حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

إسعاد يونس:

لن نراهن علي نجاح الأعمال التافهة ويكفينا صناعة فيلم محترم

بقلم : نسرين السعداوي

نجمة إنتاج سينمائية بدأت مشوارها فنانة كوميدية ولها مقالات أدبية بسيطة وتلقائية وتؤمن بالحياة الطبيعية والحرية مازالت شخصية والدها هي الشخصية المثالية، نموذج حي للمرأة الشرقية وبنت البلد الشعبية وعندما تتحدث تشعر أنها صديقتك أو جارتك أو إحدي قريباتك المصرية مازالت تتمتع بخفة الظل والنكهة الفكاهية.

·         كيف ترين السينما بعد الثورة؟

ـ السينما الآن ليس لها أي ملامح لأن ملامح السينما القديمة انتهت لكن لم ننس أن الأفلام ما قبل الثورة كان بها الجاد، الكوميدي، الاجتماعي، المستهلك والتافه والمرفوض، وهذا شيء صحي ومشروع، ولكن الفرصة الذهبية الآن للأفلام التي كانت مرفوضة من الرقابة ويجب إعادة كتابتها بوضوح لتجديد السينما بروح الشباب التي كانت مندثرة منذ فترة واللغة السينمائية المقبلة هي لغة الشباب دون شك.

·         هل كنت تتوقعين ثورة؟

ـ كنت متوقعة هذا، ولكن السيناريو جاء قدريا من صنع الرحمن والثورة عامة نوع من أنواع الحضارة لابد وأن تحدث والمسئولون استهانوا بعقلية وفكر ومقدرة الشباب ولم يدركوا مدي تأثير الفيس بوك وأهمية التواصل بين جميع الطوائف والأعمار دون معرفة شخصية، وساعد علي ذلك الفراغ الذي عند الشباب واستغلوا كل هذا معا وفجروه في الثورة والنظام السابق كانت نقطة ضعفه أنه يري الشباب عيالا ولم يستطيعوا فعل شيء ولم ينتبه إلي تأثير التكنولوجيا علي الشباب.

·         كيف ترين خريطة النجومية؟

ـ شكل النجومية بالطبع سوف يتغير ولكل عصر وله نجومه فكان يوجد عصر نجوم حسين فهمي ومحمود ياسين ثم نور الشريف وأحمد زكي، وانقلب ميزان النجومية فأصبح نجم الكوميديا هو نجم العصر كالنجم محمد هنيدي، أحمد السقا، محمد سعد، ثم عادت بعد ذلك النجومية التقليدية عن استحياء كالنجم أحمد عز، هاني سلامة، كريم عبدالعزيز، وأعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد حالة انصهار ما بين الشباب والنجوم وسيحدث الصلح والمفروض التماس العذر لأن بعض الفنانين لم يستوعبوا الثورة وأصدروا أحكاما من منظور خوفهم علي مصر ليس أكثر، ونحن مصريون روحنا جميلة وليست قاسية ولا ننسي هؤلاء النجوم الذين أعطوا عمرهم وتفانوا في الفن والتاريخ لن يموت.

·         كم تكبدت الخسائر السينمائية؟

ـ حجم الخسائر كثيرة جدا لأن كل شيء متوقف وكان عندنا أصلا مشاكل توزيع للدول العربية من قبل الثورة وبعد الثورة ازدادت الحالة سوءا والإيراد متدن جدا يا دوب يأتي بفواتير المياه والكهرباء بسبب توقف القنوات الفضائية عن شراء الأفلام وكانت القنوات هي المصدر الوحيد لنا كمنتجين والكل متوقف بشكل عام لكن لابد من الاستمرار لكي نحيا.

·         إلي متي ستظل هذه الخسائر وكيفية تعويضها؟

ـ لو أردنا الوقوف بجانب بلدنا سنفعل المستحيل والتفاؤل أهم شيء في الحياة وهوس النجاح ولن يتحقق إلا بتكاتف إيدينا معا ولابد من عودة السينما لأنها الأداة الوحيدة الأولي للترفيه، وأرخص سعرًا، والحضن الآمن الذي نلجأ إليه وقت الملل، وبداخلي إيمان وأمل وأقول دائما للناس نحن صبرنا ثلاثين عاما علي الظلم ألم نصبر سنة واحدة علي العدل؟!

·         رأيك في اقتحام المخرجين للثورة من خلال تعديلهم للسيناريوهات؟

ـ كل مؤلف لديه فيلم قد رفض أثناء النظام القديم من حقه أن يعيد صياغته بشكل يناسب ما بعد الثورة وهذا الفيلم حقه الطبيعي وأنا شخصيا كان لدي فيلم «بالقلم» وهذا رفض يوم 19/1 من وزارة الداخلية وسبب رفضهم ظهور الضابط بشكل ناقد من وجهة نظرهم وخاصة ونحن علي قدوم أعياد الشرطة ومتوترون وهذا الفيلم غير مناسب في الوقت الحالي فأصابني الاستياء والاكتئاب فطلبت عمل لجنة وكنت مصرة علي حقي لأن الشخصية عبارة عن إنسان قاس بسبب ظروف بيئته وهذا أمر وارد بين كل الناس وأبناء الشرطة هم من الشعب والناس وذهبت يوم الثورة ولم أر الشخصية التي رفضت الفيلم وحصلت علي التصريح، لكن مازال الوقت مبكرا لإنتاج سينما الآن.

·         أهم المواقف التي لا تستطيعين نسيانها أثناء الثورة؟

ـ كنت مريضة وأتحرك بالعكاز وأعرف أخبار العالم من خلال القنوات الفضائية والأرضية وكانت تصلني رسائل مصورة sms من ميدان التحرير وأهم المشاهد الرائعة التي أسعدتني هو الاندماج العفوي وذهبت الميدان يوم التنحي وجلست علي الأرض كالبائعة والطالب وصاحب العمل والمحل والثورة خلعت الأقنعة وجعلت الجميع نغم في سيمفونية واحدة متلاحمة صعب فصلها وبالطبع سوف نستثمر هذه الروح الجميلة في السينما ومتفائلة أن القادم أجمل بكثير وسوف يلتئم الجرح وهيتحقق الأمل.

·         نقرأ لك مقالات بالمصري اليوم والشروق، كيف اكتشفت موهبة الكتابة لديك؟

ـ منذ الصغر والقلم في جيبي والكتابة صديقتي وضحكتي وآهاتي ودموعي وابتساماتي أسكبها علي الورق بتعبير صادق وأستطيع أثناء الكتابة البوح بأسراري أفضل من الكلام، ولكن الكتابة الساخرة مجهودها أكبر وكنت أشعر بقدوم ثورة منذ سنة ونصف السنة ولمحت عن هذا بأحد مقالاتي بالمصري اليوم.

·         هل ذهبت للاستفتاء؟

ـ طبعا.. ذهبت وكم عانيت الزحام ولأول مرة يشعر الشعب المصري أن صوته ذو قيمة، لكن لابد من وجود وسائل أكثر حضارة للادلاء بالصوت تليق بمصر بدلا من هذه الطوابير وأعتقد أن هذا الأسلوب سوف يتغير.

·         إلغاء الرقابة الفنية لصالح السينما أم ضدها؟

ـ الرقابة موجودة ولم تلغ نهائيا ولكن جهة رقابية واحدة برئاسة د. سيد خطاب تكفي وهذا الرجل أنا متفائلة به لأنه رجل ذو عقلية مستنيرة وهذه خطوة لصالح السينما والمبدعين والجمهور، لأن الرقابة في الماضي بها أشخاص لا يفقهون شيئا في الفن سواء في الداخلية أو بعض الجهات الدينية وكان هذا عارًا فكيف يتشاور المبدع مع هؤلاء؟ وهذه الرقابات المتعددة لها سلبياتها علي السينما التي هي أمل الشباب والكبار، والسينما كانت أثناء الرقابة المتعددة متخلفة جدا عكس الصحافة التي تتمتع بكامل حريتها.

·         هذا يعني أنك عانيت كثيرا من الرقابة؟

ـ ياه أنا منتجة منذ وجود الرقابة الخليجية وكانت تتحكم في الدراما المصرية ولم يدركوا أننا مختلفون عنهم شكلا وموضوعا ومصر هوليوود الشرق ينبغي أن يتبعوها وليس العكس ومن هذه المنطقة بدأت الكتابة الساخرة وكم كان يوجد قهر ومنعتنا الرقابة كثيرا أنا وأسامة أنور عكاشة، وآخرين وكثيرا من الأفلام التي كانت ممنوعة وظهرت بعد انتهاء الرقابة الخليجية مثل: سقوط بغداد، باحب السينما، الساحر، رسائل البحر، عصافير النيل، وكم حاربنا وعانينا كثيرا وكانت لدينا مقاومة قوية وكثير من التفكير الموضوعي كنا نتصدي به ضد التفكير الضيق الذي كان يقف عقبة في طريق الإبداع وأشياء كثيرة أخري.

·         بالفعل السينما المقبلة للوجوه الشابة فقط دون النجوم الكبار؟

ـ شيء طبيعي أن الوجوه الجديدة لابد وأن تأخذ نصيبها من السينما المقبلة وعدم تجاهلها أو تهميشها لأن مهنة التمثيل لابد من ممارستها، ولكن هذا لا يعني إغلاق الباب في وجه النجوم الكبار لابد من التواصل والاندماج الفني والإنساني معا لاكتمال الرسالة الفنية ولكن أسطورة النجم الأوحد التي كانت سائدة في وقت ما ليس لها مكان في المستقبل.

·         لكن يقال إن النجم يلتهم ثلاثة أرباع الميزانية؟

ـ هذا مبالغ فيه، فالنجم يستحوذ علي 50% من ميزانية الفيلم وكان هذا الأسلوب العشوائي متبعا بين المنتجين كنوع من تضارب بعضهم وضرورة امتلاك المنتج دور عرض ليستطيع التحكم في عرض أفلامه وكان الفيلم يأتي بالإيرادات بالرغم من تفاهته نظرا لاسم النجم ومن هذه الإيرادات نستطيع عمل فيلم محترم يناسب المهرجانات وكانت هذه مجازفة كنا نتحملها دائما نحن المنتجين ولكن الظروف الآن تغيرت ولن يحدث هذا.

·         لكن أنتم المنتجون سبب ارتفاع أجر النجوم؟

ـ نعم نحن السبب، لكن هذا كان خارجا عن إرادتنا بسبب التوزيع الضعيف، وعدد النجوم قليل، والدول الخليجية تشتري العمل الفني باسم النجم، وكذلك القنوات الفضائية دون النظر لجوهر العمل الفني ومن هذا المنطلق حدث تكتل ليس له معني وكان المفروض أن نجتمع جميعا كمنتجين للتشاور معا وهذا لم يحدث ومن هنا خلق الصراع ما بين النجوم من جهة وبين شركات الإنتاج من جهة أخري.

·         ولماذا لم تتفقوا من أجل النهوض بالسينما؟

ـ كم وقفت وحدي مرارا وتكرارا وتحدثت وجلست علي الأرض ولم أستطع فعل شيء ولا حياة لمن تنادي وأتمني أن يتغير كل هذا بعد الثورة حتي لا يضحك علينا أبناء الثورة.

·         مازالت القرصنة معضلة السينما المصرية؟

ـ كنت أحارب أيضا وحدي ضد القرصنة وساعدني شباب كثيرون من الفيس بوك وانضموا إلي 3000 عضو ولكن المشكلة يمكن حلها من وزارة الاتصالات التي باستطاعتها إغلاق المواقع وكم كتبت مقالات وأغاني للحد من القرصنة وتوسلت لكل الوزارات كوزارة المالية، وزارة الثقافة، وزارة العدل، وزارة الداخلية، وحاولت أن أوضح لهم حجم الخسائر التي تتكبدها كل وزارة من عملية القرصنة وتحدثت مع غرفة صناعة السينما الفرنسية والإيطالية وعقدت ندوات بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي لكي تفهم الناس أن القرصنة تعتبر سرقة، ولكن لا أعلم مستقبل القرصنة في الفترة المقبلة وأتمني أن توجد ردعة.

·         لماذا لم تنخفض تذكرة السينما لمحاربة القرصنة؟

ـ لكي ندعم تذكرة السينما لابد من تدعيم وزارة الكهرباء، وتدعيم الضرائب ورجال الأعمال وتدعيم وزارة الثقافة وأصحاب المولات الكبري.

·         لماذا لم تعوضي خسارتك السينمائية الحالية من وزارة المالية؟

ـ أنا رفضت التعويض كمثل معظم الناس ويوجد من يحتاج أكثر مني وقدر الله وما شاء فعل والحمد لله كده رضا.

·         لماذا لا تعرضين أفلاما عربية بدول الخليج؟

ـ الخليج هناك يفضل الفيلم الأمريكي وهذا بدوره يؤثر علي الفيلم العربي من حيث غلق نوافذ عرض الفيلم العربي ونحن كموزعين مكتوفي الأيدي لعدم وجود علاقات تجارية قوية لأننا ضعفاء ماديا ولا توجد سيولة لنستطيع التوزيع بشكل جيد ومن الممكن أن نجلس ونتفق، ولكن المنطقة العربية مشتعلة والدنيا ملخبطة ويارب قليل من الهدوء.

·         هل توجد تكتلات تحاربك؟

ـ الشركة العربية ضخمة ولا يوجد من يحاربها ولكن ضيق الأفق والفكر المحدود بالمنطقة العربية هو المعضلة الحقيقية.

·         سر استمرارك كمنتجة رغم كل العثرات؟

ـ لأنني لم أحسبها وأتوكل علي الله وإنسانة قدرية جدا جدا والبعض يتوهم أنني التي أتآمر وأخطط مكائد وأنا من الأصل لم أنظر إلي من حولي إطلاقا وأكرث كل وقتي وجهدي وتفكيري في عملي فقط واتضح أن هذا الأسلوب التلقائي الإلهي الإنساني هو سر مفتاح النجاح.

·         يقال إنك تستحوذين علي معظم النجوم؟

ـ لا توجد لدي أي علاقات بالنجوم سوي النجم أحمد مكي واعتبره ابني ومن حقي أدلعه واحتضنه، لأن علاقتي به إنسانية جدا من قبل أن يعرفه أحد عكس شركات الإنتاج الأخري التي لديهم علاقات قوية بعدد كبير من النجوم من أجل مصلحة العمل معا، ولكن أنا أري أن السيناريست والمفتاح الأعظم هو الله وفي النهاية أرزاق يوزعها الله بمقدرته.

·         نعرف أن مثلك الأعلي هو والدك. ماذا تعلمتي منه؟

ـ تعلمت منه الكتابة لأنه كان يكتب بـ «روزاليوسف» وتعلمت منه التحاور، كسب لقمة العيش باليد من أجل المحافظة علي الكرامة وعلمني القراءة والتجارة، فمنذ أن كنت طالبة بالمدرسة كنت أبيع بكنتين المدرسة ووالدي في نظري أجمل رجل طيار في مصر.

·         بدأتي فنانة كوميدية لها مذاق خاص، ألم تحني للتمثيل؟

ـ يوجد في رقبتي 120 أسرة مسئولة مني وفيلم «يعقوبيان» الذي رجعت من خلاله للسينما نظرا لظروف قاهرة فرضت علي ذلك كم شعرت بالموت أثناء وجودي بالساعات داخل الكواليس وكنت أسأل نفسي وأقول في هذا الوقت الضائع كنت قمت بعمل 113 شيئا وظروفي الآن كمنتجة مختلفة جدا فأنا مشغولة جدا جدا ويوجد لدي عدد من السيناريوهات ربما اختار أحد الأدوار التي بها روعة وإبهار بس يارب نبدأ سينما ونقول أكشن.

·         الجديد لديك الآن؟

ـ يوجد فيلم «الملف الأحمر» ويتحدث عن عناصر النظام السابق وهذا الملف سري وليس لديه وثائق كثيرة سوي من عصر جمال عبدالناصر والملف معروف للناس وهو شائك والمساحات غير متاحة ومازال السيناريو لم يكتمل بعد وسوف يكون تحت إشراف لجنة من كبار السينمائيين لفرز أعمال الشباب، مع النجوم، وفيلمان آخران هما: «ناحية جهنم»، «قصاقيص صور» وهذان الفيلمان كانا مرفوضين من الرقابة من قبل.

·         من النجوم المرشحين؟

ـ النجم محمد سعد سيظهر بشكل جديد والنجم أحمد مكي وأنا سوف أمزج الوجوه الشابة بالنجوم لتجديد دم السينما.

جريدة القاهرة في

19/04/2011

 

الأفلام الأمريكية والرقص علي حبال المذاق الأوروبي

بقلم : د. رفيق الصبان 

لا أدري لماذا تفشل عموما الأفلام الأمريكية التي تملك مذاقا أوروبيا.. هل يعود ذلك لأنها ترقص علي الحبال.. أو لأنها سلكت موقفا وسطا «وهو أكثر المواقف ضعفا» فلا هي حققت ما يطلبه الجمهور الأمريكي منها ولا هي لحقت بالأفلام الأوروبية الأصيلة.. التي تنبع مواقفها وشخصياتها من داخل مجتمعها.. وليست بحاجة إلي أن تقلد أحدا أو تحذو حذو أي اتجاه مخالف لها. هذه الحقيقة انطبقت علي فيلم «الرجل الوحيد» الذي مثله نجم أمريكي كبير هو «مايكل دوجلاس» وخرج به عن إطاره التقليدي المعروف عنه ليلقي بنفسه في لجة بحر ذي أمواج جديدة كل الجدة عليه.. ولكنه استطاع بمهارة سباح محترف أن يقاوم الأمواج كلها وأن يصل سالما ظافرا إلي بر الأمان، ناجيا بنفسه وتاركا سفينته وراءه تغرق وحدها دون أن تجد من ينجدها. مايكل دوجلاس تخصص في أدوار الحركة وفي الأدوار ذات الطابع السياسي .. شأنه شأن والده الشهير وإذا كان قد قدم فيلما أو فيلمين خارج هذا النطاق فإن هذا يثبت المقولة الشهيرة «الاستثناء يؤكد القاعدة». ملامح دوجلاس .. وهيئته العامة «مع وجود هذا الشبه الكبير بينه وبين والده» يرشحانه حقا للعب أدوار البطولة في أفلام الحركة والتي حقق أكثر من فيلم منها نجاحا واضحا ولكن يبدو أن طبيعة الممثل الكامنة في داخله .. تدفعه أحيانا إلي التحدي وأن يخالف المألوف عنده ليجد شخصيات هي أبعد ما تكون عن المنهج الذي اعتاده. في «الرجل الوحيد» يلعب دوجلاس دورا اعتدنا أن نسميه في المصطلحات الفنية البطل المضاد «Auti Hero» فهو يجسد شخصية رجل تجاوز الخمسين من عمره واقترب من مشارف الستين .. ولكنه مازال معبرا علي «الزهو» بشبابه والتأكيد عليه. في أول مشاهد الفيلم يؤنب حفيده لأنه يناديه باسم «جدي» ويطلب منه أن يناديه باسمه المجرد جورج «وأظن أن هذا اسمه في الفيلم» تزوج ولكنه انفصل عن زوجته رغم أنه مازال علي ارتباط صداقة معها .. يزورها حين تشتد به الأزمات ويحدثها ويبثها همومه كصديق وليس كزوج سابق. بطلنا هذا انجب ابنة واحدة تزوجت وأنجبت وهو علي علاقة حسنة معها ومع أولادها.. رغم اختلافه في التفكير والسلوك عن زوجها التقليدي المحافظ. «جورج» يعيش حياته كرجل دون أي ارتباط قانوني بحرية واسعة يجري وراء النساء رغم تقدمه في السن .. ويدمن العلاقات العابرة ولا يوفر أية فرصة تسنح أمامه لإقامة علاقة جنسية مؤقتة أي لليلة واحدة أو مستمرة.. وهو في مطلع الفيلم يقوم باصطحاب ابنة عشيقته الرسمية إلي إحدي الكليات الخاصة التي تنوي الالتحاق بها وأن يقوم بتزكيتها لدي الإدارة لأنه سبق له أن قدم معونات مالية كبيرة لهذه الكلية ويملك حظوة معينة لديها. وفي الكلية يصاحبه فتي صغير في العشرين من عمره بالغ البراءة والسذاجة العاطفية، كما يلفت نظره أن ابنة صديقته قد أعجبها أحد الشباب في الكلية فما يكون منه أن يشجعها علي إقامة علاقة جنسية عابرة معه.. مادام قد أعجبها .. ويحلل لها قيمة هذه العلاقات وأثرها علي تكوين الشخصية «!!» وبالفعل تسارع الفتاة الصغيرة إلي إقامة هذه العلاقة وتحدث «جورج» عنها وإنها قد خاب أملها في بحثها. فيخبرها بأن عليها أن تقيم مثل هذه العلاقة مع رجل ناضج يعرف كيف يسعدها وكيف يعزف علي أوتار جسدها، ولم لا يكون هو هذا الشخص المطلوب.. وتندلع الفتاة في علاقة معه رغم معرفتها بأنه الحبيب الدائم لأمها. أما بالنسبة له فهي علاقة ليلة واحدة يمكن نسيانها بعد ذلك، أما بالنسبة لها فالأمر أصعب من ذلك بكثير لأنها شعرت أنها خدعت أمها وأن عليها أن تخبرها بالحقيقة، وبالفعل رغم محاولة بطلنا هذا تجنب الفضيحة، إلا أنها تندلع بقوة عندما تعلن الفتاة عن هذه العلاقة بحضوره وحضور أمها مما يتسبب بالطبع في إنهاء العلاقة مع كل من الابنة والأم معا. وعلي الجهة المقابلة وأثناء هذه الرحلة يحاول «جورج» أن يخرج الفتي الصغير والذي يوافقه عن براءته ويدفعه إلي إقامة علاقة جنسية مع زميلته التي يحبها بكل براءة .. ويعيش معها أحلام وبراءة الحب الأول .. وبالفعل يخضع الفتي الصغير لإغراء هذا الشيطان الذي لا يعترف بقاعدة ولا بمبدأ أخلاقي ولا قيمة. يري أن هذا الاستهتار يطاول حياته المهنية التي كانت شديدة النجاح قبل ذلك ويبدأ بإتمام صفقات مشبوهة تسبب طرده من عمله. وهكذا يجد نفسه بلا أي رصيد مالي.. فيطلب مساعدة من ابنته ومن مطلقته دون جدوي فيذهب لمقابلة أحد رفاقه القدامي في الكلية التي تخرج فيها فيجده وقد انشأ مطعما صغيرا ناجحا.. وتزوج بزميلة قديمة له ويعيش سعيدا بحياته الهادئة .. فيطلب منه العمل لديه ومساعدته حتي لو كان «صبي مطعم» لأنه أصبح كما تقول الأمثال «علي الحديدة» ويجب أن يعمل بأية طريقة لتأمين «خبزه اليومي». وبما أن «ذيل الكلب لا ينعدل» فإن جورج لا يخرج عن عاداته القديمة ويحاول إغراء حبيبة الفتي البريء التي تعيش معه الآن قصة حب حلوة ولكن الفتاة تجاوبه برفض مؤدب وتخبر حبيبها بذلك. وتتأزم الأمور حوله إذ يفقد كل رفاقه وكل أصدقائه ويتلقي «علقة ساخنة» من والد الفتاة الأولي تجبره علي الدخول إلي المستشفي. وهناك نكتشف حقيقة سلوكه الشائن هذا إذ إنه في مطلع الفيلم أخبره طبيبه بأنه قد يموت من مرض عضال في القلب في أية لحظة ومنذ علمه بذلك انقلبت حياته وعوضا عن أن يتأهب للقاء الموت قرر أن يتحداه وأن يعيش كما يحلو له، سواء في عمله حيث انصرف عن التعامل بشرف وقبل أن يبيع ذمته أو سواء في علاقاته العاطفية .. التي تعددت وتكاثرت دون أن تجلب له أية سعادة وأنه كان كالظمآن لا يرتوي قدر ما يحس بالحاجة إلي الشراب!! وتمنحه مطلقته فرصة أخيرة لكي يعود إلي نفسه ولكن هل يستطيع حقا؟! الفيلم رائع في رسمه لشخصية رئيسية عابثة ولكنها في جذورها تطبق فلسفة عدمية قوامها تحدي الموت والإغراق في ملذات الحياة .. دون أن يدرك أنه قد وضع نفسه في دائرة مغلقة انطبقت خيوطها عليه حتي خنقته. كما قلت الفيلم له مذاق أوروبي واضح سواء في فلسفته العامة أو في سلوك شخصياته ولعل هذا الجانب اللاأخلاقي العابث هو الذي وضع بينه ومن جمهوره الكبير حاجزا منيعا أوقف نجاحه رغم شهرة بطله الأول. ولكنها بالحق تجربة فريدة ومشوقة فيها الكثير من التحدي والخروج عن المألوف من خلال سيناريو محكم الخيوط ومن خلال رسم موفق للشخصيات الرئيسية والجانبية. ومن خلال أداء يحسب بشكل كبير لبطله الشهير ويبرهن علي أن مايكل دوجلاس مازال يملك في جعبته سهاما ذهبية يطلقها من حين إلي آخر فيثير لدينا الإعجاب المعروف بكثير من الشجاعة لأصالته وقدرته علي التحدي والصمود.

جريدة القاهرة في

19/04/2011

 

العذراء مريم علي شاشة السينما

بقلم : روبير الفارس 

علي الرغم من الثراء الدرامي الذي تتمتع به سيرة حياة العذراء مريم فإن السينما العالمية لم تقدم حتي الآن فيما كاملا -خاص بها - وان جميع الافلام التي قدمت حياة السيد المسيح ظهرت فيها العذراء بشكل هامشي حتي ان المخرج الايطالي بازوليني في فيلمه الرائع (حياة السيد المسيح حسب انجيل متي ) والذي كالعادة لم يعط مساحة كبيرة لدور العذراء مريم لدرجة ان التي قامت بدورها في مشاهد محدودة بالفيلم هي ام المخرج بازوليني نفسه ولم تكن ممثلة .ولقد اختصر هؤلاء المخرجون في اغلب الافلام التي قدمت عن السيد المسيح دور العذراء مريم في المشاهد الاولي بكونها الفتاة الفقيرة التي بشرها الملاك بالميلاد وينتهي دورها في الفيلم حيث تظهر بعد ذلك بشكل هامشي .وحاليا فإن اشهر ممثلة قدمت دور مريم العذراء هي الممثلة الرومانية مايا مورجستون في فيلم العاطفة آخر 12 ساعة في حياة السيد المسيح المعروف تجاريا بآلام المسيح وقد عبرت فيه مريم عن الآلام النفسية الرهيبة التي تشعر بها أم يعذب ابنها بكل وحشية وقسوة بصمت ودموع وبأداء مبهر ومايا في ادوارها السابقة لم تترك بصمة واضحة.علي العكس من ذلك نجد ان السينما العالمية اعطت مساحة اكبر في هذه الافلام لمريم المجدلية فمثلا في فيلم العاطفة نجد ان التي قامت بدور المجدلية هي النجمة الايطالية مونيكا بلوتشي احدي اهم نجمات السينما العالمية، فالمخرجون يجدون في حياة المجدلية و تحويلها من خاطئة الي قديسة منطقة اثراء واشعاع درامي تتيح فرصة اكبر للابداع. ويقال إن السبب الرئيسي لتهميش دور العذراء في السينما الامريكية هو سيطرة الفكرالبروتستانتي هناك علي صناع هذه الافلام. السينما المصرية أما بالنسبة للسينما المصرية فنجد بعض اللمحات المستوحاة من مواقف تظهر تعلق وحب المصرين للسيدة العذراء مريم فنجدفيلم الراهبة اخراج حسن الامام، مشاهد الشفاعة المتكررة بالسيدة العذراء التي يضيء تمثالها في احد المشاهد دليل علي حدوث استجابة ومعجزة .وفي فيلم (ضحك ولعب وجد وحب) اخراج طارق التلمساني وبطولة يسرا وعمر الشريف نجد الاشارة واضحةالي ظهور العذراء بالزيتون عام 1968 وكيف اثر هذه الحدث تاثيرا وقتيا انفعاليا محدودا في حياة الساقطة وجعلها تقدم توبة مؤقتة فسرعان ما تعود الي حياتها المعتادة. وفي فيلم اغتصاب اخراج علي عبدالخالق وبطولة هدي رمزي وفاروق الفيشاوي تؤكد احدي جمل الحوار بالفيلم علي كون العذراء مريم رمزا وقدوة للطهارة والنقاء وفي نهاية مشهد الفيلم المتميز (الكلام في الممنوع ) اخراج عمر عبد العزيز وبطولة نور الشريف وماجد المصري والذي يدور حول ضابط تنفيذ أحكام مسلم يلقي القبض علي صيدلي مسيحي محكوم عليه بالإعدام ثم يقتنع ببراءته ويحاول انقاذه وقبل اعدامه يجد الطريق مزدحما وأحد المارة يقول له ان العذراء ظهرت في اشارة الي وقوف امر المعجزات والخوارق كعائق علي عدم فهم الآخر وقبوله . وقدمت الافلام القبطية فيلما عن حياة العذراء مريم تحت عنوان (ام النور )وهو من تأليف الدكتور اسامة عشم واخراج يوسف ابوسيف والفيلم تعليمي وعظي بشكل كبير وقامت بدورالعذراء شابة لم تمثل من قبل اسمها هبة عطية وشارك فيه لطفي لبيب وعاصم سامي ونادية رفيق وتريز دميان وقدم حياة العذراء منذ طفولتها وحتي رحيلها وفي اكثر من فيلم قبطي قدمت الممثلة نرمين ماجد توفيق وهي ابنة اشهر مخرج للافلام القبطية حيث قدم نحو35 فيلما في هذا المجال تتناول حياة القديسين وكلما كان هناك مشهد لظهور العذراء تقوم به نرمين من ذلك ظهورها للبطريرك ابرام في فيلم القديس سمعان الخراز وفي فيلم الشهيد استفانوس الشماس الاول واول من قتله اليهود من المسيحيين قدم مشاهد للعذراء مريم بعد صعود المسيح الي السماء وهي في هذا الفيلم قدمت بشكل سلبي، حيث إنها صامتة طول الوقت في اغلب المشاهد لم تتحرك عن جلساتها حتي اثناء الصلاة ولم يظهر بالفيلم انها ساعدت التلاميذ والرسل في التبشير بالمسيحية كما ان مكياجها لم يراع علي الاطلاق الفترة العمرية للعذراء فكان الاعتماد علي براءة وجه نرمين وهدوئها .

جريدة القاهرة في

19/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)