حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

بشير الديك:

منصب رئيس الجمهورية يحتاج إلى شاب لديه «همة» مثل عبدالناصر

حوار   محمد طه

لا يخشى من أجندة الإخوان ويتمنى أن يتولى منصب رئيس الجمهورية شاب يكون لديه همة مثل عبدالناصر ولديه تحفظات على كل من ترددت أسماؤهم لتولى منصب الرئيس.. إنه المفكر والسيناريست بشير الديك الذى أوقف مسلسله «الراقصون على النار» الذى كان يكتبه لرمضان المقبل لخوفه من أصحاب الأجندات والمهتمين بالفتنة الطائفية.. سألناه عن مستقبل مصر والعديد من الأسئلة الخاصة بالمرحلة التى تمر بها.

كيف شاهدت ثورة ٢٥ يناير من وجهة نظرك ككاتب؟

- لم أشاهد الثورة مرة واحدة من البداية وفوجئت بها، وكنت متوقعاً أن يحدث تغير فى البلد، لأن كل الظروف تؤدى إلى حدوث شىء لأننا كنا قد وصلنا للقاع، فعندما نصل إلى القاع لا بد من الخروج، وطريقة الخروج لم تكن ممكنة أو متوقعة من أحد، وتخيلت سيناريو الخروج على يد القضاء لأن بعض المواقف التى حدثت معهم كانت تشير إلى أنهم سوف يكونون المخرج، وكنت أرى الشعب المصرى مهموماً بأشياء أخرى، إما البحث عن لقمة العيش أو المظاهرات الفئوية، ولم أتوقع أن تحدث الثورة بهذا الشكل وعلى يد الشباب، وعندما قال البرادعى إننا لو خرجنا فى مظاهرة سنسقط النظام فهذا كان إشارة إلى القيام بثورة، وفى بدايتها توقعت نجاحها لأنه لا يمكن أن يقف شعب ضد نظام وينتصر النظام.

هل قلت نعم أم لا للتعديلات الدستورية؟

- قلت لا على الرغم من توقعى بنجاح من قالوا نعم.

كيف ترى الوضع الفترة المقبلة؟

- فرحت جدا بالنتيجة، وهذه إرادة شعب، ومن قالوا «لا» هم بعض المثقفين الذين يبحثون عن الكمال بطريقة مباشرة، و«نعم» لها نفس المعنى لكن طريقها يحتاج إلى متاعب أكثر، وعلينا أن نتكاتف ونعيد روح الميدان، فالتعامل مع المرحلة المقبلة مهم.

ما رأيك فى استخدام الإخوان سلاح الدين بشكل واضح فى حشد الناس لتأييد التعديلات؟

- غير موافق على فكرة أن الإخوان استخدموا الدين فى حشد الناس لأنى واحد من الناس الذى تناقشوا حول نعم ولا، والإخوان جزء من المجتمع المصرى ولم يهبطوا بالباراشوت على مجتمعنا فهم أكثر الذين دفعوا فاتورة النظام السابق، وحتى فى عصر السادات هم الذين تأزموا، وسبق أن أعلنوا أنهم يبحثون عن مجتمع مدنى وديمقراطى وسوف يقيمون أحزاباً ولديهم استعداد فى تغيير أنفسهم وأجنداتهم لأنهم قرروا العمل بالسياسة وهذا ظهر فى ميدان التحرير بشكل جيد، ولا أستطيع أن أقول إن هذا سيئ لأنى مؤمن بالحرية، ولا يصح أن نفتش فى ضمائر الإخوان بأنهم إذا وصلوا إلى الحكم سوف يفعلون كذا وكذا، فهذا لا يصح.

ألا تخاف من وصولهم للحكم؟

- ما شاهدته فى الثورة لا يجعلنى أخاف من أى شخص أو أى نظام، ومن أسقط مبارك يسقط أى نظام آخر.

هل الشارع المصرى مستعد للنظام الديمقراطى؟

- ما حدث فى التحرير أثبت أنه، بالغريزة، ديمقراطى.

هناك أسماء مطروحة على الساحة لتولى منصب رئيس الجمهورية فما رأيك فى أحمد شفيق؟

- تجربته فى رئاسة الوزارة مقلقة ولا تشجع بالمرة لأنه أثبت خلال الفترة القصيرة أنه جزء من النظام السابق.

عمرو موسى؟

- لديه كاريزما عالية جدا ولديه خبرة دبلوماسية لكنى لا أستطيع إلا أن أقول إنه جزء من النظام السابق.

البرادعى؟

- أقربهم إلى نفسى، وهو نمط ونوع من البشر غير معتادين عليه وأفضل ألا يكون رئيس مصر شخص ينهى حياته فى المنصب، البلد يحتاج إلى شاب يملك الهمة مثل عبدالناصر.

عمر سليمان؟

- مرفوض تماما لولائه الشديد للنظام السابق.

أيمن نور؟

- مبشر لكنه خفيف على المنصب.

المستشار هشام البسطويسى؟

- رجل جيد وقانونى وقريب من الشعب ويحترم القانون ولكنه غير سياسى.

من أقرب المرشحين إلى نفسك؟

- حمدين صباحى لأنه مناضل لكنه صغير على المنصب.

ما مصير مسلسل «الراقصون على النار» الذى يكتب لرمضان المقبل؟

- أوقفت العمل لإحساسى أن الثورة أفضل أعمالى، ويجب أن نقول ما يجب أن يقال، وحكاية المسلمين والمسيحيين فى قرية «صول» خوفتنى، لأن هناك أصحاب أجندات مهتمين بالفتنة الطائفية وهم بقايا الحزب الوطنى.

كان أولى أن تكتب العمل لتبين للناس الدسائس؟

- الجو ملتهب، وهناك كثير من أصحاب الأجندات، وأخشى من أن العمل يصب فى طاحونة غير التى أريدها، وعلى أن أنتظر بعض الوقت.

كيف ترى الاحتفال بعبود الزمر إعلاميا؟

- هذا رجل ظل فى السجن أكثر من المدة المحددة له بـ١٠ سنوات، وتحويله إلى بطل أو نجم فى الإعلام شىء مش لطيف، والشىء القبيح أن يتم سؤاله عن الفترة المقبلة.

هل تتوقع بقاء الرقابة على المصنفات الفنية؟

- أتوقع إلغائها وسوف تكون هناك رقابة ذاتية، ومن الممكن أن تلعب النقابة دوراً فى تقسيم الأعمال إلى فئوية للكبار ومراحل عمرية مختلفة وفى هذه المرحلة من الممكن أن يقاضى أى شخص صانع الفيلم إذا خدش حياءه.

كيف ترى حال الأحزاب المصرية وهل سوف تنضم لأى حزب؟

- يجب على الأحزاب أن تغير من نفسها وتتطور وتحتاج إلى شغل حقيقى ولا تتناحر على المناصب، وأفكر فى إنشاء حزب على الفيس بوك يضم كل شباب التحرير، وفى طريقى لدراسة الفكرة وعرضها على بعض المتخصصين.

المصرية في

31/03/2011

 

اتجهت إلى السياسة والثورة

بسمة: أفكر في الانضمام إلى حزب جديد...

والأعمال الفنية لن تطرح ثورة 25 يناير

القاهرة ـ 'القدس العربي' ـ من محمد عاطف:  

شاركت الفنانة الشابة بسمة في ثورة 25 يناير وانغمست مع شباب التحرير وتقوم بخطوات ايجابية في سبيل الإصلاح والحصول على مكتسبات الثورة لأفراد المجتمع، ولذا ذهبت إلى منطقة أطفيح بقرية صول التي وقعت بها أحداث هدم الكنيسة، وساعدت على توفيق الآراء بين المسلمين والمسيحيين، ولن تتوقف بسمة عن خطواتها في سبيل تحقيق وإرساء دعائم ثورة 25 يناير.

·         هل لديك وعي شديد في السياسة جعلك تقيمين في ميدان التحرير؟

* ليس لدي وعي سياسي شديد ولكنني في طور التمهيد للوعي السياسي الذي نستمده من الثورة ونتائجها المقبلة، وأرى ان الوعي مهم لصد الثورة المضادة التي حاول البعض فرضها لإسقاط ثورة 25 يناير، من خلال البلطجية وإثارة الرعب والترويع في نفوس الناس.

·         كيف ترين نجاح الثورة؟

* هذا سؤال صعب، وأرى اننا سنشعر بالراحة بعد عدد من الانجازات مثل تحديد موقفنا من الدستور، هل نوافق على التعديل أم ننتظر تغييره كاملا.

·         هل لديك طموحات في المشاركة السياسية بالانضمام الى حزب أو حركة سياسية؟

* منذ فترة التقي بأشخاص ووجدت تفاهما مع بعضهم، أتمنى أن ينشئوا حزبا لأنضم إليهم باعتباري فنانة وليس سياسية، لأن الجمهور الذي يشاهد أفلامي يصدقني وأرجو أن يصدقوني أيضاً من خلال رأيي في الحياة السياسية.

·         هل تفكرين في عمل فني عن الثورة؟

* هناك أعمال يجري تحضيرها لكنها لن تناقش الموضوع كله، بل تعرض لمحات من الثورة التي لم تنته بعد، فالأعمال تأخذ مجرد مشاهد إنسانية من شباب الثورة وهناك اللجان الشعبية التي عملت في الشوارع والسيدات والفتيات اللاتي شاركن في كل شيء بشكل ايجابي، ووجدت انبهارا في الشوارع من معاملة الناس، خاصة في التحرير لم يضايقني أحد ولم يتحرش بي أحد، وعبارات الاستئذان والأسف عند الخطأ في ميدان التحرير مهم جدا إبرازها لتوضيح أخلاقيات ميدان التحرير.

·         هل هناك عمل إبداعي يصلح للتعبير عن الثورة؟

* في نفسي أعمل شيئا لأن بداخلي معركة أرغب في إخراج ما بداخلي من مشاعر وأحاسيس.

·         هل رفضت أعمالا فنية؟

* لم أرفض، بل عندي سيناريو مسلسل تلفزيوني، لكنني لا أستطيع قراءته حاليا لأن شحنة الثورة مسيطرة عليَّ، ولابد أن اصفي ذهني حتى أركز في العمل الذي اختاره ولابد أن يستفز مشاعري كي أدخل تصويره.

·         أين السينما أمام الأحداث الكبرى؟

* واثقة أن السينما ستقدم ثورة 25 يناير، وحاليا الإبداع سيكون كبيرا وخيالا بلا حدود ونوعيات الأفلام والدراما التلفزيونية سوف تتغير.

·         هل صناعة السينما حاليا ستترك الفرصة لأبناء الجيل الحالي؟

* سيحدث خليط بين الأجيال، ومصطلح الشباب معروف لوجود سينما الشباب التي أطلقوها منذ سنوات، وهناك اتجاه للسينما المستقلة للازدهار، وهي تعطي الفرصة لطرح وجهات النظر المختلفة.

القدس العربي في

31/03/2011

 

عرض في مهرجان سينما الواقع في دمشق:

'أبي من حيفا': الخوف من الذكريات المريرة

دمشق ـ خلد سامي عطفة:  

منذ السبعينات شكلت القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني محورا أساسيا في أعمال الدراما السورية، وانتقلت منها إلى السينما بما فيها الأفلام الطويلة والوثائقية، فيلم (أبي من حيفا) للمخرج عمر الشرقاوي يتطرق لمعاناة الشعب الفلسطيني المهجر منذ48 هذا الشعب الذي أخرج من وطنه وشتت في أصقاع الأرض ليعاني آلام التشرد والحرمان من العودة للوطن، مختزنا في ذاكرته آلام الرحيل سطورا مريرة لم تستطع سنوات البعد محو آثارها.

عمر الشرقاوي دنماركي المولد لأب فلسطيني، يقودنا عمر في فيلمه انطلاقا من عنوانه (أبي من حيفا) حيث يصور الفيلم الوالد منير الشرقاوي وعلاقته بابنه عمر، الذي تتمركز حياته حول لحظة تاريخية معممة على مئات الآلاف بل الملايين من الفلسطينيين المشردين في أنحاء العالم، طالما نتكلم عن أجيال وأجيال لم تحظَ بفرصة رؤية فلسطين ولو لمرة واحدة، والفتى عمر واحد من أولئك المطرودين من وطنهم، يرى والده متأزما دوما يحمل في ذاكرته ماضيا هو بمثابة الحاضر بالنسبة له حاملا آثاره على جسده من خلال الندوب والتشوهات التي لحقت بأطرافه عندما كان مقاتلا في صفوف الثورة الفلسطينية قبل أن يغادر فلسطين متوجها إلى الدنمارك.

هذا الأب الذي يعتصر قلبه الألم وتقلقه ذكريات مؤلمة قرر الذهاب لزيارة حيفا أربع مرات، وفي كل مرة كان يشتري التذكرة الباهظة الثمن ثم يلغي السفر، نتيجة لتلك المخاوف والذكريات المريرة التي تسكنه، فهو يخشى العودة إلى حيفا ومواجهة الماضي واستحضار تلك الذكريات. طرح عمر على والده فكرة ذهابهما معا إلى دمشق ومن هناك إلى حيفا، ولكن الوالد الحزين يرفض الفكرة متخذا من مرضه ذريعة لعدم الذهاب، ولكن عمر يصر على السفر حتى يقنع والده ويمضيان في رحلتهما.

يترك للكاميرا حرية التصوير في دمشق ومطارها، حيث يقومان بزيارة من تبقى من العائلة ويطلعان على شجرة العائلة، ثم يقومان بزيارة لدمشق القديمة والأسواق الشعبية. وتتوقف الكاميرا هنا لترصد لحظة مؤثرة وهي لحظة زيارة الأب لقبر والده والبوح له عن معاناته وغربته عن وطنه ومعه إخوانه من الفلسطينيين المهجرين، والحنين إلى الوطن المفقود وحلم بسلام منشود. ثم تمضي الكاميرا لمتابعة الجزء الأخير من الفيلم حيث يدخلان فلسطين وطنهما المسلوب، ولكن بجواز سفر دنماركي ولمدة عشرة أيام فقط، يصلان للقدس ويؤديان الصلاة في المسجد الأقصى ومن ثم يذهبان إلى حيفا حيث كان المنزل رابضا بشموخ وتعالٍ فوق التلة، لم تستطع قذائف العدو النيل منه ولكن تركت جدرانه محترقة ونوافذه مكسر زجاجها، صعدا من الجهة الأمامية حيث الدرج محطم وفي هذه اللحظة وجد الأب نفسه في مواجهة الماضي: أرضية المنزل مازالت كما هي والقرميد الخارجي مازال موجودا، وبدأت صور الماضي تتداعى في مخيلته فأخذ يسمع صوت أمه تناديه ويشعر بأن روح والده موجودة في كل ركن من أركان المنزل، وأخذ يتذكر إخوته وأهله وجده وأفراد عائلته، وهنا ينتهي الفيلم بهذه المواجهة التي لطالما هرب منها الأب.

يتميز الفيلم بعرض وثائقي حقيقي لمشاهد قتل الأطفال والقصف وسفك الدماء وقتل المدنين أثناء حصار غزة، وعلى الرغم من أن الفيلم تسجيلي إلا أنه كان غنيا بالمؤثرات الإخراجية مركزا على الموسيقى التصويرية المؤثرة التي اقتصرت على عزف مؤلف من آلة منفردة حينا وعلى الآهات الغنائية حينا آخر، وقد كان للإضاءة دور كبير في إظهار بعد متوافق مع الحدث ما بين العتمة والتوهج، حيث أضاف عمر مساحة خاصة للكاميرا تظهر الغيوم والقمر المنبعث من بين ضبابها. الفيلم كان ناطقا بالدنماركية مع بعض اللقطات البسيطة بالعربية، بشكل عام كان الفيلم حزينا ومؤثرا جدا بالمشاهد ناقلا إياه نحو فترة زمنية تعبر عن آلام الفلسطينيين، وذلك من خلال السرد السينمائي والمؤثرات الخارجية والإحساس بالألم.

الفيلم حاز جائزة تحكيم اللجنة في مهرجان دبي 2010 وجائزة أفضل فيلم تسجيلي جوائز روبرت الدنمارك، كذلك شارك في مهرجان غوانجو التسجيلي في الصين 2010 ومهرجان كوبنهاغن التسجيلي في الدنمارك 2010 وعمر الشرقاوي ولد في الدنمارك 1971 لأم دنماركية وأب فلسطيني وهو مصور ومخرج.

القدس العربي في

31/03/2011

 

حصل على الجائزة الكبرى في مهرجان واغادوغو

فيلم 'براق' لمحمد مفتكر: الأنوثة تثأر من القبيلة

محمد بنعزيز  

شاهدت فيلم 'براق' أول مرة ذات مساء صيف حار في مهرجان خريبكة للسينما الأفريقية 2010. أولى الملاحظات التي سجلتها هي أن المخرج استخدم الصوت للتشويق، بل لبث الرعب في قلب مشاهد أسرته المفاجآت... صوت يساهم في التوتر... يتأهب المتفرج لينجو من المفاجأة... يخدره تدفق الصور ثم يصعقه صوت آخر... وقد انعكس الصمت في الفيلم على القاعة... ثاني الملاحظات هي أن المخرج فقد السيطرة على الحبكة في الربع ساعة الأخير من الفيلم.

في صبيحة اليوم الموالي جرت مناقشة مطولة للفيلم ضمن الندوات المخصصة للأفلام المعروضة في المسابقة الرسمية. في تلك القاعة التي جعلت مخرجا تونسيا يشتكي من وجود نسبة عالية من النقاد في كل متر مربع... ذلك لم يمنع أنه خلال النقاش استمع مفتكر إلى مواقف الإعجاب وتابع تأويلات خصبة لفيلمه.

في تدخله لشرح كيف أبدع الفيلم كتابة وإخراجا قال مفتكر:

'عندما أشتغل على فكرة، اعتبر أن الفكرة هشة قبل أن تصبح قصة، لأنها هشة، نحن مهددون بفقدها... وأحيانا نحاول تطوير الفكرة فنقتلها... يجب أن نطور الفكرة في نسق... الفكرة مثل سمكة في الماء، يجب إنماؤها بدون إخراجها من الماء... كذلك لا يمكن أن نطور فكرة من خارجها... يجب أن نطور الواقع من داخله... كيف؟

بالبقاء ضمن وجهة نظر الشخصية، الشخصية بالنسبة لي هي كاميرا... كاميرا تعوض شخصية يؤديها الممثل... يجب أن تكون الكاميرا هي وجهة نظر الشخصية الرئيسية... ما ترفض الشخصية الرئيسية أن تراه، يجب أن ترفض الكاميرا أيضا التقاطه... وهذا ما يوتر المتفرج... لأنه يعرف أن هناك مجالا لا تلقطه الكاميرا... hors champ...'

هكذا تحدث مفتكر عن فيلمه الطويل الأول بعد أن أنجز أربعة أفلام قصيرة هي 'ظل الموت'، نشيد الجنازة' رقصة الجنين و'آخر الشهر'، عناوين تنذر بنهايات تراجيدية... أفلام تحتل فيها النساء مكانة بارزة...

في ختام المهرجان حصل براق على الجائزة الكبرى للمهرجان، وحصلت مجدولين الإدريسي على جائزة ثاني أحسن دور نسائي، مجدولين التي ظهرت في الفيلم كفراشة خفيفة في أدائها وقوية في حضورها... وكان الفيلم قد حصل على خمس جوائز في المهرجان الوطني للفيلم في كانون الثاني/ يناير 2010، من ضمنها جائزة أحسن أداء نسائي لمجدولين والسعدية لديب.

لم تكن تلك المشاهدة الأولى كافية للكتابة عن الفيلم، بعد ثمانية أشهر، شاهدته ثانية في فبراير 2011، لم تكن قاعة السينما ممتلئة مع الأسف. وذلك لسببين يعرقلان النجاح الجماهيري للفيلم، الأول هو الغموض السيكولوجي للقصة، والثاني هو غياب ما يسميه أندري بازان 'إدخال حالة العالم في الكادر'، وأقصد هنا حالة المغرب اليوم. حتى أن المتفرج يتساءل بعد المشاهدة: أين ومتى تجري الأحداث في الفيلم؟

رغم ذلك، وبينما أكتب تساءلت كيف أحلل الفيلم بدون أن تؤدي الكتابة عنه إلى تدمير متعة المتفرج المحتمل. هذه هي الإستراتيجية التي تقود هذا المقال. أريده أن يدفع قارئه ليذهب ليتفرج ويستمتع.

أول ما تقصيته في المشاهدة الثانية هي تعديلات المونتاج، وبالفعل فقد كان واضحا انه تم نقل الربع ساعة الأخير من الفيلم إلى بدايته، كما أضيفت لقطات توضيحية للعلاقة بين الشخصيتين النسائيتين الرئيسيتين. وهذا ما أدى إلى بروز أكبر لدور الطبيبة النفسانية زينب. التعديلات تدخلت أيضا لتأخير لقطات الطفولة التي كانت شعرية ولها أثر قوي. لقطات استخدمت فيها الكتابة على اللوح والبيض والجدار بمبالغة، مع أن الرمز يقتضي الإيجاز. حقيقة كانت هذه التعديلات بعد العروض العامة للفيلم قرارات صعبة، وهي تعديلات بمثابة سير على الحافة بين خطرين، خطر الجهل التام للمتفرج بالعلاقة بين المريضة والمعالجة مما يشوش المشاهدة، وخطر معرفة المتفرج منذ البداية بتلك العلاقة مما يقتل التشويق.

بعد هذه الملاحظات أعود للقصة: يستخدم الفيلم أساطير قديمة لشرح حماقات معاصرة، يحكي أسطورة ذات أصل قبلي... يحاول الشيخ أن يصنع مصيرا مغايرا لابنته ليحافظ على مجده في القبيلة، أطروحته واضحة وبسيطة في تربية ابنته 'لا نولد رجالا لكن نصبح رجالا'. وكيف نتعامل مع النهدين اللذين تعتبرهما قيم القبيلة عارا؟ كيف نتخلص من تلك التفاحتين؟

القبيلة تملك الجواب... لتمنح الأنثى جسد ذكر... بعد ذلك جلب سيد الفروسية للمراهقة حصانا فصارت تحلم أن تكون فرسا... لا يوجد جسد أكثر إيروتيكية من ردف أنثى الحصان... فيه الجمال والقوة والدقة وهو ما تحلم به نساء اليوم ويعملن على إبرازه بسراويل 'تاي باص'. يتحقق حلم المراهقة، يعتلي الحصان أنثاه بكل القوة اللازمة للتعبير عن مجد الذكورة... كانت تلك اللقطة هي مصدر شعلة الغيرة التي كشفت حقيقة البنت ريحانة.

الرئيس البوركينابي يسلم الجائزة للمخرج

بنى شيخ القبيلة مجده على كذبة... هذا ما تعلمه القبيلة للنساء: الكذب والخوف والنفاق والخرافات... لكن النساء يفضحن أكاذيب القبائل... يفرضن عليها الحداثة... الحداثة أنوثة... 'آنستي: افتحي عينيك'، هذه هو طلب الفيلم الذي تقرر فيه النساء مصير الحصان، رمز رجولة القبيلة.

يقدم ذلك في حوارات مقتضبة وسرد بخيل. الحوار شديد التركيز إلا في الربع ساعة الأخير من الفيلم. فيلم يسرد باقتصاد شديد، وفيه تقطر الكادرات المعلومات على عين المتفرج، تقدم كل معلومة في اللحظة المناسبة لتساهم بذلك في تطور الأحداث، يتطور البناء الدرامي بتفاصيل صغيرة مركبة بعناية، يلعب المخرج بالغموض البناء، غموض يتكشف على مراحل بل يتولد عنه غموض آخر...

في تفسيره لاقتصاد السرد في الفيلم قال مفتكر في الندوة 'أنا أحكي... لا أريد أن أشرح...أنا احترم المتفرج... أنا اعتبر المتفرج ذكيا... لذا لا أشرح له كثيرا... لأن الشرح الكثير إهانة... لذا قد أكمل المونتاج وقد أحذف لقطات أشعر فيها بأني اشرح...'

يأتي ذلك الشرح عبر فلاش باك بلا هزات، بل هو يدفع الأحداث إلى الأمام. لذا تبقى خطية السرد محسوسة بفضل وضع علامات بصرية تحمي المتفرج من الخلط بين الماضي والحاضر، ففي الماضي الطفولة واللونان البني والأصفر، في اللباس والطبيعة. أما في الحاضر فالشباب واللون الرمادي. وهذه ألوان تخدم الطابع التراجيدي للفيلم. تراجيديا النساء في المجتمع البطريركي...

بفضل هذا العمق السوسيولوجي، وفر السيناريو شخصيات لها قشرة ولب، وقد انعكس هذا إيجابا على أداء الممثلين، لأنه كلما كانت الشخصية مكتوبة جيدا توفر للممثل مادة يُنميها ويُوسعها بمعاناته الذاتية وهو يعيش الدور. وهو ما قام به إدريس الروخ، مجدولين الإدريسي، سعدية لديب وانس الباز وعبد اللطيف شوقي.

أدى إدريس الروخ شخصية شيخ القبيلة باحترافية، مما يثبت مرة أخرى ان الروخ ممثل كبير، ينجح في التراجيديا أكثر من الكوميديا، ينجح حين يؤدي دورا كتب بإتقان، وليس حين يدفعه مخرجون يرتجلون لملء الفراغ لديهم، يدفعونه لتقديم سكيتشات لا تناسبه... مجدولين الإدريسي استخدمت ملامحها وجسدها بمهارة، وقد جسدت بحالة الرعب التي تقمصتها وجع الأنوثة في مجتمع تحكمه قيم القبيلة... أنس الباز أثبت أن أداءه في كازا نيغرا لم يكن بيضة الديك... لقد كان كاستينغ نور الدين لخماري مثمرا، أتوقع مستقبلا زاهرا لأنس الباز وعمر لطفي.

سعدية لديب، ممثلة من طراز رفيع، وقد بينت الكادرات الكبيرة (Close-up) كم تحبها الكاميرا... كان الأداء مقنعا، وقد تحدث الممثل عبد اللطيف شوقي عن إدارة المخرج للممثلين قائلا ان مفتكر يثق في ممثليه... يثق في نفسه ويعرف أين يتجه... مفتكر قدم له خريطة قادته للدخول للفيلم والأداء... وبهذا يسلم له الممثل نفسه... وقد علق مفتكر عن منهجه في إدارة الممثلين قائلا 'اقتل الممثل لتولد الشخصية... أقود ممثلي بالقرب... أريد أن أكون دقيقا'.

من الضروري أن يقتل الممثل شخصيته الحقيقية ليعيش الدور، بدل أن يؤدي نفس الدور الذي يعيشه في الحياة، فلا نرى فرقا بين سلوكه حين نلتقيه في مقهى وبين أدائه على الشاشة.

لم يقتصر قرار مفتكر ان يكون دقيقا على إدارة الممثلين، بل شمل التقطيع والكادرات أيضا.

ساعد التقطيع التحليلي لا الوصفي - على إعطاء أبعاد أكبر للفضاء الضيق الذي جرى فيه التصوير، فضاء يعصر في متاهة، روحا بشرية تتحايل على الأحلام المستحيلة علها تحققها... تقطيع شمل كادرات كبيرة متتابعة، حركات كاميرا محسوبة، يتكرر البان من اليمين إلى اليسار والعكس تبعا للحدث... تغتني الكادرات بدقة الإضاءة وفنيتها، والتعابير التي تولدها الإضاءة على الوجوه مدهشة... ينبع ضوء اللقطات من داخلها، من النافذة، وهذه إضاءة توفر خيطا نفسيا وضوئيا يربط بين المشاهد... من فرط الاقتصاد في إضاءة الوجوه يكاد الفيلم يكون بالابيض والأسود، حيث ظلمة تخترقها أشعة رقيقة لتضيء ما يريد المخرج أن يخبرنا به، وقد وفر الإيتالوناج وحدة بصرية للفيلم من أوله إلى آخره، جعله قطعة واحدة... وهذا ما مكن من الحفاظ على الجو التراجيدي طيلة الفيلم، وقد عمقت الموسيقى هذا الإحساس. للإشارة فوالد المخرج موسيقي، وقد صرح مفتكر أنه 'يرفض الموسيقى التي تملي مشاعر محددة على المتفرج... يريد موسيقى تعبيرية، لا موسيقى تقول للمتفرج إضحك، خفْ أو انتظر... بل موسيقى تترك المتفرج يكتشف بنفسه متشوقا'. وقد أشرت لتأثير الصوت في البداية.

أثناء ختم هذا المقال حصل الفيلم على الجائزة الكبرى في مهرجان واغادوغو. بمثل مثل هذه الأفلام يتقوى الأمل في الإنتاج الوطني. ننتظر المزيد، فبالكم يتحقق الكيف.

' ناقد سينمائي من المغرب

bnzz@hotmail.com

القدس العربي في

31/03/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)