حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سعيد مرزوق يعاني .. ونقابة السينمائيين تتفرج

بقلم : ماجدة خيرالله

الخبر يقول ان مرض السكر يزحف علي جسد سعيد مرزوق وزوجته تبيع أثاث منزلها!هل اثار الخبر لديك اي نوع من الدهشه او الألم؟؟ تأمل الخبر جيدا وحاول ان تعرف من هو سعيد مرزوق،وسوف تجد قلبك يعتصر ألماً،ماذا تعني الاوطان إن كانت تأكل ابناءها وتلقي بهم علي الرصيف ؟ من كام شهر ذكرت احدي الصحف ان الممثل عبدالعزيز المكيوي بطل فيلم القاهره 30 يعيش مشردا في شوارع الاسكندرية، وقتها ابدي نقيب الممثلين بعض الاهتمام،وذهب الي الاسكندريه ليحضر الرجل، وادعي حل كل مشاكله، مع ان النقابة كان لابد لها من أن تمنع تلك المشاكل أصلا، ولاتنتظر ان يصل الامر بأحد اعضائها أن يلقي في الشارع،ولكن بعد هدوء العاصفة الاعلامية لا نعرف ماالذي حدث لعبد العزيز مكيوي؟ والآن نسمع عما يحدث مع المخرج الكبير سعيد مرزوق الذي داهمه داء السكر في العام الماضي فاضطر للسفر للخارج لإجراء جراحة لبتر إحدي ساقيه،وتركيب ساق صناعي، ويبدو أن الامر استهلك كل مدخرات المخرج الذي لم يقدم في حياته أكثر من إثني عشر فيلما،ثم ازداد الامر سوءا،ولم تتدخل نقابة المهن السينمائية ولا وزارة الثقافة ولا أي جهة رسمية لانقاذ حياة مخرج سينمائي كان من ألمع وأهم جيل السبعينات! عند البحث علي أعمال سعيد مرزوق في موقع ويكيبديا،سوف تكتشف أخطاء فادحة، فقد اضاف أحدهم لقائمة اعماله سلاحف النينجا، وفتحية والمرسيدس وشباب تاك أواي وهي أفلام من إخراج شخص آخر يتشابه اسمه مع سعيد مرزوق واسمه محمد سعيد مرزوق وطبعا سوف تظلم الرجل كثيرا بل تضيف الي آلامه وكوارثه المزيد إذا تصورت أن تلك الافلام الهابطة هي جزء من تاريخه،وللأسف لم يتدخل احد لإصلاح تلك المعلومات الخاطئة التي تناقلتها مواقع أخري دون تدقيق أو بحث، ودور المثقفين والمتخصصين إزالة آثار العدوان الفني من تاريخ سعيد مرزوق أو أي فنان آخر يضاف إليه أعمال أو يخصم من تاريخه أعمال من باب التعمد أو من باب الجهل. علامات بارزة لم يدرس سعيد مرزوق فنون السينما في أي معاهد فنية، ولكنه عشق السينما،منذ طفولته حيث كان يعيش في منطقة تلاصق ستوديو مصر،وكان يشاهد خروج ودخول الممثلين، ويتسلل احيانا لمواقع التصوير ويعيش داخل هذا العالم الساحر بكل مكوناته،ثم يذهب لدور السينماا ليحضر عرض الفيلم الذي تابع تصوير مشاهده ويزداد ولهه وعشقه لهذا العالم الذي كان يشبه النداهة لهذا الطفل الصغير،الذي ينتمي إلي اسرة فقيرة ومتعددة الافراد،وربما يكون التغير أو المنعطف الحقيقي في حياته قد حدث عندما حضرتصوير بعض مشاهد من الفيلم العالمي الوصايا العشر للمخرج سيسيل دي ميل،الذي اختار صحراء الهرم لتصوير بعض أحداثه،وقتها أدرك سعيد مزوق أن السينما هي الامل والمستقبل الذي يجب ان يسعي إليه، وفي سنوات الستينات كان التليفزيون معملا لتفريخ اصحاب المواهب قبل أن تمتد اليه يد الفساد لتحيله الي موطن للعاطلين والمتنطعين وعديمي الكفاءة والموهبة، كان التليفزيون المصري مشروعا قوميا حضاريا، ولذلك أستقطب بعض الموهوبين والدارسين للفنون وأيضا المغامرين،وكانت الفرصة سانحة أمام سعيد مرزوق لممارسه هوايته التي عشقها،وقدم في عام 1965 اول افلامه القصيرة أنشودة السلام وهو فيلم لاتزيد مده عرضه علي خمسة دقائق، تبعه بفيلم أعداء الحريه وشارك به في مهرجان ليبزج في ألمانيا! كانت هذه التجارب السينمائية مقدمة لفرصة أكبر قدم خلالها فيلم طبول الذي نال عدة جوائز من مهرجان التليفزيون وعدة مهرجانات عالميه، في زمن كان يتاح فيه لاصحاب المواهب الرعاية والاهتمام اللازم من الدولة، ولم يكن مهرجان التليفزيون اضحوكة أو مهزلة تقام من اجل منح الجوائز حسب المزاج، أو حسب من يدفع، ولكنها كانت مباراة حقيقية بين مبدعين وأصحاب مواهب بكر، ولم يكن غريبا ان تفرز هذه المرحلة كلا من سعيد مرزوق وحسين كمال الذي كان فيلمه المعطف احد العلامات البارزة في مسابقات مهرجان التليفزيون، وربما كان حظ حسين كمال افضل كثيرا من حظ زميله،لان حالة الاول الاجتماعية والاقتصادية منحته فرصة السفر لباريس لدراسة فنون السينما هناك،بينما بقي سعيد مرزوق يحفر طريقه في الصخر،قبل أن تبتسم له الدنيا ويقدم اول افلامه «زوجتي والكلب» الذي شارك في بطولته محمود مرسي وسعاد حسني ونور الشريف ،واثار الفيلم ضجة جهنمية، حيث رحب به النقاد باعتباره فتحا فنيا وخروجا عن المألوف وتبشيرا ببزوغ نجم مخرج شاب، بينما كال له البعض الاتهامات لجرأة موضوعه، وفي كل الأحوال اصبح فيلم زوجتي والكلب ضمن أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، ويمتاز برؤية بصرية مدهشة تؤكد موهبة سعيد مرزوق واختلافه عمن سبقوه ومن أتوا بعده، وتوالت الافلام المهمه والمميزة في حياة سعيد مرزوق ونستطيع أن نقول بضمير مرتاح إنه أعتاد علي إحداث ضجة هائلة مع كل فيلم يقدمه،فهو صاحب اريد حلا، والمذنبون والمغتصبون و"إنقاذ مايمكن إنقاذه، وآي آي، ايام الرعب، هدي ومعالي الوزير والمرأة والساطور، وجنون الحياة، وكلها افلام يعتز بتقديمها باستثناء فيلمي دكتورة منال ترقص،وقصاقيص العشاق! فقد سقطت من ذاكرته وخاصمتها ذاكره السينما ايضا! ساعة عصاري أقتربت من المخرج سعيد مرزوق في عام 2005 عندما كنا بصدد الاعداد لاول مسلسل تليفزيوني يقوم بإخراجه وهو ساعة عصاري،وكان متحمسا بشدة للمسلسل وقام بالاتفاق مع فريق العمل،وكان وقتها محيي الدين الغمري هو رئيس قطاع الانتاج،وقدم الرجل كل التسهيلات ليخرج العمل للنور بالشكل المناسب،وقام بالتعاقد مع سعيد مرزوق فعلاً،ووعده بتذليل كل العقبات ومنها الاذن بالتصوير في باريس وبيروت ،وسعي محيي الدين الغمري للحصول علي موافقة حسن حامد رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون الاسبق،لسفر فريق العمل للخارج،ولكنه رفض بحجه ضعف ميزانيه الاتحاد،في الوقت الذي كان يقبض فيه سيادته راتبا شهريا يزيد علي مائتي الف جنيه مع البدلات والمكافآت،ومع ذلك فقد حاول سعيد مرزوق ان يجد حلولا بديلة للسفر للخارج،وطالت بيننا الجلسات لمحاولة إيجاد تلك الحلول دون الاخلال بسياق العمل ومنطقية احداثه،ولكن حدث أن خرج محيي الدين الغمري من قطاع الانتاج،لبلوغه سن التقاعد،وتولت راويه بياض إدارة قطاع الانتاج،وكان اول قرار تصدره الاستغناء عن سعيد مرزوق!! وكانت الحجة التي أعلنتها وقتها أن البعض همس إليها بأن المخرج سوف يحصل علي بعض الدفعات من أجره ،ثم يهرب دون إكمال العمل،ونظرا لغرابة الموقف فقد حاولت ان افهمها أن سعيد مرزوق رجل له تاريخ وسمعة لايمكن ان يفقدها من اجل هذا الهراء ،ولكنها كانت قد انتوت أمرا،وعقدت العزم علي تنفيذه،وهو إقصاء سعيد مرزوق الذي كان يمكن او حتما سيكون مكسبا لقطاع الانتاج،وحاولت اللجوء الي اللواء احمد أنيس الذي تولي رئاسة اتحاد الاذاعة والتليفزيون بعد حسن حامد ولكنه كان رجلا لايعرف الكثير عن قيمة سعيد مرزوق ولاقيمة غيره، وعلمت ان راوية بياض هي من تحركه وتلعب دور المستشار الفني، وخاصة أنه كان بطبيعته لايفهم شيئا عن الامور الفنية، وبدأت رحلة سقوط قطاع الانتاج،حتي وصلت الي مانحن فيه الآن،أما سعيد مرزوق فقد سيطرت عليه حالة هائلة من المرارة والألم ورفض التعليق عن إجابة الصحفيين عن اسباب إقصائه من مشروع مسلسل ساعة عصاري!الذي تعمدت راوية بياض بعد ذلك مهمة تدميره وإحباطه! المسطول والقنبلة اثناء انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الاخيرة، جمعتني والمنتج محسن علم الدين عدة لقاءات،وعلمت من الصدفة ان الفنانة ليلي علوي،تركت له شيكا بمبلغ 15 ألف جنيه،ليقوم بتوصيله للمخرج سعيد مرزوق ،لأنها لم ترغب في ان تفعل ذلك بنفسها نظراً لحساسيه الموقف،فالرجل كان قريبا جدا الي قلبها بعد ان كان احد اسباب تألقها الفني،حيث قدمت من إخراجه فيلمين هما «المغتصبون» ثم «آي آي»، ويبدو أن قليلا جدا من الفنانين كانوا يساعدونه سراً،للخروج من أزمته الصحية بعد أن وقفت النقابة عاجزة ولم يتدخل وزير الثقافة لاصدار امر بعلاجه علي نفقة الدولة!بينما حصل طلعت زكريا علي كل التسهيلات ليتلقي العلاج في الخارج!ورغم شدة مرضه إلا أن سعيد مرزوق كان يقاوم المرض بالتفكير في العمل،حيث كان متعاقدا مع جهاز السينما لاخراج فيلم المسطول والقنبلة المأخوذ عن قصة قصيرة لنجيب محفوظ، ولكن سارت الأمور علي نحو مرتبك،وأدت الي إقصاء سعيد مرزوق عن اخراج الفيلم الذي تعثر خروجه للنور حتي ترك ممدوح الليثي إدارة الجهاز،ثم تجمد المشروع مع غيره نظرا لما حدث في جهاز السينما، وفي غيره في مرافق الدولة! التي اكتشفنا فجأة انها كانت تعاني حالة مذهلة من الفساد المالي والاداري والسياسي أيضاً! والآن يرقد سعيد مرزوق في منزله يعاني آلام مرض يأكل جسده وروحه، دون أن يجد من يمد له يد المساعدة أو يسانده في محنته، لاالدولة تتدخل ولا النقابة تلعب دورها في حماية ورعاية أعضائها، ولم يبق له الا عناية الله عز وجل ومساعدة زملاء المهنة فهل يقومون بدورهم الانساني في تقديم الاهتمام والعون اللازم لرجل قدم حياته وعمره لفن السينما؟

جريدة القاهرة في

12/04/2011

 

«مفروزة»..

الفائز بالجائزة الكبري لمهرجان لوكارنو إرادة الحياة تتحدي الموت

بقلم : فوزي سليمان 

مشروع فيلم عن مدينة الموتي يتحول إلي فيلم عن مدينة الحياة ! وإرادة الحياة! كانت المخرجة الفرنسية «إيمانويل ديموريس» قد حصلت علي منحة من إحدي الهيئات لإعداد فيلم تسجيلي عن مدينة الموتي أو ما تبقي من مقابر العصر الاغريقي - الروماني بالإسكندرية، فإذا بها تكتشف علي انقاض المدينة «القديمة» حياً عشوائيا اسمه «مفروزة» يثيرها حياة أهلها وهم يستمتعون بالحياة رغم فقرهم يتكافلون ويتصادقون يلهون ويرقصون رغم معاناتهم، حواري ضيقة بيوت تطل عليها بلا أبواب، تلتقي بشخصيات تثير اهتمامها تستعين بشاب سكندري مترجما ومرشدا للحي اسمه «أمير»، تترك الناس يتحدثون أمام الكاميرا بلا أي تعليمات يفضفضون ويكشفون عن مكنونهم كأنهم يتحدثون إلي صديق محل ثقة، بعد ساعات تصوير بكاميرا ديجيتال طويلة ومتقطعة بين 2002 و 2004 تخرج إلينا بفيلم «مفروزة» من خمسة أجزاء كل جزء حوالي ساعتين ونصف الساعة كل جزء يمكن أن يقدم مستقلا بذاته شخصيات رئيسية تظهر في أكثر من جزء، كل الأجزاء الخمسة عناوين «آه يا ليل»، «قلب»، «ما العمل؟»، «الفراشة»، «فن الكلام». الجائزة الكبري شاهدت الجزء الأخير «فن الكلام» بمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي الأخير «أغسطس 2010» الذي يقام في القسم الإيطالي في سويسرا وقد فاز بالجائزة الكبري في قسم «مخرجو الحاضر» . شخصيات تظل شخصيات في الذاكرة منها «أم إبراهيم» التي نراها أمام فرن أقيم بين مقبرتين وهي تعد العيش وتنظر بين حين وآخر إلي السماء المتلبدة بالغيوم خوفا علي الفرن. وهذه امرأة أخري تنطلق تحكي عن كرم بعض الأهالي معها ولكنها غالبا ما تتأبي، يطلون أصحاب قص ويكسرون عيني..! ترضع ابنتها وترعي ولدا صغيرا يلعب بجوارها تنهره برفق من حين وآخر، إنها مؤمنة بالقدر .. الله دائما يسترها. عادل .. الشاعر .. الذي ظل يكتب شعرا غراميا في امرأة أحلامه حتي تتجسد أمامه في النهاية ويتزوجها ويعيشان معا بسعادة. الشاب الذي هرب من الجيش لأن والده مريض وعليه أن يعمل لرعاية أسرته. الشيخ محمد خطاب الشخصية الرئيسية هي «محمد خطاب» البقال والواعظ بالجامع .. نراه في محل بقالته الضيق وهو ليس إلا حجرة بالبيت تطل علي الشارع.. وهو يتحدث أمام الكاميرا.. كما صديق قريب - عن حياته وكيف ظل يقوم صلاة الجمعة.. كل الناس يحبونه ويحبون حديثه المتبسط فهو نفسه إنسان بسيط، خلال حديثه إلينا يأتي الزبائن.. مشتروات بمبالغ بسيطة يقطع شرائح البسطرمة.. يختار لطفل لا يملك إلا القليل شيئا من الحلوي ويمنح سيجارة لـ«عابر سبيل» لا ينقطع عن الحديث عن محاولته الإطلاع والتثقف .. استمع إلي أحاديث الشيخ الشعراوي واعتبره نموذجا له .. يحاول التبسط مع أهل الحي في عظة الجمعة .. يضرب الأمثلة من سيرة الأنبياء يتوقف عند سيرة السيدة مريم يطيل الحديث حول ولادتها للسيد المسيح وهي العذراء البتول.. الناس يحبونه حتي إذا انصرف أكثرهم عن الجامع الصغير الذي كان يخطب فيه وقد تحكم فيه أحد السلفيين وذهبوا إلي جوامع بعيدة وهم يتمنون أن يعود إليهم الشيخ محمد خطاب. شخصية محورية في لحظة تجلي يكتشف للكاميرا لنا عن حياته زمان كشاب حيث كان يعمل طبالا مع راقصة .. أيام شقاوة زمان! احتفالية شعبية مشهد ذبح خروف العيد يتحول إلي احتفالية شعبية يتجمع حولها الأهالي والأطفال .. بدلالة اجتماعية عن التكافل الاجتماعي .. حيث يقوم محمد خطاب بقطع الخروف إلي أجزاء كل منها في كيس.. هذا لأم علي .. هذا لأم إبراهيم .. هذا لأم عبدالله.. دائما أم . قد يبدو تسائل كيف حصلوا علي الخروف أو الخراف؟! تجيب إيمانويل: تبرع بها رجل كريم يعمل في التجارة .. أصر أن لا يذكر أحد اسمه! الديش يلعب التليفزيون - الأطباق الهوائية دورا مهما في حياة أهل «مفروزة» بدون تكاليف من الخط 120جنيهاً داخل زحام البيت وكراكيب يأخذ مكانه .. تحدث امرأة أنه وسيلة لتقضية الفراغ الكبير .. من مشاهد الأفلام الكوميدية القديمة إلي أخبار العالم.. حرب العراق .. وأحداث فلسطين .. البعض يفضل أفلام الرعب! حينما التقيت إيمانويل في مهرجان لوكارنو سألتها هل شاهد أهل مفروزة فيلمك هذا ؟ أجابت إن إعداد الفيلم وموناچه استغرق وقتا طويلا ولم ينته إلا منذ وقت قليل ولكنها تتمني أن تعود للإسكندرية ويعرض الفيلم لأهل «مفروزة» الذي اندثر وذهب سكانه إلي مناطق أخري مثل أولاد يوسف والعامرية. كانت المفاجأة مع عرض الجزء الأخير من «مفروزة» بالمركز الثقافي الفرنسي بالإسكندرية حضور محمد خطاب بنفسه عادل - الشاعر تحدث عن حياة أهل مفروزة في المناطق الجديدة البيوت تغلق أبوابها ونوافذها .. لم تعد مفتوحة دائما كما في مفروزة، حيث كان الناس متقاربين الكل يعرف الكل يعايشه ويصادقه بروح ودودة صرنا نعيش كغرباء وأضاف عادل أن الرجال والشباب يعانون من المشوار البيعد إلي مقار أعمالهم أو مدارسهم. أشار الناقد السكندري إبراهيم الدسوقي إلي الجدار العالي الفاصل الذي يطوق مفروزة .. جدار يفصل بين مجتمعين مختلفين ولكنه لا يقيم جيتو بل خلف السور هناك مجتمع متكامل يتميز بإنسانية ويخلو من الجريمة التي قد توجد في أحياء عشوائية أخري، ولعل مجيء إقليم من الصعيد - الطارد طلبا للرزق من عوامل توحدهم عرض للجزء الخامس - من مفروزة ثم مع جمعية نقاد السينما المصرية، قمت بتقديم الفيلم أبدي في النقاش البعض نقده لطول الفيلم ساعتان ونصف الساعة مما يدعو للملل .. دافع الناقد سمير فريد عن الفيلم بأنه يقدم لنا الحياة .. في إيقاعها الحقيقي وأن الفيلم مصنوع من منطلق الحب ومن هنا كانت تلقائيته المتميزة وواقعيته المذهلة وطوله يحسب له لا عليه، تؤكد المخرجة أن فيلمها ليس عن أهل مفروزة.. بل معهم. إنتاج فقير وسئلت المخرجة عن تكاليف إنتاج الفيلم، دهش الحضور أن التكلفة لم تزد علي 150.000 يورو .. ولم يكن يمكن تدبير هذا المبلغ لولا دعم كاتب السيناريو الفرنسي جان جراوك وقد عمل مساعدا للمخرج الكبير روسليني ، كما كتب سيناريو بعض أفلام فرانسوا تروفو وعمره ثمانون عاما.. وقد أعجب لدرجة كبيرة بمشروع إيمانويل فحول الفيللا الخاصة به إلي مقر شركة إنتاج واتخذ من البدروم مكانا للعمل، والعرض كان يقوم بمثل هذه المغامرات الطموحة، ستعيش السينما في مواجهة السينما التقليدية وأصبحت مثل هذه الأفلام غذاء طيبا لكثير من المهرجانات .. وأسعده أن يستحق فيلم مفروزة جائزة مهرجان لوكارنو الكبري. ماذا تقول الصحافة الغربية؟ عن شخصية محمد خطاب يكتب الباحث الأمريكي جابي كلينجر في مجلة «سينماسكوب» أنه صاحب كاريزما، يصفه أنه أحد ابطال السينما المعاصرة بسبب رقي روحه في المشاركة وأن تبسيط حديثه وتأكيده علي سماحة الإسلام يعطي صورة مهمة مغايرة عن الإسلام الذي يساء إليه بسبب اخبار الإرهاب والقاعدة! ويكتب نفس الباحث الأمريكي في مجلة ويكتب إميل بريتون في صحيفة «ليوماتينيه» الفرنسية للكاميرا هنا شخصية رئيسية في الفيلم كأنما تحاور الشخصيات وتسري خلال كل الفيلم قوة إرادة الحياة، والمقدرة البشرية علي الابتكار، من مباراة الشعر والزجل بين الشباب وأغانيهم التي يزفون بها العروسين أو السيدة التي تخبز العيش في الفرن تحت المطر، إرادة الحياة في مدينة الموتي أي درس!

جريدة القاهرة في

12/04/2011

 

السينمائيون والجمهور يريدون تغيير النقاد

بقلم : د. وليد سيف 

تنتشر المظاهرات والوقفات والاحتجاجات الفئوية .. لا يوجد مدير لا يطالب مرؤسوه بإقالته ، ولا عامل أيا كان موقعه فوق المساءلة . فهو حتي ولو اقتسم كرسي دخان مع عميل من باب الغتاته ، فإنه معرض لتهمة تقاضي الرشوة والفساد وإهدار الدخان العام .. ثورة ثورة .. زنجة زنجة .. .. والغضب علي أمور عامة وخطيرة ، مثل تأخير محاكمة مبارك وسرور والشريف وعزمي أصبح يستوي مع الغضب علي سواق أوتوبيس ( باص) أولادي ، ثوار الإعدادي الذين رفعوا شعار " الباص يريد إسقاط عم إبراهيم " .أشعر بسعادة شديدة ليس لأنني غاوي تشجيع للثورة عمال علي بطال . ولكن لأنني بفضل الله لا أتولي أي منصب رسمي حاليا ويا رب دائما . ولا أمارس أي عمل سوي كتابة النقد بمنتهي الحرية والتحرر من كل شيء، وكنت أظنها نعمة حتي وقت قريب. ولكن فجأة خطر في بالي هاجس خطير . فهناك بالتأكيد ضغائن لدي بعض الفنانين الذين هاجمت أفلامهم ،فلماذا لا يتهمونني بتقاضي الرشوة من زملائهم المنافسين ؟ وربما أكون قبلت بالفعل سيجارةأو اقتسمت مع فنان زميل ساندويتش أيام الفقر والسنكحة ولا أذكر إذا كنت أنا الذي دفعت ثمنه أم هو؟ بل ولماذا لا يهاجمني القراء علي إضاعة وقتهم الثمين بكلام فارغ لا يودي ولا يجيب ، ويطالبونني بالتعويض المادي عن إهدار الزمن العام الذي كان أولي بهم أن يقضوه في حل الكلمات المتقاطعة أثناء ساعات العمل . بل وربما يصل الأمر إلي اتهامي بإفساد الذوق وحشو العقول بأفكار مضللة وخاطئة. وتري كم عقلا أفسدته وبكم ستحتسب غرامة الرأس الواحدة.. كابوس أبعد النوم عن عيني وأصابني بحالة من القلق والأرق المتواصل. ولم أجد وسيلة للخلاص من كل هذا إلا بكتابة هذا المقال ، فهوبالتأكيدلن يزيد الطين بلة. ولكنه سيمكنني من أن أحمل من خلاله تساؤلاتي وعذاباتي : هل من الممكن أن توجه كل التهم أعلاه لناقد سينمائي علي باب الله ؟ وهل كان النقد السينمائي متواجدا بالفعل ؟ وكيف وبأي حال يمكن أن يوجد بعد الآن ؟ وهل هناك فائدة من وجوده أصلا !؟ الناقد طفيلي هناك بداية غير مبشرة بالرجوع لروجر مانفيل الذي يقول" إن الجدل مفتوح دائما حول ما إذا كان الناقد مجرد حجر عثرة، وطفيليا يكسب نوعا خادعا من العيش علي حساب الفنان الذي يتظاهر بأنه يناقش إنتاجه لتسلية المتفرجين الجهلاء . ومع ذلك فالفنان يفعل ذلك من أجل إدخال المتعة المباشرة علي الجمهور الذي يصل إليه . وهو لا يريد وسيطا يفسر عمله لهم دون أن يطلب منه ذلك" ..ولكن أفكار مثل هذه كانت تثير النقاش والجدل في أزمنة قديمة إلا أنها أصبحت الآن بعيدة عن القبول .ولقد زادت الحاجـة إلي النقد الفني الجاد في ظل تقدم الفنون وتراكم تراثها وتصاعد خبرات وإمكانيات فنانيها من جيل لآخر ، وما صـاحب بعض الأعمال من غموض وتعقيد في بعض مفاهيمها وفلسفاتها مع تطور وتعقد الفكر والثقافة وبالتالي الفن الإنساني .. وأصبح علي الناقد أن يبذل جهدا مستمرا في الإطلاع علي ما حققه الفن من منجزات وما لاحقه من مفاهيم نقدية تتطور بشكل مطرد لمتابعته وتقييمه ووضعه في أطره وآفاقه الجديدة التي تمتد يوما بعد يوم . إن النقد الفني يعمل علي تطوير الثقافة البصرية والسمعية بمساعدة الأفراد علي حسن التلقي والتذوق السليم للأعمال الفنية . فالمشاهد قد لا يتوقف كثيرا أمام مواطن الجمال التي يحتشد بها العمل ، فينبهه الناقد إلي ما فيها من إبداع . بالتأكيد أثارت إعجاب الكثيرين أفلام مثل (المومياء) لشادي عبد السلام و(الاختيار) ليوسف شاهين و(أرض الخوف) لداود عبد السيد و(بحب السيما) لأسامة فوزي ، بينما لم يدرك آخرون قيمة هذه الأعمال ولا أسباب تقديرها . ولكن لاشك أن ما كتب من نقد حول هذه الأفلام وغيرها أضفي عليها مزيدا من الضوء وكشف عن الكثير من جوانبها فأضاف مزيدا من القدرة علي تذوقها واستيعاب مضمونها وأفكارها وجمالياتها .. ولكن بالتأكيد لوكان للنقد الفني دور قوي في حياتنا لأمكنه أن ينبهنا إلي جوانب كثيرة من القبح المحيط ولأجبرنا علي التفكير في وسائل لتجميل الصورة . ولا أعتقد أن جمال الصورة في مظاهرات ثورة ميدان التحرير كان يمكن أن يتحقق لولا وجود من بين الحضور شخصيات تشكلت لديها قدرة علي الفهم الجمالي من خلال ثقافتها وأمكن لها أن تؤثر فيمن حولها . فتوفرت البيئة المناسبة لنري صورة بهذا القدر من الجمال والنظافة رغم إتساع مساحة المكان وما كان يعج به من بشر من مختلف الاتجاهات والبيئات . تحديات الرقمية مع تزايد الإمكانيات التقنية الحديثة وتقدم وسائل الاتصال يتراكم المخزون الإبداعي بين لحظة وأخري . أصبحت كاميرات فيديوالموبايل الرقمية في إيدي الكثيرين تماما مثلما كان الراديو الترانزستورمنذ عدة عقود. سوف تقوم الكاميرا بنفس الدور الذي قام به القلم والورقة ثم المطبعة ثم جهاز الكمبيوتر لوقت طويل ..لقد أصبحت كاميرا الديجيتال بالنسبة للكثيرين وسيلة لتدوين الطرائف وأعياد الميلاد والصور الفاضحة والرسائل الإخبارية ووثائق أمن الدولة وأيضا الأعمال الفنية . في هذا الإطار ومع اختلاط المفاهيم وإمتلاء أشرطة الفيديو بكم لا يحصي من المادة المصورة تتزايد يوما بعد يوم ، أصبح من الصعب التمييز بين ما هو شخصي وإنطباعي ونفعي وبين ما هوفني وأصيل وسينمائي.. بل إن بعض المؤسسات بالفعل بدأت تقيم مهرجانات لأفلام الموبايل القصيرة جدا ..وكما يصعب دور المبدعين الحقيقيين في هذا الإطار للكشف عن أنفسهم وتمييز أعمالهم عن غيرها. يصعب أيضا دور الناقد في التمييز بين الفن واللافن لتحقيق رسالته الأساسية . ولكن أين النقد السينمائي في مصر من كل هذا . وما هوالتأثير الحقيقي والفعلي الذي يحققه السادة النقاد؟ في البداية لا يستطيع أحد أن يدعي أن المساحة المتاحة لكتاباتهم علي صفحات الجرائد ليست كافية أو أن ظهورهم علي شاشات التليفزيون ليدلوا بآرائهم النقدية أضيق من الحدود التي يأملونها . ولكن المشكلة في واقع الأمر أن هذا الزخم الصحفي والبرامجي لم يزد الأمر إلا تعقيدا وإرباكا وخلطا في ذهن المشاهد والقاريء . وهو لم يسهم إلا في إضعاف تأثير النقد الحقيقي بعد أن اختلط بكل ما هوكاذب ومزيف. فكل كلمة صادقة وأمينة لناقد جاد تختلط مع لغط كبير ومساحات من الثرثرة لكتابات وأقوال أقل بكثير ، وأقرب ما تكون إلي فواصل من الهجاء البذيء أوالغزل غير العفيف، أو كجلسات الغيبة والنميمة المطعمة ببعض المصطلحات التي تضفي عليها طابعا من الشياكة والجدية الخادعة. كان النقد السينمائي قد وصل إلي حالة من الازدهار في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. وكانت هناك جهود حقيقية لجيل رائد استطاع أن يحيل العملية النقدية من آراء انطباعية أوعصبيات أيديولوجية إلي محاولات جادة لقراءة الأفلام وتحليلها والكشف عما ورائها من أفكار وما تعكسه من جماليات بصرية أو معادلات موضوعية سينمائية تعبر عن هذه الأفكار سواء علي مستوي التفاصيل أو من خلال البناء العام . وكان من بين هؤلاء د. صبحي شفيق وفتحي فرج وسمير فريد ود.رفيق الصبان وسامي السلاموني وهاشم النحاس وكمال رمزي وعلي أبوشادي ومصطفي عبد الوهاب وغيرهم . ولكننا لا يمكن أن نزعم أنه كان لهؤلاء النقاد جمهور كبير. ولكنهم استطاعوا أن ينفذوا إلي جيل من المثقفين والمهتمين بالسينما ليشكلوا واقعا سينمائيا خصبا ومغايرا ، وحركة ثقافة سينمائية كشفت عن نفسها في تزايد أعداد جماهير نادي سينما القاهرة الذين أصبحوا بالآلاف ، يقبلون علي حضور الندوات ومشاهدة الأفلام المتميزة راقية المستوي أسبوعيا في عدة قاعات، يملأون صالاتها في عدة حفلات قد تمتد لعدة أيام. الدولة ونوادي السينما ولكن الغريب أن يجهض هذا المشروع لأسباب لا مجال لذكرها. وأن تعجز كل الجهات الحكومية وغير الحكومية عن إنعاشه أو إعادته في صورة جديدة. ويري الناقد سمير فريد أن للدولة مسئوليات محددة تجاه نوادي السينما فهي مطالبة برعاية هذه النوادي وخاصة في الدول النامية حتي يأخذ الفن السينمائي وضعه الصحيح كجزء من الثقافة الوطنية . والوسيلة الجوهرية لتحقيق هذه الرعاية ليست إنشاء النوادي وإنما العمل علي إنشاء اتحاد وطني ودعم هذا الاتحاد بالمال وبالقرارات التي تيسر عمله مثل تحديد سعر إيجار الأفلام ورفع الرقابة علي العروض ووضع نظام خاص للأفلام التي تؤجرها النوادي من الخارج أوتشتريها أوتتبادلها وذلك فيما يتعلق بالإجراءات الجمركية . وعلي الرغم من غياب نشرة نادي السينما وما سببته من شتات لعدد من النقاد السينمائيين الجادين إلا أن وسائل النشر اتسعت لكثيرين منهم ولأجيال تلتهم عبر أكثر من صحيفة ومجلة فنية . ولكن هذا لم ينقذ النقد السينمائي في مصر . فطبقا لسيد سعيد " أصبحت مهنة النقد السينمائي من المهن المربحة ولكنها للأسف لم تعد من المهن الجادة فقد سادت الروح العملية مكان العلمية . وتم التضحية بالمستوي النقدي علي مذبح المصالح الشخصية واعتبارات لقمة العيش . وتدهورت أحوال النقد السينمائي لأسباب كثيرة متشابكة مع الأحوال العامة . وضاع النقد العلمي الجاد وسط ركام الكتابات الصحفية الهزيلة . ".. كانت ومازالت هذه الفقرة المكثفة التي نشرت في نهاية التسعينات من القرن الماضي معبرة عن واقع النقد السينمائي في مصر . وقد نشرت في مقدمة إحدي المحاولات الجادة من قبل جمعية نقاد السينما في إصدار نشرة غير دورية أعقبتها تجربة شهرية استمرت لفترة بجهاد من رئيس الجمعية وقتها أمير العمري لتعود فصلية وهذا أضعف الإيمان .

جريدة القاهرة في

12/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)