حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

العار

بقلم   سمير فريد

الهجوم السينمائى الإيرانى على مصر، المتمثل فى أسبوع أفلام «الفورسيزونز» وقناة تليفزيونية لبث الأفلام الإيرانية مدبلجة إلى العربية، ودعوة وفد من صناع ونقاد السينما لزيارة إيران -هو تعبير عن نفس المعنى الذى سمعه الوفد الشعبى السياسى الذى سافر إلى إيران، وهو أن ثورة ٢٥ يناير فى مصر امتداد لثورة ١٩٧٩ فى إيران، وهو ما اعترض عليه بعض أعضاء الوفد السياسى ولم يأبه لهم أحد!

وقد طالب بعض أعضاء الوفد السياسى بتغيير اسم ميدان الإسلامبولى قاتل السادات إلى ميدان شهداء ثورة يناير، تمهيداً لعودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران، ولكن لم يأبه لهم أحد أيضاً، ومن تبسيط الأمور إلى درجة التسطيح الكامل اعتبار أن اسم ذلك الميدان هو ما يعوق عودة العلاقات بين البلدين، وما ذلك إلا مظهر من مظاهر الخلاف العميق بين سياستين، بل نظامين للحكم، كل منهما على النقيض من الآخر.

لست مع قطع العلاقات بين مصر وأى بلد فى العالم إلا فى حالة الحرب، ومصر وإيران ليستا فى حالة حرب كما هو معلوم، ولذلك أؤيد من يطالبون بعودة العلاقات حتى مع بقاء اسم الميدان، فهم أحرار فى تسمية ميادينهم، ولكن اعتبار ثورة مصر امتداداً لثورة إيران يعنى تأييد الحكم الدينى فى مصر بعد ثورتها، التى قام بها الشعب المصرى، ولم يطالب فى ثورته سوى بالحرية والديمقراطية وتداول السلطة عبر الانتخابات.

ومن الواضح لكل ذى عينين وعقل يعمل فى رأسه أن تيار الإسلام السياسى يستغل الحرية التى طالب بها شعب ٢٥ يناير للوصول إلى السلطة، وسرقة الثورة باستمرار حكم الحزب الواحد، فالتاريخ يعلمنا أن من يتحدث باسم الله سبحانه وتعالى ما إن يصل إلى السلطة حتى ينهى النظام الديمقراطى، الذى يقوم على تداول السلطة، فمن ذا الذى يثبت للمقارنة أو حتى للنقاش مع من يتحدث باسم الله أمام من يتحدث باسم ماركس أو آدم سميث أو غيرهما من البشر.

وكل سينمائى أو ناقد يلبى دعوة طهران حتى لو كان من صناع ثورة يناير هو عمليا يساهم فى سرقة الإسلام السياسى للثورة.

عار عليكم أن تذهبوا إلى بلد يدعم نظامه قتل إخوانكم فى سوريا، ويمزق العراق ولبنان، ويحتل ثلاثاً من جزر الإمارات، ولا فرق بينه وبين إسرائيل فى احتلال أراضى الغير.. عار عليكم الذهاب إلى بلد يسمى الخليج بالفارسى، ويرفض اعتباره عربياً.. عار عليكم الذهاب إلى بلد يقتل نظامه المعارضين منذ عام ٢٠٠٩، ويحكم فيه على المخرج السينمائى جعفر بناهى والمخرج السينمائى محمد راسولوف بالسجن ٦ سنوات، والمنع من العمل ٢٠ سنة، لأنهما يؤيدان ثورة ٢٠٠٩، ودعك من أن أحد أعضاء الوفد (محمد خان) هو مخرج السيرة الذاتية للسادات، الذى تمجد إيران قاتله.

المصري اليوم في

31/07/2011

 

بداية السينما الإسلامية فى مصر

بقلم   سمير فريد

٣٠/ ٧/ ٢٠١١

هناك أفلام قبطية من إنتاج الكنيسة المصرية، ولكنها لا تعرض عرضاً عاماً، وإنما داخل الكنائس، وتوزع على شرائط وأسطوانات.

هذه الأفلام الدينية ليست أعمالاً فنية بأى مقياس من مقاييس الفن، مثل المسرح الدينى فى العصور الوسطى الأوروبية، فالعمل الفنى هو الذى يعبر عن ذاتية صانعه، أما عندما يكون موجهاً لتحقيق أى غرض مسبق، بما فى ذلك الأغراض الدينية أو السياسية، فهو من أعمال الدعاية والإعلان.

بدأ إنتاج الأفلام الإسلامية منذ ثلاثين سنة فى إيران، بعد استيلاء الإسلام السياسى على الثورة الشعبية التى أطاحت بنظام الشاه، واشتركت فيها كل القوى السياسية، وهناك منطق لإنتاج أفلام قبطية بواسطة الكنيسة، ولكن ما يميز الإسلام أنه دين من دون كنيسة، ولا يخلط بين الدين والدنيا، ولا يخلط المقدس بالمدنس (السياسة).

صحيح أن بعض الأفلام الإيرانية من الأعمال الفنية، حيث تمكن عدد من المخرجين من التعبير عن رؤاهم الذاتية، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك إلا عندما قاوموا شروط أفلام الدعاية التى فرضت عليهم، وتحايلوا عليها بشكل أو آخر، ومنهم من دفع الثمن غالياً بسبب هذه المقاومة وذلك التحايل، وفى المحصلة تبدو الأفلام «الإسلامية» الإيرانية، كأنها فيلم طويل واحد، وموجه للأطفال فقط، فكل من يمثلون يرتدون نفس الأزياء، وممنوع اللمس بين رجل وامرأة، وممنوع تناول علاقة الفرد مع ذاته أو مع الآخر أو مع العالم.

وقد شاهدت مطلع يوليو ٢٠١١ أسطوانة عليها أول فيلم يعلن بداية السينما الإسلامية فى مصر، الذى تم إنتاجه بعد ثورة يناير التى قام بها الشعب المصرى ضد الديكتاتورية، ويحاول الإسلام السياسى الاستيلاء عليها، كما حدث فى إيران، الفيلم روائى مدته نحو ساعة، وعنوانه «خيط رفيع»، ومن إنتاج مركز باسم الفنون الإسلامية فى الإسكندرية، ولم أتعرف على أى اسم من أسماء العاملين فيه، ومنهم عدد كبير من المسيحيين، إلا على اسم الممثل محسن محيى الدين (إسكندرية.. ليه) الذى يقوم بالدور الرئيسى، والذى اعتزل التمثيل منذ سنوات.

نقول فيلم، لأن كل ما يصور بأى كاميرا هو فيلم من الناحية المادية، ولكن هذا العمل ليس فيلماً من الناحية الفنية، حيث يفتقد العناصر الأولية للسيناريو والإخراج والمونتاج، وغيرها من فنون السينما، فضلاً عن كونه من أعمال الدعاية والإعلان، بل إنه يثير الشكوك حول العلاقة بين صناعه وبين السينما حتى كمتفرجين، والأدهى أن المقصود من العنوان «خيط رفيع»، وهو أيضاً عنوان أغنية فى البداية تتكرر فى النهاية، أن هذا الخيط هو ما يربط بين المسلمين والمسيحيين فى مصر!

 

حق الشباب وخبرة الشيوخ

بقلم   سمير فريد

٢٨/ ٧/ ٢٠١١

لم أتول أى منصب حكومى، ولم أسافر على نفقة الحكومة غير مرة واحدة عام ١٩٧٠ بقرار من الدكتور ثروت عكاشة، عندما كان وزيراً للثقافة، لتقديم فيلم «المومياء» فى مهرجان فينيسيا، ولم ترشحنى أى جهة حكومية لأى من جوائز الحكومة، وكان ذلك من بين الوسائل التى حاولت من خلالها الحصول على أكبر قدر ممكن من الاستقلال كصحفى وكاتب يعمل فى ظل الديكتاتورية التى طالب الشعب المصرى بإسقاطها فى ثورة يناير. ولكن هذا لا يعنى أننى لم أقدم خبرتى وكل ما أعرف لمن يريد فى الحكومة المصرية، فقد شرفنى فاروق حسنى عندما تولى وزارة الثقافة باختيارى مستشاراً لصندوق التنمية الثقافية عند تأسيسه، ووافق على اقتراحى بإنشاء المهرجان القومى للسينما، وإدارة دورته الأولى عام ١٩٩١، وكان راتبى ٤٠٠ جنيه، ولكنى استقلت بعد أقل من سنة عندما شعرت بأننى لن أستطيع تقديم المزيد.

وكنت قد وافقت عام ١٩٨٥ على تولى إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى من دون أجر مثل كل من عملوا فى تلك الدورة التى أسقطها المهرجان من تاريخه من فرط النزاهة الأخلاقية، ووافقت عام ١٩٩٥ على تولى إدارة مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة، وكان أجرى ثلاثة آلاف جنيه، ووافقت عام ١٩٩٨ على تولى إدارة مهرجان القاهرة الدولى لأفلام الأطفال بعد وفاة مؤسسه سعدالدين وهبة عام ١٩٩٧ بأجر ١٥ ألف جنيه، ومرة أخرى وصلت النزاهة الأخلاقية إلى حد إلغاء كل ما تم فى دورة ١٩٩٨، بما فى ذلك شعار الجوائز، وهو سندباد من تصميم بيكار!

وقد قدمت استقالتى من المهرجانات الأربعة (القاهرة والقومى والإسماعيلية والقاهرة لأفلام الأطفال) بعد دورة واحدة فقط فى كل منها، ولم يكن ذلك لأننى «مدمن استقالات» كما وصفنى محمد خان ساخراً على مدونته، وكان الأولى أن يسخر من «مدمنى السلطة»، وإنما عندما شعرت بأننى لن أستطيع تقديم المزيد لأسباب مختلفة ليس هنا مجال تفصيلها، كما أننى من ناحية أخرى لدى مشروع نقدى هو أساس حياتى ويحتاج إلى كل وقتى وجهدى.

وعندما شرفنى الدكتور جابر عصفور باختيارى لرئاسة لجنة السينما فى المجلس الأعلى للثقافة، قدمت استقالتى عندما شعرت بأننى لن أستطيع تقديم المزيد، وعندما شرفنى الدكتور عماد أبوغازى، وزير الثقافة، باختيارى عضواً فى مجلس إدارة المركز القومى للسينما بعد ثورة يناير، نجحت مع نخبة رائعة من صناع السينما فى وضع قرار وزارى نعتقد فى صحته لشروط دعم مشروعات الأفلام، وآخر لشروط دعم مهرجانات السينما، كما قدمت ترشيحاتى لرئيس وأعضاء لجنة الدعم، ورئيس وأعضاء مجلس إدارة مشروع متحف السينما، ثم قدمت استقالتى لأننى لا أستطيع تقديم المزيد، وكذلك لأن من واجب الشيوخ تقديم خبرتهم، ولكن من حق الشباب وحدهم القيادة.

 

ملاحظات

بقلم   سمير فريد

٢٧/ ٧/ ٢٠١١

حادث محاولة سرقة سلاح حراس سفارة الجمهورية التشيكية فى القاهرة من جنود وزارة الداخلية يجب أن يجعل الوزارة تسأل: ما الذى شجع المجرمين على القيام بهذه المحاولة؟

الإجابة: منظر الجنود الذين يحرسون السفارات والبنوك وغيرها من المؤسسات، فمن النادر أن تجد منهم من يقف منضبطاً ومنتبهاً مثل جندى حراسة، وإنما هذا يأكل وذاك يشرب وثالث من دون قبعته ورابع يقوم بدور حارس للسيارات، أى أنهم فى حالة استرخاء وكأنه لا أحد يفتش عليهم.

قرأت أن التليفزيون الحكومى يعد لبرنامج باسم «مصر أولاً»، وهذا حق يراد به باطل، فكل مواطن فى أى بلد يفضل مصلحة وطنه بالفطرة، وعندما رأيت لافتات «لبنان أولاً» فى بيروت عام ١٩٧٣ تذكرت ألمانيا النازية، وإيطاليا الفاشية، وبعد عامين فى ١٩٧٥ بدأت الحرب الأهلية فى لبنان.

التقيت بالمهندس عصام عبدالهادى، رئيس شركة الصوت والضوء والسينما، لأول مرة بناءً على طلبه، فلا توجد مشكلة شخصية بينى وبينه، وإنما أطالب، مثل كل صناع السينما فى مصر، منذ عشرين سنة ويزيد، بعودة أصول السينما من أفلام ومؤسسات من وزارة قطاع الأعمال إلى وزارة الثقافة التى تملكها، لأن السينما جزء من الثقافة الوطنية فى أى بلد، ولا توجد دولة فى العالم تجعل السينما تابعة لشركة السياحة والفنادق والإسكان، فى وزارة تسمى قطاع الأعمال.

وقد قال لى المهندس «عبدالهادى» فى هذا اللقاء إنه مهندس كهرباء، ويعد رسالة دكتوراه فى تخصصه، وإنه عندما وجد نفسه مسؤولاً عن السينما لم يدّع أنه يعرف شيئاً عنها، وإنما استعان بالخبير فى السينما على أبوشادى. وقدم لى المهندس «عبدالهادى» كتاباً يثبت صحة ما يقوله، أصدرته دار الكتب والوثائق القومية عام ٢٠١٠، بعنوان «السينما والدولة»، ويحمل اسمه، ولكنه نشر فى الصفحة الأولى النص التالى:

«فجأة وجدت نفسى وسط المهمومين بصناعة السينما منتظراً الفارس على حصانه الأبيض ينقذ السينما من عثرتها، فهل أنتظر طويلاً، أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى الأستاذ الدكتور على أبوشادى، الناقد السينمائى، لتفضله بوضع رؤيته السينمائية النافذة على صفحات هذا الكتاب كواحد من أبرز رجال السينما والثقافة والفن فى عصرنا الحديث».

دور الدولة بالنسبة إلى الفنون والآداب فى النظم الديمقراطية أن تدعم إنتاج الكتب والأعمال الفنية، وليس أن تقوم بإنتاجها، ومع كل الاحترام لرئيس وأعضاء لجنة مهرجان «القراءة للجميع» الجديدة، أرى أن تتحول ميزانية المهرجان لدعم إنتاج الكتب بأسلوب جديد يتفق مع الديمقراطية التى طالبت بها ثورة يناير، بدلاً من الاحتفاظ بالهيكل القديم للنظام الديكتاتورى، وليس من الأخلاق إزالة اسم مؤسسة المهرجان، حرم الرئيس السابق، وليس من المعقول أن يستمر بعد الثورة.

 

نقابة المهن الإذاعية

بقلم   سمير فريد

٢٦/ ٧/ ٢٠١١

عاصرت بنفسى فى ثمانينيات القرن الميلادى الماضى كيف رفض صفوت الشريف، عندما كان وزيراً للإعلام، إنشاء نقابة المهن الإذاعية للعاملين فى الراديو والتليفزيون (كلاهما إذاعة، وتعبير الإذاعة والتليفزيون خطأ شائع).

كان موقف الوزير منطقياً فى نظام غير ديمقراطى، ومع ازدياد ضغوط الإذاعيين طلب الوزير من نقيب الصحفيين الراحل كامل زهيرى قبول عضويتهم فى نقابة الصحفيين على أساس أن «كله إعلام» مثل ضم هيئة الكتاب إلى دار الكتب على أساس أن «كله كتب».

رفض كامل زهيرى، ليس من أجل أن تظل نقابة الصحفيين للصحفيين، إنما لإيمانه بحق العاملين فى المهن الإذاعية فى أن تكون لهم نقابتهم، وطلب الوزير من نقيب السينمائيين الراحل سعد الدين وهبة الطلب نفسه، فوافق، ومنذ ذلك الحين لم تعد قيادة النقابة للسينمائيين، إنما للإذاعيين، وذلك، ببساطة، لأنهم أكثر عدداً.

وقد كان من الغريب ألا يطالب على بدرخان، مرشح السينمائيين فى انتخابات النقابة التى جرت فى ١٠ يوليو، بإنشاء نقابة مستقلة للمهن الإذاعية، ولم يكن من الغريب فوز مرشح الراديو والتليفزيون، وكان من الغريب أن يطالب بعض السينمائيين بالاستقالة من النقابة وتكوين نقابة جديدة، وكان الأغرب، ولايزال، أن يتمسك الإذاعيون بعضوية نقابة السينمائيين، ويتخلون عن حقهم فى إنشاء نقابتهم الخاصة.

كيف لا يدرك العاملون فى الراديو والتليفزيون أن نقابتهم سوف تكون أقوى من نقابة الصحفيين، ونقابة السينمائيين معاً، وعلى نحو لا يقارن، ليس فقط لأن عدد الأعضاء سوف يكون أربعة أضعاف عدد أعضاء النقابتين المذكورتين معاً، إنما، أساساً، لأننا الآن نعيش عصر الراديو والتليفزيون، من حيث التأثير فى «الجماهير» فى كل دول العالم.

كيف لا يدرك العاملون فى الراديو والتليفزيون أنهم الآن فى حاجة إلى تكوين نقابتهم أكثر من أى وقت مضى، وذلك مع تكاثر الإذاعات الخاصة سواء للراديو أم التليفزيون، فلم تعد الحكومة تحتكر وسائل الإعلام كما كان الأمر منذ نصف قرن ويزيد، ومن دون نقابة لن يتمكنوا من الحصول على حقوقهم من ملاّك الإذاعات الخاصة.

لقد نسى الجميع، فى ظل الديكتاتورية وحكم الحزب الواحد، الأدوار الأساسية التى قامت وتقوم النقابات من أجلها، وهى عقود العمل وساعات العمل والحد الأدنى للأجور وغيرها من الحقوق، إذ تحولت النقابات إلى ساحات للعمل السياسى فى ظل غياب الأحزاب السياسية، وقد طالب الشعب فى ثورته يوم ٢٥ يناير بالديمقراطية، التى تعنى من بين ما تعنى أن يعود للنقابات دورها الأصلى، وتصبح مواقفها السياسية على هامش ذلك الدور.

 

شهادة نائب الرئيس

بقلم   سمير فريد

٢٤/ ٧/ ٢٠١١

شهادة نائب الرئيس «المتخلى» ومدير المخابرات العامة السابق («المصرى اليوم»، ١٥ يوليو ٢٠١١)، هى أهم شهادة عن ثورة ٢٥ يناير من وجهة نظر النظام الذى قامت الثورة ضده.

تكشف الشهادة لأول مرة أن الثورة لم تكن بالتلقائية التى تصورها البعض، وإنما أعدت بواسطة الحركات السياسية المستقلة لشباب تدربوا على كيفية تنظيم المظاهرات، و«فرض الأمر الواقع» على حد تعبيره، وفيها يعترف بأن تقديرات المخابرات لأعداد المتظاهرين المتوقعة يوم ٢٥ يناير كانت خاطئة «٣٠ ألفاً بحد أقصى فى كل مدينة»، وأن الأعداد المليونية «لم تكن فى الحسبان».

وأخطر ما جاء فى شهادة النائب أن المخابرات «رصدت يوم ٢٧ يناير اتصالات بين الإخوان فى مصر وحركة حماس فى غزة»، فى إشارة إلى أن «حريق مصر» يوم ٢٨ يناير لم يكن من تدبير النظام، وهو ما أدى إلى نزول الجيش بعد ظهر ذلك اليوم، والسؤال هنا: ماذا فعلت «الدولة» عندما رصدت تلك الاتصالات، وماذا فعلت إذا كان مضمون الاتصالات «سوف نحرق مصر غداً»؟

ينفق الشعب المصرى على الجيش والشرطة عشرات المليارات منذ نصف قرن ويزيد، من أجل حمايته فى الداخل والخارج، ومع ذلك فقد فشلت قوات الشرطة والجيش فى إنقاذ الشعب من الفوضى المدمرة التى بدأت يوم ٢٨ يناير، وحتى إذا افترضنا أن ما حدث لم يكن من تدبير النظام، فهذا لا يعفى «الدولة» من المسؤولية عن وقوعه.

ما هذه «الدولة» التى يقول عنها مدير المخابرات العامة إنها «فوجئت» يوم ٢ فبراير بوقوع ما أصبح يعرف بـ«موقعة الجمل»، ويصفها بأنها «أفسدت كل شىء» بينما ثبت بالأدلة القاطعة أنها كانت من تدبير قيادات فى «الدولة»؟!

ما هذه «الدولة» التى يقول فيها مدير المخابرات العامة إنه «لا يمكن إطلاق النار على المتظاهرين السلميين إلا بأمر وزير الداخلية»، وإن «معلوماته» أن هذا الأمر «لم يصدر من الرئيس ولا الوزير» دون أن يقول من الذى أصدر الأمر إذن؟!

ألا يعنى هذا أنه لم تكن هناك «دولة» فى مصر، أو بعبارة أخرى كانت هناك بقايا «دولة» حديثة تأسست منذ مائتى عام؟ وألا يعنى هذا أن الثورة لم تهدد «الدولة» كما يقول أعداء الثورة، وإنما كشفت أنها لم تعد موجودة بالفعل؟

ثم ما معنى قول نائب الرئيس إن الرئيس سافر صباح يوم ١١ فبراير إلى شرم الشيخ، وإنه قرأ عليه بيان «التخلى» عبر التليفون، ووقعه بالنيابة عنه يوم ١٢ فبراير.. ألا يعنى هذا أن الرئيس منذ ١١ فبراير فيما يمكن اعتباره «إجازة مرضية»؟ لم يكتف ضباط يوليو بتوقيع الملك فاروق بعد اسمه فى خطاب التنازل عن العرش، وإنما طلبوا منه التوقيع ثانية أعلى الخطاب.

 

بعد أم قبل «الثورة»

بقلم   سمير فريد

٢٣/ ٧/ ٢٠١١

اليوم ٢٣ يوليو بعد ٥٩ سنة من ٢٣ يوليو ١٩٥٢، ما أشبه الليلة بالبارحة، ولنتذكر أن التاريخ عندما يبدو وكأنه يعيد نفسه يصبح فى المرة الثانية مهزلة.

عام ١٩٥٢ كان حريق القاهرة يوم ٢٦ يناير، واستهدف أساساً الفنادق ودور المسرح والسينما والملاهى الليلية، وبعده سادت الفوضى وتغيرت الحكومات وتغير الوزراء بمعدلات غير عادية، وفى يوم ٢٣ يوليو، قام الجيش والإخوان بـ«الحركة المباركة»، أى المباركة من الله سبحانه وتعالى، وكان هذا اسمها الرسمى وليس صحيحاً ما يشاع عن أن طه حسين هو الذى أطلق عليها ثورة، وإنما تمنى ذلك فى مقاله «بل نريدها ثورة».

أعلنت الحركة أن لها ستة أهداف محددة، وأيدها الشعب، ولكن لم يكن من بين هذه الأهداف إنهاء الحكم الملكى الدستورى، أو إنهاء النظام الديمقراطى القائم على تداول السلطة بين الأحزاب عبر الانتخابات، وإنما كان الهدف السادس «إقامة حياة ديمقراطية سليمة»، أى أن الشعب أيد الحركة على أساس أهدافها الستة، ولكن الجيش والإخوان كان لهما برنامج آخر للمستقبل.

عام ٢٠١١ بدأ الشعب المصرى يوم ٢٥ يناير ثورته الشعبية الثانية فى تاريخه الحديث بعد ثورة ١٩١٩، ويوم ٢٨ يناير وقع حريق القاهرة والإسكندرية والسويس وكل مصر، واستهدف أساساً مقار الحزب الواحد الحاكم منذ ١٩٥٢، وأقسام الشرطة وسرقة أسلحتها واقتحام السجون وإطلاق المجرمين منها، وفى أول فبراير بدأ نائب الرئيس أول مفاوضات رسمية مع الإخوان، وقال «إما الحوار أو الانقلاب»، أى الانقلاب العسكرى.

وفى يوم ٦ فبراير أعلنت الثورة أن لها عشرة أهداف محددة، وهى تنحى الرئيس ومحاكمته، وحل مجلسى الشعب والشورى وتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة البلاد لفترة انتقالية حسب الدستور، والإعلان عن تأسيس جمعية وطنية لوضع دستور جديد، والإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية وفقاً للدستور الجديد، وتشكيل حكومة انتقالية لتسيير الأعمال وتولى الشرطة العسكرية مهام الشرطة المدنية إلى حين إعادة هيكلة وزارة الداخلية، والتحفظ على المسؤولين السابقين ومنعهم من السفر، تمهيداً لتقديمهم إلى محاكمة عادلة، وتجميد أموالهم وأسرهم إلى حين معرفة مصادرها، وفى يوم ١٠ فبراير أعلن الجيش تأييده للثورة ووصف أهدافها بـ«المشروعة».

وفى يوم ١١ فبراير، أعلن نائب الرئيس أن الرئيس «تخلى» عن الرئاسة، و«كلف» الجيش بإدارة شؤون البلاد، وتم حل مجلسى الشعب والشورى، والتحفظ على كثير من المسؤولين السابقين ومنعهم من السفر وتجميد أموالهم ومحاكمتهم، وسادت الفوضى وتغيرت الحكومات وتغير الوزراء بمعدلات غير عادية، ولكن الجيش والإخوان كان لهما برنامج آخر للمستقبل.

 

المتعة فى شقاء المعرفة

بقلم   سمير فريد

٢١/ ٧/ ٢٠١١

فى مقاله اليومى «ألف وجه لألف عام» فى جريدة «الحياة» العربية التى تصدر فى لندن، يقدم الزميل الكاتب اللبنانى الكبير إبراهيم العريس تعريفاً بأعمال كبرى فى تاريخ الآداب والفنون والفكر والفلسفة من مختلف ثقافات العالم. وقد خصص أحدها لكتاب المفكر الفرنسى ميشيل دى مونتانى (١٥٣٣-١٥٩٢). وما إن وقعت عيناى على اسم دى مونتانى حتى تذكرت واقعة رأيت أن أذكرها هنا للأجيال الجديدة من الشباب الذين يبحثون عن المعرفة.

كان من حظى السعيد أن درست لمدة ٤ سنوات فى النصف الأول من ستينيات القرن الميلادى الماضى فى معهد المسرح بالزمالك على أيدى مجموعة كبيرة من عمالقة القرن فى مصر والعالم العربى، كانوا يستمتعون بالتدريس لمجموعة صغيرة من الطلبة والطالبات لا يزيدون على عشرين، يعرفونهم بالاسم، ويتناقشون معهم فى حديقة المعهد الذى تحول الآن إلى مبنى مجمع اللغة العربية، بل يدعونهم إلى منازلهم للغداء أو العشاء. وتأمل معى هذه الأسماء: يوسف مراد (علم النفس)، محمد مندور (مناهج النقد)، محمود مرسى (مدارس الإخراج والتمثيل)، بدر الديب (الفلسفة)، على الراعى (الأدب المسرحى)، عبدالقادر القط (الأدب العربى)، عواطف عبدالكريم (الموسيقى)، مختار التهامى (اللغة الإنجليزية)، محمد القصاص (الأدب)، صقر خفاجة (المسرح اليونانى القديم).

وكان محمد غنيمى هلال يدرس الأدب المقارن، وهو من أوفده طه حسين لينال الدكتوراه فى السوربون بباريس فى هذا التخصص، وكان جديداً على الأدب العربى. وكان من أقرب الأساتذة إلى قلبى وعقلى. وفى إحدى محاضراته قال أحد الطلبة فى سياق إجابة عن سؤال «ديكارت بتاع الشك»، فأوقف هلال المحاضرة وكان يتحدث إلينا دائماً بقوله إخوتى وأخواتى وقال لا يجوز القول ديكارت «بتاع» الشك كما تقول «بتاع» الخبز، ومن ناحية أخرى فهذا يعنى أن من يقول ذلك لا يعرف عن ديكارت إلا أقل القليل.

وقال الأستاذ وأنا أعد الأبحاث التمهيدية للدكتوراه فى السوربون، كتبت عن دى مونتانى، وهو كاتب مقالات من القرن السادس عشر الميلادى، وكتبت عبارة علق عليها أستاذى قائلاً إنها تعنى أنك لم تقرأ أعماله الكاملة، فاعتذرت وبحثت عنها، ولم أكن أملك من المال ما يكفى إلا لشراء طبعة رخيصة على ورق شفاف وبحروف صغيرة. وعكفت على قراءة الكتاب حتى لاحظت أن الأوراق تلتصق ولا أستطيع تقليب الصفحات، واكتشفت أن مياهاً تسقط من عينى، وبعد أن عولجت أصبحت أستخدم النظارة الطبية منذ ذلك اليوم. وقال ربما يقول أحدكم ولِمَ كل هذا الشقاء، ولكن يا إخوتى وأخواتى لن يعرف أحد شيئاً إلا إذا وجد متعة فى هذا الشقاء.

 

السينما المصرية بعد «الثورة»

بقلم   سمير فريد

٢٠/ ٧/ ٢٠١١

ليس من الغريب أن تضاف أحداث ثورة ٢٥ يناير إلى بعض الأفلام التجارية التى صورت قبل الثورة، فهى أفلام تجارية. وتأتى هذه الإضافات فى النهاية رغم أن الثورة بداية، تماماً كما تنتهى أغلب تلك الأفلام بالزواج رغم أنه بدوره بداية وليس نهاية.

وقد حدث هذا بعد ثورة عبدالناصر على الملك فاروق وثورة السادات على عبدالناصر، والآن يحدث بعد ثورة الشعب على مبارك الذى أعلن أنه استمرار لعبدالناصر والسادات معاً، ولكن تبين بعد ثورة ٢٥ يناير أن نظام مبارك لم يكن سياسياً بحال، لا وطنى ولا خائن للوطن، وإنما نظام «بيزنس» للتجارة فى أرض مصر وبحرها وجوها.

ولكن الجديد فى السينما المصرية بعد الثورة منع أول فيلم يعبر عنها ويؤيدها (١٨ يوماً) لأن صناعه يريدونه أن يكون من الإنتاج الجماعى، ولا يوجد فى «قانون» الرقابة هذا النوع من الإنتاج، ورغم أن الاستثناء لا يلغى القاعدة. وبذلك تم تأجيل عرض الفيلم من يونيو إلى موعد آخر ربما فى رمضان حيث تصوم الأغلبية بالنهار، ويشاهدون مسلسلات (شوربة) فى المساء (وشوربة هى الترجمة الحرفية لهذا النوع من المسلسلات كما يسمى بالإنجليزية). وهذا فضلاً عن طلب حذف ألفاظ «نابية» من أول أفلام الثورة الذى مثل مصر فى مهرجان كان، وكان خير ممثل لها وللثورة وخير معبر عن اختيار المهرجان لمصر كأول دولة ضيف فى تاريخه.

والجديد فى السينما المصرية بعد الثورة أن يعرض فيلم عنوانه «سعيد حركات: الفيل فى المنديل»، وكان ينتهى بتحية سعيد حركات إلى الرئيس مبارك، فأصبح ينتهى بتحية الشهداء فى محاكاة مبتذلة لتحية اللواء الفنجرى لشهداء الثورة فى بيان الجيش الشهير. والأدهى أن من يقوم بدور سعيد حركات الممثل الذى قال أثناء الثورة إنهم شباب يدخنون المخدرات فى ميدان التحرير ويمارسون الجنس فى خيام المعتصمين.

والجديد فى السينما المصرية بعد الثورة أن يعرض فيلم عنوانه «سامى أكسيد الكربون» من الواضح أنه كان فيلماً عن طيار مدنى «دون جوان» تتمكن طفلته من تغيير حياته. وقد كان من الممكن أن يكون فيلماً مسلياً للأطفال رغم هزاله الفنى، ولكن بعد الثورة تم تعديل مشهد قبل العناوين لطيار مصرى مدنى يغلق كابينة القيادة، فيهتف الركاب: «الشعب يريد فتح الكابينة»، سخرية من شعار الثورة، وعندما تفتح نجده يداعب أربع مضيفات. وتستمر السخرية طوال الفيلم حتى نهايته. والغريب حقاً أن يقوم هانى رمزى بتمثيل دور ذلك الطيار، رغم أنه هاجم الديكتاتورية فى أكثر من فيلم قبل الثورة، بل وكان من خطباء ميدان التحرير، والأغرب أن مخرجه «أستاذ» فى معهد السينما.

 

ما هو التليفزيون؟

بقلم   سمير فريد

١٩/ ٧/ ٢٠١١

أحياناً أسأل نفسى لو لم تكن هناك أفلام مصرية روائية طويلة منذ عام ١٩٢٧، ويصل عددها إلى نحو أربعة آلاف، ماذا كانت قنوات التليفزيون سوف تعرض على مدار ٢٤ ساعة كل ٢٤ ساعة؟ وماذا كان من الممكن أن يكون موضوع نحو ٢٥ فى المائة من برامج التليفزيون، ومن كانت البرامج المختلفة سوف تستضيف وأغلبية ضيوفها من نجوم السينما؟

نعم، التليفزيون المصرى جعل تاريخ السينما حياً بعد أن كان لا يعرض سوى فى المتاحف، ولكن التليفزيون لم يكن من أجل السينما.

وأحياناً أسأل نفسى: كيف تتسابق القنوات فى إنتاج برامج عن أقوال الصحف، وتبدأ أغلب برامج الحوار مع المشاهدين (التوك شو) بأقوال الصحف. صحيح أنها قد تروج للصحف أو على العكس تدفع المشاهد إلى عدم شرائها مادام يعرف من التليفزيون أهم ما نشر فيها، ولكن التليفزيون لم يكن من أجل الصحف سلباً أو إيجاباً. وصاحب الملكية الفكرية لبرامج أقوال الصحف هو مذيع التليفزيون الرائد حمدى قنديل الذى كان يقدم برنامج «أقوال الصحف» مع بداية التليفزيون فى مصر عام ١٩٦٠.

كل الصحف الورقية (أو النباتية حسب المفكر الإيطالى أومبرتو إيكو حيث إنها تصنع من أخشاب الأشجار) تعانى من سبق التليفزيون فى إذاعة الأخبار بعد دقائق من حدوثها، والآن مع الكمبيوتر والموبايل بعد ثوان من حدوثها، (وكلها عند إيكو الصحافة المعدنية حيث تصنع من المعادن). كل الصحف تعانى من المنافسة فى كل دول العالم ما عدا فى مصر، فالصحف تسبق التليفزيون، بل يعتمد عليها التليفزيون فى الحصول على سبق صحفى يتوقف على موعد إذاعة البرنامج، ومدى سرعة المذيع فى الحصول على الطبعات الأولى.

وهذا الفشل الذريع للتليفزيون الحكومى فى مصر يرجع إلى حاجة الإدارة إلى موافقات لإذاعة الأحداث أو عدم إذاعتها، ولذلك لا ينقل الحدث وقت وقوعه. ولا يختلف الأمر كثيراً مع التليفزيون غير الحكومى مع الأسف، وهذا لا يحدث إلا فى مصر.

إنه تليفزيون لا ينتج الأفلام ويكون عرضها على شاشته العرض الأول، وإنما يذيع ما سبق عرضه منها، ولا ينقل الأحداث فور وقوعها بالصورة، وإنما يعلق عليها بالكلمة بعد حدوثها مثل الراديو.

 

«المسافر» على رصيف الانتظار

بقلم   سمير فريد

١٨/ ٧/ ٢٠١١

حدثنى جابى خورى تليفونياً، وقال إن دور عرض «سيتى ستارز»، التى يديرها، لم تعرض فيلم كينيث برانا الجديد الذى أشرت إلى إيقاف عرضه رغم استمرار نشر الإعلان عن عرضه، وإنما حدث ذلك فى دور عرض «سيتى سنتر»، فاعتذرت إليه عن الخطأ.

وسألت جابى عن عرض فيلم «شجرة الحياة» إخراج تيرانس ماليك الذى فاز بالسعفة الذهبية فى مهرجان «كان» هذا العام، وأعلن عن عرضه فى مصر يوم ٢٩ يونيو، فقال إن موزع الفيلم تراجع بعد أن شاهده لأنه يعتقد أنه لخاصة الخاصة، ولن يحقق أى إقبال.

والحقيقة أن سوق السينما فى مصر أصبحت أكثر أسواق العالم فوضى من دون أى مبالغة، فالأفلام تعرض أو لا تعرض حسب عدد الزبائن، والأسعار ترفع أو لا ترفع حسب معايير غامضة، ويتوقف عرض الأفلام فى استراحة إجبارية مخترعة لبيع المرطبات، مثل حلقات السينما الصامتة التى نقرأ عنها، ولا أحد يمنع الموبايلات أثناء العروض، ومن الممكن إيقاف التكييف بعد بدء العرض، وفى الغالب تعرض الأفلام ناقصة وليس كما صنعها أصحابها بعد أن تمر على الرقابة، وليس من الممنوع دخول الأطفال حتى الرضع، وليس من الممنوع أن يشاهد الأطفال أفلاماً للكبار فقط، ناهيك أن تدفع ثمن كيلو لحم وتجلس على مقعد للتعذيب، وناهيك عن رداءة الصوت والصورة، فما هو الشىء الثالث.

كل هذا تحت سمع وبصر غرفة «صناعة» السينما، وأضع كلمة «صناعة» بين قوسين عن عمد، والأغرب أنهم دائماً يشكون من غياب الجمهور، وكأنه يحصل على حقوقه مقابل ما يدفعه.

وأغبى المقولات التى يتصور أصحابها أنهم أذكياء وتجار «شاطرين» الحكم المسبق على مدى إقبال الجمهور على هذا الفيلم أو ذاك. وأذكر أن موزعاً قال لى ذات يوم لن أعرض «الطوق والإسورة» فى بنى سويف فلن يشاهده أحد، فقلت له على أى أساس حكمت بأن أهالى بنى سويف ولدوا ضد «الطوق والإسورة». وهذه المقولة الغبية تؤدى، فى حالة الاضطرار إلى عرض الفيلم، إلى تقليل عدد النسخ وميزانية الإعلان على نحو يجعل الفشل حتمياً.

وهذا ما يحدث الآن مع فيلم «المسافر» إخراج أحمد ماهر وإنتاج وزارة الثقافة الذى عرض فى مسابقة مهرجان فينسيا عام ٢٠٠٩، وأعلن عن عرضه فى يوليو ٢٠٠١ أو بالأحرى التخلص منه لأنه من الأفلام ذات المستوى الفنى الرفيع. والأدهى أن الرقابة تطلب الحذف منه، وتريد أن تحذف المشهد الرئيسى، أو حجر الأساس الذى من دونه يتحول الفيلم إلى مشاهد غير مفهومة ولا للمخرج نفسه.

 

لأول مرة فى التاريخ: اقتلاع حنجرة فنان سورى لأنه يغنى للحرية

بقلم   سمير فريد

١٧/ ٧/ ٢٠١١

لو لم أكن أؤمن بأن كل شعوب الأرض سواسية، رغم اختلاف الثقافات من حيث وجود الأخيار والأشرار، ووجود العناصر المشتركة بين البشر جميعاً، لقلت إن شعب سوريا هو أعظم شعوب الأرض، ولو لم أكن أؤمن بأن كل إنسان فى هذه الدنيا يتوق للحرية: حرية الفكر والعمل والحياة، حيث يريد وكما يرغب، لقلت إن ثورة شعب سوريا من أجل الحرية أعظم ثورات التاريخ.

دعك من النقاش حول تعريفات الثورة، ودعك من حسابات الغرب والشرق التى تظهر الوجه الآخر للإنسان فى أسفل سافلين، ودعك من المقارنة بين ثورة سوريا وثورتى اليمن وليبيا. نعم دماء شهداء الحرية غالية ولها القيمة نفسها فى كل مكان، لكن شعب ليبيا لا يواجه جيش ليبيا، وإنما مرتزقة القذافى، وشعب اليمن لا يواجه جيش اليمن، وإنما حراس صالح، أما شعب سوريا فهو يواجه جيش سوريا الذى أصبح جيش بشار وليس جيش الوطن. وحلف الناتو العسكرى يساعد ثوار ليبيا، وقبائل اليمن تساعد ثوارها، والكاميرات تتابع ما يحدث فى ليبيا واليمن، لكن شعب سوريا يواجه الدبابات والطائرات والمدافع طوال الليل والنهار، وممنوع الاقتراب أو التصوير.

أثناء حكم صدام حسين للعراق الذى قام ببناء ٧٢ قصراً، وأحاط صورته بأسماء الله الحسنى الـ٩٩، وكان يحتفل بعيد ميلاده فى عربة من الذهب الخالص، وبغداد دون صرف صحى حديث، وصلتنى نشرة منظمة العفو الدولية، وكان العنوان الرئيسى «لأول مرة فى التاريخ: تعذيب رضيع فى العراق»، وكان المقصود إطفاء السجائر فى جسده أمام والده المعتقل. ولأول مرة فى التاريخ أيضاً قامت قوات بشار فى سوريا باقتلاع حنجرة إبراهيم قاشوش مغنى ثورة سوريا فى حماة وقتله وألقى جثمانه فى نهر العاصى. وهكذا يدخل حزب البعث بشقيه العراقى والسورى التاريخ.

والواضح أن أغلب المعلقين ينسون أن سفاح اليمن هو بعثى بدوره، وانظر إلى صورته وهو يعالج فى السعودية من محاولة اغتياله، وقد احترق وجهه ويغطى رأسه وجسده بالكامل، ويداه ملفوفتان بالكامل، ومع ذلك يصر على البقاء فى السلطة. فى كل مجتمع فى العالم سلطة حاكمة، لكنها لا تتحول إلى مرض لا شفاء منه إلا عندما تكون سلطة مطلقة، وليس هناك من حل سوى الديمقراطية، لإنقاذ الشعوب من هؤلاء الحكام المرضى.

 

مكتبة الإسكندرية وذلك الحساب «السرى»

بقلم   سمير فريد

١٦/ ٧/ ٢٠١١

نشر سمير غريب فى «الأخبار»، فى إطار حملته ضد إدارة مكتبة الإسكندرية ومديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين، أن مَن يدافعون عنه هم مستشاروه الذين يتقاضون «أموالاً طائلة». وطالب بإعلان كشوف برواتب وامتيازات المستشارين.

إننى مستشار المكتبة لشؤون السينما، ودافعت عن مديرها، ولكنى أؤيد سمير غريب فى ضرورة الإعلان عن كشوف رواتب وامتيازات المستشارين. وقد فكرت بالطبع قبل الدفاع عن الدكتور سراج الدين أن شهادتى قد تكون «مجروحة» لأننى فى المكتبة، ولكنى لا أتردد فى قول الحق كما أراه، وذلك ببساطة لأننى مستعد للمحاسبة عن كل جنيه حصلت عليه من المكتبة، ومستعد للمحاكمة إذا كان هناك جنيه واحد دون وجه حق.

أكبر دليل على نزاهة الدكتور سراج الدين براءته من العلم بوجود حساب المكتبة «السرى» الذى وصل إلى ١٤٥ مليون دولار أمريكى، وذلك بعد أن أدلى بشهادته فى هذه القضية أمام النيابة العامة. والدليل الثانى أنه لم يسئ على أى نحو إلى السيدة سوزان مبارك التى كانت ترأس مجلس أمناء المكتبة نيابة عن رئيس الجمهورية، وإنما عبّر عن دهشته من وجود الحساب السرى.

حساب مكتبة الإسكندرية «السرى» كان تبرعات من أجل الثقافة، ولا أحد يملك الحق القانونى، فضلاً عن الحق الأخلاقى، فى ألا تنفق هذه الأموال على دعم الدولة للآداب والفنون بواسطة المكتبة، أو بواسطة وزارة الثقافة، أو أى جهة. ومن شأن إنفاق هذا المبلغ على دعم الآداب والفنون إحداث نهضة ثقافية كبرى فى مصر.

من رسائل كبار القراء

كل مَن لا يكتفى بالشاشات الثلاث: التليفزيون والكمبيوتر والموبايل، ومازال يقرأ، هو من «نخبة الإنسانية» فى هذه الأيام. ورسائل القراء أو «النخبة» المصرية أغلبها تعليقات عابرة بالقبول أو الاعتراض، ولها احترامها أيا كانت، ولكن هناك رسائل أطلق عليها «رسائل كبار القراء» كما نقول «كبار الكُتَّاب»، وأحدثها الرسالة التالية من محمد عبدالفتاح السرورى:

(قرأت مقالك فى «صوت وصورة» عدد ٧/٧/٢٠١١، وأود أن أعقب عليه بأن أؤكد لك أن المشكلة تكمن فى بنية المجتمع مثلما كانت كامنة فى بنية النظام. لقد قام المجتمع بالثورة على نظام حكم، ولكننا جميعا اليوم فى أمسّ الحاجة لكى نثور على النسق. هذا النسق الاجتماعى والأخلاقى العام الذى يشكل بالفعل المعضلة الحقيقية فى بلادنا المنكوبة. احتاج المصريون ثمانية عشر يوما ليغيروا نظام حكم، ترى كم سيحتاجون ليغيروا نسق تفكير وأسلوب حياة، هذا إذا كانت القضية مطروحة أساسا، وأنا لا أعتقد أن المجتمع المصرى فى نيته الثورة على نسقه العام فى هذه المرحلة على الأقل. أسئلتك صادقة ومملوءة بالمرارة والإحساس بالمشكلة. يا ويل من شعر بالمشكلة وسط أناس لا يشعرون أساساً بأن ثمة مشكلة، فتصبح المشكلة هى إقناعهم بأن هناك مشكلة. هل رأيت مشكلة أكبر من ذلك؟).

 

صدام حسين والمخرجون الثلاثة

بقلم   سمير فريد

١٤/ ٧/ ٢٠١١

كانت أشهر ثلاثة أسماء من مخرجى السينما المصرية خارج مصر فى الستينيات من القرن الميلادى الماضى هم: صلاح أبوسيف، ويوسف شاهين رحمهما الله، وتوفيق صالح، متعه الله بالصحة والعافية. ربما كان بركات وكمال الشيخ وغيرهما أفضل من الثلاثة، ولكننا كنا نعيش فى عصر الأيديولوجيات، وما أدراك ما عصر الأيديولوجيات.

ويبدو أن صدام حسين وطارق عزيز (جوبلز رئيس العراق المشنوق) أرادا أن يصنع المخرجون الثلاثة أفلاماً عراقية، وقد نجحا مع أبوسيف وصالح، ولكنهما فشلا مع شاهين، لأن العرض الذى قدم له، كما قال لى بنفسه، كان فيلماً عن هارون الرشيد فى وقت كان يصنع فيه أفلام سيرته الذاتية، وكان تعبيره بالنص: «لم أكن أستطيع العودة إلى أفلام العمائم والقصور الباذخة والجوارى والعبيد».

فى نهاية السبعينيات، وقبل أن تبدأ حرب صدام ضد إيران عام ١٩٨٠، أخرج أبوسيف «القادسية» عن الفتح الإسلامى للعراق، وأخرج صالح «الأيام الطويلة» عن حياة صدام حسين فى شبابه، عندما حاول اغتيال عبدالكريم قاسم، رئيس العراق عام ١٩٥٨. وبعد أن بدأت الحرب ضد إيران أطلق عليها صدام «قادسية صدام»، ولكن أبوسيف استنكر ذلك وقال إنه ولا غيره كان يعرف بمقدم تلك الحرب، وأن فيلمه استخدم فى الدعاية من دون أن يدرى، وكان أبو سيف على حق تماماً فيما يقول.

لم يكن صدام حسين فى ذلك الوقت قد كشف عن حقيقته الدموية المخيفة، ولم يكن قد قتل الملايين من العراقيين والإيرانيين، وأدى حكمه إلى هروب الملايين من العراقيين إلى المنافى، ومنهم أغلبية «المثقفين» فى البلد الذى قال عنه طه حسين: «أما عن العراقيين فبين كل شاعر وآخر ثالث فاشل». حتى لطفى الخولى، رحمه الله، الكاتب المناضل الشجاع الذى اعتقل فى عهود مختلفة أصدر كتاباً بعنوان «هكذا تكلم صدام حسين».

كل ما سبق وغيره من الممكن أن يقوله توفيق صالح فى تفسير وتبرير صنع «الأيام الطويلة»، ولكنه قال فى جريدة «الأهرام» عدد أول يوليو ٢٠١١ النص التالى: «سألت صدام حسين عن رأيه فى الاغتيال السياسى، فقال: (أنا لست قاتلاً).. احترمت اتساقه مع نفسه، فهو ليس مخادعاً وهو شخص واضح، وفى نظرى قدم لشعبه الكثير». وقال: «أما الممثل الذى قام بالدور فقد تزوج ابنة صدام، وهو أحد الشقيقين اللذين أطلق عليهما صدام النار لهروبهما إلى الأردن»!!

 

«أخبار الأدب» الجديدة أولى صحف ما بعد الثورة

بقلم   سمير فريد

١٣/ ٧/ ٢٠١١

كان من أهم الأحداث الثقافية بعد ثورة يناير، التى تؤكد أنها ثورة وأنها انتصرت، بغض النظر عن كل التعريفات الأكاديمية لـ«الثورة»، انتخاب الكاتبة والناقدة والصحفية المتميزة عبلة الروينى رئيساً لتحرير جريدة «أخبار الأدب» الأسبوعية التى تصدر عن دار أخبار اليوم. وكان من أهم ما قامت به بعد أن تولت هذه المسؤولية تغيير الإخراج الفنى للجريدة، أو «الماكيت» الرئيسى، وإسناد هذه المهمة إلى المصمم محمد جمعة، الذى أثبت بالإخراج الجديد أنه يملك عيناً موهوبة حقاً، وأن جينات والده فنان الكاريكاتير الكبير جمعة ممتدة إليه بوضوح.

الشكل ليس مسألة ثانوية كما يتصور البعض، فهناك صحف ومجلات تنشر الكثير من المقالات والدراسات القيمة، ولكنها لا تقرأ، أو بالأحرى لا تشجع على القراءة، أو على الأقل تنزعج وأنت تقرأها، ويبدو أن البعض لا يصدق بوجود تلوث بصرى وتلوث صوتى تماماً مثل تلوث الهواء. وتبدو براعة جمعة الابن فى أنه أحدث تغييراً جذرياً، ولكن دون أن يغير الورق والطباعة. فالورق فقير والطباعة الفقيرة ربما كانت فى الأصل قراراً إدارياً يستند إلى أن الأدب ليست له جماهيرية السينما أو التليفزيون، ولكنه من حيث لا تقصد الإدارة كان القرار الصائب، فقد جعل ثمنها جنيهاً واحداً، وليست القيمة فى الورق المصقول والألوان المتعددة.

وقد استطاع مؤسس ورئيس تحرير «أخبار الأدب» الأديب والروائى جمال الغيطانى أن يجعل منها امتداداً للمجلات التى ساهمت فى صنع تاريخ الأدب العربى فى القرن العشرين الميلادى مثل «الرسالة» فى مصر و«الآداب» فى لبنان، وذلك باهتمامها بالأدب العربى من المحيط إلى الخليج. ولو كان لدينا أسلوب آخر فى التوزيع غير الأسلوب العقيم السائد لوصل توزيع «أخبار الأدب» إلى مليون نسخة على الأقل فى مختلف بلاد العالم العربى.

ولا تقل «أخبار الأدب» الجديدة ثورية فى المضمون. وليس هذا تقليلاً من جهد الزميل مصطفى عبدالله الذى تولى رئاسة التحرير فى المرحلة الانتقالية بين الغيطانى والروينى، ولكن سياسته كانت تقليدية، ومستمدة من خبرته فى العمل فى الصفحات الثقافية فى الجرائد اليومية.

مرحباً بأولى صحف ما بعد الثورة، التى يصدر عددها الألف بعد أقل من عامين إن شاء الله.

 

الوطنية الدستورية الديمقراطية

بقلم   سمير فريد

١٢/ ٧/ ٢٠١١

وثيقة الأزهر التى صدرت يوم ٢٠ يونيو ٢٠١١ هى أهم وثيقة فكرية عبرت عن ثورة يناير، وواجهت الثورة المضادة التى قادها طارق البشرى على الصعيد الفكرى بقوله إن مصر فى حاجة لاستكمال إسلامها، مستخدماً رغبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى التوفيق بين الشرعية الثورية والشرعية القانونية.

جاءت وثيقة الأزهر، لتؤكد أن مصر كاملة الإسلام منذ ألف عام ويزيد، وأنها بعد ثورة يناير فى حاجة إلى دولة «وطنية دستورية ديمقراطية». وبذلك يعود الأزهر إلى دوره الثورى الذى تجسد منذ مائتى عام، عندما قاد المقاومة ضد الاحتلال الفرنسى، والتى استمرت ثلاث سنوات دون أن تتوقف ليلة واحدة، وانتهت بتحرير مصر وانتخاب الأزهر محمد على، ليؤسس الدولة المصرية الحديثة.

تعبير الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية هو الأصح، فالاختيار بين الدولة المدنية والدولة الدينية قد يعنى، عند البعض، أن المدنى ضد الدينى، أما القول بأن الاختيار الثالث هو الدولة العسكرية فهو قول غير صحيح، لأن الجيش يحكم منذ ١٩٥٢ حتى أعلن المجلس العسكرى نهاية حكمه بعد ثورة ٢٠١١.

لقد تغيرت الدنيا بعد سقوط جدار برلين منذ عشرين سنة، وأصبح هدف كل شعوب العالم أن تعيش فى دول وطنية دستورية ديمقراطية تتداول فيها الأحزاب السلطة عبر الانتخابات. لكن ظل الفكر العربى كما هو، منذ نحو مائة عام ينقسم إلى أربعة اتجاهات: القومية من جامعة الدول إلى الوحدة البعثية بقوة السلاح، والإسلام السياسى من الإخوان إلى القاعدة، والاشتراكية من رأسمالية الدولة إلى الشيوعية ـ وكلها اتجاهات شمولية ـ والاتجاه الرابع هو الديمقراطية.

وفى هذه السنوات العشرين ولدت أجيال جديدة فى مصر والعالم العربى، هى اليوم بين العشرين والثلاثين من العمر، وتشكل أكثر من نصف سكان الدول العربية، وهى التى تقود الثورات عام ٢٠١١.

وهى التى تعيش عالم ما بعد الحداثة بفضل الثورة التكنولوجية فى الاتصالات والمعلومات. والمشكلة الآن أن الحوار يدور بين أجيال التقسيم الرباعى للفكر العربى وأجيال الثورة الجديدة، ولذلك يبدو مثل حوار الطرشان.

إنهم يعجزون عن استيعاب فكر شباب الثورة الذى يؤمن باتحاد العرب خارج القومية، وبالعدالة الاجتماعية خارج الاشتراكية، وبالأديان خارج السياسة، وبالديمقراطية خارج كل النماذج الأجنبية، تماماً كما يعجزون عن استيعاب وجود ثورات لا تسعى إلى السلطة، وإنما تريد أن تراقبها.

 

عن دعم مشروعات الأفلام والمهرجانات

بقلم   سمير فريد

١١/ ٧/ ٢٠١١

وصلتنى مذكرة من الباحثة الأكاديمية فى شؤون السينما، الدكتورة فيولا شفيق، وهى أيضاً مخرجة سينمائية مستقلة، عن شروط دعم مشروعات الأفلام فى وزارة الثقافة، وذكرت أنها وضعتها استناداً إلى خبرتها فى لجان تحكيم الدعم فى مهرجان «برلين» الدولى ومهرجان «دبى» الدولى وغيرهما من المهرجانات والمؤسسات الدولية والعربية، وهو ما أعرفه ويعرفه كل صناع السينما والمهتمون بشؤونها، فهى خبيرة بكل معنى الكلمة.

قالت الدكتورة فيولا شفيق، إنها ناقشت المذكرة مع الدكتور محمد كامل القليوبى، والدكتور مجدى عبدالرحمن، وفنان السينما الكبير، داوود عبدالسيد، من أعضاء لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، كما ناقشتها مع السينمائيين المستقلين كريم حنفى وأحمد حسونة وأحمد شوقى والناقد عصام زكريا، غيرهم.

وقد أصدر مجلس إدارة المركز القومى للسينما بالفعل شروط دعم مشروعات الأفلام، وأعلن فى الصحف عن فتح باب التقدم من أول يوليو إلى ١٥ أغسطس، وتضمنت هذه الشروط العديد مما جاء فى مذكرة الدكتورة فيولا شفيق، فهذه الشروط متعارف عليها فى أغلب دول العالم، وإن اختلفت فى بعض التفاصيل، وقد صدر بها قرار وزارى كما جاء فى الإعلان، وفى انتظار رأى الدكتورة فيولا ومن تشاورت معهم فى الشروط الجديدة.

يعقد مجلس إدارة المركز القومى للسينما اجتماعاً واحداً كل شهر، وقد عقد ثلاثة اجتماعات منذ تأسيسه فى أبريل ومايو ويونيو، وأهم القرارات التى توصل إليها واعتمدها وزير الثقافة، الدكتور عماد أبوغازى، هى إعادة هيكلة المركز، وشروط دعم مشروعات الأفلام، وشروط دعم مهرجانات السينما مع حل اللجنة العليا للمهرجانات، وإعادة أصول السينما التى تملكها وزارة الثقافة -من مؤسسات وأفلام- من شركة الفنادق فى وزارة قطاع الأعمال.

وبالطبع يمكن لمن يهمه الأمر الاطلاع على شروط دعم مشروعات الأفلام ومهرجانات السينما بطلبها من إدارة المركز. وليس صحيحاً أن مجلس إدارة المركز قرر إلغاء مهرجانات السينما، أو استبعاد أى من العاملين فيها، وإنما قرر ألا تنظم وزارة الثقافة أى مهرجان للسينما، وإنما تنظمه جمعيات أهلية أو مؤسسات مدنية تختار من تشاء للإدارة من رئيس المهرجان إلى أعضاء اللجان وكل العاملين، وأن تكتفى الوزارة بدعم المهرجانات تماماً، مثل دعم مشروعات الأفلام، وذلك اتساقاً مع النظام السياسى الديمقراطى الجديد الذى طالب به الشعب فى ثورة ٢٥ يناير، واستجابة مباشرة للبيان الذى أصدره المشاركون فى مهرجان الإسماعيلية العام الماضى، وطالبوا فيه باستقلال المهرجان عن وزارة الثقافة.

 

ما حدث وما تقرر أن يحدث

بقلم   سمير فريد

١٠/ ٧/ ٢٠١١

نشرت، أمس، مطالب ثورة ٢٥ يناير العشرة التى أعلنت يوم ٦ فبراير، وأعلن الجيش يوم ١٠ فبراير فى بيانه الأول أنه يؤيدها، وأنها مشروعة، عشية «تخلى» الرئيس يوم ١١ فبراير، والذى أعلنه نائبه، وأعلن أن الرئيس «كلف» الجيش بإدارة شؤون البلاد، وطالبت القارئ بأن يتأمل ماذا حدث منذ ٦ فبراير حتى اليوم؟

وكان المطلب الثالث «تولى رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة البلاد لفترة انتقالية، والإعلان عن تأسيس جمعية وطنية لوضع دستور جديد للبلاد»، وذلك إعمالاً للدستور القائم، أى أنه مطلب قانونى يحترم الدستور.

وكان المطلب العاشر «الإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية وفقاً للدستور الجديد حال الانتهاء منه».

وخلاصة المطالب العشرة الواضحة إسقاط النظام ومحاكمة المفسدين والمجرمين ولصوص المال العام (أرضاً وبحراً وجواً) والتأسيس لنظام جديد.

وقد نشرت «المصرى اليوم»، أمس، تصريحاًَ للعلامة الطبيب محمد غنيم، منسق الوطنية للتغيير فى المنصورة، والجدير بجائزة نوبل للطب أو السلام، أو الجائزتين معاً، بأن خطأ الثورة هو التوقف عن المظاهرات بعد تخلى الرئيس، وهنا أختلف مع هذا العلم الكبير من أعلام مصر، والدنيا، لأن المظاهرات توقفت بناء على البيان الأول للجيش، الذى أيد مطالب الثورة واعتبرها مشروعة، ولأن الشعب يثق فى الجيش دائماً وأبداً إن شاء الله.

قال الرئيس عند اندلاع الثورة ودعوتها «إسقاط النظام» إن البديل لنظامه (الفوضى وحكم الإخوان)، وطالب بأن يبقى حتى نهاية مدته الدستورية فى سبتمبر. وقد تحقق له هذا بتحديد ٣ أغسطس، فى رمضان، لبدء محاكمته، ومن المؤكد أن المحامى سوف يطلب التأجيل إلى نهاية سبتمبر، فضلاً عن الدموع التى سوف تذرف كما فى الأفلام الهندية لمحاكمة رئيس تجاوز الثمانين من العمر، وهو صائم.

وفى يوم ٢٨ يناير قام النظام بسحب الشرطة من المجتمع وإطلاق المجرمين المدانين المحكوم عليهم من السجون فوقعت الفوضى ولاتزال مستمرة، وكأن الجيش والشرطة معاً لا يستطيعان مواجهة «البلطجية»، وتحقق الشق الأول من خطة النظام المعلنة (الفوضى)، وقام الرئيس بتعيين مدير المخابرات العامة نائباً له، وبدأ النائب فى الأول من فبراير المفاوضات مع الإخوان، وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد أنها تفاوضت معهم أيضاً، والأرجح أنها تمت فى الفترة نفسها.

وقام الإخوان بتعديل الدستور، ووضع إعلان دستورى، وإجراء الانتخابات التشريعية، وتكليف مجلس الشعب الجديد بوضع الدستور الجديد، ثم إجراء الانتخابات الرئاسية، على النقيض تماماً من المطلب العاشر للثورة، وبذلك يتحقق الشق الثانى من خطة النظام المعلنة (حكم الإخوان) وما مظاهرات ٨ يوليو إلا للحيلولة دون نجاح هذا الفيلم من أفلام الرعب.

 

ويقولون إنها كانت ثورة بلا برنامج

بقلم   سمير فريد

٩/ ٧/ ٢٠١١

فى يوم الأحد ٦ فبراير ٢٠١١، وفى ميدان التحرير وسط الملايين أثناء ثورة ٢٥ يناير، ظهرت شخصية مصر الحضارية فى أعمق وأجمل وأقوى وأوضح صورها عندما أقيم قداس مسيحى على أرواح شهداء الثورة، وأقيمت فى الوقت نفسه صلاة الغائب الإسلامية على أرواحهم التى ضحوا بها من أجل الحرية.

وفى هذا اليوم التاريخى نفسه بحق علقت على أكبر عمارات ميدان التحرير أضخم لافتات الثورة، التى كتبها خطاط محترف، وحددت مطالب الثورة فى عشر نقاط، هى برنامج سياسى كامل (لا أحب استخدام تعبير خارطة طريق، الذى ابتدعته الإدارة الأمريكية، فهو تعبير غامض وملتبس، وأفضل كلمة برنامج).

أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى بيانه الأول يوم الخميس ١٠ فبراير تبنيه مطالب الثورة، ووصفها بـ«المشروعة». وفيما يلى النص الكامل للمطالب، أو برنامج الثورة وخطتها للمستقبل، وللقارئ أن يتأمل ماذا حدث من ٦ فبراير حتى اليوم:

١- رحيل مبارك وتنحيه بالكامل عن السلطة، تمهيداً لتقديمه لمحاكمة عادلة تحقق فيما ارتكب طوال سنوات حكمه الثلاثين من انتهاكات للقانون والدستور وحقوق الإنسان بوصفه رأس النظام.

٢- حل مجلسى الشعب والشورى المزورين.

٣- تولى السيد رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة البلاد لفترة انتقالية، والإعلان عن تأسيس جمعية وطنية لوضع دستور جديد للبلاد.

٤- تشكيل حكومة انتقالية لتسيير الأعمال.

٥- تولى الجيش حفظ الأمن والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.

٦- تولى الشرطة العسكرية مهام الشرطة المدنية لحفظ النظام فى البلاد.

٧- عزل قيادات الشرطة ومدراء الأمن وقيادة أمن الدولة والأمن المركزى، ووضع ضباط وجنود الشرطة تحت تصرف الشرطة العسكرية.

٨- التحفظ على المسؤولين السابقين ومنعهم من السفر تمهيداً لتقديمهم لمحاكمة عادلة.

٩- تجميد أموال المسؤولين السابقين وأسرهم لحين معرفة مصادرها.

١٠- الإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية وفقاً للدستور الجديد حال الانتهاء منه.

 

ضع أنت الإجابة

بقلم   سمير فريد

٧/ ٧/ ٢٠١١

أليست الدعوة إلى زرع مليون شجرة أفضل عند الله من الدعوة إلى إطلاق مليون لحية؟

ما معنى أن ينشر فى الصفحة الأولى من أعرق الصحف اليومية الصادرة بالعربية أن هناك ٨٠ ألف قطعة سرقت من المتحف الإسلامى بالقاهرة (نعم ثمانون ألف قطعة ولا يوجد أى خطأ مطبعى)، ثم يتم تكذيب الخبر فى اليوم التالى؟!

ما عدد القصور والفيلات التى هدمت بالمخالفة للقانون فى كل أنحاء مصر فى وجود المحافظات والمجالس المحلية وجهاز التنسيق الحضارى؟!

لماذا يؤخذ على وزير الخارجية الجديد محمد العرابى أنه عمل أربع سنوات فى سفارة مصر فى إسرائيل، ويؤخذ على عز الدين شكرى، أمين المجلس الأعلى للثقافة، أنه عمل فى نفس السفارة مدة عامين؟ أليست سفارة مثل كل سفارات مصر فى كل الدول؟!

لماذا لا تنشر كل الصحف والقنوات التليفزيونية مصادر تمويلها، والميزانية السنوية لكل منها، مثل البنوك؟ أليست مسؤولة عن توجيه الرأى العام فى المجتمع؟

أليس التمويل «الخارجى» يعنى أنه يأتى من «خارج» مصر؟، وهل هناك فرق بين التمويل من السعودية والتمويل من بلجيكا أو أى بلد. أم أن هناك، على سبيل المثال، تمويلاً حلالاً للتطرف الدينى وتمويلاً حراماً لمؤسسات وجمعيات حقوق الإنسان؟!

من الذى يحدد أجر كشف الطبيب وأجر العمليات الجراحية فى مصر، وهل يستوى الطبيب الذى قام بألف عملية مثلاً نجحت منها عشر مع الطبيب الذى أجرى ألف عملية نجحت منها تسعمائة؟ ولماذا لا يحصل كل مواطن على إيصال من العيادة بالمبلغ الذى دفعه، وتكون هناك صورة أخرى من نفس الإيصال لتحصيل الضرائب؟

متى يصبح «الشارع لنا» حقاً؟ كل جزء من كل شارع فى مصر له صاحب تدفع له عندما تجد مكاناً لسيارتك، وهو لا يفعل أى شىء، ولا يضمن سلامة سيارتك، أو عدم سرقة أى شىء منها، أو حتى سرقتها كلها. وفى كل الشوارع أحجار وصناديق وعوائق مختلفة لمنع السيارات من الوقوف. كان هذا قبل الثورة، ولكنه يستمر بعدها أيضاً.

أليس من الواجب الأخلاقى على كل كاتب يهاجم إهدار المال العام أن يقدم لقرائه كشف حساب عما حصل عليه من المال العام حتى يصدقه القراء؟

هل أحمد رجب من الأدباء، حتى يحصل على جائزة الدولة فى الآداب؟

 

الحوار مع «فيلدرز» وإبلاغه

بقلم   سمير فريد

٥/ ٧/ ٢٠١١

رأت محكمة أمستردام يوم الخميس ٢٣ يونيو ٢٠١١ أن بعض تصريحات جيرت فيلدرز، زعيم اليمين المتطرف فى هولندا، الملاحَق بتهم التحريض على الكراهية والتمييز العنصرى ضد المسلمين كانت مهينة وصادمة إلا أنها تندرج فى إطار نقاش سياسى واجتماعى فى مجتمع متعدد الثقافات، وبذلك تمت تبرئة «فيلدرز» من كل التهم المنسوبة إليه، تجاوباً مع طلب النيابة العامة إخلاء سبيله.

صرح «فيلدرز» للصحفيين عقب صدور الحكم بأن النتيجة التى توصلت إليها المحكمة «ليست انتصاراً لى فقط، وإنما لحرية الرأى والتعبير». وأضاف: «أصبح من الممكن الآن انتقاد الإسلام دون الخوف من تكميم فمى». وكانت جماعات حقوقية ومناهضة للعنصرية قد رفعت دعاوى ضد «فيلدرز» فى أكتوبر ٢٠١٠ بعد دعوته لوقف هجرة المسلمين إلى هولندا وحظر القرآن الكريم، كما اتهمه المسلمون فى هولندا بدعوتهم إلى الرضوخ لما سماه «الثقافة المهيمنة»، أو الرحيل عن هولندا، وذلك فى فيلمه «فتنة» الذى بثه على الإنترنت.

ورأت المحكمة أن «فيلدرز» وجّه انتقاده للإسلام كديانة وليس للمسلمين أنفسهم، وأن انتقاد الدين ليس إهانة. وكان السياسى الهولندى قد شبّه الإسلام بـ«النازية». (النص السابق من تقرير عبدالله مصطفى من بروكسل، الذى نشرته جريدة «الشرق الأوسط» العربية التى تصدر فى لندن عن مؤسسة سعودية يوم ٢٤ يونيو).

من المعروف أنه لا حدود لحرية التعبير فى أوروبا عموماً، وفى هولندا خصوصاً. إنهم يعرضون أفلاماً عن المسيح عليه السلام تصل إلى حد تصويره من المثليين جنسياً (الشواذ)، وهو ما لا يمكن أن يقبله المسلمون وليس فقط المسيحيين، ولذلك لم أندهش من حكم محكمة أمستردام بتبرئة «فيلدرز». وقد شاهدت فيلمه «فتنة» على الإنترنت ورأيته سطحياً إلى درجة السذاجة ولا يؤثر فى مشاهديه ولا يقنعهم، ليس فقط لأنه لا يستطيع التعبير بلغة السينما، وإنما أساساً لأنه لا يعرف حقيقة الإسلام، أو بالأحرى يتصور أن «قاعدة» أسامة بن لادن وما شابهه من منظمات تعبر عن الإسلام.

وفى رأيى أنه لا لوم عليه ولا على أمثاله. لقد قال لى مثقف إيطالى كبير إن جدته كانت تعلمه وهو طفل أن «محمد هو رمز الشيطان»، وقد سألت «سكورسيزى» فى مهرجان فينسيا بعد عرض فيلمه «الإغواء الأخير للمسيح» هل قرأ «القرآن»؟ وكان رده: وهل جاء ذكر المسيح فى القرآن؟ وذلك رغم أنه ربما من كبار السينمائيين المثقفين فى العالم. اللوم على المسلمين الذين لا يطبقون أمر الله سبحانه وتعالى لنبى الإسلام عليه الصلاة والسلام «إن عليك إلا البلاغ». أطالب شيخ الأزهر، أو من يختاره، بالحوار مع «فيلدرز» على الهواء مباشرة فى تليفزيون هولندا ليناقشه فى كل ما يدّعيه، ويبلغه حقيقة الإسلام.

 

زمن إسلام «أسامة بن لادن»

بقلم   سمير فريد

٤/ ٧/ ٢٠١١

أتفق تماماً مع الدكتورة منار الشوربجى («المصرى اليوم» ٢٩ يونيو ٢٠١١) فى أن هناك تناقضاً فى موقف الذين يرفضون الدولة الدينية، وفى الوقت نفسه يوافقون على وثيقة الأزهر، لأنها صدرت عن مؤسسة دينية، لكن هذا التناقض نتيجة الواقع بين ثورة، لم تطالب سوى بالحرية، ولم ترفع سوى علم مصر، وبين صعود تيار الإسلام السياسى بعد الثورة، رغم أنه ليس صانعها، وإنما شارك فيها بعد أن بدت أقرب إلى النجاح. وثيقة الأزهر تواجه الواقع الذى تُحرق فيه الكنائس وتُهدم الأضرحة، وخلاصة الوثيقة المطالبة بدولة «وطنية دستورية ديمقراطية»، ولذلك يرفضها حارقو الكنائس وهادمو الأضرحة رفضاً تماماً.

صحيح أن وثيقة الأزهر أقل ثورية من كتاب الشيخ على عبدالرازق «الإسلام وأصول الحكم: بحث فى الخلافة والحكومة فى الإسلام» الذى صدر عام ١٩٢٥، لكنها تظل أهم الوثائق الفكرية التى صدرت بعد ٢٥ يناير، بل إنها تحل مشكلة «الدستور أم الانتخابات أولاً» إذا اعتبرها المجلس العسكرى ملزمة لأعضاء اللجنة التى ستضع الدستور. الدستور أولاً كان الأصح، لكن ما حدث قد حدث، ومن الضرورى لمصلحة الوطن العليا الخروج من هذه الأزمة على نحو يجمع بين الشرعيتين الثورية والقانونية، وهى صلب سياسة المجلس العسكرى، ومن الضرورى أيضاً تذكر أن الدستور وثيقة فكرية، والأهم التطبيق.

كان كتاب «عبدالرازق» نتاج زمن إسلام المرحلة الديمقراطية التى بدأت عام ١٩٢٣ وانتهت عام ١٩٥٣، والشائع أن السادات هو الذى وضع المادة الثانية من دستور ١٩٧١ الملفق، لكن دستور ١٩٢٣ هو الذى نص على أن دين الدولة الإسلام، ولغتها الرسمية العربية، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر التشريع، أما وثيقة الأزهر فهى نتاج زمن إسلام أسامة بن لادن وغزوات قاعدته.

قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب: إن الإسلام لم يعرف فى تاريخه ولا تشريعاته أو حضارته ما يعرف فى الثقافات الأخرى بـ«الدولة الدينية الكهنوتية التى تتسلط على الناس»، وطالب بـ«دولة وطنية دستورية ديمقراطية تعتمد على دستور ترتضيه الأمة»، وقال الشيخ «عبدالرازق» فى كتابه: «إن الدين الإسلامى برىء من تلك الخلافة التى يتعارفها المسلمون»، وإنها «ليست فى شىء من الخطط الدينية، ولا القضاء ولا غيرهما من وظائف الحكم ومراكز الدولة، وإنما تلك كلها خطط سياسية صرفة ولا شأن للدين بها، وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة»، وقال: «ليس بنا من حاجة إلى تلك الخلافة لأمور ديننا ولا أمور دنيانا».

 

عيد الثورة الأول غداً

بقلم   سمير فريد

بقى على ٢٥ يناير ٢٠١٢ نحو ٣٠ أسبوعاً، وهو وقت يكفى بالكاد للاحتفال المناسب بالعيد الأول لأعظم ثورات الشعب المصرى، والحكومة مطالبة من خلال وزارة الثقافة بأن تبدأ على الفور الاستعداد لذلك الاحتفال.

ومن أهم أشكال الاحتفال وضع خطة تنهى الفوضى الشاملة فى ميدان التحرير، رمز الثورة الأكبر، الذى أصبح من المعالم السياحية الدولية، وأن توضع الخطة بواسطة لجنة من كبار المعماريين، ومن دون تغيير اسمه بالطبع بعد أن أصبح معروفاً فى كل الدنيا، وتسميته ميدان التحرير بالعربية وبالنطق العربى للحروف الإنجليزية، مع ملاحظة أن اسمه الرسمى الحالى «السادات: التحرير سابقاً».

وأقترح إقامة تمثال عبدالهادى الوشاحى «استشراف المستقبل» فى الكعكة الحجرية كما أطلق عليها أمل دنقل، وفى الجهة المقابلة فى ساحة المجمع إقامة تمثال محمد العلاوى «لحظة انطلاق». وأقترح تحويل مبنى وزارة الخارجية القديم إلى «متحف ثورة ٢٥ يناير» لتوثيق أحداث الثورة وتخليد شهدائها. وقد أصبح لوزارة الخارجية مبنى جديد بجوار مبنى الإذاعة والتليفزيون يضاهى مبنى الأمم المتحدة فى نيويورك، والمبنى القديم مكان نموذجى لمقر متحف الثورة لأنه يقع فى مدخل ميدان التحرير، وفى الميدان نفسه من الناحية الأخرى متحف الحضارة المصرية القديمة، أى أن المتحفين يكثفان تاريخ مصر منذ مينا إلى وائل غنيم.

هناك لجنة فى دار الكتب والوثائق برئاسة الدكتور خالد فهمى لتوثيق الثورة، وليس هناك أفضل من هذه اللجنة لتقيم المتحف، ولا يوجد أستاذ تاريخ فى مصر وفى بلاد كثيرة من العالم لا يعرف اسم خالد فهمى. نريد متحفاً فيه كل الكتب التى صدرت عن الثورة بكل اللغات، وفيه كل الصور الفوتوغرافية والأفلام، وفيه كل المعلومات والوثائق، وقاعة كبرى لصور الشهداء وتعريف كامل بكل منهم. نريد متحفاً يزوره أطفال وشباب المدارس كل صباح، ويأتى إليه الباحثون كل مساء.

وأقترح أيضاً فى إطار الاحتفال بعيد الثورة الأول استبدال تمثال «العصفورة التائهة» الذى أقيم لطه حسين فى ميدان مدخل الجيزة وأن يسمى ميدان طه حسين، ولا يوجد أروع من تمثال الوشاحى أيضاً عن عملاق النهضة المصرية الحديثة، واستبدال تمثال نجيب محفوظ فى ميدان سفنكس وأن يسمى ميدان نجيب محفوظ، ويصنعه النحات المصرى العالمى الكبير آدم حنين، وقد وصف محفوظ ذلك التمثال الوصف الأدق عندما قال: «يبدو أن من صنع هذا التمثال لم يقرأ من رواياتى سوى الشحاذ».

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

02/07/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)