض الفيلم على شاشات السينما في القاهرة بعد أن أجازته الرقابة بعد الإصرار على حذف عبارة في أول الفيلم تشير إلى تاريخ الأحداث وهو عام 1995. ويشارك في بطولة الفيلم الفنان خالد النبوي بجانب سيرين عبد النور وديامون بو عبود ورودني حداد وهو من إنتاج شركة مصر العالمية - غابي خوري وتلفزيون «آي آرت» في أول مشاركة له في إنتاج فيلم روائي ضمن مشاريع إنتاجية جديدة قادمة.

ساحة مخترقة

تدور الأحداث حول مخرج مصري يريد إنجاز فيلم عن القمع في العالم العربي ويختار بيروت لتنفيذ عمله باعتبار أن فيها هامش حرية أكثر من هوامش الحرية الموجودة في بقية البلدان العربية لكن الواقع سرعان ما يثبت له نسبية الأمر. فالمخرج يقع ضحية قمع من نوع آخر على الطريقة اللبنانية في بلد يبدو ساحة مخترقة من كل أنواع الأجهزة وكل أنواع المخابرات وحيث يمكن لشخص مثل حمدي (رودني الحداد) الذي عذب على أيدي المخابرات أن يتحول إلى جلاد ومخبر ينفذ ما يؤمر به. ويمزج الفيلم بين الواقعي والمتخيل الروائي والتسجيلي في أجواء بوليسية يطغى عليها جو المغامرة. وضمن أحداثه يتناول الفيلم عهد الوصاية السورية وحكم المخابرات في لبنان لأول مرة بمثل هذا الوضوح.

وحدة القمع

في فيلمه الثاني كمخرج وكاتب حاول سمير حبشي تقديم رؤية للواقع اللبناني في السنوات الأخيرة ولأنه رغب في أن يظهر في صورة المحايد فقد اختار شخصية مخرج مصري «قد يكون لأسباب إنتاجية تسويقية»، ولأن المخرج يعتبر بيروت عاصمة الحرية العربية (اختيار غير مقنع في الفترة التي تدور فيها الأحداث)، فقد قرر أن يسافر بمخرجه إلى بيروت ليكتب سيناريو الفيلم، وقدم هذا المخرج وهو يتنقل في بيروت، ويدخل في حكايا زواريبها المخابراتية، مستخدماًً كاميرا الفيديو التي يحملها في تصوير الأحداث والأشخاص الذين يلتقي بهم ثم يعود بعد كل حادثة يمر بها، أو حدث يتعرض له إلى بيته ليكتبه مشهداًُ وبعدها يعلق ما يكتب على جدران البيت الذي يقيم فيه، وسرعان ما ينزلق المخرج المصري في الفيلم ليتحول إلى طرف في الصراع، ثم ليصبح فيما بعد أحد ضحاياه، وسرعان ما يتلقى نصيبه من التعذيب والقهر والقمع. ربما لنكتشف سويا في نهاية المطاف ان ما يجمع العرب ليس فقط وحدة التاريخ ووحدة المصير وإنما أيضا وحدة القمع. رغم ما نأخذه على الفيلم من انه لم يوضح لنا تعريفه للقمع فأشكال القمع متعددة مابين القمع الاجتماعي والقمع الثقافي والقمع الاقتصادي والقمع الديني.

تميز

على الصعيد الفني يمكن القول ان حبشي نجح إلى حد كبير في إدارة الممثل وأجاد رودني حداد وتالق في تجسيد دوره. ويمكن القول ان حداد استطاع ان يجسد الشخصية بكل أبعادها الداخلية والخارجية واستطاع في مشاهد كثيرة أن يخطف الكاميرا من خالد النبوي. وسبق لحداد أن شارك في بطولة مسلسل «السجينة» من إخراج سمير حبشي كما شارك في بطولة فيلم «بوسطة». كما كان احد المشاركين في كتابة فيلم «سكر بنات» ونجحت سيرين عبد النور كممثلة في بدايات أدوارها وجسد خالد النبوي شخصية المخرج في حدود ما كتب له. كما نجح المخرج أيضا في تقديم معالجة بصرية يمكن التوقف من خلالها عند العديد من محطات التميز في التصوير والمونتاج.

مع احترامنا لكل أشكال القمع التي مورست على ما يطرحه الفيلم فان سمير حبشي سيبقى واحدا من المخرجين الباحثين عن حرية التعبير ولو ادى ذلك الى انتظاره سنوات طويلة حتى يجد التمويل اللازم. وعن الباحثين عن تقديم المختلف الذي لا يتقاطع بالضرورة مع ماهو سائد وتقليدي.

القبس الكويتية في 7 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)