حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

نادية لطفي:

«إحنا مش عيال» وكل مصري يصلح رئيساً

كتب غادة طلعت

علي الرغم من الظروف الصحية التي تعيشها النجمة نادية لطفي، إلا أنها مازالت حريصة علي متابعة كل ما يحدث في مصر معلنة تأييدها لثورة 25 يناير.. وتفاؤلها الشديد بمستقبل البلد.. ورفضت في حوار لـ«روزاليوسف» من يشكك في نوايا الثورة التي اعتبرتها الأهم في تاريخ مصر لأنها تحمل بصمة المصريين وخصوصيتهم وأنها تشعر بالأمان حتي في هذه الظروف لأن المصريين قادرون علي حماية بلدهم وأن كل واحد منهم يصلح أن يكون رئيساً لها.

·         بداية: لماذا تغيبت عن المشهد بميدان التحرير رغم تعودنا علي مشاركتك في القضايا الاجتماعية والسياسية؟

- للأسف أمر بأزمة صحية تسببت في تغيبي ورغم شعوري بأنني لست بكامل قوتي فإنني أحرص علي متابعة الأحداث قدر الإمكان.

·         أعرف أنك متمردة طوال الوقت.. فهل توقعت هذه الثورة؟

- التوقع كان صعباً ولكن الأمنية لم تغب عني والأمل كان عندي وعند هؤلاء الشباب.. فهذه الثورة حركتها الإرادة والرغبة والقدر أيضا.. فلم يتوقع أحد أن يحتشد الملايين علي هدف واحد، ولكني كنت دائماً مؤمنة بأن هذا الشعب من الممكن أن يتحد ويحتشد ولكن في حالة واحدة وهي عندما تتولد لديه الإرادة الصادقة وهذه كانت اللحظة الفاصلة التي صنعت هذه الثورة العبقرية.

·         البعض يري أن ما حدث يوم 25 يناير ليس ثورة بالمعني المعروف للثورات عبر التاريخ؟

- من قال إن الثورة لابد أن تنزل للشوارع وترتكب المذابح؟ ليس بالضرورة أن تتبع ثورة 25 يناير ما حدث في الثورة الفرنسية حتي يتفق الجميع علي كونها ثورة، فمن الطبيعي أن تكون ثورة 25 يناير مختلفة عن باقي الثورات في الماضي، فالشباب الذين قاموا بتفجير هذه الثورة أشكالهم وأفكارهم تختلف عن أشكال وأفكار الشباب الذين فجروا ثورة يوليو.

·         هل ترين أن التشكيك في الثورة يمكن اعتباره «ثورة مضادة»؟

- المسميات لا تفرق معي كثيراً، فمن يريد أن يسميها «ثورة» هو حر ومن يري أنها «موقف» له مطلق الحرية.. ما يهمني في الأساس هو أن هدفها تحقق بالفعل وموضوع الصياغة لا يجب أن نختلف حوله ما دام المبدأ واحداً، فالثورة في معناها المطلق هي «الرفض» وأري أنها نجحت ولا شك في ذلك

·         وفي رأيك ما الذي ميز ثورة 25 يناير وجعلها نموذجاً يتحدث عنه العالم؟

- بريق هذه الثورة.. يكمن في أنها تقوم علي اختراع المصريين وحدهم وهي فكرة جديدة ربما شارك فيها القدر ولكنها المرة الأولي التي لم نعتمد فيها علي التقليد الذي تعودنا عليه طوال حياتنا، واستطيع أن أقول إن هذا هو ما أربك النظام بالكامل لأنه لم يتوقع هذه الأدوات التي استخدمها الثوار، كما أن الأسلوب نفسه لم يتم اتباعه في أي ثورة سابقة حتي الثورة الفرنسية التي تحدث عنها العالم قامت علي آليات القرن الـ18 التي تخطاها ثوار 25 يناير، فالمصريون استطاعوا أن يفاجئوا العالم كله.

·         وهل بالفعل تأخرت هذه الثورة عشر سنوات أم قامت في الوقت المناسب؟

- لا يوجد شيء يحدث في يوم وليلة.. وحتي الطعام لا يصل للمذاق الجيد إلا بعد أن يكتمل نضجة علي النار، وكان من الضروري أن يعيد هذا الشعب حساباته ويفكر فيما يريد وما لا يريد وكان الناتج هذه الثورة العظيمة التي لم يشهد مثلها التاريخ من قبل وتحمل بصمة المصريين الحقيقية.

·         إذن أفهم من كلامك أنك متفائلة؟

- طبعا متفائلة وإلا بدون هذا التفاؤل وعبر ما شاهدته من أمور مر بها هذا البلد العظيم كنت اضطررت للانتحار.. وهذا لأنني مؤمنة بأن الله خلقنا متفائلين وجعل التفاؤل من الملامح الإنسانية، أما التشاؤم فهو حالة مرضية وتحتاج لعلاج، وهذه حكمة الله فمن يحكم عليه بالإعدام لديه أمل أن يحصل علي البراءة ويفلت من الموت حتي قبل إعدامه بلحظات.

·         ما رأيك في التخوف من وصول «الإخوان» للحكم بعد تكوينهم حزبا سياسيا؟

- لا أعرف ما سر هذا الفزع الذي يعيشه الشارع، فهناك سؤال: هل هؤلاء اسمهم «الإخوان الإسرائيليون»؟ إنهم «إخوان مسلمون» وغالبيتنا من المسلمين وإخواننا مسيحيون يعيشون معنا طوال عمرهم ولم يشكل الإخوان أي خطر عليهم وعلينا، فلماذا هذه الإدعاءات لماذا الخوف؟ هل سيصبح الإخوان 80 مليوناً لن يحدث.. كما أنهم لم يأتوا من «منغوليا» فهم ولدوا في مصر وظهروا في الثلاثينيات فلماذا نعاملهم كالغرباء حاليا.. لماذا نخونهم.. فلا داعي للقلق فكل جماعة قابلة للقبول أو الرفض وفقا لمبادئها ودرجة نضجها.

·         ولكن أكثر الخائفين من أبناء الوسط الفني بسبب تشدد الإخوان!

- ليس الإخوان وحدهم من لديهم مشكلة مع الفن، بل نحن أنفسنا لدينا مشكلة مع الفن منذ حوالي عشرين عاما لم نجد فنا يمكن الالتفاف حوله والدفاع عنه، فالنقاد والإعلاميون والصحفيون دائما ينتقدون ما يقدمه الوسط الفني حاليا ولابد من تطهير الوسط والفن نفسه الذي يقدم لهذا الشعب الراقي.. ويكفي أن الشباب والجيل الجديد يترك الأفلام الجديدة ويجري ليشاهد أفلام ليلي مراد وشادية وفاتن حمامة كل هذا يؤكد وجود مشكلة تحتاج لعلاج.

·         ما رأيك فيمن يطالب بضرورة انتخاب رئيس في أسرع وقت ليعود الاستقرار للبلد؟

- هذا الكلام يستفزني جداً.. هو احنا عيال ولا إيه كل مواطن مسئول عن هذا البلد كل واحد في مصر هو رئيس بلده.. نحن لسنا قطيعا وأصغر وأبسط مواطن في مصر وصل لمرحلة من النضج والخبرة والتحضر تمكنه من أن يصبح رئيسا.

·         هل تحمست لأحد من الأسماء المرشحة للرئاسة؟

- لا أستطيع التحمس لأحد إلا بعد أن أدرس هذه الأسماء بشكل جيد وأتعرف علي برنامج كل واحد بدقة وأري من الذي سيتمكن من تجميع الشعب حول اسم واحد.. وقتها هو الذي سوف يحسم المعركة الانتخابية ولكن لا اعرف لماذا هذا التسرع،. وأتسأل دائما: هل هذا البلد سوف يسافر هل الطائرة في انتظارنا كمصريين لماذا لا نتأني ونعطي كل شيء وقته المناسب هل الطائرة في طريقها للإقلاع.. هذا التسرع سوف يعرض البلد لخطر اطالب الجميع بالهدوء والتأني.

·         ما رأيك فيمن اتهم الثورة بالاعتماد علي أجندات خارجية ساهمت في الإسراع باسقاط النظام؟

- غير حقيقي.. هذه الثورة صنعها المصريون وكان توقيتها في قمة الذكاء فالشعب اختار الوقت المناسب الذي قام فيه بشحن نفسه بطاقة إيجابية وقال كلمته بفضل إرادته وثقته في قوته ووحدته.. فلا يمكن أن تستطيع أي اجندات أن تحقق هذه الثورة بهذا النجاح والتحضر الذي أبهر العالم في ثورة 25 يناير بأيدي المصريين الشرفاء ولا مجال للتشكيك.

روز اليوسف اليومية في

13/04/2011

 

 

بلاغ للنائب العام ضد الذين دمروا تراث السينما المصرية

كتب - ناصر حسين 

لا أحد يتصور أن المحاكمات التي تجري الآن لبعض فلول نظام المخلوع حسني مبارك ستقنعنا.. الآن المحاكمات تجري حول الفساد المالي الذي ارتكبه المفسدون في الأرض بدءا من رأس النظام إلي جزء من جسده، ولكن هناك جرائم أخري ارتكبت ولا أحد يلتفت إليها.. وكان يجب علي الدكتور عبد المجيد محمود النائب العام ألا يبدأ التحقيق فقط مع الذين استولوا علي المال العام ولكن كان يجب أن يتم التحقيق مع الذين دمروا حياتنا السياسية والثقافية وأتناول هنا الذين دمروا تراث السينما المصرية وسهلوا للأجانب الاستيلاء علي التراث السينمائي في مصر بالمخالفة للقانون سواء قانون حماية حق المؤلف رقم 354 الصادر في عام 1975 أو قانون الملكية فكرية رقم 82 الصادر عام 2002 .

أما الجهات التي سهلت بيع أكثر من ثلاثة آلاف فيلم من تراث السينما المصرية ثلاث جهات أولها غرفة صناعة السينما التي يرأس مجلس إداراتها منيب شافعي ومديرها العام سيد فتحي فقد اصدر شهادات ملكية للذين اشتروا الأفلام من المنتجين بالمخالفة الصريحة للقوانين التي أشرت إليها سلفا.. لأن المنتج الذي باع ليس مالكا للمصنف الفني وإنما المالك الحقيقي هو المؤلف.. وقد حددت المادة 31 من القانون 354 لسنة 1954 وحددت الفقرة الأولي من المادة 177 من القانون 82 لسنة 2002 والخاص بحماية الملكية الفكرية ملاك المصنف الفني وهم خمسة مؤلف السيناريو والحوار والذي يقوم بتحوير القصة لتصلح أن تكون مصنفا سينمائيا ومؤلف الموسيقي التصويرية والمخرج.

أما المنتج فهو نائب عن هؤلاء ولا يستطيع أن يتصرف بالبيع إلا إذا حصل علي تنازل من الشركاء في المصنف الفني وكما حددتها المادة 37 من القانون 354 لسنة 1954، والمادة 82 2002 وأن يتضمن التنازل المدة التي يستقل فيها المنتج الفيلم وإلا أصبح التنازل باطلا. ولكن منيب شافعي وتابعه سيد فتحي لم يلتزما بالقانون ومارسا الغش في إصدار شهادات ملكية للذين اشتروا تراث السينما المصرية من منتجي الأفلام أو ورثتهم وهذه جريمة ارتكبها الاثنان يعاقب عليها القانون.

الجهة الثانية التي تواطأت في ارتكاب الجريمة وزارة الثقافة وعلي رأسها فاروق حسني وزير الثقافة الذي سكت عن اصدار غرفة صناعة السينما شهادات ملكية مع أن القانون 82 لسنة 2002 حدد الوزارات التي تصدر شهادات ملكية المصنفات وهي وزارة الثقافة بالنسبة للأفلام السينمائية ووزارة الإعلام بالنسبة للمسلسلات والبرامج ووزارة الاتصالات بالنسبة للكمبيوتر.. وكان الأجدر أن تتصدي وزارة الثقافة لتصرفات غرفة صناعة السينما وتوقف الشهادات التي اصدرتها أو التي تصدرها إلا أن التواطؤ واضح من جانب وزارة الثقافة. إن الجهة الثالثة المسئولة عن تدمير التراث السينمائي هم المنتجون إذ ورثتهم هم الذين باعوا ما لا يملكون.

ولأن نظام الرئيس المخلوع استطاع أن ينشر الأمية القانونية حتي بين المثقفين انفسهم فان الكتاب والمؤلفين لم يعرفوا شيئا عن القوانين التي تحميهم.. مع أن أول قانون صدر لصالح المؤلف صدر في عام 1954.. ومع ذلك لم يتنبه أحد منهم إليه ولا إلي القانون 82 لسنة 2002 .

ولا أحد يمكن أن يتصور أن الأفلام التي تم بيعها بطريق الغش والتدليس قد طارت بعيدًا.. ولكنها موجودة في مصر.. فإذا قام سيادة النائب العام بفتح الملف فإن العقاب سينال المسئولين في غرفة صناعة السينما الذين وفروا تراث السينما خاصة مديرها العام سيد فتحي حسنين والذي يجب أن يحال إلي جهاز الكسب غير المشروع لمعرفة مصدر ثروته.. وأيضا محاسبة وزير الثقافة ومعاونيه الذين صمتوا أثناء تدمير تراث السينما المصرية.. ومحاسبة الذين باعوا ما لا يملكون من المنتجين أو ورثتهم وخاصة الذين لم يحصلوا علي تنازل موثق من الشهر العقاري من المؤلف أو من ورثته وهذا ما نظمه قرار رئيس الوزراء رقم 162 لسنة 1993 بشأن المذكرة التفسيرية للقانون 38 لسنة 1992 والخاص بتعديل بعض مواد الرقابة علي المصنفات الفنية وجاء ذلك في المادة الخامسة من المذكرة التفسيرية.

وهذا يعني أن المسئولين في عهد الرئيس المخلوع ضربوا بالقوانين عرض الحائط.

لذلك التمس من سيادة النائب العام فتح ملفات الأفلام السينمائية الموجودة في غرفة صناعة السينما لأنها الجهة الوحيدة التي تحتفظ بكل أوجه الفساد الذي دمر تراث السينما المصرية.. وبالمادة التي تنص بأن الغش يبطل التصرف فإن التصرفات التي تمت بالغش الذي قامت به غرفة صناعة السينما بداية تبطل جميع التصرفات التي تمت.

روز اليوسف اليومية في

13/04/2011

 

أزمة في الرقابة بسبب فيلم 'الوضع تحت السيطرة'

المؤلف هاني فوزي: طرحت مشكلة البلطجية في الانتخابات وفوجئت بالرفض

د. سيد خطاب: الرقباء رفضوا التناول الديني

القاهرة ـ من محمد عاطف

أثيرت أزمة لفترة طويلة بين المؤلف السينمائي والرقابة على المصنفات الفنية بسبب الاعتراض على سيناريو فيلم 'الوضع تحت السيطرة' الذي ناقش جوانب من الفتنة الطائفية وكذلك فساد الانتخابات في مصر.

السيناريو موجود بالرقابة منذ عام وقوبل برفض وتشدد الى أن قام أعضاء الرقابة بتغيير فكرهم بعد ثورة 25 يناير، وحصل السيناريو على موافقة بعد حدوث تعديلات عليه.

يقول المؤلف هاني فوزي: السيناريو في الرقابة منذ 11 شهرا وهو لم أره من قبل في أعمالي، وبعد جدل ورفض قوبل بعد ثورة 25 يناير وهذا منذ اسبوع فقط للتصوير.

أضاف: أرى أن جهاز الرقابة إهانة للمصريين، فهم يعترضون على أمور وأحداث مثل تأجير الشرطة للبلطجية أثناء الانتخابات وكأنه لم يحدث في الواقع.

أشار إلى انه لا يرغب في تناول ما سبق ولكن القادم هو المهم، ويرى ضرورة إبعاد الوصاية على المجتمع، ولن نظل مقيدين بالخطوط الحمراء، هناك ثقة في الشعب المصري الذي غير النظام المصري في 18 يوما ليسوا من الأطفال كي يظلوا تحت أمر الرقابة لتحدد له ماذا يشاهده وماذا لا يصلح له.

اكد د. سيد خطاب أن سيناريو فيلم 'الوضع تحت السيطرة' عرضه المؤلف هاني فوزي منذ عشرة أشهر وشاهده مجموعة من الرقباء الذين يرون تجنب الموضوع الديني بالفيلم، والمرحلة الأولى من مشروع الفيلم مرت بمشكلة والمفروض أن المبدع رقيب على نفسه، وهناك قانون يحمي ثوابت المجتمع وحريته. وقال: الفيلم شديد التشعب يرصد الشعب المصري بكافة تفاصيله من خلال ميدان المنشية بالإسكندرية.

أضاف: الكلام المكتوب من الممكن تغيير وجهة النظر من خلال زاوية كاميرا أو تغيير ملابس الشخصية، هناك أساليب مختلفة يمكن أن تتوافق مع مسئوليات الفنان تجاه المجتمع، ومرونة الفنان تسهل طرح وجهة نظره بما لا يعقد عمله.

أوضح رئيس الرقابة انه سبق وتقدم بمشروع لإعادة هيكلة الرقابة للمسؤولين وينتظر الرد.

عن رأيه في استمرار سياسة الرقابة على الفن يقول المخرج يسري نصر الله: السياسة والجنس والدين ثلاث محرمات في الرقابة وكنا نتحايل بأفلامنا حولها، والمتفرج ترتب بداخله بوليس للقمع والسيطرة والوصاية عليه.

أضاف: المشاهد يرى أن الأفلام التي تعرض المشاكل والقضايا تؤرقه لأنه ليس بيده أي حلول وسط حالة الانهزامية والإحباط وما شابه من أحاسيس سيطرت عليه.

القدس العربي في

13/04/2011

 

تشبث بالحياة ولا تنتحر

تجلي غريزة البقاء في فيلم '127 ساعة':

هيفاء أبو النادي  

'127 ساعة' فيلم يجسّد غريزة البقاء في أقوى صورها. وهو مقتبس من قصة حقيقية لمتسلق جبال يدعى آرون رالستون عن مذكراته Between a Rock and a Hard Place ومن إخراج داني بويل صاحب فيلم Slumdog Millionaire الذي حقق نجاحاً باهراً وحاز ثماني جوائز أوسكار عام 2009.

هذا الفيلم مثال حيّ بقصته الحقيقية على أنّ استحضار القوة من الداخل أمر صعب جدّاً، لكنه ليس مستحيلاً. ففي كل منا قوة تسكننا يمكن لها أن تكون خرافية في مفعولها إن أحسنّا استدعاءها.

تتلخص الحكاية بذهاب آرون رالستون وحده ومن دون أن يخبر أحداً بوجهته في رحلة إلى أخدود بلو جون، فيتعثر ويقع في صدع عميق بين الصخور، وتسقط على يده صخرة كبيرة تجعله عالقاً وغير قادر على الحركة أو الوقوف باعتدال أو حتى الجلوس. فيبقى رهين إقامة جبرية بطعام وماء قليلين وبرد قارس في الليل، وحشرات يراها ويسمع أصواتها ليل نهار، وعدّة رحلته المتواضعة التي حاول من خلالها أن يحسم أمر عزلته القسرية تلك، بالإضافة إلى عقله الذي عمل على استحضاره كثيراً وكاميرته التي استعان بها لرصد وتسجيل ما يحصل، من أجل توثيق محنته في ما لو توفي ووجده أحد ما في يوم من الأيام.

في مثل هذه المآزق يصبح لكل شاردة وواردة وقع مذهل على النفس والروح، فالشمس التي تطلع شيئاً فشيئاً وتنقل دفأها عبر أشعتها ما بين الصخور في أخدود بلو جون العالق فيه آرون رالستون، كفيلة بأن تجعله يفكر عميقاً، وكأنّ كلّ ما حصل جعله يقدّر كل لحظة حياة عاشها سابقاً بصحة وسلام وطمأنينة بين عائلته ورفاقه وأحبته.

الفيلم تحدّ كبير نجح المخرج داني بويل في تحقيقه بحرفية ومهارة عالية، حيث تدرج فيه ما بين صعود ونزول في الصدع الصخري الذي علق فيه آرون (الممثل جيمس فرانكو)، وتميّز عن طريق الاستعانة بتقنية split-screens التي أضفت متعة وتشويقاً على فيلم تجري أحداثه كلها تقريباً ما بين آرون وكاميرته مع هواجسه وأفكاره وأحلامه وذكرياته وهلوساته أيضاً. لذلك حاول المخرج أن يبتعد كل البعد عن الرتابة المعهودة في مثل هذا النوع من الأفلام عن طريق تسريع الصورة بطريقة فنية من وإلى الموقع المطلوب في منطقة بلو جون.

وجه الممثل 'فرانكو' المعبّر جدّاً وأداؤه الرائع الذي رُشّح عنه لجائزة أوسكار أفضل ممثل عام 2010 ساعد فعلاً في صناعة فيلم قويّ، بالإضافة إلى الموسيقى التي حملت الفيلم عالياً وقللت كثيراً من حجم الرتابة في إيقاعه، فصنعت منه فيلماً ممتعاً إلى أقصى درجة، على الرغم من علوّ صوت المعاناة فيه.

هناك أشياء كثيرة تجعلنا نتشبّث بالحياة حتى اللحظة الأخيرة ونحن في المحكّ. ربما نكون قبل وقوعنا في المحنة نعيش كما لو أن كل شيء منحتنا إياه الحياة أمر مسلّم به، كما لو أنّنا نعيش إلى الأبد. كلنا بحاجة إلى قرصة أذن صغيرة أو كبيرة، كلنا بحاجة إلى الوقوف مع الذات طويلاً، تماماً كما وقف آرون مع نفسه بيد عالقة تحت وطأة صخرة عنيدة صماء لا تكفّ عن الضغط عليها ووقف سريان الدم فيها.

تكمن كل الحكاية في فكرة التماثل السريع للشفاء إن أردنا نحن ذلك حقّاً، فالأمر كله مرهون بجزئية التعاطي السليم مع الواقع الذي نحن فيه عالقون. وكأنّ آرون يخبرنا بشكل غير مباشر: تعامل مع الوضع كما هو، ولا تنتحر لكثرة السواد الموجود، كل شيء معدّ سلفاً، تماماً مثل هذه الصخرة التي كانت بانتظاري طوال حياتي حتى هذه اللحظة.

المسألة إذن هي في الاختيار، والبدائل ليست كثيرة بالطبع، إما أن تفكر في طريقة للنجاة، أو أن تفقد بوصلتك ووعيك وعقلك وتستسلم لواقعك الأليم، بانتظار غراب يحوم فوق رأسك كل صباح في الساعة نفسها يتمنى موتك لتكون وجبته الشهية! فالأمر كله يدور في عقلك وحده، وفي طريقة تعاملك مع الأشياء، رغم أن المنظومة التي تجمع كل البشر واحدة، لكن طرائق تفكيرنا هي التي تختلف، ومن هنا يتحقق البعض، ويفشل البعض الآخر في التحقق.

وعلى أنغام كلمات وألحان أغنية بيل ويذيرز Lovely Day لا يفقد آرون رباطة جأشه رغم قناعته التامة بأن يده قد ماتت كليّاً وأن البرد الذي يقرصه كل ليلة لن يرحمه، وأن ما في حوزته من ماء قد نفد، ولم يبق لديه سوى أن يشرب بوله.

خمسة أيام كاملة قضاها آرون في محنة جعلته يشعل شموعاً كثيرة بدلاً من أن يلعن الظلام وحظه، رغم الارتباك الذي بدا واضحاً ومبرّراً في لحظات صدق كثيرة أمام الكاميرا. قضى تلك الساعات الطويلة في ظروف قاسية لا يمكن لأحد إلا بقوة وقدرة آرون أن يحتملها. حلٌّ أخير يفكر فيه بعد عدة محاولات فشلت في إنقاذ يده العالقة، كأن ينحت الصخرة باستخدام سكين رديئة الصنع، وأن يربط الصخرة من وسطها بحبل مثبت أحد أطرافه ببروز صخرة علوية، أما الطرف الآخر من الحبل فيقبع بين يد آرون اليسرى وقدميه، ويظل يشدّ في محاولة زحزحة الصخرة ولكن من دون جدوى، إلى أن يفكر جديّاً في التخلص من يده. بالنسبة له هذا هو الحل الوحيد من أجل البقاء والخروح حيّاً من مأزق الصخرة هذا!

يتسم آرون بالجرأة، والقوة الخارقة التي تملكته من أجل أن يبقى على قيد الحياة بما يتحلى به من أمل جعله يكسر عظم يده ويقطعها. فلا خيار آخر أفضل من ذلك، وكأنه يطبق قاعدة win-win ، فما الفشل إلا فرصة جديدة لتحقيق النجاح.

كاتبة وأكاديمية أردنية / فلسطينية

القدس العربي في

13/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)