حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

يرى أن مهمة إيقاظه تقع على حكومة بلاده

حسين سلمان: الفن السابع في العراق يعاني غيبوبة

بغداد - زيدان الربيعي

يعد المخرج السينمائي حسين سلمان أحد المخرجين المهمين في السينما العراقية، حيث شاركت بعض أفلامه بعدة مهرجانات سينمائية في أوروبا في العقد الثمانيني من القرن المنصرم . ورغم حالة التوقف التي أصابت الفن السابع في العراق خلال العقدين الأخيرين إلا أن سلمان ما زال يواصل نشاطاته في هذا المجال من أجل إيقاظ هذا القطاع الفني والثقافي من غيبوبته . “الخليج” التقته وسجلت معه الحوار التالي:

·         كيف تصف لنا تجاربك السينمائية؟

- لا أقول عنها سوى إنها تجارب متواضعة والمؤلم لديَّ أني عملت تسعة أفلام سينمائية خارج العراق، وعملت داخل العراق ثلاثة أفلام سينمائية فقط . علماً أني شاركت في مهرجانات عالمية كبيرة ولم أحصل فيها على جوائز . لكن المشاركة في هذه المهرجانات خلال العقد الثمانيني من القرن المنصرم كانت تمثل تجربة جميلة، حيث شاركت في أحد المهرجانات الكبيرة للفيلم الوثائقي وكنت طالباً أيام دراستي في بلغاريا، كذلك شاركت في مهرجان موسكو ومهرجان بودابست، وهذه الأفلام جلبت لي محطات جديدة للاطلاع على الأعمال السينمائية في أوروبا الشرقية والغربية .

·         هل هناك موضوع أو فكرة عراقية تحب أن تحولها إلى فيلم سينمائي؟

- لديَّ مجموعة سيناريوهات صدرت تحت عنوان “تحت ظلال الزقورة” فيها ثلاثة سيناريوهات وكذلك هناك مجموعة أخرى جديدة فيها أكثر من “15” سيناريو، لذلك فإن كل هذه السيناريوهات أتمنى أن أخرجها، كذلك أتمنى أن أنتج فيلماً يحمل عنوان “تحت ظلال الزقورة” إذ إن الفيلم الذي قد يرتبط بالماضي لكنه يحاكي الواقع المعاصر .

·         “الزقورة” هي مفرد الأهرامات في العراق أو المعابد المدرجة فلماذا تركيزك عليها بالذات؟

- هذا التركيز يأتي من انطلاق حضاري، ومحاولة لمد حالة التزاوج بين الماضي والحاضر . إذ توجد هناك قطيعة بين حضاراتنا، إذ توجد قطيعة في الحضارة السومرية وكذلك في الحضارة البابلية والحضارة الآشورية .

·         سمعنا أن لديك إصدارات جديدة في مجال السينما؟

- نعم لديَّ كتابان أعددتهما إلى النشر، الكتاب الأول يحمل عنوان “ليلة حب” وهو يمثل مجموعة من السيناريوهات، والقسم الثاني من هذا الكتاب هو عمل تطبيقي لمفهوم الإخراج السينمائي كيف يتحول النص الأدبي من عبارة كلمات التي يمر بها عبر مراحل النص الأدبي والسيناريو الأدبي إلى أن تكون مادة للإخراج السينمائي . أما الكتاب الثاني فهو عن الأسس والقواعد في الإخراج السينمائي ضمن منهاج تطبيقي لطلبة معهد وأكاديمية الفنون الجميلة .

·         ما هو الهدف الذي تريد تحقيقه من إصدار هذين الكتابين؟

- بما أن مكتبتنا السينمائية تعاني عدم وجود كتاب متخصص بشكل كامل عن الإخراج السينمائي، لذلك فإن الهدف من إصدار هذين الكتابين هو أن يكونا مصدراً أساسياً لطلبة معهد وأكاديمية الفنون الجميلة في المستقبل .

·         وهل لديك أعمال جديدة في عالم السينما؟

- ما أزال أنتظر من وزارة الثقافة تخصيص ميزانية مالية لإنجاز فيلم سينمائي يحمل عنوان “ليلة حب” . علماً أن هذا الفيلم مجاز من قبل الوزارة المذكورة وتم تخصيص الطاقمين الفني والإداري لإنجازه، لكننا منذ عام ننتظر الموافقة على تخصيص الميزانية، وهي بسيطة جداً لا تتجاوز السبعة آلاف دولار أمريكي . وهذا الفيلم كتبت السيناريو له، وسيكون من إخراجي وهو يتحدث عن مرحلة سبعينات القرن الماضي ويركز على معاناة المثقف العراقي وخصوصاً في ما يتعلق في بدايات هجرة المثقفين العراقيين في ذلك الوقت .

·         كيف ترى السينما العراقية في الوقت الراهن؟

- ليس هناك سينما عراقية أساساً، وإنما هناك فيلم عراقي . حيث لم نزل لا نمتلك الهوية السينمائية الصحيحة، كما أننا لم نزل لا نمتلك القاعدة المادية والتقنية لصناعة السينما الحقيقية، لهذا بقي هناك فيلم عراقي يتعثر ويخبو وينهض ثانية وهكذا، لكن هناك بعض المحطات في مجال السينما . وتشير الحقيقة الدامغة إلى أننا في غيبوبة، لأن الدولة العراقية لا تنظر إلى الثقافة بشكل عام وإلى السينما بشكل خاص، إلا أن هناك بصيصاً من الأمل لأن أحد الأشخاص يعمل الآن في الاستثمار لعروض سينمائية عملت في مكان خاص أيضاً، لكن نبقى نبحث عن عروض جماهيرية في مجال السينما وكما كان يحصل في السابق .

·         كيف نقوم بإيقاظ السينما العراقية من غيبوبتها؟

- الصحوة من هذه الغيبوبة تقع على عائق الحكومة العراقية أولاً، لأن على الدولة أن تؤسس لمثل هذا حالة خاصة في مسائل الثقافة والفنون لمدة معينة، حتى تستطيع أن ترسي التغيير من القواعد الصحيحة، ومن ثم بعد ذلك يأتي الاستثمار . لأن الفيلم العراقي بدأ من القطاع الخاص واستمر لمدة طويلة جداً حيث نستطيع القول إن نصف الأفلام السينمائية العراقية هي من إنتاج القطاع الخاص .

·         هل حملت الأفلام السينمائية التي أخرجها المخرجون الشباب إبداعاً للسينما العراقية أم أن القضية العراقية ساعدت في إبراز أفلامهم؟

- أنا فخور بمبادرات وطموحات بعض المخرجين السينمائيين الشباب، وهي طموحات حقيقية وصادقة . كذلك أنا أرى أن الموضوع العراقي كان له دور كبير، لأن الفيلم الأول لهؤلاء الشباب الذي حمل عنوان “أحلام” حصل على أصداء كبيرة جداً أكثر من الأصداء التي حصل عليها فيلم “ابن بابل” وهذا النجاح أكد أن هناك طاقات إبداعية موجودة عند هؤلاء، فضلاً عن الهم الإنساني الكبير، وكذلك الهم الوطني وهما موجودان عند هذه الطاقات المبدعة، وعليه فإن علينا أن ننهض بالهم الوطني العراقي، وأنا أميل كثيراً إلى هذه المبادرات .

الخليج الإماراتية في

09/08/2011

 

صابرين:

وصول السلفيين إلى الحكم يعني نهاية الريادة الفنية لمصر 

حذرت الفنانة المصرية صابرين من وصول السلفيين إلى حكم مصر، لأن ذلك يعني نهاية الريادة الفنية لمصر في العالم العربي، مشيرة إلى أن السلفيين سيلجؤون إلى التضييق على الفن، حتى يمنعوه تماما بالتدريج.

وشددت صابرين في الوقت نفسه، على أنها ضد أفلام العري والأعمال الهابطة، وأنها تأمل أن يستمر الفن الوسطي بعيدا عن التطرف.

كما رفضت الفنانة المصرية أن يتولى الإخوان المسلمون حكم مصر في الفترة المقبلة، لكنها لم تمانع منح صوتها مرشح الإخوان في الانتخابات البرلمانية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنها من الممكن أن تشارك في فيلم من إنتاج شركة الإخوان المسلمين.

وكشفت عن أنها كانت مرشحة للمشاركة في الأوبريت الخاص بحادث كنيسة القديسين، الذي شارك فيه فنانون عديدون، لكن مُنعت من الذهاب للمشاركة لأنها محجبة، ولا تعرف مَن السبب في منعها.

ومن جهة أخرى، قالت صابرين، في مقابلة مع برنامج "لا" على قناة "التحرير" الفضائية، أول أمس: "لم أكن ضمن أتباع حملة (آسفين يا ريس)، ولم أقل ذلك قط، خلال الثورة شاركت في مداخلتين بقناة فضائية، وطالبت ثوار التحرير ببقاء مبارك حتى نهاية ولايته، لأني كنت مضللة إعلاميًّا، ولا أسمع إلا للحديث عن أن الاحتلال الأمريكي على الأبواب، وأن إسرائيل تستعد على الحدود".

وأضافت: "طالبت الثوار برحمة مبارك، لأنه كبيرنا، من الممكن أن أكون عبيطة، لكني شعرت وقتها بأنه رمز لمصر، ولم أعرف أنه باع البلد وأفسدها، لكن بعدما عرفت الحقيقة، وأنه باعنا، كان من الضروري أن أطرده من البلد".

التوريث والتخوين

وبررت الفنانة المصرية تصريحاتها، خلال الثورة، بأنها كانت حريصة على مصلحة مصر، خاصة أن الثورة قامت لتُسقط نظامًا لا لتسقط دولة بأكملها، مشيرة إلى أنها كانت تخشى أن تعاني مصر كما تعاني دول مجاورة حاليا.

وأكدت صابرين أنها كانت ضد مشروع التوريث، لأن نجل الرئيس السابق جمال لا يصلح لحكم مصر، لافتة إلى أنه لو تم هذا المشروع لخرجت للاعتراض عليه.

وشددت على أنها لم تغضب من وضعها في القائمة السوداء، لأنه ليس من حق أي أحد أن يخونها، وأنها لا تفكر في عمل شيء حتى تخرج منها، معتبرة أن هذه القائمة ضرت فنانين كثيرين، وأن هناك فنانين مظلومين فيها، خاصة أن النظام السابق كان يستغل الفن لصالحه، وهذا ليس ذنبهم، فيما رأت أن هناك فنانين استفادوا من النظام السابق في تحقيق نجاحات كبيرة.

الحجاب والسينما

وأكدت الفنانة المصرية أنها لم تندم على ارتداء الحجاب، لكنها قالت: إن من حق أية محجبة أن تخلع الحجاب، واعتبرت نفسها الآن محتشمة لا محجبة، لأن الحجاب له محاذير وضوابط شرعية محددة لا تلتزم بها تماما، بل تقل عنها درجة، مشيرة إلى أن المحجبة لا تضع "مكياج"، ولا ترتدي "البنطلون"، ولا الملابس الشفافة.

ورأت صابرين أن الحجاب قلل من فرصها في السينما، لأنها طول عمرها كانت تحب الأدوار الشقية التي تحتوي على استعراض ورقص وغناء، لافتة إلى أن "الحجاب يفرض علي أن أحترم لحمي، وألا أكون متعرية".

وشددت على أنها لم تندم على ارتداء "الباروكة" في مسلسل "شيخ العرب همام"، وانتقدت تركيز البعض على مشهد السرير التي أدته مع يحيي الفخراني في المسلسل، مشيرة إلى أنها لا ترى فيه شيئا، وأن الفخراني من الفنانين المحترمين، وأنه لم يكد يلمسها في هذا المشهد.

الشروق المصرية في

09/08/2011

 

جمال الكون بعيون صوفية في فيلم إيراني

بقلم : د. وليد سيف 

كان أسبوع الفيلم الإيراني الذي أقيم مؤخرا فرصة لإلقاء الضوء علي السينما الإيرانية والتعرف علي نماذج من اتجاهاتها الحديثة بعد أن غابت عن التواجد علي الساحة المصرية حتي في مهرجاناتنا الدولية، وكأن قرارا غير معلن قد اتخذ لمقاطعة الفيلم الإيراني، وها هي تعود إلينا من جديد لتكشف لنا عن معين لا ينضب من الإبداع الجميل ومن القدرة علي تقديم حكايات وموضوعات مبتكرة أو أفكار قديمة بمعالجات جديدة.. ولكن فيلم (الله قريب) يعد في رأيي أهم أفلام الأسبوع خاصة وهو يقدم مفهوما جديدا ومختلفا للفيلم الديني، وبعيدا عن المفهوم الشائع لهذه الأفلام التي تتضمن غالبا قصص الأنبياء أو سيرة تبليغ الدعوة أو المعارك التي خاضها الأجداد من أجلها وعلاوة علي هذا ففيلم «الله قريب» لا يتوقف عند هذا الحد بل إنه يعيدك إلي حب فن السينما عموما وإلي الثقة بقدرة الأجيال المعاصرة من الفنانين علي تقديم روائع جديدة وهو أمر أصبح نادر الحدوث. رؤية صوفية الأهم من كل هذا أنه عمل له طابع شديد الخصوصية يمتزج فيه الجو العاطفي البريء بالرؤية الصوفية الروحانية التي تلوح من أولي لحظاته من خلال الرسوم الدينية والنقوش الجدارية وأصوات التراتيل والتواشيح الدينية التي تلوح عن بعد.. فبطل الفيلم الشاب الطيب رضا الذي يظن من لا يعرفه عن قرب أنه متخلف عقليا هو في الحقيقة وكما يفسر حالته شيخ المسجد المجاور إنسان طبيعي جدا ولكن قلبه مليء بالحب لكل مخلوقات الله سبحانه وتعالي.. يتعلق قلب المسكين بمدّرسة الابتدائي الذكية الجميلة التي يقوم بتوصيلها يوميا بموتوسيكله إلي عملها ولكنها تتزوج دون رغبتها برجل لا يقدر قيمتها..يسوء حال رضا دون أن يدرك أحد سبب أزمته.. لكن عندما تتزايد ظلمة الليل ويشتد الألم يقترب النور ويأتي العلاج..وعندما يمتلئ قلب رضا بالإيمان بقضاء الله وقدره يتحقق المستحيل . مفردات طبيعية يستخدم المخرج علي وزيريان كل مفردات الطبيعة والمكان البسيطة لتشكل جزءا من واقع الحكاية فتبدو الأشكال المعمارية والأرضيات الفسيفسائية والحيوانات الأليفة والطيور التي تتعانق وحركة السحب أكبر بكثير من خلفيات أو مكونات داخلية للصورة لتنطلق إلي آفاق أرحب ككائنات فاعلة ومؤثرة في الأحداث.. إن الطبيعة تلعب دورا في صنع الجو العام والحالة النفسية كما أنها أيضا تشارك الجمهور في التعاطف مع البطل دون مبالغة أو إقحام..المطر والبرق والرعد والبرد والندي والشجر والغابة والرطوبة والسحاب تشارك كلها في صنع هذا الفيلم ببساطة وتمكن ودون اللجوء إلي تقنيات معقدة ودون أن تبدو كأشياء مصنوعة . رسم الشخصيات من ناحية أخري يضيف إلي مصداقية هذا الفيلم وتأثيره تفنن كاتب السيناريو في رسم شخصية رضا التي يجسدها ممثل متمكن بصورة غير عادية وقادر علي صنع ملامح وتفاصيل في داخل الإطار العام للشخصية بمنتهي العناية والدقة..فمن أول لحظة ودون جملة حوار واحدة ومن خلال الأداء الحركي والتعبير بالوجه والعينين فقط تدرك أنك أمام شخصية غير عادية..ثم تبدأ في متابعة انطلاقه المتهور بالموتوسيكل الذي يعمل عليه بالأجر لنقل الركاب في طرق غير ممهدة ويمكنك أن تلحظ تعبيراته الجامدة رغم الخطر الداهم . ينساب علي شريط الصوت الموسيقي الهادئة كحبات المطر، وترتسم علي وجه رضا علامات الفرح والانسجام مع سماعه لأصوات التواشيح الدينية والقصائد الشعرية ولكنه يصل إلي أقصي حالات الارتياح والسعادة وهو ينصت لتلاوة القرآن من شيخ المسجد المجاور.إن هذا العالم الصوتي يشكل جزءا أساسيا من كيان رضا ويضيف إلي صورته المزيد من الملامح والعلامات كحالة خاصة وفريدة سنعايشها ونتعاطف معها ومع أزمتها ونمر بخبرتها وتجربتها كما لو كانت خبرة وتجربة تخصنا نحن. حركة الكاميرا يقتصد المخرج إلي أقصي الحدود في استخدام الحوار ويعتمد علي الصورة وتفاصيلها وحركة الكاميرا بتمكن وبساطة، فعندما تقع عينا رضا علي المدّرسة لأول مرة وهي تهبط من الحافلة تطول اللقطات قليلا ويستخدم أسلوب الحركة البطيئة كما تدخل الكادر طيور سقطت من أحد الباعة ترفرف حولها لتضفي عليها مزيدا من الحضور والجاذبية..في اللحظات الدرامية الحاسمة تكون الانتقالات السريعة البارعة والتوظيف الدرامي لحركة الكاميرا المتميزة التي تصعد تلت أب علي رضا وهو يراقب المدرسة وهي تخرج من السيارة مع عريسها في حفل الزفاف ثم ننتقل مباشرة إليه وهو يرقد علي السرير ثم في تقطيعات متتالية نلاحظ حركة التدهور علي وجهه وملامحه فتطول لحيته ثم نراه يسير في إعياء..ثم وقد أهمل تماما في مظهره وملابسه محدثا نفسه عن الحبيبة التي فقدها..وتزداد أحواله سوءا مع رؤية الأطفال وهم يسخرون منه ويطاردونه ويضايقونه وهو وسطهم يهذي كالمجنون. تفاصيل صغيرة تلعب التفاصيل الصغيرة وقطع الاكسسوار والملابس دورا أساسيا علي المستوي الدرامي والبصري..فيمكنك أن تلاحظ اهتمام رضا الشديد بتنظيف وتلميع الموتوسيكل وهو في انتظار المدرسة وهو الأمر الذي سيتصاعد إلي حد انتظاره لها في يوم آخر وهو يحمل باقة ورد ولكنها لن تأتي في هذا اليوم الذي سيواجه فيه الصدمة الأولي بل وسينال ضربات مبرحة من الشاب الذي تقدم لخطبتها وهو يتحمل الألم في معاناة وثبات ودون مقاومة..سوف تلاحظ سعادته بملمس النقود التي دفعتها له حبيبته في أول توصيلة علي الرغم من أنها تعطيها له في غطرسة وإصرار رافضة أن تركب مجانا.. وسوف تظل هذه العملة الورقية تذكارا لحب غير معلن ومن طرف واحد وستبقي ذكري لأحلي لحظات حياته وسوف يضمها إلي البنسة التي خلعتها له من شعرها لتساعده في إصلاح الموتوسيكل في إحدي المرات..سوف تصبح هذه الأشياء الصغيرة البسيطة وسيلته لاستحضار ذكراها لكي لا تزول من ذاكرته..وسوف يصبح الخلاص منها أيضا هو سبيله الوحيد لنسيانها وطريقه الوحيد للشفاء من حبها الذي تسبب فيما أصابه من مرض وذهول وهزال خاصة لو قدمها قربانا لطلب نوع آخر من الحب حين يعطي المتسولة العجوز العملة الورقية ويهدي الطفلة الصغيرة ابنة شقيقته مشبك الشعر. لكن هل يمكن أن تنتهي الحكاية هكذا.. سوف يلوح أمامه فجأة الأمل من جديد ومن خلال شيء صغير يحمل بعضا من الذكري..سيتأمل الحذاء الذي ناولته له إحدي القادمات إلي المسجد ليضعه في رف الأحذية..ولكنه سيلاحظ أنه هو نفس الحذاء الذي اندفع عبر الشلال من قبل ليعيده إليها بعد أن تسبب أحد المطبات في سقوطه من قدميها.. وهاهي بالفعل تقف أمامه بنفس ابتسامتها الجميلة ونظرتها الهادئة. سرعة وإحكام يتمكن المخرج من أسلوبه السردي في سرعة وإحكام ونتعرف علي رحلة المدّرسة من الزواج إلي الخلافات إلي العودة عبر لقطات فلاش باك قليلة وحوار سريع جدا (أهلا يا أستاذة - أنت اتغيرت - وأنتي أيضا - أين زوجك -لقد وقع الطلاق - كيف هذا - رفض أن أزور أمي المريضة..مرت سنة ولم أنجب..قلت له طلقني فطلقني علي الفور..عرفت بعد ذلك أن ابنة عمه كانت تشجعه) تمر اللحظات سريعة علينا كما تمر سريعا علي بطلنا رضا الذي أحالته رحلة المرض والألم والمعاناة إلي إنسان آخر تبدو علي ملامحه الثقة والقوة والخبرة بالحياة والقدرة علي إتخاذ القرار بحسم وحكمة وهو ما سنعرفه فيما بعد لتتبدي قدرة الممثل البارعة في توصيل الحالة النفسية والشعورية علي صفحة وجهه من خلال إحساسه بالشخصية وبالموقف أكثر بكثير من الاعتماد علي قصات الشعر أو حلاقة الشارب واللحية. قدرة إبداعية تتمكن القدرة الإبداعية في خيال الصورة الفنية من صنع جمال خاص رغم فقر وبساطة المكان فالمدرسة التي تعمل بها البطلة تقع في قرية فقيرة منعزلة يتم الوصول إليها عبر طريق وعر ولابد أن المدرسة سوف ينعكس عليها صورة هذا الفقر وهي تقع في قلب القرية وسط الحقول وربما يدخل إلي الفصل أصوات نهيق الحمير وقد نري بجوار الشباك الذي يقف خلفه رضا جاموسة أو بقرة ولكن الأهم من كل هذا أن عين الفنان المبدع تستطيع أن تصنع ملامح الجمال في وسط هذه البيئة فشباك الفصل المدهون بطلاء جيري لمنع خروج الضوء أثناء الغارات تتخلله رسوم يصنعها الأطفال بمسح الطلاء ومن بين هذه الرسوم صورة لفتاة يستطيع رضا أن يطل علي ما يدور داخل الفصل من خلالها في تكوين رائع. مشاعر متدفقة ويظل هذا الدرس الجميل بأسلوب المدّرسة البارع في الشرح يتردد في ذهن رضا وهو يردد وراءها كلمة ماء وهي تقسمها إلي مقطعين أثناء شرح الدرس فيصبح لها معني ومذاق وطعم آخر من شفتي هذه المدرّسة الجميلة.. وتتجسد الكلمة وهو يندفع إلي الصنبور ليشرب ولكن الطبيعة تكون أشد كرما معه فيتساقط المطر فتتزايد سعادته كما لوكانت السماء تبارك هذا الحب وتلك المشاعر المتدفقة وهو مازال يردد الكلمة..سوف يعود إلي البيت وهو في نفس الحالة من العشق للكلمة فتضع أمامه أمه دورق الماء ظنا منها أن الظمأ أصابه.. سوف تحاول الأم أن تدرك فيما بعد ماذا ألمّ به..فهي أيضا جزء من حالة الحب التي تسري في أوصال هذا الفيلم..فالأم يعتصرها الألم حين يمرض الابن إلي حد فقدان الشهية فهي منشغلة بابنها الذي يحترق كالشمعة..وسوف يكون مشهد موتها من أرقي وأجمل المشاهد السينمائية التي يمتزج فيها الخيال بالحلم بالفلاش باك ونحن نراها من وجهة نظر رضا تخرج من باب المسجد إلي الخارج حيث امتلأ الجو بالبخار الذي يتزايد والذي سوف تختفي معه الأم العجوز لتضيف مزيدا من الألم إلي قلب الشاب الحنون. في فيلم «الله قريب» تواصل السينما الإيرانية اقترابها من الإنسان والتغلغل في عمق مشاعره وأحاسيسه كما ستعبر الصورة عن جمال الأشياء والأماكن رغم بساطتها ودون الاعتماد علي أي تقنيات معقدة أو أساليب مبهرة..إنه جمال الحياة والكون والمخلوقات والإنسان الذي يصل إلي حالة من الرضا الحقيقي والإيمان بقضاء الله وقدره.

جريدة القاهرة في

09/08/2011

 

فلول السينما القديمة.. تعيد أفلام المقاولات

بقلم : ياقوت الديب 

مقارنة بالفنون الأخري التي ظهرت منذ آلاف السنين، تبقي السينما رغم حداثة ظهورها الفن الجماهيري الجاذب بقوة للباحثين عن التسلية ومتعة الفرجة أمام صور تتحرك وأشياء تنبض بالحياة داخل اطار فضي وسط ظلام دامس.. اذن السينما "رواية" تحكي علي لسان مشخصاتية أو ممثلين أو قضية تطرح للبحث والمناقشة أو رؤية تعكس تجارب الآخرين تستلزم منا التفاعل والمشاركة فيما تطرحه من فكر أو رأي أو وجهة نظر ... وعلي الجانب الآخر السينما "فن" له قواعده ونظرياته ومفردات لغته وعناصر تكوينه، والتي تشكل في مجموعها قيما جمالية متفردة تتشابك وتتلاقي لترسم بالصوت والصورة تجربة جمالية من نوع خاص، فتثير لدينا الاحساس بمتعة بصرية وشحنة انفعالية في آن واحد لاتتوافر في فن آخر. ارتباط كاثوليكي هذا يعني أن السينما تتشكل من عنصرين رئيسيين لامناص من ارتباط كل منهما بالآخر ارتباطا كاثوليكيا وعضويا يكتملان في كل موحد لايمكن الفصل بينهما. هذين العنصرين يتمثلان في : الشكل Form و المضمون Content أو لنقل الشكل الذي يقدم من خلاله الموضوع وهو "الفيلم السينمائي"، والمضمون الذي يمثل الفكر أوالموضوع أو الحدوتة ... فالسينما فن، وفكر، ولايمكن أن تكتمل صورة العمل السينمائي إلا عن طريق تفاعل وتداخل واندماج هذين العنصرين وتكاملهما تكاملا تاما، وعليه اما أن يجد الفيلم مشروعية النفاذ الي قلب جماهيره أو يفشل ونهيل عليه وعلي صانعيه التراب، ونندب حظنا علي شراء تذكرة الدخول لمشاهدة عمل تافه أصاب رؤيتنا بالعمي الحيسي ونزل بفكرنا أسفل سافلين، وتكون المحصلة مزيدا من التعتيم وانعدام الرؤية، ناهيك عما أصابنا من انحطاط أخلاقي وترسيخ قيم اللامبالاه وبلادة الحس وفقدان البصيرة. أفلام النجوم قبيل اطلالة هذا العام (2011) وقبل أن نعيش أحداث ثورة عظيمة تفجرت في يناير منه، كان المعروض علينا ضمن ما أنتجته السينما المصرية عددا لابأس به من الأفلام، وهي تحديدا عشرة أفلام، تميزت بأبطالها من نجوم شباك التذاكر مثل: "زهايمر" إخراج عمرو عرفة وبطولة النجم عادل إمام، "عسل أسود" اخراج خالد مرعي للنجم أحمد حلمي، "ابن القنصل" اخراج عمرو عرفة بطولة الفنان أحمد السقا، "بلبل حيران" إخراج خالد مرعي للفنان أحمد حلمي ... وأفلام تميزت بموضوعاتها مثل: "678" اخراج محمد دياب في أولي تجاربه الروائية الطويلة بعد تجاربه الناجحة في كتابة السيناريو، "هليوبوليس" اخراج أحمد عبد الله وهو من طليعة مخرجي السينما المستقلة في مصر مع ابراهيم البطوط ومحمد دياب و غيرهم من شباب المخرجين الواعدين في هذه السينما، "رسائل البحر" للمخرج الكبير داود عبد السيد.. وعلي المستوي أفلام البين بين جاء فيلم "محترم الا ربع" إخراج محمد حمدي بطولة محمد رجب، أما علي مستوي الأفلام التجارية أو السيئة السمعة، جاء فيلما: "لاتراجع ولا استسلام" اخراج أحمد الجندي الذي يحمل عنوانا ضخما بمحتوي تافه وموضوع مكرر وسخيف، كذلك فيلم "بون سواريه" اخراج أحمد عواض الذي خاطب الغرائز الدنيا وسرق ايرادات شباك التذاكر التي دفعها المراهقون والباحثون عن المناظر ومشاهد العري والمجون. مع بدايات هذا العام وتحديدا يوم 25 يناير جاءت الثورة التي اقتلعت رؤوس النظام الفاسد الذي جثم علي قلب مصر وشعبها لمدة ثلاثين عاما، ظهرت مجموعة من الأفلام، جاوز عددها حتي اليوم الخمسة عشر فيلما، تميز منها علي المستوي الموضوعي ثلاثة أفلام فقط: "ميكروفون" اخراج أحمد عبد الله الذي حقق عددا من الجوائز السينمائية في عدة مهرجانات خارجية لتميزه علي المستويين: الفني والفكري، وفيلم "حاوي" اخراج إبراهيم البطوط الذي وأدته الشركة الموزعة واختزلت عرضه في بضع من دور العرض في القاهرة والإسكندرية ومدة زمنية لم تتجاوز الأسبوع أو الأسبوعين، علي الرغم من قوة موضوعه وجديد سينمائيته، والفيلم الثالث هو "الفاجومي" اخراج عصام الشماع الذي يتناول السيرة الذاتية لشاعر العامية الثوري أحمد فؤاد نجم، والذي جاء مخيبا للآمال وفي صورة قد تفقد صاحب السيرة نفسه بعضا من التقدير والاحترام، ويثير عند من لايعرف هذا الشاعر عن قرب الشكوك والأقاويل والقيل والقال نحو رجل نظر الأعمي الي كلماته وأسمعت كلماته من كان به صمم، علي رأي المتنبي، والرجل مازال حيا يرزق وشاهدا علي الفيلم. كما هي العادة لم تخل السينما المصرية في هذا العام من عرض الأفلام التجارية المشبعة بالتوليفة المشبوهة وبهارات السينما الرخيصة والقيمة المعدومة، لفئة هي في الأساس تذهب للسينما بهدف التسلية وتضييع الوقت أو تمضيته هروبا من كافيهات الشيشة ومجالس النميمة، بغض النظر عن مضمون الفيلم أو موضوعه مثل: "الشوق" اخراج خالد الحجر الذي نجح فقط في الحصول علي احدي جوائز مهرجان القاهرة الأخير، "365 يوم سعادة" اخراج سعيد الفاروق والذي جاء أقوي مافيه "بوستر الفيلم"، "الوتر" اخراج مجدي الهواري، "فاصل ونعود" اخراج أحمد جلال، "أي يو سي" اخراج أكرم فريد، "سفاري" اخراج مازن الجبلي. غيبوبة مستمرة نأتي الي المعروض حاليا من الأفلام التي جاءت جميعها بعد 25 يناير، فعلي الرغم من اندلاع الثورة وسخونة الأحداث لم يتحرك للسينما ساكن، وبدا الأمر كما لو كانت السينما عندنا في حالة غيبوبة لأجل غير مسمي أو تشكو من انعدام وزن أصابها بالترنح والتخبط، أو أن القائمين عليها من فلول السينما القديمة مصرون علي استفزازنا بأفلامهم العبيطة، التي اثبتت فشلها أمام شباك التذاكر حتي أن معظمها لم يتجاوز بعد حاجز النصف مليون جنيها من الإيرادات، وعلي الرغم من إلغاء حظر التجول والسماح بحفلات منتصف الليل وعرض بعض الأفلام في ستين أو سبعين دار عرض في وقت واحد، إلا أن السقوط المروع للأفلام المعروضة كان لها بالمرصاد، حتي أنها لم تحقق سوي 30 % من ايرادات الصيف الماضي. والأمر المؤكد أن هذه السينما الرخيصة الفكر والمحتوي والتي تفتقد لأبجديات جماليات السينما، هي المدانة بدليل أن الأفلام الأجنبية لم تحظ بمثل هذا الموقف البائس أو المشهد الحزين لسينمانا المصرية التي قاربت علي السقوط التام، إن لم يعد السينمائيون في مصر حساباتهم من منطلق أن المناخ بالتأكيد تغير و العودة للماضي مستحيلة ودوام الحال من المحال ... السينما اليوم مطالبة بمعايشة اللحظة والواقع الجديد الذي فرضته ثورة 25 يناير، وقبل كل هذا احترام عقلية المشاهدين واقتلاع فلسفة "الجمهور عاوز كده" من قاموسهم المعيب. خسائر متوقعة قد شهد شهر يونية الماضي عرض ستة أفلام دفعة واحدة مازالت تعرض في دور السينما حتي اليوم، وتصارع من أجل البقاء أسبوعا أو اثنين علي الأكثر، أو الي أن تحقق أقل نسبة خسائر متوقعة، فالإيرادات اليومية أو الأسبوعية تشير الي هذه النتيجة المؤسفة ... لكن علينا أن نبحث عن أسباب هذا السقوط المؤلم لعلنا نتلمس الطريق ونشخص العلل قبل أن تقع الكارثة ويتحقق السقوط التام ... أولها في ظني تفاهة الموضوعات وتكرارها وفقر المستوي الجمالي، وثانيها خلو هذه الأفلام من نجوم الشباك واستسهال الانتاج الرخيص، وثالثها فقدان الوعي بما يجري علي أرض مصر من تغيرات كبري تتطلب نظرة جديدة وتقييم معطيات الماضي القريب، وآخرها الفقر في عدد دور العرض وعدم النزاهة في التوزيع وانعدام الدعاية والإعلان لأفلام تستحق المشاهدة ومنها علي سبيل المثال: "ميكروفون" أحمد عبد الله و "حاوي" إبراهيم البطوط ... وتكون الغلبة لأفلام هي جملة وتفصيلا أقل ماتوصف به هو أنها تهريج سينمائي بكاميرا لاتعرف سوي العبث والتخبط وموضوعات تافهة المحتوي مكررة التيمة عبيطة حتي في اختيار اسمائها، يغلب علي معظمها كوميديا لاتثير الضحك إلا لدي البلهاء والمغيبين عن الوعي وأصحاب الكيف ومدمني المخدرات والتوافه من الناس، في وقت يعد مرحلة تحول كبري في تاريخ مصر لم نشهده أو يشهده أجداد أجدادنا.. فقط علينا أن نجازف ونتحلي بالصبر لمشاهدة نماذج من هذه الأفلام ومنها: "صرخة نملة" اخراج سامح عبد العزيز، "الفيل في المنديل" اخراج أحمد البدري، "المركب" اخراج عثمان أبولبن، "سامي أكسيد الكربون" اخراج أكرم فريد، "اذاعة حب" اخراج أحمد سمير فرج (مش لاعب الكرة بالإسماعيلي الموهوب"، وأخيرا فيلم "فوكك مني" اخراج أحمد عويس ... والبقية من توافه الأفلام آتيه كالطوفان، فهل لنا أن نستأذن في إعفائنا من أن تفرضوا علينا رؤية مثل هذه الخزعبلات التي تصنوعنها باسم سينما، ياريت تفكونا منكم، بعد أن أصرختم النملة ووضعتم الفيل في المنديل وأغرقتم المركب واستهزأتم بالعلم فجئتم بسامي محل ثاني.. وكفانا تهريجاً.

جريدة القاهرة في

09/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)