حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

دعوة للحوار:

سينما مستقلة على موجة سيد درويش

محمود عبد الشكور

قبل أحد عروض أفلام مهرجان القاهرة السينمائى )أظنه الفيلم المصري المستقل الطريق الدائري)، التقيتُ المخرج الموهوب إبراهيم البطوط، وتحدثت معه طويلاً حول فكرة تشغلنى كثيراً وهى علاقة السينما المستقلة بالجمهور، وقلقي الشديد من أن تصبح هذه السينما المختلفة المليئة بالمواهب الحقيقية، وبالأفكار الطازجة، مجرد تجارب منفردة تذوب مع الزمن لأنها غير قادرة على الاستمرار والوصول الى شرائح الجمهور المتعددة.

تكلمتُ كثيراً، وتبلورت عدة أفكار سأحاول أن ألخصها هنا دون أى ادعاء بأنها تمثل إجابات أو كلمات نهائية. الحقيقة أننى أراها أسئلة وعلامات استفهام تفتح أبوابا للنقاش لأن الهدف واحد وهو ألا تكون السينما "المستقلة" مستقلة عن الجمهور الواسع العريض.

الإبداع المختلف

كان محور فكرتى الأولى أن نوسّع قليلاً من مفهوم السينما المستقلة بحيث لا يقتصر على المعنى الاقتصادي، ولكن يمتد أساساً الى معنى "الإبداع المختلف" حتى لو جاء من قلب السينما السائدة. ضربت مثلاً ببعض أفلام محمد أبو سيف مثل "خالى من الكوليسترول" الذى رأيت فيه ما يدعم معنى السينما المستقلة رغم أنه لم يصوّر بكاميرات الديجيتال، بل إننى اعتبرت أفلام عاطف الطيب أو محمد خان نماذج للسينما المستقلة فى معناها وهدفها رغم أنها انتجت فى قلب الصناعة ومن خلال مشاركة نجوم السينما السائدة.

كان طموحى من وراء هذا الطرح أن تشكل السينما المستقلة ومخرجوها الموهوبون سلاحاً لاختراق السينما السائدة والتأثير فيها. فى وقت من الأوقات جاء الكثيرون مثل خيرى بشارة وداوود عبد السيد من الفيلم الوثائقى فغيّروا الكثير فى السينما السائدة، فلماذا لا يلعب مخرجو الأفلام المستقلة هذا الدور وبجرأة أكبر؟

أعترف بأننى كنت متأثراً فى هذا الطرح بضعف تأثير جماعة السينما الجديدة بفيلميها "أغنية على الممر" و"الظلال في الجانب الآخر" على التيار السائد للفيلم المصرى (رغم أهمية التجربتين). أريد تأثيراً للفيلم المستقل يتجاوز سينما الديجيتال، أجيال ومواهب تضع بصمتها كما فعل نجوم الواقعية الجديدة، وتفسح المجال لمواهب صاعدة تجرب وتبدع فى سينما الديجيتال وهكذا.

أحلم أيضا بأن يقوم أى مهرجان مصرى بتنظيم حوار بين المنتجين وصنّاع السينما المستقلة، تبادل حرّ للأفكار دون تربُص أو أفكار مسبقة. ليس كل المنتجين يصنعون سينما رديئة، وليس كل المستقلين يصنعون سينما عظيمة، وفى النهاية لن يقبل المستقلون إلا ما سيقتنعون به. ومرة أخرى، الإستقلال هنا بالمعنى الإبداعى بالدرجة الأولى.. لماذا لا نجرّب ونحاول؟

كانت الفكرة الثانية هي أن السينما المستقلة المصرية نجحت فى تطوير وسائل للإنتاج الصغير قليل التكاليف عالى الجودة، ولكنها لم تبتكر حتى الآن وسائل مماثلة فى التوزيع والعرض. أذكر أننى طالبتُ فى نهاية مقالى عن فيلم "ميكروفون" بأن ينزل هذا الفيلم الى الناس لأنه لن ينجح إذا عرض لجمهور "المولات" (الأسواق المجمعة). كان رأيى أنه فيلم يخاطب الشباب، ويجب أن يصل إليهم فى النوادى والجامعات والشواطئ، فيلم يناسبه العرض فى الهواء الطلق. الفيلم الروائى المستقلّ يتوه عادةً عن جمهوره فيفقد الحلقة الأقوى فى العملية الإنتاجية: الجمهورالواسع. الفكرة هنا أنه بدون تطوير وسائل مختلفة للتوزيع والعرض لن تكون هناك قدرة على استمرار وسائل الإنتاج والإبداع.

قواعد الدوجما

أما الفكرة الثالثة الأكثر أهمية فتتعلق بالتحذير من تحويل فكرة صناعة فيلم روائي طويل ومستقل الى ما يشبه قواعد "الدوجما". لا يجب أبدًا أن يتوقف المبدعون عند شكل أو أسلوب واحد للسرد تحت ضغط أن يكونوا حداثيين أو مختلفين. لو سألت متفرجا خبيراً بالسينما ومتابعا لها عن توقعاته قبل مشاهدة فيلم روائى طويل مستقل لقال لك: سيكون عملاً مصوراً بكاميرا ديجيتال (لظروف إنتاجية). فيلم شخصيات له مسحة تسجيلية مقصودة. السرد يتم من خلال خطوط متوازية وحبكات صغيرة أو بدون حبكة على الإطلاق. أخشى أن تصبح هذه الملامح بمثابة "دوجما" جديدة تجمد الإبداع عند نقطة محددة.

أسأل نفسى أحيانا هل مما يخدش الفيلم المستقل أن يحكى حدوتة تقليدية تصل بسهولة الى أحفاد كتّاب "ألف ليلة وكان يامكان ......"؟

هل من "العار الإبداعى" أن يبتعد مخرج مستقل عن المعالجة الجادة لأفكاره ويقدم فيلما مرحاً أو فرجة شعبية تنسجم مع طبيعة شعب وصفت ثورته بأنها "ثورة ضاحكة"؟

هل مما يهزّ المصداقية الابتعاد عن المسحة التسجيلية قليلاً لجذب جمهور لم يتعود على مشاهدة الفيلم التسجيلى فى التليفزيون فما بالك بمتابعته فى دار للسينما؟ هل من التنازل الإبداعى أن يكتب المخرج/ المؤلف فيلمه وعينه على سينما كمال سليم وصلاح ابو سيف بدلا  من أن تكون عينه على السينما الأوروبية؟ هل البساطة تخاصم الإبداع؟

أليس من الممكن التوفيق بين طموح المبدع والتواصل مع الجمهور العريض؟ هل هناك مشكلة فى أن يطور المخرج المستقل أدواته وطرقه فى التعبير مثلما فعل رضوان الكاشف الذى صنع "عرق البلح" بخصوصيته، وصنع أيضاً "الساحر" بتواصله الرائع مع الجمهور؟

أعرف أن مشكلة صانع أى فيلم (مستقل أو غير مستقل) أن فيلمه الأول قد يكون فيلمه الأخير مما يجعله تحت ضغط هاجس قاهر بأن يقول كل شئ ويفعل كل شئ ويتحقق (الآن وفوراً) وإلا فلن يتحقق إلى الأبد. حسناً ، فلنفكر بنفس المنطق ولكن بصورة أخرى، على المبدع أن يسأل نفسه:  لمن سأقول كل شئ؟ الجمهور هو الطرف الثالث فى المعادلة، وهو أيضاً هدف الطرفين الآخرين: المبدع والناقد.

لماذا لا أقول ما أريد لجمهور أكبر من الجمهور المتعلم؟ لماذا لا تكون السينما المستقلة جماهيرية؟ ما الذى يمنع أن أقول نفس الشئ بمليون طريقة؟ أقول دائما إن الفنان هو الساحر أو الحاوي، هو الذى يمتلك المهارة التى تجعل اللعبة ناجحة، فإذا فشلت اللعبة فالمشكلة توجد عند الحاوي او الساحر.

مليون طريقة

ليس فى ذلك أى حجْر على حق الفنان المُطلق فى أن يختار الشكل والأسلوب الذى يرضى طموحه، إنما أردت لفت الأنظار الى أن هناك مليون طريقة لكي تقول بها نفس الشئ، أردت أن أذكّر فنان السينما المستقلة بأن "الدوجما" الشكلية كارثة. أردتُ أن أذكّره بمقولة فيللينى بأن المخرج مزيج بين "القديس" و"مهرج السيرك". أنت أنت قائد العملية الإبداعية، وأنت الذى يجب أن تحلم (قبْلي) بأن تصل أحلامك الى أكبر عدد من الناس.

أمامى دائماً تجربة سيد درويش العظيم. بكل المعايير كان نموذجا للفنان المستقل وفقاً لظروف عصره. كان يقدّم موسيقى مختلفة تماماً عن السائد ولكنها ليست منقطعة تماما عنها. اشتغل على نفس القوالب (الطقطوقة / الدور/ الموشّح/ الأغنية المسرحية)، ولكنه غيّر من ملامح القالب وقام بتطويره. فى البداية لم يكن مألوفاً أو مقبولاً، ولكنه حصل أخيراً على الإعتراف الجماهيرى لسببين: لأنه كان واقفاً فوق نفس الأرضية التى يقف عليها جمهوره، ولأنه (ثانياً) اخترق السائد وغيّره بدلا من ان ينقطع نهائيا عنه. إننى أحلم بأكثر من سيد درويش فى مجال السينما المستقلة. أحلم بفيلم جماهيرى مستقلّ يرضى المبدع والجمهورمعاً. أحلم بتأثير أكبر لكل هذه المواهب الذين امتدحت تجاربها فى مقالات مطولة منشورة، وفى ظنى أن هذا التأثير يمكن أن يتم عبر وسيلتين: اختراق السينما السائدة وتغييرها كما فعل خان وداوود والطيب وعرفة، استخدام نفس أدواتها ولكن فى اتجاهات أخرى، غزوها وتطويرها بنفس أسلحتها، أما الوسيلة الثانية فمن خلال ابتكار حيل ووسائل فى السرد والحكى والعرض والتوزيع تجعل الفيلم المستقل أكثر قرباً وتأثيراً فى الجمهور العريض .

ليست هذه إجابات، ولكنها أسئلة متنكرة تستهدف تعظيم حصاد سينما رائعة ولا تحاول مسخ هويتها أو تفردها، أفكارى مجرد محاولة لتوسيع زاوية الرؤية حتى لا نخرج من "دوجما" تجارية رديئة الى "دوجما" مستقلة مغلقة على نفسها.

السينما للناس وليست للنقاد. لا أطالبك بالنزول إلي الجمهور، ولا أطالب الجمهور بالصعود إليك، أريد أن نقف معاً على قدم المساواة وفوق نفس الأرضية، أريد أن نأخذ النغمة من الناس ونعيدها إليهم مثلما فعلت أغنيات الشيخ سيد: فيها بصمته وعبقريته وإبداعه وفيها أيضا روح الناس ومزاجهم.. قل لى بالله عليك: هل من المستحيل أن تصبح أنت وشعبك على نفس الموجة؟

جريدة القاهرة في

11/07/2011

 

اختلف إحسان عبدالقدوس مع السادات فكتب رواية «لم يكن أبدًا لها»

بقلم : مصطفي محرم 

لكي يعرض بالرئيس لأنه لا يستحق أن يحكم مصر عندما انشأ فريد شوقي اتحاد الفنانين الذي ضم في مجلس إدارته العديد من النجوم والنجمات والمخرجين والكتاب فكان يرسل لي كل سيناريو يتقدم به منتجه من أجل الحصول علي سلفة ولم يكن فريد شوقي يثق برأي أحد مهما كان شأنه سوي برأيي أنا حتي في إنتاجه الخاص كنت أشرف علي كتابة سيناريو الفيلم إذا لم أكن أنا كاتبه. سوف تأتي الفرصة لذكر شركة كبيرة أخري انتجت عشرات الأفلام وسوف أتحدث عنها وكيف كان صاحبها لا يوافق علي إنتاج أي فيلم كبير إلا بعد أن أوافق علي السيناريو وأبدي ملاحظاتي للمخرج فيمليها بعد ذلك علي كاتب السيناريو الذي يظن أن هذه هي آراء المخرج. ورغم كل ذلك فلم أهتم بالمال كثيرا رغم أنه للأسف هو الذي يحدد قيمة الفنان، وإذا كان الأمر كذلك فماذا تقول عن كبار الفنانين من الكتاب والرسامين والنحاتين الذين كانوا يتضورون جوعا ولم يحصلوا إلا علي ما يمكن أن يسد رمقهم ويستر أبدانهم وبعد أن فارقوا الدنيا جلبت أعمالهم الملايين لمن حصلوا عليها، وأحب أن أسوق مثالا في بلدنا بالنسبة لأجور كبار الأدباء في السينما المصرية، كان عظيم العظماء نجيب محفوظ يبيع الرواية للمنتج السينمائي بمبلغ 4500 جنيه في حين غيره من لايدانيه في قيمته الأدبية والفنية يتجاوز هذا الرقم بكثير وكان نجيب محفوظ يعلم ذلك ولا يطالب حتي بالمثل، أما الآن بعد رحيله لا يستطيع أحد أن يشتري رواية من رواياته أو قصة من قصص لإنتاجها للسينما أو التليفزيون وإذا استطاع فعليه أن يدفع الملايين للورثة. اللعب مع الكبار كنت أخشي أن يجعلني التكالب علي المال أن أصبح مثل أي تاجر يعرض بضاعته ويريد الربح الأكبر دون أن يحاول الإتقان وإجادة صنع هذه البضاعة وكنت أرفض ومازلت أن أرفع أجري مستفيدا من كون البطل أو البطلة في عمل لي من كبار النجوم، فعندما كنت أعمل مع نادية الجندي ونبيلة عبيد بل مع سعاد حسني كنت أحصل علي الأجر الذي أحصل عليه مع ممثلة أقل شهرة وهكذا كان الأمر مع الرجال حتي لو كان عادل إمام فإن قيمتي تنبع من ذاتي وعملي وليس من الممثل الذي أعمل معه، إن كل ما يهمني أن أقدم عملا يرضي عنه الناس قبل أن يرضي عنه حملة الأقلام من الذين يعتبرون أنفسهم نقادا، ولو كنت من النوع الذي يهتم بالمال لكنت وافقت المنتج السينمائي الذي عرض علي مشاركته ولكنت أصبحت الآن من أثري الأثرياء، ولو كانت أحاسب من رفعتهم ورفعتهن وأصبحوا نجوما كلا في مجاله لطلبت من كل واحد وواحدة أن يصنع أو تصنع تمثالا لي ووضعه في مداخل بيوتهم حتي يذكروني في خروجهم ودخولهم. لا أستطيع أن أدعّي بأنني الوحيد الذي كثر حوله الأعداء أو حاق به ظلم وأحاط به حقد الآخرين. فالمتأمل لتاريخ السينما في مصر سوف يجد أمثالي كثيرين وأن العلاقات الشخصية والغيرة والاستفادة وتردي الأخلاق لعبت دورا كبيرا في تقييم الشخصيات السينمائية، ولذلك فإنني دائما أنادي بأن السينما المصرية في حاجة إلي إعادة تقييم لكن أين هؤلاء النقاد القادرون علي أن يحققوا ذلك؟ رؤية سينمائية ففي مصر علي سبيل المثال كان يوجد مخرجون مثل نيازي مصطفي وتوجو مزراحي وكمال سليم ومحمد كريم، نجد أن البارز فيهم دون وجه حق هو محمد كريم، حيث نال من آيات التقدير والاحترام القدر الكبير في حين أن أي واحد من الثلاثة الآخرين كان يفوقه في الحرفية والفكر والرؤية السينمائية وكانت أفلام الثلاثة تتسم بالحيوية والجدية. كان أحمد كامل مرسي مخرجا متواضعا من الصعب أن يتذكر المرء فيلما له لكن عندما قرروا منح جائزة الدولة التقديرية لسينمائي قدير فإذا بهم يختارون أحمد كامل مرسي، وقد تجاهلوا أيامها صلاح أبوسيف ويوسف شاهين وعز الدين ذو الفقار وكمال الشيخ وبركات وعاطف سالم، إن المتأمل لأفلام أحمد كامل مرسي وأفلام المخرجين المذكورين سوف يجد أن الفارق كبير فإن أفلام كامل مرسي تقدم سينما عقيمة وحرفية بدائية وموضوعات عفا عليها الزمن ولا يمكن مقارنتها بأفلام هؤلاء المخرجين الذين دفعوا بالسينما المصرية إلي الأمام ولكن الأمر مجرد علاقات. وماذا يقول المرء عن جائزة ممدوح الليثي التقديرية التي حصل عليها في غفلة من الزمن، بحيث تجاوز في الحصول عليها يوسف شاهين وصلاح أبوسيف وكمال الشيخ وحسين كمال وعاطف سالم وسعيد مرزوق وأشرف فهمي وعبدالحي أديب ورأفت الميهي، وأذكر أنني قابلت صلاح أبوسيف في تلك الفترة بعد حصول كامل مرسي وبعد حصول ممدوح الليثي فوجدت الرجل يشعر بالمرارة ويبحث عمن يرشحه- وربط الجائزة بالجهات المرشحة يظلم الكثيرين من أصحاب الكرامة الذين لا يتسولون الجائزة حتي لو أدي ذلك إلي عدم الحصول عليها. ولست أعلم حتي الآن لماذا لم يحصل عبدالحي أديب علي جائزة الدولة التقديرية في الفنون وهو الذي قدم للسينما المصرية أكثر من مائة سيناريو يكفي أن بينها أفلاما مثل: باب الحديد - امرأة في الطريق- سلطان - أم العروسة - نداء العشاق -الخائنة - حبيبتي- سعد اليتيم. ولم يفكر ممدوح الليثي في ترشيحه عندما كان نقيبا للسينمائيين لعدة سنوات وفضل عليه كتّابا لم يقدموا للسينما المصرية شيئا يذكر أو له قيمة. الجوائز في مصر فقدت معناها وقيمتها منذ أن حصل عليها أقزام لا قيمة لهم وتدخلت في منحها الأهواء ولذلك نجد جوائز الأدب حرمت الكثيرين من الأدباء الحقيقيين وجوائز الفنون منحت لأناس متواضعي القيمة ووفقا لأهواء شخصية لا علاقة لها بالفن، وعندما تأتي مناسبة أخري سوف نتحدث عن هذا الموضوع بالتفصيل. الكلام عن فيلم «حتي لا يطير الدخان»، سوف يكون في رأيي كلاما في غاية الأهمية لن يكون مجرد كلام عن الفيلم فقط بل سوف يؤدي إلي تداعيات كثيرة في التاريخ والسياسة وفي الكوميديا وفي التراجيديا وفي فن التمثيل، وربما ينزعج البعض وربما يثير الكلام غضبهم وربما يكون درسا يستفيدون منه ولكني في النهاية أقول الحق كما أعتقده وربما يكون ما أقوله ثقيلا، كما تعودت ألا أبالي فليس ما أكتبه مجرد ذكرياتي لكن في نفس الوقت أحاول أن استثمر ثقافتي وخبرتي اللتين أفنيت فيهما عمري. نشأة صحفية في أوائل عام 1981 وربما في أواخره فلست أتذكر جيدا المهم أن جاءني صديقي المخرج أحمد يحيي ومعه كتاب يحوي مجموعة من القصص لاحسان عبدالقدوس وطلب مني قراءة قصة «حتي لا يطير الدخان»، في الحقيقة لم أكن قد قرأت هذه المجموعة التي لا أستطيع تحديد اسمها الآن، ولكن عنوان القصة بهرني فإن إحسان عبدالقدوس خير من يختار عناوين أصيلة وجذابة لرواياته وقصصه كانت قصة «حتي لا يطير الدخان» هي أطول قصة في المجموعة بل تكاد تكون رواية قصيرة، فكانت أحداث القصة تدور أيام حكم عبدالناصر وفساد مجموعة المشير عبدالحكيم عامر الذي كان تقريبا هو الحاكم الفعلي في فترة الستينات من القرن الماضي فقد كان الجيش هو كل شيء وهو المارد الذي يخشي عدالناصر من بطشه به، كان عبدالحكيم هو معبود ضباطه وجنوده فقد كان كريما للغاية معهم، وبالطبع كان إحسان عبدالقدوس يلمح إلي شخصيات حقيقية في القصة أو أن القارئ الذكي يستطيع أن يستشف ذلك من خلال قراءته ومن خلال ما قد يكون يعرفه أو يسمعه عما يحدث من فساد وتحلل في هذه الفترة. كانت في القصة شخصية مطربة لا يخطئ المرء في معرفة من تكون أما الشخصية الأساسية في القصة وهي شخصية فهمي عبدالهادي فقد كانت ملامحه الدرامية تقترب من شخصية صول في الجيش كان من ضمن شلة عبدالحكيم عامر تدرج بذكائه واخلاصه الظاهر في خدمة المشير حتي أصبح شيئا مهما لا يمكن الاستغناء عنه. كان إحسان عبدالقدوس ربما بسبب نشأته الصحفية يعرف الكثير خاصة عندما أصبح رئيسا لتحرير «روزاليوسف»، وبالطبع كان بحكم ذلك يحصل علي شخصيات قصصه من الواقع الذي يحدث أمامه، ولكنه عن طريق براعته الفائقة في الإبداع القصصي يحولها إلي شخصية أخري يريد عن طريقها أن يشيد بالأصل أو ينتقم منه إذا مسه ضر عن طريقه، وعندما ادخل أنور السادات ابن احسان عبدالقدوس محمد السجن كتب بعد ذلك رواية «لم يكن أبدا لها» وذكر واقعة ذهاب السادات وزوجته إلي إحدي دور السينما الصيفية واحتفظ بالتذكرتين وذلك في ليلة قيام الانقلاب حتي إذا فشل وقبضوا علي زملائه يجد منفذا له ينقذه من حكم قد يصل إلي الإعدام والفنان المبدع عندما ينتقم من شخص حقيقي في عمل فني فإن الشخصية تظل خالدة في أذهان الناس طوال خلود الرواية أو القصة، وتجد ذلك كثيرا في قصص وروايات نجيب محفوظ خاصة تلك التي تدين العهد الناصري، وهناك علي مدي عشرات القرون هجاء الشعراء العرب ومديحهم وربما أشهر مثل لذلك هجاء المتندي لكافور الاخشيدي، وفي مجال النثر الفني فهناك الحاحظ في «رسالة التدوير والتربيع». رحيل جيل لم أتحمس للقصة بشكلها المكتوب تماما مثلما حدث مع قصة «ولا يزال التحقيق مستمرا» ولا أقصد أن القصة لم تعجبني من حيث هي قطعة أدبية ولكن رأيت أن أحداثها لم تعد تهم أحدا، فقد مر في ذلك الوقت علي موت المشير ما يقرب من الخمس عشرة سنة ومات معه ربما جيل من الناس وكبرت أجيال أصبحت تهتم بشئون أخري بل أصبحت هناك حكايات في عصر السادات جذبت الناس إلي متابعتها فإن مصر منذ يوليو 1952 وحكاياتها لا تنتهي خاصة أنها ظلت تحت حكم مجموعة من العصابات حتي ثورة 25 يناير، وعند تحكم العصابات أي بلد تكثر الحكايات ويعيش الناس في جو أشبه بأفلام الرعب والتشويق، وقامت هذه العصابات منذ انقلاب الجيش الذي يختلف الناس في قائده حتي الآن ولكنهم لا يختلفون علي زعيمه بالسطو علي الأموال والأعراض والتاريخ ولم يتركوا للمواطن سوي أن يقول: «أنا المصري كريم العنصرين» وأنه بني المجد والأهرامات وترك لمن يحكمونه أن يدوسوه من خلال بعض الشعارات الجوفاء وكان حصادها هزيمة 1967 الثقيلة. أخبرت أحمد يحيي برأيي في القصة وإعجابي الشديد بعنوانها بدلالته الرائعة من الخشية أن يطير الدخان فإذا ما طار الدخان وانقشع ضبابه أفاق المصريون وإذا ما أفاق المصريون فسوف يطيحون بهذه العصابات وهذا ما حدث في 25 يناير 2011، أخبرت أحمد يحيي بأن الأحداث لابد أن تتغير وكذلك يجب حذف بعض الشخصيات وإضافة شخصيات أخري، باختصار أخبرته بأن القصة في حاجة إلي التحديث، ولم يمانع أحمد يحيي وترك لي مطلق الحرية لكن علي شرط وهو شرط غاية في الأهمية أن تكون شخصية فهمي عبدالهادي تناسب النجم الكبير عادل إمام وتجذبه للقيام بدورها. لم يكن أحمد يحيي قد اشتري القصة بعد ولذلك ذهبنا إلي إحسان عبدالقدوس في بيته، وحسب الميعاد وجدناه ينتظرنا في حجرة مكتبه، صافحنا الرجل وكانت علي وجهه مسحة من الحزن قمت بمواساته إذ كنت قد عرفت أن ابنه محمد من الذين قبض عليهم من قبل أعوان السادات وكنت أعلم مدي حب إحسان عبدالقدوس لولديه أحمد ومحمد، قال لي الرجل بصوت خفيض يحاول أن يخفي به حزنه: أنا مش زعلان.. ده الطريق اللي اختاره أنا بس اللي مزعلني أمه اللي حاتقع تموت عليه ولكن أدركت من كلامه أنه هو الآخر سوف يقع ميتا علي ابنه، وحاول أحمد يحيي أن يغير موضوع الحديث ليبعد الحزن ولو لفترة قليلة عن الرجل لكن صوته ظل كما هو ينم عن حزن عميق، أبدي الرجل سعادته لأنني الذي سأقوم بكتابة السيناريو وأخبرني بأن أحمد يحيي لو كان قد جاء بمفرده فكان سوف يرشحني له، وأبديت للرجل شكري وامتناني وحبي له وأخبرته بما سوف أقوم به من تعديلات في القصة فأخبرني بأن لي مطلق الحرية فهو دائما يقول بأنه مسئول عما كتبه أما ما يكتبه غيره عن أعماله فهذه مسئوليتهم. منتج مختلف كان فيلم «حتي لا يطير الدخان» كما أدركتم من إنتاج المخرج أحمد يحيي وهو كمنتج يتميز بالسخاء ولا يفاصل مثله كمثل يوسف شاهين وحسام الدين مصطفي وليس كغيره من بعض المنتجين خاصة بعض نجوم التمثيل الذين يسيطر عليهم التقتبر الشديد في إنتاجهم ويفاصلون بدرجة أقرب إلي التوسل في اتفاقاتهم واستثني منهم فريد شوقي ونبيلة عبيد وسمير صبري وذلك للأمانة وعن تجربة شخصية. كان فيلم «حتي لا يطير الدخان» من العلامات الفارقة في تاريخ الفن وفي تاريخ أحمد يحيي وفي تاريخ عادل إمام، كنت أري أن عادل ليس مجرد ممثل كوميدي بل إنه يستطيع أن يقوم بالأدوار التراجيدية وربما شجعني علي ذلك ملامح وجهه فهناك مسحة من الحزن في نظراته، وربما استطيع أن أدعي بأن أفضل ممثلي التراجيديا هم أصلا أفضل ممثلي الكوميديا وهذا ينطبق علي مصر والسينما العالمية ويكفي أن أحدد ممثلين أحدهما في السينما الأمريكية وهو الممثل العظيم جاك ليمون وفي السينما الفرنسية الممثل العظيم فرناديل أما في مصر فهو نجيب الريحاني الذي اعتبره أيضا إحدي فلتات تاريخ فن التمثيل ليس في مصر فقط ولكن في العالم كله ولست أجد للأسف في مصر من يمكن أن يصل إلي نصف قامته الفنية مهما بلغ من شهر في عالم الكوميديا، وللريحاني لقطة في آخر فيلم «غزل البنات» عندما يكتسي وجهه بتعبير عبقري ويزيح طربوشه إلي الخلف فإن هذه اللقطة تشبه في رأيي في عمقها الذي يمكن تفسيره بعديد من التفسير ابتسامة الجيوكاندا الخالدة، وربما يرجع هذا إلي أن معظمنا لما يشاهد نجيب الريحاني في بداية حياته الفنية حيث من المحتمل أنه لن يبهرنا كما رأيناه بعد أن اكتمل نضجه ولكن العبرة دائما بالخواتيم مثلما قال سوفوكليس ومن بعده شكسبير والادعاء الثاني الذي أقول إن من أعظم ممثلي الكوميديا هم ممثلو التراجيديا والأمثلة كثيرة في السينما العالمية، ولكن الذي يهمنا هنا هو يوسف وهبي، وأنا أعتقد أن موهبة يوسف وهبي في الكوميديا تفوق كثيرا موهبته في التراجيديا هو يناطح في هذا التفوق الممثل الفرنسي موريس شيفالييه، واستطيع أن أضم إلي يوسف وهبي الممثل العبقري زكي رستم وكذلك حسين رياض، أما بالنسبة أيضا لممثلي الكوميديا الذين يجيدون أدوار التراجيديا أشير بثقة شديدة إلي عبدالمنعم مدبولي. حركات مبتذلة وفي رأيي أن هناك فرقاً كبيراً بين المضحك والكوميديان، فالمضحك هو الذي يقوم بأداء حركات وأقوال وليس حدثا وذلك بغرض اضحاك المشاهد بأي طريقة حتي لو اضطر إلي خلع ملابسه أو الاتيان بحركات جسمانية فجة ومبتذلة، والمضحك لا يختلف فيما يقدمه عن أي إنسان يقوم بالقاء بعض النكات أو الأراجوز ومهرج السيرك، أما الكوميديان فهو الذي يقوم بدور في عمل فني له بداية ووسط ونهاية لتوصيل معني متفق عليه وتعتمد مشاهد الكوميديان علي المواقف المضحكة في حد ذاتها نتيجة شكل من أشكال الكوميديا مثل سوء الفهم أو التنكر أو السلوك، ووجود الممثل الكوميدي هو وجود حتمي لأداء هذا الدور ويخضع لمواصفات معينة وليس له أن يخترع أشياء ليضحك عن طريقها ولكن من أجل تحقيق معني علي درجة كبيرة من السخرية والعمق والأهمية دون أن يسقط في مستنقع الابتذال ويستطيع الممثل الكوميدي أيضا أن يؤدي الكوميديا والتراجيديا كلا علي انفراد أو مجتمعين في عمل تراجيدي كوميدي أو كوميدي تراجيدي. ويستعذب كثير من الممثلين أن يكون الواحد منهم مضحكا فيحاول جاهدا أن يخترع من الحركات التي يمكن أن تنتزع الضحك من المشاهد، وهناك من يبرعون في ذلك ويصلون إلي درجة الاحتراف ويصبح الأمر بالنسبة له سهلا مادام لديه رصيد من الحركات والافيهات. وكان مضحكو الأربعينات والخمسينات في السينما المصرية من هذا النوع وعنهم أخذ سمير غانم وتفوق، والمتأمل لأعمال سمير غانم يلاحظ أنه يجمع بين صفتي المضحك والكوميديان وهو يطلق علي نفسه كلمة «فارسير» وهي مشتقة من كلمة Farce أي الهزل أي أنه ممثل هزلي له مطلق الحرية في أداء وقول أي شيء، وكان سمير غانم في بداية حياته في السينما قادرا علي أن يحتوي الموقف الكوميدي لصالحه حتي لو وقف أمامه في المشهد ممثلون في قامة نور الشريف أو حتي عادل إمام، وربما استفاد عادل إمام في البداية من أسلوب سمير غانم وهو التظاهر بالجدية في الموقف الكوميدي، لم يكن سمير غانم مقلدا لأحد وربما لم يكن يضع في رأسه نموذجا معيناً من ممثلي الكوميديا في مصر أو في الخارج، وكان سمير غانم يدرك أنه لا يستطيع أن يكون نجيب الريحاني أو إسماعيل ياسين أو حتي عبدالمنعم مدبولي ربما كان يستطيع أن يكون أحيانا عبدالمنعم إبراهيم ولكن بشكل أكثر هدوءا في الحركة وأكثر عصرية في الشكل، لقد اخترع سمير غانم كوميديا خاصة به تعتمد شكلا علي التظاهر بالجدية مع تناقض الموقف واستخدام حوار بتركيبات لفظية مختلفة لم يستخدمها أحد من قبله فكان يثير الضحك الذي مازال يثيره خاصة في كثير من مسرحياته. مجرد تلميذ وعندما اطلق البعض لقب «الأستاذ» علي فؤاد المهندس آثار هذا اللقب دهشتي لأن الأستاذ لابد أن يكون له تلاميذ، والحقيقة أن فؤاد المهندس ما هو إلا تلميذ وليس أستاذا، فالأستاذ الحقيقي هو عبدالمنعم مدبولي وهو صاحب مدرسة خرج منها كثير من المضحكين والكوميديانات في مصر. وترجع تلمذة فؤاد المهندس علي يد عبدالمنعم مدبولي منذ أن كانا الاثنان يعملان في البرنامج الإذاعي «ساعة لقلبك»، وكان فؤاد المهندس أحد المضحكين في هذا البرنامج، وقام عدالمنعم مدبولي بوضع كل من عملوا في هذا البرنامج في دوره وظل بعضهم يمارس هذا الدور إلي أن انتهي دوره في الحياة. قام عبدالمنعم مدبولي بعد ظهور فرق التليفزيون المسرحية وبعد فرقة الفنانين المتحدين بتوسيع نطاق مدرسته فخرج منها من البارزين محمد عوض وعادل إمام وأبوبكر عزت وفؤاد المهندس، وكان المثل الأعلي لفؤاد المهندس هو نجيب الريحاني وكانت أول مسرحية له هي السكرتير الفني وهي إحدي مسرحيات نجيب الريحاني، ولكن فؤاد المهندس لم يستطع أن يقترب من نجيب الريحاني لأنه لم يكن يملك مقوماته ولا ثقافته ولأنه لم يستطع أن يخرج من عباءة عبدالمنعم مدبولي حتي وهو يقوم بتمثيل دور نجيب الريحاني فإن المنهج والأسلوب مختلف فالريحاني لم يكن علي الاضحاك بالتهريج والحركات الجسمانية ولكنه كان يعتمد علي قوة الموقف وتعبير الوجه وتعبير الصوت وادراكه لعمق الموقف أو اضفاء العمق عن طريق ثقافته في مجال المسرح العريض، والممثل الكوميدي في حاجة ضرورية إلي الثقافة ربما أكثر من ممثل التراجيديا وعلي مدي التاريخ كان كتَّاب الكوميديا أكثر ثقافة من كتَّاب التراجيديا وهذا منذ ارستوفان حتي ماريثو وموليير وبرناردشو وباري وغيرهم، كان نجيب الريحاني من نوع المؤلف الممثل وكان يجيد الفرنسية ويشاركه في ذلك توأمه بديع خيري فكانا يقرآن الآداب العالمية بالانجليزية والفرنسية ويتشبعان بما يقرآنه ثم يقوم بديع خيري بمصريته الأصيلة بتحويل ذلك إلي كوميديا مصرية من الصعب علي المتخصص الوصول إلي الأصل، وقد حاول فؤاد المهندس أن يفعل ذلك ولكنه كان يبحث عن الضحك وليس عن عمق الموضوع وعندما اقتحم مجال السينما كانت أدواره المساعدة في الاعلام أفضل من أدوار بطولته، حيث أصبح مجرد مضحك وليس ممثلا كوميديا وفضّل أن يكون تلميذا في مدرسة عبدالمنعم مدبولي علي أن يكون أستاذا. وإذا ما تأملنا الآن حال المشهد الكوميدي في السينما المصرية فلن نجد كوميديانات يملكون الأصالة والإبداع ونجد أن عادل إمام مازال يتربع علي عرش الكوميديا عن جدارة، ونجد أن كل من يعقتدون أنهم كوميديانات هم للأسف الشديد مجرد صور كربونية لبعض الممثلين الأجانب من نجوم الكوميديا، فنجد مثلا المضحك محمد سعد علي سبيل المثال ما هو إلا صورة ممسوخة من الممثل الأمريكي جيري لويس، ونجد أن أحمد حلمي الذي يثني عليه البعض ما هو إلا صورة كربونية للممثل الانجليزي العظيم بيتر سيلرز ومن الواضح أن أحمد حلمي ذاكر أفلام هذا الممثل جيدا وحاول أن يتقمص أسلوبه ولكن الفارق كبير بين ما كان يقدمه بيتر سيلرز من أفلام يقف خلفها مخرج كبير يفهم جيدا معني كوميديا الموقف في السينما وهو بليك إدوارز وبين ما يقدمه أحمد حلمي من أفلام منقولة معظمها من أفلام أجنبية لم يتم اقتباسها بشكل جيد، أما بالنسبة لهاني رمزي وهو أكثرهم جدية في تناول الموضوعات الصعبة ومحاولة معالجتها بشكل كوميدي ولكنه يقلد في أدائه النجم الأمريكي الشهير جيم كيري، لقد صعد هؤلاء الممثلون سريعا علي سلم التقليد الذي اعطاهم جمهوراً لا يعي ما يدور حوله ولا يتذكر ما شاهده من أفلام أجنبية أو لم يشاهدها فأعطاهم شهرة زائفة. مستنقع الضحك ويختلف عادل إمام عن هذا الفصيل من المضحكين، أجل لقد خرج من معطف عبدالمنعم مدبولي كما خرج عدد من الأدباء العظام في روسيا من معطف جوجول لكن أصبح لكل واحد بعد ذلك شخصيته، وهذا هو ما حدث لعادل رغم أنه في أفلامه الأولي التي قام ببطولتها وقع في مستنقع الضحك الرخيص ولكنه حاول بعد ذلك الخروج منه. عادل كما سبق أن ذكرت بأنه ممثل يملك إلي جوار موهبته الكوميدية القدرة علي أداء الأدوار التراجيدية، هو يملك ملامح وجه تظلله مسحة من الحزن تماما مثل نجيب الريحاني ربما لا أعرف الكثير عن البيئة التي تربي فيها نجيب الريحاني ولكني أعرف الكثير عن البيئة التي تربي فيها عادل إمام وأعرف المدارس التي تعلم فيها، وربما كانت هذه الحياة القاسية التي عاشها في طفولته وصباه لها جانب من هذه المسحة الحزينة، وربما لا تكون مسحة حزينة علي وجه التدقيق ربما كانت نوعا من المرارة والسخرية، ولذلك قررت أن تكون شخصية فهمي عبدالهادي في فيلم «حتي لا يطير الدخان» وليدة هذه الصفات والمكونات.

المصرية في

10/05/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)