حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

داود عبدالسيد:

قبول الآخر كما هو لا كما نريده

دمشق – فجر يعقوب

كرّم مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط في دورته الأخيرة المخرج السينمائي المصري داود عبد السيد في حفل الافتتاح بعرض فيلمه «رسائل البحر»، ومجموعة أخرى من أفلامه («البحث عن سيد مرزوق»، «أرض الأحلام»، «سارق الفرح» و«أرض الخوف») خلال أيام المهرجان.

يروي فيلم «رسائل البحر» حكاية يحيى، وهو«طبيب شاب مع وقف التنفيذ» فقد القدرة على الاتصال بمحيطه بسبب عاهة التأتأة، الملازمة له، فيقرر بملء ارادته أن يصبح صياد سمك في مدينة الاسكندرية التي يعود إليها بحثاً عن حب قديم عاشه قبل عشر سنوات. يخلق عبدالسيد في فيلمه هذا توازناً ذهبياً بين غموض شخصياته والمصائر التي تمضي نحوها طائعة ومن دون تردد، فحين يصر يحيى دائماً على الاستماع إلى موسيقى غامضة من نافذة في هذه المدينة والتردد على حاناتها البحرية، فإنه يرسم طريقاً لنورا، كي تتسلل وراءه وتبحث في عالم البراءة الذي يمثله عن مفقودات جعلت منها «مومساً» بالإكراه حين ارتضت لنفسها زواجاً فرض عليها هذا الشعور، ودفعت يحيى للقبول بها كما هي في النهاية، لا كما يريدها. فداود عبدالسيد هنا، لا يدفع نحو أحكام أخلاقية مسبقة تتسيد على رسائله البحرية (الغامضة) التي يفشل الجميع في ترجمتها، وتظل على أنها رسائل قرر البحر أن يرسلها إلى يحيى في ذلك اليوم العاصف، حين عاد إلى المدينة التي يحب ليكتشف فيها تغيرات مذهلة أصابتها في الصميم الروحاني الذي تمثله مدينة بحرية متوسطية مثل مدينة الاسكندرية. هنا حوار مع المخرج داود عبدالسيد حول فيلم «رسائل البحر»:

·         هل هي «رسائل البحر المتوسط» في لحظة عاصفة تعيشها بعض بلدان هذا الحوض؟

- دعنا نستبعد هذه الفكرة تماماً. الاستشراف ضروري طبعاً في حالة «رسائل البحر»، والقادم في مثل هذه الحالة قد يكون واضحاً وقد يكون غامضاً. لكن ما أعرفه عن فيلمي أنه يخص المجتمع المصري، ولا يخص البحر المتوسط كحاضن لدول كثيرة فيها تركيا وفرنسا الخ. ما يحصل تباعاً في المجتمعات العربية هو أنها على قدر كبير من التشابه في الأوضاع السياسية ودرجات التطور الاجتماعي فيها. ولذلك أجد من الطبيعي عندما تتشابه النظم السياسية في هذه المجتمعات حصول مثل هذه التحولات العاصفة سياسياً واجتماعياً.

·         نورا (بسمة) كانت تعامل كمومس من قبل زوجها كزوجة ثانية له في الفيلم. لماذا كان مطلوباً من يحيى (آسر ياسين) أن يعاملها بالمثل من خلال عرض المال عليها، وهو صاحب مشاعر ورسالة مختلفة؟!

- لم يكن هذا المطلوب، فنحن لدينا حكاية في دخل نورا من خلالها في مغامرة تشكل نزوة بالنسبة اليها، ويصبح التفاعل داخلها قريباً جداً من الوضع الحقيقي الذي ستعيشه. ويحيى هو من أيقظ في داخلها فكرة أن هذه العلاقة تعطيها مبررات أكبر للحرية لتصبح علاقة بلا قيود أو ضوابط. ما تراه نورا من وجهة نظرها أنها من خلال هكذا علاقة يمكنها أن تبقى حرة وقوية وتستطيع التملص من أي قيود تسببها علاقة حب تفرض واجبات والتزامات، فهي استمرأت هذه اللعبة، في الوقت الذي أصبح هذا الشعور بمثابة كشف معذب لها.

نرجسية بصرية

·         اعتقاد يحيى مبني على سذاجة مفرطة بخصوص علاقته بها، في الوقت الذي نجده راقصاً محترفاً مع كارلا، ويقصد مدينة منفتحة مثل الاسكندرية بحثاً عن حب قديم... ألا تعتقد أن بناء شخصيته هنا يخضع لما يمكن أن نطلق عليه نرجسية بصرية أوقعه المخرج بها؟

- يمكن أن تلتقي بإنسان تلقى تربية وتعليماً جيدين ولكنه يفتقد خبرة الحياة والشارع. وفي ما يخص يحيى، فإننا نجده فقد قدرته على الاتصال بالمجتمع المحيط به، ولم ينهل من التجارب المتوقعة في مثل سنه، بل بقي عند أمه المريضة بعد تخرجه كطبيب خاص بلا خبرات تذكر. فكرتي هنا تكمن في اعادة بعث هذه الشخصية، فهو يراهق في سن الرجولة ويمكنه أن يحب ويهوى، ولكن هذا لا يلغي إن ما يقوم به سيخلّف عنده عادات ثقافية راقية مثل الرقص وسماع الموسيقى.

·         هل هناك تأكيد على عدم قدرة يحيى على الاتصال بمن حوله بسبب عاهة التأتأة الملازمة له، وهي ما منعه أصلاً من مزاولة مهنته كطبيب؟

- لقد شرح ذلك في مونولوغ طويل نسبياً. ثمة مهن لا تستطيع أن تزاولها ببساطة، فأنت لا تستطيع أن تصبح مدرساً، وأنت لا تملك طلاقة اللسان وفصاحة اللغة والبيان. يحيى كان بوسعه كما قال له أخوه أن يصبح صاحب مختبر تحاليل طبية، وهو ليس بحاجة للاتصال كثيراً بمن حوله، ولكنه آثر أن يعيش حياته بطريقته بحثاً عن تفسيرات مختلفة لها.

·         اختيار مدينة الاسكندرية لتدور فيها أحداث الفيلم هل هو بسبب العمارة المميزة التي سيلجأ إليها يحيى بحثاً عن حبه القديم كارلا؟!

- لا ليس هذا بالضبط. مدينة الاسكندرية ظلت حتى وقت قريب نسبياً مدينة كوزموبوليتانية من مدن الدلتا. وهي كانت الميناء الرئيس لمصر، وفيها أكبر عدد من الايطاليين واليونانيين والقبارصة والمالطيين الخ. الاسكندرية هي (الثغر) الذي يدخل منه الطعام إلى الجسد ممثلاً بالمسرح والسينما والموسيقى.

·         هل هو حنين إلى مكانة مفقودة باتت تمثلها هذه المدينة في الوقت الحالي؟

- بالطبع هو حنين إلى تعددية أخذت تتلاشى تدريجياً من المجتمع المصري. ما أريد قوله إن العالم مليء بالأديان، وإنه تكفينا هذه النظرة الأحادية التي انتقلت إلينا بسبب العقم الثقافي والاجتماعي الذي مورس علينا من قبل نظم متخلفة أوصلت بنا جميعاً إلى هنا. عندي حنين ليس بالمعنى النوستالجي لمجموعة قيم وأفكار والتذكير فيها، بأنه يجب أن ننفتح على العالم ونتعامل مع الآخر من طريق نبذ العنف. نعم هي دعوة لقبول الآخر كما هو، ليس من طريق استغلاله، بل من طريق فهمه. يجب أن نحترم هويات بعضنا البعض، فما يفعله الاستعمار بشكل عام هو أنه لا يحترم هوية الآخر، وهذا يقابله عندنا الاستعمار الوطني (المحلي) الذي عايشناه كنظام سياسي مقيم لا يحترم هويتك ولا هويات الآخرين.

·         اختيارك للمخرجة نبيهة لطفي لتؤدي دور الايطالية المقيمة في مدينة الاسكندرية هل هو خيار ثقافي ناتج من طبيعة لطفي نفسها وازدواجية هويتها (لبنانية – مصرية)؟!

- أستطيع أن أصدق أن نبيهة لطفي هي سيدة ايطالية ربما لا أجدها عند ممثلات أخريات. نبيهة كانت قريبة من تصوراتي عن هذه الشخصية، فهي عندها نوع من التربية المتحررة التلقائية، وبالتالي جاء اختيارها تقنياً وليس اختياراً ثقافياً.

·         تحميل الفيلم رسائل مختلفة ألم يشكل ضغطاً عليه: (عدم تواصل يحيى مع الآخرين بسهولة – البحث العبثي عن تفسير لرسالة الزجاجة اختياره مهنة صياد وهو طبيب متخرج – قابيل الحارس الليلي لأماكن اللهو الذي يتخذ من ورم الدماغ ذريعة لمحاولة نقل أسماء معارفه إلى حبيبته بيسة - قارب القدس ومن حوله أسماك ميتة طافية على سطح الماء)؟

هذه دلالات وليست رموزاً. وفي ما يخص قارب القدس فقد جاء بمحض المصادفة، وهذا أندم عليه كدلالة وكان يجب أن أتخلص منه ولكنه خطأي على أية حال. أنا لا أريد الادعاء بما لم يكن موجوداً وأنفيه كتهمة، لأنني لست بهذه السذاجة، فأنا أحاول أن أوصل المعاني للمشاهد بشكل مجرد.

الدلالة والرمز

·         ولكن قابيل (محمد لطفي) هنا يمتلك بعداً ميثولوجياً واضحاً في الفيلم، فقد سبق له وارتكب جريمة قتل، وهو نادم على فعلته ولا يريد تكرارها على رغم بنيته القابلة لذلك؟

- أنا اسمي داود، وهذا لا يعني أنني ملك. أنا أحيلك إلى دلالة دينية وميثولوجية، وقابيل في فيلمي هو دلالة وليس رمزاً.

·         بما أن الفيلم هو مسار شخصيات، وليس مجرد حكايات ألا تعتقد أن هناك دوراناً مغلقاً لبعض هذه الشخصيات في نفس المكان مثل شخصية نورا، فهي الزوجة والمومس المتخيلة والحبيبة والعازفة؟

- يجب أن نفهم العلاقات الدرامية على مستوى الفيلم بالكامل. فلقاؤها به تحت المطر لم يكن مجرد مصادفة، فبعد أن كانت هي موضوع تلصص بالنسبة إليه، أصبح هو موضوع تلصص بالنسبة إليها. يحيى هو جمهورها كفنانة، ولقاؤها به جاء بعد أن أصبح هو موضوعها وشغلها الشاغل.

·         تقهقر وفناء الطبقة المتوسطة في المجتمع المصري هل نجده – دلالياً – في تلعثم يحيى وعاهة التأتأة المستديمة لديه؟

- هذه مقولة غير صحيحة اطلاقاً. والدليل على ذلك هو انتفاضة 25 يناير. لقد توسعت المدن المصرية، وأصبح التعليم يحمل أهمية كبيرة في المجتمع. الذي حصل هو إن الطبقة الوسطى مقموعة في بعض متطلباتها، ومأزومة اقتصادياً، ولكن هذا لم يكن يعني فناءها. انتفاضة 25 يناير هي انتفاضة طبقة وسطى، وليست انتفاضة جياع، وهي انتفاضة حرية وعدالة اجتماعية وكرامة انسانية، وهذه كلها شعارات الطبقة الوسطى، واذا كانت الطبقة الوسطى هي من قاد مثل هذه الانتفاضة وصنعتها، فكيف ندّعي أنها تفنى؟ الذي يحتضر يبقى ضعيفاً، فيما نجد أن الطبقة الوسطى عندنا قوية وترفض الأوضاع القائمة سياسياً واجتماعياً لأنها أوضاع لا تتوائم مع طبيعتها.

الحياة اللندنية في

29/04/2011

 

بدايات برتولوتشي من الثورة الى هيمنة الموت والتاريخ 

إبراهيم العريس

عند مشاهد النهاية في فيلم «الإمبراطور الأخير» لبرناردو برتولوتشي، حيث يصطحب الإمبراطور السابق العجوز بويي، طفلاً ليريه أنه كان حقاً آخر عاهل حكم الصين، صاعداً معه إلى غرفة العرش السابقة وقد أضحت الآن جزءاً من متحف، يكون تأكيد بويي، الثمانيني، للطفل أنه كان هو حقّاً الإمبراطور، من طريق علبة معدنية صغيرة كان منذ طفولته خبأها في مكان سري في العرش. وحين يفتح الطفل العلبة تقفز منها جرادة كانت موجودة هناك منذ زمن بعيد جداً.

ترى، أفليس في وسعنا أن نرى الجرادة كناية عن الذاكرة. والعلبة كناية عن السينما؟ بالتأكيد. لكن الأهم من هذا أن المشهد الحميم والخاص الذي نراه، وفيه عجوز منهك يعيش أيامه الأخيرة وطفل يكاد لا يعي مما حوله شيئاً، يبدو لنا هنا على حميمية تلوح في ظاهرها على تناقض تام مع ضخامة فيلم يروي، أصلاً، ثمانين عاماً تقريباً من حياة الصين، آخر الإمبراطوريات القديمة في تاريخ البشرية.

من ناحية مبدئية فيلم «الإمبراطور الأخير» فيلم تاريخي. لكن التاريخ هنا يروى من طريق فرد عاشه، وربما عاشه في وعيه الباطني أكثر مما عاشه في وعيه الظاهري. ولعل هذا ما يعطي هذا الفيلم تلك الحميمية، التي ميزت دائماً سينما برتولوتشي، حتى وإن اختفت دائماً خلف قناع الأحداث الكبيرة.

وهذا الاختفاء كان هو ما جعل بعض نقاد السينما يقسمون أفلام برتولوتشي إلى قسمين رئيسين: قسم ضخم يتعامل مع التاريخ وأحداثه الكبرى، وقسم آخر حميمي خاص، ليقولوا إن أفلام هذا القسم الأخير تبدو أشبه باستراحة محارب يلجأ إليها هذا المخرج الإيطالي بين فيلم ضخم وآخر.

خصوصية

لكن هذا ليس دقيقاً، إذ حتى في أفلامه الضخمة، لن يبدو لنا برتولوتشي سوى مخرج حميم وخاص جداً يطرح أسئلته الخاصة على السينما والعالم... وإلى درجة تبدو معها أفلامه كلها أشبه بسيرة ذاتية متواصلة. ومن هنا لم يكن مخطئاً ذلك الناقد الإيطالي الذي قال عن سينما برتولوتشي إنها «إلى جانب سينما فيلليني، تبدو الأكثر ارتباطاً بالسيرة الذاتية لصاحبها». وقد يحدث في بعض الأحيان أن يستعير برتولوتشي لسيرته الذاتية، أشخاصاً يبدو، ظاهرياً، أن ثمة انفصالاً تاماً بينه وبينهم، كما هو الحال مثلاً في «آخر تانغو في باريس»، أو... في شكل أكثر راهنية، في فيلمه الأخير «الحالمون». هذا الفيلم الذي ينطلق، كما تنطلق معظم أفلام برتولوتشي الأساسية من سؤال ذاتي جداً هو: «أين كنت يا ترى، حين اندلع ربيع باريس 1968؟».

صحيح أن جواب برتولوتشي كان واضحاً: «لم أكن هناك»، فهو كان في ذلك الحين يصور فيلمه «الشريك» حاصداً سمعة طيبة كان حققها له فيلمه الأول «قبل الثورة». ولكن اليوم، إذ ننظر إلى هذين الفيلمين المبكرين في مسيرة برتولوتشي، سنجد أن مخرجنا لم يكن أبداً خارج ذلك «الربيع» بل داخله حتى وإن لم ينزل الشارع مع الطلاب المتظاهرين، ولم يقم متاريس أو ينادي بشعارات: كان عمله السينمائي هو ثورته، هو الذي كان في ذلك الحين في السابعة والعشرين، «أي أكبر قليلاً من الطلاب صانعي الربيع الثوري آنذاك»، كما يقول.

مهما يكن من أمر، فإن برناردو برتولوتشي هو ابن من أبناء حركة الشبيبة والطلاب في ذلك الحين. لكنه ابن لا يعيش أية أوهام، ويعرف أن التغيير الحقيقي لا يكون عفوياً ولا مفاجئاً، ولكن عبر التراكم، وعبر مراجعة الذات والعالم.

صحيح أن من غير المنطقي القول إن أفلامه كلها تحمل تلك المراجعة، ولكنها تحمل التراكم، انطلاقاً من لغة الذات على الأقل. وعلى هذا النحو - وكما سنرى - يمكننا أن نفهم كيف أن سينما برتولوتشي هي في نهاية الأمر، سينما راهنة ومعاصرة جداً... وحتى عبر خوضها في أجواء تبدو خارج الزمن وخارج المكان الذي ينتمي إليه، كما هو حال «ثلاثيته الاستشراقية» التي حققها في أفلام ثلاثة عرضت خلال عشر سنوات وأتت متتالية من دون أن يفصل بينها أي عمل حميم: «الإمبراطور الأخير» (1987)، «السماء الواقية» (1990) و«بودا الصغير» (1993).

عند بداية برتولوتشي السينمائية لم يكن في الإمكان الافتراض أنه سيصل يوماً إلى تحقيق مثل هذه الأفلام. فهو، كتلميذ لبيار باولو بازوليني، كان معدّاً تماماً لتحقيق أفلام أقل طموحاً وضخامة. إذ إنه، بتكوينه كشاعر وناقد وبنزعته التمردية الدائمة، وخصوصاً بلغته السينمائية المستقاة مباشرة من الموجة الجديدة الفرنسية، وبأفكاره المستقاة من نوع مبهم من الماركسية، كان مؤهلاً لأن يكون نبياً في محفل السينما المتقشفة ذات القوة الفاعلة عبر بساطتها. غير أنه سرعان ما خرج عن ذلك الإطار لنزوعه إلى التناقض. وهو نفسه كان قال في درس سينمائي ألقاه ذات مرة: «... إنني أحب دائماً أن أنفخ في اتجاه ريح التناقض... ذلك أنني اعتبر التناقض أساس كل شيء، ومحرك كل فيلم وإبداع. وأنا على هذا الأساس حققت فيلم «القرن العشرون» (1900) عن ولادة الاشتراكية... فهو بالتالي فيلم اشتراكي موّلته دولارات هوليوود. وهو فيلم مزجت فيه بين نجوم هوليوود الكبار وبين فلاحين من منطقة «البو» لم يسبق لأي منهم أن شاهد فيلماً في حياته... ولكم سلاّني هذا الأمر ورفّه عني».

تناقض

طبعاً هذا الكلام يبدو هنا، في ظاهره، على شيء من التبسيط، لكنه في الحقيقة يتخذ دلالته حين نجد أن سينما برتولوتشي كلها قامت، في أعماقها، على مثل هذا التناقض. وبالنسبة إلى برتولوتشي نراه، إذ يطرح على نفسه سؤال: ما هي السينما؟ يجيب: «في ظاهره يبدو الفيلم مجرد وضع للفكرة في صور. ولكن في شكل أكثر سرية، السينما هي دائما بالنسبة إليّ طريقة ما لسبر شيء أكثر ذاتية وشخصية وتجريداً. ومهما يكن من أمر، فإن أفلامي، ما إن أنتهي من تحقيقها حتى أكتشف أنها مختلفة كلياً عن الشيء الذي كنت تصورته في البداية. إذاً، فالفيلم هو سيرورة تطورية بالنسبة إليّ. لذا تراني أقارن غالباً الفيلم بمركب قراصنة: ذلك أن من المستحيل معرفة أين سيصل هذا المركب إذا تركناه حراً في اتباع رياح الإبداع». وهذه الحرية هي ميزة أساسية من مميزات سينما برتولوتشي.

ولد برناردو برتولوتشي عام 1941 في مدينة بارما الإيطالية ابناً للشاعر والكاتب والناقد السينمائي آتيليو برتولوتشي. وهذا ما جعل برناردو يتجه منذ صباه إلى الشعر والسينما معاً. وهو كان عند بداية مراهقته حين راح يصور بعض الأفلام الصغيرة القصيرة على سبيل الهواية. ولاحقاً حين اصطحب الوالد الأسرة للإقامة في روما، كان برناردو بالكاد بلغ السابعة عشرة، وهناك التقى بيار باولو بازوليني... وما إن انقضى عامان على ذلك اللقاء، حتى طلب بازوليني من صديقه الفتي أن يكون مساعداً له في تحقيق فيلمه: «أكاتوني» (1961). واستجاب برناردو ليبدي في عمله دقة وحماسة، جعلتا بيار باولو يختاره ليخرج بنفسه فيلماً كانا كتباه معاً بعنوان «الموت»... وبالفعل حقق برتولوتشي على ذلك النحو، وتحت إشراف بازوليني، ذلك الفيلم في عام 1962، من دون أن يعتبره لاحقاً فيلمه الأول. فهو، على رغم حماسته، كان لا يزال يرى أن مجاله التعبيري هو الكتابة، وأن هذا الفيلم ينتمي إلى بازوليني. ومع هذا ربما يكون علينا أن نلاحظ في «الموت» من الشاعرية ما ينتمي إلى برتولوتشي الشاعر، في الوقت الذي ينتمي فيه موضوعه وأجواؤه إلى عوالم بازوليني. فالفيلم الذي يدور حول مقتل عاهرة والأسئلة المتحلقة حول هذا الموت، مملوء بزعران الضواحي والمراهقين وفكرة «الموت الزاحف إلى كل واحد منا ببطء ولكن بثقة». والحال أن هذا الفيلم، عبر أحداثه تمكن من أن ينقل إلينا سؤالاً أساسياً، على الأقل، يتعلق بفكرة الزمن ومروره... وهذه الفكرة سنراها تلح على سينما برتولوتشي الذي اكتشف، على الأقل بفضل هذا الفيلم المبكر والمجحود، أن في إمكانه هو أيضاً أن يكون سينمائياً شرط أن يعبّر عن أفكاره هو... لا عن أفكار الآخرين. ولسوف نُفاجأ بمقدار ما سيحافظ برتولوتشي على هذا البعد، حتى حين يقتبس رواية من مورافيا، أو قصة من بورخيس، أو نص بول بولز الأساسي «السماء الواقية»... أو حين يغوص في رحى التاريخ، أكان إيطالياً أم صينياً أم بوذياً. وحتى لو كان برناردو برتولوتشي يرى اليوم أن «الموت» لا ينتمي إليه، فإن النقد لا يوافقه على ذلك، حتى وإن كان لم يشجعه كثيراً على تلك البداية. وفي هذا الإطار قد يكون مفيداً أن ننقل ما قاله عن هذا الفيلم الناقد الإيطالي مورانديني في معرض لومه النقاد الذين لم «يكتشفوا» برتولوتشي باكراً، أي منذ ذلك الفيلم: «كان المرء في حاجة إلى أن يكون مغمض العينين تماماً لئلا يرى أن برتولوتشي لا يدين إلا بالقليل القليل لبازوليني في هذا الفيلم: فالفيلم يبدو انطباعياً شاعرياً متأرجحاً، بينما نعرف كيف أن بازوليني كان في ذلك الحين ملحمياً صاخباً وصلباً. إن برتولوتشي هنا، يدور حول الأشياء بدلاً من أن يجابهها... إنه هادئ ورومانسي بينما نعرف أن بازوليني عنيف وروماني».

ولاحقاً سيحذو كثر من النقاد حذو مورانديني في حكمه هذا... بالطبع.

سمات طليعية

إذاً، مهما كان الاستنتاج الذي يمكن أن نطلع به، لا بد من أن نقول اليوم إن «الموت» كان تجربة برناردو برتولوتشي الحقيقية الأولى.

لكن دخوله الواثق من نفسه إلى عالم الفن السابع كان عبر «قبل الثورة» الذي حققه بعد ذلك بعامين، أي في عام 1964. والأهم من هذا أن «قبل الثورة» أتى منتمياً إلى عالم السيرة الذاتية تماماً، مفتتحاً بالتالي سينما يصنعها برتولوتشي - ولا يزال يفعل حتى اليوم - مهتماً فيها بأن يسبر تاريخه الخاص ويسائله. لقد وصف «قبل الثورة» بأنه فيلم سيرة ذاتية حققه فنان مفتون بالكاتب الفرنسي ستندال (الأحمر والأسود)، وأخرجه سينمائي مبهور بفيسكونتي، لكنه يتمنى أن يعبر عن نفسه على طريقة غودار. غير أن النتيجة أتت خاصة جداً لا تشبه إلا برتولوتشي نفسه. أما فيسكونتي فسينتظر دوره كملهم لبرتولوتشي حتى تحقيق فيلم «القرن العشرون»، وأما غودار فإن سماته ستظهر في الفيلم التالي لبرتولوتشي «الشريك»، أي الفيلم الأكثر إثارة للخيبة بين أفلام هذا السينمائي الإيطالي كلها.

* مقاطع من دراسة طويلة عن برتولوتشي تشكل أحد فصول كتاب «ما وراء الشاشة» لإبراهيم العريس الصادر أخيراً عن المؤسسة العامة للسينما – دمشق

الحياة اللندنية في

29/04/2011

 

«أشلاء»: مقاطع من خطاب سينمائي عاشق

الدار البيضاء - نور الدين محقق 

يحاول فيلم «أشلاء» للمخرج المغربي حكيم بلعباس، أن يغوص في ثنايا الذاكرة الفردية، ومن خلالها في الذاكرة الجماعية، ويسجل اللحظات المنفلتة من الزمن الذاتي والموضوعي، السيري والغيري، موثقاً بإخلاص نادر ومستشرفاً بكل عفوية حيوات عابرة، متحولة. وهو في هذا يبدو كأنه فيلم آت من زمن آخر، هو زمن العشق بامتياز. هذا العشق، سواء أكان متعلقاً بالذات/ النحن أم بمجال توثيقها من طريق الصورة، يبدو قادراً على تحويلها من اللحظي العابر إلى الفني الباقي.

هكذا ينطلق الفيلم منذ البداية، وهكذا تنفتح عين الكاميرا لنرى من خلالها ما لا يمكن أن يُرى إلا من خلال هذه العين السحرية الباهرة والمُبهرة في الآن ذاته. نرى صور طفلة صغيرة تدلي برأيها في كل ما يحيط بها، في المخرج وفي السينما معاً، لتنفتح عين الكاميرا عن طريقها على تصوير لقطات سينمائية تتعلق بأهل الحي، وبالأسرة وبالذات، فبالنسبة لأهل الحي، تبدو المياه الناتجة عن تساقط المطر وقد ملأت الفضاء المرئي، نجد أن المخرج/ المؤلف قد حرص على تسجيل أهم الشخوص التي أثرت في مسيرة حياته، سواء الشخصية منها أو الفنية، فقد ركزت الكاميرا على تقديم أناس طيبين عاشوا لحظات قاسية في حياتهم، خصوصاً وهم على وشك توديعها. هكذا انفتح الفيلم على لقطات مؤثرة، ظهر فيها شيخ طاعن في السن، وهو يقوم بعملية الوضوء، ثم يتهيأ بعدها لأداء الصلاة، كما انفتح الفيلم في لقطة أخرى على شخص مريض في بيته ونور الشمعة يتراقص أمامه، وهو فاقد للبصر إلا من ضوء باهت يشعّ بالكاد من إحدى عينيه، في حين إن العين الأخرى مطفأة تماماً.

والحديث مع هذا الشخص يبدو مؤثراً جداً، فهو يعيش في لحظة تسجيل الحديث معه، عالةً على غيره، وبالتحديد على بعض أهل الحي، الذين حرصوا على زيارته باستمرار، وتقديم الطعام إليه، مخافة أن يفاجئه الموت على حين غرة.

إنسانية

وقد قدم الفيلم أيضاً في سياق الحديث عن الآلام والغياب والموت، لقطات إنسانية عميقة، تطرق من خلالها إلى الغياب والانتظار الممزوج بالألم والانفتاح على الجرح الإنساني في أقصى لحظاته وتجلياته العميقة. كل ذلك في عملية سينمائية تجمع بين التوثيق والتسجيل والشهادة، وبحبكة سينمائية قوية تتميز بفنية عالية، كما تجمع بين الفردي والجماعي في بوتقة إنسانية متكاملة.

يعود المخرج/ المؤلف بعد ذلك لتقديم صور ولقطات سينمائية متسمة هذه المرة بالفرح الإنساني في أسمى معانيه، فرح الولادة بعد آلامها، وفرح الاحتفاء بالمولودة الأنثى والطقوس التقليدية المرافقة لذلك، ثم فرح الاحتفاء أيضاً بعملية الختان المتعلقة بالطفل الذكر بكل تفاصيلها الدقيقة. صورة مؤثرة تذكِّر بلحظة من أهم اللحظات الإنسانية التي أثرت وتؤثر في حياة الذين مروا بالتجربة نفسها. عودة أخرى في تلقائية سينمائية جميلة إلى جو الأسرة، حيث يتم ذبح كبش احتفاء هذه المرة بالطفلة، وحيث يتم التركيز على تقديم كل من الجدة والأم والعمات وكل أفراد العائلة وهم فرحون بهذه اللحظة الرائعة. حتى المخرج/ المؤلف حكيم بلعباس يحرص على تقديم نفسه في صورة تلقائية وهو يحمل ابنته كي تكتمل صورة الحفل كما جرت العادة بذلك.

هي إذاً صور سينمائية إنسانية، كل واحدة منها تؤرِّخ وتوثِّق إنسانياً للحظات عاشها المخرج/ المؤلف أو وقعت بالقرب منه أو سمع عنها وتأثر بها. لكن مع ذلك، هناك خيط رفيع يربط بين هذه المقاطع السينمائية، سواء تعلق الأمر بلحظات الحديث مع الأب أو الأم، أو لحظات التصوير السينمائي التي قدمها الفيلم بشكل عادي، أو لحظات الولادة المتعلقة بميلاد الابنة، أو لحظات الختان المتعلقة بختان الطفل بشكل تفصيلي تام، أو لحظات تسجيل معاناة الناس العاديين داخل بيوتهم وخارجها، أو مراسم عملية الدفن المتعلقة بدفن الأب والترحم عليه.

نصائح

وتمثَّلَ هذا الخيط الرفيع في تلك العلاقة الحميمة القائمة بين الابن/ المخرج وأبيه من جهة، وبين هذا الابن نفسه وأمه من جهة أخرى، خصوصاً بعد رحيل الابن إلى أميركا لمتابعة دراساته العليا هناك، وبعد عودته منها مهووساً بالسينما وبالرغبة في إنجاز أفلام خاصة به. يقدِّم الفيلم هذه اللقطات بكثير من الشاعرية الفنية المتأسسة على التلقائية في بُعدها البوحي الجميل، حيث نرى الأب وهو يسدي النصائح لابنه حاثّاً إياه على ترك السينما والاهتمام بذاته كما يفعل سائر الناس، لأن السينما التي يريدها لا تمنحه سوى المتاعب ووجع الرأس، كما يقدم الفيلم في لقطات أخرى صورة للأم وهي تنصحه بدورها بالزواج، لأن الزواج هو الذي يهيئ له الاستقرار على جميع المستويات، وأن المرأة التي سيتزوج بها هي وحدها الكفيلة بمنحه الطمأنينة التي يحتاجها.

من بين اللقطات القوية أيضاً في الفيلم لحظة موت الأب ولحظة دفنه وحديث إحدى بناته لأخيها المخرج/ المؤلف عن الحلم الذي رأته فيه، وهو حلم وجدت فيه تعزية كبيرة لها، لأنه حلمٌ يحمل رمزية جميلة، هي رمز ذهاب أبيها إلى الجنة. وهي كلها أمور تبيِّن مدى هذا الرابط الإنساني القوي الذي يربط الابن المخرج/ المؤلف بأبيه، سواء على مستوى العاطفة، أو حتى على مستوى الرؤية إلى العالم، والذي يربطه بأمه على مستوى العاطفة طبعاً، وعلى مستوى التجاوب وتبادل الأحاديث، وهو ما دفع به إلى الحرص على تسجيله وتوثيقه.

ساعدت الرؤية الإخراجية للفيلم على أن تجعل هذه المقاطع السينمائية، أو لنقل حسب عنوان الفيلم بالعربية، هذه الأشلاء، تجتمع في بؤرة موضوعاتية واحدة، هي علاقة الغياب بالحضور أو علاقة الحياة بالموت، لتجعل من هذه الأشلاء فيلماً/ جسماً سينمائياً متكامل العناصر وبعيد الرؤى، فيلماً يتجاوز عملية التوثيق الخالص إلى عملية الإبداع التأليفي الفني، الذي يأخذ من اللقطات ما يناسب توجُّهَه السينمائي العام، ولا يكتفي أبداً برص اللقطات واحدة تلو الأخرى فحسب.

هكذا يمكن القول إن المخرج/ المؤلف حكيم بلعباس قد قدم للفن السينمائي المغربي فيلماً سينمائياً جديراً بالمشاهدة والمتابعة النقدية معاً، كما هو جدير طبعاً بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم التي حصل عليها هذه السنة بمدينة طنجة.

الحياة اللندنية في

29/04/2011

 

مهرجان الديوانية: سينما متنقلة

الديوانية (العراق) - فاضل رشاد 

حظي مهرجان السينما المتنقلة الذي أقيم في الديوانية قبل أيام بإقبال كبير من هواة الأفلام والمختصين في مجال السينما في شكل لافت للانتباه في تلك المدينة العراقية الجنوبية البسيطة.

فحالة الاستقرار النسبي التي تشهدها المدينة أدّت إلى إقبال السكان على الأنشطة الترفيهية مثل العروض السينمائية التي كانت قد توقفت منذ ما قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.

وقدمت جميع العروض التي تضمنها المهرجان على شاشة كبيرة تملأ بالهواء ويجلس المشاهدون على مقاعد من البلاستيك في الهواء الطلق.

رئيس المهرجان عطية الدراجي قال إن فكرة المهرجان تشمل معظم المحافظات حيث يتم عرض أربعة أفلام في مناطق مختلفة من كل محافظة، مشيراً الى أن «المهرجان يهدف إلى إرجاع العائلة إلى دور العرض ومشاهدة الأفلام السينمائية الهادفة لبث روح التسامح والثقافة العامة». وتابع الدراجي أن «العلاقة بين العائلة والسينما انقطعت بعد عام 1991 بسبب انتشار الأفلام السيئة والرديئة، كما أن دور العرض السينمائي اختفت في شكل كامل من العراق بعد عام 2003».

وذكرت صباح المعمار إحدى المشاهدات اللواتي حضرن العرض أن العائلة العراقية تفتقد هذا النوع من العروض لأفلام عراقية جيدة تبث روح التلاحم والثقافة وتروي ما تعرّض له الشعب من محن، داعية إلى اختيار مكان العروض في شكل دقيق ليستطيع أكبر عدد من الجمهور مشاهدة الأفلام.

وقال رحيم محمد أحد المشاهدين الذين حضروا العروض إن المهرجان أرجعه الى أيام الثمانينات حين كان الدخول إلى صالات السينما أحد طقوس العائلة العراقية في نهاية الأسبوع.

وأكد المنسق الإعلامي للمهرجان حسام الشرع أن أهداف المشروع تتضمن دفع القائمين على قطاع الفن والثقافة والسينما إلى الالتفات للبنى التحتية للثقافة وإعادة بنائها وترميمها وتأهيل دور العرض في عموم العراق للنهوض بالمستوى الثقافي السينمائي العراقي «بما يتلاءم مع مفاهيم الديموقراطية وحرية التعبير عن الرأي»، مؤكداً أن الموازنة الكبيرة التي يتطلبها تعد «من أبرز العوائق التي تواجه استمرار المشروع».

وعادت الحياة الفنية إلى الازدهار مجدداً في الديوانية بعد استتاب الأمن فيها ومع تزايد رغبة المواطن هناك بممارسة نشاطاته الحياتية في شكل طبيعي من دون تقييد أو منع من المليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، والتي فرضت سيطرتها على المدينة طوال الأعوام الماضية كما فرضت نمطاً خاصاً من السلوك على السكان.

واعتبر الناشط في حقوق الإنسان سليم المرمضي أن إقبال النساء على مشاهدة العروض المسرحية يعد حالة صحية تدل على تعافي المجتمع الديواني. مشيراً إلى أن المرأة في مدينة الديوانية لا زالت تعاني من بعض العادات الاجتماعية التي لا تتيح لها ممارسة حريتها ضمن خطوط الآداب العامة. واعتبر أن إقبال المرأة الديوانية على المسارح وإن كان بعدد قليل يمثل حالة صحية وهناك توقعات شبه مؤكدة بازدياد أعدادهن مع مرور الوقت.

وكانت العروض السينمائية قبل الغزو من وسائل الترفيه التي تحظى بإقبال من العائلات العراقية، في المدينة وكان معظم الأفلام الذي يعرض من إنتاج هوليوود.

وكانت قد شهدت خشبة المسرح داخل قاعة الحرية في البيت الثقافي في القادسية عرضاً مسرحياً بعنوان «مليونير ولكن» للفرقة الوطنية للتمثيل في الديوانية، وهي من تأليف حسين العراقي وإخراجه وتمثيل عدد من فناني محافظتي القادسية وبغداد، حيث شارك في التمثيل حيدر منعثر وحيدر إبراهيم وأسماء صفاء وعبدالستار الربيعي وآخرون.

يذكر أن الديوانية، كانت تضم أربع دور للعرض السينمائي حتى عام 2003، بعده أغلقت لتتحول إلى مخازن ومعامل. 

الحياة اللندنية في

29/04/2011

أفلام جديدة (29-04-2011)

} «ان ترى البحر...»

اخراج: باتريس لوكونت ـ تمثيل: بولين ليفوفر، كليمان سيبوني

> بعد ثلاث سنوات من غياب سينمائي غير مبرر، يعود لوكونت محققاً هذه المرة فيلماً رضي عنه النقاد الذين لاموه على أفلامه الأخيرة. في هذا الفيلم الجديد، يحاول المخرج الفرنسي المخضرم والذي كان وصل الى ذروة نجاحه في «فتاة على الجسر»، الى ما يسمى بسينما الطريق انما على الطريقة الفرنسية. فالموضوع هذه المرة عن أخوين شابين يلتقيان صبية حسناء لم يسبق لها أن رأت البحر من قبل، وتريد الآن أن تراه في نهاية مشوار يقودها الى منطقة الباسك... وهو المشوار الذي يرافقها فيه الأَخوان، ما يؤدي بالطبع الى حكاية حب مثلثة الأطراف، لحسن الحظ لا تنتج الكثير من المشاكل، بل توصل الى نهاية شاعرية تقول ان لوكونت يستعيد هنا حبه للحياة وبالتالي لسينما الشمس المشرقة.

} «النسر...»

اخراج: كيفن ماكدونالد ـ تمثيل: شاننغ تاتوم، جيمي بيل

> يحاول هذا الفيلم التاريخي ان يعيد حكايات النجاح - النسبي على أية حال - التي كانت من نصيب عدد من الأفلام التي حققت خلال العقد الأخير عن أحداث ومعارك تدور أيام اليونان والرومان. والحقبة هذه المرة رومانية، وهي تدور حول اختفاء غامض لفرقة من الجيش الروماني لا يقل تعداد أفرادها عن 500 شخص. أين ذهب كل هؤلاء الجنود وقائدهم، لا أحد يعرف. ومن هنا يجمع ضابط شاب، هو ابن قائد الفرقة الضائعة، عبيده وقد حولهم جنوداً ويروح معهم باحثاً عن النسر المذهب الذي هو شعار فرقه أبيه، فهل ستكلل المهمة بالنجاح؟ لن نعرف إلا في نهاية الفيلم شرط أن يكون لدينا من الصبر ما يوصلنا الى تلك النهاية!

} «كاونتري سترونغ»

إخراج: شانا فيستي ـ تمثيل: غوينيث بالترو، ليتون ميستر...

> هل اقتنعت غوينيت بالترو أخيراً بأن هذا الفيلم سيدخل تاريخ مسيرتها السينمائية بوصفه الأردأ بين أفلامه ما يفسر كونه الأقل نجاحاً بين هذه الأفلام حتى الآن، لسنا ندري... كل ما ندريه هو أن النقاد وأهل المهنة يقولون لك اليوم انهم عبثاً بحثوا عن هذه الفنانة الكبيرة (والتي فازت بأوسكار صاخب ومستحق عن واحد من أول أدوارها في فيلم «شكسبير عاشقاً»)، في ثنايا هذا الفيلم الذي تلعب فيه دور مغنية فاشلة لنوع الغناء الريفي الأميركي، تحاول أن تستعيد مكانتها الفنية، معتمدة على حبيب لها يحاول بدوره أن يجعل لنفسه مكانة في عالم تلحين هذا النوع، من خلال أغنيات فاشلة يلحنها للبطلة.

} «التحري دي...»

اخراج: تسوي هارك ـ تمثيل: آندي لاو، كارينا لاو

> على رغم صينيته المؤكدة، ومعاصرته في نهاية القرن السابع الميلادي للحكم الإمبراطوري، يجب علينا ألا ننسى أن التحري دي هو في حقيقة أمره من بنات أفكار كاتب هولندي عاش في الصين زمناً طويلاً وكتب سلسلة روايات بوليسية تدور أحداثها في الأزمان الصينية القديمة مع أن طابعها العقلاني غربي بالتأكيد. ويأتي هذا الفيلم المأخوذ عن إحدى روايات هذا الكاتب (روبرت فون غوليك)، ليمزج، إذاً، بين تاريخ الصين ومغامرات التحري... والنتيجة تأتي على شكل واحد من أكثر الأفلام التي تعرض الآن في العالم، متعة وجمالاً. وهذا الشيء ليس جديداً على المخرج الصيني هارك، الذي يعتبر سيداً من أسياد سينما المغامرات سواء أكانت حربية - على الطريقة الصينية - أو بوليسية، تاريخية أو معاصرة.

الحياة اللندنية في

29/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)