حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فـي رثاء مايكل كاكويانيس مخرج فيلم (زوربا)

نجاح الجبيلي

بمناسبة رحيل المخرج اليوناني مايكل كاكويانيس مخرج فيلم "زوربا" في 25 تموز 2011 كتب الناقد رونالد برغان في صحيفة "الغارديان":على الرغم من أن الأفلام اليونانية الأولى ظهرت عام 1912 إلا أن الحروب الطويلة الأمد وعدم الاستقرار شلاّّ أي محاولة في تشكيل صناعة وطنية للفيلم. وكان هذا يعني أن بضعة أفلام طويلة قد أنتجت حتى حلول الخمسينات حين أصبح المخرج مايكل كاكويانيس الذي توفي مؤخراً عن عمرناهز التسعين عاماً ،مجسدً للسينما اليونانية ومنحها مكانة عالمية بلغت القمة من الشهرة مع فيلم "زوربا اليوناني" عام 1964. 

يعتمد هذا الفيلم على رواية لنيكوس كازنتزاكي بالاسم نفسه وقد برز على الشاشة بالطاقة الاستثنائية والروعة البصرية. وهو يمزج بشكل ذكي بين الموسيقى الإيقاعية لمايكل ثيودوراكيس ومدير التصوير والتر لاسلي الذي فاز بجائزة الأوسكار عن التصوير بالأبيض والأسود مع الأداء الرائع لأنطوني كوين وألان بيتس وإيرين باباس وليلا كردوفا ( التي فازت بجائزة الأوسكار لأحسن ممثلة دور ثانوي).

يحتفي الفيلم بحب الحياة ومتعتها، ومع ذلك هناك تشاؤم مبطن وصدى للمأساة اليونانية في حكايته للقروي اللطيف (كوين) الذي يحاول أن يعلّم قوة الحياة إلى رجل إنكليزي عصبي (بيتس) من خلال الرقص والشرب. وقبل سنتين من ذلك قام كاكويانيس بإعداد  المسرحية الإغريقية الكلاسيكية إلى الشاشة بفيلم "ألكترا" وهو الأول من ثلاثية يوربيدس من تمثيل باباس والتي تتضمن " نساء طروادة" – 1971 و "إيفيجينيا"-1977، وتدل الثلاثية على أن الأساطير القديمة ما زالت تشد اهتمام الجمهور المعاصر.

وعلى الرغم من أنه صنع 15 فيلماً إلا أن كاكويانيس الذي لم يكن مخرجاً فحسب بل أيضا كاتباً للسيناريو ومصمماً للأزياء ومنتجاً ومترجماً وكان مخرجاً مسرحياً مع حفنة من المسرحيات والأوبرات ترتبط باسمه.

في 12 حزيران 1912ولد ميكالس كاكوغيانس بليماسول / قبرص في عائلة مثقفة من الطبقة الوسطى ودخل مدرسة يونانية خاصة. ثم تبع مهنة والده بدراسة القانون في "غريز إن" في لندن. وقد دعي إلى ممارسة المحاماة إلا أنه درس التمثيل في المدرسة المركزية للخطابة والدراما في لندن لكونه مولعاً بالمسرح ،وأخرج المسرحيات في مدرسة الأولد فيك.

أثناء الحرب العالمية الثانية عمل في البي بي سي القسم اليوناني في البداية كمذيع أخبار ثم منتجاً للبرامج الثقافية. بدأ كاكويانيس الذي يتحدث الانكليزية بطلاقة بالتمثيل على المسرح في لندن في منتصف الأربعينات. وأدى دور "هيرود" في مسرحية "سالومي" لأوسكار وايلد، ثم ظهر في عدة مسرحيات أخرى بضمنها "حديث الكابتن براسبوند" لبرنارد شو. والدور المهم الذي أداه هو في مسرحية "كاليغولا" لألبير كامو.

في عام 1952 استقر في أثينا وركز على الإخراج للمسرح والشاشة. وأول فيلم له هو "طاحونة الريح في أثينا" – 1953 الذي تأثر فيه برينيه كلير وفيلمه الموسيقي الرومانس " المليون" حول بطاقة يانصيب مفقودة. وعلى الرغم من التسلية الطيبة المسرة إلا أنه من الصعوبة بمكان الإشارة إلى نوع المخرج الذي سيكونه كاكويانيس.

يدور فيلم (ستيلا) – 1955 حول مغنية تؤدي علاقتها مع كاتب وبطل كرة قدم إلى المأساة، وقد ظهرت في هذا الفيلم موهبته في التقاط الحس بالقدر المشؤوم. ويتميز بالتصوير الفوتوغرافي المعتم المؤثر مع التأكيد على بعض  المشاهد المفعمة بالحيوية. وكشفت الممثلة ميلينا مركوري في أول دور لها عن واقعية حرة وصوت غنائي مشبع بالأوزو في دور الروح الحرة التي لا تقيدها التقاليد مثل زوربا.  

وفي فيلم " الفتاة بالسواد" – 1956 من تمثيل الجميلة "إيلي لامبتي" التي ظهرت في فيلمه الأول وفي هذه المرة أعطي لها دور المرأة الشابة التي يضطهدها جيرانها بسبب حماقات أمها الأرملة. وهو العمل الأول الذي شهد تعاوناً بين كاكويانس ولاسلي مدير التصوير البريطاني الألماني المولد الذي أعطى الفيلم تصويراً  حاداً بالأسود والأبيض ويدور الفيلم في جزيرة "هايدرا" لصيد الاسماك.

أما فيلم "مسألة كرامة" – 1958 فتؤدي "لامبتي" دور الابنة لعائلة كانت ثرية سابقاً والآن على حافة الانهيار. تحاول أن تنقذ الموقف بالموافقة على الزواج من مليونير بالكاد تستطيع أن تتحمل بلادته. وقد صوره لاسلي بصفاء غرافيكي وهو يعرض بشكل قاس القيم الجوفاء للأغنياء الأغبياء ويقابل بين حياتهم والحالة المأساوية لخادم العائلة.

هذه الأفلام الثلاثة كانت محاولات لتفسير اليونان المعاصرة وواقعها بالالتفات إلى رسوخ العلاقات الاجتماعية. فشوارع المدينة أو الجزر المعزولة تتيح خلفية صارمة لمصائر شخصيات كاكويانيس في بحثها عن السعادة.

في الوقت نفسه كان كاكويانس يخرج المسرحيات بضمنها "نساء طروادة" التي مثلت في مهرجان سبوليتو في إيطاليا وفي باريس ونيويورك. وقد اخرج مسرحية "الشياطين" عام 1965 من تمثيل أن بانكروفت وجاسون روباردز. واخرج في برودواي مسرحية "لسستراتا" من تمثيل مركوري عام 1972. كذلك قدم إيرين باباس في مسرحيات " أنطوني وكليوباترا" و "الكترا" و" أيفيجينا في أوليس" و "الباخوس". وكان لا بد له من أن يخرج المسرحية الغنائية "زوربا" عام 1983 في برودواي من تمثيل "كوين" التي استمرت سنة تقريباً.

أخرج كاكويانيس عدداً من الأوبرات في العديد من دور الأوبرا في العالم ،وقد شعر بأنه من الظلم تصنيفه بشكل متكرر كمخرج ذي ارتباطات يونانية بسبب إخراجه أوبرا "إيفجيني" لغلوك في أوبرا فرانكفورت – 1987 و "ميديا في أثينا" لشربيني – 1995 وحتى أوبرا "الحداد يليق بألكترا" المعتمدة على مسرحية لأوجين أونيل التي ألف ألحانها مارفن ديفيد ليفي في أوبرا المتروبوليتان في نيويورك – 1967.

وبعد بضع تخبطات سينمائية مثل الفيلم الهجائي الأخرق ضد التسليح النووي " اليوم الذي ظهر فيه السمك" – 1967 الذي جرى تصويره في اليونان قام كاكويانيس بهجرة طوعية من بلده لمدة ست سنوات خلال سيطرة المجلس العسكري وفترة القمع والذي كان له أثناءها حضور متجول. قال:" لقد اخترت الانقطاع ببساطة ،وهذا غيّر من إيقاع عملي الإبداعي. إذ لم استطع العيش في ظل النظام القمعي لو أني بقيت في اليونان فسينتهي بي الأمر في السجن لأني صريح".

فيلمه التالي، بعد تصوير فيلم "نساء طروادة" في اسبانيا بالإنكليزية بترجمته الخاصة بتمثيل باباس وكاثرين هيبورن وفانيسيا ريدغريف، هو فيلمه الوثائقي الوحيد " أتيلا 74". وهو شخصي وشاعري كما في أفلامه الروائية ويوثق مأساة الحياة الواقعية في اليونان. في تموز عام 1974 غزا الجيش التركي قبرص وطرد الآلاف من اليونانيين ،مسبباً آلاف الموتى. رحل كاكويانيس عبر الجزيرة المنكوبة بمساعدة مصورومهندس صوت  وقابل القادة السياسيين إضافة إلى عدد كبير جداً من الضحايا والمهاجرين.

قال:" إذا كان بإمكاني حمل السلاح فإني سأفعل. لكني غير قادر. سلاحي الوحيد كان الكاميرا فكان عليّ أن أذهب وأسجل الفظائع والمأساة التي تعيشها قبرص".

فيلمه الأخير كان "بستان الكرز" – 1998 وهو نسخة حزينة جيدة الأداء معدة عن مسرحية لتشيخوف مثل فيها بيتس من جديد. في عام 2004 أسس كاكويانيس مؤسسة خيرية باسمه بهدف الدعم والحفاظ والترويج لفنون المسرح والسينما. وقد منح العديد من الجوائز والتشريفات مثل ميدالية الفنون والآداب من فرنسا وجائزة أكاديمية اليونان للخدمة الوطنية.

المدى العراقية في

11/08/2011

 

فيلم "السنافر".. زُرْق (البغ أبل) لتلاميذ الروضة

ترجمة : عباس المفرجي 

فلم " السنافر " لراجا غوسنل هو أكثر فلم سنفرةً سنفرته في حياتي. لا، مهلا. يبدو هذا الرأي إيجابيا جدا . ماذا عن ((أنا لا أتمنى أن أسنفر " سنافر " غوسنل حتى على أكثر اعدائي سنفرةً .)) هكذا أفضل.غوسنل ، الذي سلب منا ذكريات صباحات عطلة نهاية الإسبوع عن السنافر، جنبا الى جنب مع مغامرات " سكوبي- دو " المليئة بالأكشن ، أطلق فيلما بطريقة السي جي آي (الشخوص السينمائية المنتجة بالكومبيوتر) في مرحلتها الأكثر تطوّرا ، وبنسخة الثري دي غير الضرورية ، كي ينقل أبطال طفولتنا الصغار من غابتهم الطبيعية الساحرة الى مدينة نيويورك الضاجّة . في تلك الغابة التي كانوا يوما يتفاعلون فيها مع البشر الشكوكيين ، يفصحون عن حكمة شعبية صغيرة ويساهمون بجعل إسلوب حياتنا الوسخ بعض الشيء أكثر حيوية .

هذا يعني ، ان  السنافر  في هذا الفيلم هم بالضبط  مثل الأميرة في مانهاتن أمي آدامز في الفيلم الكوميدي     " المسحورة " ، فقط انهم أقل بكثير ذكاءً ، وطيبة ، وأصالة ، وتشويقا أو تسلية .

لفائدة قراءنا الذين لم يترعرعوا في سنوات الثمانين ، نقول أن السنافر هم ابتكار فذ لرسام الكرتون البلجيكي بيو ، ومغامراتهم الاسبوعية غذّت مسلسل كرتوني على قناة الأن بي سي منذ عام 1981 وحتى 1989 . المخلوقات الزرقاء النحيلة ، التي لا يتجاوز طول قامتها على ارتفاع ثلاث تفاحات ، يرتدون بناطيل بيضاء وطاقية ملائمة ، يتغذون على أوراق نبات الفشاغ المعترش والتوت السنفوري ، ويقيمون في بيوت مستكينة في عمق الغابة على هيئة نبات الفطر . لأن السنافر كلهم يبدون شبه بعض ، فإنهم جُعِلوا مختلفين بنعوت تصف على احسن وجه شخصياتهم ، كالسنفور الذكي ، السنفور الأخرق أو السنفور المنفعل العدواني (أنا ولد أنت لا) . هذا الفيلم يستحق أيضا مثل هذا اللقب . وهناك السنفور البغيض ، السنفور المغفل ، السنفور الأحمق ، وسنفور آخر لا يصح ذكره اسمه هنا ، بسبب ولع الفيلم بنكات دورة المياه المقززة .

كي أكون منصفا ، أحببت "السنافر" القديم ، عندما كان الأقزام الخرافيون الزرق يهيمنون على تلفزيون عطلة نهاية الاسبوع ،لأنني، كما أفترض ، كنت في السابعة من العمر في ذلك الوقت ، وهذا يساعد على تفسير الانجذاب. (علي الاعتراف : من هو في السابعة من العمر في عائلتنا ، والذي لم ير كرتون " السنافر" في حياته ، تمتع بالكامل بأبطال غوسنل هو يزمع منذ الآن على ارتداء زي السنفور في عيد الهلاويين . من حسن الحظ انه ليس هو الناقد هنا).  وللأبوين ، أقول ، احذروا : بخلاف أفلام العائلة التي تنتجها بيكسار ، فيلم " السنافر " سوف لا يجذب سوى المشاهدين من عمر قبل المراهقة .

أربعة كتّاب سيناريو موثوقون عُهد إليهم بمهمة إعادة تقديم جيل جديد من " السنافر " ويدبرون مؤامرة واهية ، نجد فيها ستة سنافر ــ يقودهم بابا سنفور (جوناثان ونترز) والسنفورة (مغنية البوب كاتي بيري) ــ تمتصهم دوّاة مياه سحرية وترميهم في سنترال بارك في نيويرك ، ويكون في اعقاب السنافر الزرق الساحر الشرير غارغامل (هانك أزاريا) وقطته الصغيرة ، آزريل، اللذان يدبران بطريقة ما أمر مطاردة مغامرينا الى البغ أبل (لقب مدينة نيويورك) . لحسن الحظ ، يتمكن السنافر الصعود الى المترو برفقة غريس اللطيفة (نجمة مسلسل " غلي " جايما مايس) وزوجها المدمن على العمل ، باتريك (نايل باتريك هاريس) ، اللذين يحتاجان معا الى تذكيرهما بأن الحياة قصيرة جدا ، وإذا لم تتوقف عن سنفرة الزهور في كل حين ، فإنك ستفوّت ربما لحظات استثنائية .

ليس لدى " سنافر " غوسنل أي لحظات إستثنائية للمشاركة . وبإستثناء سلسلة لقطات محلّقة تتبع السنافر وهم يمتطون ظهور طيور ، فإن " الثري دي " لا ينطبع في الذاكرة مثله مثل حبكة الفلم التي هي عرضة للنسيان على الفور . قد يكون فلم " السنافر " إستخدم بمهارة تكنولوجيا الديجتال المتفوّقة ، لكن بإستثناء المشهد الذي يظهر فيه المتسوّقون الجشعون في المحل الشهير أف أي أو شوارتز في مانهاتن ، وهم يحاولون شراء السنفور الأحمق متوهمين أنه يجب أن يكون أحدث دمية ، فلم يُنجَز الكثير لجلب هؤلاء الزوّار الفاتنون الى عالمنا غير الفاتن بالمطلق .

على الأقل ، حين جاء الموبيت (شخصيات المسلسل الشهير " موبيت شو ") الى مانهاتن عام 1984 ، تمتعنا مع نخبة من المشاهير البارعين مثل آرت كارني ، لايزا مينيلي ، بروك شيلدز وعمدة نيويورك الأسبق إد كوش . في فيلم " السنافر " ، مشهد يبدو فيه أزاريا يقضي حاجته في وسط مطعم ، وبلقطة ، معززة بالتصوير بالديجتال ، نرى آزريل تلعق عورته . من يريد أن يدفع بضعة دولارات إضافية ليشاهد ذلك في نسخة الثري دي !

عن واشنطن بوست

المدى العراقية في

11/08/2011

 

هانا.. تشويق من المغرب حتى برلين

قيس قاسم 

كان أمام فيلم "هانا" المجال متاحا ليأخذ منحى تقليدياً، كونه فيلم مغامرات وتشويق، وأن لا يخرج مضمونه عما كررته قبله مئات الأفلام الهوليوودية حيث ينتصر الخير على الشر، وحدود سرد حكاياته كان من الممكن له أن يؤطر بسلسلة مطاردات ومغامرات يخرج منها البطل سالما وغانما على غرار أفلام بروس ويليس، لكن المخرج جوي رايت اختار لفيلمه مسارا مختلفا فأراده "فيلم طريق" حكايته فيها موقف ويتوفر على الكثير من عناصر الأداء السينمي الجيد، ولهذا جاء "هانا" بمستوى قد يمثل مفاجأة، في حدود المنتظر من فيلم مغامرة، وأحداثه في المغرب تزكي له نظرته السوية إلى العالم الآخر، الذي كثيرا ما يقدم في أفلام مشابهة بطريقة سيئة، سواء بحسن النية أم بسوئها.

قبل وصول الصبية "هانا" ذات الـ 16 ربيعا إلى المغرب، مرت بمرحلة من التأهيل النفسي والجسدي في غابات فلندا لتصبح مقاتلة أو كائنا قادرا على القتل والدفاع عن نفسه في أصعب الظروف،فقد كانت عزلتها مع والدها أريك هيلر (الممثل أريك بانا) مكرسة لهذا الغرض، وكان الأب ينتظر فقط اللحظة التي تقرر فيها ابنته الذهاب والانتقام من عميلة المخابرات الأمريكية ماريسا ويغلر (الممثلة كيت بلانشيت) التي قتلت والدتها يوم كانت معها وهي طفلة في نفس السيارة وبصحبة والدها الذي تمكن من تخليصها، أما الأم فلم تنج من الفخ الذي نصبوه لهم. لقد كان موتها جزءا من عملية واسعة للمخابرات الأمريكية أردوا فيها التخلص من كل النساء اللواتي أجروا عليهن تجارب لإنجاب أطفال بمواصفات وقوى خارقة، يستفاد منهم مستقبلا كقوة احتياطية للولايات المتحدة، بعد أن توقف المشروع بأمر من السلطات العليا ما كان أمام منفذيه سوى تصفية النساء المشتركات فيه مع أطفالهن ليغلقوا ذلك الملف والى الأبد. أما مهمة تصفية المشاركين فيه فقد تولتها العميلة ماريسا بنفسها وظلت مهمة إيجاد هانا ووالدها جزءا من عمل عليها انجازه وإلا تعرضت لعقوبات ونقد مسؤوليها، ولهذا صار الانتقام من الفتاة ووالدها أمرا شخصيا وصار مشتركا بين المخابرات وضحاياهم الأبرياء ومن بينهم العائلة المغربية التي صُفي معيلها بسبب سلوكه الإنساني ومساعدته للصبية هانا عندما جاءت تسأل عن سكن في فندقه المتواضع، وفي إسبانيا التحقت ضحية أخرى في الركب وكانت هذه المرة عائلة جاءت للاصطياف وهناك تعرفت ابنتهم على هانا التي راقتهم، في ما بعد على الطريق بين اسبانيا وبرلين حيث موعد لقائها مع أبيها وصديقه الذي قتل أيضا على أيدي عملاء المخابرات الأمريكية.

عبر تلك التصفيات والرحلة الطويلة نكتشف في كل مرحلة من مراحلها حقائق جديدة تعطي للفيلم أبعادا تشويقية وتشعر المشاهد بحيوية ما يتابعه ،ومن بين هذه المعطيات اكتشافنا هوية أريك هيلر الذي حسبناه والداً لهانا ،ولكن الحقيقة التي أذهلت الصبية إن الرجل لم يكن والدها الحقيقي بل كان عضوا في المخابرات اعترض على مشروعها اللاإنساني وقتلهم المشتركين فيه، فحسبوه بعد موقفه هذا على خصومهم والخارجين على طاعتهم، فصار قتله إلزاما، فيما ظلت هانا هدفً ثانوياً ،ولكن وبسببها قتل الكثيرون حتى حانت اللحظة التي وضعت بنفسها حداً لمشروع القتل الجماعي. حيوية الموضوع وأداء الممثلة الشابة ساوريس رونان الجيد لدور "هانا" حوّلا فيلم مغامرة إلى شريط ممتع بكل المقايس السينمائية.

المدى العراقية في

11/08/2011

 

فيلم روما ترانزيت 

سعد ناجي علوان 

(الغرض الأول للسينما هو التسلية)

عمر الشريف

ماذا يحدث لو حاورنا أحلاماً سابقة؟ هل نألف الألق نفسه عنواناً للفعل ،أم أن الرماد سيلوح عالياً ليملأ الطاولة؟ (روما ترانزيت) حلم يمتثل له الآن (فراس الشاروط) ليروي مفاصله.

يبدأ الفيلم بتساؤله الكبير ،المقارنة، أو الأصح المقاربة بين خروج روما من الحرب الكونية بفهم تمكنت من خلاله صياغة مجتمع استطاع تجاوز محنته ليخلق آفاقاً أكثر سعة (السينما على وجه الخصوص) أعادت للحياة دلالاتها الطبيعية، في ذات التجربة عجز العراق عن الفعل المماثل مع موضوعية الظرف في كلا الحالين.

هذه الفرضية هي الثيمة الأساسية لفيلم (روما ترانزيت) ،فمنذ كلمات روسيلليني المخرج الكبير كمفتتح بداية للفيلم نجد الواقعية الجديدة الايطالية تتوزع وقت العرض الفيلمي بمشاهدها الخلابة ،تتجول الكاميرا بعد أن يدعونا المخرج/الممثل (الشاروط) لمرافقته في أسواق المدينة وشوارعها ،لقطات سريعة ،جميلة، لما يشكل عنواناتها الحالية (الهم اليومي- شعارات الجدران- بروز المليشيات) معلقا على ذلك أو على ما يتوالى من مشاهد الواقعية الجديدة، بل إن بطلنا (الشاروط) لا يتوانى من التصريح بالتشابه الحاصل مع بطل فيلليني في (ثمانية ونصف) ،ولن يبان شيء من ذلك مع (جويدو) الباحث عن وجوده المعقد خلال دوامة الواقع الممزوج بالخيال ،سوى أن البطلين مخرجان ويحملان هَمّ الناس وأحلامهما في السينما، هنا يتجلى الأمر ويفصح (الشاروط) أنه يسكب مخزون ذاكرته (كمشاهد أولاً وناقد سينمائي مهم ثانيا) وعشق كبير للسينما الواقعية الايطالية.

بعيدا عن الإفادة منها كفعل فني يدعم ويتماهى مع ما يدور لديه من حكايات أشخاص شوهتهم الحرب وسلب الحصار إرادتهم ،لذا هو يناقش –يكاشف- يحاكم- يلتقي- يفضح- يتبع بكاميرته ليعرف الأسباب التي أدت بـ(أم صافي) للتفريط بجسدها ،زاعمة بأنها تتقي شراسة الجوع ،وما الذي جعل الأستاذ (عمران) يتناول فهم الملكية كما يحب ليسرق المصاحف من بيوت الرب ، الحكاية الثالثة (الصبي صباغ الأحذية) لم أحببها بدت مشوشة وغير محبوكة جيدا ، لكن ما يفعله الشاروط مع نماذجه يتسم بالمباشرة والتقريرية – أليس هو فيلما وثائقيا- حتى محاولة قربه منهم (خاصة مع مصدر حكاياته الصبي صباغ الأحذية) توخيا للامساك بسقف واقعي للحدث ،جعلت خيوط اللعبة تتسرب أحيانا من بين يديه، تجلت بوضوح أكثر أثناء مشهد غرفة المونتاج والمخرج يراقب اغتصاب (صوفيا لورين وابنتها في فيلم دي سيكا امرأتان) حيث تواطأ دون أن يدري وتعاطف، ناسيا دوره كمخرج ،ثم أين الترابط هنا مع بطلته أم صافي الراضية والقانعة بما تفعل سوى أن كليهما ضحية حرب مجنونة.

لو اكتفى الشاروط بدلا من لقاءاته المتعددة بحكاية سارق المصاحف ،والتأمل في أبعادها ومجاورتها للواقع لأنجز ما يفخر به، إضافة إلى شيء من الإرباك خلفه بالأهمية المعطاة لشخصية الصبي ،مرة أخرى أؤكد أن الشاروط قدم لنا نماذجه كمشاهد وناقد سينمائي مهم.

روما ترانزيت ،فرح حاولنا الإمساك به ،الاطمئنان وتضخيم الذات حيّداه في مسافات معينه، وتألق في مسافات أخرى، غير متناسين الإشارة إلى دقة عمل المونتير ومدير التصوير (علي الساهر) ولمساته المبدعة، بخلاف بساطة ما دار حوله، السيناريست الشاعر( زهير هداد) كتب عملا ضخما مميزا، الآراء المتباينة لم تقلل من حظوظ الفيلم وجماليته الفكرية .

للإشادة، الفيلم استحق بجدارة جائزة الدولة للإبداع من وزارة الثقافة عام 2010.

المدى العراقية في

11/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)