حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

آسر ياسين:

مش فارق معايا منافسة محمد سعد

كتب شريف عبد الهادى

من الجامعة الأمريكية قسم هندسة الميكانيكا، وصل آسر ياسين إلي عالم الفن صاعدا السلم من أوله، حتي أصبح فنانا بدرجة "بشمهندس".. يرتدي "العفريتة" مع كل عمل فني يعرض عليه حتي يجري "المعاينة الفنية" لكل كبيرة وصغيرة في الشخصية التي يجسدها، ويضبط "الزوايا الدرامية" في التعامل مع زملائه، بفارق واحد فقط.. أنه يقطع تيل الفرامل حتي ينطلق بالأداء إلي أقصي سرعة دون أن يكبح جماحه أحد.

آسر تحدث معنا عن أول بطولة كوميدية في فيلمه الجديد "بيبو وبشير"، في هذا الحوار:

·         تخوض في "بيبو وبشير" أول بطولة كوميدية بعد أن اعتاد الجمهور علي رؤيتك في الأدوار الجادة من خلال أعمالك السابقة.. حدثنا عن دورك وكيف جاء التحضير والاستعداد؟

- أجسد في الفيلم شخصية "بشير" وهو لاعب سلة نصف مصري ونصف تنزاني، يشعر بالتحدي لأن والده (عزت أبو عوف) لا يعترف بهوايته المفضلة ونجاحاته في لعبة السلة، بجانب أن الظروف تضعه في طريق "بيبو - منة شلبي" العازفة الموسيقية ذات الشخصية المجنونة، وتم الاستعداد للدور بتعلم بعض المفردات والألفاظ التنزانية واللهجة السواحيلية، بخلاف النيولوك الذي قمت به في شعري حتي أبدو نصف مصري ونصف تنزاني، وتعمدت طوال مدة التصوير ألا أجري لقاءات إعلامية في أماكن التصوير حتي لا أحرق الشكل الذي شاهده الجمهور في الإعلانات والأفيشات، وجلسنا طويلا أنا والمؤلفان كريم فهمي وهشام ماجد والمخرجة مريم أبوعوف لنناقش كل التفاصيل المتعلقة بالفيلم ورسم كل شخصية والجمل الحوارية وغيرها من التفاصيل.

·         ألم تخش من مغامرة الدخول في عالم الكوميديا خاصة وأنه عالم مليء بالمنافسين؟

- تم الاتفاق علي "بيبو وبشير" قبل الثورة، وكان هدفي هو التجديد والتطرق لمناطق تمثيلية جديدة أثبت فيها موهبتي وقدراتي، وعلي الفنان أن يخوض التحدي والجمهور هو الفيصل، كما أني لا أنظر لباقي الزملاء نظرة تنافس وقلق لأن كل عمل مستقل بذاته وله جمهوره.

·         معني ذلك أنك لا تخشي المنافسة في موسم عيد الفطر المليء بأفلام كوميدية مثل "تك تك بوم" لمحمد سعد، و"شارع الهرم" للسبكي، و"أنا بضيع يا وديع" لأبطال حملة ميلودي، وغيرهم؟

- لا أعرف الأفلام التي سيتم طرحها ولم أتابع أخبارها، ومش فارق معايا منافسة محمد سعد أو غيره من أبطال تلك الأفلام الكوميدية، لأن صناعة السينما تقول أن نجاح كل عمل فني يثري الصناعة ككل وتجعل باقي الأعمال تكسب، سواء بزيادة الإقبال الجماهيري علي دور العرض، أو بإقبال القنوات الفضائية علي شراء الأفلام، وكما سبق أن قلت، لكل عمل فني ظروفه وجمهوره، وأعتقد أن المنافسة الحقيقية في صناعة السينما تكون توزيعية انتاجية بحتة.

·         تم الاتفاق علي تغيير اسم "بيبو وبشير" احتراما لشعور جمهور نادي "الزمالك" ثم عدتم مرة أخري وطرحتم الفيلم بنفس الاسم؟

- الأمر يرجع لشركة الإنتاج، لكن علي كل حال أعتقد أن الاسم يرضي جمهور "الأهلي" الذي يلعب به بشير التابعي وجمهور "الزمالك" الذي يلعب به خالد بيبو.

·         عفوا.. خالد بيبو كان يلعب بالأهلي وبشير التابعي كان يلعب بالزمالك وكلاهما لا يلعب الآن أصلاً، لكن الاسم مستفز لجمهور نادي الزمالك لأنه يذكرهم بإفيه كابتن مدحت شلبي الشهير "بيبو وبشير.. بيبو والجون" في المباراة التي خسر فيها الزمالك من الأهلي 6-1؟

- (ضاحكا) معلش أنا غير متابع للعبة كرة القدم ولا احفظ اسماء اللاعبين، لكني لا أريد لجمهور "الزمالك" أن يزعل ولا أتمني من جمهور "الأهلي" أن يفرح، لأن الفيلم أصلاً لا علاقة له بعالم كرة القدم، وموجه لكل الجماهير وليس لجمهور ناد معين علي حساب جمهور ناد آخر، واختيار الاسم يرجع لأن البطل اسمه "بشير" والبطلة اسمها "بيبو" ليس أكثر ولا أقل.

·         شاركت في بطولة فيلم "18 يوم" الذي تدور أحداثه عن الثورة حدثنا عن هذه التجربة؟

- "18 يوم" كان تجربة لصنع أفلام قصيرة تعبر عن الحالة الإنسانية للناس خلال فترة الثورة لرصد وجهات نظرهم، وأحاسيسهم، ومشاعرهم خلال هذه الفترة، ثم تم تجميعهم في فيلم واحد، وحدث ذلك رداً علي الثورة المضادة.

·         ولماذا لم يتم طرح الفيلم للجمهور حتي الآن في حين أنه حقق صدي واسعا في مهرجان "كان" السينمائي؟

- بسبب عقد قانونية كثيرة، حيث إن الفيلم ليست له شركة منتجة، وتم عمل جمعية خيرية مساهمة من كل صناعه حتي توجه الإيرادات التي سيحققها الفيلم في مشاريع تنموية تخدم المجتمع، لكن لابد من إشهار هذه الجمعية أولا وتوضيح طبيعة المشروعات التنموية التي ستوجه إليها الإيرادات وغيرها من التفاصيل المعقدة التي نحاول حلها حالياً.

·         ما رأيك في رفض عمرو واكد الصعود علي السجادة الحمراء في "كان" مع باقي أبطال وصناع الفيلم بحجة أن من بينهم مخرجون من مؤيدي النظام السابق مثل شريف عرفة ومروان حامد؟

- بشكل عام أنا ضد الآراء التي تحكم علي الآخرين لأننا لا نملك سلطة المحاكمة، والسلطة الوحيدة التي نملكها هي سلطة الاعتراض الشخصي بداخلنا عن قول أو فعل، وأعتقد أن رأي عمرو واكد به نوع من المبالغة وعدم الأحقية، وبالمناسبة أنا ضد القوائم السوداء وتصنيف الناس لأننا بذلك نسير علي خطي النظام السابق، وكل إنسان له حرية الرأي والتصرف دون وصاية عليه من أحد، ومن حقك فقط أن توافق علي ذلك أو ترفضه دون محاكمات.

روز اليوسف اليومية في

29/08/2011

 

التشويق والحركة لا ثالث لهما

«عند الهدف مباشــرة».. فيلم «أكشن» مدرسي

زياد عبدالله 

عليك أن تكون عدّاء إن أردت أن تخوض غمار فيلم «أكشن» في هذه الأيام، وربما في غيرها من أيام، حيث يمكن حساب منسوب الحركة من خلال الركض المتواصل لبطل الفيلم، الذي سرعان ما يجد نفسه مضطراً إلى القيام بذلك من جراء الملاحقات الكثيرة التي ستحيط به من كل جانب، حيث كلما ركض أكثر ازداد الأمر تعقيداً وربما صار على شيء من تركيب عبارة مثل: تعدد الأعداء والركض واحد، في محاكاة لـ«تعددت الأسباب والموت واحد» لكن من دون أن يكون موت هذا البطل وارداً.

الركض سيدفعنا هنا إلى اللهاث مع فيلم فرنسي معروض في دور العرض المحلية بعنوان Point Blank «عند الهدف تماماً» إن صحت الترجمة لما له أن يكون اقتراباً شديداً من الهدف، بحيث يمسي التسديد إليه إصابة مباشرة بالتأكيد، مع ضرورة الإشارة إلى أن الفيلم معروض بدبلجة إلى الانجليزية، ولعل الوصول إلى هذا الهدف سيكون على دفعات ومتسلسلاً ومتناغماً مع تحولات صمويل (غيل لولوش).

لن يستغرق تورط صمويل بما يجهله كثيراً، فهو ممرض متدرب يقع على أحدهم، يدخل غرفة مريض وينزع عنه أجهزة التنفس، فيقوم صمويل بإعادة تلك الأجهزة وانقاذ المريض، هذا الفعل الذي لا يتوقف عنده سيقوده إلى سلسلة لا متناهية من المآزق، إذ سرعان ما يتعرض للضرب في بيته ويتم اختطاف زوجته الحامل، بحيث يكون عليه أن يقوم بإخراج ذلك المريض وتهريبه خارج المستشفى مقابل أن تعود زوجته إليه.

كل ذلك سيحدث بما لا يتجاوز ربع ساعة، وبالتالي فإن الفيلم يعدنا بأنه ماضٍ نحو «الأكشن» بلا هوادة، وقد حقق أول شروط التشويق المتمثل في إيجاد صراع معقد متمثل في تورط صمويل بما يجهله تماماً، وخضوعه، تحت رغبة انقاذ زوجته وابنته التي تحملها في بطنها، إلى شريك لعصابة أو ما شابه، وعليه فإن صراعه سيكون متعدد الجوانب، فهو يحاول انقاذ زوجته وبالتالي سيكون شريكاً للعصابة التي تحاول إنقاذ هوغو (رشدي زم)، وبالتالي فإنه سيكون مجرماً في نظر الشرطة، ولتعقيد الصراع أكثر فإن هوغو الذي ينجح صمويل في إنقاذه وإخراجه من المستشفى سيكون ملاحقاً من طرفين من الشرطة، الطرف الأول هو الشرطة التي تلاحق المجرمين، والثاني هو الطرف الفاسد الذي يسعى لقتل هوغو لأنه استخدمه في عملية قذرة يريد أن يخفيها.

الوضع مثالي إذن للمضي من ملاحقة إلى أخرى، حيث سيجد صمويل نفسه متورطاً في أكثر من جريمة، وهو يكتشف ما صار منغمساً فيه من حيث لا يدري، فهو وهوغو في طريقهما لإنهاء كل ما تورط فيه صمويل، حيث إن الأمر ينتهي بموافاة زوجته وتخليصها من الاختطاف، لكن في هذا الطريق ستزداد الأمور تعقيداً، فهوغو شاهد على عملية قتل تمت لأحد الأثرياء على يد باتريك (غيرارد لانفان) الضابط بالشرطة، الذي يتحكم في مجموعة من العناصر الفاسدة، وعليه تُفتح على صمويل جبهات كثيرة تزيد الأمر تعقيداً، لكن مع وصولها ذروتها كما هو متعارف عليه درامياً، يأتي الحل من صوب هوغو.

يصلح فيلم «عند الهدف تماماً» ليكون مدرسياً، كونه يتتبع حرفياً كل ما على فيلم أي فيلم القيام به لأن يكون مشوقاً، بمعنى أن صراع صمويل الشخصية الرئيسة سيبدأ مباشرة، ومن ثم سيبدو أنه لا محيد له أن يخوضه كاملاً مهما كلّف الأمر، كوننا سندخل مباشرة في مرحلة «قفل الصراع» حيث سيكون طريق العودة مستحيلاً، فالدافع الذي يقود صمويل إلى تكبد ما يتكبده من ملاحقات وجرائم سيكون ماثلاً في مسعاه لإنقاذ زوجته، وليكون الأمر أشد إلحاحاً وأهمية ستكون زوجته حاملاً أيضاً.

الفيلم لا يمنح المشاهد فرصة لالتقاط أنفاسه، ويمضي في إيقاع واحد لا ينخفض أبداً، وكل الرهان على التشويق والحركة ولا شيء غيرهما، بل إن الأحداث تمضي من دون أي مقدمات، فحين يقرر هوغو دخول مركز الشرطة فإنه سيلجأ إلى أصدقائه من الغجر، ما لم يكن هو غجرياً، لإحداث حالة من الفوضى في المدينة، حيث لا يستغرق الأمر سوى إحداث مجموعة كبيرة من عملية السطو على البنوك والمحال، وغيرها من أعمال تكسير وفوضى لها أن تشبه ما شهدته لندن أخيراً، ما سيخدم هوغو بالتمكن من دخول مركز الشرطة للحصول على الفيلم الذي يصور العملية التي تفضح فساد باتريك.

حسناً، أعدوا أنفسكم لنهاية سعيدة كما هو متوقع، فبعد الذروة الدرامية يأتي الحل الذي يكون مع هذه الأفلام التجارية سعيداً، حيث سيتضح أن صمويل لا علاقة له بشيء وقد تورط في ما تورط فيه نظراً لمسعاه لتخليص زوجته ولا شيء عدا ذلك، كما أن توريطه في قتل شرطية من قبل رجال باتريك سرعان ما سيتضح أنه بريء من تلك الواقعة، لكن يبقى ذلك الشرطي الذي يقتله في مركز الشرطة والذي لا نعرف كيف له أن ينجو من عاقبة ذلك، ونحن نراه في النهاية سعيداً مع عائلته.

الفيلم من إخراج وكتابة فرد كافيا، الذي عرف بوصفه كاتب سيناريو وتحديداً لفيلم «الأيام الثلاثة المقبلة» إخراج بول هاغيس، الذي يشبه إلى حد كبير «عند الهدف مباشرة»، كون «الأيام الثلاثة المقبلة» لا يمهلنا أبداً ويمضي الفيلم من أوله إلى آخره وراسل كرو يسعى لتخليص زوجته التي تتهم من حيث لا تدري بجريمة قتل، كما الحال مع صمويل الذي يتورط في سلسلة لا تنتهي من المآزق من حيث لا يدري أيضاً.

الإمارات اليوم في

28/08/2011

 

"صحوة كوكب القرود": تنويعات على نغمة الحرية

محمود عبد الشكور 

إذا كانت هناك فكرة واحدة كبيرة فى فيلم rise  of the palnet of the apes أو كما عرض فى الصالات المصرية تحت عنوان "صحوة كوكب القرود" فهى التشوق للحرية سواء فى عالم الإنسان أو عالم الحيوان، ولكنها تقدّم هنا معكوسة.

فى فيلم "كوكب القرود" فى عام 1968الذى استهلّ السلسلة المأخوذة من رواية بيير بول المعروفة، كان تمثال الحرية يتصدر الأفيش، وكان الإنسان هوالذى يحاول أن يتحرّرمن استبداد قرود من فصيلة الشمبانزى تدير أحد الكواكب القريبة من الأرض.

الصورة فى فيلمنا أكثر واقعية، هناك بالفعل تجارب منذ نصف قرن لتطوير ذكاء الشمبانزى مما سيدفعها مستقبلاً لإدراك معنى الحرية ومعنى الثورة، ولكن ما يجمع الفيلمين بوضوح هو الإنتصار لفكرة الحرية، ثم تطويرها بربطها بزيادة الوعى، وبضرورة دفع الثمن فى كل الأحوال.

ربما كانت المشكلة الواضحة فى "صحوة كوكب القرود" فى بعض التشوش والسطحية الذى عولج به الموقف من التجارب التى تجرى على الحيوان لخدمة الإنسان ، بالإضافة الى عدم إغلاق الأقواس وتقديم نماذج بشرية باهتة. بد الى وكأن الفيلم يمهّد لجزء آخر أكثر مما يختتم فيلماً مستقلاً.

ويل رودمان، الذى يلعبه جيمس فرانكو، عالمٌ يُجرى تجاربه على الشمبانزى فى شركة ضخمة للأدوية، الهدف نبيل وهو علاج حفنة من أمراض المخ وأبرزها مرض الزهايمر، والهدف أيضاً شديد النُبل لأنه مرتبط بمرض والد ويل العجوز، ولكن التجارب تفشل عندما تقتحم الشمبانزى المكان فى ثورة هائلة.

رغم توقف التجارب، يحتفظ رودمان بطفل الشمبانزى الثائر المقتول، منذ تلك اللحظة يقارن الفيلم الذى كتبه ريك جافا وأماندا سيلفيربين عالمى الإنسان والقرود، شمبانزى صغير ينمو جسداً وذكاء، واب كبير يأفُل عقله ويتراجع بسبب المرض والشيخوخة .

العلاقة مع الآخر

الحقيقة أن العلاقة بالآخر من ألمع نقاط التميز فى الفيلم، تلك اللمسات بالأيدى التى أعطاها المخرج "روبرت وايت" عناية فائقة أكسبت العواطف مكان الصدارة رغم الإهتمام بفكرة العقل وتنمية الذكاء.

لمساتٌ بين الإبن ووالده المريض، بين ويل والشمبانزى الرضيع الذى حمل اسم قيصر، والذى سيقوم بقيادة القرود الى الحرية، لمسات بين القرد الذى يتعرّف على العالم والنافذة التى يطل منها فى منزل الأسرة، لمساتُ الأيدى بين القرود فى مُعتقلها، لمساتُها فوق جزوع الأشجارحيث الوطن الذى جاءت منه.

مع حقن الأب بالنسخة الجديدة من العقارالذى يزيد من قدرات المخ، تتحسن حالته ثم تنهار من جديد، فى حين يتأكد أن قيصرورث عن أمه الراحلة ذكاءً متقدماً يجعله قادراً على فهم الكلمات،  وإعادة إرسالها فى شكل إشارات بالأيدى.

تبدو مرحلة تعرّف قيصر على العالم وسؤاله عن أصله ومنشأه، وكأنها تكرار لرحلة طفل بشرى وتفتّح وعيه ،ويتعامل معه ويل وصديقته كارولينا،وهى طبيبة بيطرية، تعامل الأنداد، بل ويذهب به ويل الى مقر الشركة التى شهدت الميلاد والتجارب العلمية على الشمبانزى.

لكن موقف الفيلم من هذه التجارب يبدو مشوشّاً الى حد ما ،فأنت لن تعرف بالضبط هل المشكلة فى تسابق شركات الدواء فى الحصول على أرباح تعوّض ما أنفقته على أبحاثها ؟أم أن المشكلة فى إجراء تلك الأبحاث على القرود بما ينتهك حريتها وطبيعتها ؟

هل نجاح ويل فى علاج الأب وعدم موته يبرر الإستمرار فى هذه التجارب أم أنها لابد أن تتوقف مهما كانت النتائج احتراما للآخر من بنى الحيوان؟

هل يبدو ويل عظيماً لأنه أراد خدمة الإنسان وتخفيف متاعب والده  أم أنه مذنبٌ لأنه اقتحم عالماً مجهولاً لا يعرف أبعاده أم هو مذنب لأنه زاد من قدرات  كائن يمكن أن يتمرد على الإنسان ويحطم نفوذه على الأرض؟

هذه الأسئلة الهامة فى صميم دراما الفيلم، وعدم الإجابة عنها أدّى الى تضارب المشاعر والأحاسيس ممانراه خصوصاً أن السيناريو يفرّق بين موقف مدير الشركة جاكوب الباحث عن الأرباح ، وبين ويل الباحث عن دخول التاريخ بدواء يعالج الإنسان، ولذلك ستُعاقب القرود الأول عقابا مروّعاً فيما سيبقى ويل دون عقاب مع أنه سبب الفكرة ،وسبب الخطأ فى تطبيقها.

شخصيات الفيلم البشرية عموماً تفتقد العُمق والبصمة الخاصة مثل الصديقة كارولينا التى لعبتها فريدة بنتو، وقد أعطى ذلك الفرصة لكى ينفرد بالعرض تقريباً الشمبانزى الذكى قيصر الذى لعبه آندى سيركس بمعاونة فريق رائع من فنانى المؤثرات البصرية.

منذ وصول قيصرالعارف بأصله والواعى بفكرة المكان (حياته فى البيت أوفى غابة الصنوبر أو فما يشبه المعتقل تنفيذاً لأمر قضائى) تتحدّد ملامح الصراع: الإنسان المستبد فى مواجهة قرود أكثر وعياً وذكاء، كما يتم تطوير نسخة جديدة من العقار تُحدث تأثيراً بشعاً على الإنسان، ولكنها تحقق طفرة هائلة فى ذكاء الشمبانزى.

فكرة الحرية والخروج من الأسروالعودة الى الغابة كلها أشياء فطرية وغريزية عند الحيوانات. بعضها يقوم بالإضراب عن الطعام فى الاسر، وبعضها يرفض التناسل والتكاثر حتى يعود الى الغابة، ولكن تطوير ذكاء الشمبانزى يعطى الفكرة مستوى أكبر من الغريزة، شئ من الوعى بالحرية خاصة أن العقار الجديد الذى سيسرقه قيصرمن الشركة سيجعلنا أمام جيش منظّم يدافع عن حريته.

فى أجزاء كثيرة من مشاهد هذا السجن، الذى يُفترض أنه يشبه ملجأ القرود، تترسّخ فكرة العبودية بوضوح من خلال حارس شرس يرفض فكرة القرد الذكى، وتترسخ فكرة الكائن الأسمى فى مقابل الكائن الأدنى، وهى فكرة لها تجليات ليس فقط فى علاقة الإنسان بالحيوان، ولكن فى علاقة الإنسان بالإنسان كما حدث فى ثورة سبارتاكوس، وفى ظل الفاشية والنازية.

تُروى الحكاية كلها من وجهة نظر المضطهدين فى مقابل فريق الإستبداد، ومع زيادة قدرات الشمبانزى العقلية، ومع العلاقة العاطفية بين قيصر وأبيه البشرى ويل، فإن ثورة القرود ترتقى هنا الى معنى أى ثورة بشرية على أى نوع من الإضطهاد، أو النظرة الدونية للآخر.

وباستثناء ويل وصديقته كارولينا غائبة الحضور، فإن الشخصيات البشرية باهتة وسلبية تماما: الأب شارلز رودمان يموت، جار الأسرة الذى سُجن قيصر بسببه شخص شديد الشراسة، حارس الملجأ مستفز وعدوانى، جاكوب لا تعنيه سلامة القرود بل يأمر بإعدام بعضها عند فشل العقار، ثم يعود للتجربة من أجل المال، حتى ويل الذى يعفيه الفيلم من العقاب فى النهاية رغم أنه سبب المشكلة، يتصرف دون مراعاة الطرق العلمية الصارمة فى تجربة العقاقير لدرجة أنه يجربه على والده فى المنزل!

ثورة القرود فى رأى صنّاع الفيلم لا تختلف كثيراً بهذا المعنى عن ثورة البشر حيث تحتاج أيضاً الى الوعى والعقل والتخطيط والتنظيم والقائد الذى يبدو بالفعل مثل قيصر وهو يقود عشرات القرود فى شوارع سان فرانسيسكو وعلى جسرها الشهير وصولا الى غابة الصنوبر.

ثورة قيصر

الثورة تبدأ حرفياً بأول كلمة ينطقها قيصرفى مواجهة حارسه الشرس، وهى كلمة لا. المعنى المباشر واضح وكأن الثورة ليست إلا هذه الكلمة سواء فى عالم الحيوان أو فى دنيا البشر. تنجح ثورة قيصر فى إطلاق القرود الى شوارع المدينة، يحطمون شركة الأدوية، يطلقون القرود من حديقة الحيوان، ويقرر قيصر أن يعود بهم الى الوطن، الى الغابة.

نستطيع بذلك أن نتحدث عن وصول فكرة الثورة عند القرود الى مستوى بشرى تماما، قائد وجنوده،  ولايبقى سوى أن يصرخ القائد مثلاً : الى الباستيل لإطلاق سراح المعتقلين، حتى تصميم المواجهة مع قوات البوليس فوق الجسر العملاق، كانت أشبه بمعركة حربية مخططة انتهت بالنصر.

فى المشهد الأخير، يطلب ويل من قيصر العودة الى المنزل، ولكن الأخير يعتبر أن وطنه هناك فى غابة الصنوبر تمهيداً ربما لجزء قادم. يبدو غريباً بالنسبة لى أن يُعاقب جاكوب ولا يُعاقب ويل سبب المأساة ، لكننا اتفقنا أن عبء الحكاية كلها يقع على عاتق قيصر وليس البشر مما أضعف الدراما وسبّب التشوش.

التقيد الحرفي

لا تعرف بالضبط هل تتعاطف مع رجال يدافعون عن مدينتهم أم مع قرود تلبّست طبائع وأفكاراً بشرية فثارت على العبودية؟ هنا مشكلة عدم ضبط الشخصيات والمواقف والقضايا، لكن الكثيرين لن يلاحظوا هذه الثغرات، التى أراها أساسية فى السيناريو، بسبب التنفيذ الحرفى البارع .

أريد أولا أن أتوقف عند المخرج الذى قام بالتوظيف الجيد لأحجام اللقطات لإعطاء جرعة عاطفية عالية عن طريق التركيز على نظرات العيون ولمسات الأيدى. لقد مهّد ذلك منذ ظهور الشمبانزى ذات العيون البراقة الخضراء الى إذابة الفوارق بين عالمى القردة والبشر، وكأنهما وجهان لعالم واحد يديره العقل ويحلم بالحرية.

انطلقت الكاميرا فى مشاهد كثيرة جيدة للتعبيرعن  فكرة الحرية سواء فى داخل ساحة القرود أو فى غابات الصنوبر، كان صعود الكاميرا مع صعود القرود الى الفروع العالية والأغصان العملاقة احتفاءً بصريّاً بالحرية ونوعاً من الإبتهاج بها.

تأثير الإبهار بالصورة فى هذا الفيلم يعادل تأثير أفلام البعد الثالث رغم انه لم يتم تصويره بهذه الطريقة . يرجع هذا التاثير الى امتزاج عدة عناصر كالمونتاج والمؤثرات البصرية والصوتية وموسيقى باتريك دويل المعبّرة التى نقلت أجواء الغابة باستخدام الطبول وآلة الكورنو.

بقيت الأسئلة  مع ذلك مُعلّقة وخاصة السؤال المهم: هل يمكن أن يقبل الإنسان كائناً يقترب من ذكائه ولكنه مختلف عنه على نفس الأرض؟ قد تبدو فكرة الحرية جميلة، ولكنها تظلّ فكرةً غائمةً مالم تكن مرتبطة بالسعى الى تقبّل الآخر.

وهذا فى ظنى المعنى المستتر للمغامرة كلها. 

عين على السينما في

28/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)