تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

الحصاد الثقافي لعام 2008 (المغرب):

تشكيك في جوائز المغرب للكتاب وندوات تأبين لمحمود درويش وتكريم لادريس الشرايبي وزوبعة 'كل ما تريده لولا' وجائزة لمحمد عابد الجابري وتجديد لعبد الحميد عقار

الرباط ـ 'القدس العربي' من الطاهر الطويل

الفاعلون الثقافيون بالمغرب متعددون، فبالإضافة إلى الأدباء والنقاد والمبدعين، هناك أيضا وزارة الثقافة واتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في المغرب ونادي القلم المغربي والصالون الأدبي وبيت الأدب المغربي ومجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب ونادي القصة القصيرة والرابطة المغربية للزجل ومختبر السرديات في الدار البيضاء وغيرها من الجمعيات الثقافية والفنية وكذا المؤسسات الجامعية والنقابات الفنية التي تحاول أن تنقل الشأن الثقافي من دائرة التهميش إلى واجهة الأحداث. والحصيلة: مهرجانات وندوات وموائد مستديرة وأمسيات موسيقية ومعارض تشكيلية وحفلات تكريم وجوائز مختلفة وإصدارات متعددة وغيرها. غير أن هذه الحصيلة لم تخل من تساؤلات وسجالات...

حوار الحضارات بـ'هز البطون'!

أثيرت زوبعة كبيرة حول الفيلم السينمائي الجديد للمخرج نبيل عيوش: 'كل ما تريده لولا' الذي اعتُبر من الناحية المادية، أضخم أنتاج سينمائي في تاريخ الفن السابع بالمغرب، إذ رصدت له ميزانية تقدر بعشرة ملايين يورو، وقامت بإنتاجه شركة فرنسية بمساعدة كندية. صورت مشاهد هذا الفيلم ما بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر والمغرب؛ وهو يحكي قصة فتاة أمريكية تعيش في نيويورك وتحلم بالرقص الشرقي، تتعرف على شاب مصري قرر الاستقرار في أمريكا حتى يعيش شذوذه الجنسي بكل حرية. كما تتعرف على راقصة شهيرة، وكذا على شاب مصري آخر تقع في حبه وتقرر الالتحاق به في القاهرة. أغلب ممثلي الفيلم أجانب وقلة منهم مغاربة، ولغة حواراته الأساسية الانجليزية.

خلف الفيلم عند الشروع في عرضه ابتداء من النصف الثاني من عام 2008، ردود فعل متباينة، عكستها عدد من الصحف المحلية ومن بينها أسبوعية 'المشعل' المستقلة وجريدة 'التجديد' المقربة من الإسلاميين، فقد اعتبر البعض فيلم 'كل ما تريده لولا' متميزا على المستوى التقني، مرجعا أسباب التميز تلك إلى الميزانية الضخمة التي رصدت له، واصفا مضمونه بالفارغ، وفرجته بالفارغة من الحس الوطني والقومي، إلا من هز البطون واللعب بالمؤخرات، وأن الفيلم لا يربطه بحوار الحضارات أي رابط، باعتبار أن ما يحمله أبعد ما يكون عن عادات المجتمع العربي الإسلامي، وأن تعايش الحضارات لن يتأتى بالرقص والشذوذ الجنسي وتحريك البطون حسب الوصفة الشرقية. ورأى المنتقدون أيضا أن الفيلم جاء استجابة للنظرة الغربية والأمريكية خصوصا التي تحاول أن تقزم العالم العربي والإسلامي وتشوه هويته وخصوصيته، وهذا ما يبرر الدعم المالي الكبير الذي خصص له. كما عاب البعض على المخرج كونه حول عددا من الممثلين المغاربة المرموقين في الفيلم إلى مجرد كومبارس بأدوار ثانوية وباهتة بجانب الممثلين الغربيين. وازداد السجال أكثر حول فيلم 'كل ما تريده لولا' ما بين مؤيد ومعترض، بعد إقدام إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي على إلغائه من قائمة الأفلام المشاركة في هذه التظاهرة التي أقيمت خلال صيف السنة التي نودعها. رئيسة المهرجان بررت قرار الإلغاء بكون الفيلم سبق أن عُرض في مهرجانات أخرى، منها مهرجان أبوظبي ودبي. وزادت على ذلك بالقول إن فيلم عيوش ضعيف فنيا للغاية ولا يليق بافتتاح مهرجان الإسكندرية. ونقلت صحف محلية عن رئيس جمعية نقاد السينما المصرية قوله إن الفيلم كارثة فنية وأخلاقية، وأيضا عن النجم محمود ياسين تصريحه بأن العمل المذكور يسيء إلى مصر والمصريين ويظهرهم كدعاة فسق وفجور. فيما عبّر آخرون عن اعتقادهم بأن إدارة مهرجان الإسكندرية مارست الرقابة على الإبداع وسعت إلى مصادرة حرية المخرج السينمائي. ومن جهة أخرى، بعض المتتبعين على وزيرة الثقافة المغربية الممثلة ثريا جبران قبول أن يتم تكريمها في المهرجان المذكور في الوقت الذي مُنع فيه فيلم مغربي من المشاركة. وطالبها مخرج العمل بتقديم توضيحات كافية بهذا الخصوص.

مقابل نفور المصريين من فيلم نبيل عيوش الجديد، حظي هذا الأخير باحتفاء خاص في المغرب، إذ تصدر قائمة الأعمال التي عرضت بالقاعات السينمائية خلال النصف الثاني من عام 2008، كما منحته لجنة تحكيم المهرجان الوطني العاشر للفيلم المغربي الجائزة الكبرى للدورة العاشرة التي أقيمت بمدينة طنجة في النصف الأول من كانون الأول (ديسمبر) 2008. ولاشك في أن نبيل عيوش تنفس الصعداء بعد حصوله على هذه الجائزة؛ بينما شعر منتقدو الفيلم بالإحباط والاستغراب.

نقاشات على هامش معرض الكتاب

سجال آخر، ثار خلال السنة التي نودعها حول 'جائزة المغرب للكتاب'، ومن أبرز المشاركين في هذا السجال الناقد عبد الرحيم العلام (عضو المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب) الذي نشر بيانا في بعض المواقع الإلكترونية والصحف ـ من بينها 'القدس العربي' ـ ينتقد نتائج الجائزة (دورة 2007)، ويعتبر أنها شابتها خروق والتباسات استعرضها في عدة نقط، ليؤكد أن 'إحساس المثقفين المغاربة الحقيقيين بأن هذه الجائزة قد انتزعت منهم، وأصبح تفويتها إلى الأتباع والحواريين يتم في غفلة من الوزارة الوصية هو إحساس آخذ في التنامي دورة بعد أخرى.' وذكر أيضا أن بعض أعضاء اللجنة الكبرى لجائزة المغرب للكتاب أبدوا استعدادهم للتعبير عن شجبهم لـ'التلاعبات' التي تمت في غفلة منهم. وطالب وزارة الثقافة بفتح تحقيق في الموضوع، كما دعاها إلى 'تحصين هذه الجائزة وحمايتها من أيدي العابثين، وإحاطتها بكافة الضمانات المطلوبة'.

على صعيد آخر، هب الشاعر محمد بنطلحة معترضا على الزج باسمه في النقاش الذي أعقب الإعلان عن 'جائزة المغرب للكتاب'، وأصدر بهذا الخصوص بيانا أوضح فيه أنه لم يرشّح ديوانه 'قليلاً أكثر' للجائزة المذكورة، وكتب قائلا: 'رفعا لكل التباس، وفي سياق ما يتم تداوله هذه الأيام جائزة الكتاب على أعمدة الصحف وفي أوساط المهتمين بالشأن الثقافي في بلادنا، ثم لأن اسمي قد زُجَّ به في أكثر من مرة في ثنايا نقاش ما كان ينبغي أصلا أن أكون طرفا فيه، يهمني أن أدلي بما يلي: إنني أنفي نفيا قاطعا أن أكون قد رشحت هذه السنة ـ مثلما لم أرشح في أي سنة سابقة ـ نفسي لا لهذه الجائزة ولا لأي جائزة أخرى. صحيح حدث أن نلتُ ـ وأنا طالب في كلية الآداب بفاس ـ سنة 1971 جائزة الشعر الأولى عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. ثم حدث أيضا أنني اعتذرت عن قبول جائزة غير هذه في أواخر التسعينيات. ولكن في كلتا الحالتين، لم أرشح نفسي. طبعا، في كل مرة كان يؤخذ إذني، ثم كان ما كان. هذه المرة: كتابي فوق المشرحة وأنا آخر من يعلم! كيف حدث هذا؟ أختصر، وأقول بحسن نية، على الأقل إلى أن يظهر الفرق بين الرذاذ والطوفان: هناك أكثر من ثغرة، ليس في قانون الجائزة وكفى. ولكن، في مسائل أخرى أيضا. ما همّ! للريح أن تعبث بالريح. ولي أن أبعثر هنا أو هنالك خطاي. هكذا شريعتي. وهكذا أنا. منذ البدء وهاجسي: جملة شعرية واحدة أفضل من عشرات الجوائز، ثم إنه إذا كان للشاعر أن يتبارى فله ذلك. ولكن، بين نفسه ونفسه. أو ـ بالأحرى ـ بين أنواته المتعددة. ثمة ألف مضمار. وثمة ألف فخ وفخ. في نهاية المطاف: العجلة التي تدور لا تصدأ.'

وإذا كان النقاش حول الجائزة جاء متزامنا مع تنظيم الدورة الـ14 للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء (بحكم أن الجوائز سلمت للفائزين خلال التظاهرة نفسها)، فإن الدورة خلقت كذلك رد فعل لدى الشاعر محمد بنيس الذي بدا مستاءً من قرار 'منعه' (على حد تعبيره) من المشاركة في ندوة احتفائية بالشاعر الراحل عبد الله راجع أقيمت ضمن البرنامج الثقافي للمعرض المذكور. وأنحى باللائمة على وزارة الثقافة التي اعتبر أنها أبعدته عن الندوة المشار إليها. وتساءل قائلا في 'رسالة إلى عبد الله راجع' نشرتها 'القدس العربي': 'لماذا تستبعدني وزارة الثقافة من لقاء كهذا؟ ما يدفعني لطرح السؤال هو ظني أنني ما زلت علي قيد الحياة، وأن المدعوين للمشاركة في الندوة من القريبين منك ومني. يعني أنها ندوة تفترض استدعاء حياتك وأعمالك من خلال ذاكرة أصدقائك. فهل استبعادي يعني أن حياتنا التي تقاسمناها كانت مجرد وهم؟ وهل أنا أقل معرفة بك من أصدقائنا الحاضرين؟ ألم أكن الشخص الذي حرّضك على طبع ديوانك الأول في مطبعة 'دار الكتاب' وتشرف بالإنجاز؟ ألم أكن الوحيد الذي تركت له وصية فيما أعلم؟ ثم ألم أكن الوحيد الذي سهر، من بين الأصدقاء، على جنازتك ورافقك إلى مأواك الأخير وكتب عنك؟'

محطات وتساؤلات حول الهوية

بالإضافة إلى المعرض الدولي للنشر والكتاب الذي كانت فيه فرنسا ضيف شرف دورته الرابعة عشرة، شهدت سنة 2008 تنظيم 'المعرض الدولي للكتاب' في مدينة طنجة، وهو تظاهرة ثقافية ذات توجه فرنكوفوني من منطلق الجهة المشرفة عليها (المعهد الثقافي الفرنسي)، وشهدت دورته الثانية عشرة تكريم الروائي المغربي إدريس الشرايبي أحد أعلام الأدب المغربي المكتوب باللغة الفرنسية.

ومن مدينة فاس، كانت انطلاقة الاحتفالات بحدث '12 قرنا من حياة مملكة' التي تؤرخ لتأسيس الدولة المغربية على يد 'الأدارسة' (فقد تأسست مدينة فاس أولا على يد إدريس الأول الذي حل بالمغرب هاربا من تنكيل 'العباسيين' بـ'العلويين' أحفاد الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان تأسيس فاس أواخر القرن الثامن قبل أن يقوم ابنه إدريس الثاني بتوسيعها سنة 182 هجرية الموافق لعام 808 ميلادية، أي قبل 1200 سنة من الآن واتخذها عاصمة لدولة 'الأدارسة'). وكاد صفو الاحتفالات يتعكر بفعل عاملين اثنين: ـ أولهما اعتراض البعض من كون التسمية الأولى لهذه التظاهرة ألغت مكوناً أساسيًا في تاريخ المغرب وبنيته الاجتماعية والثقافية والحضارية، أي المكون الأمازيغي الذي كان سابقا على المكون العربي من حيث التسلسل التاريخي، ومن ثم جرى تعديل التسمية إلى '12 قرن مِـــنْ حياة مملكة'. أما الاعتراض الثاني فقد أبدته إحدى الشخصيات التي اعتبرت أنها صاحبة فكرة إنجاز مشروع الاحتفالات بذكرى 1200 سنة على تأسيس مدينة فاس. يتعلق الأمر بأحمد بنصديق المدير التنفيذي لجمعية أسست خصيصا لهذا الغرض. ولكن البساط سرعان ما سحب من بنصديق، وفُوِّتَ لسعد الكتاني المقرب من دوائر القرار بالمغرب، ورصدت له إمكانيات مادية وإعلامية هائلة لإنجاز هذه الاحتفالات التي شملت العديد من المدن المغربية وكذا خارج البلاد.

على صعيد آخر، حاول عدد من الغيورين على لغة الضاد المساهمة في لفت الانتباه إلى سؤال الهوية اللغوية بالمغرب من خلال جمعيتهم 'الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية'، ومن ثم نظموا عدة ندوات ولقاءات، كما سعوا إلى مد الجسور مع الناشطين في اللغة والثقافة الأمازيغية، فراسلوا 'المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية' من أجل 'تدارس سبل التعاون في مجال مقاربة الوضعية اللغوية بالمغرب، وتمكين الجمعية من بسط رأيها في الموضوع، رفعاً لكل التباس بين الهيئتين'. وطلبت الجمعية أيضا من عدد من ممثلي الأحزاب في البرلمان المغربي عقد لقاء مع فرقهم لمعرفة موقفهم من وضعية اللغة العربية بالبلاد، وكذا لإطلاعهم على ما تعتزم الجمعية القيام به للمساهمة في رد الاعتبار للغة العربية' ومحاربة 'التلوث اللغوي الذي أصبح يعم كافة المرافق، إلى درجة أن المغاربة أصبحوا يشعرون بالغربة في وطنهم'.

وفي السياق ذاته، احتضنت مدينة وجدة أواسط نيسان (أبريل) 2008 مؤتمرا دولية حول 'اللغة العربية والتنمية البشرية: الواقع والرهانات'، أشرف على تنظيمه 'مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بتعاون مع 'المجلس العلمي المحلي' ورئاسة جامعة 'محمد الأول' في وجدة بمشاركة حوالي ستين باحثا من عشرين دولة عربية وإسلامية. وكان المؤتمر مناسبة لتقييم السياسات اللغوية المعتمدة في البلدان العربية، في أفق توحيد الجهود لتطويرها والنهوض بها.

من جانب آخر، كان لرحيل الشاعر العربي الكبير محمود درويش وقع أليم في الأوساط الثقافية المغربية التي أقامت لقاءات تكريمية للراحل في أكثر من مناسبة، ومن ذلك، قيام كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط بتنظيم أمسية شعرية كبرى احتفاء بدرويش، شارك فيها 10 شعراء من سبعة أقطار، حيث قرأوا مختارات من قصائده التي تجسد قيم المحبة والسلام وتعلي من حيوية الحياة وإنسانية الإنسان، وأقيمت التظاهرة في سياق الاحتفاء العالمي بالشاعر الفقيد.

شارك في الامسية محمد بنيس ومحمود عبد الغني ورجاء الطالبي وجلال الحكماوي من المغرب اضافة الى الشاعر التونسي منصف الوهايبي والاردني امجد ناصر والامريكي الفرد كورن والفرنسي ليونيل راي وغيرهم.
وفي وقت سابق من عام 2008، كان 'بيت الشعر في المغرب' أعلن منح جائزة 'الأركانة' العالمية للشعر إلى محمود درويش، وكان مقررا أن يتسلم هذا الشاعر جائزته خلال لقاء احتفائي حدد له من قبل تاريخ 24 تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم. لكن 'سبق السيف العذل'، ورحل درويش دون أن يحضر 'عرسه' الثقافي البهيّ، الذي أقيم في غيابه، وحضر نيابة عنه أخوه الأستاذ أحمد درويش، وكذا صديقه الفنان مارسيل خليفة وغيرهما من أصدقاء ومحبي الشاعر الراحل.

سينما من كل حدب وصوب

شهد عام 2008 الاحتفال بمرور خمسين سنة على انطلاق السينما المغربية، ذلك أن أول فيلم روائي مغربي طويل كان هو 'الابن العاق' الذي أنجزه المخرج الراحل محمد عصفور سنة 1958. كانت المناسبة فرصة للكثير من المهتمين ولوسائل الإعلام المحلية للوقوف وقفة تأمل ونقد حول واقع الفن السابع في المغرب. فالمفارقة التي تطرح نفسها بهذا الخصوص، أنه بمقابل تزايد عدد الأفلام التي تنتج سنويا، وبمقابل تناسل المهرجانات السينمائية في مجموعة من المدن المغربية، يلاحظ أن القاعات السينمائية تشهد انحسارا في عددها عاما بعد آخر، كما يلاحظ تراجع في نسبة الإقبال على مشاهدة الأفلام بالقاعات التجارية.

وتشير الأرقام إلى أن الفيلموغرافية المغربية وصلت خلال خمسين سنة (من 1958 إلى 2008) حوالي 200 فيلم، أي بمعدل أربعة أفلام كل سنة. في حين أصبح العدد يتراوح منذ بضع سنين ما بين 12 و18 فيلما سنويا. أما بخصوص القاعات السينمائية فلم تعد تتجاوز 70 قاعة في المغرب بأكمله، بينما كامن تصل قبل عشر سنوات إلى 250 قاعة. وبينما كان يلج تلك القاعات قبل عشر سنوات 25 مليون مشاهد سنويا، صارت الفرجة السنوية حاليا مقتصرة على أقل من ثلاثة ملايين مشاهد. ويعزو مراقبون ذلك إلى انتشار قرصنة الأفلام وتسجيلها في أسطوانات مدمجة تباع بأثمان زهيدة، وكذا وجود وسائط اتصال أخرى تسهل عملية الفرجة السينمائية.

أما بخصوص المهرجانات السينمائية التي نظمت خلال السنة التي نودعها، فيمكن استعراض أهمها على النحو التالي:

فقد تميزت الدورة 14 لمهرجان تطوان السينمائي المتوسطي بتكريم الممثل المصري محمد هنيدي والممثلة المغربية عائشة ماه ماه، ومنحت لجنة التحكيم برئاسة النجم المصري حسين فهمي الجائزة الكبرى في صنف الأفلام الطويلة للفيلم السوري 'الهوية' لمخرجه إبراهيم الشمات، فيما نال فيلم 'لادرونيس' (اللصوص) للمخرج خايمي ماركيز أولاغيرا بجائزة النقد، أما فيلم 'القلوب المحترقة' لمخرجه المغربي أحمد المعنوني فقد نال جائزة لجنة التحكيم وجائزة الجمهور التي أحدثت لأول مرة. وفي صنف الفيلم الوثائقي منحت الجائزة الكبرى للفيلم الفلسطيني 'موال فلسطين' من توقيع نداء سينوكروط، وفي مجال الأفلام القصيرة آلت الجائزة الكبرى إلى فيلم 'الغناء الجنائزي' لمخرجه المغربي محمد مفتكر.

وهناك ملاحظة جزئية جديرة بالانتباه أن تنظيم دورة هذه السنة جاء متزامنا مع مهرجان آسفي للسينما الفرنكفونية، وذلك على خلفية العلاقة المتشنجة بين كل من نبيل بنعبد الله وزير الإعلام السابق ونور الدين الصايل مدير 'المركز السينمائي المغربي'. فالأول يرأس إدارة مهرجان تطوان (شمال)، والثاني يولي عناية خاصة لمهرجان أسفي (جنوب البلاد). وفي دورة هذا العام من المهرجان الدولي للفيلم الفرنكفوني بأسفي، مُنِحَ فيلم 'في انتظار بازوليني' للمخرج المغربي داود أولاد السيد الجائزة الكبرى من لدن لجنة التحكيم التي كان يرأسها السينمائي السوري رفيق الصبان، كما كرمت الدورة المخرج المغربي حميد بناني.

وفي العاصمة الرباط، أقيمت الدورة الرابعة لمهرجان 'سينما المؤلف' التي تميزت بتكريم الممثلة المغربية بديعة ريان والمخرج السوري نبيل المالح والمخرج المغربي لطيف لحلو والممثلة المصرية نادية الجندي. ولم يمر هذا المهرجان بدون ردود فعل، فقد كتب الناقد السينمائي المغربي مصطفى المسناوي في صحيفة 'المساء' مقالا مبديا فيه استغرابه من تكريم نادية الجندي، وكتب: 'هذا مهرجان اختار لنفسه التخصص في شيء أُطلِق عليه 'سينما المؤلف' (ويعني بها المختصون الأفلام المدموغة ببصمة المخرج وخاتمه الخاص والمتحدية لضغوط المنتج وسطوة 'النجوم') يكرم الممثلة المصرية نادية الجندي، علما أنها لا علاقة لها بالتأليف من قريب أو من بعيد، بل إن علاقتها بالسينما التجارية (أي 'سينما النجوم' و'أشباه النجوم' التي تقف على طرفي نقيض من سينما 'المؤلف') هي أوطد من علاقتها بأي شيء آخر...' في حين لاحظت صحيفة 'التجديد' المقربة من الإسلاميين أن مفاجأة المهرجان تتمثل في فوز فيلم 'دافيد وليلى' للمخرج الأمريكي جان جون روي، وهو فيلم ـ برأيها ـ يسيء إلى الإسلام ويروج للدعاية الصهيونية، ويحكي قصة صحفي صهيوني أمريكي يقع في حب كردية هاربة من العراق، وهي مسلمة تتعاطى الرقص الشرقي وتشرب الخمر بلباس فاضح مع وضعها خمارا على رأسها.
وفي مدينة مراكش، أقيم المهرجان العالمي للفيلم الذي خصص دورته الثامنة لتكريم السينما البريطانية، وكذا للاحتفاء بخمسينية السينما المغربية وبالتقنيين والسينمائيين المغاربة في شخص الفنان العربي اليعقوبي مصمم أزياء الأعمال السينمائية والمسرحية. كما أعطى المهرجان مكانة خاصة للمخرج الراحل يوسف شاهين. وخلال هذه الدورة، فاز الفيلم الروسي 'حقل بري' للمخرج ميخائيل كالاتوزشفيلي بالنجمة الذهبية، الجائزة الكبرى، للمهرجان، علما بأن لجنة التحكيم كانت برئاسة المخرج الأميركي باري ليفنسون،

وفي مدينة مرتيل القريبة من تطوان، أقيمت الدورة الثامنة للمهرجان السينمائي الخاص بالسينما المغربية والإسبانية والأمريكية اللاتينية. وكانت أبرز نتائجه متمثلة في منح الجائزة الكبرى صنف الأفلام الوثائقية مناصفة بين فيلميْ 'الثوار الجدد' للمخرجة المغربية بشرى إيجورك و'بانشوفيا' للمخرج المكسيكي فرانسيسكو طابووادا طابون. وفي صنف الأفلام القصيرة، آلت الجائزة الكبرى لفيلم 'سلام وديمتان' للمخرج المغربي محمد أمين بنعمراوي.

وفي مدينة طنجة أقيم المهرجان المتوسطي للفيلم القصير المتوسطي، الذي خرج فيه البلد المنظم المغرب خالي الوفاض، إذ لم يفز بأية جائزة للمرة الثالثة خلال الدورات الست، وكانت الجائزة الكبرى من نصيب فيلم برتغالي.

وفي مدينة أغادير، نُظم مهرجان الفيلم الوثائقي الذي شهدت دورته الأولى المقامة من طرف 'جمعية الثقافة والتربية بواسطة السمعي البصري' مشاركة أفلام وثائقية من المغرب والخارج. اللافت للانتباه في التظاهرة عرض فيلم 'إسرائيلي' يحمل عنوان 'حقول التوت' الذي قُدِّم ضمن المنافسة العالمية في 'المهرجان الأول للشريط الوثائقي' أمام جمهور قليل وغياب تام للممثلين المغاربة، حسب أحد المتتبعين الذي كتب أن موضوع الفيلم 'الإسرائيلي' يدور حول الجو السائد بين الفلسطينيين و'الاسرائليين' بفعل النزاع السياسي بين الطرفين، مع انحياز تام وواضح للرواية الإسرائيلية حول النزاع. ويركز الفيلم الوثائقي الذي مولته إحدى القنوات التلفزيونية الإسرائيلية، واخرج من طرف المخرجة الاسرائيلية أيليت هيلير على مشاهد جني فاكهة التوت، من طرف سكان غزة الذين يعتنون بها ويهتمون بغرس البذور في أرض غزة، خصوصا أن فاكهة التوت تعتبر من أهم مصادر الدخل لدى الفلسطينيين، الذين يصدرونها إلى الخارج حيث تزين رفوف أرقى المحلات الأوروبية. كما يتهكم الفيلم في بعض مشاهده على الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال، ويقدم أطفال غزة في صورة أغبياء يحلمون بهزم الجيش الاسرئيلي بواسطة الحجارة.

مسارح لكل الفئات

تَكرَّسَ تقليد المهرجانات المسرحية في العديد من المدن المغربية، منها تلك التي تنظمها وزارة الثقافة أو تنظمها فروع النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، أو بعض المؤسسات الجامعية. فقد نظمت وزارة الثقافة الدورة العاشرة للمهرجان الوطني للمسرح التي احتفت بالجزائر من خلال برمجة عرض من هذه الدولة الجارة في حفل الافتتاح، ولأول مرة يتم الاستعانة بخبرات فنية عربية في تأليف لجنة التحكيم التي توسعت لتشمل أعضاء من مصر والعراق وتونس بجانب البلد المنظم المغرب.

كما شهدت مدينة الرباط ميلاد تظاهرة فنية جديدة تتمثل في مهرجان شالة المسرحي الذي تقف وراء تنظيمه النقابة الوطنية لمحترفي المسرح فرع جهة الرباط، وتميزت دورته الأولى بتخصيص مسابقة للمسرح بالعربية وأخرى للمسرح بالأمازيغية، كما جرى تكريم الفنان أحمد الطيب العلج.

وفي فاس نظم فرع النقابة المذكورة بهذه المدينة الدورة الثالثة لمهرجان فاس للمسرح الاحترافي الدولي (دورة الدراماتورج المرحوم الحسين المريني)، بينما خصص فرع مراكش الدورة الخامسة من مهرجانه المسرحي الدولي لتكريم الفنان المهدي الأزدي الذي جمع بين التأليف والتمثيل وإنجاز الديكورات المسرحية.

وفي صنف المسرح الجامعي أقيمت مهرجانات بكل من مدن مراكش وفاس وأغادير، وكرمت هذه المهرجانات على التوالي الفنانين المغاربة: عزيز موهوب ومليكة العماري، حسن المنيعي، فضيلة بن موسى وعبد الواحد بن ياسر.

وكان المسرح الأمازيغي من خلال دورة ثالثة أقيمت في مدينة الدار البيضاء، فيما شكلت مسرحية 'تاماتارت' لفرقة 'نون' من مدينة الخميسات مسرحية الموسم في هذا الصنف من الإبداع الناطق باللغة الأمازيغية.

متوّجون...

نال مثقفون ومبدعون مغاربة جوائز مختلفة خلال العام الذي نودعه، فقد أعلنت مؤسسة 'ابن رشد للفكر الحر' فوز المفكر محمد عابد الجابري بجائزتها عام 2008، والملاحظ أن هذا المفكر بدأ خلدونيا وانتهى رشديا مغرما بصاحب 'فصل المقال' في فهم مشكلات عصره، حسب تعبير أحد النقاد.

وحصل محمد بن عيسى وزير الثقافة المغربي السابق ومؤسس موسم أصيلة الثقافي على جائزة الشيخ زايد للكتاب كأفضل شخصية ثقافية للدورة الثانية (2007 ـ 2008)، فيما نال الكاتب المغربي الدكتور محمد سعدي جائزة الشيخ زايد للكتاب فرع المؤلف الشاب عن كتابه 'مستقبل العلاقات الدولية من صراع الحضارات إلى أنسنة الحضارة وثقافة السلام'.

كما جرى على هامش معرض الكتاب في الدار البيضاء تسليم جائزة المغرب للكتاب برسم دورة 2007 للفائزين بها، وهم: محمد المعزوز عن روايته 'رفيف الفصول' (في صنف الإبداع الأدبي)، وشرف الدين ماجدولين في صنف الدارسات الأدبية والفنية عن مؤلفه 'ترويض الحكاية: قراءة في التراث السردي'، وعبد الحق منصف في صنف العلوم الإنسانية والاجتماعية والقانونية عن كتابه 'رهانات البيداغوجيا المعاصرة'. فيما كانت جائزة الترجمة من نصيب أحمد بوشارب عن ترجمته لكتاب 'حوليات أصيلة' للكاتب البرتغالي ليناردو رودريكيس.

وفاز الشاعر منير الإدريسي والقاص نبيل دريوش بجائزة المغرب للكتاب للأدباء الشباب برسم دورة (2006 ـ 2007) الأول عن مجموعته الشعرية 'مرايا الريش الخفيف' والثاني عن مجموعته القصصية 'ملامح صغيرة'.

وارتأى منظمو مسابقة 'طنجة الشاعرة' أن تقترن الدورة الثامنة باسم الشاعر المغربي عبد الكريم الطبال، وكذا الشاعر المصري صلاح عبد الصبور.

وخصصت جريدة 'لافوس ديل أوكسدنتي' الإسبانية، جائزة حرية التعبير الدولية لسنة 2008 للفنان المغربي أحمد السنوسي المشهور بـ'بزيز'، وتسلم هيئة تحكيم مستقلة هذه الجائزة إلى 'كتاب وصحافيين وفنانين مرموقين عرفوا بدفاعهم المستميت، كل في مجاله عن حرية التعبير وسعيهم إلى الكشف عما يسعى أعداء الديمقراطية إلى إخفائه والتعتيم عليه حتى وإن أدى بهم ذلك إلى قمعهم وحصارهم ومنعهم'. وورد في مبررات تسليم هذه الجائزة إلى السنوسي اشتهر بدفاعه في بلاده عن الديمقراطية وحرية التعبير والتزام فنه ووقوفه إلى جانب المضطهدين من الطلبة والمعطلين، إضافة إلى الحصار والمنع الرسميين اللذين تعرض لهما من طرف السلطة طيلة 18 عاما.

وفي مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي جرى تكريم الفنان المسرحي المغربي عبد القادر البدوي تقديرا لإسهاماته في إثراء أب الفنون بالمغرب.

قيادات ثقافية

جدد المؤتمر الوطني الرابع عشر لاتحاد كتاب المغرب ثقته في الناقد عبد الحميد عقار رئيسا لهذه المنظمة الثقافية لولاية ثانية.

وفي 'بيت الشعر بالمغرب'، أوكلت 'الهيئة التنفيذية' بإجماع أعضائها مهمة رئاسة هذا المنتدى الشعري لنائب الرئيس الشاعر نجيب خداري صاحب المجموعة الشعرية التي تحمل عنوان 'يد لا تسمعني' والذي ساهم في تطوير الصحافة الثقافية بالمغرب من خـــلال عمله مسؤولا بالقسم الثقافي لجريدة 'العلم'.

وجاء إسناد المهمة الجديدة لنجيب خداري بعد طلب الاعفاء من مهمة رئاسة "بيت الشعر" الذي تقدم به الشاعر حسن نجمي، وذلك حتى يتسنى له التفرغ الكامل لمهمته مديرا لمديرية الكتاب والخزانات والمحفوظات بوزارة الثقافة.

ومن جهة أخرى، انتخب الفنان محمد الدرهم رئيسا جديدا لـ"الائتلاف المغربي للثقافة والفنون" خلفا لحسن النفالي.

على صعيد آخر، وبعد أخذ ورد بين المغرب ومصر، انسحبت مندوبة المغرب لدى اليونيسكو السفيرة عزيزة بناني من الترشح لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو". وجاء انسحاب المرشحة المغربية عقب مشاورات جرت بين المغرب ومصر خلال الفترة الماضية للاتفاق على مرشح عربي واحد يخوض الانتخابات بما يعزز من فرص نجاح وزير الثقافة المصري فاروق حسني لتولي هذا المنصب.

راحلون...

ودعت الساحة الثقافية والفنية المغربية خلال عام 2008 عددا من الأسماء الإبداعية، وهم: الممثل حسن الصقلي، الشاعر الزجال حسن المفتي، الفنان التشكيلي ميلود لبيض، الباحث والأديب عبد السلام الحيمر، الشاعر محمد الحبيب الفرقاني، الشاعر عبد الكريم باديش، الملحن عبد الرفيق الشنقيطي، الممثل عبد القادر لطفي.

القدس العربي في 1 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)