حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

حكايات إنسانية يرويها الأبناء

التاجي يحكي سيرة جده عبد الوارث عسر..

الفنان الذي عاش تحت عمامة الشيخ

أهم ما ترك عسر قبل وفاته تسجيل القرآن الكريم كاملاً مجوداً بصوته

القاهرة - سماح مكي

عاشوا بيننا، وأسعدونا بفنهم الجميل على مدار سنوات طويلة قبل أن يرحلوا عن عالمنا تاركين تراثا فنيا يخلدهم، ويؤرخ لحقبة شديدة الأهمية في تاريخ الفن العربي.. حتى ان الأجيال الجديدة تتابع روائعهم عبر شاشة التلفزيون دون أن تعرف شيئاً عن هؤلاء العمالقة الراحلين.

«النهـار» في هذه الحلقات.. تقترب منهم.. من شخصياتهم.. من حياتهم.. تقترب من هؤلاء الفنانين العمالقة عبر حوارات مع أقرب الأقربين لهم.. الابن أو الابنة.. الزوج أو الزوجة.. أو حتى الحفيد. نتعرف منهم عن جوانب خفية من حياة هؤلاء الفنانين العظام.. كيف عاشوا وكيف كانت رحلة كفاحهم عبر الألم والأمل حتى شارع النجاح والنجومية..

نكشف في هذه السلسلة الحوارية جوانب جديدة في حياة فنانينا الراحلين فنياً وإنسانياً وأسرياً.

كلنا في الهوى عباسية.. قالها فصارت مثلاً وهو يؤدي دوره الرائع في فيلم «شباب امرأة.. هو ظاهرة خاصة في الإلقاء من رواد المدرسة الطبيعية في الأداء.. قام بدور الأب في سن الـ 20 وساعدته ملامح وجهه على ذلك.. وقدمه في كل أعماله.. حتى أصبح أشهر أب في السينما المصرية.. أنه أستاذ الإلقاء وشيخ الممثلين.. الفنان عبد الوارث عسر..، حفيده الفنان «محمد التاجي» الذي رافقه خلال العشرين عاماً الأخيرة من عمره... يحكي لنا عن عبد الوارث عسر الذي لا نعرفه، وعن ذكريات جده مع الفن والناس.. والحياة..

يقول التاجي: «عبد الوارث علي عسر» من مواليد الدرب الأحمر بحي الجمالية في 16 سبتمبر 1894، أصول والده ريفية من «الدلنجات» محافظة البحيرة حفظ القرآن الكريم منذ الطفولة وتعلم تجويده، وهو الأخ الأكبر لشقيقين هما الفنان «حسين عسر» وسنية عسر.. تدرج في التعليم حتى حصل على البكالوريا في مدرسة التوفيقية الثانوية بنين، وكان وقتها شغوفاً بمشاهده العروض المسرحية ويرغب في دخول مدرسة الحقوق كوالده الشيخ «علي عسر» الذي كان محامياً وصديقاً مقرباً من الزعيم «سعد زغلول» في الالتحاق بوزارة المالية في وظيفة «كاتب حسابات» واستقال في سن الأربعين عاماً.. للتفرغ للفن وانتقل للإقامة بحي الدقي، وكان يتقاضى معاشاً قدرة 9 جنيهات ويضيف التاجي: جدي كان شخصية منظمة ومرتبة جداً وحجرته كانت صومعته التي لا يستطيع أحد الاقتراب منها سوى جدتي فقط، وقد توفي وعمري 20 عاماً وفي الفترة الأخيرة من حياته ضعف بصره فكنت أقرأ له الكتب والسيناريوهات، يسترجع التاجي ذكرياته ويقول: جدي ورث عن والده عزبة كبيرة ولكنه باعها للتفرغ للفن عام 1968، ورغم بيعها إلا أنها تطلق عليها «عزبة عسر» إلى اليوم، يسترسل التاجي في حديثه: جدي كان عاشقاً للغة العربية وكان متفقهاً فيها، وكذلك الشعر والأدب، لذلك شغف بالمسرح لأنه الأقرب لكل هذه الفنون، فألتحق عام 1912، بفرقة «جورج أبيض» وكان أول دور له في مسرحية «الممثل كين» والذي دربه على التمثيل فيها «منسي فهمي» وكان يؤدي مع فرقة «جورج أبيض» الأداء الكلاسيكي.. الأمر الذي لم يكن يروق له لذلك اتجه إلى فرقة «عزيز عيد وفاطمة رشدي «حيث الطبيعية في الأداء وهو من رواد هذه المدرسة، وهناك التقى بالمخرج ومدير الفرقة «عمرو وصفي» الذي وجهه إلى أداء شخصية الأب رغم أنه كان في مقتبل العمر لم يتعد الـ 20 عاماً، وقال له «إن هذا الدور هو الذي سيبقى وفيه استمرارية.. فضل عجوزاً في كل أعماله.. وقد استمر في المسرح وأسس مع «سليمان نجيب «فرقة أنصار التمثيل وكانوا يقومون بترجمة المسرحيات من الإنجليزية والفرنسية، كما كتب مع سليمان نجيب «أربع مسرحيات والعديد من التمثيليات الإذاعية ومازالت عندي في أرشيف خاص بجدي.. وقدم في الأربعينيات مجموعة من المسرحيات من تأليفه حققت نجاحاً منها «الموظف»، «النضال»، «والجماح» قدم أيضاً أكثر من 300 فيلم، وكتب العديد من السيناريوهات إلى أن جاءت «أم كلثوم» وقدم معها تمثيلاً وكتابة سيناريو في فيلمي «سلامة» و«عايدة».. وبعدها جاءت مرحلة الانتشار السينمائي فقدم «دموع الحب» و«يوم سعيد» وحب في الظلام مع فاتن حمامة عام 1953، وفيلم «عيون سهرانة» مع شادية عام 1956 وفيلم شباب امرأة مع تحية كاريكا، وصراع في الوادي و«الأستاذة فاطمة».

يشير التاجي إلى أن عسر كان يحب أن يقرأ في حجرته بهدوء وتركيز عال جداً، وأتذكر في فيلم «ليلة من عمري» كانت تحكي لي والدتي أنه كان يؤدي مشهد الأب الذي أصيب بشلل فكان وهو جالس في المنزل يدرب نفسه على الدور وكأنه أصيب فعلاً بالشلل، كما كان يكتب في الستينيات في جريدة الشعب يوميات عبارة عن مقالات حوارية بطلها «الشيخ خميس» الذي كان يناقش مشاكل الشعب عن طريق مواقف تحدث له، وكذلك كان يكتب بعض القصائد الزجلية التي من خلالها أرخ لأحداث حرب أكتوبر كاملة واستمرت بعد الحرب أيضاً.. كما كان جدي يقوم بإلقاء محاضرات لفن الإلقاء بالمعهد العالي للسينما منذ نشأته عام 1959 وحتى عام 1967.. وألف كتاباً بعنوان فن الإلقاء لايزال يدرس حتى الآن.. وكذلك كان يدرس في كلية الإعلام، ومعهد أعداد ضباط الشرطة كان يعلمهم فن الإلقاء.. وسمعت يوماً من شيخ في التلفزيون أنه كان يعلمهم في كلية أصول الدين في الأزهر فن الإلقاء.. فكان موسوعة وشاعراً وسيناريست إلى ممثل وكان مبدعاً في التأليف السينمائي فشارك في كتابة عدد كبير من الأفلام منها دموع الحب.. الدكتورة.. يوم سعيد.. أخيراً تزوجت.. دليلة.. شباب امرأة.

كان أول فيلم قام بتمثيله كان «يحيا الحب» مع عبد الوهاب وكان تصويره في فرنسا ومن هنا بدأت علاقته به وبالمخرج «محمد كريم» وانطلق بعده إلى تقديم سلسلة أفلام «عبد الوهاب» وكان يكتب السيناريوهات الخاصة بها ومع ذلك رفض أن يشاركه في فيلم «رصاصة في القلب» عام 1944، ولكن عبد الوهاب كان يعتبره تميمة نجاحه فطلب منه أن يضيف للسيناريو دوراً له ولكن جدي رفض واختار دور شحات الذي كان موجوداً في السيناريو بالفعل، وكان مشهداً صغيراً جداً، فقال له عبد الوهاب: «هل تقبل دور الشحات؟» فقال جدي: علشان عيون عبد الوهاب أقوم بدور الشحات»، وكان أبرز أصدقائه من الوسط الفني «محمد كريم» و«سليمان نجيب» وكانت لهم لقاءات أسبوعية كل يوم أربعاء في جاردن سيتي في منزل «محمد كريم» أو في منزل جدي بالدقي، وكان يوماً مقدساً بالنسبة لهم جميعاً، وكان يطلبه «رمسيس نجيب» لتدريب الوجوه الجديدة على التمثيل أمثال سميرة أحمد ونادية لطفي وآمال فريد وماجدة الخطيب وذلك من دون مقابل مادي، وكان يعطيهن هذه الدروس في منزله، يقول التاجي: جدي له بنتان فقط وهما «لوتس» و«هاتور» وهذه قصة أخرى ففي هذه الفترة كانت الأسماء التركية منتشرة فاراد أن يكسر القاعدة ويسمي أسماء فرعونية فاختار «لوتس» و«هاتور».

حصل جدي على شهادات تقدير من وزارة الإرشاد عام 1955، وحصل على جوائز كثيرة جداً وتكريمات من الملك فاروق، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس «جمال عبد الناصر»، وجائزة الدولة التقديرية ووسام الفنون من الرئيس السادات، وكانت هناك جوائز كثيرة تسلمتها بعد وفاته، ومن أهمها أن الدولة كرمته بصدور طابع بريد بصورته واسمه، وحصل على جائزة التأليف السينمائي عام 1954عن سيناريو فيلم «جنون الحب» ويحكي التاجي عن دور جده في تشجيعه على العمل بالفن ويقول إن جدي كان يقول دائما: إن الفن الشيء الوحيد الذي لا يوجد فيه وساطة وإذا كنت جيداً سوف تنجح.. لدرجة أن بعض الناس حتى في الوسط الفني لا تعرف أن عبد الوارث عسر جدي.. وشاهدني في كل المسرحيات التي قدمتها على مسرح الطليعة وقال لي أنت جيد استمر، وقد جمعنا عمل واحد ولكن لم نلتق في مشاهد معاً وهو مسلسل «من أين ؟» إخراج «محمد فاضل» وكنت أخاف من أن يجمعنا مشهد معاً لأنه كان لدي شعور أنني إذا وقفت أمامه سوف أرتبك ولن أقدم شيئاً.

وما الأعمال التي قدمها خلال مشواره الفني؟

في عام 1936: دموع الحب

عام 1937: الحل الأخير

عام 1938: يحيا الحب

عام 1939: الدكتور

عام 1940: يوم سعيد

عام 1941: مصنع الزوجات

عام 1942: ممنوع الحب أخيراً تزوجت عايدة.

عام 1944: رصاصة في القلب.

عام 1945: أصحاب السعادة سلامة الزلة الكبرى

عام 1946: لست ملاكاً غرام بدوية

عام 1947: ابن عنتر.

عام 1948: غرام لا يموت عنبر هارب من السجن شمشمون الجبار.

عام 1949: فاطمة وماريما وراشيل غزل البنات

عام 1950: ما كنش على البال

عام 1951: لك يوم يا ظالم فايق ورايق بلد المحبوب

عام 1952: ناهد زينب من أين لك هذا الأسطى حسن الأستاذة فاطمة

عام 1953: نافذة على الجنة طريق السعادة موعد مع الحياة حب في الظلام في شرع مين بعد الوداع ارحم دموعي.

عام 1954: الملاك الظالم أسعد الأيام دايماً معاك خليك مع الله أربع بنات وضابط صراع في الوادي موعد مع السعادة ليلة من عمري قرية العشاق جنون الحب الشيخ حسن «ليلة القدر».

عام 1955: بحر الغرام لحن الوفاء قصة جحا شاطئ الذكريات دموع في الليل.

عام 1956: عيون سهرانة زنوبة قلوب حائرة أرض السلام دليلة شباب امرأة المفتش العام صوت من الماضي النمرود.

عام 1957: إسماعيل يس في الأسطول ليلة رهيبة الوسادة الخالية

عام 1958: أبو حديد سواق نص الليل.

عام 1959: قلب من ذهب الله أكبر.

عام 1961: موعد مع الماضي

عام 1962: غصن الزيتون.

عام 1964: أدهم الشرقاوي

عام 1965: الجبل

عام 1966: خان الخليلي

عام 1968: قنديل أم هاشم

عام 1969: الناس اللي جوه.

عام 1970: ا لأرض.

عام 1973: المرأة التي غلبت الشيطان زهور برية

عام 1974: الإخوه الأعداء العصفور.

عام 1976: المذنبون.

عام 1977: سونيا والمجنون من أجل الحياة.

عام 1978: البؤساء شفيقة ومتولي.

عام 1979: أقوى من الأيام لاعزاء للسيدات إسكندرية ليه لا تبكي يا حبيب العمر عاصفي من الدموع.

لكن أهم ما ترك جدي قبل وفاته هو تسجيل القرآن الكريم «كاملاً مجوداً بصوته لصالح إحدى شركات الإنتاج، وللأسف فإن هذا التسجيل النادر لم ير النور حتى يومنا هذا برغم حلاوة صوته وهو يقرأ القرآن الكريم، ثم جاءت النهاية بعدما توفيت زوجته في 3 مايو 1979، وكانت بنت خالته ويحبها جداً ومرتبطاً بها إلى أقصى درجة، وبعد وفاتها حزن حزناً شديداً عليها ودخل على أثرها المستشفى في شبه غيبوبة كاملة، وظل فترات طويلة بمستشفى «المعادي للقوات المسلحة» وأمر الرئيس «السادات» بعلاجه على نفقة الدولة.. وقد وافته المنية في 22 إبريل 1982.

النهار الكويتية في

28/08/2011

 

صناع السينما نجوم الزمن الجميل

فطين عبد الوهاب .. كوميديا لكل العصور

القاهرة - أحمد الجندي  

إذا كان المسرح هو «أبو الفنون» بحكم انه الفن الأقدم، وإذا كانت هناك فنون أخرى مثل: الموسيقى الخالصة، وفن الأوبرا والباليه والفن التشكيلي، تعرف بأنها فنون الخاصة والنخبة، فإن السينما كانت وستظل فناً شعبياً أي «فن العامة»، وإذا كان الهدف منها عند اختراعها في نهايات القرن الـ 19 هو التسلية والمتعة والترفيه، فإنها مع مراحل تطورها عبر سنوات وحقب زمنية متلاحقة، تعاظم دورها ولم تعد لمجرد المتعة والتسلية، بل أصبحت مرآة المجتمعات، تعكس وتكشف وتعبر عن واقع المجتمع أي مجتمع وتنتقد سلبياته وتعلو بإيجابياته، من هنا أصبحت للسينما رسالة تنويرية وتثقيفية في حياة الشعوب والمجتمعات، ومن هنا أصبحت «فن العامة» وفي مقدمة الفنون التي تحظى بالشعبية.

ومن هنا نجد أن من حق هؤلاء الكبار من فناني السينما المصرية وصانعي تطورها ونهضتها سواء الذين تحملوا عبء الريادة الأولى، أو الأجيال التالية لهم التي تحملت عبء التواصل والتطور، علينا أن نكرمهم ونعرف الأجيال بتاريخهم ومشوارهم ومسيرتهم السينمائية والفنية الحافلة، ليس فقط لأنهم «صناع السينما المصرية» ومبدعوها عبر مراحل تطورها، ولكن لأنهم مع مرور الزمن أصبحوا رموزاً لزمن وعصر من الفن الجميل، كان عصراً مفعماً بالهدوء والجمال والرومانسية والمشاعر الصافية والإبداع الصادق والإخلاص الكامل للفن وللسينما، عصر نفتقده جميعاً ونتمنى عودته.

على الرغم من انه مخرج سينمائي فذ وعبقري صاحب أسلوب وعالم سينمائي خاص، ومدرسة فنية لها سماتها المميزة، الا انه وربما يعد الفنان المبدع الوحيد في تاريخ السينما المصرية كله الذي لم ينل - أثناء حياته - حظه وقدره الكافي من الاهتمام النقدي والبحثي ولم يلقى التكريم الذي يستحقه، انه المخرج والمبدع الكبير فطين عبد الوهاب، الذي يعد الرائد الأول وبلا منازع للكوميديا الراقية في السينما المصرية كمخرج، فعلى مدى 33 عاماً هي سنوات عمره الفني قدم للسينما «57» فيلما ترك خلالها بصمة حقيقية في تاريخنا السينمائي كمخرج كبير صاحب أسلوب شديد التميز.

وتمثل أفلامه قمة ما وصل اليه الفيلم الكوميدي في السينما الناطقة بالعربية اضافة الى نوعيات أخرى من السينما - غير الكوميدية قدمها أيضاً في بداياته وأثناء مشواره السينمائي، والعديد.. والعديد من أفلامه الكوميدية التي قدمها في الخمسينيات والستينيات مازالت تعيش حتى اليوم وتستمتع بها الأجيال جيلاً بعد جيل وتشاهدها لمرات عديدة كأنها انتجت بالأمس!!، نذكر منها أفلاماً مثل: « اشاعة حب، عائلة زيزي، الأستاذ فاطمة، مراتي مدير عام، آه من حواء، الزوجة 13، ابن حميدو« بالاضافة الى سلسلة أفلامه الشهيرة التي حملت اسم اسماعيل ياسين مثل «اسماعيل ياسين في الجيش» واليت وصلت الى ما يقرب من 15 فيلماً، وغيرها من الأفلام التي تعر من روائع السينما الكوميدية، لذلك لم يكن غريباً انه في العقود الثلاثة الأخيرة ان يكون هناك هذا الاهتمام الكبير والتكريم من جانب نقاد وباحثي ومهرجانات السينما بما قدمه فطين عبد الوهاب هذا المخرج والمبدع الكبير الذي يعد - ولا شك - فنانا وصانع سينما حقيقيا.

ولد فطين عبد الوهاب في 22 نوفمبر عام 1913 بمدينة دمياط التي تقع على البحر المتوسط شمال دلتا مصر، وكان أصغر أشقائه الثلاثة لأسرة ميسورة الحال، حيث كان الأب يعمل مدرساً، أما أشقاؤه الأكبر منه فيكفي ان نشير لاثنين منهما، الأول الفنان الكبير والقدير «سراج منير» الذي يكبر فطين بـ 10 سنوات تقريباً والذي سافر الى ألمانيا لدراسة الطب، لكنه لم يستمر هناك بعد ان تغلبت عليه هواية التمثيل فعاد الى مصر وبدأ يشق طريقه كممثل في عالم المسرح مع نجيب الريحاني ثم انتقل الى السينما وبدأ فيها مع فيلم «زينب» مع المخرج محمد كريم الذي كان قد تعرف عليه في ألمانيا، بعدها يصبح سراج منير واحداً من كبار نجوم التمثيل والفن المصري وصاحب تاريخ فني هائل وجماهيرية وشعبية عريضة، أما الشقيق الثاني فهو «حسن عبد الوهاب» والذي كان يكبر فطين بـ 3 سنوات فقط فهو الآخر اتجه الى السينما بعد دراسته للهندسة وسافر الى فرنسا من أجل الاطلاع وزيادة خبراته السينمائية، وعاد ليشتغل بالنقد والكتابة السينمائية وأخرج فيلمين في حقبة الأربعينيات هما «قلوب دامية» و«ليت الشباب».

ونعود الى فطين عبد الوهاب لنجد انه رغم نشأته مع أشقاءه سراج وحسن وعملهما السينمائي والفني الا ان فطين سلك اتجاهاً مغايراً ولم يدخل الى مجال السينما الا بعد ان تجاوز الثلاثين من عمره، فبعد ان قطع مشواره الدراسي حتى حصل على البكالوريا «الثانوية العامة حالياً» التحق بكلية الزراعة، ولم يجد نفسه في هذه الدراسة وبأ يتغيب عنها فتم فصله من الكلية فذهب الى كلية الفنون الجميلة والتحق بها ليدرس التصوير لكن حظه العاثر ان التنسيق في الكلية ألحقه بقسم العمارة فلم يتوائم ولم ينسجم أيضاً مع دراسة العمارة وترك الكلية بعد عام احد وقرر ترك التعليم نهائياً والاكتفاء بما حصل عليه، وبدأ حياته موظفاً بقسم الجنسية في وزارة الداخلية، لكن سرعان ما تسرب اليه الملل بعد ان شعر انه لم يخلق لهذه الوظيفة الرويتينة وفكر في الاتجاه الى عمل آخر فالتحق بالعمل في الجيش بعدما تخرج من أول دفعة للضباط الاحتياط من الكلية الحربية وكان هذا عام 1939 وقت ان فتح الجيش باب التطوع مع بدايات الحرب العالمية، واستمر فطين عبد الوهاب ضابطاً بالجيش حتى حصل على رتبة «يوزباشي» وهي رتبة «النقيب» في وقتنا الحالي.

وبعد فترة غير قصيرة من العمل بالجيش قرر الاستقالة من العسكرية وفي هذه المرة يقرر ان يتجه للعمل في مجال السينما لتكون هي الاختيار الأخير له ولتكون مجاله الذي استمر فيه حتى نهاية عمره، بعدما قضي ما يقرب من 10 سنوات متنقلاً بين دراسة وأخرى وعملاً وآخر يبحث عن نفسه وعن ذاته وما يوافق ميوله وتطلعاته، ولم يكن فطين عبد الوهاب بعيداً عن السينما فكما أشرنا سابقاً سبقه شقيقاه الأكبر سراج وحسن، ولما كان فطين لا يملك أي خبرة في العمل السينمائي فقد بدأ في هذا المجال من الصفر وكان في بداية الثلاثين من عمره، أما لماذا قرر فطين ان يتجه الى السينما بعد هذه التجارب وفي هذا السن الذي يبدو متأخراً قليلاً؟

الاجابة على هذا السؤال تأتي علي لسان فطين عبد الوهاب نفسه من خلال حواره مع الناقد «عبد النور خليل» والذي يورده الناقد نادر عدلي في كتابه المتميز عن هذا المخرج الكبير، يقول فطين» اعترف ان المكتبة الضخمة لشقيقي حسن المحب للسينما وما وجدته في هذه المكتبة من كتابات عن السينما جعلتني عاشقاً لهذا العالم خصواً عدما عدت للقراءة في هذه المكتبة مرة أخرى في أوقات فراغي عندما كنت ضابطاً في الجيش، لأن قراءاتي في فترة مبكرة من حياتي لم تجعلني اتجه اليها حيث لم ان أتصور ان اشتغل بالسينما أو تكون هي مجال عملي، لكن في المرة الثانية وجدت لدي حصيلة رائعة من الأفكار التي بلورت توجهاتي فيما بعد خصوصاً بعدما وجدت لدي حصيلة ثقافية سينمائية جيدة دفعتني الى ارتياد الأفلام وتتبع حركة السينما في مصر لدرجة انني بدأت أكتب مقالات في النقد السينمائي لأنشرها في مجلة «فن السينما».

وما قاله فطين نفسه يفسر سبب قراره بالاتجاه الى السينما وان كان هناك عاملين آخرين أثرا في اتخاذه لهذا القرار، الأول تعرفه على مجموعة ن السينمائيين الشباب في ذلك الوقت ولقاءاته المستمرة معهم مثل صلاح أبو سيف وحلمي حليم وكامل التلمساني وعلي الزرقاني وقد أسفرت هذه اللقاءات والجلسات التي دار الحديث فيها عن الأفلام والسينما عن زيادة التأكيد بداخل فطين على خوض هذا الاتجاه، أما العامل الثاني فهو عامل مادي عندما اكتشف ان أجر مساعد المخرج في الفيلم الواحد الذي يستغرق تصويره شهر ونصف الشهر أو شهرين على أقصى تقدير يزيد عن راتبه وما يتقاضاه في الجيش كضابط في سنة كاملة.

ولعل كل هذه الأسباب مجتمعة هي التي دفعته دفعاً لترك الجيش والتوجه الى السينما وبدأ مشواره به -من الصفر- كما ذكرنا وساعده فيها أخويه سراج وحسن، وكان العمل الأول «مساعد انتاج» مع يوسف وهبي في فيلمه «بنات الريف» عام 1944 وقد استفاد فطين كثيراً من خبرات يوسف وهبي أثناء هذا الفيلم وبدأ حبه لهذا العالم الساحر يزداد، والطريف ان فطين خاض تجربة التمثيل في هذا الفيلم عندما أسند اليه يوسف دور المحقق مع بطلة الفيلم فاطمة رشدي، وكان دوراً صغيراً لكنه لم يفضل الوقوف أمام الكاميرا بعدها وكانت التجربة الوحيدة له في التمثيل وقضي مشواره الفني كله خلف الكاميرا كمخرج. بعد هذا الفيلم مع يوسف وهبي عمل فطين مساعداً للاخراج لمدة 5 سنوات مع عدد من المخرجين منهم أحمد سالم وحسن الامام ومحمود ذو الفقار وحسين حلمي، حتى جاءته الفرصة الأولى ليقف خلف الكاميرا كمخرج لأول مرة عام 1949 وكان ذلك من خلال فيلم «نادية» الذي يعد أول أفلامه ولعب بطولته محمود ذو الفقار وعزيزة أمير، لكن البداية الحقيقية له كانت مع فيلمه الثاني «جوز الأربعة» عام 1950 الذي اعتمد فيه على دراما اجتماعية اعتمد خلالها على كوميديا الموقف وقد كتب بنفسه سيناريو الفيلم بالاضافة الى مشاركته في الانتاج وقد وضح من خلال هذا الفيلم أسلوبه الكوميدي الذي لم يظهر في فيلمه الأول «نادية»، حيث دارت أحداثه في أجواء ميلودرامية ومع النجاح الكبير لفيلمه الثاني يبدأ فطين عبد الوهاب مشواره الفني مع السينما ومع الكوميديا الراقية التي أصبح رائدها وأحد أهم صناعها. وبنظرة سريعة على مشوار هذا المبدع الكبير والذي استمر لـ32 عاماً منذ عام 1949وحتى1950 يمكن تقسيم هذا المشوار الى مرحلتين، المرحلة الأولى من عام «1949 وحتى 1961» وخلال هذه المرحلة قدم 28 فيلماً روائياً طويلاً اضافة الى فيلم «الغريب» الذي قدمه بالاشتراك مع المخرج كمال الشيخ وفيلم روائي قصير وفيلمين تسجيلين، وبدأت هذه المرحلة بالميلودراما في فيلم «نادية» وانتهت أيضاً بفيلم ميلودرامي هو «الضوء الخافت» عام 1961من بطولة أحمد مظهر وسعاد حسني وشويكار، وتخللها أيضاً مجموعة من الأفلام الميلودراما أو الدراما الاجتماعية أهمها: «عبيد المال» 1953، و«الغريب» الذي شارك في اخراجه مع كمال الشيخ والمأخوذ عن الرواية العالمية الشهيرة «مرتفعات ويزرنج» لاميل برونتي، ولعب بطولته يحيي شاهين مع ماجدة وكمال الشناوي ومحسن سرحان، أيضاً هناك أفلاماً أخرى من هذه النوعية أهمها: «نساء في حياتي» 1957 بطولة يحيي شاهين أيضاً ومعه هند رستم وزبيدة ثروت، «وعاد الحب» عام 1960 بطولة سامية جمال وأحمد مظهر ومحمود المليجي وبلغ قمة الميلودراما في فيلم «طاهرة» 1957 ولعبت بطولته مريم فخر الدين ومحمود المليجي، وكان الفيلم مغرقاً في المأساة، وخلال تلك الفترة قدم فطين ثلاثة تجارب مختلفة الأولى في الفيلم التاريخي وكان هذا عام 1953 من خلال فيلم «حكم قراقوش» انتاج وبطولة شقيقه الفنان الكبير سراج منير وشارك في بطولته زكي رستم ونور الهدى، والتجربة الثانية كانت في السينما الغنائية من خلال فيلم «نهارك سعيد» عام 1955 ولعب البطولة المطرب والملحن منير مراد وسعاد ثروت وسعاد مكاوي وسراج منير، أما التجربة الثالثة فكانت فيلماً من أفلام الحركة وهو «الأخ الكبير» 1958 ولعب بطولته فريد شوقي، هند رستم وأحمد رمزي ورغم ان هذه الأفلام والتجارب جميعها بعيدة عن الكوميديا التي برع فيها الا انها حققت نجاحاً هائلاً أكد ان هذا المخرج الكبير رغم براعته كصانع ورائد للسينما الكوميدية الا انه يمكنه ان يقدم مختلف النوعيات السينمائية الأخرى ويبرع وينجح فيها.

ونأتي الى أفلام الكوميديا خلال نفس المرحلة الأولى لنرى انه قدم «19» فيلماً من بين «28» فيلما جميعا أفلاماً كوميدية وكان منها 15 فيلماً لاسماعيل ياسين وبدأ هذه المرحلة بالفيلم الثاني في مشواره الفني «جوز الأربعة» من خلال كوميديا اجتماعية اعتمد فيها على ما يسمى بكوميديا الموقف ولعب بطولة الفيلم مديحه يسري وكمال الشناوي، وفي العام التالي 1951 فيلم «بيت الأشباح» وكان فيلمه الأول مع اسماعيل ياسين ثم يأتي في العام التالي واحداً من أهم أفلامه الكوميدية «الأستاذة فاطمة» عام 1952 الذي لعب بطولته كمال الشناوي مع فاتن حمامة وعبد الفتاح القصري وفي هذا الفيلم بالتحديد ظهر واضحاً أسلوبه المميز في خلق الكوميديا وصناعتها بشكل راقي ومميز، وفي عام 1954 يقدم فيلماً كوميدياً مميزاً اعتبر وقتها نوعاً جديداً وأسلوباً متفرداً في الكوميديا وحقق نجاحاً جماهيرياً كبير وهو فيلم «الآنسة حنفي» الذي قام ببطولته اسماعيل ياسين وعبد الفتاح القصري وماجدة وزينات صدقي.

وفي عام 1955 يبدأ مع اسماعيل ياسين سلسلة أفلامه الشهير «اسماعيل ياسين في....» بدأها بـ «اسماعيل ياسين في الجيش» ثم «في البوليس.. في الأسطول.. بوليس حربي.. وفي الطيران» وهناك فيلم سادس بعنوان «اسماعيل ياسين بوليس سري» وقد قدم هذه الأفلام في الفترة من عام «1955 - 1959» وقد كتب فطين السيناريو لعدد من هذه الأفلام لكن الملاحظ ان فطين لم يقوم باخراج كل السلسلة من الأفلام التي حملت اسم «اسماعيل ياسين» والتي تصل الى 13 فيلماً وهذا يرجع الى ان النقاد هاجموا هذه الأفلام وقتها رغم نجاحها الجماهيري الهائل وغير المسبوق لدرجة ان بعضهم أطلق عليه لقب «مخرج أفلام اسماعيل ياسين» وأغضبه هذا الوصف جداً كما أغضبه وصف النقاد لهذه الأفلام بأنها أفلام هزلية وهذا ما جعله يتوقف عنها ويقدم أفلاماً كوميدية أخرى بعضها حقق نجاحاً هائلاً مع اسماعيل ياسين أيضاً نذكر منها «أمسك حرامي» عام 1958، «ابن حميدو» 1957، «العتبة الخضراء» 1959، «حايجننوني» 1960، «حلاق السيدات» 1960، «الفانوس السحري» 1960، بالاضافة الى أفلاماً كوميدية أخرى بعيدة عن اسماعيل ياسين مثل تحفته الرائعة في السينما الكوميدية المتمثلة في الفيلم الشهير «اشاعة حب» عام 1960 والذي لعب بطولته عمر الشريف، سعاد حسني، يوسف وهبي، عبد المنعم ابراهيم، وفي هذا الفيلم قدما يوسف وهبي وعمر الشريف أداء كوميدياً غير مسبوق كان وراءه هذا المخرج العبقري، هذا بالاضافة الى تقديمه لنوعيات أفلام أخرى غير الكوميديا خلال هذه المرحلة وهو ما سبق وأشرنا اليه.

ونأتي الى المرحلة الثانية في مشواره ابداع هذا المخرج الكبير والتي تتمثل في الفترة من «1962 - 1972» وقد بدأ هذه المرحلة التي اشتملت على 26 فيلماً روائياً طويلاً وفيلم روائي قصير جاء فمن 3 قصص عرضت في شريط واحد حمل عنوان «3 لصوص» لتكون التجربة الثانية في مشواره من هذه النوعية بعد تجربته في فيلم «البنات والصيف» الذي أخرج قصة من قصصه الثلاث، عام 1960 والذي لعب بطولته عبدالحليم حافظ، اضافة الى فيلم تسجيلي باسم «توت غنخ أمون» وأهم ما يميز هذه المرحلة من ابداع فطين انها حققت بشكل قوي للغاية أسلوبه السينمائي الرائع في السينما الكوميدية ورسخت عالمه الفني ولغته السينمائية واستطاع خلالها ان يجعل نجوماً بعيدين عن الكوميديا واشتهروا بأدوارهم وأفلامهم الدرامية والميلودرامية ان يؤدوا الكوميديا ببراعة فائقة كتبت واحتسبت في تاريخهم الفني أمثال: صلاح ذو الفقار، شادية، رشدي أباظة، أحمد رمزي، أحمد مظهر، حسن يوسف، سميرة أحمد، عماد حمدي وغيرهم من كبار النجوم، كما لابد وأن ننوه هنا الى جانب غاية في الأهمية وهو انه المكتشف الأول لعادل امام سينمائياً من خلال تقديمه على الشاشة لأول مرة في فيلم «أنا وهو وهي» عام 1964 وكان أول من توقع لعادل انه سيكون من أهم نجوم الكوميديا وكان مؤمناً جداً بموهبته لذلك شارك عادل في معظم أفلامه الكوميدية خلال هذه المرحلة التي بدأها بفيلمه الشهير «الزوجة 13» 1962 بطولة رشدي أباظة وشادية وعبدالمنعم ابراهيم وشويكار. ومع استعراضنا لأفلام هذه المرحلة سنجد انها تضم عدداً كبيراً من أهم الأفلام الكوميدية في تاريخ السينما المصرية وليس في تاريخ مخرجها فطين عبد الوهاب وحده، وأن هذه الأفلام ما زال جمهور السينما في مصر والعالم العربي لا يمل من مشاهدتها على مختلف القنوات الفضائية والتي تعرضها بعض هذه الفضائيات بناء على طلب المشاهدين، الذين يبدو في كل مرة يشاهدون هذه الأفلام وكأنهم يشاهدونها لأول مرة وكأنها انتجت من شهور أو أعوام قليلة رغم ان بعضها مضى على انتاج 40 و50 و60 عاماً، وهذه هي عبقرية هذا المخرج الكبير في ان أفلامه تزداد قيمتها مع مرور الزمن وتوالي الأجيال ولعل من أهم هذه الأفلام: «آه من حواء» 1962، «عائلة زيزي» 1963، «صاحب الجلال» 1963، «عروس النيل» 1963، «اعترافات زوج» 1964، «العائلة الكريمة» 1964، «المدير الفني» 1965، «مراتي مدير عام» 1966، «كرامة زوجتي» 1967، «عفريت مراتي» 1968، «أرض النفاق» 1968، «7 أيام في الجنة» 1969، «نصف ساعة جواز» 1969، «أكاذيب حواء» 1969، «فرقة المرح» 1970، «خيب ماما» 1971، «أضواء المدينة» 1972، وقد امتزجت موضوعات هذه الأفلام بالكوميديا الراقية التي تعالج قضايا ومشكلات اجتماعية وهذا حول الفيلم الكوميدي من مجرد عمل استهلاكي هزلي أحياناً الى عمل فني مبدع، الأمر الثاني في هذه الأفلام هو قدرته المدهشة على توظيف قدرات الممثل والوصول به الى الأداء الكوميدي حتى ولو كان غير كوميديان وقد أشرنا في السطور السابقة الى عدد من هؤلاء النجوم ونضيف اليهم الآن نماذج أخرى من هؤلاء مثل لبنى عبد العزيز، فاتن حمامة، فريد شوقي، رياض القصبجي «الذي اشتهر بأدوار الشر»، توفيق الدقن، نجلاء فتحي، عقيلة راتب.

ونأتي الى نهاية المشوار لنجد ان فيلم «أضواء المدينة» الذي قدمه عام 1972هو آخر أفلامه وقبلها قدم في لبنا فيلم «فندق السعادة» عام 1971 وكان في بيروت من أجل مشروع فيلم مع الرحبانية تقوم ببطولته المطربة فيروز وكان فيلماً استعراضياً غنائياً يحمل اسم «مجنون ليلى» وأثناء عودته للقاهرة وقبل ان يستقل الطائرة أصيب بأزمة قلبية لم تمهله طويلاً، حيث توفي على اثرها وكان هذا يوم 12مايو 197، لتنتهي بذلك رحلة مخرج كبير هو رائد السينما الكوميدية وصاحب الضحك الراقي والفكاهة البديعة على شاشة السينما العربية، رحل وترك خلفه تراثاً ضخماً من الأفلام التي تزداد قيمتها بمرور الزمن والأجيال وتوالي العصور، رحل وبعدها أدرك النقاد وباحثو ومؤسسات السينمائيين مكانة وأهمية ما أبدعه هذا المخرج الكبير فتوالت الكتب والدراسات والندوات والمهرجانات السينمائية للاحتفاء به وتكريمه ورد الاعتبار له ولمكانته الرفيعة كأحد كبار صانعي السينما. واذا كان هذا عن مشواره الفني فان مشواره الانساني يقول ان فطين عبدالوهاب تزوج 4 مرات وزواجه الأول كان من الممثلة والراقصة «هاجر حمدي» ولم يستمر سوى أشهر قليلة ونفس الأمر ينطبق على زواجه الثاني من الفنانة تحية كاريوكا، كما تزوج من أميرة فتحي الشقيقة الكبرى للفنانة نجلاء فتحي ولم يستمر زواجه منها أيضاً سوى أسابيع قليلة، لكن تجربة الزواج الأكبر والأكثر نضجاً في حياته كانت من الفنانة القديرة ليلى مراد بعد اعتزالها الفن وقد ظل زواجه بها لمدة 12 عاماً وأنجب منها ابنه الوحيد «زكي فطين عبد الوهاب» الممثل والمخرج السينمائي المعروف، وفي النهاية لا يبقى الا ان نشير الى كلماته عندما رد على سؤال في حديث صحافي معه نشر في مجلة «روز اليوسف» عام 1963 كان السؤال حول القدرات التي يجب توافرها في مخرج الأفلام الكوميدية أجاب بتواضع وبساطة تستحق التقدير قال: « انا لم اختر الكوميديا.. ولكن الكوميديا هي التي اختارتني».

النهار الكويتية في

28/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)