حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عزت أبوعوف:

قرار إلغاء مهرجان القاهرة لم يحسم.. وأؤيد التأجيل

حوار   أحمد الجزار

قرار إلغاء مهرجان القاهرة السينمائى هذا العام أثار ردود فعل كثيرة خلال الأيام الماضية، وهذا ما اضطر عزت أبوعوف إلى عقد اجتماع طارئ الأحد الماضى مع وزير الثقافة عماد أبوغازى للتأكد من صحة ما يتردد عن أى عمل فنى سيشارك، وفى الوقت نفسه قرر عزت أبوعوف تخفيض أجره إلى النصف فى أى عمل سيشارك فيه خلال الفترة القادمة تضامنا لبناء هذا البلد.. وعن رأيه فى الثورة والقوائم السوداء كان لنا معه هذا الحوار:

ما حقيقة إلغاء مهرجان القاهرة السينمائى هذا العام؟

- حتى الآن لم يصدر قرار نهائى من وزارة الثقافة بهذا الشأن، وقد تقابلت مع وزير الثقافة يوم الأحد الماضى بناء على طلبى للتأكد من ذلك بالإضافة إلى موقفى من الاستمرار فى رئاسة المهرجان، وقد أكد لى الوزير أنه لن تكون هناك قرارات متسرعة بشان ذلك خاصة فى الظروف الراهنة ولابد أن ندرس الموقف جيدا حتى نتخذ القرار المناسب.

ولماذا تساءلت بشأن موقفك من الاستمرار فى المهرجان؟

- لأن ذلك من الإتيكيت من وجهة نظرى وكنت أرى أنه من باب الذوق أن أسال إذا كان من المفروض أن أقدم استقالتى أم لا، لأن ذلك لابد أن يحدث بعد أى تغيير، ولكن الوزير أكد لى أنه لم يغير فى هيكل المهرجان وقال «لابد أن نكمل المرحلة المقبلة كما نحن».

وهل ترى الظروف مناسبة الآن لإقامة المهرجان؟

- بصراحة أرى أنه من الصعب جدا إقامة المهرجان هذا العام لأن البلد يمر بمرحلة انتقالية صعبة والظروف غير مناسبة ليس فقط لمهرجان القاهرة ولكن لأى مهرجان فنى الآن، كما أن الظروف المادية غير مؤهلة لإقامة المهرجان لعدم وجود رعاة يساهمون فى التمويل، بالإضافة لذلك من الصعب أن يتم حضور ٥٦٠ ضيفا من الأجانب من جميع دول العالم فى ظل الظروف الأمنية الحالية لأن أى مشكلة ستحدث قد تتسبب فى أزمة كبيرة.

هل الإلغاء قد يؤثر على وضع المهرجان لدى الاتحاد الدولى للمنتجين؟

- هذا أكثر ما يقلقنى الآن، لذا سأبدأ خلال هذه الأيام بإجراء اتصالات مع المسؤولين فى الاتحاد الدولى للمنتجين لبحث ذلك لأن الإلغاء إذا كان مخالفا للوائح الاتحاد الدولى فسيتسبب فى خسائر كبيرة أهمها سحب صفة الدولية من المهرجان وهذا ما يسبب خسائر ثقافية وسياحية، ولكن أعتقد أن العالم كله يتفهم الوضع الذى يمر به البلد لأنه فى النهاية ظرف قاهر.

ما حقيقة تفكيرك فى قرار الاستقالة؟

- بصراحة كنت أنوى ذلك أكثر من مرة، ولكنى قررت الآن تأجيل التفكير فى ذلك لأن الوقت أصبح غير مناسب، لأن وضع المهرجان الآن فى هذه الظروف أصبح مسؤولية ولا أستطيع أن أتنصل منها الآن وأترك المركب وسط هذا الجو العاصف.

هل خطط لإعداد تغيرات فى المهرجان بعد هذه الثورة؟

- لا أنكر أن هناك نية لإعادة هيكلة المهرجان بالكامل، وإذا كان المهرجان سيؤجل هذا العام فأعتقد أن لدينا فرصة لتنظيم المهرجان بشكل جديد لأن ضيق الوقت لم يتح لنا الفرصة خلال الدورات الماضية.

ما حقيقة عدم اشتراكك فى أى عمل فنى بعد الثورة؟

- هذا حقيقى لأنه لا توجد أى أعمال عرضت على بعد الثورة، ولكنى انتهيت من تصوير دورى فى فيلم «بيبو وبشير» ويتبقى لى يومان فى فيلم «عمر وسلمى» الجزء الثالث، بينما تم تأجيل مسلسل «كاريوكا» إلى العام بعد المقبل بسبب الظروف الحالية رغم أننى قمت بتصوير نصف مشاهدى.

ما رأيك فى طلب المنتجين تخفيض نصف أجر كل العاملين فى الأعمال الفنية؟

- بصراحة رغم أننى أتأثر سلبيا بهذا القرار فإننى أؤيده، وأعلنت ذلك لمعظم المنتجين الذين تحدثوا معى لأن الوضع التسويقى للأعمال الفنية أصبح صعبا خاصة فى ظل الأوضاع المضطربة التى تمر بها معظم الدول العربية، كما أننى رأيت ذلك دعما فى بناء هذا البلد لأن رفضنا سيعطل عجلة الإنتاج وسيؤدى إلى خسائر كبيرة وهذا ما أرفضه.

وما رأيك فى القوائم السوداء التى تم إعدادها من قبل الثوار؟

- ثورة ٢٥ يناير أكثر حدث فخرت فيه رغم أننى عايشت حرب أكتوبر وحرب الاستنزاف وثورة التصحيح ومعظم الأحداث المهمة التى مرت بها البلاد، ولكنى لا أنكر قلقى مما نمر به الآن من حالة الانفلات الأمنى وعدم وضوح الرؤية، كما أننى أدعو الشباب الذين ساهموا فى هذا الحدث العظيم لأن يتركوا القوائم السوداء الآن ونضعها جانبا، حتى نفكر فى إعادة بناء هذا البلد ونركز فى الانطلاق لأنه لا يجوز أن نقف ونتحاسب ونضيع ما أنجزناه.

هل شاركت فى هذه الثورة؟

- فى اليوم الثانى لها ذهبت إلى ميدان التحرير وشاهدت القنابل المسيلة للدموع، وبعد الانفلات الأمنى كنت أسهر مع الشباب بسلاحى أمام المنطقة التى أعيش بها لحماية المنزل وكدت أتعرض لالتهاب رئوى شديد خلال هذه الفترة ولكن ربنا ستر ولكنها كانت فترة صعبة مرت علينا.

المصري اليوم في

30/03/2011

 

«القوي الشيطانية» عن الإيمان الذي يغلب الشيطان

كتب محمود عبد الشكور 

ما الذي يجعل فيلم «The Rite» أو كما عرض تجارياً في الصالات المصرية تحت عنوان «القوي الشيطانية» عملاً مختلفاً عن الأفلام التي تتحدث عن الشياطين التي تتلبس البشر سواء كانت عن روايات خيالية أو واقعية، الإجابة: ما يجعل الفيلم الذي قام ببطولته «انتوني هوبكنز» وأخرجه «ميكايل هفستروم» مختلفاً.. هو أنه يوسع الدائرة ليناقش علاقة الإنسان بالله، وعلاقة الإنسان بالشيطان من منظور ديني ومن منظور فلسفي أيضاً. الفيلم لا يتحدث عن طرد الشياطين من أجساد البشر بقدر ما يتحدث عن فكرة الإيمان وإذا كان ديستوفسكي يضع علي لسان أحد أبطال «الإخوة كرامازوف» العبارة الشهيرة التي تقول: إذا لم يكن الله موجوداً فكل شيء مباح، فإن فيلم القوي الشيطانية يقول إن أول خطوة في معركتنا مع الشيطان أن نعترف بأنه موجود، فإذا أنكرنا وجوده لن نستطيع أن نهزمه أبداً، إيماننا بوجود الشيطان جزء لا يتجزأ من إيماننا بوجود الله، فكل ما نعرفه عن الشر المحض (الشيطان) عرفناه في الكتب السماوية من الخير المحض (الله)، أما كيف يتم هزيمة الشيطان..

فهي موضوع الحكاية المبنية علي قصص واقعية بطلها رجل الدين «لوكاس تريفانت» الذي سيتولي تدريب رجل دين شاب هو «مايكل كوفاك» علي طرد الأرواح والشياطين من أجساد ضحاياه من البشر.

لكن معركة «لوكاس» العجوز وتلميذه الشاب «مايكل» (وهما شخصيتان حقيقيتان يحترفان مهنة طرد الشياطين الأول في إيطاليا والثاني في أمريكا) ليست فقط ضد الشيطان، ودائماً ضد ضعفهما البشري، مايكل تحديداً لا يؤمن أصلاً بوجود الشيطان، هناك خطايا ولكن - في رأيه - لا يستلزم ذلك بالضرورة أن يكون الشيطان سبباً لدفعنا لارتكابها، والسيناريو الذي كتبه «ميكايل بتروني» يسير في طريقين: قس عجوز يعيش في ايطاليا يؤمن بالشيطان ويحاول مطاردته، وقس شاب لا يؤمن بالشيطان جاء من أمريكا إلي إيطاليا ليكتشف ويواجه فكرة الشر وقد تجسدت أمامه، سيلتقي الاثنان، وسيتجادلان عقلياً ودينياً وعملياً حول فكرة الشيطان، ولن يتم حل الاشتباك إلا عندما يؤمن القس الشاب بوجود الشيطان ليكتشف أن هذا الإيمان يجعله أقرب إلي الله، لأنك إذا عرفت الشر المجسد، احتجت أكثر إلي طلب العون من الخير المطلق، وهكذا تتم التجربة أوالاختبار بالمعني المسيحي داخل القس الشاب من الشك إلي الإيمان، ونشاهد التجربة أيضاً عملياً من خلال حالات تتلبسها الشياطين، وكأن السيناريو يحاول أن يمنطق ويفلسف مغزي حرفة طرد الشياطين التي يجيدها 14 قساً في الولايات المتحدة - كما تخبرنا بذلك عناوين النهاية!

هناك شخصيتان هما محور الأحداث: القس الشاب «مايكل» (كولين أودونوف) الذي عمل حانوتياً مع والده، ثم التحق بكلية اللاهوت، ولكن قبل رسامته كقس تسلل الشك إلي قلبه، فقرر الاستقالة من عمله كرجل دين، إذ كيف يمكن لمن تسلل إلي قلبه الشك أن يدعم إيمان رعيته، ولكن استاذه الذي طالما توسم فيه مشروع قس كبير، يصر علي التمسك به، ويساومه بأن الاستقالة ستجعله مجبراً علي رد آلاف الدولارات أنفقت عليه، ثم ينصحه بالسفر إلي الفاتيكان للاشتراك في دورة خاصة لتدريب القساوسة والراهبات علي طرد الشياطين، ويبدو لنا أن مايكل يوافق من باب الفضول وليس من باب الاقتناع.

في الفاتيكان، سيتلقي الأفكار العامة عن هذه المهنة، الفكرة الأساسية هي وجود الشيطان ورغبته في تعذيب الإنسان وتدميره، والحالات المختارة لابد أن تكون قد فقدت الأمل في أي علاج نفسي، أما سمات الأشخاص الملبوسين فأبرزها اللامبالاة والاستجابة السلبية لآيات الإنجيل، وارتعاش اليدين، أما العلاج فهو قراءة الصلوات، ومحاولة معرفة اسم الشيطان الذي يسكن الجسد، ولأن «مايكل» لا يتوقف عن الجدل والتشكك في وجود الشيطان نفسه، فإن الحل الذي يغير حياته أن ينزل للتدريب العملي مع القس «لوكاس تريفانت» (انتوني هوبكنز) في قرية صغيرة بالقرب من مدينة «فلورنسا» الشهيرة.

الحقيقة أن السيناريو لا يقدم الكثير من ماضي «لوكاس» ولا نعرف عنه سوي أنه «طبيب سابق»، وأنه نجح في إشفاء بعض الحالات، ولكنه فقد أيضاًَ بعض الحالات أثناء العلاج، بل إن «لو كاس» يتحدث عن تشككه فيما يفعل في بعض الأوقات، سيحاول القس العجوز أولاً اقناع «مايكل» بوجود الشيطان، إذ كيف سيهزم مخلوقاً لا وجود له، وسيصر «مايكل» علي أن الحالات التي رآها مريضة نفسياً رغم مظهرها الغريب بالحديث بلغة لا تعرفها وبصوت مرعب، وسنشاهد حالتين إحداهما لفتاة صغيرة اغتصبها والدها وحملت منه وتلبستها روح شيطانية، والثانية لطفل صغير يظهر له بغل أحمر العينين ويطلب منه أن ينتحر، ومع دخول «آنجلينا» (آليس براجا) وهي صحفية تريد أن تعرف حقيقة مهنة طاردي الشياطين، تكتسب الأحداث قوة دفع بحيث تختلط الإثارة والرعب بالمناقشات الدينية والفلسفية.

أحد مفاتيح الفيلم الأساسية هو علاقة «مايكل» بأمه التي ماتتت وشاهد والدها «الحانوتي» يعد جثتها للدفن، الأم التي كانت تقول إن يد الله تلمسها هي التي دفعت الابن لكي يحلم بأن يكون رجل دين لكي تلمسه يد الله، مهنة الحانوتي تؤدي أيضاً دوراً مهماً في تشكيل رؤية «مايكل»، لأنها تضعه أمام إحدي حقائق الحياة الأساسية وجهاً لوجه، الموت هو أيضاً إحدي القضايا الدينية الكبري التي أخبرنا الله بأنها لحظة عبور وانتقال، ولذلك سنري «مايكل» وهو يقوم في بداية الفيلم بتجميل الجثث وتزيينها وإلباسها أفخر الثياب كأنها مازالت علي قيد الحياة، «مايكل» إذن يؤمن بالموت ولكنه يتشكك في وجود الشيطان، وعندما ينتقل الشيطان إلي جسد «لوكاس» سيكون علي مايكل أن يواجه شكوكه، وسيؤدي اعترافه بوجود الشيطان إلي إيمانه أكثر بوجود الله، لأن الإنسان لن يستطيع بمفرده مواجهة كل هذا الشر الكامن، وفي اللحظة التي ينجح «مايكل» في «إنقاذ استاذه لوكاس من الشيطان، يكون القس الشاب قد انقذ نفسه من الشك الذي زرعه الشيطان بداخله.

الفيلم كما ذكرت مأخوذ من حياة «مايكل كوفاك» وحياة «لوكاس تريفانت»، لا أعتقد أنه يهم كثيراً أن تصدق بأن ما شاهدناه علي الشاشة قد حدث بالفعل، هدف الفيلم أبعد من ذلك بكثير.. الهدف أن نؤمن بوجود الشر، وأن نؤمن بأننا لا نستطيع أن نواجهه إلا بالعودة والاستعانة بالخير المطلق، الهدف أن نؤمن أن نصف الإيمان لا يكفي، وأن السير إلي منتصف الطريق لا ينفع، وأن إنكاز وجود الشر لن تحمينا منه، ثم إن الفيلم يتساءل عن معني اليقين ومعني الشك وعن علاقاتنا بالله وبالشيطان، وفي كل اتجاه يختلط الدين بالفلسفة، والخيال بالحقيقة، والخير بالشر.

نجح المخرج «ميكايل هفستردوم» في تقديم عمل مشوق ومتماسك لا يخلو من التشويق ومن توابل هذه النوعية من الأفلام، مضافاً إليها مساجلات فلسفية وحوارات ذكية، كان من اللافت طوال الوقت وضع الكاميرا خلف شخصياته بصورة متكررة كأن عيناً تراقبهم، الحقيقة أنك عندما تضع الكاميرا وراء الأبطال فكأنك تضعها بالضبط خلف المتفرج، مما يزيد من توتره، «انتوني هوبكنز» يؤدي باقتدار حالتين: قس طيب مؤمن يعالج ويشفي، وقس تلبسه الشيطان ويعاني من الألم والعذاب، ويقف أمامه طوال الوقت ممثل موهوب وراسخ له حضور هو «كولين أودونوف» في دور «مايكل» مع تميز خاص للممثلة «مارتا جاستيني» في دور الفتاة الملبوسة الحامل «روزاريا»!

روز اليوسف اليومية في

30/03/2011

 

فرصة للهروب

بقلم: خالد محمود

فاجأتنى إدارة مهرجان دبى السينمائى بإرسال استمارة استبيان تضم بدون مبالغة نحو مائة سؤال حول كل شىء فى المهرجان صغيرا كان أو كبيرا، وبالقطع هى أرسلت لكثيرين غيرى لترصد وتقيم آراءهم وانطباعاتهم بصراحة حول المهرجان، ما له وما عليه من تنظيم وأفلام وندوات وتكريمات وما يتمنون وجوده، تستكشف كيف يراهم الآخرون حتى يتعلموا ويستفيدوا من كل الأفكار ويدونوا الملاحظات عبر فريق لديه الخبرة فى تحليل الآراء.

هكذا تدار المهرجانات، حتى وإن كانت ثرية ولا تعانى من شىء لا فى استحضار أفلام جيدة، أو حتى ضيوف من سينمائيين كبار، ولا أماكن عروض، فهى دائما بحاجة لمعرفة نفسها فى مرآة الآخر.. هناك إدراك لأهمية الحوار واحترام للانتقادات حتى تتلاشى أى أخطاء فى الدورات القادمة.

بينما نحن فمازالت إدارات مهرجاناتنا السينمائية دولية كانت أو محلية لا تسمع سوى صوتها، وكل من يختلف معها برأى تناصبه العداء وتتهمه بتعكير صفو المهرجان والغلوشة على استمراره وكانت النتيجة أن فكر تلك الإدارات أصبح معطوبا لأنها فشلت فى استيعاب كل الدروس لتهبط بمهرجاناتنا وتغرقها فى مستنقع من المشاكل والمعوقات، وتعالوا معى نرصد حال تلك المهرجانات وما وصلت إليه، فمهرجان القاهرة ظل يقود مسيرته سرا لجنة عليا بعض أفرادها خارج الزمن وشاخت عقولهم بفعل الغيبوبة، وبعض آخر يمزج بين ثقافة الفهلوة والادعاء أدرج وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى أسماءهم لنيل رضاهم ومنحهم مكافآت اجتماعات وحضور، وكأنها تركة دون أن يكون لهم أى دور لأنه فى الواقع ليس لديهم ما يقدمونه للمهرجان.. لا أفكار ولا رؤى وبالتالى مرض المهرجان وتعمقت جراحه وتراجع لصفوف خلفية فى خريطة المهرجانات الدولية التى ينتمى إليها، المهرجانات الكبرى يا سادة تعمل مبكرا بدأب لأنها تدرك أنها تمثل سمعة وطن وثقافة دولة،بينما نحن كالعادة فلن نسمع صوتا لأى مسئول فى مهرجان القاهرة سوى قبل موعده بأسابيع قليلة، ويدخلوننا فى رحلة توهان حول عدم وجود دعم وأفلام وضيوف.. وأماكن عروض، حتى تاريخ الانعقاد لم يناقشه أحد، ويبدو أن إدارة المهرجان وجدت فى تلميحات وزير الثقافة بإلغاء المهرجان نظرا للظروف السياسية متنفسا للهروب من المسئولية وتكبير الدماغ بدلا من أن ينتفضوا ويغيروا على مهرجانهم الكبير ويضعوا خطة سريعة لإنقاذ المهرجان.

فقط أتوقع أن يعلو صراخ المسئولين تحت شعار «وهنعمل إيه»! دون خجل من أنفسهم على طريقة الثورة المضادة، وأتساءل لماذا يجلسون على مقعد المسئولية، لماذا لا يتركون العيش لخبازه قبل أن نبكى على اللبن المسكوب، ألم يستوعبوا درس الثورة؟، ولأن الشىء بالشىء يذكر فالحسرة تمتد أيضا لمهرجان الإسكندرية لسينما البحر المتوسط فمازال مسئولوه يتشاجرون على من يرأس المهرجان، ومن يكون عضوا بمجلس إدارته، أى مهرجان أصبح وأى إدارة؟.. إنهم لا يعبئون بما يفعلون بالاسكندرية ومهرجانها.. إنهم يا سادة يضحون بسمعته فى ظل هذا التناحر والشجار الذى قطعا سيستمر حتى قبيل انعقاده بشهر وبالتالى فلا أحد يفكر فى نشاط حقيقى يحفظ له ماء الوجه وينقذه من الغرق.

يا سادة.. إن مهرجاناتنا السينمائية فى خطر حقيقى، وسوف نندم كثيرا بضياع مكانتها بفعل فاعل.. فأفيقوا يرحمكم الله.

الشروق المصرية في

30/03/2011

 

'كأني لم أكن هناك':

تراجيديا الحرب وبراعة العزف على الوتر العاطفي

محمود عبد الرحيم  

'كأني لم أكن هناك'، للمخرجة جوانيتا ويلسون واحد من الأفلام التي يمكن تصنيفها كـ'تراجيديا حرب'، تلعب على الوتر العاطفي بقوة، لكنك لا تشعر بالنفور، رغم ثقل المشاهد الصادمة، ربما لصدقية الطرح، الذي له ظل من الحقيقة، وحرفية مخرجة العمل التي جعلت المتفرج يتوحد شعوريا مع بطلته، ويندمج مع فصول مأساتها.

والملفت في هذا الفيلم الفائز بالهرم الفضي في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأخيرة، أن مخرجته ايرلندية، فيما تعالج جرائم حرب الصرب ضد البوسنيين، بشكل حميمي تلمس فيه تعاطفا واستيعابا للوقائع الوحشية، يقنعك بأنها ليست غريبة عن هذا المكان ولا هذه الأحداث، علاوة على نجاحها في اختيار بطلة تمثل لأول مرة، بدت مقنعة تماما، وقادرة على الإمساك بملامح الشخصية الداخلية والخارجية، رغم صعوبتها، حيث تتطلب تجسيدا لمواقف نفسية متباينة، ومشاعر شديدة الوطأة بتعبيرات الوجه، سواء بايماءة ما، أو نظرة عين، أو حركة بسيطة، لكنها مشحونة بالدلالات.

وقد حرصت المخرجة على اختيار طريقة سرد ملفتة، تخلق حالة من الترقب والتشويق للمتفرج، بأن بدأت بلقطة 'كلوزآب' لطفل رضيع، فلقطة مماثلة على وجه الفتاة الشابة، ثم لقطة لها وهي تستحم شاردة ، قبل نزول التترات، وهو المشهد الذي تكمله في نهاية الفيلم، وبهذا الشكل الدائري تجسد تجربة الشخصية، وتوحي أن بقية المشاهد ما بين نقطة البداية، والختام ليست سوى حالة كابوسية عايشتها البطلة وانقضت، وإن ظل شبحها يطل من بعيد، على نحو يفسر المعنى الذي يحمله عنوان الفيلم 'كأني لم أكن هناك'.

ثم جعلتنا نقترب تدريجيا من هذه الحالة الكابوسية، بلقطات متلاحقة تصنع تفاصيل يومية لحياة عادية هادئة، لا تنبئ عن الوضعية القاسية اللاحقة، ما يخلق وقع الصدمة، ويحول بطلتها إلى ضحية يستوجب التعاطف معها، حيث لقطة للمدينة من أعلى، فلقطة مقربة للحمام وهو يلهو في سلام في ساحة ميدان سراييفو، ثم لقطة متوسطة للبطلة وهي تلعب مع أختها، ثم قطع على جامع وفي الخلفية صوت الأذان، بينما الفتاة تستقل الباص في حالة تأمل للغد، وصولا إلى القرية التي جاءتها لتعمل بها معلمة، وبداية مأساتها غير المتوقعة، باقتحام مسلحين للقرية، وقتل كل الرجال واخذ كل النساء رهائن في معسكر يتم فيه امتهان كرامتهن الإنسانية.

ومن الملاحظ في بناء هذه الشخصية المحورية، أن المخرجة لم ترد فقط أن ننظر إلى هذه الشابة كمجرد ضحية تنساق لمصيرها القاسي، فجعلتها تتصدى لمقاومة هذا الانتهاك للآدمية، ولو بشكل سلبي، ينسجم مع طبيعة المرأة من دهاء وحيلة، بشكل يغير من رتابة الأحداث ويخلق حالة صراع درامي داخلي بين الفتاة وذاتها، وبينها وبين النسوة حولها، ويحولها من تابعة إلى صاحبة إرادة، بجعلها تسلم نفسها طواعية لقائد المعسكر لتصبح خليلته، حيث أن في هذا التصرف تقليلا للخسائر، فبدلا من أن يتم اغتصابها بشكل مهين وتحت التعذيب من الجميع، ها هي تختار، على نحو يروض القائد فيقلل من عنفه، إلى جانب توافر الفرصة لسرقة بعض الطعام والدواء لمساعدة الأخريات، رغم نظرتهن المستهجنة لها.

وجسدت المخرجة هذه الحالة بشكل مدهش، على نحو نلمس فيه أن هذه الفتاة لم تبع نفسها، وأنها ترتدي قناعا رغما عنها، من خلال المكياج الصارخ الذي تضعه، والألوان الزاهية التى ترتديها لوقت قصير، وممارسة الجنس ببرود، كأنها تؤدي مهمة اضطرارية، ثم المسارعة إلى النزول سريعا من مقر القائد، وخلع تلك الملابس، والمغالاة في الاستحمام، للتخلص من آثاره على جسدها، بدلالتها المعنوية قبل المادية.

ثمة ثلاثة مشاهد يستوجب التوقف عندها، تكشف عن حرفية المخرجة، وبراعة أداء البطلة، أولهما مشهد الاغتصاب، الذي صاغته بشكل يفجرالشعور بالغضب والنفور تجاه هؤلاء المسلحين الذين حرصت على تصويرهم كمن يشاركون حفل تعذيب، ويتلذذون بإيلام الآخر بشكل مرضي، حيث نرى الشابة حين وقع الإختيار عليها، تتقدم بوجوم ورعب وبخطى متعثرة كالشاة المساقة للذبح، فيما تركز الكاميرا على نظرة الخوف التي تملأ عينيها، ورعشة اليد وهم يجبرونها على خلع ملابسها، ثم تقطع المخرجة بالتوازي على وجهها وقد بدا متجمدا من هول الموقف، ثم على وجه المغتصب الذي يمارس بهمجية ويتبادل نخب ضحيته مع أقرانه غير مبال، ثم تقطع على حشرة على الحائط، كدلالة على أن هؤلاء ليسوا آدميين، وانما حشرات حقيرة.

ثم حين يقوم آخر باغتصابها، نرى المخرجة قد سعت لتأكيد أن مثل هذه التجربة القاسية لا تعدو كونها كابوسا فظيعا، بأن قامت بالمزج بين لقطتين للفتاة، واحدة وهي تحت الاغتصاب وفي حالة اعياء، وأخرى وهي تشاهد نفسها بحسرة كأنها أخرى وليست هي.

أما المشهد الثاني، فوظفت فيه المخرجة موتيفات بسيطة وعناصر الطبيعة بشكل رمزي لتلخص حالة البطلة ورفيقاتها بعد انتهاء الحرب، وقرار تسريحهن، حيث نراها تخطف حقيبتها من القائد، رمز ما تبقى لها من كرامة، وتمسك بجاكيت أسود في يدها، رمز الحداد على روحها المجهضة في هذا المعسكر، ثم لقطة واسعة للقرية الخاوية والجبال المخيفة في الليل، ثم لقطة مقربة لغوصها هي ورفيقاتها بالوحل، ثم لقطة طويلة، وهن متفرقات فى الأحراش، على نحو يجسد الإحساس بالضآلة والعار والضياع.

أما المشهد الثالث، فبعد الولادة، حيث جسدت فيه المخرجة، حالة الصراع بين إحساسها بواجبات الأمومة، وبين رفضها للطفل الذي يذكرها بتلك التجربة المؤلمة، بأن تقدمت بمقص لقتل الطفل، فلم تجرؤ سوى على قطع بطاقة تعريفه، بينما الكاميرا تتابعها وتتوقف عند عينها المحملة بالحيرة التي تتجسد أكثر بوقوفها أمام المرآة وما توحيه من تردد، ثم لقطة كلوز آب على صدرها كدلالة على الحنين الغريزي لممارسة أمومتها، وتزداد اللحظة الدرامية توترا بنحيب الطفل المتصاعد، بينما تنظر لصورتها مع أبيها وأمها وأختها، وما توحيه من احتواء أسري.

وفيما عيناها تدمعان، تضع الصورة بجوار المولود، كأنها تستسلم لقدرها وتسلم بقبول الطفل داخل عائلتها، فتتقدم إليه بيد مرتعشة، ثم تحمله في النهاية وتأخذه على صدرها، كدلالة على انتصار عاطفة الأمومة على ذاكرة الألم بداخلها.

ويلاحظ أن المخرجة، كثيرا ما كانت تلجأ إلى لقطة 'الكلوز آب'، لإبراز الانفعالات، وتلمس المشاعر النفسية لشخصياتها، التي كانت تعمقها بتوظيف الموسيقا، خاصة التى توحي بالشجن والترقب، أو باللجوء إلى لحظات الصمت الطويلة أحيانا، لإعطاء المتفرج فرصة لتأمل اللحظة الدرامية والتوحد الوجداني، وسط حوار مكثف، حيث الغلبة للغة الصورة التي أجادت التعبير بها بحس شاعري أنثوي.

*كاتب صحافي وناقد مصري

mabdelreheem@hotmail.com

القدس العربي في

30/03/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)