حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جيك غيلنهال:

يفاجئني المخرجون باختياري لبطولة أفلامهم

باريس - نبيل مسعد

جيك غيلنهال هو النجم الهوليوودي الثلاثيني الصاعد، السويدي الأصل والأميركي الولادة، شقيق النجمة ماغي غيلنهال، وهدف شركات الإنتاج لمنحه بطولة أفلام مختلفة الأشكال والألوان مثل «جبل بروكباك» و «الحب والمعطيات الأخريات» و «أمير الفرس» و «أخوة» و «فتاة طيبة» و «دوني داركو» والآن «منبع الشفرة» الذي يتقاسم بطولته مع ميشيل موناهان.

وعلى الصعيد العاطفي عاش غيلنهال علاقات ملتهبة مع نجمات بارزات أحدثها مع كل من كيرستن دانست وريز ويثرسبون وتيلور سويفت. وفي مناسبة عرض فيلم «منبع الشفرة» أمام الإعلام الدولي، قدم غيلنهال إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث التقته «الحياة» في هذا الحوار.

·         فيلمك الجديد «منبع الشفرة» من النوع المستقبلي الخيالي، فهل أنت من محبي هذا اللون السينمائي؟

- في الحقيقة أنا مولع بالسينما في شكل عام منذ صباي، الأمر الذي يجعلني أعشق كل الألوان من الكوميديا إلى الدراما مروراً بالرومانسية والمغامرات والخوف وغير ذلك مما هو متوافر في الفن السينمائي، وهذا كله كمتفرج طبعاً. أما كممثل فلا أكف عن اعتبار نفسي أكثر من محظوظ كلما تلقيت عرضاً لتولي بطولة فيلم مهما كان نوعه وطالما أنه يتصف بنوعية جيدة وبحبكة مثيرة وأن مخرجه يجيد تنفيذ مهمته وراء الكاميرا. وحتى الآن لا أصدق أنني عملت في فيلم «جبل بروكباك» المنتمي إلى لون رعاة البقر «كاوبوي» الذي غذى مخيلتي وأنا طفل صغير.

أما عن «منبع الشفرة» فهو فعلاً مستقبلي خيالي إلى أبعد حد، وقد وجدت حبكته في غاية الطرافة ولا تشبه أي شيء تم تقديمه على الشاشة، لذا وافقت على المشاركة فيه من دون أي تردد. فأنا أؤدي فيه شخصية جندي فارق الحياة في أثناء القتال وتستغله خلية علمية سرية عن طريق الاحتفاظ بعقله على قيد الحياة واللجوء إليه من أجل الكشف عن مؤامرات إرهابية جارية.

لقد تمتعت بهذا الدور لأنه من النوع الذي لا يحظى به أي ممثل أكثر من مرة واحدة في العمر.

·         ماذا كان رد فعلك حينما علمت أن السينمائي المعروف أنغ لي اختارك لبطولة فيلم «جبل بروكباك» علماً أنك رشحت في ما بعد لجائزة الأوسكار عن دورك فيه؟

- أصابتني الدهشة، فأنا كنت قد شاهدت كل أفلام لي السابقة كما كنت قد سمعت عن تحضيره مشروع هذا الفيلم ولكنني لم أتخيل لحظة واحدة أنه كان سيفكر بي من أجل المشاركة فيه لأن الفيلم بالتحديد ينتمي إلى لون رعاة البقر «كاوبوي» مثلما ذكرته، ولم أتصور نفسي أليق لدور في عمل كهذا. وفي النهاية اقتنعت بالعكس لأن أنغ لي منحني صورة جديدة عن نفسي وعن قدراتي الفنية، فهو حقيقة مخرج جبار وفنان يتميز بحس مرهف وسيكولوجيا فذة. أما عن حكاية الترشيح للأوسكار فهي كانت هدية غير متوقعة بالمرة وقد جعلتني أشعر بفخر لم أعرفه منذ أيام المدرسة عندما كنت صبياً وفزت ذات مرة بوسام لأنني تفوقت على زملائي في امتحان نهاية العام.

·         وكيف كان يتصرف أنغ لي معك في أثناء التصوير؟

- قبضة حديدية في قفاز من الحرير. تلك هي الطريقة التي أصفه بها، فالابتسامة لم تكن تفارق وجهه من الصباح وحتى نهاية يوم العمل، إلا أن فريقه كان يحترمه ويطيعه ويخدمه بمجرد أن يلمح أي شيء وحتى قبل أن ينهي عبارته، لأنه اكتسب سمعة وهبة تجبر غيره على احترامه. وعلى العموم فهو لا ينتقل من شيء إلى آخر قبل أن يحصل على مناه كلياً، وأنا أقارنه بقائد أوركسترا.

·         أنت مثلت في الفيلم إلى جوار النجم هيث ليدجر الذي توفي بعد التصوير بفترة وجيزة، فهل ربطت بينكما صداقة ما في أثناء العمل؟

- أجل كنا قد أصبحنا أصدقاء أنا وهو وزوجته الممثلة ميشيل ويليامز التي شاركت أيضاً في الفيلم، وقد ذهلت حينما سمعت خبر وفاته عن عمر 28 سنة خصوصاً أنه وميشيل كانا قد رزقا طفلة قبل ذلك بفترة قصيرة. أن القدر يدبر لنا المقالب الساخنة في أوقات ما وأنا في مثل هذه الأوقات أظل مثل المعتوه أي في حالة من العجز التام أمام إدراك الأمور.

·         لفتتنا المسؤولة عن علاقاتك العامة الى أنك لا تميل كثيراً إلى الإدلاء بأحاديث صحافية، هل يحدث أن تشعر برغبة في الهرب أمام صحافي مثلاً؟

- نعم لقد انتابني هذا الشعور مرتين أو ثلاث مرات لأنني لم أشعر بأنني في مكاني ولأن مهنتي كممثل هي التمثيل أولاً وأخيراً وليست مواجهة أسئلة سطحية وحشرية في أكثر الأوقات. لكنني في كل مرة صمدت ولم أتنازل عن أصول تربيتي وبالتالي بقيت في محلي.

موهبة المخرج

·         شاركت في أفلام مستقلة مثل «فتاة طيبة» و «دوني داركو»، أحياناً بإمكانات محدودة وأحياناً أخرى سخية مثل «أمير الفرس» و «منبع الشفرة»، فما هي الفوارق الأساسية إذاً بين التمثيل في كل من هذين النوعين السينمائيين؟

- أعجز عن الرد على مثل هذا السؤال لأنني لم أشعر في لحظة واحدة وفي كل مرة بأنني كنت أشارك في عمل موازنته محدودة، وكان جو التصوير هو نفسه الذي أعتاده في الأفلام الهوليوودية السخية. ويعود هذا الشعور إلى موهبة المخرج وقدرته على إنجاز عمله على النحو الأفضل بل على تحويل قلة الإمكانات المادية إلى ميزة من طريق اضطرار جميع العاملين في الفيلم إلى العطاء السريع والفعال في آن.

·         مثلت في فيلم «أمير الفرس» الذي تطلب منك ممارسة الحركات الرياضية والمبارزة بالسيف مثلاً، فهل تهتم بليونتك البدنية في شكل يومي؟

- أهتم قليلاً بمظهري ولكن ليس من أجل أدواري في شكل خاص ولكن حتى أتفادى السمنة التي قد تنتج من حبي للأكل، فأنا ألتهم الوجبات في شكل أعجز عن وصفه لك، وبالتالي لا بد من أن أعوض عن هذا الشيء بالرياضة. أما عن الأفلام فأنا أتدرب لها خصيصاً على أيدي محترفين كلما تطلب مني أحد أدواري ممارسة حركات معينة أو المشاركة في معارك أو مغامرات عنيفة فوق الشاشة.

·         مثلت حديثاً في فيلم «الحب والمعطيات الأخريات»، فكيف واجهت دورك فيه؟

- مثلت في هذا الفيلم شخصية رجل يعمل لدى مؤسسة كبيرة للأدوية ويعشق النساء، إلى أن يقع حقيقة في غرام امرأة رائعة الجمال ويكتشف في ما بعد أنها مصابة بمرض باركينسون المروع. لقد واجهت الدور بسطحية كبيرة في الأساس لأن هذا الرجل يتصف بالسطحية، ثم بنضوج مميز في الجزء الثاني من الحبكة إثر اكتشافه الحب من ناحية ومسؤوليات الحياة من جانب آخر. لقد كان التحدي صعباً في ما يخص التعبير عن الوجهين المختلفين لهذا الشخص، وحرصت على أن يصير التغيير في شخصيته وفي تصرفاته في شكل تدريجي وليس دفعة واحدة وإلا لما اقتنع المتفرج بالأمر كلياً.

وأسعفني الحظ بالعمل إلى جوار آن هاثاواي لأنها فنانة قديرة وأدت دور الشابة المريضة والجذابة جداً في آن بأسلوب مذهل ساعدني إلى درجة كبيرة في حسن أداء دوري.

الأولوية شبه المطلقة

·         لننتقل إلى حياتك الشخصية.

- أعيش الآن فترة من العزوبية إثر انتهاء علاقتي الأخيرة.

·         هل تقصد مع تيلور سويفت؟

نعم بالتحديد.

·         عشت علاقات حميمة مع نجمات مرموقات مثل كيرستن دانست وريز ويثرسبون، فهل يصعب الحفاظ على علاقة إذا كانت مع نجمة؟

- العلاقات بين الرجال والنساء صعبة أساساً ولا شك في أن الصعوبة تكبر إذا كان أحد الطرفين أو كلاهما يتمتع بشهرة واسعة ويعير حياته المهنية الأولوية شبه المطلقة، غير الانتقالات المستمرة التي تفرضها المهنة الفنية على أصحابها والتي يترتب عليها التقليل من الوقت المشترك بين الحبيبين. ولأرد على سؤالك سأقول نعم إلا أنني أصر على أن الإخلاص ممكن والعلاقة الطويلة الأجل واردة ولكن بأي ثمن؟ وأقصد بكلامي هذا أن هذه الأمور تكون على حساب تضحيات أكبر من العادة.

·         أنت تعتمد المظهر الأنيق في شكل عام كلما ظهرت في مناسبات فنية، فهل تميل إلى ارتداء البدلات التي يصممها كبار أسماء الموضة الرجالية؟

- نعم أنا أهوى متابعة أخبار الموضة ولا أعتبر هذه الصفة حكراً على النساء، فالأناقة الرجالية لها أهميتها أيضاً وهناك فئة من دور الأزياء ترسم لنا نحن الرجال أجمل ما هو موجود من بدلات للسهرات وللنهار وكذلك للريف. أنا لا أحبذ اقتناء ثيابي من علامة واحدة وأفضل الاختيار طبقاً لما هو مطروح أمامي في كل موسم. ولكن بصورة عامة أستطيع القول بأن الموضة الإيطالية للرجل هي التي تثير إعجابي أكثر من غيرها.

الحياة اللندنية في

08/07/2011

 

«المركب» يجمع المتعة البصرية والقضايا الانسانية

فريال كامل 

بدأ منذ بضعة أيام عرض فيلم «المركب» في الصالات. و«المركب» فيلم مصري جديد كتب له السيناريو والحوار الأخوان هيثم وأحمد الدهان، وأخرجه عثمان أبو لبن، ليكون واحداً من أوائل الأفلام المصرية الجديدة التي تعرض عرضاً عاماً عقب ثورة 25 يناير. ولعل درجة إقبال الجمهور – إن تحقق – يجيب على تساؤل يدور في التجمعات الثقافية عن نوعية المواضيع التي تتلاءم مع المناخ العام في مصر حالياً، وفي تقديري أنه مع صحوة الوعي التي تجتاح البلاد، لن يقبل الجمهور – مع تنوع شرائحه – بغير سينما جادة بكل نوعياتها – سينما تطرح قضايا إنسانية من دون أن تغفل المتعة البصرية. وفيلم «المركب» مثال لتلك الخلطة.

المحروسة

حين يطلق الفيلم على المركب اسم «المحروسة» يتبادر إلى ذهن المشاهد اللقب التراثي لمصر، وبهذا يكون المركب معادلاً ورمزاً للوطن. يقود المحروسة الريس مهران (أحمد فؤاد سليم)، الذي يحلو له أن يحكي لرواد المركب عن التاريخ المشرف الذي يحمله على كتفه حيث خاض – كمجند في الجيش – سلسلة من الحروب أبلى فيها جميعاً بلاء الفرسان الشجعان. غير أنه مع تقدم العمر – وذلك حال الدنيا – وهنت قواه وتخلى عن تفكيره العقلاني. ففي مستهل الفيلم يركب الريس مهران رأسه ويتملك منه العناد، فيخاطر بالإبحار بالمحروسة وعليها شلة من الأصدقاء (هم أبطال الفيلم) ذلك من دون إصلاح عُطل خطير بالمحرك. وهو بذلك يضرب عرض الحائط بنصيحة مخلصة لمعاونه، ما يدفع الأخير إلى مغادرة المركب غاضباً، ومخلياً مسؤوليته عن الكارثة اللاحقة، لتتفجر دراما الفيلم.

تتلاحق المشاهد مفعمة بالحيوية على رغم أن الفيلم مصور بالكامل في زمان ومكان محدد على سطح المحروسة. تصدح الموسيقى ويبحر المركب لتغمر الشباب موجة من المرح وأجواء من البهجة، وحين تتوسط المركب عرض البحر يتوقف المحرك وتفشل محاولات الريس مهدي لإصلاحه. وفي موقف ذي دلالة يتوسل إلى المساعد أن يسانده هذه المرة فقط ولا يتسبب له في فضيحة. وبعده يعثر عليه متلفاً على المحرك وتبقى المحروسة بلا ريس. وهنا يحق للمشاهد أن يدين القرار الأهوج لمعاون المركب متضامناًَ مع ريسها، مدركاً أن ضلال الرؤية وخواء الوعي برعاية ريس المركب – في الأساس – قد يكوّن صفاً ثانياًَ من القاصرين عن حماية المحروسة، فالمحروسة هنا هي البطل المحوري الذي قهره النظام وهي أحد (التيمات) المعروفة في الدراما.

روح الشباب

استند المخرج إلى باقة من الفنانين الشبان أضفوا من روحهم وحيويتهم على العرض، حين جسدوا شخصيات جيدة وفي ذات الوقت متمايزة، لشلة من طلبة وطالبات الجامعة، يتفقون – بغير علم أهلهم – على قضاء يوم في العين السخنة، تلك المنطقة السياحية الساحرة في أحضان الجبل على ساحل البحر الأحمر، وخلال السياق يجهض الحلم الجميل ويتحول إلى كابوس كاد أن يتطور إلى كارثة لولا عناية الله. هنا من الواضح ان الفيلم يشير بأصابع الاتهام أساليب التربية ومناهج التعليم، فضلاً عن خراب الذمم وفي الأساس شيخوخة النظام. وقد أبدع مدير التصوير أحمد حسين في تصوير جماليات الطبيعة كما في اقتناص لقطات تفصيلية للشباب في حالات شعورية متباينة تتراوح بين الانتشاء والمرح إلى القلق والترقب ومحاسبة الذات. وكل ذلك كان من شأنه إثراء السياق وتدفق الإيقاع، الى جانب موسيقى الفنان أشرف محروس والتي تلعب دوراً حيوياً في رسم الأجواء وتصوير المشاعر خصوصاً حين استحكمت الأزمة لتنذر بكارثة، إذ هنا تصل الموسيقى إلى ذروتها مدعمة بهمهمات وآهات بشرية معبرة بقدر ما هي شديدة التأثير.

عني السيناريو – منذ البداية – بتعريف المشاهد – في عجالة – بالخلفية الاجتماعي لكل من شخصيات الفيلم. تنتمي نور (ريم هلال) إلى أسرة متزمتة تضيق عليها الخناق وتفرض عليها الحجاب حتى أنها تتحرر منه بمجرد أن تواتيها الفرصة، ما يصل إلى درجة أن تراودها نفسها على ارتداء المايوه لولا أن حذرتها (ليلى) بأن زميلاً معه كاميرا قد يطلع الجميع على «فضيحتها» في «فايسبوك». وعلى النقيض تفتقد يارا (يسرا اللوزي) الرعاية والحنان في كنف أم (رغدة في مشهد يحسب لها) عاتبة لا تكاد تلتقي بابنتها. وهكذا غلى التوالي نتعرف خلال الرحلة البحرية على الشخصيات عن كثب، شخصيات خاوية غير أنها تسكن قلب المشاهد، فتصرّف على (محمود) المتدين ونقيضه (أمير) الذي لا تفارق لفافة الحشيش شفتيه غير تصرف (مصطفى) خفيف الظل، كبير الحجم الذي يبدو مرحاً ساخراً حتى في أحلك المواقف ليكون أقرب الشخصيات إلى قلب المشاهد والذي يعود طافياً على محفة فيبكيه الجميع.

يثري الفيلم مجموعة من المشاهد منها مشهد تراشق الأصدقاء في مرح بالمياه المعدنية على الطريق. وهذا المشهد يكتسب معنى حين تتعطل المركب وسط البحر وينضب رصيدهم من الماء، ذلك إضافة لمشهد الرقص واللهو على سطح المركب قبل أن تحل الأزمة وتتدفق المياه إلى قاع المحروسة منذرة بكارثة فيتكاتف الشباب لتفريغ قاع المركب حتى يقعدهم الإرهاق ويحل الظلام فيسود الوجوم ويثقل قلوبهم اليأس. غير أن من فضيلة الأزمة أن يواجه المرء نفسه ويحاسبها على جنوحها وأخطائها، وفي هذا الإطار تعي (ليلى) كم أهدرت كرامتها بزواجها عرفياً من زميلها، وتقدّر كم أساءت إلى نفسها. وفي المقابل يعاهد الزميل نفسه على إصلاح الوضع بمجرد وصوله.

بقي اخيراً ان نقول كم انه من المثير للدهشة أن تغفل السلطات عن غياب المحروسة في عرض البحر لمدة تصل إلى ثلاث ليال ذلك إلى أن يصل الأهالي الملتاعون على فلذة أكبادهم فتتحرك السلطات غير المسؤولة.

يقدّر للمخرج عثمان أبو لبن أنه استند إلى سيناريو له رؤية شاملة وبعد رمزي، سيناريو ثري بالعناصر الدرامية، استطاع أن يعرض موضوعه بإيقاع حيوي ينبض بروح الشباب، وأسلوب راقٍ بعيداًَ من الابتذال وخال من الافتعال إلا أنه يؤخذ على الفيلم اختزال مشهد غرق المحروسة وإغفال مشهد الأمواج العاتية التي يختص بها البحر الأحمر إضافة إلى أن الاستعانة بماكيت للمركب كان مفتعلاً.

الحياة اللندنية في

08/07/2011

 

 

كتاب - الأفلام حاضن طبيعي للأشرار

فجر يعقوب 

«أحب العنف في السينما» عبارة يمكن أن تصدر عن مشاهد مهووس بنوع محدد من الأفلام لا يتوانى من أن يطلقها في لحظة استرخاء بدني ونفسي، أو العكس من ذلك حين يكون هذا المشاهد متحفزاً تماماً وفي كامل أهليته ليدلل عن احالات نفسية وثقافية يجد صداها في هذه الأفلام التي تعجبه.

غير ان الأمر يبدو مختلفاً تماماً حين نجد العبارة تتصدر كتاباً بالعنوان نفسه عن المخرج الأميركي كوينتين تارانتينو المولود في نوكسفيل (ولاية تينسي) في 27 آذار 1963 لأب من أصول ايطالية. اذ يمكن اعتبار تارانتينو واحداً من المفاجآت السينمائية حتى منذ أن أطلق فيلمه الأول «خزان الكلاب»، وهو من يومها، لم يحرك الدوائر الساكنة في نفوس المشاهدين وحسب، بل أيضاً عند النقاد والسينمائيين، وبخاصة أن فيلمه هذا شهد انطلاق عروضه في عدة مهرجانات عام 1992، في كان ومونتريال وتورنتو. والأهم بالنسبة إليه هو انطلاق عروضه التجارية في الولايات المتحدة الأميركية وقد تحوّل إلى فيلم مثير للجدل لجهة اعتماد اسلوبية جديدة في سرد هذه النوعية من الأفلام.

بالنسبة الى مخرج لم يذهب إلى مدرسة للفنون، وبدأ يحظى بشهرة خاصة منذ مطلع التسعينات ولم يتجاوز العشرين من عمره بعد، فإن هذا يعد انعطافة في الحياة السينمائية الأميركية، وتغيير لـ «المثل العليا» فيها، حين نعرف أن تارانتينو سيوغل في طريقة تقديمه للعنف بشكل غير مسبوق، مصحوباً بلمسة لا تخلو من سخريات ولهجات عامية وعبارات مغرقة في انحطاطها يتحصل عليها من مختلف الولايات أثناء كتابته لسيناريواته.

أفلام تارانتينو التالية كذلك لا تخلو من الأشرار، لا بل إنها تغص بهم وحدهم، وكل ذلك من أجل خلق العنف الذي يرنو إليه. ولا يقف تارانتينو أمام استخدامه موسيقى أفلام أخرى من سبعينات وثمانينات القرن الماضي مثل موسيقى البلوز الخاصة بأفلام العصابات. انه يعتبرها جزءاً من العنف الذي يتوق إليه، فهو عندما يبدأ تصوير فيلمه تتجمع في رأسه القطع الموسيقية ليطابق بينها وبين الشخصية، في ما يطلق عليه روح الفيلم.

نال تارانتينو جائزة الأوسكار عن فيلمه «الخيال المثير» عام 1995، وكما نال جائزة أفضل سيناريو. وبفضل نجاحاته الأولى تلك، كما يشير الكتاب أخذت السينما الأميركية المستقلة تنمو وتشعر بهيبة غير مسبوقة، وهذا أدى بدوره إلى استقرار شركة «ميراماكس» منتجة أفلامه، ورفعت من سقف ميزانيات الانتاجات المستقلة وتوزيعها الواسع.

هكذا، اذاً، كل شيء بدأ من عند شاب مهووس كان يعمل مستخدماً في محل لبيع أشرطة الفيديو. حتى أنه كتب الكثير عن هوسه لاحقاً، وفي هذا الكتاب الذي تنشره منشورات «غليبري» في العاصمة البلغارية، صوفيا، ثمة الكثير من الحوارات الساخرة والعدائية التي تجمع مخرج «أقتل بيل»، الفيلم الذي تتداخل أجزاؤه ببعضها البعض، فيبدو أن ثمة خطأ في طريقة عرضها، لولا أن تارانتينو يشيع في ذلك نهجاً مجنوناً وعنيفاً يلسع به مشاهديه. هنا، في هذا الكتاب، تقوم هذه الحوارات التي تعود الى أزمنة ومنشورات عديدة، بنقل تأويلات تارانتينو نفسه للسينما التي يحب، ولماذا كان يفضّل أن يؤدي بعض الأدوار الصغيرة في أفلامه، وبخاصة في أفلام الجريمة التي لا تنتهي، وتشكل متاهة لأصحابها تطبق عليهم واحدا تلو الآخر، ولكن يمكنه أن يخرج منها هو «سالماً» بمقتله على يد شرير آخر.

يقع الكتاب في 190 صفحة من القطع الصغير، وقام بتحريره وجمعه فلاديمير تريفونوف، وهو صادر بالأساس عن المنشورات الصحفية لجامعة مسيسيبي.

الحياة اللندنية في

08/07/2011

 

قضايا شائكة وأبطال ايجابيّون لجمهور يضجّ بالشباب

كارلوفي فاري (تشيخيا) - فيكي حبيب 

لا حشود غفيرة على السجادة الحمراء في كارلوفي فاري... ولا نجوم تغمرهم الأضواء أو يتسابق المصورون الى التقاط صورهم... التظاهرات امام أبواب الصالات. و «النجوم» هم آلاف محبي الفن السابع، ممن لا يجدون مانعاً من الوقوف في طابور طويل على لائحة الانتظار لساعات، علّ الحظ يبتسم لهم، ويجدون مكاناً شاغراً في الصالات المعتمة. لكنّ هذا لا يعني ان عدسات مصوري المشاهير خارج الخدمة... ففي كارلوفي فاري النجوم موجودون أيضاً، ولكن بعيداً من الاستعراض. جودي دنش، مثلاً، موجودة هنا لنيل الكرة البلورية. وجون مالكوفيتش للمشاركة في عرض أزياء طريف. ودايفيد مورس لتقديم فيلم جديد. اما جود لو وأندي غارسيا وميلوش فورمان وداني ديفيتو وهارفي كيتل، فحضورهم لافت في هذه الدورة، وإن من خلال شرائط دعائية قصيرة للمهرجان، تمر قبل بدء العروض، وتصوّر بذكاء وسخرية، «الفوائد المتعددة» للكرة البلورية التي نالها كل واحد منهم في سنة من السنوات في كارلوفي فاري. الفكرة الأساسية وراء هذه الشرائط تتلخص بالآتي: ماذا يحلّ بمجسمات الجوائز بعدما تغادر المسرح؟ أندي غارسيا، مثلاً، وجد في التمثال، حلاً مثالياً لخلع باب منزل، وجود لو، استعان بتمثاله ليتربع على مقدمة سيارته بعدما سرقت منها علامتها التجارية... وعلى هذا المنوال تسير الشرائط الدعائية للمهرجان بسخرية قد تشي بأن السينما هي الحضور والظاهرة في كارلوفي فاري لا الجوائز والبهرجة... أو، للأمانة، هي جزء من الظاهرة لأن الجزء الثاني هو الجمهور. ففي عاصمة السينما التشيخية - والعالمية لأيام قليلة -، ربما يصح القول ان الفرجة الأساس هي الجمهور. ولا عجب في ان الجمهور التشيخي الشاب (تحت سن 25) يعتبر في اوروبا من أكثر الشبان حباً للسينما. وليس هذا بالأمر الجديد، كما انه ليس، بالتأكيد، إرثاً شيوعياً، بل على العكس. ذلك ان التاريخ يشي بأن اول الشبان في تشيكوسلوفاكيا الذين انتفضوا ايام «ربيع براغ» على النظام الشيوعي والتدخل السوفياتي في بلادهم، كانوا من السينمائيين، سواء كانوا مبدعين او من أعضاء نوادي السينما.

وبهذا ارتبطت السينما بتلك الانتفاضة. وأكثر من هذا، حدث في تلك السنوات ان بارح كثر من السينمائيين التشيخيين المبدعين البلاد قاصدين أميركا أو اوروبا. وبسرعة صار كثر منهم من كبار سينمائيي العالم (ميلوش فورمان، ايفان باسير، فيرا شيتيلوفا، يان نيميتش... الخ). والأهم من هذا ان النسيان لم يطوهم بعدما «انتفت الحاجة الغربية اليهم كمنشقين»... بل ظلوا كباراً بين اهل السينما سواء عادوا الى بلادهم ام بقوا في الخارج.

شبان ومشجّعون

من هنا، وانطلاقاً من هذا الارتباط في أذهان الشبان التشيخيين بين السينما والحرية، يمكن دائماً توقع ان يكون الجمهور السينمائي في كارلوفي فاري، جمهوراً شاباً متحمساً. واللافت ان هذا الجمهور يأتي، قبل اي شيء آخر، ليشجع أفلاماً من بلاده لم يسبق عرضها... أو أفلاماً تعيد إليه ذاكرته، خصوصاً ان إحصاءات كثيرة تفيد بأن شبان تشيخيا هم من اكثر هواة السينما في العالم، اهتماماً بسينما بلادهم.

والأكيد ان كارلوفي فاري يشكل منبراً مهماً لتلمّس ما يكمن خلف هذا الواقع... وما يدفع ألوف الشبان الى المجيء من شتى انحاء البلاد، كل يحمل حقيبته فوق ظهره، وربما فراشه لينام كيفما اتفق، في صالات يخصصها المهرجان لذلك، أو في قاعات مدارس، أو في الساحات العامة... وهمّه الأساس ان يشاهد أفلاماً.

وإذا كان همّ مشاهدة ما هو محلي هو الاول، فإن هذا الواقع لا يمنع من ملاحظة إقبال جماهيري شبابي على افلام آتية من بلدان أخرى... فالشباب التشيخي يحب أيضاً الاكتشاف... ويعتبر «اكتشاف» ما سبق أن سمع عن عرضه، مثلاً، في مهرجان مثل «كان»، جزءاً من مهماته. فهو حين يتدافع عند كل عرض لفيلم كان سبق ان أثبت حضوره في دورة «كان» الأخيرة - ونخص هذه بالذكر لأن دورة كارلوفي فاري تعرض أكبر عدد ممكن من الأفلام الأساسية التي عرضت في المهرجان الفرنسي -، فإنه يعرف سلفاً ان ثمة سعادة في انتظاره... لا بسبب الفيلم نفسه، بل لأنه - ومهما سيكون رأيه في الفيلم - يشعر انه صار في قلب حركة السينما في العالم. من هنا لا يعود غريباً ان تجد طابوراً طويلاً على لائحة الانتظار امام أفلام مثل «شجرة الحياة» لتيرنس مالك (الفائز بسعفة «كان» الذهبية) و «ولد على الدراجة» للأخوين داردين، وتحفة الكوري لي دوك «آيرانغ» و «اليوم الذي يصل فيه» و «هانيزو» لناومي كاوازي و «ذات مرة في الاناضول» لنوري بلغي جيلان، من دون ان ننسى الجديد الآتي من «الشقيقات السابقة»، روسيا او المجر أو سواهما... فهذا كله، بالنسبة الى هذا الجمهور، صورة متكاملة لسينما العالم. السينما كما يصنعها العالم. وفي مثل هذا الإطار قد يكون مفيداً ملاحظة ان جمهور الشباب العريض، الذي يضفي على سينمائية المدينة مسحات ثقافية «سينيفيلية» حقيقية، أولاً من خلال اختياره العروض، ثم من خلال ردود فعله في الصالة، وبعد ذلك من خلال مناقشاته المتواصلة حول الأفلام التي شاهدها والتي يريد ان يشاهدها، هذا الجمهور الشاب لا يتوقف عن النقاش حتى في المطاعم والمقاهي. إذ حتى وإن كنت - مثلاً - لا تتقن لغة اهل البلاد، يكفيك ان تجلس في اي مكان عام قرب مجموعات الجمهور الشاب، لتسمع نقاشاً صاخباً، وستفهم من خلال اسماء الأفلام والمخرجين وبعض المصطلحات الفرنسية والانكليزية، ان الحديث هنا متواصل عن الأفلام. وللمناسبة لن يفوتك ان تشعر بسعادة خفية حين يصل الى مسمعك من هذه المجموعة او تلك كلمة لبنان او فلسطين الحاضرين في المهرجان في عدد من الافلام. فالواقع ان الجمهور العريض هنا قد يكون مهتماً بسينماه المحلية، فخوراً بها، لكن هذا لا يمنعه من الحديث المتواصل عن اكتشافاته الجديدة الكوزموبوليتية.

السينما قضية اساسية

والاكتشافات هنا، ليست قليلة، بخاصة انها متاحة للجميع في مهرجان لا يفوت قاصده ان يلاحظ بسرعة انه للجميع، فلا فرق فيه بين سينمائي وناقد وصحافي ومتفرج شاب، ما يجعل القضية الأساس هي السينما. وعلى هذا النحو، كان محقاً ذلك الناقد الذي قال مرة، قبل ان نكتشف بدورنا غنى هذا المهرجان وتنوعه وبعده السينمائي الخالص، ان في كل مرة يخامره فيها شك حول حاضر الفن السابع ومستقبله وصفائه السينمائي، يذهب الى كارلوفي فاري، فيعود الى إيمانه السينمائي، ولو... الى حين. فإلى اي مدى تلامس أفلام المسابقة هذا الواقع؟

إذا كان الجمهور التشيخي اختار مشاهدة افلام المسابقة الإثني عشر للتعرف أكثر الى الآخر من خلال عيون مخرجين من حول العالم، فإنه بالتأكيد لم يجد ضالته في غالبية افلام المسابقة. ومع هذا، يمكن التأكيد ان ظنه لم يخب، خصوصاً ان أفلاماً كثيرة استطاعت ان تنتزع تصفيقه، والأهم ان تحرك لديه أسئلة، ليس فقط حول الآخر، ولكن حول الطبيعة البشرية نفسها، التي لا تختلف بين شاب تشيخي أو ألماني او اسباني او اميركي. فمثلاً، في الفيلم الإسباني المميز «لا تخافي»، يمكن ان تكون البطلة منتمية الى اي جنسية اخرى، بما ان الهوية ليست الأساس، إنما الطبيعة البشرية، التي جعلتها ضحية سفاح القربى، ومزقتها إرباً. ومثلها بطلة الفيلم الألماني «شروخ في الصدفة» قد نجدها في اي بيت، بانكساراتها وخيباتها وحاجتها الى العاطفة بعد تحوّل اهتمام والدتها الى شقيقتها المعوّقة، ما جعلها في حاجة للهروب الى عالم خيالي بموازاة العالم الحقيقي من خلال اللجوء الى المسرح والتماهي وشخصية «كاميل» المسرحية. ولا يختلف عنها كثيراً بطل الفيلم الأميركي «متعاون» الذي استحق تصفيق الجمهور، فهو مخرج مسرحي مشهور، يختلط لديه الواقع بالخيال، الى درجة يكاد يؤمن بأنه يعيش داخل مسرحية.

باختصار، شخصيات منكسرة تتقاسم بطولة غالبية افلام المسابقة التي تتنافس في ما بينها غداً في السهرة الختامية من المهرجان. لكنها ليست من طينة الأبطال السلبيين، ذلك انها في انكسارها - في حالات كثيرة - تستمد قوة تجعل صاحبها ينتفض على واقعه سعياً للأفضل، ما يحرّك لعبة التماهي بين الجمهور والشخصيات الواقفة خلف الشاشة في تشديد جديد على ان السينما ليست فقط انعكاساً للحياة، إنما هي الحياة نفسها.

 «حرائق» لبنان في صدارة خيارات المتفرجين

«صُعقت عندما عرفت ان فيلم «حرائق» يتناول الحرب اللبنانية، إذ ظننت أول الأمر انه يتحدث عن حرب خيالية»... بهذه الكلمات يُبادر الشاب التشيخي في الكلام حين يعرف انك لبناني قبل ان يبدأ بطرح الأسئلة عليك حول رأيك بالفيلم، وهل هناك مبالغات. ولا تلبث ان ترى علامات الارتياح على وجهه حين تخبره انك تشاركه الإعجاب نفسه بهذا الفيلم الكندي الذي عرف كيف يصوّر بإتقان جنون الحرب اللبنانية وعبثيتها من خلال قصة إنسانية قد تكون أقرب الى الميثولوجيا الإغريقية.

ولا يختلف رأي هذا الشاب التشيخي عن رأي كثر من جمهور كارلوفي فاري. ففي خيارات الجمهور لأفضل خمسة أفلام معروضة في كل أقسام المهرجان، حلّ «حرائق»، حتى كتابة هذه السطور، في المركز الأول، متفوقاً على الفيلم الأميركي المميز «متعاون» الذي حلّ ثانياً، والفيلم الألماني المتقن «شروخ في الصدفة» الذي حلّ ثالثاً. واللافت ان الفيلمين الأخيرين عرضا ضمن خانة أفلام المسابقة الرسمية، فيما عرض «حرائق» المأخوذ عن نص مسرحي للبناني وجدي معوض في إطار استعادة لعدد من أفلام المخرج الكندي دينيس فيلنوف ولعل في ملاحظة الشاب التشيخي تكمن قوة الفيلم الذي ارتأى ان يتناول حرب لبنان من دون ان يسمّيها، للتشديد على ان بشاعة الحرب واحدة وإن اختلف المتقاتلون. طبعاً قد تبدو الإشارات الكثيرة التي يتضمنها الشريط حول مكان النزاع عصيّة على الجمهور الغربي غير العارف بنزاعات منطقتنا، لكنّ هذا لا يهمّ كثيراً، لأن اهمية هذا الفيلم بالذات انه قريب وبعيد من لبنان، بالمستوى ذاته. فالمهم، هنا أيضاً، سبر أغوار النفس الإنسانية للتعرف أكثر فأكثر الى الطبيعة البشرية، وبالتالي التعرف أولاً الى «الأنا» وما يمكن ان تمارسه من ارتكابات وفظاعات، قبل ان نسأل عن «الآخر».

الحياة اللندنية في

08/07/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)