حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

كلّ شيء عن «تورونتو 2011»

المحطّة العالميّة الأخيرة قبل «الأوسكار»

عثمان تزغارت

إنّها عودة الكبار. هكذا يمكن اختصار برنامج دورته السادسة والثلاثين التي تنطلق في 8 أيلول (سبتمبر) المقبل. المهرجان الكندي العريق يعد هواة الفنّ السابع بموسم خصب، تتصدّره أعمال كوبولا ولوك بوسون ورولاند إيميريش

بعد الكشف عن البرنامج المبهر لـ«مهرجان البندقية»، تتطلّع أنظار النقاد إلى «مهرجان تورونتو»، بوصفه الغريم المباشر لـ«الموسترا». تنطلق فعاليات المهرجانين في أوقات متقاربة، إذ يفتح «البندقيّة» أبوابه في 31 آب (أغسطس) الجاري، على أن يليه «تورونتو» في 8 أيلول (سبتمبر) المقبل. فهل يتمكّن المهرجان الكندي من منافسة دورة «فينسيا» الذهبية التي ستكون الأخيرة تحت اشراف المايسترو ماركو مولر (المدير الفني منذ ٨ سنوات)؟

فجّر «مهرجان تورونتو السينمائي الدولي» مفاجأة من العيار الثقيل، مع كشف النقاب عن التشكيلة الأولية لدوته الـ 36، وتحديداً تظاهرتي «غالا» و«عروض خاصة» اللتين تشكلان عمود المهرجان الفقري. على البرنامج 53 فيلماً روائياً طويلاً، من أصل 246 عملاً سينمائياً سيكشف عنها خلال الأسابيع المقبلة. وإذا كانت «الموسترا» قد استقطبت العروض العالمية الأولى لواحد وعشرين فيلما لكبار صناع الفن السابع، فإن المهرجان الكندي ينفرد بما لا يقلّ عن ثلاثين فيلماً من المستوى ذاته.

في مقدمة هؤلاء الكبار فرانسيس فورد كوبولا مع جديده Twixt. ومن المرتقب أن يكون العمل حدث الموسم السينمائي الجديد بلا منازع (راجع الإطار أدناه). كذلك يشارك السينمائي الأسترالي الكبير بروس بيريسفورد، العائد بعد خمس سنوات من الغياب. صاحب «الرقصة الأخيرة» (1996) سيشارك في هذه الدورة بفيلم يحمل عنوان «سلم، وحب، وسوء تفاهم». وفيه تعود النجمة جاين فوندا للوقوف أمام الكاميرا، بعد غياب أربع سنوات.

المخرج البرازيلي فيرناندو ميريليس الذي أدهش الكروزايت برائعته «عمى» (2008 ـــــ عن رواية سراماغو الشهيرة)، يعود هذه السنة بعمل جديد بعنوان «360». وسيتقاسم أدوار البطولة كلّ من أنطوني هوبكنز، وجود لو، ورايتشل وايز، وجمال دبوز. العمل اقتباس معاصر لرائعة الفرنسي ماكس أوفولس «الحلقة» (1950) المأخوذ عن مسرحيّة شهيرة للنمساوي آرثر شنيتزلر. على البرنامج شريط آخر مستوحى من عمل أدبي شهير، وهو «سيّدة الطابق الخامس» للمخرج البريطاني من أصل بولوني باول بافليكوفسكي. الشريط من بطولة إيثن هوك، وكريستين سكوت توماس، وهو مقتبس عن رواية للأميركي دوغلاس كينيدي. وفي مكان غير بعيد عن عوالم الأدب وأسراره، تدور قصة فيلم آخر من أفلام هذه الدورة، وهو «مجهول» Anonymous للألماني رولاند إيمريش... وفيه يتبنى صاحب «بعد غد» (2004)، الأطروحات النقدية القائلة بأن شكسبير شخصية وهمية، تم اختلاقها لانتحال أعمال جُنّدت من أجل تأليفها أقلام مجموعة من الكتاب.

على برنامج «تورونتو» أيضاً، جديد الفرنسي لوك بوسون «السيدة»، والمستوحى من سيرة أونغ سان سو تشي (تؤدي دورها النجمة الماليزية ميشال يوه). زعيمة المعارضة في بورما، وصاحبة نوبل السلام عام 1991، بقيت أسيرة زنازين الطغمة العسكرية في بلادها لعشرين عاماً، ولم يطلق سراحها إلا في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وبين الأفلام المرتقبة، يمكننا أن نشير إلى Moneyball جديد الأميركي بينيت ميللر من بطولة براد بيت. كان ميللر قد استقطب الأضواء بشريطه «كابوت» عام 2005، ونال عنه الممثل فيليب سيمور هوفمان أوسكار أفضل ممثل.

وإلى جانب الأفلام التي تنفرد التظاهرة الكنديّة بعروضها الأولى، هناك أيضاً بانوراما أهم إنتاجات السينما لهذا العام، ويستعيد من خلالها أبرز ما عرض في المهرجانات الكبرى. ويعود هذا التقليد إلى بدايات المهرجان، إذ أُريد له، عند تأسيسه عام 1976، أن يكون جردة حساب «الموسم السينمائي العالمي»، ومحطة انطلاق السباق نحو جوائز الأوسكار. وقد تكرّس هذا التقليد من خلال «جائزة الجمهور»، وهي الجائزة الوحيدة التي تُمنح في «تورونتو»، وغالباً ما يكون الفائز بها هو الأوفر حظاً في الأوسكار... ضمن البانوراما سيستعيد المهرجان ستة أفلام عُرضت في «كان» الأخير. وهي «أصبح لدينا بابا» لناني موريتي، و«الفنان» لميشال هزانافيسيوس، و«بينا» لفيم فاندرز، و«ميلانكوليا» للارس فون تراير، و«الجلد الذي أسكنه» لبيدرو ألمودوفار، و«لا بد أن نتحدث عن كيفن» للين رامسي.

من جهتها، تسجّل السينما العربية في هذه الدورة من «تورونتو» حضوراً خجولاً. المخرجة اللبنانية نادين لبكي ستشارك بفيلمها «وهلق لوين؟» الذي قُوبل بحفاوة نقدية في مهرجان «كان». ويروي العمل قصة بلدة لبنانية متعدّدة الطوائف، تسعى نساؤها إلى الحفاظ على التعايش السلمي. كذلك يشارك العراقيان محمد وعطيّة الدراجي، من خلال شريط وثائقي بعنوان «في أحضان أمي»، ويتناول مأساة أطفال الحرب في بلاد الرافدين. ويصوّر الفيلم قصّة متطوّع شاب يدعى سيف هشام، يؤسس في أحد أحياء بغداد الشعبية ملجأ للأيتام يعتني فيه بـ32 طفلاً من ضحايا الحرب... إضافةً إلى مشاركة المغربي فوزي بنسعيدي (راجع المقال على يسار الصفحة) بشريطه «موت للبيع».

«مهرجان تورونتو السينمائي الدولي»: بين 8 و18 أيلول (سبتمبر)

www.tiff.net

الأخبار اللبنانية في

15/08/2011

 

فرانسيس فورد كوبولا: عودة «نابليون» إلى صباه

عثمان تزغارت  

خلال عقد كامل، انقطع صاحب «نهاية العالم الآن» («السعفة الذهبية» ـــــ 1979) عن السينما. لم يقدّم جديداً منذ الفشل التجاري المدوّي لرائعته «صانع المطر» (1997). لكن كوبولا عاد لينال الإجماع النقدي بفيلمه Tetro عام 2009، مثبتاً أنّه استعاد عافيته، وعاد إلى قمة عطائه.

لهذا، من المرتقب أن يكون العرض الأول لجديده Twixt في «مهرجان تورونتو» حدثاً سينمائياً بارزاً. ستكون هذه فرصة جديدة ليبرهن صاحب ثلاثية «العراب» أنّه يستحق ـــــ عن جدارة ـــــ لقب «نابليون السينما». يعود كوبولا في شريطه الجديد إلى عادته الأثيرة في المزاوجة بين النفس التجريبي لسينما المؤلف التي يعدُّ أحد أبرز رموزها، وبين الرؤية الإخراجية المبهرة العابقة بالجموح والبهرجة أو حتّى «جنون العظمة»، كما يقول منتقدوه.

قصة الفيلم مستوحاة من عوالم إدغار ألن بو. يظهر طيف الأديب الأميركي الشهير بانتظام في الفيلم (يتقمص دوره بن شابلن) ليطارد بطل القصة هال بالتيمور (فال كيلمر)، وهو كاتب متخصص في روايات الرعب. يعاني البطل من الملل والاكتئاب ونضوب الإلهام الفني، إلى أن يحلّ ببلدة سالم، ضمن جولة يقوم بها على المدن الأميركية للترويج لكتابه. تدور أحداث الفيلم خلال القرن السابع عشر، وفيها إحالة رمزية إلى حملة «صيد الساحرات» الشهيرة التي خلّدها آرثر ميلر في مسرحيته «محرقة ساحرات سالم». يتزامن وصول الكاتب إلى سالم مع جريمة غامضة تستعصي على الحلّ، فتستعين به سلطات البلدة أملاً في اكتشاف الجاني.

لا يلبث شبح الضحية في (تؤدي دورها إيل فانينغ) أن يطارد الكاتب المهووس حتى في أحلامه. وإذا بالواقع يتداخل مع الخيال، فيما تمّحي الحدود تدريجاً بين الحلم واليقظة. تتداخل كوابيس الكاتب المسكونة بشبح الضحية القتيلة، بالهواجس الإبداعية التي يتراءى له خلالها خيال إدغار ألن بو.

ولا تكمن فرادة الفيلم، فحسب، في الرؤية الإخراجية النابوليونية، وما تحمله من تلاعب بإحكام بالأزمنة والأحداث، في هذيان سردي، يمزج الواقع بالخيال، والحلم باليقظة. بل تأتي المفاجأة أيضاً، في استعارة كوبولا لأحدث التقنيات الإلكترونية من الخدع البصرية إلى التجسيم الثلاثي الأبعاد.

ولن يكتفي «نابليون السينما» بذلك، بل سيستعيد بعضاً من جنون شبابه، من خلال تحدِّ تقني غير مسبوق. قبل طرح الفيلم في الصالات العالمية، يعتزم أن يقوم بجولة ترويجية من نوع خاص تشمل ثلاثين مدينة أميركية. وينوي خلال تلك العروض استخدام تقنية متطورة، تتيح له تعديل مونتاج الفيلم مباشرة، ليطيل مشهداً أو يقصِّر آخر، وفقاً لردود فعل الجمهور الحاضر وتعليقاته!

الأخبار اللبنانية في

15/08/2011

 

في الصالات | جراح الذاكرة 

في عام 1987، هزّت فضيحة «أطفال المنزل» الرأي العام البريطاني. يومها، كشفت العاملة الاجتماعية الإنكليزية مارغرت هامفريز مآسيَ عائلية كثيرة، نتجت من ذلك البرنامج الذي كان يقوم على نقل الأطفال البريطانيين الفقراء من منازلهم، وإرسالهم إلى بلدان الكومونويلث الأخرى.

تأسس «أطفال المنزل» عام 1869 على يد آني مكفيرسون، وكان يهدف إلى تأمين فرص أفضل للأيتام، وللأطفال الفقراء. لكنّه تسبب في نتائج كارثية. إذ تمّ تهجير عدد كبير من الأطفال من دون أن يعرف آباؤهم ما حل بهم. توقفت تلك الممارسة رسمياً في الثلاثينيات، لكنّها لم تنقطع فعلياً إلا خلال سبعينيات القرن الماضي. حول هذه القضيّة، تدور أحداث «برتقال وشموس» Oranges and Sunshine (٢٠١٠) الذي وصل أخيراً إلى الصالات اللبنانيّة.

العمل باكورة المخرج الإنكليزي جيم لوتش، ابن المعلّم المعروف كين لوتش. في اختياره لهذا النوع من القضايا التي تشكل جرحاً في الضمير الجماعي، يبدو لوتش الابن سائراً على خطى أبيه في انتهاج تيار الواقعية الاجتماعية الملتزمة. يدل على ذلك تعاونه مع رونا مانرو التي كتبت للوتش الأب سيناريو فيلمه Ladybird, Ladybird عام 1994. الفيلم مقتبس عن كتاب هامفريز «المهود الفارغة»، وتدور أحداثه خلال الثمانينيات. تؤدي إميلي واتسون (الصورة) دور هامفريز التي بدأت بحثها في القضية، بعد لقائها بامرأة استرالية تدعى شارلوت. تخبرها شارلوت أنها هجرت من إنكلترا طفلة، بعد إخبارها أن أمها قد توفيت. تتكشف بعدها قصص مماثلة كثيرة، ومعها خيوط مأساة سببتها هذه الممارسة على نفسية أولئك الأطفال وحياتهم. هذا من دون الحديث عن استغلالهم، وشعورهم بعدم الانتماء وفقدان الهويّة، وسط المعاملة السيئة التي تلقّوها في دور التبني. رغم الأداء الجيد لطاقم الممثلين، وعلى هامش الصورة السينمائية، بدا الفيلم متسرعاً في محاولته طرح القصة. هكذا جاءت بعض التطورات الدرامية متسرعة، وغيبت بعض أحداث القصة المهمة، على حساب جودة السرد السينمائي. رغم ذلك، يبدو العمل مثيراً للاهتمام، وسيحفز المهتمين على متابعة ما سيقدمه جيم في المستقبل. بالطبع ستكون المقارنة مع أبيه ـــــ صاحب «الريح التي تهزّ الشعير» (2006) ـــــ حاضرة بالتأكيد عند كلّ خطوة.

Oranges And Sunshine

«سينما سيتي» (01/899993)

الأخبار اللبنانية في

15/08/2011

 

السينما المغربية... موسم في الجحيم

إنتاجات مستقلّة ترفع سقف الجرأة

محمد الخضيري  

سلَفِيّون، بائعات هوى، وشباب ضائع... مشهد يختصر السينما المغربيّة الجديدة. إطلالة على أفلام تصوّر الهامش بتوقيع فوزي بنسعيدي ونبيل عيوش ونور الدين الخماري

الرباط | حين نزل فيلم «كازانغرا» لنور الدين الخماري إلى صالات المغرب في عام 2008، رآه بعضهم «طفرة» في تاريخ السينما المغربية.

فقد اعتمد على دفق من الجرأة، خصوصاً على مستوى الحوار القريب من لغة الشارع. نهاية العام الجاري، ستصل إلى الصالات المغربية ثلاثة أفلام تنبش أكثر في أرض الجرأة. ويتمثّل ذلك في المقاربة السينمائية لظواهر اجتماعية مغربية كالإسلاميين، والجنس، و«الحياة السرية» لرجال الأمن...

العمل الأول هو «موت للبيع» لفوزي بنسعيدي. صوّر الشريط في مدينة تطوان عام 2009، لكنّه سيعرض للمرة الأولى رسمياً في أيلول (سبتمبر) المقبل، خلال «مهرجان تورونتو». يحكي الفيلم قصة ثلاثة شبان يفكرون بسرقة متجر مجوهرات، قبل أن ينقلبوا بعضهم على البعض الآخر. الأول سيقع في حبّ بائعة هوى، والثاني سيسعى إلى الإتجار بالمخدرات، فيما سيحاول الثالث قتل صاحب المتجر المسيحي.
لا مكان للعبارات المنمّقة في «موت للبيع». نسمع سيلاً من الشتائم على لسان شباب يعيشون على الهامش، ويستهلكون الحشيش والكحول. شباب يشهرون عري أجسادهم أمام واقع «يحتاج من أجل إثبات الذات فيه... إلى الدم». «موت للبيع» لبنسعيدي رصدٌ واقعي لمصائر جيل من المغاربة، لا يجد خياراً أمامه إلّا الضياع.

إذا كان أبطال بنسعيدي سيتوجهون إلى الانحراف والسرقة، فإنّ «نجوم سيدي مومن» لنبيل عيوش سيتحوّلون إلى إرهابيين. فيلم نبيل عيوش مستوحىً من رواية للتشكيلي والروائي المغربي ماحي بنبين، تحمل العنوان نفسه. يغوص العمل في نفسيّة شباب تحوّلوا إلى قنابل بشرية، خلال الأحداث الإرهابية التي شهدتها الدار البيضاء عام 2003. يحكي عيوش عن ياشين، الشاب الذي يستعيد مجريات حياته وهو ميت.

سبق لهذا المخرج أن نزل إلى الحضيض في فيلمه المميّز «علي زاوا» (٢٠٠١) الذي يدور حول أطفال الشوارع في المغرب. ثم ذهب إلى مكان آخر في «كلّ ما تريده لولا» (2007) الذي أثار الكثير من الجدل. من أجل إنجاز عمله الجديد، لجأ إلى شيخ سلفي سبق أن حوكم بتهمة الإرهاب، هو محمد الفزّازي. عُدّ الأخير في مرحلة من المراحل، أحد أكثر المشايخ السلفيين تطرفاً، قبل أن يقدِم على مراجعات في السجن، ويفرج عنه بعفو ملكي. لجأ عيوش إلى الفزازي كمستشار فني، خصوصاً أن الشيخ السلفي كان على معرفة شخصية ببعض المتورّطين في أحداث الدار البيضاء. لا تخلو حوارات الشريط من الجرأة، خصوصاً أنّ السينما المغربيّة لم تتطرّق بعد إلى موضوع الجهاديين والاسلام الراديكالي.

وإذا كان فيلما عيوش وبنسعيدي يتحدثان عن مواطنين عاديين، فإن نور الدين الخماري اختار ضابطاً في الشرطة، ليكون بطلاً لفيلمه «الزيرو» (الصفر). المخرج الذي تلقّى تكوينه السينمائي في النرويج، يحافظ على «الواقعية» التي راكمها فيلمه السابق Casanegra. في شريطه الجديد يحكي عن ضابط يحاول إنقاذ مراهقة من عالم الدعارة. يحمل البطل لقب «الزيرو»، ويعيش جنون ليل الدار البيضاء. «يعكس السيناريو الوجه الحقيقي للمدينة، من دون الفولكلور الذي حاول بعض المنتجين الفرنسيين فرضه علي، مقابل الدعم المالي، لكنني رفضت»، يوضح الخماري. يشرّح فيلم «الزيرو» قساوة العيش في العاصمة الاقتصاديّة للمملكة، ويندرج ضمن ثلاثية يعمل عليها المخرج.

بعيداً عن الإنتاجات الضخمة، استطاع الثلاثي الخماري ـــــ عيوش ـــــ بنسعيدي، تحقيق خرق جدي في ميدان السينما المستقلّة، بإمكانات ضئيلة. لإنجاز شريطه المرتقب «نجوم سيدي مومن»، اعتمد عيوش على دعم قدّمته مؤسسة la cinéfondation التابعة لـ«مهرجان كان». المؤسسة نفسها دعمت فيلم «موت للبيع» لبنسعيدي، إضافةً إلى مساهمة من «المركز السينمائي المغربي». أمّا الخماري، فقد اعتمد في تمويل «الزيرو» على شركة إنتاج أسسها، إضافةً إلى دعم «المركز السينمائي المغربي». على أمل أن يكون ذلك تأكيداً على تجذّر السينما المستقلّة، على يد جيل جديد من المخرجين المغاربة.

الأخبار اللبنانية في

15/08/2011

 

أسبوع الفيلم العربي رمضان سينمائي في عمّان

يزن الأشقر 

للسينما نصيب من الموسم الرمضاني في العاصمة الأردنيّة، إلى جانب السهرات الفنيّة على اختلافها. وتبدو مسألة جذب الجمهور نحو السينما في رمضان ــــ بعيداً عن زحمة المسلسلات ــــ أمراً مهماً في مدينة يتزايد فيها الاهتمام بالفن السابع على نحو مفرح. يبدو الرهان واضحاً على إبعاد الشباب عن شاشة التلفزيون، وتوفير البديل الثقافي باختياراته المتعدّدة. في هذا الإطار، تنظّم «الهيئة الملكية للأفلام»، بالتعاون مع سفارات عربية مختلفة، تظاهرة «أسبوع الفيلم العربي» في عمان. تعرض الهيئة نماذج مختلفة من الإنتاجات السينمائية العربية الحديثة. على القائمة، ستة أفلام من الأردن ولبنان ومصر ودول المغرب العربي. افتتحت التظاهرة مساء السبت مع الفيلم الأردني «مدن ترانزيت» (2010)، من إخراج محمد الحشكي. يحكي الشريط قصّة ليلى (صبا مبارك)، ومحاولتها لترتيب حياتها بعد عودتها من الخارج، وصراعها لفهم التغييرات الحاصلة في مدينتها القديمة. كذلك عرض أمس الفيلم المصري «678» لمحمد دياب، ويتناول مسألة التحرش الجنسي في مصر. مساء اليوم، سيعرض الفيلم التونسي «آخر ديسمبر» (2010) للمخرج معز كمون، ثاني أعماله الروائية الطويلة بعد «كلمة رجال» (2004). يتناول الشريط مسألة عذرية الفتاة في المجتمع القروي، من خلال عائشة (هند الفاهم) التي يختفي صديقها ويتركها حاملاً بجنين وسط حالة من الارتباك. مساء غد يعرض الفيلم الجزائري «الساحة» (2010) للمخرج دحمان أوزيد، في عمل يعدّ أول فيلم غنائي جزائري. كوميديا ساخرة، تتناول ما يؤرّق الشباب الجزائري، من خلال سكان الحارة الشباب في مشاكلهم مع العمل والهجرة والحب، باستخدام الموسيقى من القوالب التقليدية إلى... الـ«هيب هوب».

ومن المغرب، يعرض شريط «الدار الكبيرة» للطيف لحلو (2010)، دراما عن رشيد وزوجته الفرنسية لورانس اللذين يقرران العودة من باريس والاستقرار في المغرب. يسرد العمل ما تتعرض له علاقة الزوجين من ضغوط ومشاكل. الفيلم يطرح قضية الزواج المختلط في المجتمع المغربي واختلاف الثقافات. ختام العروض يوم الخميس، سيكون للشريط اللبناني «رصاصة طايشة» (2010)، بحضور مخرجه جورج هاشم. يتناول الفيلم الحرب الأهلية اللبنانية من منظور مختلف، تدور أحداثها في بيروت 1976. البطلة نهى (نادين لبكي) لا تكنّ أي مشاعر لخطيبها، بل تحب شخصاً آخر. أمّا عائلتها فتنتظر موعد الزفاف المدبر على أمل إنقاذها من العنوسة.

«أسبوع الفيلم العربي»: 9:30 ليلاً، حتى 18 آب (أغسطس) الحالي. «الهيئة الملكية الأردنية للأفلام» (عمان/ الأردن). للاستعلام: 0096264642266

الأخبار اللبنانية في

15/08/2011

 

«مذكّرات ديفيد لينش» لكريس رودلي: الفنون كلها

هيثم حسين 

روى المخرج ديفيد لينش مذكّراته على الصحافي كريس رودلي، الذي نقّب في مفاصل حياته الهامة، ونبش في التفاصيل، ولم يتنازل عن إثارة الأسئلة، بحثاً عن الإجابات الجريئة والاعترافات الخطرة. اعتمد رودلي، في تأليف كتابه «مذكّرات ديفيد لينش» (ترجمة عبد الله ميزر، «المؤسّسة العامة للسينما»، «سلسلة الفنّ السابع»، 2010، 333 صفحة من القطع الكبير)، على إجراء مقابلات مع المخرج، لتشكيل بنيان الكتاب «الحواريّ المذكّراتيّ»، مقدّماً تعريفاً احتفائيّاً بلينش، ومؤكّداً على أنّه يمكن وصف المعضلات التي يواجهها نقّاد سينما ديفيد لينش ومشاهديها بانطوائها على نوع من الإحساس بالغرابة والغموض، الذي يستوطن جوهر أعماله كلّها. وخير مثال على ذلك، ردود الفعل على أحد أفلامه «طريق مولهولاند». كما أكّد رودلي على أنّه لا مخرج معاصرا استغلّ العناصر السينمائية كلّها، المتوفّرة له بالدرجة نفسها التي استغلّها لينش. والسبب كامنٌ في أنّه استجمع جوانب عملية صنع الفيلم كلّها، من أجل التعبير عن الصفة المحيّرة للغرابة والغموض. الحساسيّة التي يتمتّع بها لينش إزاء تركيبة الصوت والصورة، وإيقاع الكلمات والحركات، والمكان واللون والقوة الفعليّة للموسيقى، جعلت منه صانع أفلام فريدا من نوعه، عاملاً في صميم فنّ السينما. وبادر إلى التذكير بأنّ إبداع لينش يأتي في المقام الأوّل من قدرته على الولوج إلى صميم حياته الشخصية، ونقل وقائعها إلى الشاشة بصورة متميّزة، تبثّ حياة جديدة في فنّ السينما.

شكّلت المقابلات معظم أجزاء الكتاب، تلك التي أجراها المؤلّف مع المخرج في فترات متباعدة، لتحديث النسخة الأصليّة، والخروج بالكتاب الجامع أعماله كلّها. اقترح لينش، الذي وافق على المشاركة في إعداد الكتاب، اتّباع أسلوب بسيط يعتمد على تسلسل الأسئلة والأجوبة، اعتقاداً منه أنّ الأسئلة تثير اهتماماً أكبر من إجاباته، وهذا إن دلّ على شيء، فعلى تواضعه الواضح من جهة أولى، وعلى تردّده وخوفه الدائمين من الحديث عن أعماله من جهة ثانية. أكّد رودلي أنّ ذاك الخوف لم يتلاشَ مع مرور السنين، حيث طلب منّه لينش بعد إجراء اللقاء الأخير الإشارة، من باب الدعابة، إلى أنّه كان يفحص نفسه في مركز نفسيّ متخصّص بقضايا شائكة.

عاد المؤلّف إلى بدايات لينش مع الرسم، وطرح عليه أسئلة كثيرة عن طبيعة تداخل الفنون عنده: «مع أنّ خلفية لينش ومواهبه الفنّيّة في الرسم وصنع الأفلام الطليعية تبيّن الصفات الشكلية الواضحة لسينما لينش، إلاّ أنّها تعجز عن التعبير عن قوّة الرؤيا الكامنة لديه. لا تتجلّى هذه القوّة إلاّ عندما تتوافر أمامه جميع العناصر السينمائية، لتشكّل ما يصفه بمناخ الفيلم، حيث تساهم العناصر المرئية والمسموعة في التعبير عن إحساس معيّن». ثمّ تحدّث عن المشاعر التي تثيره أكثر من غيرها، تلك التي تقارب بين الأحاسيس والعواطف الكامنة في الأحلام، أو بعبارة أدقّ، الجزء الأساسيّ من الكوابيس التي يستحيل التعبير عنها مرئيّاً، من خلال الوصف المجرّد لأحداث تلك الكوابيس. وانتقل إلى تحليل عملية السرد السينمائيّ التقليديّ بأركانها المنطقية والمفهومة، تلك التي تكاد تكون غير مفيدة بالنسبة إلى لينش. ثم ان العوالم الواقعيّة والخياليّة تتصادم في فلك لينش، وهذا ما جعل الإحساس بالغرابة والغموض نتيجة حتميّة لأسلوبه، الذي تتقاطع فيه الأنماط السينمائية مع بعضها البعض، الأمر الذي لا يجعل المشاهدين يشعرون بغياب القوانين والأنظمة في أفلامه فحسب، بل الشعور بعدم الارتياح للأحداث التي يتابعونها على شاشة سينما لينش. وتناول المؤلّف انتقال المخرج في الآونة الأخيرة من فنّ الرسم الذي يعشقه إلى عالم الحواسيب والمعلوماتية، للتركيز أكثر على الاستعمال الرقميّ لإثراء صُوَر أفلامه، مضيفاً بذلك بنداً آخر إلى هواياته الإبداعية، المتمثّل في تصميم الأثاث والفخاريات وتأليف الموسيقى. وها هو الآن يوسّع رقعة فنونه، بتأليف سيناريو أوّل فيلم رسوم متحرّكة طويل في رحلته السينمائية الغنية.

السفير اللبنانية في

15/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)