حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

حكايات إنسانية يرويها الأبناء

حفيدته الفنانة عطية عادل خيري تروي ملامح من سيرة أبيها وجدها

«بديع خيري» المدرس الذي سطر مع الريحاني وسيد درويش فن الزمن الجميل

القاهرة - سماح مكي

عندما دخلت شقة ابنة الفنان عادل خيري حفيدة «موليير مصر» بديع خيري شعرت بأن الزمن قد عاد بي إلى الوراء عشرات السنين.. كل شيء في المكان يحدثك عن الأيام الخوالي: المشربية.. قطع الأرابيسك.. السجاد والشلت العربية المغطاة بقماش يحمل نقوشاً عربية في أركان المكان.. الأباليك النحاسية المزخرفة بالزخارف الإسلامية.

رغم هذا الجو التاريخي الإسلامي الذي يحيط بالمكان من كل اتجاه كانت سلطانة الطرب منيرة المهدية تعتقد طوال سنوات التعاون مع بديع خيري انه مسيحي حتى اكتشفت أنه مسلم صدفة..

هكذا تقول الفنانة عطية عادل خيري حفيدة بديع خيري في حوارها ل «النهار» رغم هذا الجو الإسلامي الذي نعيش فيه .. هناك من يعتقد خطأ أننا مسيحيون.. ولم تتضح الصورة بعض الشيء إلا عندما أقول لهم إن جدي اسمه بديع عمر خيري، وربما يعود هذا الاعتقاد إلى العلاقة الوطيدة التي كانت تربط جدي بنجيب الريحاني، وهذا الموقف إن دل على شىء فإنما يدل على أن هذا الزمن كان جميلاً في كل شيء.

وتواصل عطية حديثها قائلة ربما يكون ارتباط جدي بالريحاني والعلاقة المتميزة بينهما هي سبب نجاح التوأم والذي بدأ عندما شاهد الريحاني إحدى مسرحيات جدي التي كتبها لفرقة صغيرة من الهواة على مسرح «الإجيبسيانا» في شارع عماد الدين، وهو نفس المسرح الذي يعرض عليه مسرحياته، فسأل عن مؤلفها، فادعي أحد الأشخاص أنه هو المؤلف وهو صديق جدي، وشعر الريحاني بالريبة لمعرفته المسبقة به، وإن كان لم يناقشه.. وبالفعل كتب ثلاث مسرحيات «على كيفك» و «كله من ده» و«استعراض 1918 1920»، ونجحت المسرحيات، مما جعل الريحاني يشعر بارتياح شديد ويطمئن على مستقبل فرقته.. وظل جدي يرى نجاح أعماله دون أن يجرؤ على الإفصاح عن أنه المؤلف الحقيقى للمسرحيات خوفاً من أن يكتشف أمره ويفقد وظيفته كمدرس للغة الإنكليزية، حتى طلب الريحاني من صديق جدي بعض التعديلات في المسرحية، فاضطر الرجل لمصارحة الريحاني بأن بديع خيري هو مؤلف المسرحية وليس هو.. وتم اللقاء الأول بينهما وأبدى الريحاني إعجابه الشديد بقلمه وكتب معه العقد، وكان ذلك اليوم يوافق تاريخ ميلاد جدي «18 أغسطس».. وتوالت المسرحيات والاستعراضات والنجاحات التي رفعت كلاً منهما.. ولم يعمل نجيب الريحاني مع أحد سوى بديع خيري.. حتى الأفلام التي قدمها وهى عشرة أفلام كانت بقلم جدي، ومنها «صاحب السعادة كشكش بيه» و «سلامة في خير» و«سي عمر» و«لعبة الست» المأخوذ عن مسرحية «لعبة كل يوم» و«أبوحلموس» عن مسرحية «لو كنت حليوة».

بعد الكتابة تلاشي حلمه في التمثيل.. أصل الحكاية قسمة ونصيب .. بهذه العبارة تستطرد عطية في الحديث عن جدها وتقول بالفعل، فقد قام بتكوين فرقة مسرحية مع زملائه الهواة من أجل تحقيق حلمه وهو أن يصبح ممثلاً، لكن أعضاء الفرقة وجدوا أن إحضار مؤلف سيكلفهم المال الكثير.. ولأن جدي كانت لديه موهبة التأليف طلبوا منه التفرغ للكتابة.. وبعد أن نجح في الكتابة وارتبط اسمه بالريحاني أخذ حلمه في التمثيل يتلاشى، حتى انه قام بإصدار مجلة فكاهية اسمها «ألف صنف» وكان يكتب فيها بيرم التونسى عندما كان منفياً في أوروبا.

لم يكن بديع خيري شريكاً فنياً لنجيب الريحاني فقط، بل كان أيضاً شريكاً أساسياً في نجاح سيد درويش.

توضح عطية من الأشياء التي لا يعرفها الكثيرون، أن 90% من تراث سيد درويش كتبه جدي مثل أغنية «قوم يا مصري مصر دايماً بتناديك» والتي كانت شعاراً لثورة 1919، و«ياما ليه تبكي عليا وأنا مسافر الجهادية» و«هز الهلال يا سيد كرماتك لجل نعيد».. و«الأروام» و«الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية» و«الوارثين».. وفيها ينتقد الأبناء المستهترين حيث تقول كلماتها «إن ضاعت أطيان بابا، البركة في سيغة نينة» وفي أغنية «القلل القناوي» كان يحث المواطن المصري على الإقبال على المنتجات المصرية والامتناع عن شراء المنتج الأجنبي وقد كان جدي سبباً في التعاون الذي تم بين الريحاني ودرويش بعد ذلك. وتؤكد الحفيد أن إنتاج بديع خيري لم يتوقف عند التعاون مع الريحاني وسيد درويش قام بتأليف بعض مسرحيات الفنان «علي الكسار» وأيضاً في الغناء كتب أغنية «عليك صلاة الله وسلامه» للمطربة أسمهان، و«شحات الغرام» و«ليّ عشم وياك يا جميل» لمحمد فوزي وكتب لمطربين آخرين منهم الموسيقار فريد الأطرش وليلى مراد وسلطانة الطرب «منيرة المهدية».

كما كان جدي صديقاً لأم كلثوم وكان من المفترض أن يكتب الفيلم الذي سيجمعها مع نجيب الريحاني، ولكن أمام إصرار الريحاني على إخراج الفيلم وكذلك زكي طليمات الذي كان صديقاً للست أيضاً لم يخرج المشروع إلى النور. تأخذنا الفنانة عطية إلى محطة أخرى فى حياة الراحل وهي السينما، حيث تقول: ظلت السينما المصرية تتحدث دوماً عن الباشوات وأولاد الذوات حتى كتب جدي فيلم «العزيمة» الذي أخرجه كمال سليم، حيث تعرض إلى مشاكل الطبقة الوسطى ووضع الحارة المصرية في السينما لأول مرة. وقد حقق الفيلم نجاحاً كبيراً لأن الشعب بدأ يشاهد مشاكله على الشاشة وهذا يعود إلى نشأة جدي في حي «روض الفرج» الشعبى حيث انغمس هناك في هموم البسطاء.. ولعلمك فإن جدي أيضاً هو أول من كتب سيناريو للرسوم المتحركة في مصر، فقد كتب سيناريو أفلام الإخوة فرانكلين للرسوم المتحركة في الثلاثينيات.

من الجد إلى الأب تنتقل الحفيدة من محطة إلى أخرى تحكي فيها بفخر عن عائلتها الفنية وتقول: إن والدها عادل خيري عاش بعض الوقت هناك هو وأشقاؤه «مبدع ونبيل وآمال» ثم انتقلت العائلة لتعيش في باب اللوق، ثم تواصل الحكي عن والدها وبداياته الفنية: كان نجيب الريحاني قد اتفق مع جدى على إرسال والدي لفرنسا لدراسة فن الإخراج وكان والدي يتمنى أن يكون مخرجاً أكثر من أن يكون ممثلاً.. لكن جاءت الرياح بما لا يشتهى والدي حيث توفي الريحاني وهو في السنة النهائية في كلية الحقوق جامعة القاهرة، وحدثت انتكاسة لمسرحه حيث كان جدي يوزع أدوار الريحاني في تلك الفترة على «سراج منير» و«حسن فايق».. وبدأ والدى يحصل على أدوار صغيرة في الفرقة على الرغم من أنه ابن بديع خيرى لكن جدي كان يرى أن الحكم على موهبة أي فنان تعود لجمهور المسرح وليس بديع خيري أو غيره.. والحقيقة أن والدي عندما بدأ يقوم بأدوار نجيب الريحاني أصبح المسرح «كامل العدد» وقد استمرت هذه «اليافطة» توضع حتى توقف والدي عن الوقوف على خشبة المسرح وهذا الإقبال جعل التلفزيون المصري يبدي رغبته في تصوير المسرحيات التي كان يقدمها، علماً بأن عادل خيري قام بتجسيد كل مسرحيات الريحاني باستثناء مسرحية «الستات ما يعرفوش يكدبوا» التي جسدها حسن فايق وعلى الرغم من أنه فنان له ثقل ولديه حضور فني قوي في المسرح والسينما إلا أن دور «فايق» في مسرحية «الستات ما يعرفوش يكدبوا» كان أقل من المستوى الذي قدمه والدي في المسرحيات الأخرى.

كان بديع خيري يرفض أن يعمل ابنه بالفن قبل الانتهاء من دراسته هكذا تؤكد الحفيدة: حياة الفنان في تلك الفترة كانت صعبة حيث كانت لا توجد نقابة تحفظ حقوقهم وكان مصدر رزق الفنان في يد السوق.. هل يحتاجه أم لا.. لذا كان جدي مهتماً بأن يصبح لديه مهنة في البداية ثم بعد ذلك من حقه أن يعمل في الفن وأن يصقل موهبته إذا أراد، وما لا يعرفه الكثيرون أن والدي عمل محامياً لفترة وكان لديه مكتب تشاركه فيه أمي والتي كانت زميلته في كلية الحقوق.. واستمر «يترافع» في المحاكم حتى اضطر إلى أن يتوقف عن ذلك ويتفرغ للفن.

وكان بمجرد أن يدخل قاعة المحكمة للدفاع عن موكله كانت تضج بالضحك لدقائق فكان يشعر بالحرج.. وبتكرار الموقف بعد أن أصبح مشهوراً اضطر أن يوقف عمله في المكتب... خوفاً على مصير موكليه.

ترى عطية أن والدها قدم أعمال الريحاني بشكل معاصر ومختلف لدرجة أن الجيل الحالي عندما يشاهد مسرحياته يضحكون عليها، لأنه أعطاها الشكل الخالد، حيث اعتمد على كوميديا الموقف وليس كوميديا «المشي أو اللبس أو الحركة»، فقد كان الجمهور ينتظر الجملة الحوارية أو الموقف ليضحك عليه وليس في انتظار أراجوز وكان والدي يريد تطوير فرقة الريحاني بإلحاق الشباب بالفرقة، فلك أن تتصور أن والدي كان يقوم بدور المحب للفنانة ميمي شكيب أو زوزو شكيب وهما أكبر منه في السن ولكن العمر لم يسعفه لتحقيق ذلك. سطع نجم عادل خيري في وقت كان فيه إسماعيل ياسين في أوج شهرته وكانت هناك منافسة شديدة بينهما حيث كان إسماعيل ياسين يمتلك مسرحاً في الإسكندرية مثلما كان جدي ووالدي - والحديث موصول لعطية - يمتلكان مسرح الريحاني في كامب شيزار وهذا التنافس ليس بجديد على الوسط الفني، فقد كان جدي شاهد عيان على المنافسة التى كانت بين الريحاني والكسار، وكان يوجد أيضاً يوسف وهبي وكانت له مدرسة وشكل معين.. وكل هؤلاء نجحوا، فسوق الفن يحتمل عمالقة كثيرين طالما أن كل واحد منهم له لونه الفني الخاص.. وكل واحد منهم كان يثري الجو الفني بأفكار وأساليب جديدة.. إذن ليس مستغرباً أن تتسع الساحة الفنية لوالدي وإسماعيل ياسين في هذا العصر الذي كان غنياً بنجوم المسرح عكس الآن حيث إن قليلين جداً من النجوم مازالوا يؤمنون به مثل عادل إمام ومحمد صبحي وسمير غانم وربما يعود ذلك لأن المسرح في الماضي كان «السيد» بينما الآن أصبحت السينما هي «السيد»!.

تتطرق عطية إلى جوانب شخصية من حياة والدها وتوضح: كان جاداً جداً وكان مهتماً بدراسة الشخصيات التي يقدمها ويدرس الأفلام التي سيقوم بأدائها وكان مهتماً بأن يقدم أعمالاً متميزة.. وكان يضايقه عدم التزام الآخرين بالمواعيد.. وما لا يعرفه الكثيرون عن والدي أنه كان صاحب صوت جميل وتوجد لدينا اسطوانات وهو يقرأ القرآن منغماً فقد كان حافظاً لأجزاء كثيرة من القرآن الكريم.. وكان والدي أيضاً يكتب الزجل فهو متعدد المواهب، واستطاع رغم عمره الفني القصير أن يقدم فيلمين هما «لقمة العيش» مع صلاح ذو الفقار ومها صبري و «البنات والصيف» مع كمال الشناوي ومريم فخر الدين. وفي المسرح قدم كل مسرحيات نجيب الريحاني لكن ما تم تسجيله للتلفزيون 5 مسرحيات فقط وهي «إلا خمسة» و«ياما كان في نفسي» و «حسن ومرقص وكوهين» و «ياما كنت حليوة» وهذه الأعمال كانت من إخراج والدي أيضاً.

تفاجأني الفنانة عطية عندما تقول إن بيت جدها لم يكن سعيداً، بل على العكس فقد كان البيت كئيباً جداً، فجدي كان مريضاً بالسكر ما أدى إلى استئصال أصابع قدميه العشرة وعاش على كرسي متحرك بقية حياته، وكانت جدتى وهي قريبة جدي مريضة هي الأخرى بالسكر وقد فقدت بصرها قبل وفاتها بثلاث سنوات ثم توفي والدي بعدها وعمره -32 -عاماً بعد أن قضى في عالم الفن 7 سنوات فقط.. واستمر الحزن مسيطراً على كل شيء في بيت العائلة الكبير، فقد عاش جدي في حزن مستمر بعد أن شعر أن امتداده الفني انقطع عن الدنيا وقد توفي عام 1966. كما كان والدي أيضاً مريضاً بالسكر ثم أصيب بتليف الكبد، وقبل وفاته بعام كان لا يستطيع أن يستكمل العرض المسرحي دون يأخذ بعض الحقن والأدوية في فترات الراحة بين فصول المسرحية.. واستمر الحال على هذا النحو حتى توقف نهائياً عن العمل في المسرح في أواخر أيامه بعد أن ساءت حالته وأصبح مقيماً في المستشفى بصفة مستمرة، وكان الفنان محمد عوض يقوم بدور والدك على المسرح أثناء فترة مرضه، فقد كان من القلائل الذين صادقهم والدي داخل الوسط الفني، تصمت قليلاً ثم تعاود الحكي: حكت لي والدتي أن أبي «زهق» من البقاء طويلاً فى المستشفى والابتعاد عن رؤية جمهوره، فقرر الذهاب ذات مرة إلى المسرح.. وبعد أن انتهى العرض توجه إلى خشبة المسرح من الكواليس فضجت القاعة بالتصفيق طويلاً له، فانهمرت الدموع على وجنتيه متأثراً بحفاوة الجمهور به.. وقد توفى بعد هذا المشهد بأيام وكأنه كان يريد أن يلقى نظرة الوداع على المسرح الذي ارتبط به منذ أن كان يذهب إليه وهو طفل بصحبة والده. تلمع الدموع فى عيونها فأخذها إلى نقطة أخرى في الحوار وأسالها عن والدتها زوجة الفنان عادل خيري فتقول: والدتي هي إيناس حقي بطلة العالم في السباحة في إيطاليا وقد كرمها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وتبنتها مؤسسة أخبار اليوم فى البطولات العالمية التي شاركت فيها.. وتعد شقيقتي «عبلة» امتداداً لوالدتي فهي أصغر فتاة فى العالم تعبر المانش وكان عمرها آنذاك 13 عاماً ومازال الرقم القياسي الذي عبرت به المانش لم يحطم حتى الآن وهي حالياً مدير فى أحد البنوك الخاصة.. وهناك شقيقتي د. عزة وهي متزوجة وتعيش حالياً في هولندا. في نهاية الحوار كان ضرورياً أن أسالها عن تخصصها الفني وهل هي امتداد لجدها ووالدها أم أنها اتخذت طريقاً مغايراً فتقول: أعمل مخرجة لأفلام الرسوم المتحركة.. وحالياً أعمل مسلسل «حكايات التراث» للقنوات المتخصصة وهي تتناول الأبطال الشعبيين الذين يتناول سيرتهم شاعر الربابة مثل عنترة بن شداد وكليب وجليلة والزير سالم وعلى الزيبق وأبوزيد الهلالي وهذا المسلسل يوثق القصص الشعبية التي كانت موجودة فى المنطقة العربية ولى مسلسل «حكايات الأراجواز». في نهاية حوارها كانت لها أمنية وهي أن يعرف الناس تاريخ جدها وقالت: أتمنى من أولاد أعمامى أن يتنازلوا عن المقابل المادي ليظهر كتاب «بديع خيرى» للدكتور نبيل بهجت إلى النور، حتى تعرف الأجيال الحالية والقادمة من هو بديع خيري وحتى لا يسطو أحد على تاريخه.

النهار الكويتية في

30/08/2011

 

صناع السينما نجوم الزمن الجميل

سميرة أحمد .. الجمال والموهبة

القاهرة - أحمد الجندي  

هي إحدى قطع ألماس ثمينة ضمها «عقد» الجواهر النفيسة الذي حوى نجمات السينما المصرية في عصرها الذهبي في الخمسينيات أمثال: «فاتن حمامة، شادية، مديحة يسري، صباح، نعيمة عاكف، لبنى عبدالعزيز، مريم فخر الدين، وقبلهن كانت ليلى مراد» ذلك الجيل الذي يرى النقاد والباحثين السينمائيين أنه لم ولن يتكرر مرة أخرى في السينما المصرية، إنها الفنانة والنجمة «سميرة أحمد» التي لم تخطط ولم تحلم بأن تكون ممثلة أو نجمة بل دخلت عالم السينما بالمصادفة، وبدأت السلم من أول درجة، حيث عملت في بدايتها مع الكومبارس والمجاميع على كس غيرها من النجمات واستطاعت بعزيمتها وإصرارها وصبرها وقبل كل ذلك موهبتها وجمالها أن تجد لنفسها مكاناً رحباً وفسيحاً وسط هؤلاء النجمات.

قدمت- سميرة أحمد- خلال مسيرتها السينمائية ما يزيد على «70» فيلماً من بينها عدد كبير من أهم أفلام السينما المصرية فهي لم تكن تتمتع بالجمال والموهبة وحدهما بل أيضاً بالذكاء الفني وهو ما مكنها من الاختيار والتنوع في أدوارها وأفلامها لتشكل هذه الأدوار وهذه الأفلام علامات مهمة في مشوارها السينمائي وأيضاً في مسيرة السينما وفي عقل ووجدان جمهورها، ولم تكتف هذه الفنانة الكبيرة بما حققته كنجمة بل دخلت مجال الإنتاج وأنتجت عدد من الأفلام التي من بينها أفلاماً ستظل خالدة في ذاكرة السينما، كما قدمت سجلاً حافلاً في الدراما التلفزيونية لتؤكد استمراريتها كفنانة ونجمة سجلت علامات مضيئة في السينما وفي تاريخ الفن المصري.

ولدت «سميرة أحمد إبراهيم خضير» وهذا هو اسمها كاملاً في 29 نوفمبر 1935 بمحافظة أسيوط بصعيد مصر، حيث كان يعمل أبيها موظفاً في محكمة الاستئناف هناك، أما أسرتها فهي أسرة مصرية عادية وإن كانت تعاني من متطلبات الحياة وهذا شيء طبيعي، فالأب موظف والأم «ربة منزل» لا تعمل والأبناء «سبعة» اثنان يسبقان سميرة هما «نوال وخيرية» وأربعة بعدها هم «طلعت وبهجت ونشأت وسامي» لم تمكث الأسرة طويلاً في أسيوط، حيث انتقل الأب إلى محكمة استئناف القاهرة وانتقلت معه الأسرة وكان عمر سميرة وقتها لم يتجاوز 8 سنوات وبالتالي ليس هناك الكثير ما علق بذهنها عن نشأتها الأولى في الصعيد، وفي القاهرة تنقلت الأسرة بين أكثر من مسكن في أكثر من حي من أحياء القاهرة حتى استقرت تماماً في حي «باب اللوق» عندما تحسنت الأحوال المالية للأسرة بعد أن عثر الأب على عمل إضافي في مجال الدعاية والإعلان مستغلاً موهبته في «الخط العربي» فعمل «كخطاط» وساعده في هذه الوظيفة «حسن الخطاط» الذي كان من أساطين هذه المهنة وهو والد الفنانة سعاد حسني وشقيقتها نجاة. التحقت سميرة بمدرسة «يوسف أغا» الابتدائية وبدت سعيدة جداً بالدراسة وتمنت في هذا الوقت المبكر من عمرها أن تكون «مدرسة» فحلم التمثيل والفن لم يكن قد أتي بعد، لكن بعد أعوام قليلة وعندما دخلت مرحلة الصبا بدأت تلاحظ إعلانات الأفلام في الشوارع فبدأت تدرك هذا العام وتتعرف على أسماء نجوم ونجمات السينما لكن لم يخطر ببالها في ذلك الوقت أنها ستصبح بعد سنوات قليلة ضمن هؤلاء النجمات وأنها ستكون داخل هذا العالم الذي كانت تراه ساحراً أقرب إلى الأساطير.

وتدور الأيام دورتها وتلعب المصادفة دوراً كبيراً في دخول سميرة إلى عالم الفن، فبعد سنوات لم يعد الأب قادراً على مواصلة عمله كخطاط بعد مرض أصيب به في عينيه، وبالتالي تتدهور الأحوال المادية للأسرة خصوصاً أن الأبناء قد كبروا وزادت مصاريفهم ومطالبهم، ولم يمكن هناك حلاً سوى أن يعمل الأولاد وتضطر سميرة لأن تعمل وتبدأ مع شقيقتها «خيرية» التي أصبحت فيما بعد الفنانة الكبيرة والقديرة «خيرية أحمد» تبدأ سميرة وخيرية تبحثان عن عمل حتى تساهمان في الدخل المادي للأسرة وترددت الشقيقتان على العديد من المكاتب والشركات تبحثان عن عمل دون جدوى لأنه لا أحد يقبل أن تعمل عنده فتاة صغيرة ترتدي ملابس المدرسة.

وتلعب المصادفة دورها عندما تتقابل سميرة وخيرية أثناء بحثهما عن عمل مع شخص يعمل في شركة أفلام محمد فوزي وكان رجلاً طيباً اسمه «عم أحمد» يعرض هذا الرجل على الفتاتين أن تعملان في السينما ككومبارس وتوافق سميرة وخيرية فهما يريدان أي عمل يساعدان به أسرتهما ويأخذهما «عم أحمد» إلى مكتب أحد الريجسيرات الذي يوافق على أن يلحقهما بالعمل في مكتبه مقابل «جنيه واحد» في اليوم للاثنتين، لكن الأسرة تعترض رغم الضائقة المالية والظروف الصعبة التي تمر بها فهي لا تريد أن تعمل بناتها في السينما لكن عم أحمد يقنع الأب والأم ويتعهد لهما بأنهما سيكونان تحت رعايته وبالفعل يشيع في مكتب الريجسيرات أنه قريب لهما، وتبدأ سميرة أحمد عملها في السينما من خلال الكومبارس والمجاميع!!

وبالفعل تكون هذه هي البداية وتضطر سميرة التي لم تكن قد تجاوزت الـ«15» عاماً أن تخلع ملابس المدرسة وترتدي الفساتين والأحذية ذات الكعوب العالية حتى تبدو أكبر من سنها ومع توالي عملها ككومبارس تصبح وجهاً مألوفاً ليس لدى مكاتب الريجسيرات فحسب بل أيضاً لدى بعض المخرجين الذين كانوا يختارونها من بين الكومبارس والمجاميع لتؤدي دوراً صغيراً في بعض الأفلام التي نذكر منها هنا أفلاماً مثل: «أنا بنت ناس» 1951 من إخراج حسن الإمام، «ابن النيل» 1951 ليوسف شاهين، «طبيب الروح» 1951 لأنور وجدي، «بشرى خير» 1952 للمخرج حسن رمزي. لكن في هذا العام 1952 تخطو سميرة أحمد خطوات أكبر عندما يختارها المخرج «فيرنتشو» الإيطالي الأصل المصري الجنسية لتلعب لأول مرة دوراً كبيراً أقرب إلى أدوار البطولة الجماعية مع سناء جميل وبرلنتي عبدالحميد وزينات صدقي ورشدي أباظة وذلك في فيلم «شم النسيم» وبعدها يرشحها لدور كبير أيضاً في فيلمه التالي «من عرض جبني» مع النجوم فاتن حمامة، محسن سرحان والفيلمان كانا عام 1952 ولمخرج واحد هو «فيرنتشو» ولم يمض وقت طويل فخلال هذا العام نفسه تختارها الفنانة والمنتجة الشهير عزيزة أمير لتشاركها في بطولة فيلمها «آمنت بالله» من إخراج محمود ذوالفقار، وتخطو سميرة أحمد من خلال هذه الأفلام الثلاثة خطوات سينمائية واسعة ما جعلها في العام التالي 1953 تحظى بأول بطولة مطلقة وكان ذلك عندما اختارها المخرج «صلاح أبو سيف» لتكون حبيبة أنور وجدي في فيلمه الشهير «ريا وسكينة» الذي لعب بطولته أنور وجدي ونجمة إبراهيم وزوزو حمدي الحكيم وفريد شوقي وشكري سرحان والذي يعد من أهم أفلام السينما المصرية ومن كلاسيكياتها الشهيرة.

ومن فيلم «رينا وسكينة» يبدأ المشوار السينمائي الحقيقي لهذه النجمة الجميلة فقد اعتبرها مخرجو ومنتجو السينما منذ هذا الفيلم ضمن نجمات السينما المطروحات على الساحة السينمائية في بدايات الخمسينيات أمثال فاتن حمامة ومديحه يسري وشادية وصباح ونعيمة عاكف وهدى سلطان، وكانت المشكلة أن كل هؤلاء النجمات أكثر منها خبرة وتجارب ليس فقط لأنهن سبقها في العمل بالسينما ولكن لكثرة الأفلام التي قدمتها كل منهن وأصبحت بمثابة رصيد هائل لهن، بالإضافة إلى تميز البعض من هؤلاء بميزات فنية لا تتوفر لها، فصباح تغني وكذلك شادية ونعيمة عاكف استعراضية هائلة وهدى سلطان صاحبة جسد رائع يؤهلها لأداء أدوار الإغراء، لذلك بحثت سميرة أحمد عن شيء تحاول أن تتميز به ومن هنا أرادت أن تجرب حظها في أدوار الشر وتسير في خط عكسي لهؤلاء النجمات البعيدات تماماً عن هذه الأدوار، وقدمت سميرة عدد من أدوار الشر في عدة أفلام أهمها: «قرية العشاق» 1954 مع المخرج أحمد ضياء الدين، «مليون جنيه» 1953 مع المخرج حسين فوزي. لكن سميرة اكتشفت أن ملامحها البريئة وجمالها الرومانسي الهادئ سيقف حائلاً بينها وبين الاستمرار في هذه النوعية من الأدوار فالجمهور لن يصدق أن يخرج كل هذا الشر من هذه الملامح الجميلة البريئة ومن هذا الجسد الضئيل الرشيق فقررت أن تبتعد تماماً عن هذه الأدوار وتسير في الاتجاه الذي يريده لها المخرجون وهو دور الفتاة الرومانسية الرقيقة التي تواجه المشاكل وتتغلب على الصعاب بعقلها وليس بقلبها وحده، ونجحت سميرة تماماً في هذه الشخصية وقدمتها في مجموعة من الأفلام أهمها: «الأستاذ شرف» 1954 مع المخرج كامل التلمساني، «المجرم» 1954 مع المخرج كمال عطية.

ويحمل لها عام 1955 نقلة فنية أخرى من مشوارها السينمائي لكنها خطوة أكثر أهمية عندما يختارها المخرج الكبير عز الدين ذو الفقار لبطولة فيلم «أغلى من عينيه» الذي يعد من أهم الأفلام في مسيرتها السينمائية وجسدت خلاله دور فتاة «عمياء» لكنها تواجه عجزها بقوة ولا تستسلم للضعف الذي يصيب العاجزين، واستطاعت سميرة من خلال هذا الدور أن تثبت موهبتها الفنية الهادرة وقد وضعها هذا الفيلم ضمن زمرة نجمات هذا الوقت ولم يعد بينها وبين من سبقنها من النجمات أي مسافة فنية فقد أصبحت سميرة بالفعل نجمة حقيقية تملك الموهبة والجمال والحضور وتحقق أفلامها النجاح. بعد هذا الفيلم انطلقت سميرة أحمد خلال السنوات المتبقية من حقبة الخمسينيات لتقدم عدداً كبيراً من الأفلام الناجحة التي زادت من نجوميتها وبريقها وحافظت لها على تواجدها بين كبار نجمات السينما، ومن أهم هذه الأفلام: «إسماعيل ياسين في الجيش» 1955 مع المخرج فطين عبدالوهاب، «زنوبة» 1956 مع المخرج حسن الصيفي، «حب وإعدام» مع المخرج كمال الشيخ في نفس العام أيضاً، «رحلة غرامية» 1957 من إخراج محمود ذوالفقار، «إسماعيل ياسين في دمشق» 1958 مع المخرج حلمي رفلة، «الشيطانة الصغيرة» 1958 مع حسن الإمام، «هل أقتل زوجي» مع المخرج حسام الدين مصطفى عام 1958، «لن أعود» 1959 مع المخرج حسن رضا، بالإضافة إلى فيلمين آخرين خلال نفس العام هما «آخر من يعلم» مع كمال عطية، «سجن العذاري» للمخرج إبراهيم عمارة، ومن خلال هذه الأفلام وقفت سميرة أحمد أمام كبار نجوم السينما في هذا الوقت مثل: عماد حمدي، كمال الشناوي، شكري سرحان، يحيي شاهين، أحمد مظهر، محسن سرحان، أحمد رمزي، عمر الحريري، أنور وجدي، بالإضافة إلى النجم الكبير إسماعيل ياسين. وتعتبر حقبتي الخمسينيات والستينيات هي أهم المراحل في المشوار السينمائي لهذه الفنانة الكبيرة فإذا كانت الخمسينيات قد شهدت بدايتها ونجوميتها وتألقها فإن الستينيات قد شهدت استمراراً لهذا التألق وهذه النجومية لكن مع زيادة في الخبرة والنضج الفني الذي مكنها وأهلها - إلى جانب ذكائها الفني- لأن تختار أدوارها وأفلامها بعناية فائقة وتنوع في هذه الأفلام ومن هنا جاء الكثير من أفلامها المهمة وأدوارها الرائعة التي شكلت علامات في مشوارها الفني وفي السينما المصرية وفي عقل ووجدان جماهيرها خلال هذه المرحلة، قدمت سميرة أحمد خلال الستينيات «31» فيلماً بدأتها بالمشاركة في «القصة الثانية» من فيلم «البنات والصيف» مع المخرج صلاح أبو سيف والفيلم كان من بطولة عبدالحليم حافظ عام 1960. بعد ذلك توالت أفلامها خلال تلك الحقبة لكننا سنتحدث أولاً عن أفلامها التي شكلت علامات في مسيرتها السينمائية لنرى في أول هذه الأفلام «الخرساء» 1961 مع المخرج حسن الإمام والنجوم عماد حمدي وحسن يوسف وزكي رستم وفي هذا الفيلم جسدت سميرة أحمد دور فتاة خرساء فقيرة تعاني ظروفاً حياتية واجتماعية بالغة القسوة، واستطاعت سميرة أحمد من خلال موهبة فائقة وخبرة فنية رائعة أن تقدم درساً عبقرياً في كيفية التمثيل الصامت والاعتماد في الأداء على الملامح وحركات الجسد، وقد كانت جرأة بالغة منها أن توافق على أداء هذا الدور الصامت وهي تعد من النجمات صاحبات الصوت الجميل المعبر، لكن ثقتها في نفسها وقدراتها جعلتها تتحدى نفسها وتقدم واحداً من أهم الأدوار والشخصيات الدرامية على شاشة السينما المصرية، وتتوالي أفلامها الرائعة خلال نفس الحقبة لنراها تقدم تجربة أكثر جرأة عندما تحن إلى أدوار الشر التي قدمتها في بداياتها وتقدم دوراً شديد الصعوبة والتعقيد في فيلم المخرج طلبة رضوان «غراميات امرأة» عام 1961، ففي هذا الدور هي امرأة بالغة الشر والمكر والدهاء، وقدمت أيضاً الإغراء ولأول مرة يرى جمهور السينما هذه الملامح الرومانسية وهي تتبارز بأنوثتها ويخرج من داخلها كل هذا الشر.

ونواصل استعراض أفلامها الرائعة لنرى براعتها الشديدة وهي تقدم الكوميديا مع المخرج فطين عبدالوهاب وفريد شوقي وفؤاد المهندس في فيلم «صاحب الجلالة» عام 1963، وفي فيلمها الشهير «أم العروسة» 1963 مع المخرج عاطف سالم والذي يعد من كلاسيكيات السينما المصرية تقدم شخصية الفتاة التي تنتمي إلى أسرة مصرية بسيطة وتحاول برومانسيتها أن تواجه المشاكل والعقبات التي تعاني منها أسرتها وأن تتمسك بأحلامها في أن تتزوج بمن تحب وقد كانت سميرة في هذا الفيلم أشبه بالنسمة التي تلطف الأجواء والأحداث المشحونة بالدراما والمواقف غير المبهجة، وفي فيلم «الجبل» مع المخرج خليل شوقي عام 1965 نراها في دور مغاير تماما وفي شخصية مختلفة فهي فتاة صعيدية تعيش كل التقاليد العريقة المتوارثة لبيئتها ومجتمعها لكنها تثور على هذه المواقف والتقاليد حتى ولو تعرضت للمشاكل وقد كانت في قمة براعتها وهي تؤدي لأول مرة باللهجة الصعيدية الصحيحة، وفي واحد من أهم أفلام السينما المصرية «قنديل أم هاشم» 1968 مع المخرج كمال عطية تجسد واحداً من أهم أدوارها السينمائية فهي فتاة عمياء ورغم أنه لم يكن الدور الأول أو المرة الأولى التي تجسد فيها مثل هذه الشخصية لكنها في هذا الفيلم بدت مختلفة ناضجة وهي تتحرك وتعبر وتؤدي ولم تكرر أي جزئية أداء نمطي من الشخصيات التي جسدتها من قبل بهذا الشكل. وإذا أردنا أن نشير إلى أفلاماً أخرى مهمة وشكلت محطات سينمائية مؤثرة في مشوارها السينمائي وأيضاً خلال نفس المرحلة سنجد كماً كبيراً من الأفلام الجيدة منها: «جسر الخالدين» مع المخرج محمود إسماعيل عام 1960، «شاطئ الحب» 1961 من إخراج بركات، «رجل في حياتي» 1961 مع يوسف شاهين، «صراع الأبطال» 1962 مع المخرج توفيق صالح الذي يعد من أهم المخرجين في تاريخ السينما المصرية رغم أفلامه القليلة العدد لكنها عالية القيمة وفيلمه هذا يعد من كلاسيكيات السينما المصرية، وسنجد أيضاً أفلاماً أخرى مهمة لسميرة أحمد مثل: «الشيطان الصغير» 1963 مع كمال الشيخ، «نمر التلامذة» 1964 من إخراج عيسي كرامة، «طريد الفردوس» 1965 مع فطين عبدالوهاب، «هاب من الأيام» 1965 مع المخرج حسام الدين مصطفى، «خان الخليلي» 1966 مع المخرج عاطف سالم، «النصف الآخر» 1967 مع المخرج أحمد بدر خان، «السيرك» 1968 من إخراج عاطف سالم، والفيلم الكوميدي الشهير لفطين عبدالوهاب «أكاذيب حواء» 1969 والذي لعبت بطولته أمام أحمد مظهر ومحمد عوض وشقيقتها «خيرية أحمد» في هذا الفيلم وقبله فيلم «صاحب الجلالة» تؤكد سميرة على براعتها الفائقة على أداء الكوميديا واستطاعت بخبرتها ونضجها كممثلة أن تكون هي الباعثة والمحركة للكوميديا وكان الفيلمان بالفعل نموذجاً للكوميديا الراقية. ونأتي إلى الحقبة السبعينيات لنرى أن سميرة أحمد بدأتها بفيلم «عين الحياة» 1970 مع المخرج إبراهيم الشقنقيري وهو مخرج تخصص أكثر في الدراما التلفزيونية وشاركها البطولة صلاح ذو الفقار ولا يعد الفيلم من أفلامها المهمة لكنها في العام التالي تقدم واحداً من أهم أفلامها ومن أهم الأفلام الدينية والتراثية في السينما المصرية وهو فيلمها الشهير «الشيماء» 1972 مع المخرج حسام الدين مصطفى والنجوم أحمد مظهر، محسن سرحان، أمينة رزق، عبدالله غيث، واستطاعت أن تجسد ببراعة وأداء غلب عليه الطابع الروحاني هذه الشخصية الأثيرة في التاريخ الإسلامي فهي شقيقة الرسول «صلى الله عليه وسلم» في الرضاعة ومن أوائل الذين أعلموا إسلامها وتعيش حيرة شديدة بين إسلامها وحبها لزوجها الكافر الذي يناصب الإسلام العداء السافر. ومن أفلامها المهمة خلال السبعينيات: «ليل وقضبان» 1973 أول أفلام المخرج الكبير الراحل أشرف فهمي وهو واحد من كلاسيكيات السينما المصرية وقدت خلال سميرة أحمد واحدًا من أفضل أدوارها وأكثرها تعقيداً وشاركها البطولة محمود مرسي ومحمود ياسين وتوفيق الدقن ومجدي وهبة، أما باقي أفلامها القليلة خلال نفس الحقبة فهي: «بنت بديعة» 1972 مع المخرج حسن الإمام، «نساء ضائعات» 1975 من إخراج حسام الدين مصطفى، «عالم عيال عيال» 1976 مع المخرج محمد عبدالعزيز وهو كوميديا اجتماعية شاركها بطولته رشدي أباظة. والجدير بالذكر هنا أن فيلمها الأخير «عالم عيال عيال» كان باكورة إنتاجها بعد أن أسست شركة للإنتاج السينمائي وهنا لابد أن نشير إلى أن سميرة أحمد بعد هذا الفيلم توقفت تماماً عن التمثيل السينمائي لمدة 10 سنوات كاملة ولم تعد إلى السينما إلا عام 1986 عندما شاركت نجلاء فتحي ومحمود ياسين وفريد شوقي وصلاح قابيل وشقيقتها خيرية أحمد بطولة فيلم «امرأة مطلقة» الذي قام بإخراجه أشرف فهمي وفي نفس العام 1986 قدمت فيلماً آخر هو «وداعاً يا ولدي» مع المخرج تيسير عبود، وشاركها البطولة صلاح قابيل وممدوح عبدالعليم وهالة صدقي، ومنذ هذا الفيلم ابتعدت سميرة أحمد عن السينما وحتى الآن واكتفت بتقديم الدراما التلفزيونية، والحقيقة أنها قدمت سجلاً حافلاً بالمسلسلات التلفزيونية إنتاجاً وتمثيلاً وطوال ابتعادها عن السينما كانت تعمل بالتلفزيون. ومن أشهر مسلسلاتها: «الحب الضائع» 1978 من إخراج فايز حجاب، «المعذبون في الأرض» 1982 من إخراج يحيى العلمي، «غداً تتفتح الزهور» 1985 من إخراج إبراهيم الشقنقيري، «ضد التيار» للمخرج إسماعيل عبدالحافظ 1997، «امرأة من زمن الحب» 1999، «يا ورد مين يشتريك» 2004، «أحلام في البوابة» 2005، «جدار القلب» 2008. أما أشهر أفلامها كمنتجة والتي لم تشارك بها كممثلة فهي: «أذكياء لكن أغبياء» 1980 من إخراج نيازي مصطفى، «البريء» 1986 للمخرج الكبير الراحل عاطف الطيب وهو من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية، ومن أهم أفلام النجم الراحل أحمد زكي وشاركه البطولة محمود عبدالعزيز، جميل راتب، صلاح قابيل، ممدوح عبدالعليم، إلهام شاهين ومن تأليف الكاتب الكبير وحيد حامد، أيضاً من أفلامها المهمة كمنتجة: «البحث عن سيد مرزوق» وهو من الأفلام المهمة التي أخرجها المخرج الكبير داود عبدالسيد عام 1991، وأيضاً فيلم «امرأتان ورجل» 1987 من إخراج عبداللطيف زكي. ولابد أن نشير إلى محطة مهمة في المشوار السينمائي لهذه النجمة الكبيرة فقد قدمت عدداً من الأفلام خارج مصر وبالتحديد في لبنان وتونس وتركيا، وذلك في نهايات الستينيات وبداية السبعينيات، بعدما مرت السينما المصرية بعد نكسة يونيو 1967 بهزة عنيفة ما جعل الكثير من نجوم ونجمات السينما المصرية يقدمون في هذا الوقت أفلاماً خارج مصر، ومن أهم أفلامها التي قدمتها أثناء هذه الفترة من مشوارها السينمائي: «مهمة سرية في الشرق الأوسط» 1968 من إخراج التركي ظافر أوغلو، «المتمرد» من إخراج التونسي عمار الخليفي وكان ذلك عام 1968 وهو إنتاج تونس، «مشاكل البنات» 1969 وهو إنتاج لبناني ومن إخراج عثمان ساوان، «الضياع» 1970 من إخراج اللبناني محمد سلمان وهو إنتاج لبناني أيضاً، «العمياء» 1969 من إخراج التركي ظافر أوغلو ورغم أن العديد من هذه الأفلام لم تعرض داخل مصر إلا أنه شارك في بطولتها عدد من النجوم المصريين منهم: رشدي أباظة، عادل أدهم، محمد عوض، حسن يوس، نادية الجندي، ناهد شريف، كما شاركت سميرة أحمد في منتصف الستينيات في بطولة فيلم «كليوباترا» وكان إنتاج «مصري إيطالي» مشترك وشارك به عدد من نجوم السينما المصرية مثل يحيي شاهين، شكري سرحان، حسن يوسف، إلى جانب عدد من الممثلين الإيطاليين، ولا تذكر عدد من المصادر إذا كان الفيلم عرض في مصر عرضاً تجارياً أم لم يعرض. وفي النهاية لا يبقى إلا أن نقول إن سميرة أحمد متزوجة حالياً من المنتج المعروف «صفوت غطاس» ولها ابنة وحيدة هي «جلجلة» من زواج سابق في بداية السبعينيات، ونحن هنا نتمنى لها المزيد من الصحة والتألق والتوفيق وننتظر منها الجديد والرائع من أعمال فنية مقبلة فهي مازالت في أوج عطائها الفني تمثيلاً وإنتاجاً فهذه النجمة والفنانة القديرة كانت وستظل دائماً إحدى الدرر النفيسة في سلسلة جواهر نجمات الزمن الجميل.

النهار الكويتية في

30/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)