حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"الطريق الدائري" أعادها إلى السينما

فيدرا: تعلمت الدرس وأدقق في اختياراتي

القاهرة - أشرف شرف

خطت الممثلة والمخرجة فيدرا أولى خطواتها السينمائية في فيلم “أرض الخوف” مع أحمد زكي والمخرج داود عبد السيد ثم اختفت فترة عادت بعدها لتؤكد وجودها من جديد، وبين الاستراحتين أشياء تحكي عنها في هذا الحوار .

·         بعد غياب طويل عن السينما عدتِ بفيلم “الطريق الدائري” فكيف تم ترشيحك؟

- جاء ترشيحي من خلال المنتج إيهاب أيوب حيث اتصل بي أواخر عام 2009 وذهبت إليه وأعطاني السيناريو، وأعترف أنها من المرات القليلة التي انبهرت فيها بروعة الكتابة لدرجة أنني لم أستطع تركه قبل الانتهاء منه، ولم أكن أعرف وقتها المخرج تامر عزت فطلبت لقاءه خاصة لأنه المؤلف أيضا وفور لقائنا أدركت أنني أمام مخرج وصاحب رؤية سينمائية .

·         ما الذي جذبك لدورك ثم للفيلم ككل؟

- شيء واحد أن الشخصيات الموجودة في الفيلم حقيقة وموجودة بالفعل في المجتمع، فلا تستطيع أن تقول إنهم طيبون أو أشرار وهذا أسلوب جديد في السرد على السينما المصرية .

·         حدثينا عن دورك؟

- أقوم بدور مطلقة تبحث طوال الفيلم عن ابنها الذي تم اختطافه من قبل زوجها السابق ووقتها تلتقي ب”نضال” الشافعي الذي يكافح هو أيضا من أجل علاج ابنته المريضة .

·         يتردد أن الفيلم يناقش قضية “الفلاتر الفاسدة” في بعض المستشفيات الخاصة؟

- هذا موجود في الفيلم لكنه خط سطحي .

·         كيف كان استعدادك للدور؟

- دخلت في حوارات مع المخرج تامر عزت فيما يخص الشكل والملابس ولون الشعر .

·         صرحت بأنك ضد جلسات “بروفات المائدة” الكثيرة؟

- هذا صحيح لأنني أشعر بأن هذه الجلسات قد تتسبب في ضياع عفوية الممثل فأنا مع الجلسات القليلة لوضع الملامح والخطوط والتفاصيل الصغيرة للشخصية .

·         لكن من الواضح أن الفيلم ذو تكلفة إنتاجية قليلة؟

- من قال هذا؟ فحينما تشاهده تشعر بأنك أمام فيلم راقٍ ومصروف عليه جيداً، لكن بعض الإعلاميين اعتاد الاهتمام بأفلام تحمل صبغة تجارية دون النظر إلى الأفلام الجيدة، فمثلا الصحافة تنشغل بتغطية أفلام “ابن القنصل وبلبل حيران وزهايمر” وتركت أفلاماً جيدة أخرى لكن أبطالها ليسوا بحجم عادل إمام والسقا وأحمد حلمي .

·         “الطريق الدائري” أليس اسماً غريباً؟

- أرى أنه اسم مناسب جدا لقصة الفيلم وليس غريبا على الإطلاق فهناك أحداث مهمة داخل العمل تدور على الطريق الدائري كما أن الفيلم يعبر عن الدوائر التي لا تنتهي في حياتنا كآدميين .

·         هل وجدت صعوبة في التعامل مع نضال الشافعي؟

- إطلاقاً لأن نضال ممثل محترف وهذا لم يجعلني أحمل هما في الوقوف أمامه كما أنه ملتزم في مواعيده وكذلك أنا، وهذا يجعل التعامل بيننا سهلاً، لذا أستطيع القول لك إن موقع التصوير كان من أمتع ما يمكن وقليل ما أجد ذلك أثناء التصوير .

·         أي فريق عمل تشعرين بالراحة في العمل معه؟

- قليل جداً فمثلاً في السينما مع داود عبد السيد وتامر عزت أما في التلفزيون فمع إسماعيل عبد الحافظ وكذلك المخرج سامي محمد علي والمخرج محمد حلمي .

·         ماذا عن مخرج فيلمك “حفل زفاف” أحمد يسري؟

- ليس مهم من دون الخوض في تفاصيل أخرى .

·         هل هذا يعني أنك لست راضية عن هذا الفيلم؟

- لست راضية بالمرة، مع العلم أنني لست غاضبة من نفسي كممثلة فلو فصلت دوري عن بقية الفيلم ستجد أنني اجتهدت فيه قدر المستطاع في ظل الظروف التي كانت تحيط بي وقتها . وصدقني لا أتذكره إلا إذا أحد ذكرني به .

·         لماذا قبلتِ الاشتراك في بطولته؟

- لأن محمد رياض وهو منتج الفيلم اتصل بي وطلب مني مساعدته ونحن تعاملنا من قبل في مسرحية اسمها “بهلوانات” ومن عادتي ألا أتأخر عن زميل بيننا عشرة وأدركت أن من واجبي أن أقف بجواره لكن حينما شاهدت الفيلم أدركت أنها غلطة عمري وأقسمت ألا أكررها فقد تهاونت كثيرا وقررت ألا أخدم غيري على حساب نفسي، وعلى الرغم من وجهة نظري في الفيلم لكنه كان من الممكن أن يخرج بشكل أفضل من ذلك .

·         هل هناك أعمال أخرى ندمت عليها؟

- إطلاقاً هذا الفيلم هو الوحيد تقريبا الذي ندمت على الاشتراك فيه .

·         بعد مرور سنوات عديدة من مشاركتك في فيلم “أرض الخوف” مع أحمد زكي والمخرج داود عبد السيد ماذا تقولين؟

- هذا الفيلم شهد أسوأ أداء تمثيلي قمت به في حياتي وأعتبر نفسي لم أمثل لأنهم أخذوني مثل التمثال ووضعوني كي أمثل، لكن الفيلم كان شيئاً آخر فعندما قرأت السيناريو شعرت بسحر فهو ذو شاعرية خاصة فقد كنت مولعة بشخصية “هدهد” التي لعبها الراحل حمدي غيث، فحينما تقرأها على الورق تشعر بأنك أمام شخصية خيالية، وبصراحة “غيث” قدمها بشكل جيد .

·         لماذا ابتعدتِ عن السينما والدراما التلفزيونية؟

- هذا شبه اتفاق ضمني بيني وبين صناع هذه الأعمال، خاصة لأنني تعلمت الدرس وأصبحت أكثر حرصاً في اختياراتي، فمثلا كنت أوافق على السيناريو لأنه رائع، وحينما يعرض العمل اكتشف شيئا آخر، لذا أصبحت أدقق جيداً فيما يقدم ومع من أتعامل وهذا أصبح معروفا عني لذا أصبح لا يعرض علي إلا ما يناسبني أو مع شخص يجيد التعامل معي .

الخليج الإماراتية في

21/03/2011

 

من مقتل "ذكرى" للزواج بـ"إيمان"

عائلة مبارك والفنانون.. أوهام وحقائق

طارق الشناوي - mbc.net 

التربة صالحة لكي نستمع إلى عديد من الحكايات التي يصر صناعها على أنها هي الحقيقة، كل عائلة الرئيس السابق حسني مبارك كان لهم منها قسط وافر؛ حيث نرى نسيجًا محكمًا يجمع بين الحقيقة والأوهام.

لا شك أن الحكايات توزعت على العائلة، أتحدث بالطبع بعيدا عن الاتهامات الجنائية التي لاحقتهم، ولا يزال لـ"حسني مبارك" وأسرته عديد من القضايا التي كان أحد أطرافها نجوم الغناء والتمثيل، التي أغلقت ملفاتها قبل سنوات، فوجئنا بأن هناك من يريد أن يعيدها مرة أخرى للحياة ليفتح الملف، ونكتشف أن أحد أفراد عائلة الرئيس حاضر بقوة ومتورط فيها.

مثلا مقتل المطربة "ذكرى" تردد من خلال شقيق "ذكرى أن "جمال مبارك" وراء تلك الجريمة، قالوا أيضا إن الرئيس التونسي المخلوع "زين العابدين بن علي" هو الذي منع الأسرة من البوح بمزيد من المعلومات، الآن صار من حقهم أن يبوحوا.

مقتل المطربة اللبنانية "سوزان تميم" أيضا بدأ يعلو صوت شائعات تحوط "جمال مبارك"، سرقة لوحة "زهرة الخشاش" لفان جوخ نعم ظروف الجريمة لا تزال يحيطها الغموض، كان الفنان التشكيلي "محسن شعلان" هو المتهم الأول باعتباره مسؤولا عن قطاع الفنون التشكيلية، ومن بينها المتحف الذي شهد سرقة اللوحة قبل سبعة أشهر.

كان القضاء المصري قد برأ ساحة وزير الثقافة الأسبق "فاروق حسني"، وأدان "شعلان"، إلا أن الجديد هو ما طرحه مؤخرا محامي "محسن شعلان"، بأن أصابع سرقة اللوحة تمتد إلى "سوزان مبارك" زوجة الرئيس السابق، أي أن اللوحة كانت إهداء من "فاروق حسني" إلى "سوزان"، وأن "محسن شعلان" دفع الثمن من سمعته وحريته، هذا لو صح الاتهام فعلا.

"علاء مبارك" كان له نصيب وافر من الحكايات، اضطرت "شريهان" بطلة أشهر الحكايات مؤخرا أن تعلن عن أنها لم تذهب للمظاهرات في ميدان التحرير ضد "سوزان مبارك"، التي رفضت -قبل نحو 25 عامًا- أن يتزوج ابنها من فنانة، وتذكر الناس تلك الجريمة التي تعرضت لها "شريهان"، وألقيت من الشرفة ولكن كتب لها عمر جديد.

كان قد تردد وقتها أن زوجة رجل أعمال شهير هي التي دبرت لها الجريمة، وتردد أيضا أن النظام منع إتمام هذه الزيجة التي كانت ستتم رغما عن أنف "سوزان مبارك"، وعلى الرغم من أن شريهان نفت مؤخرا ذلك، إلا أن هذا النفي لم يوقف سيل الحكايات.

ويبقى نصيب "مبارك" الضخم من هذه الحكايات ربما كانت علاقته بنجم الكوميديا "المنتصر بالله" هي الحقيقة الأكيدة، التي توضح ارتباطه بالوسط الفني، فلقد كان يذهب إليه للعشاء بين الحين والآخر بناء على دعوة الرئيس بالطبع.

والمعروف أن "المنتصر" من أشهر قائلي النكتة في العالم العربي، لكن "المنتصر" قبل نحو 5 سنوات أصيب بجلطة أثرت كثيرا على حالته الصحية، ولم يعد بالطبع يذهب للرئيس السابق والغريب أن "المنتصر" هو الوحيد الذي لم يتحدث عن لقاءاته مع "مبارك"، في وقت دأب كثيرون الآن على سرد عشرات من هذه الحكايات حتى التي لم تحدث.

علاقة رؤساء الجمهوريات ببعض الفنانين تتكرر كثيرا، والحقيقة أن الرئيس "أنور السادات" على سبيل المثال كانت لديه صداقات لعدد من الفنانين، مثل "بليغ حمدي" الذي كان يطيب له أن يستمع إلى ألحانه، وكما قال لي شقيقه الأكبر "مرسي سعد الدين" إن الرئيس كان يفضل أن يجلس هو و"بليغ" على الأرض أثناء غناء "بليغ" لأشهر ألحانه، مثل "تخونوه" و"بعيد عنك حياتي عذاب"، كان "السادات" أيضا صديقا لكل من "صلاح منصور" و"فايز حلاوة".

أما "حسني مبارك"، فإن الوحيد الذي تردد اسمه بقوة هو "طلعت زكريا" بعد ابتعاد "المنتصر" عن الرئيس في أعقاب مرضه، ولهذا أعلن عن اللقاء الذي دار بينهما، قبل شهرين فقط من إزاحة "مبارك".

"طباخ الرئيس"

ومن المؤكد أن فيلم "طباخ الرئيس"، الذي أدى فيه "طلعت" دور الطباخ المخلص للرئيس، ساهم في خلق تلك العلاقة بينهما، عندما ذابت الفروق بين الوهم والحقيقة، وربما لهذا السبب انفلتت الكلمات غير المسؤولة التي وجهها "طلعت" ضد المتظاهرين نظرا لاقترابه من "مبارك" في الأشهر الأخيرة، وبعد مرضه تدخل "مبارك" لعلاجه.

إلا أن كل ذلك لا يبرر له كل هذه الشتائم التي انهال بها على الشباب الثائرين، ثم اضطر مثل العادة للتراجع عنها، مؤكدا أنه لم يقصد توجيه شتائم للكل.

ويبقى عدد آخر من الشائعات التي اختلطت بالحقائق وبدأنا نسمع عن زيجات سرية للرئيس السابق من عدد من الفنانات وبعضهن أضافن أن هناك طفلا، ولم يتنبه إلى أن هذا الطفل مفروض أنه التحق بمدرسة والناس كلها ستلاحظ أن اسمه الرباعي يؤكد أنه ابن "حسني مبارك".

الاختفاء الغامض للفنانة "إيمان الطوخي" التي شاركت في عدد من احتفالات أكتوبر هو الذي منح لهذه الشائعة على سبيل المثال كل هذا الذيوع، إلا أن المؤكد هو أن الخيال فاق كثيرا الحقائق.

وترددت أسماء أخرى لنجمات ومذيعات ارتبطن بالرئيس السابق وكأنه "شهريار" العصر، بالتأكيد لا يخلو الأمر ربما من بعض الحقيقة، ولكني أعتقد أن مساحة الأوهام أكثر.

- ناقد مصري، والمقال يعبر عن وجهة نظره.

الـ mbc.net في

21/03/2011

 

باتريسيو غوزمان شاعر السينما الوثائقية

فيلم الافتتاح عن مآسي الديكتاتورية

يزن الأشقر  

في صحراء آتاكاما علماء يدرسون الفضاء، ونسوة يحفرن بحثاً عن مقابر جماعيّة من عهد بينوشيه. في «نوستالجيا للضوء»، يعبّر المخرج التشيلي الشهير عن هاجس سياسي طالما أرّق أفلامه

قد تكون المقاربة بين البحث في الفضاء والبحث عن البقايا الإنسانية في الصحراء مقاربة شعرية مباشرة. لكنّ السينمائي التشيلي باتريسيو غوزمان (1941) وظّف هذا المجاز في فيلمه الوثائقي «نوستالجيا للضوء» (2010، ساعة ونصف) بنحو ذكي ومؤثر. ليست شوارع تشيلي الشاهد الوحيد على مآسي حقبة بينوشيه الديكتاتورية، بل صحراؤها أيضاً. هذا ما تؤمن به مجموعة من النساء ما زلن يبحثن منذ الثمانينيات عن مقابر جماعية لأقربائهنّ في صحراء آتاكاما التشيلية. غوزمان، السينمائي المعنيّ بتاريخ تشيلي السياسي، يوظّف هنا السينما بصورتها الشعرية في دراسة صوريّة للذاكرة، عرضت ضمن المسابقة الرسميّة لـ«مهرجان كان» عام 2010.

باتريسيو غوزمان، المولود في العاصمة التشيلية سانتياغو، مخرج وثائقي مميز بلا شك. فيلمه الوثائقي الطويل ذو الأجزاء الثلاثة «معركة تشيلي» (1975، 1977، 1979) أدهش العالم في تتبّعه للتوتر السياسي في بلاده منذ بدايته، حتى انقلاب بينوشيه على حكومة سلفادور ألليندي الاشتراكية المنتخبة ديموقراطيّاً. ظروف العمل كانت مدهشة أيضاً، بإمكانات متواضعة جداً، وعلب أشرطة تبرّع بها المصوّر والسينمائي الفرنسي كريس ماركر، نظراً إلى استحالة حصول غوزمان على أفلام خام حينذاك بسبب التضييق السياسي والاقتصادي. لاحقاً، هرّب المخرج التشيلي المادّة المصورة، ووقع في الأسر، ثمّ هرب مع طاقمه البسيط إلى كوبا لتجميع الفيلم وتحريره. ومع عرض العمل، فرض غوزمان نفسه واحداً من أهم الوجوه في سينما أميركا اللاتينية الجديدة.

أفلام غوزمان الوثائقية اللاحقة تابعت الاهتمام نفسه بتاريخ تشيلي وأميركا اللاتينية، من «باسم الآب» (1987) الذي يتتبّع دور الكنيسة الكاثوليكية التشيلية في مناهضة حكم بينوشيه، مروراً بـ«صليب الجنوب» (1992) عن الدين في أميركا اللاتينية، و«تشيلي: الذاكرة العنيدة» (1997) عن عودة غوزمان إلى بلاده ومحاولته استرجاع ذكريات نظام ألليندي، وصولاً إلى «قضية بينوشيه» (2001) و«سلفادور ألليندي» (2004). ما يهمّ غوزمان في أفلامه الوثائقية هو العلاقة بين الذاكرة وتاريخ أميركا اللاتينية عموماً، وخصوصاً تاريخ تشيلي في مخاضها السياسي القاسي، وجروحها المفتوحة إلى اليوم. من هذا المنطلق، تأتي المقاربة الشعرية في جديده «نوستالجيا للضوء» الذي عمل عليه لأربع سنوات، ويفتتح عروض «مهرجان شاشات الواقع» مساء اليوم.

في صحراء آتاكاما التشيلية، وهي الأكثر جفافاً على الأرض، نوعان من البحث: علماء يدرسون الفضاء، ومجموعة من النساء يبحثن عن عظام أقربائ لهنّ، يقال إن نظام بينوشيه دفنهم في مقابر جماعية هناك. مقارنة مادة الكالسيوم المشتركة بين عظام الإنسان والنجوم، تضعنا في مقاربة ذكية بين علم الفلك والبحث عن الآثار، تخدم المحتوى السياسي الذي يضعه غوزمان بين مستويات الفيلم الأخرى. في أحد حواراته الصحافية، يوضح هذا جيداً: «كيف نفسر أن مادة عظام الإنسان هي نفسها الموجودة في بعض الكويكبات؟ كيف نفسّر أن الكالسيوم الموجود في هياكلنا العظمية هو نفسه الموجود في النجوم؟ كيف نفسر أن النجوم الجديدة مكوّنة من ذراتنا؟ كيف نقول إن تشيلي هي مركز رئيسي لدراسات الفلك فيما 60 في المئة من الاغتيالات التي نفّذها نظام بينوشيه لا تزال من دون حلّ؟ كيف نبيّن أن عمل المرأة التي تنقّب بيديها العاريتين في الرمل يشبه عمل علماء الفلك؟».

يبني غوزمان فيلمه من خلال المقابلات التي يجريها مع العلماء ومع بعض النساء اللواتي لم يتوقفن عن البحث في الصحراء لأكثر من 20 عاماً. أحياناً، تكون المقاربة مدهشة، فقد حفرت النساء بأيديهن تحت رمال التيليسكوب في إحدى المرات. يوضح أحد العلماء أن الزمن عبارة عن ماض ومستقبل. لا حاضر هنا. ارتباط الحنين بالماضي يأتي من ثلاث نواح في الفيلم: من الصحراء الساكنة التي تمثّل في صمتها شاهداً على الماضي، ومن ذاكرة النسوة الباحثات عن أجساد الأحبّة، ومن دراسة العلماء للنجوم بوصفها نظرة مباشرة إلى الماضي أيضاً. قد تكون بعض الاستعارات في الفيلم مباشرة، لكن يبقى «نوستالجيا للضوء» بصورته الجذابة ومحتواه العميق، مثالاً مميزاً على أهمية السينما الوثائقية وإمكاناتها الشعرية.

الأخبار اللبنانية في

21/03/2011

 

كوثر بن هنيّة | «حبيبتي» العلمانيّة؟

بيار أبي صعب  

أوليفييه بوبينو متوتّر أمام الكاميرا. البرنامج الأكاديمي الذي يشرف عليه يتولّى «نقل مبادئ العلمانيّة... إلى أئمّة مسلمين... في معهد كاثوليكي». تلك «المفارقة» التي يبدأ بها فيلم كوثر بن هنيّة (١٩٧٧)، تختزل عظمة «الجمهوريّة» الفرنسيّة، وفي الآن نفسه أزمتها ومأزقها. ولعلّها أيضاً الوصفة السحريّة التي تبني عليها المخرجة التونسيّة فيلماً قويّاً وراهناً، أنتج وعرض في «دبي»، ويستضيفه هذا السبت «مهرجان شاشات الواقع» في بيروت. ابنة سيدي بوزيد التي عبرت في معهد الـFEMIS في باريس، استشرفت ثورة الكرامة في فيلمها الروائي القصير «مدينة الرصاص» (2007)، وتعرّضت للتقاليد والمحظورات في «أنا وأختي وذلك الشيء» (2006)... وقد اختارت لفيلمها الوثائقي الجديد عنواناً معبّراً: «الأئمّة يذهبون إلى المدرسة» (ديجيبيتا، ٧٥ د).

ذات يوم تذكّرت فرنسا الإسلام، بعدما أهملته طويلاً في الغيتوهات والضواحي، حتّى كاد يصبح خارج الجمهوريّة، عرضة للاختزال والعنصريّة والإقصاء من جهة، والانغلاق والعنف من جهة أخرى. هكذا أصدرت الحكومة قراراً يقضي بالتأطير الأكاديمي للأئمة، أي بإلزاميّة تكوين هؤلاء المسؤولين عن إرشاد المسلمين في بلد فولتير ـــــ إلى جانب دراساتهم الفقهيّة والدينيّة ـــــ حسب قيَم الجمهوريّة التي يعيشون تحت جناحها في نهاية الأمر. لكن طلاباً من نوع خاص كهؤلاء، لم يقبل بهم سوى «المعهد الكاثوليكي في باريس». هناك راحوا يستمعون إلى الأساتذة يحكون لهم عن الثورة الفرنسيّة، وفصل الدين عن الدولة، والعلمانيّة ضمانةً لحريّة الفكر والمعتقد وممارسة الشعائر الدينيّة، في إطار التعدديّة وحياديّة الدولة. ولم يكن من السينمائيّة الشابة إلّا أن تبعتهم لتلتقط بكثير من الرهافة والذكاء، فصولاً من ذلك اللقاء الصعب والمشوّق... بما يشوبه أحياناً من أفكار مسبقة، أو نظرة فوقيّة يسلّطها المستعمِر السابق إلى الرعايا التي يعمل بكل إنسانويّة على «تحضيرها».

فيلم كوثر بن هنيّة عن تلك اللحظة التي يلتقي فيها الإسلام بالعلمانيّة، وعن العلاقات الشائكة، لكن الحيويّة والديناميّة، بين طرفي المعادلة. وريثة بورقيبة تدرك جيداً أن الأسئلة التي تثيرها انطلاقاً من فرنسا، إنّما ترجّع صداها مجتمعاتُنا العربيّة على اختلافها.

الأخبار اللبنانية في

21/03/2011

 

«ظلال» مصريّة: رحلة إلى أعماق الجنون

زياد عبد الله  

«في اللحظة التي نُظر إلى الجنون بوصفه أفقاً اجتماعياً للفقر، ولعدم القدرة على العمل، ولاستحالة الاندماج مع الغير، في تلك اللحظة نفسها، أصبح الجنون جزءاً من مشكلات المدينة». من خلال هذا الاقتباس المأخوذ من كتاب ميشال فوكو «تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي»، يمكن مقاربة الفيلم المصري «ظلال» لماريان خوري ومصطفى الحسناوي الذي يعرض ضمن «مهرجان شاشات الواقع» في بيروت. يدخل السينمائيان القاهرة من البؤرة الأشدّ تأزماً في مكوّناتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، أي المصحّات العقلية... تجوال الكاميرا في أروقة المستشفيات يفضي إلى قصص لا تنتهي. ومع نهاية الفيلم المحمول على بحر متلاطم من المآسي، سنكون أمام سجلّ بصريّ ضخم، يوثّق لحياة بشر على الهامش، ملفوظين من كل مكوّنات ذاك المجتمع، بما في ذلك العائلة.

في فيلم خوري والحسناوي ثمّة تدافع في القصص والمصائر. هناك عذابات من يسلّم ابنه إلى المصح وهو لا يجد خياراً آخر أمامه. وفي الوقت نفسه، تبدو تلك مصحّات متآكلة ومتهالكة، تتعامل مع من يوصفون بالجنون كأنّهم مساجين، لكن من دون فترة محكومية. سنتعرف إلى كثر يخرجون من المصح فيعودون إليه، كأنّ الطريق إلى المصحات العقلية هو التهميش الاجتماعي ورفض فئات مترامية من الشعب، تجد ملاذها بين جدران مستشفى الأمراض العقلية. وهنا أيضاً يحضر سؤال كبير: من هم هؤلاء «المجانين»؟ وتأتي الإجابة حمّالة أوجه كثيرة، لا تستعين إلا بشهادات المرضى وقصصهم وأحلامهم وكوابيسهم.

يصلح عنوان الفيلم لأن يكون توصيفاً للأشخاص الذين يظهرون فيه. الحالات التي يرصدها تكشف أنّ البنية التقليدية للأسرة المصرية أو العربية عموماً، تتبنى سلوكية محدّدة، لن يكون الخروج منها إلا جنوناً، حتى وإن كان هذا الجنون أكثر حكمة وأنصع حقيقة من تلك البنى التقليدية. ندخل هنا في نفق إيجاد تعريف خاص للجنون، يلتقي بالخرافات والمعتقدات الشعبية، واعتبار أي تصرف عصبي أو هستيري حالة مسّ، أو تلبساً لشيطان وغير ذلك من معتقدات شعبية واسعة الانتشار.

في الفيلم، أشخاص أمضوا أكثر من 40 عاماً بين جدران المصحات. هناك عائلة كاملة محتجزة لأنّها تعدّ ممسوسة بشيطان أو جنّي! يزدحم الشريط بمعتقدات تنقل خرافاتها وخلوها من أي ملمح علمي، لكنّها تختلط بمفاهيم الطب النفسي. هذا الطب عرفه العرب قبل غيرهم من الشعوب منذ مئات السنين، مع مستشفيات الأمراض النفسية التي أقيمت في الشام ومصر في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وصولاً إلى مؤلفات الرازي وابن سينا اللذين كانا يتعاملان مع المرض النفسي بوصفه بعيداً كل البعد عن مفاهيم مثل المسّ والشياطين والجانّ.

الأخبار اللبنانية في

21/03/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)