حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تحت شعار «السينما حقل ديمقراطي»

«تطوان»: سينمائيون يهتفون بسقوط مدير الـمهرجان

زياد عبدالله - تطوان

في كل مجال أو مقام أصبح الاحتجاج عبر التظاهر السلمي تقليداً متبعاً في العالم العربي، بل يمكنك العثور عليه بينما يمضي الممثلون والسينمائيون على السجادة الحمراء، هذا ما حدث في الدورة الـ17 من مهرجان تطوان لسينما دول البحر الأبيض المتوسط، وبالتأكيد فإن ذلك لم يحدث من قبل، بمعنى أن الأداة المستخدمة لإيصال مطالب سينمائية أصبحت على اتصال مع كل أنواع الأدوات السياسية الجديدة.

على كل، أتناول هنا ما رأيته في تطوان، تلك المدينة المغربية الجميلة، مسلطاً الضوء على ظاهرة الاحتجاج السلمي التي تعم أرجاء العالم العربي، فالقصة هناك بدأت مع المخرج المغربي مصطفى الشعبي، الذي أبعد، حسب قوله، عن قوائم المدعوين إلى المهرجان، فحوّل ذلك إلى وقفة احتجاجية لم تكن من خمسة أشهر واردة في ذهنه، على الأغلب، وكنا نراه مع كل عرض حاملاً لافتة كتب عليها «أحمد حسني ارحل»، والمقصود مدير مهرجان تطوان، هذا مطلب شخصي، لكن ومع حفل الختام انضم إليه بين 10 إلى 20 شاباً وراحوا يهتفون ضد فساد إدارة المهرجان، وتحت شعار «السينما حقل ديمقراطي».

ما تقدم سيقودني إلى أن هذه الدورة كانت بامتياز عما حدث ويحدث في الوطن العربي، بقصد خصوصاً مع توجيه أحمد حسني التحية لشعبي تونس ومصر في كلمته الافتتاحية، أو دون قصد، كونها أفلام صنعت قبل الثورات العربية، ولعلي لا أجد غواية في سرد ما تقدم عن وقفة المخرج الاحتجاحية إلا لتبيان الاتصال العجيب بين السينما والواقع، حيث إن الأمر ملتبس تماماً بين الشخصي والعام، واستمرار المهرجان بحد ذاته معجزة سينمائية، أمام ما تحاصر به السينما في العالم العربي.

وفي مواصلة ما تقدم، فإنني سأسلط الضوء على فيلمين شاهدتهما ضمن عروض الدورة الـ،17 التي انتهت السبت الماضي، لكن قبل ذلك، فإنني طيلة الطريق من تطوان إلى الدار البيضاء، كان موظفو الطرقات يضعون ربطات حمراء على سواعدهم، في إشارة إلى أنهم سيباشرون إضرابهم ما لم تتحقق مطالبهم في رفع أجورهم، هذا ما أخبرني به السائق الطيب زكريا.

بالانتقال إلى الفيلم الجزائري «الساحة» سأتوقف عند خطين رئيسين في هذا الفيلم الجميل، الأول على اتصال مع مفهوم «الساحة»، الذي قدمه المخرج الجزائري دحمان أوزيد، ونحن نرى أن الساحات كانت ومازالت منطلق ما نشهده، وفي مسار مواز علينا أولاً التأكيد بأن الفيلم تم انتاجه قبل كل الأحداث المتسارعة والعاصفة التي تنتقل من عاصمة عربية إلى أخرى.

الفيلم لا ينفصل أبداً عن مفهوم «الساحة» أو «الميدان»، وهو عن شباب جزائري يعاني العطالة والضياع والتخبط، وهو قبل ذلك فيلم موسيقي راقص، تهيمن عليه الأغاني والرقصات، والممثلون هم في الغالب طلاب يدرسون المسرح كما هي حال الممثلة الجزائرية غزل، أو شبان موهوبون بالرقص والغناء والتمثيل كما هي حال الممثل الموهوب أمين بومدين، وليقدم الفيلم في النهاية وفي أسلوب كوميدي كل أحلام وخيبات الشباب الجزائري، الذين يجدون في «الساحة» ملتقى لهم، وحين يقررون الهجرة سرعان ما يسعى المتربصون بهم إلى الاستيلاء على الساحة، وليفشلوا في ذلك مع مقاومة أهل «الحومة» أو الحي لهم، ومع عودة الشباب الذين يكتشفون أيضاً عبثية السفر وترك الأوطان.

الفيلم مصنوع وفق آليات شابة، وامتزاج الموسيقى بين الهيب هوب والراي والألحان الجزائرية الكلاسيكية يجعله حاملاً فنياً لذائقة الشباب وأدواتهم التعبيرية، مع تناغم ذلك مع الرقصات التي صممت على هدي ذلك.

«الساحة» يحمل رمزية مسبقة عن أهمية الساحة ومن يبقيها ملكاً له، إنهم الشباب الذين لم يتخلوا عنها، كما سنرى في نهاية الفيلم.

انتقل إلى الفيلم الثاني وهو بعنوان «بنتين من مصر» للمخرج محمد أمين، الذي عرفه الجمهور العربي من خلال «فيلم ثقافي»، وليكون الفيلم أيضاً قراءة مسبقة للانتفاضة المصرية، ونحن نسمع كلمة «ثورة» تتردد طيلة الوقت في الفيلم، بل إن بناء الفيلم عموماً قائم على أن ثورة في طريقها للقيام في مصر، وهو يصور المناخ العام مأزوماً ومحتقناً ومستعداً للانفجار في أية لحظة، لكن وفي اتباع لعنوان الفيلم ومجمل الفيلم، فإنه سيكون عن مشكلة الزواج في مصر، أو العنوسة بالمعنى الأدق، ولنكون أمام تنويعات وتعقيدات تلك الحالة من خلال امرأتين قامت بلعب دوريهما كل من زينة وصبا مبارك.

في الفيلم مفارقة طريفة، ألا وهي أن ما يعتمل في ثنايا الفيلم من مشاعر ثورية، يقابله فكر رجعي إن تعلق الأمر بالمرأة، التي ستكون في الفيلم أولاً وأخيراً كائناً لا شيء يسعى إليه إلا الزواج، إنه التمركز حول الزواج، التمحور حوله، الهوس به بوصفه الأمل الوحيد لدى المرأة المصرية، ولعل المضحك في الأمر أن بطلتي الفيلم، ورغم كونهما من الطبقة الوسطى، الأولى موظفة في مكتبة الجامعة والثانية طبيبة، فإنهما ستقبلان بسلسلة من المواقف التي لا تنسجم وما يفترض أنهن عليه، فهما مسلوبتا الإرادة، مستسلمتان تماما للزواج، بل إن الموظفة ستقبل ممن ينوي الزواج منها أن يجري لها فحصاً يتأكد فيه من عذريتها، ولا نعرف إن كان قبولها ذلك شيئاً يضاهي العفة التي يتبانها الفيلم، وإن سقطت معها كل القيم الإنسانية الأخرى مثل الصدق والأمانة والثقة.

هذا مثال من بين أمثلة كثيرة تدفع إلى مشاهدة الذي يتنبأ بالثورة المصرية ولا يحمل أدنى ذرة من التطلع الثوري، إن تعلق الأمر بشخصياته، والتي يصلح وصفها ووفق السيناريو بأنها شخصيات مسلوبة الإرادة، تعاني الفصام والازدواجية، ولا تفكر بأن تثور على شيء، وكل مصير المرأة يختزله خاتم، لن يكون بالتأكيد خاتم سليمان.

الإمارات اليوم في

05/04/2011

 

عودة الى كلاسيك السينما (8):

قتل الطائر المغرّد

حميد مشهداني من برشلونة:  

هذا الفيلم لم يمر عبثا في ذاكرة شباب الستينات، هذا كان عنوانه حينما عرض في بغداد ورغم الاختلاف في ترجمته سواء في الرواية او في الفيلم، بعضهم ترجمه “لا تقتل العصفور الساخر” والآخر: ”قتل العصفور المحاكي” او “لا تقتل عصفورا بريئا” وهنا أقف على ترجمته الاولى “قتل الطائر المغرد” وفي الرواية الدلالة واضحة وهي أنه مُحرّمٌ على جم وسكوت ان يقتلا طائرا لا يقوم بأي عمل مؤذ سوى انه يغرد، ومن هنا فأن بو رادلي، وتوم روبنسن هم أشبه بطيور مغردة، أي بريئة، ومع هذا فأنهما يُعاقبان من دون سبب... وقد رأيت هذا النوع من الطائر خلال سنوات اثناء عملي كحارس غابات مدينتي “ستجس” وكاد يكون اليفا، ودائم الغناء ويتابع زوار الغابات من غصن لغصن، مغيّرا تغريده في كل لحظة.

في منتصف السيتينات كان الشباب من المثقفين العراقيين يحسبون بطرقهم كما أمثالهم في بقية العالم من المثقفين والفنانين. كان لهذا الفيلم تأثير كبير في جيل من الشباب التقدمي، والعادل، حينها كنت صغيرا ولكن الحديث عن الفيلم دام طويلا، وكان تلفزيون بغداد يعيد عرضه مرة بعد أخرى و“غريغوري بيك” (1916-2003) يرسخ مبادءه الانسانية في هذا الشريط كما في سلوكه الشخصي واليومي، وقبل هذا، كان الممثل الرائع الحائز على كل الجوائز السينمائية، وقد ادى كل الادوار الصعبة، رأيته دائما في العديد من افلامه يشع بالقداسة.

الفيلم يغطي مرحلة حاسمة ومهمة في تأريخ الولايات المتحدة الاميركية، في فترة الكساد الاقتصادي في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، وتأثير هذا في العلاقات الاجتماعية، و في الازدواجية  الاخلاقية لمعظم ولايات الجنوب الاميركي، ويحلل النظام القضائي وبجانب هذا كله يعالج التربية الاجتماعية فالمحامي، أتيكوس، (غريغوري بيك) هو من اسمى نماذج الابوة في جهده وصبره في زرع بذور التسامح والعدالة في قلوب أطفاله الصغار. وصار الفيلم من أكثر الافلام شهرة خلال عرضه في 1962، حيث كانت حركة الحقوق المدنية والنضال ضد العنصرية في ذروتها.

من الجدير بالذكر ان الفيلم أخذ من رواية “هاربر لي” 1926 ولم أكن على علم فيما اذا كانت قد ترجمت الى العربية، ولكنني قرأتها باللغة الاسبانية، ووجدت فيها هذا التسلسل اللذيذ، والسرد البسيط في وصف حياة سكان قرية صغيرة من الجنوب، الذي لم يحسم أمره العنصري لحد يومنا هذا وهذه كانت الرواية الوحيدة للكاتبة، وبها فازت بجائزة “بوليتزر” المرموقة في الادب الاميركي، وهي نوع من السيرة الذاتية او يوميات تتذكر فيها ما اصاب القرية من أحداث على مدى عطلتين صيفيتين، وهي في السادسة من عمرها، ويقال انها كانت تنفعل كثيرا اثناء زياراتها مواقع تصوير الفيلم، وكانت تبكي في داخلها وهي ترى “غريغوري بيك” يؤدي دور ابيها في الفيلم لتنتهي في أهداء الممثل العظيم ساعة أبيها التي كانت تعتز بها كثيرا.

بالنسبة إلي، الفيلم والرواية هما من اجمل الدروس في الابوة، و في التربية شاهدتها و قرأتها في كل حياتي، وكذالك الخطاب الرائع ضد العنصرية للمحامي “اتيكوس” اثناء محاكمة الشاب الاسود المتهم باغتصاب فتاة بيضاء، وهو بريء. ليتورط في المؤسسة الاجتماعية والقضائية ذات الاساس العنصري، فيكذب والد الفتاة في شهادته أمام المحكمة، وتكذب هذه أيضا في شرحها للاعتداء القاسي الذي عانته على يد أبيها في الاساس، حسب شروط الوضع الاجتماعي، ولكننا نرى كيف تساهم المؤسسة القضائية في هذه اللعبة الرديئة، فهيئة المحلفين كل أعضائها من البيض جميعا، وهؤلاء ينتهون في إدانة الشاب الاسود رغم كل الادلة الدامغة والتي لا تقبل الشك التي يقدمها المحامي “اتيكوس فنج” وفي مداخلته يطرح ازدواجية الأخلاق بين البيض انفسهم، وتعقدها في العمق الأميركي المحافظ الى يومنا هذا.

من لم يشاهد فيلما للمخرج “روبرت موليغان” (1925-2008) عليه الاسراع في مشاهدة “قتل الطائر” قبل مشاهدة أفلام أخرى ورائعة له، مثل “الإنسان الوحشي” 1968 و“نفس الوقت السنة القادمة” 1978، لان هذا الفيلم يمثل قمة انجازاته السينمائية وهو المتخصص في التربوية، هنا ومع الكاتب المسرحي “هورتون فوتي” (1916- 2009) الذي سيتحول الى كاتب سيناريو لاحقا أستطاع مسك روح رواية “هاربر لي” الوحيدة، والتي فيها الكثير من الذكريات الشخصية، كتابها هذا صار من اكثر الكتب قراءة في الولايات المتحدة وبعد ذالك من اكثر الافلام مشاهدة، وأعتبر من أكثر الافلام شعبية، وفي هذه الفترة اختلطت شخصية “غريغوري بيك” مع المحامي الطيب و العادل “أتيكوس فنج” حيث بعد عرض الفيلم صار الممثل الكبير واحدا من رموز حركة الحربات والحقوق المدنية في الولايات المتحدة بجانب “مارلون براندو” و“مونتغومري كليفت” وعدد كبير من نجوم هوليوود. وهذا كان من اكثر الافلام دقة في معالجة

“الدراما” الاجتماعية، والاخلاقية وحتى السياسية، رغم تركيزه في الاساس على براءة الاطفال، ولا غرابة في ذالك حيث نرى أن القصة تحكيها طفلة في السادسة من العمر أسمها “سكوت” و هذه بالتأكيد هي نفسها “هاربر لي” التي تمثل دورها الطفلة “ماري بادهام” وكان هذا فيلمها الوحيد.

نلاحظ ان الفيلم مبني على ثلاثة اقسام مختلفة فيما بينها، والتي أستطاع “موليغان” حياكتها بطريقة ممتازة، ليسرد حدثا حقيقيا في فترة النكسة الاقتصادية في ثلاثينيات القرن الماضي، في واحدة من مدن الجنوب الاميركي المعقد اجتماعيا في الاساس حيث يعيش السيد “اتيكوس فنج” المحامي الارمل مع طفليه “جيم” و“سكوت”. في ذالك الصيف الساخن يزور القرية طفل “نفاخ” موهوب في اختراع القصص الخيالية العجيبة يدعى “دل” وهذا كان في الواقع “ترومان كابوتي” (1924-1984)، طفلا وكان الى أخر حياته صديقا حميما لمؤلفة الكتاب.

في البناء الاول للفيلم نتعرف على شخصياته الرئيسية، المحامي والاب الطيب الذي هم حياته الاول كان في تربيتهم على ثقافة التسامح، ولكن طفليه المشاكسين بجانب شخصية “دل” ذات الخيال اللامحدود والتي فيها الكثير من الفنطازيا يهتمون كثيرا بغموض قصة أحد الجيران مع ابنه “بو رادلي” ومحاولاتهم اليومية في الاقتراب من هذا الحدث، الشائعات كانت تدور فيما إذا هذا الاخير وضع ابنه في سرداب البيت بعد حادث عائلي غامض أثار الكثير من اللغط في مجتمع القرية، ثم حادث قتل كلب مسعور من قبل المحامي المسالم الذي كان قد علم اطفاله عدم قتل العصفور المحاكي، أو البلبل، لانه لا يضير الانسان، ولا يأكل البذور المزروعة، ولا يدخل مخازن القمح والشعير، لانه العصفور الذي يطرب الاسماع ولا يؤذي الانسان على الاطلاق، وقال ممكن قتل الغربان وطيور أخرى تؤذي جهد الانسان الزراعي، ولكن ابدا قتل طائر مغرد.

البناء الثاني للفيلم هو الحدث الرئيسي حيث يتهم الشاب الاسود “توم روبنسون” الذي يؤدي دوره الممثل “بروك بيترز” بالاعتداء على فتاة بيضاء، وهنا يهتز المجتمع الابيض، ويهتز أكثر بعد معرفة ان أن محاميا أبيض تطوع في الدفاع عن هذا الاسود البرئ، في محاكمة شهيرة، و في زمن كان فيه المواطنون السود في الدرجة الثالثة في السلم الاجتماعي، وذنوبهم كانت غير قابلة للنقاش أبدا، الاسود كان متهما افتراضيا في كل جريمة تحدث، ولكن المحامي “أتيكوس” كان مصرا هذه المرة على أثبات الحقائق، واعيا خطورة ذالك في تلك الفترة، وفي ذالك المجتمع، في المحاكمة التي تأخذ قسطا طويلا من شريط الفيلم يضع المخرج الحقائق بصوت المحامي المحترم، وبدون مغالاة، يطرح براهين براءة الاسود في وضوحها ببساطة، الدليل الدامغ على براءته هو انه كان معاقا في أحد ذراعيه وهذا في الطب العدلي كان دليلا واضحا على البراءة، ولكن هيئة المحلفين من البيض جميعهم تفاجئ الكل في قرار الادانة لنرى دونية المؤسسة القضائية، التي يطرحها في بداية مداخلاته المحامي “أتيكوس” ولكنه يتوسل عدالة الاشخاص والضمائر، وفي هذا يفشل ايضا، وهنا تخفق المنظمة الاجتماعية في وقوفها بجانب اللاعدل، فيدان المتهم البرئ رغم كل الادلة والبراهين، بعد ذالك يعد المحامي زبونه الاسود انه سيستأنف القرار هذا في محكمة عليا، ويطلب منه الصبر قليلا واعيا ألمه الحقيقي، ولكن بعد ساعات ينهار ويشعر بالاحباط كمن لا حول له ولا قوة بعد سماعه خبر مقتل الشاب الاسود اثناء محاولته الفرار من حراسه، وهنا ينتهي المبنى الثاني من الفيلم.

أما المبنى الثالث، فإنه يكمن في أعطائه ايقاعا سريعا في مشاهد من الرعب في لقطات تصوير ليلي مخيف، حيث يتعرض ابناء المحامي لمحاولة قتل من قبل والد الفتاة البيضاء الذي لم يخف حقده على “أتيكوس” بعد تطوعه في الدفاع عن الرجل الاسود، وكان يتابعهم الى ان فاجأهم عزل في طريق غابة وفي ليلة مظلمة، وكان ينوي قتلهم بسكين كبيرة، واثناء صراعه مع الطفلين وفي ذالك الظلام نرى يدا قوية مدافعة يتبعها صراخ مخيف، وبعد ذالك سكون لنشاهد رجلا غامضا يحمل الطفل الجريح الى دار ابيه، وهنا نتوصل الى معنى عنوان الفيلم “قتل الطائر” فالذي ينقذ حياة الطفلين كان “بو رادلي” الشخصية الغامضة، والتي كانت موضوع الشائعات والحكايات في القرية، وكان هو الذي يترك للطفلين هدايا صغيرة في جذع شجرة، مثل ساعة عاطلة او تمثال من الصابون، و سكينة صغيرة، وهما لم يعرفا مصدر هذه الهدايا، هنا اود التوقف قليلا على شخصية “بو” التي يقوم بدورها الممثل الرائع “روبرت دوفال” في اول بداياته كممثل، في ظهور سينمائي لايزيد على 5 دقائق قادته الى قمة الاداء خلال الخمسين الاخيرة.

في النهاية يزور مدير الشرطة المحامي ليخبره بما حدث وهنا يبدو نبل “اتيكوس” مرة اخرى، حيث يقترح ابلاغ القضاء بالحدث، ولكن الشرطي يقترح فكرة اخرى و يقول “اسود قتل بريئا، والمسئول عن قتله قتل ايضا، دع ميتا يقتل ميتا، ”وينتهي مقنعا المحامي ان القتيل الاخير مات منتحرا بسكينه، وهنا تتدخل الطفلة “سكوت” قائلة ان مدير الشرطة على حق، لان تقديم “بو رادلي“ للقضاء سيكون شبيها بقتل طائر كان قد أسعد طفولتها مع أخيها بالهدابا البسيطة، واخيرا، أهدى لهما حياتهما.

الفيلم رشح لثمان جوائز “اوسكار” حصل على 3 منها في عام 1962: أحسن ممثل “غريغوري بيك” وأحسن اخراج فني، وأحسن سيناريو. وتصادف هذه الايام الذكرى 95 لميلاد الممثل العظيم غريغوري بيك.

إيلاف في

05/04/2011

 

على أبواب الثمانين ورصيده 150 عملاً فنياً

حسن مصطفى حالة مرح على طبق من حب

الشارقة - جمال آدم 

لا يغيب اسمه عن قائمة أهم عشرة فنانين عرب أضحكوا الناس حتماً، وحالما يراه المرء سرعان ما ترسم ابتسامة على وجهه، وهذا بحد ذاته يعد إنجازاً طيباً لتاريخه كممثل خبير ومحترف في المشهد المسرحي العربي، ولعل حسن مصطفى بقامته الكبيرة لايزال قادراً على أن يقدم أعمالاً تضحك الآخرين، وتمضي بهم إلى الطرف الآخر من حالة فرح يقدمها لهم على طبق من حب؛ لأنه كان ولايزال مهموماً بأن يقدم للآخر أجمل ما لديه .خلال أيام الشارقة المسرحية التقيناه، حيث تمت دعوته ليكون ضيف شرف الأيام مع عدد من نجوم المسرح العربي، وقد أسعده حقاً زيارة الإمارات من جديد والاطلاع على النهضة العمرانية والإنسانية والثقافية التي تحظى بها، فيما حظي حضوره بمحبة وتقدير الجميع الذين كانوا يستمعون إليه، وإلى ذكرياته الجميلة مع الفن والمسرح بالدرجة الأولى.

هو الناظر في مدرسة المشاغبين، وهو الأب في العيال كبرت، وفي كلا العملين استطاع أن يوجد حضوراً مسرحياً خاصاً به ، وعلى امتداد العالم العربي عرف عنه أنه فنان قادر على إثارة الضحك عبر مواقف حقيقية لا يقدمها إلا هو، وهو يشير إلى أن المسرح الحقيقي دائما هو القادر، بل هو ذاك الذي كان يتسلل ويتجرأ على الدخول في حياة الناس، وترك بصمة فرح في القلب، ولطالما كان مهووسا بهذا الأمر، مستعيدا لحظات عاشها أيام زمان في المعهد العالي للفنون المسرحية، ونصيحة أساتذته له بأن الفن وجد ليرفه عن حياة البشر وليقربهم من مشاكلهم وأفراحهم في آن معا.

حيث عرف عنه اهتمامه بالجانب الكوميدي أكثر من باقي الأجناس الدرامية الأخرى، وفي كل الحالات كان حسن مصطفى العلامة الفارقة بين أبناء دفعته نظرا لسرعة بديهته وحرفيته في التقاط المشهد الكوميدي وتوظيفه، وربما كانت مهمته صعبة؛ كونه جاء في وقت كثرت فيه أسماء العاملين في الكوميديا، مثل العلامة المتميزة في الكوميديا المصرية فؤاد المهندس ومحمد هنيدي وإسماعيل ياسين في عز أيامه، وتقديمه لأدوار وشخصيات كثيرة انطلاقا من اسمه، ناهيك عن انطلاقة لعدد من النجوم الشباب، مثل عادل إمام وسعيد صالح وسمير غانم، وغيرهم من الأسماء الأخرى التي عرفها العرب من خلال أفلام ومسرحيات كثيرة قدمتهم كصناع للفرح في العالم العربي.

حاضر في الذاكرة

بحكم العمر غاب حسن مصطفى عن المسرح مع بعض المشاركات في بعض الأعمال الدرامية التلفزيونية، وبحكم الخبرة هو حاضر في الذاكرة، ومنذ العام 1957 كان فاعلاً في رسم الابتسامة على وجوه الناس وفور تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة، ويشير حسن مصطفى إلى أن تلك الأيام لاتزال حاضرة في مخيلته، وكأنها شريط سينمائي يمر من أمامه، وهو يذكر منها كل ما هو جميل عن تلك المرحلة وعن تفاصيلها.

وعن البدايات والخوف الذي كان ينتابه من المستقبل يؤكد أنه كان خوفا مشروعا كما أشار، حيث لا يمكن لخريج جديد من المعهد العالي للفنون المسرحية أن يمر من دون أن يخاف من الخطوة الأولى، التي كانت صعبة للغاية بالنسبة إليه في وجود ممثلين موهوبين ومحترفين، وهو في أول لحظة وقف فيها على خشبة المسرح الاحترافي ممثلا في إحدى مسرحيات الكاتب الفرنسي موليير، تسلل الخوف إلى روحه تسللا صاعقا حتى انتهى من حالة الارتجاف التي كانت تنتابه، ملمحا الى أن كل ما قدمه لاحقا هو بمثابة اضافة إلى هذه اللحظة التأسيسية التي لم يستطع أن ينساها طوال حياته، مشيرا الى أن بعض أبناء جيله لم يحصلوا على حظ في الانتشار؛ لأسباب كثيرة، ولكن هو كان محظوظا بفضل العروض التي جاءته من السينما بالدرجة الأولى، حيث عمل فيما يزيد عن ثلاثين فيلما سينمائيا، حتى بدايات السبعينات، وقد تراكمت كل تلك الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية لتؤلف أكثر من مئة وخمسين عملا مختلفا كما قال، لافتا الى أنه يدين للمسرح بكل شهرته وانتشاره عربيا، وبالتحديد للمسرحيتين اللتين قدمهما نهاية السبعينات تقريبا:

مدرسة المشاغبين والعيال كبرت، مشيرا الى أن كل من عمل في هاتين المسرحيتين الاجتماعيتين الساخرتين قد أصابه حضور كبير في السينما والتلفزيون لاحقا، مشيرا الى ان الأعمال الكبيرة لا يمكن لها ان تخرج من الذاكرة ومن القلوب، مضيفا: ان الفترة الحالية لم تقدم أعمالا مسرحية بنوعيتها، ربما لعدم وجود كاتب مسرحي، وربما لغياب الممثلين المحترفين الذين يعملون بكل حب للمسرح، وربما لكل هذا ولغياب الجمهور الذي يدعم تظاهرات مسرحية كهذه.وأشار الى أن السينما الحالية ليس لها علاقة حقيقة بالمشهد السينمائي، الذي كان سائدا ايام زمان، بل على العكس السينما الآن هي شكل مختلف تماما، وأيام زمان لا يمكن لها أن تعود أبدا إلا في أحاديث الكبار وذكرياتهم عنها.

حسن مصطفى متزوج منذ أربعين عاما من النجمة المصرية ميمي جمال التي تعتبر شريكة له في الأعمال التي قدماها على مدار نصف قرن تقريبا، توجت بالعديد من الأعمال الفنية المشتركة، وهو لا يذكر كم عملا مشتركا كانا فيها مع بعضهما، ولكنه يفترض أن يكون قارب الثلاثين عملا، ويضحك حسن مصطفى ليقول: أنسى أعمالي وأسماء أحفادي من بناتي الثلاثة، فقد كبرنا وللعمر حقه علينا، مشيرا الى أن أجمل أيامه الآن يقضيها مع أحفاده حينما يزورونه ويتحدثون إليه كصديق كبير.

رمضان السكري

بدأ حسن مصطفى العمل في المسرح منذ العام 1957 فور تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية، وهو من مواليد القاهرة عام 1934، ويفترض أن يكون الآن على أبواب العام الثمانين يطلب من الله أن يمده بالصحة، وأن يجعله قادرا على إضحاك الناس، وزرع الفرح في قلوبهم حتى آخر يوم في حياته، وهو متزوج من الفنانة ميمي جمال منذ أربعين عاما، ولديه منها ثلاثة بنات وعدد من الأحفاد، ويعتبر رمضان السكري دوره في مسرحية العيال كبرت أحد ابرز الأدوار التي قدمها في المسرح التجاري.

شريكته ميمي جمال

في مشهد من المشاهد الكوميدية العالقة بالذاكرة مشهد حسن مصطفى طبيب يستمع لدقات مريضة جاءت إليه، فيقفز صوت الطبلة من صدرها يصمت ليقول: «دي مش دقات قلب وحدة طبيعية أبدأ دي دقات وحدة ونص». تلك الممثلة في هذا الفاصل الكوميدي الذي علق بالذاكرة هي زوجة الفنان حسن مصطفى هي ميمي جمال، وهي واحدة من نجمات الفن المصري من مواليد1941، اسمها أمنية مصطفى جمال، من أب مصري وأم يونانية. ولها العديد من الأعمال وذات تواجد كبير على الشاشة.بدأت العمل في السينما وهي طفلة، ثم ظهرت في أدوار صغيرة أشبه بالكومبارس، فهي ابنة لعماد حمدي ومديحة يسري في فيلم «أقوى من الحب».عملت في مسرح الفنانين المتحدين، وفي الفرق والقطاع الخاص، كما عملت في مسرح محمد نجم في العديد من المسرحيات، وفي التليفزيون برزت في العديد من المسلسلات والأفلام التليفزيونية، أنجبت من زوجها الفنان حسن مصطفى ثلاث بنات، وهي ترافقه في معظم أسفاره؛ لذا هو يلقبها صديقتي وشريكتي أكثر من زوجتي.

البيان الإماراتية في

05/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)