حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أعظم قصص الحب في السينما (9)

«هناك شيء ما عن ماري».. حكاية شـــــاب خجول

فضل سالم

قدمت السينما العالمية وعبر تاريخها الطويلة مئات الأفلام الرومانسية والعاطفية، وشاهد جمهورها العريض أجمل قصص الحب في أفلام لعب بطولتها نجوم عالميون حققوا شعبية كبيرة.

كثيرون يتساءلون ما هو أجمل فيلم قدم قصة حب على الشاشة العالمية عبر التاريخ، وكان الجواب من خبراء في السينما العالمية درسوا مئات الأفلام التي قدمت على مدى سنوات طويلة، وخرجوا بقائمة تضم قرابة خمسة وعشرين فيلما تعد الأفضل وفق آرائهم.

ونحاول هنا تسليط الضوء على بعض الأفلام التي تضمنتها القائمة.

يمزج فيلم {هناك شيء ما عن ماري} THERE'S SOMETHING ABOUT MARY بين قصة حب ومواقف مغرقة في الكوميديا الهادفة، أنتج عام 1998 وهو من بطولة كاميرون دياز، مات ديلون وبين ستيلر. وقد احتل المركز السابع والعشرين في قائمة أفضل 100 فيلم كوميدي أميركي في 100 عام.. وفي تصنيف آخر جاء في المرتبة الرابعة في قائمة أفضل فيلم كوميدي أُنتج حتى الآن.

وبفضل هذا الفيلم حصلت كاميرون دياز على سبع جوائز من سبع مؤسسات وجمعيات فنية باعتبارها أفضل ممثلة، كما رُشّ.حت لجائزة الغولدن غلوب عام 2005 لكن الجائزة ذهبت إلى الممثلة غوينيث بالترو.

ويعتبر هذا الفيلم اللبنة الأولى والراسخة التي وضعت ب.ين ستيلر بين كبار نجوم الكوميديا في هوليوود.

ويقول النقاد ان الفيلم كان الأكثر نجاحاً من الناحية المالية بين الأفلام الموجهة إلى فئة الشباب من الجنسين.

قصة حقيقية

الفيلم قصة حقيقية عن شاب في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية. أخرق لا يعرف شيئاً عن اللباقة وخجول جداً يدعى «تيد» يقوم بدوره ب.ين ستيلر حيث يتواعد مع زميلته وفتاة أحلامه ماري (كاميرون دياز) التي تثير إعجابه منذ سنوات لكنه لا يجرؤ على أن يبوح لها به الى أن يلتقي بها في حفلة البروم، وهي حفلات تقام في المدارس الثانوية كافة في الولايات المتحدة لطلاب السنة النهائية مع انتهاء العام الدراسي، حفلات تستمر حتى الفجر للرقص والاستمتاع بالموسيقى والمواعدة أيضا بين الشباب والصبايا قبل التفرق كل في طريق.

يتم اللقاء بينهما في الحفل لكن مشكلة في «سحاب بنطلون تيد» تفسد اللقاء.. فيُنقل إلى المستشفى ولا يعود أي منهما يعرف شيئاً عن الآخر.

البحث عن الحبيبة

بعد ثلاثة عشر عاماً من تلك الحفلة يقرر تيد الاستجابة لنصيحة من صديقه المخلص دوم والبحث عن الحبيبة الأولى التي لم يستطع نسيانها، بل انه لا يزال مهووساً بها، يكلف بمهمة البحث عن ماري محققاً خاصاً يدعى بات ( مات ديلون)، والأخير لا يعترف بالممارسات الأخلاقية بل يلجأ في عمله إلى كل ما هو غير قانوني.

ينطلق المحقق في عمله فيكتشف أن ماري قد أصبحت طبيبة متخصصة في جراحة العظام تعمل في ميامي وتعيش مع صديقتها ماجدة.

المحقق.. محتال

بدلاً من أن تنتهي مهمة المحقق الخاص بالعثور على ماري يقع هو نفسه في حبها الذي لا يقاوم كما يقول. يلجأ إلى كل الأساليب الملتوية للإيقاع بها. الكذب والخداع والمطاردة بل ان الأمر وصل به إلى تخدير كلب صديقتها أملاً بالوصول إلى ماري. لكن أحد أصدقاء الأخيرة وهو مهندس بريطاني مشلول يكشف حقيقة المحقق الخاص.. وفي وقت لاحق يتضح أن الصديق المهندس يزعم إصابته بالشلل لكنه في الحقيقة غير مشلول ولا علاقة له بالهندسة أو ببريطانيا وهو ليس سوى صبي في محل لبيع البيتزا يحاول بدوره كسب قلب ماري.

وفي المقابل يلجأ تيد بدوره إلى كل الأساليب الملتوية للفوز بفتاة أحلامه ضد كل المنافسين وبالذات ذلك المحقق الذي استأجره للعثور على فتاة أحلامه فوقع في حبها.

تتلاحق أحداث الفيلم فنرى الصديق الذي يزعم إصابته بالشلل لا يوفر أي وسيلة ملتوية إلا ويستخدمها لتحقيق غايته فيروح يفبرك القصص والأقاويل عن جميع منافسيه على قلب ماري. ومن بين هؤلاء المنافسين لاعب كرة القدم الشهير بريت فافر الذي يقوم بدور في الفيلم كلاعب كرة قدم أيضاً.

رسالة من مجهول

ينتهي هذا الجزء من الفيلم بعلاقة بين ماري ولاعب الكرة من ناحية.. وتجدد قصة الحب بين ماري وتيد من ناحية ثانية، لكن المسألة تتعقد بعد تسلم رسالة من مجهول تتحدث عن علاقة مريبة بين الأخير وبين المحقق الخاص وأنهما غير مخلصين في حب ماري.

تحدث مواجهة ساخنة بين تيد من جهة وكل من المحقق والصديق غير المشلول من جهة ثانية.. وتحدث مواجهة ثانية لا تقل سخونة عن سابقتها بين ماري والصديق الناصح يتبين من خلالها أنه كان أحد المغرمين بها منذ أيام الدراسة أيضاً وكان حينها يتصرف بغرابة شديدة أمامها إذ إنه مولع بجمع أحذية النساء!

تتواصل أحداث الفيلم فيكتشف الجميع أن الصديق غير المشلول هو مصدر التشنيعات والافتراءات التي كانت تطلق ضد كل من يحاول الوصول إلى ماري.. بما في ذلك تلك الافتراءات التي حيكت حول لاعب كرة القدم الشهير، كما أنه الكاتب المجهول لتلك الرسالة التي أشعلت الحرب بين المتنافسين. هنا يقول تيد أمام الجميع أن اللاعب الشهير هو الوحيد الذي لم يلجأ إلى الأساليب الملتوية في الكذب والغش والخداع ولذلك يستحق أن يفوز بقلب ماري.

وبعد أن تلتقي ماري ولاعب كرة القدم يغادر تيد والدموع تملأ عينيه لكن الحبيبة الأولى تتبعه لأنها تفضله على الجميع.. وينتهي الفيلم بخطبة الحبيبين في وقت يقوم عازف الغيتار جوناثان ريتشمن بتقديم أجمل ألحان الحب لكن صديق ماري يفاجئ الجميع بإطلاق النار على تيد للفوز بقلب ماري لكنه يصيب عازف الغيتار بدلاً منه.

أسماء الأفلام

حين عرض أي من الأفلام الأجنبية في الدول غير الناطقة بلغة تلك الأفلام يلجأ المستثمرون المحليون عادة الى ترجمة عناوين الأفلام أو أسمائها بما يتلاءم مع متطلبات السوق والتشويق وغالباً ما تكون هذه الترجمة بعيدة كل البعد عن مفهوم العنوان الأصلي.. حتى في العالم العربي فترجمة عناوين الأفلام الأجنبية تختلف بين دولة وأخرى.

النكتة العفوية

حصل الفيلم على تقييم جيد من جانب النقاد الفنيين. وقد بلغت نسبة التقييم %83.. وأعطى آخرون الفيلم تقديراً بنسبة 7 من 10.

وقال النقاد ان الفيلم يثبت من دون أي شك أن في الإمكان تقديم النكتة العفوية.. الجريئة والمهذبة ولا يكون ذلك على حساب القيمة الفنية لقصة الفيلم.

الحيوان الوحيد

الناقد الفني المعروف روجر إيبرت أعطى الفيلم ثلاث درجات من أصل أربع وقال في تقييمه: الضحك نعمة مباركة.. إنه صفعة في وجه اللاأخلاق واللاقيم في الحياة والسياسة لأنه يكشف لنا ما نحن عليه في حقيقتنا.. فالإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يتمتع بحس النكتة.

الأول والثالث

احتل فيلم «هناك شيء ما عن ماري» المركز الأول في قائمة الأفلام الكوميدية التي حققت أعلى الإيرادات عام 1998 والمركز الثالث بين كل الأفلام التي أنتجت في ذلك العام.

فقد حقق عائدات قياسية بلغت 369 مليون دولار في أنحاء العالم كافة من بينها 176 مليوناً في الولايات المتحدة وحدها.

إنكليزي أم أميركي؟

من الطرائف التي أحاطت بالفيلم أن الممثل لي إيفانز الذي قام بدور الصديق المشلول وزعم في الفيلم أنه مهندس بريطاني في حين أنه ليس سوى صبي في محل لبيع البيتزا كان يتكلم في الفيلم بلهجة بريطانية مميزة لقيت الكثير من الاعتراض والانتقاد بحجة أنه يتصنع الحديث بهذه اللهجة وأنه لا يتقنها.. في حين أنه في الحقيقة إنكليزي وليس أميركياً وأن لهجته الأميركية هي الزائفة.

القبس الكويتية في

07/04/2011

 

كل شيء على ما يرام سيّدي محمد ملص

خليل صويلح  

من دفاتره القديمة، يخرج السينمائي السوري ظلال أصدقائه القدامى: صنع الله ابراهيم، وشريف شاكر، وميشيل كيلو، وعمر أميرلاي، ويوسف شاهين... في «مذاق البلح» الصادرة عن «دار رفوف»، يستعيد صاحب «أحلام المدينة» البصمات الحميمة التي طبعت مسيرته بين موسكو ودمشق

اعتاد محمد ملص (1945) أن يسجّل يومياته في مفكرة خاصة. هذه العادة رافقته منذ أن كان طالباً في «معهد السينما في موسكو». ها هو يجمع يومياته المتناثرة في كتاب حمل عنوان «مذاق البلح» وصدر أخيراً عن «دار رفوف» (دمشق). في بيت الطلبة، وتحديداً في الغرفة «403»، تعرّف صاحب «أحلام المدينة» إلى الكاتب المصري صنع الله إبراهيم الذي أتى إلى موسكو يومها بمنحة لدراسة السينما. روى له صاحب «تلك الرائحة» تجربته في سجن الواحات (1959)، وإحساسه بالعزلة، إضافةً إلى مشاريع روائية مؤجلة، سوف ينجزها بالتتابع. بين تلك المشاريع رواية عن «المتنبي»، وأخرى عن «النبي»، وثالثة عن الفراعنة.

أما «خاتمة الروايات، فستكون عن الجسم البشري، بعدها سأنتحر»، أخبره الروائي المصري. كان صنع الله، يجلس وراء الآلة الكاتبة حتى وقت متأخر من الليل، ثم يتوقف فجأةً ويصرخ: «يا عالم أنا عايز امرأة».

لوثة الكتابة الروائية أصابت زميله في الغرفة، فجلس هو الآخر، يستعيد مدينته الأولى القنيطرة. سيصدر تلك الكتابات بعد سنوات في رواية «إعلانات عن مدينة كانت تعيش قبل الحرب»، كما سيقنع السينمائي الشاب، صديقه الروائي، بتمثيل دور في فيلمه الأول «وكل شيء على ما يرام سيدي الضابط» (1974). يكتب محمد ملص: «كنا نجلس دائماً وسط الغرفة، فنبدو أشبه بتكوين مسرحي على منصة، جدارها الرابع هو الغابة التي تبدو كأنها المتفرج الوحيد على عروضنا اليومية هذه... العروض التي يتخللها جون دوس باسوس، وغراهام غرين، ودوستويفسكي، والسجن، والقنيطرة، والمرأة، والختام منام الليلة الفائتة».

في بورتريه آخر، يستعيد السينمائي السوري زميله المسرحي شريف شاكر. خبر موته في المنفى عام 1995، أعاد إليه ملامح تلك الشخصية المتفرّدة والصاخبة والعابثة. التقاه في الطائرة المتجهة إلى موسكو، لتنشأ بينهما صداقة حميمة، وعشق جارف للمسرح، لكن خيبات شاكر المتلاحقة في إعادة الروح إلى المنصة السورية، إثر عودته من موسكو، أنهت حياته على عجل. «شريف! إذا لم نعثر بعد في الوطن على جدار أبيض في مسرح الحياة، لنضع الصور أوسمة على صدره، فإنّ صورتك في مسرح الموت هذا، تملأ فضاء الروح كلها»، يكتب.

في «يوميات العطالة»، يعيد صاحب «الليل» تركيب الصور، على نحوٍ آخر. يتوقف ملياً عند صورة قديمة، التقطت في الأربعينيات من القرن المنصرم أمام «سينما دمشق»، التي كانت تعرض فيلم «لحن الوفاء» لإبراهيم عمارة مع عبد الحليم حافظ وشادية. صورة أخرى في «مقهى الوحدة»، التقطها خصيصاً كي يرسلها هدية إلى الرئيس جمال عبد الناصر. هذا التلصص الموارب على طفولة بعيدة، سيكون المادة الخام لأفلامه اللاحقة، ولتوقه إلى غرفة المونتاج لتظهير النسخة الأولى من باكورته السينمائية، ولتجواله اليائس في شوارع دمشق وعلى مكاتب الإداريين في «دائرة الإنتاج السينمائي». يقول له المسؤول: «انتظروا لنخلص من ها المناسبة الوطنية»...

الكرب اليومي سيتحوّل إلى ضحك مرّ مع زميله في العطالة عمر أميرلاي. «نحن في المصيدة، وعلينا أن نخرج منها قبل أن تتكسر أجنحتنا داخل الخفقان العبثي المأزوم». تتراكم أفكار السيناريوهات، من دون أن تجد منفذاً لها إلى الضوء. يكتب في 23 تشرين الأول (أكتوبر) 1980: «في ذاك النهار، جاؤوا إلى بيت «أبو الميش» (ميشيل كيلو) وأخذوه. زحفت كسنجاب حبيس، وجلست على البلاط، فبدأت الرطوبة تتسلل إلي». لعلّ قصة حب جارفة عاشها صاحب «الليل» حينذاك، هي ما أنقذ روحه في تلك الحقبة العاصفة المثقلة بالخيبات والعطالة المزمنة. «في مستودع روحي، أودع صورة الضوء المنبعث من صدرها، بين درفتي الفتحة العلوية للقميص الكرزي. أضع داخله تلك الرائحة ومذاق البلح ذاك». ويضيف: «حتى في «ألف ليلة وليلة» يضمحل السرد، فحين تكتمل الحكاية ويظفر الحسن البصري بامرأته، لا يبقى من ولع أبطال الحكاية إلا الصور».

كواليس لجان التحكيم في المهرجانات السينمائية لها حصة في هذه اليوميات أيضاً. ما بين «قرطاج»، و«لايبزغ»، تدور معارك سريّة، وأخرى معلنة، في الدفاع عن فيلم، أو تجاهله. يورد عبارة قالها له السينمائي الراحل يوسف شاهين خلال وجوده في «قرطاج»: «نحن لسنا طليعة، أصبحنا جراثيم، علينا أن نحافظ على ما بقي، لأنّ الفساد أصبح كالهواء المحيط بنا. لنتمسك بقوة بالمؤسسات الحكومية التي تنتج الأفلام، كي نسعى إلى إنقاذ خلية واحدة في ظهر هذا البعير». هناك محطة في «برلين»، ورحلة أخرى إلى مدن داخلية، ومكاشفات جريئة، ومسودات أفلام تنتظر عين العدسة.

بدعوة من «المجلس الثقافي للبنان الجنوبي» و«نادي لكل الناس»، يُعرض فيلم محمد ملص «الليل» في «مسرح بيروت» (عين المريسة) عند الـ 7:30 من مساء الخميس 14 نيسان (أبريل) بحضور المخرج، كما يعرض فيلم «حلب مقامات المسرّة» عند السادسة من مساء الجمعة 15 نيسان (أبريل) في مركز المجلس في النبطية (جنوب لبنان)

الأخبار اللبنانية في

08/04/2011

 

فيلم «جلد حي»..

أطفال يموتون بالسم ويحلمون بالقفز خارج السور

كتب نسرين الزيات 

يأتي الفيلم الوثائقي الطويل «جلد حي» living Skin ومدته 52 دقيقة، ليكون أول أفلام مخرجه فوزي صالح، بعد فيلم تجريبي قصير اسمه «موكا» عام 2006 .

فالفيلم يعتبر تكملة لمحاولات مخرجه السابق في الكشف عن عالم لا نعرفه، ويقول: «عندما أردت عمل الفيلم، فقد كان مجرد تكملة لتجاربي غير الناضجة في هذا المجال، فقد سبق وأن قمت بعمل العديد من البرامج التوثيقية في مناطق مصر، تفتقر الكثير من الاحتياجات الضرورية واللازمة للحياة».

«فوزي صالح» المولود في مدينة الإسكندرية عام 1982 ، كانت له تجربة مشابهة لشخصيات فيلمه، فقد كان طفلاً عاملاً، لذلك يصر في فيلمه «جلد حي» علي رفض عمالة الأطفال، خاصة الذين يعملون في مهنة لا تجلب لهم سوي الموت..

من فوق عربة كارو يجرها حمار، تسلل المخرج فوزي صالح بكاميراته، في أكثر المناطق نسياناً في القاهرة، و«المدابغ» في عين الصيرة بالقاهرة القديمة ليخلق صورة حقيقية في فيلمه الوثائقي الطويل الأول «جلد حي» والذي حصل منذ أيام علي جائزة أفضل عمل أول في مهرجان تطوان السينمائي الدولي، وجائزة أفضل فيلم وثائقي عربي من مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي في أكتوبر الماضي.

وبعيداً عن كل المحاولات الاستشراقية التي أنجزت بها أفلام وثائقية حول عمالة الأطفال، اخترق المخرج الشاب فوزي صالح عالم الأطفال العاملين في صناعة دبغ الجلود، وكثف في الفيلم، أحلام الأطفال يتنفسون السموم والمواد الكيماوية أثناء صناعتهم الجلود، حيث يعكس اسم الفيلم «جلد حي» صورة صادمة وقاسية، تصل لحد الألم والغضب لأطفال يعيشون ويعملون في مكان لا يصلح إلا أن يكون معقلاً للحيوانات المفترسة.

هناك بشر من لحم ودم، يصنعون من جلود الحيوانات، أحذية وحقائب ومعاطف، يستخدمها الأغنياء، دون أن يشعروا بالملمس الحقيقي لمن أعدوها لهم، في مقابل تعرضهم للسموم، والإصابة بأمراض، لا ينهيها سوي الموت..

ثمانية أطفال هم الشخصيات الحقيقية في فيلم «جلد حي» يمثلون نماذج عدة لما يقرب من 2000 طفل لأطفال في مثل أعمارهم، يعملون في دبغ الجلود، في منطقة سور مجري العيون بالقاهرة القديمة، فهم يحلمون بالقفز من خلف هذا السور الذي يحول بينهم وبين العالم الخارجي - خارج منطقة المدابغ - لكل منهم حكاية يسردها فوزي من خلال عربة الكارو المحملة بالجلود التي نري من خلالها تلك المنطقة الغارقة في المواد الكيماوية السامة..

هؤلاء الأطفال منسيون ومهمشون خلف سور المدابغ، يستطيعون رغم الظروف الاقتصادية - السيئة - أن يمارسوا بعضاً من إنسانيتهم عبر علاقات الحب والصداقة، واحتفائهم بالحياة بتعبيرهم عن ذلك بالرقص والغناء هكذا يقول فوزي فالمكان بطل مواز في الفيلم لباقي الشخصيات فهو القاتل، والبشر فيه مفعول بهم وليسوا فاعلين، فالأطفال والأهالي هناك محكوم عليهم بالإعدام».

كانت لدي مخرج الفيلم رغبة في عمل فيلم حقيقي، يميزه عن غيره من المخرجين الموجودين، فهو يحتفي بالطفولة والحب وقدرتهم علي الحياة في مكان يحلمون بسلخه منهم، مثلما تسلخ الجلود من الحيوانات.

في عام 2008 قرر فوزي صالح، عمل فيلم عن المدابغ، وفي نفس الوقت لم تكن لديه قصة مكتملة، ولا رابط درامي واضح في الفيلم، فاختار أن يكون العربجي من لديه عربة كارو هو الخيط الذي يبدأ به الفيلم فقد عاش المخرج ما يقرب من عام في منطقة عين الصيرة المجاورة للمدابغ أثناء فترة دراسته لذلك فهو يعرف جيداً الأهالي هناك.

في فيلم «جلد حي » أصر مخرجه بأن يكون مدخله لعالم الأطفال في منطقة المدابغ من خلال «المولد» الذي جعل منه مشهداً لبداية ونهاية الفيلم، ولكي يؤكد منه أن حكاية هؤلاء الأطفال لم ولن تنتهي، إضافة إلي رؤيته من أن هذا «المولد» كان من أكثر المشاهد تعبيرية علي مستوي الثقافة الشعبية لهذه الطبقة في المجتمع المصري، خاصة أنه الشيء الوحيد الذي يمثل بهجة للأطفال، الذين يرونه وسيلتهم الوحيدة في احتفائهم بالحياة، رغم الظروف المريرة التي يعيشون بها.

وبالتالي كان - المولد - ما هو إلا الرابط الوحيد والحقيقي علي أحقية هؤلاء الأطفال في الحياة، والذي يعكس لعبة التجدد الدائم، وهي المفارقة التي يقوم عليها اسم الفيلم، لأن الأطفال في الحقيقة هم «جلد حي».. فحكاية هؤلاء الأطفال ممتدة، وهم يلعبون وتتغير لعبتهم، ولا يدركون هل هم يعيشون خارج العالم أم داخله، وذلك في الحد الفاصل بين خارج وداخل السور.

روز اليوسف اليومية في

07/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)