حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أفلام وسينما المخرج "راوول رويز" 1من2

محمد رضا 

دائماً ما استقبلت فرنسا ناشدي حريّة والباحثين عن الإستقرار والثراء الثقافيين من أنحاء العالم خصوصاً من العالم العربي (عمر أميرالاي) وإفريقيا (عثمان سبمان) وأوروبا الشرقية (انتقل إليها رومان بولانسكي بعد سنوات قليلة قضاها في بريطانيا) وأميركا اللاتينية (عودة الإسباني لوي بونويل إليها وهو الذي كان لجأ لها من إسبانيا فرانكو).

"راوول رويز"، الذي توفي عن 70 سنة، حط في باريس سنة 1973 هارباً من حكم الجنرال "أوغوستو بينوشيه" ولم يعد؛ وهو كان أنجز أفلامه الأولى في وطنه الأم بدءاً من «ثلاثة نمور حزينة» سنة 1968.

وُلد في الرابع والعشرين من شهر تموز/ يوليو سنة 1941 جنوبي تشيلي ( في بلدة تُدعى: بويرتو مونت) ودراسته المتخصصة الأولى كانت في مجال القانون لكنه سريعاً ما اختار المسرح وأنجز فيلمه الأول ذاك في وقت كانت أميركا اللاتينية تشهد يموجات جديدة برازيلية وتشيلية ومكسيكية وعنه نال الجائزة الذهبية  لمهرجان "كارلو?ي ?اري" عندما كان ذلك المهرجان السويسري متخصص فقط في الأفلام الأولى أو الثانية لمخرجيها (اليوم لا يزال متخصصاً لكنه يعرض أفلاماً كثيرة لمخرجين متمرّسين).

تعامل رويز مع سينمائيين انتموا إلى الموجة التشيلية الحديثة، تلك التي أينعت تحت حكم الرئيس سيلفادور ألليندي اليساري، أمثال ميغويل ليتين وهلفيو سوتو وألدو فرانشيا ومعظمهم هرب من البلاد إثر الإنقلاب اليميني (القضاة والعسكر) في ربيع 1973.

كذلك تعرّف "رويز" على كتّاب لاتينيين ليبراليين من أمثال جورج لويز بورجز وألفونسو راييز وغبريال غارسيا ماركيز.

آخر فيلم تشيلي له كان «يمامة بيضاء صغيرة» في العام ذاته وعلى أثر إتمامه هرب من البلاد قبل أن تطبق عليه القوّات العسكرية كما أطبقت على العديد من المثقّفين في فترة شهدت العديد من حالات التعذيب والتصفية الجسدية لمن ثبت أنه كان موالياً للحكم السابق أو على ميول يسارية أو شيوعية.

"رويز" أدرك أنه من الأولى به أن يهرب فهو كان مستشاراً للحزب الإشتراكي في الحكومة وبعد عامين من الإستقرار في فرنسا أخرج «حوارات في المهجر» ناقلاً فيه تجربته وتجربة تشيليين آخرين لجأووا مثله إلى بلد الحريّة.

بحلول العام 1977 كان قد أصبح نجم سينما الموجة اللاتينية المحتفى به في فرنسا؛ والبعض اعتبره نجم الموجة الفرنسية الجديدة، تلك التي كانت أخذت تتحوّل آنذاك إلى أعمال متوقّعة ومعروفة الإتجاهات الفنية على يدي غودار وريفيت ورومير من بين آخرين.

الفيلم الذي منحه هذا القدر من الإهتمام والإحتفاء هو «حوار الكلاب» الذي أظهر فيه رويز موهبة دمج تقاليد سينمائية فرنسية مع عين جديدة للنظر إلى الموضوع المطروح.

بذلك، هناك الحكاية الشخصية لصعود وهبوط الحياة العاطفية والأخلاقية لبطلة الفيلم، ومستواه وأسلوبه من القواعد السينمائية واختياره من اللقطات وتوالي المشاهد، إنه عن مونيك (سيلكي أوميل) التي تهرب من بلدتها بعدما اكتشفت أن والدتها ليست الأم الحقيقية لها إلى منطقة بورديو حيث تمارس حياة جنسية وعاطفية تتوسّط العلاقات مدفوعة الأجر وتلك المجانية مع شخصيات عابرة في حياتها. هذا إلى أن تتعرّف على شاب يعمل مصلّحاً لأجهزة التلفزيون ينصحها بنبذ حياتها الحاضرة والعودة إلى بلدتها الأولى.

في حين أنه موضوع فرنسي كامل هو أيضاً أسلوب متجدد في فن العرض الذي عرفته السينما الفرنسية جديدة كانت أو كلاسيكية، لكن كتابة هذا الفيلم وتنفيذه يحمل قدراً كبيراً من التأكيد على الحدث وإبراز معانيه حتى من بعد استيفائها.

بعد أن أنجز خمسة أفلام أخرى في عامين، قدّم أحد أهم أعماله إلى اليوم "إفتراضية اللوحة المسروقة"؛ هذا فيلم مركّب وصعب القبول، لكنه من أفضل أفلام رويز كممارسة فعلية لأسلوبه الخاص.

لا نرى الشخص الذي من المفترض به أن يكون ضيفاً على  جامع لوحات فنيّة بلا إسم لمعاينة ستّة أعمال لرسّام من القرن التاسع عشر علماً بأن جزءاً من الحديث الطويل بينهما (الأول دائماً من خارج الكاميرا) يدور حول لوحة سابعة مسروقة، كل هذه اللوحات، يذكر الفيلم، تنتمي إلى رسّام مجهول من القرن التاسع عشر إسمه "فردريك تونير"، وهو إسم أورده الروائي والمفكر  "بيير كلوزوفسكي" في أحد أعماله التي بحث فيها الأعمال الفنية ليس من حيث ما تظهره من معاني تبعاً للمرسوم، بل من حيث ما تظهره من معاني تبعاً لم ما لم يتم رسمه.

فيلم رويز هذا أكثر أهمية مما سبقه، وأكثر صعوبة في استيعاب المنظور الكامل لفلسفته المبينة على البحث في الفارق بين الخيال والواقع، وبين فنون الفن.

كما في نظرية كلوزوفسكي حول ما هو مرئي في اللامرئي يتناول الفيلم الفجوات بين أساليب فنيّة متعددة كما بين الواقع والخيال.

بعد يومين على مشاهدة الفيلم في نيويورك، ضمن عروض المعهد الفرنسي سنة 1987 كتب ناقد ذ نيويورك تايمز مقالة نقدية ساخرة أظهر عجزه فيها عن استيعاب العمل، فوصف طرح الفيلم لموضوعه على أنه من السعة بحيث يمكن أن يتناول "أي نوع من الفن بما في ذلك فن زجاجات الكوكا كولا"، وذكر أن الحديث في اللاموجود (اللوحة السابعة) من الضبابية ما يجعله شبيهاً بـ "تنبؤات الحلوى الصينية" (يقصد الأمنيات المطبوعة في الحلوى التي توزّع في بعض المطاعم الصينية إثر تناول الطعام).

لكن الحقيقة هي أن رويز قد يتفلسف كثيراً على حساب المُشاهد، لكنه يصل إلى مراميه الفنية والفكرية على نحو مدرك حتى حين يحافظ على معالجته الساخرة لما يسرده.

مفتاح أعمال هذا المخرج هو اختياراته من سبل السرد؛ وهو خبر أساليب كثيرة من بعد أفلامه الفرنسية الأولى تلك واجداً المناخ الثقافي الفرنسي عاملاً مشجّعاً، في «التيجان الثلاثة لبحار»  (1982) معالجة سوريالية كاملة لحكاية ثلاث شخصيات تعيش بمنأى (رجل وإمرأة وطفلها- أو طفلاً تبنّته، عدم الوضوح مقصود من قبل المخرج)، تبع ذلك بفيلم مختلف السرد عنوانه «قصّة القراصنة» (1983) حول قاتل شاب وبحّار مسن يحكي للأول قصص البحر والمرافيء منتقلاً بين الحقيقة متمثّلة بشخصيات بشرية وأخرى من الأشباح في غمار ذلك، الكثير من مواصفات الفيلم الغامض، طريقة رويز، سمحت للفيلم لأن يكون أوّل أفلام رويز الموزّعة تجارياً خارج فرنسا.

الناتج عن فيلم يشبه حكايات البحّارة في روايات روبرت لويس ستيفنسون، أن رويز قام سنة 1985 بإقتباس واحدة من أشهر روايات ذلك الكاتب وهي «جزيرة الكنز»، أحد أعماله الأكثر خصوصية كونه عرف كيف يحوّل واحدة من كلاسيكيات روايات البحر إلى قصّة سياسية تخص لاجئاً لاتينياً يعود إلى وطنه.

(يتبع )....

الهوامش:

1. R. Roiz.jpg  راوول رويز

2. hypothesis.jpg   افتراضيات لوحة مسروقة

الجزيرة الوثائقية في

23/08/2011

 

 

مهرجانات السينما في فرنسا

صلاح سرميني 

خلال السنواتٍ الأخيرة، تزايدت بشكل ملحوظٍ أعداد التظاهرات، والمهرجانات السينمائيّة في القارة الأوروبيّة؛

ويشير هذا الازدهار إلى حيويّة الصورة، وجاذبيتها، حيث تمكّن المحترفون من تجديد علاقتهم بها استجابةً لتحديّاتٍ تكنولوجيّةٍ، واقتصاديّةٍ تتسارع باضطرادٍ مستمر.

وفي عالمٍ يلهثُ وراء التشابه، ُيمكن اعتبار هذا التعددّ، وتنوّعه مصدر أملٍ، وثراءٍ للإنتاج السينمائيّ الحاليّ، وقد عرفت أوروبا كيف تحتفظ، وتنشر في نفس الوقت ثقافةً أصيلة، مخلصةً لتاريخها، وهويتها.

وتقود "الهيئة الأوروبيّة" نشاطاً داعماً لهذه المهرجانات بهدف الدعاية، والمُساعدة على انتشار الأعمال الأوروبيّة في الإتحاد.

كما تهتمّّ بتطوير النشاط المُتبادل بينها بغرض المُضاعفة من تأثير فعّالياتها لصالح السينمات الأوروبيّة، ويتحتّم اليوم لمن يعمل في المجالات السينمائيّة، الثقافيّة، والفنيّة، المختلفة، والمتعددة، امتلاك دليلٍ توثيقيّ معلوماتيّ، كأداة عملٍ لا يمكن الاستغناء عنها للهواة، والمحترفين.

قواعدٌ، وأخلاقيّات..

المهرجان السينمائيّ الحقيقيّ، هو الذي يتعامل مع السينما كفنٍ، والفيلم كنتاجٍ إبداعيّ، وتتمحور أهدافه الرئيسيّة بتقديم أفلام لم يسبق عرضها تجارياً، أو أفلاماً نادرة، وتتكوّن برمجتها عادةً من أعمالٍ حديثةٍ، وأخرى غير معروفة، وأفلامٍ من علامات السينما، أو سينماتٍ مجهولة.

إنه فرصة للمُشاهدة بهدفٍ فنيّ، اجتماعيّ، تاريخيّ، ميراثيّ...، بالإضافة لتنظيمه برامج موازية، تكريماتٍ، بانوراما، واستعادات.

ويعمد على إثارة فضول المتفرج، كما يوفر الإمكانيات الخاصّة لتنشيط معلوماته، وتكوينه المتواصل.

يختار لنفسه خطاً فنيّاً محدّداً، وأصيلاً، يضع في الحسبان اختياراتٍ، وأهداف، يعلن عن هويةٍ، وبناءٍ متماسك، يكشف عن توجه، أو تيمةٍ خاصّة، وتقع على عاتقه واجب، ومسؤولية معرفة المُكتسبات السابقة، والحاليّة، وذلك كي يتمكن من الاندماج بشكلٍ متآلف، وتكميليّ، ويُنجز دوره بفعاليةٍ مع المهرجانات الأخرى المتواجدة على الساحة.

ويُشكّل المهرجان حدثاً ثقافياً، ويقترح تنوعاً في الأفلام عن طريق عروضٍ يوميّة خلال فترةٍ زمنيةٍ مرجعيّة من خمسة إلى 21 يوماً، ويُراعي تواريخ انعقاد المهرجانات الأخرى على المستوى المحلي، الوطني، والعالمي؛

وعلى أيّ مهرجانٍ احترام العمل بنسخته الأصلية، تقنيات التصوير، مادته الأساسيّة، وسرعته.

وتقع مسؤولية تنظيمه على عاتق مؤسسةٍ تُدار بشكلٍ مستقلٍ، وتعتمد على إمكانياتها الذاتيّة.

ولإطلاق تسمية "دوليّ" ، أو "أوروبيّ" على مهرجانٍ ما، فإنه يتوجب مراعاة عدة شروط من بينها :

ـ أن لا تتضمّن اختيارات المسابقة الرسميّة أقلّ من ثمانية أفلام روائية لخمسة بلدانٍ مختلفة، أو 25 فيلماً قصيراً من 10 بلدانٍ مختلفة.

ـ أن تتضمّن البرمجة 50% من الأفلام الوطنيّة على الأقلّ.

ـ أن تتوفر للجمهور ترجمة الأفلام الأجنبيّة إلى اللغة الوطنيّة، ومن الأفضل أن تكون مطبوعةً على الشريط نفسه.

ـ أن تتوفر للضيوف الأجانب، والمشاركين المحترفين الترجمة بلغةٍ عالمية

ويُحدّد كلّ مهرجانٍ في قانونه الداخليّ شروط الاشتراك، الجوائز الرئيسيّة، الدعوات، التواريخ النهائيّة للاشتراك، والاختيار، وإعادة النسخ، والتعويضات الممكنة في حال تلفها، أو فقدانها، وُيمنع بتاتاً الحصول على حقوقٍ للتسجيل، أو مصاريف ملفات.

وتتعاون المهرجانات فيما بينها لتسهيل حركة، وعروض الأفلام، كما يُوفر كلّ واحدٍ منها شخصاً متخصّصاً للتعاون مع الصحفيين، وتزويدهم بالوثائق، والصور التي يحتاجونها لمتابعاتهم، وتقاريرهم.

مهرجانات السينما في فرنسا

 تنتشر في عموم الأراضي الفرنسيّة، بدءاً من أكبر مدنها مساحةً، وغزارةً سكانيّة، وحتى الأصغر، والأقلّ عدداً في قاطنيها، كما تمتدّ في مواعيد انعقادها على مدار العام، بشهوره، أسابيعه، وأيامه.

وهي تشارك بفعاليةٍ في تطوير، وتوزيع الأنشطة السينمائيّة، وتُعتبر عاملاً أساسيّاً للتبادلات الثقافيّة، ومناسبةً حقيقيّةً للتعرّف على السينمات الأجنبيّة، وتسمح للمحترفين باللقاء، وعقد حواراتٍ مثمرةٍ لمستقبل الفن السابع، والوسائل السمعيّة/البصريّة، كما تُشكّل إطاراً متميزاً تتطوّر من خلاله معرفة سينمات الدول الأوروبيّة الأخرى، وقد أدرك المسؤولون عن المناطق الجهويّة هذه الخاصيّة، فبدأوا بدعمٍ حقيقيّ لها.

وقد تخصص كلّ واحدٍ من هذه المهرجانات بـتيمةٍ محدّدة، تغطي في مجموعها موضوعاتٍ كثيرةٍ، متنوعةٍ، وممتدةٍ في الزمان، والمكان، كما تكشف للمتفرج العادي، والمُتخصّص عن معظم سينمات العالم المعروفة منها، والمجهولة : الأوروبيّة، الفرانكوفونيّة، الفرنسيّة، الألمانيّة، النمساويّة، دول حوض البلطيق، البلجيكيّة، البريطانيّة، الدانماركيّة، الفنلنديّة، اليونانيّة، الإيطاليّة، الهولنديّة، البولونيّة، البرتغاليّة، الإسكندنافيّة، الإسبانيّة، السويديّة، السويسريّة، الآسيويّة، الصينيّة، اليابانيّة، الأمريكيّة، الكيبيكيّة، أمريكا اللاتينيّة، الإفريقيّة، المتوسطيّة، التركيّة، العربيّة، واليهوديّة.

بينما تخيّرت مهرجانات أخرى التخصّص في مواضيعٍ مثل : الممثل، الشباب، الحُبّ، الطفولة، الآثار والحفريات، التاريخ، أصل الإنسان، الأصول، والأعراق، حقوق الإنسان، الهويّة الثقافيّة، الأقليّات، العالم الثالث، سينما المناطق/السينما الجهويّة، المجتمع، علم الاجتماع، التربيّة، والتعليم، النساء، الميراث، وسائل الاتصالات المتعددّة، الصور المُتخلّقة بالكمبيوتر، الموسيقى، الصحافة، التلفزيون، المسرح، الفنّ المعماريّ، الفنّ، الرقص، السيرك، الأغاني المُصوّرة، الاتصالات، الميراث السينمائيّ، تاريخ السينما، الإضحاك، والهزل، الصمت، التجريب، الفانتازيّا، الأفلام المدرسيّة، أفلام الهواة، البوليسيّة، السياسيّة، الأعمال الأولى، الرياضة، السياحة، الطبيعة، العصافير، الصيد، البحار، الحيوانات، المغامرة، الجبال، التجمعات الإداريّة، المؤسّسات والشركات، التكوين المهنيّ، الماء، الطاقة، البيئة، الطب، الصحة، مرض فقدان المناعة، المثلية الجنسيّة، الطبّ النفسيّ، الزراعة، العالم الزراعيّ، العلوم، الخيال العلميّ، الإعلانات، التحقيقات، الهندسة المدنيّة، المدينة....

ويهتمّ معظمها بعرض الأفلام، وشرائط الفيديو بكلّ أطوالها، وأنواعها : الروائيّة، التسجيليّة، التجريبيّة، والتحريكية، الطويلة منها، والقصيرة.

ويقوم على إدارتها، وتنظيمها مؤسّساتٍ أهليةٍ صغيرة خاضعةٍ للقانون الفرنسيّ لعام 1901 الخاص بالجمعيات، وتعتمدُ بشكلٍ أساسيّ في استمرارها على الدعم الماليّ لكلٍ من : المركز الوطنيّ للسينما، الوزارات المختلفة (الثقافة، التربية الوطنيّة، البيئة، التعاون التقنيّ، العلاقات الخارجيّة، الشباب والرياضة، ..)، المؤسّسات الرسميّة، البلديات، المناطق، التجمعات الإداريّة، الشركات، صندوق الدعم الاجتماعيّ للمهاجرين، وكالة التعاون التقني، والفرانكوفونيّة، مؤسّسة حقوق المنتجين، مؤسسات حقوق المؤلفين، الدخل الخاص...إلخ.

وانطلاقاً من عدم إمكانية تمويل أكثر من مهرجانٍ، فإنّ لكل مدينةٍ مهرجانها الخاص، والمعروفة به، باستثناء بعضها التي تتحمّل مهرجانين، وعلى الأكثر ثلاثة، مثل: "آميان"، "أنجيه"، "مونبلييه"، "آنسيّ"، "ليل"، "بياريتز"، "مارسيليا".

وتُعتبر العاصمة باريس الاستثناء الوحيد من بينها، حيث ُيمكن إحصاء عشرات المهرجانات، بالإضافة إلى التظاهرات الصغيرة، وأسابيع الأفلام التي تُنظمها صالات السينما التجاريّة.

وللأفلام القصيرة بكلّ أنواعها نصيباً وافراً من هذه المهرجانات، وهي تتوزع على أكثر من مدينةٍ كبيرةٍ، وصغيرةٍ مثل :  "إكس إن بروفانس"، "مودون"، "ليل"، "بلفورت"، "بريست"، "كليرمون فيران"، "غرونوبل"، "نيفير"، "بانتان"، "سارلا"، "فيل أوربان"..

وإن كان مهرجان كليرمون فيران أهمّها، وأكثرها شهرة، ومتابعةً محلياً، وعالمياً، ويمكن اعتباره بحقّ بمثابة كان للأفلام القصيرة، هو الذي سحب الأضواء من مهرجان "ليل"، بفضل نشاط، وحيويّة المجموعة الصغيرة القائمة على تنظيمه.

وتتربع "آنسي" على عرش المهرجانات الفرنسيّة المتخصّصة بـأفلام التحريك، وتُعتبر الواجهة الحقيقيّة لهذا الفنّ، وهي تحتضن أيضاً مهرجاناً للسينما الإيطالية لا يقلّ أهميةً عن سابقه.

مهرجان "نانت" هو الوحيد ـ بلا منازع ـ للأفلام القادمة من إفريقيا، آسيّا، أمريكا اللاتينيّة، الشرق الأوسط، بينما تتوجّه اهتمامات "آميان" نحو السينمات الإفريقيّة خاصةً، على حين تخصّصت "مونبلييه" بسينمات البلدان المتوسطيّة، يليها "باستيا" الواقعة في جزيرة كورسيكا.

وتُعتبر الأعمال الأولى للمخرجين من نصيب مدينتيّ "أنجيه"، و"أنوناي"، السينما الفرنسية لـ أفورياز، أوتران للجبال، والمغامرة، بياريتز لسينمات أمريكا اللاتينيّة، والبرامج التلفزيونيّة، ضاحية بوبينيّ القريبة من باريس تخصّصت في علاقة السينما بالمسرح، شيربورغ، ودينار اتجه اهتمامهما نحو السينما البريطانيّة، والايرلنديّة، أما كونياك فهي معروفة بمهرجانها للأفلام البوليسيّة، وتحتضن  الضاحية الباريسيّة كريتييّ أشهر مهرجانٍ عن السينما المخصّصة للمرأة المخرجة، مع واحدٍ مماثل في نانت أقلّ شهرة، وحجماً .

أما "دوفيل"، فهي بلا منازع المهرجان الوحيد عن السينما الأمريكيّة، دوارنينه سينما الأقليات، لاروشيل للسينما المجهولة، والمنسيّة، لوركان لكل ما يتعلق بالطب النفسيّ، لوساس، ومارسيليّا للأفلام التسجيليّة، ليّون اختارت الرقص، نيكسون علاقتها وطيدةٌ مع السيرك، أورليان بالسينما اليابانية، باليسّو بالأفلام العلميّة، بواتييه بأفلام معاهد السينما، رين بالمدينة، وضاحية سان دونيّ تهتم بعلاقة السينما، والممثل، والسينما الفرنسيّة، ونأسف لتوقف شاتو روو عن اهتمامها بالسينما المستقلّة، والتجريبيّة.

وبالاتجاه جنوباً نحو الساحل اللازورديّ، فإنّ كان المدينة الغنيّة عن التعريف، ومهرجانها السنويّ، التظاهرة السينمائيّة/الاحتفاليّة الأهمّ، والأقدم، حيث يمتدُّ تاريخها إلى أكثر من نصف قرن.

أما باريس المدللة، المنارة العالمية، وواجهة فرنسا، وثقافتها، فقد احتفظت لنفسها بعشرات المهرجانات، والتظاهرات التي تنعقد فيها بانتظامٍ على مدار العام.

الجزيرة الوثائقية في

23/08/2011

 

مستقبل السينما العربية بعد الثورات الشعبية

ضاوية خليفة - الجزائر 

من السابق لأوانه الحديث عن مستقبل السينما في ظل الثورات..

يقال '' أن الصورة هي ما يلج إلينا ليصبح فنا ''  ويجزم الكثير بأن السينما هي إحدى متنفسات الشعوب للتعبير عن الواقع وعما يختلج الإنسان من أفكار بقسط من الحرية   والجمالية.

الحديث عن ثورات اليوم صاحبه حديث عن سابع الفنون، ولما انطلق قطار التغيير من الخضراء تونس، عبقت شوارعها برائحة الياسمين وجعلت شعبها يتنفس الحرية، لينتقل نسيمها إلى الشقيقة مصر مهد الحضارة العربية والإسلامية، و ليمتد تيار المطالبة بالتغيير إلى عدد من الدول العربية كـ: ليبيا، سوريا، اليمن.. وغيرها.

وبحكم أن الصناعة السينمائية في مصر صناعة متطورة مقارنة بدول عربية أخرى فإن الانشغال والاهتمام بالتغيير أراد أن يواكبه نقلة في المشهد السينمائي كغيرها من بلدان العالم العربي الذي قد يشمل تغيره كل مجالات الحياة وقطاعاتها.

الميدان يحرر الخيال و ينقل إرادة شعب مجابه للنظام بامتياز

الحديث عن مسار ومستقبل السينما المصرية التي تعتبر من أعرق التجارب السينمائية في العالم العربي بدأ من ميدان التحرير بعد أن أصبح انشغالا رفع منذ الأيام الأولى لثورة مصر بفضل واقع فرضته قناعة شعب ثائر قوته أثبتت هشاشة النظام بعد أن أسقطت إرادة الشعب النظام الأسبق للرئيس حسني مبارك، فمنذ ذلك الوقت تنبأ سينمائيو مصر بعد انقسامهم بين مؤيد ومعارض بتحرر القطاع السينمائي من القيود التي لا طالما كانت عائقا للعميلة الإبداعية رغم جرأة الطرح في أعمال بعض مخرجي مصر، هو ما أكده الناقد المصري "مصطفى الكيلاني" الذي كان أحد المنادين والمشاركين في التغيير من ميدان التحرير والذي إلتقته "الجزيرة الوثائقية"، و في سؤال عن مدى تأثير وانعكاس الثورة على الإنتاج السينمائي المصري أكد "الكيلاني" بأنّه ''سيكون للثورة انعكاس وتأثير على السينما المصرية ككل ففي السابق كان الإنتاج السينمائي المصري مرتبط ببعض الشركات الاحتكارية الكبرى التي سيطرت على العديد من الإنتاجات، بينما اليوم المعطيات تغيرت خاصة بتوفر مساحات كبيرة للعرض فالآن يمكن لكل من يحصل على ترخيص أو تصريح أن ينتج و ينجز فيلما سينمائيا ويعرضه حتى في الشارع وبكل حرية ''...

ويرى ذات المتحدث أن السينما المصرية ستكون في أفضل حالاتها وفي أوّج عطاءاتها بعدما أزيلت من طريقها مجموعة القيود التي كبلت صناع العرض السينمائي بمصر لسنوات طوال فالبوادر الأولى توحي بأن المشهد السينمائي بمصر ينعم اليوم وأكثر من أي وقت مضى بكمّ هائل من الأفكار والحرية وهذا بتحرر الخيال سواء عند المشاهد أو صناع العرض السينمائي وبالتالي هذه كانت إحدى النقاط الايجابية التي أفرزتها الثورة ونقاط أخرى شكلت موضوع حديثنا    ونقاشاتنا اليومية في ميدان التحرير بشكل مستمر ودائم.

وبلغة الأرقام التي لا تقبل النقاش وصف "الكيلاني" حركية المشهد السينمائي في الأشهر القليلة المنصرمة قائلا '' أنه بعدما حدث في ميدان التحرير من صراع    وثوران أفرز هذا الأخير أكثر من ثلاثة مائة (300) فيلم تسجلي قصير كلها إنتاجات حاولت أن ترصد بالصوت والصورة الأيام الصعاب التي عاشها الشعب المصري لتكون بذلك السينما السباقة للتأريخ فتلك الأحداث كتبتها الصورة السينمائية ليدون التاريخ في سجله المليء بالمواقف فيما بعد تلك الحقبة الزمنية لمصر الحديثة التي انقسم فنانيها بين مؤيد لإرادة الشعب ومعارض لنظام الدولة وبين مساند للنظام ورافض للثورة.

وهو ما تجلى في المشهد السينمائي الذي سيعرف بدوره حركة تغيير مماثلة فقد أورد "الكيلاني" في ذات السياق مردفا بالقول ''إن أول قائمة سوداء وضعت في مصر كنت أول من وضعها وأظن أنها أتت ثمارها و نتائجها وهذا تجلى في مقاطعة أعمال عدة فنانين كآخر أفلام "طلعت زكريا" الذي تطاول وصرح بدل المرة مرات - حسب الكيلاني - أن ميدان التحرير كان مسرحا للممارسات الجنسية وغير ذلك في الوقت الذي كانت فيه الناس تواجه وتصارع الموت يوميا في الميدان، فآخر أفلام طلعت زكريا ''فيل في منديل'' وهو فيلم كوميدي تمت مقاطعته ولم يحقق أي إيرادات فنحن يضيف "الكيلاني" في معرض حديثه '' لسنا ضد من كانت لديهم مواقف من الثورة بل ضد من تطاول على المتظاهرين       وشكك فيما حدث في الميدان ففي الأخير من حق أي إنسان أن يكون معارضا للنظام أو مؤيدا له حسب استفادته منه''.

توثيق استعجالي للأحداث و ابتعاد عن الصناعة السينمائية السليمة

ما هو مؤكد أن العديد من دول العالم العربي على فوهة بركان فإرادة الشعب هناك تسابق نظام حكامها، من جهتها ترى الإعلامية والناقدة السورية "لمى طيارة" أن ما أنتج لحد الآن من أفلام عن الأحداث التي تعيشها البلاد العربية هي أعمال توثيقية إعلامية فحسب، واستشهدت في كلامها بمراسلي ''بي بي سي'' الذين صوروا وأنجزوا أعمالا توثيقية من داخل ميدان التحرير بالقاهرة، إذن لا يمكن تصنيفها في خانة الأعمال السينمائية لأنها أقرب للعمل الإعلامي التوثيقي الذي يوثق للثورات من مكان حدوثها.

في حين أن الأفلام الجديدة القائمة بشكل كبير على تركيب لصور الأحداث الشعبية العربية في كل من مصر وتونس وغيرها لا تمثل بأي شكل من الأشكال أفلاما سينمائية وليست سوى أفلام هواة.
و بحكم أن سوريا تعيش أوضاعا مماثلة لما يحدث في الكثير من الأوطان العربية يمكن التوقف كذلك عند الحالة السورية وفي سياق متصل أوردت "طيارة" قائلة أنه '' في ظل الوضع المتأزم والأحداث الاجتماعية والسياسية التي تعيشها البلاد لا يمكن أن تكون مصدر إلهام المخرجين السوريين لأنهم يوجدون في قلب الأحداث''.

دعوة لتحرير الإبداع الفني واستغلال المادة السينمائية

أي فعل سياسي، اقتصادي أو اجتماعي يكون له أثر على الآداب والفنون ومن بينها السينما هي رؤية المخرج والناقد المغربي "عبد الإله الجوهري" للموضوع، بحيث  يرى أن ما يقع في العالم العربي اليوم سيكون له تأثير، إلا أنه جد متحفظ على كلمة "ثورة"، فكما يقول "الجوهري" الكل يتحدث عن ثورة مصر وتونس ... لكن الكثيرين لم يحددوا بعد طبيعة الحدث بالضبط هل هي ثورة، مظاهرات، اضطرابات أم ماذا ؟! وبالتالي يمكننا أن نسميها ثورة أو ما شبه بعد مرور فترة من الزمن بعد خمسة، ستة أو عشرة سنوات حتى يكون هناك فاصل زمني يسمح لنا بالتأمل والتفكير والحكم، جازمًا بأن ما يحدث الآن سيكون له تأثيرا واضحا على السينما العربية، وأننا سنلتمسه في المواضيع والرؤى الفنية.

ويرى المتحدث أن السينما العربية من المفروض أن تستهلك الأحداث لتحول المادة الخام إلى مادة سينمائية و إن لم يكن متفائلا من إستهلاكها واستثمارها بشكل ناجح وسليم، نظرا لضعف السينما العربية، ما يظهر جليّا من خلال تدني مستوى الإنتاج في العالم العربي؛ بحيث  تنتج مصر ما قدره أربعين (40) فيلما في السنة، أمّا المغرب  فعشرين (20) فيلمًا، بينما ارتفع معدل الإنتاج في الجزائر من فيلم واحد إلى ثلاثة أفلام، ولا يتجاوز عدد الأفلام المنتجة سنويّا الفيلم الواحد في كلّ من: تونس وسوريا، فيما تنتج ليبيا، واليمن صفرا.

لذا يؤكد "الجوهري" على ضرورة الاستغلال الجيد للمادة المتوفرة بين أيدي العرب من أجل تقوية وتعزيز القدرة الإنتاجية، مما يعزز حتما الرصيد السينمائي العربي.

ولكي تكون هناك حركية يجب في هذه الحالة أن نقتدي بالتجارب الناجحة لأوروبا وأمريكا والبلدان العريقة في الإنتاج السينمائي فبمجرد وقوع حادثة مثلا لا بد أن تكتب كقضية ''سترا وسكان'' قبل أن يخرج من السجن طرحت في المؤسسات السينمائية الفرنسية أكثر من أربع سيناريوهات حول القضية وستنجز وتنفد بالفعلن بينما في العالم العربي لازلنا نتخبط في عدة مشاكل خاصة ما تعلق  بالإنتاج فبالضرورة يكون عدد الأفلام حول هذه المواد الخام ضعيفة إلى حد كبير.

"عبد الإله الجوهري" أكد لـ "الجزيرة الوثائقية" أن ما ينتج في الآونة الأخيرة من أفلام تزامنا مع ما يحدث في مصر، تونس... ليست سوى "أفلاما استعجالية غير ناضجة لا تخضع لمقاييس الصناعة السينمائية ولا ترقى لذاك الحجم والمستوى لأن العمل السينمائي الجيد والمبني على أسس أكاديمية وفنية يحتاج إلى بحث وتروي في التحضير والانجاز لأن السينما ستؤرخ وتوثق على طريقتها لما عاشته شعوب القرن الواحد والعشرين من أحداث وأزمات."

والحديث عن مستقبل السينما سيكتمل بعدما تتعرف المجتمعات العربية على مصيرها بعد سلسة الثورات التي قادتها الشعوب و جملة التغيرات التي أرادوها لمستقبل أحسن وأفضل.

الجزيرة الوثائقية في

23/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)