حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«عسل» يختم تظاهرة الفيلم التركي

شـراييـن الـروح ومسـام الجسـد

نديم جرجورة

 

«عسل» يختم تظاهرة الفيلم التركي

شـراييـن الـروح ومسـام الجسـد

نديم جرجورة

السادسة مساء اليوم، ينتهي الاحتفال السينمائي بسبعة أفلام تركية منتمية إلى جيل جديد من المخرجين. السادسة مساء اليوم، يُعرض الفيلم البديع «عسل» لسميح كابلانأوغلو، الفائز بالجائزة الأولى «الدبّ الذهبي» في دورة العام 2010 لمهرجان برلين (برلينالة). اختير الفيلم نفسه لافتتاح هذه التظاهرة، التي نظّمتها «جمعية متروبوليس» في صالتها في «أمبير صوفيل» (الأشرفية) بالتعاون مع «جمعية سينما أزمير»، مساء الثلاثاء الفائت. في الافتتاح، حضور رسمي وحشد اجتماعي. وزّع شبابٌ أرمن بياناً ضد تركيا، على الرغم من إجراءات أمنية مشدّدة. قيل إن البيان تجاوز الحدث السينمائي، متطاولاً على الثقافة والحضارة التركيتين. إقحام السياسيّ البحت في احتفال سينمائي مضرّ بمن أراد التعبير عن موقف أخلاقي. بعض الأرمن مصرّ على إعلان تركيا رسمياً مسؤوليتها عن المجازر المرتكبة بحقّ الشعب الأرمني. على اعتذار علني أيضاً. هذا حقّ مشروع. لكن التطاول على الثقافة والحضارة مرفوض. الخروج على اللباقة الأخلاقية في مسألة أخلاقية أصلاً، مسيء لمن أراد التذكير بنضاله التاريخي من أجل حقّ مشروع.

شفافية

«عسل» فيلم بديع. يختتم التظاهرة بعد افتتاحه إياها. من لم يُشاهد ثالث ثلاثية سميح كابلانأوغلو، مدعوّ إلى التمتّع بمئة وثلاث دقائق من الجماليات البصرية والانفعال النابع من أعماق الصورة إلى داخل الذات الفردية. مدعوّ إلى مُشاهدة كيفية تحويل اشتغال بصري بسيط ومتواضع إلى تُحفة سينمائية رائعة. التمازج بين الشكل والمضمون مرتكز على شفافية الصورة في التقاط النبض الإنساني، وفي طرح أسئلة العلاقات العائلية، والموت والحياة، والعيش في قلب الوهم، قبل السقوط ضحية انكشاف الوهم هذا على حقيقته. يُمكن للمُشاهد المهتمّ بهذا النمط الاحترافي في صناعة الصورة أن يُقدّم تفسيرات أخرى. «عسل» مفتوح على قراءات جمّة، انطلاقاً من براعة الصورة في منح المُشاهد أبواباً لولوج العالم الداخلي للفيلم ولمخرجه معاً. مليء أيضاً بكَمّ هائل من المشاعر واللحظات الطافحة بجمالها الإنساني المفتوح على العلاقات المعلّقة وسط طبيعة خلاّبة. علاقة ابن بأبيه العامل في صناعة العسل. الابن مُصاب بعزلة. مرتبك في يومياته. متشوّق إلى البقاء مع أبيه. لكن القدر لعين. الفيلم شفّاف وحادّ. جمال الطبيعة لا يقلّ حدّة عن قسوتها. إنه ثالث ثلاثية أسماها كابلانأوغلو «ثلاثية يوسف»، تضمّنت، بالإضافة إلى «عسل»، كلاًّ من «بيض» و»حليب».

لم يكن «عسل» الفيلم الجميل الوحيد في تظاهرة الأفلام التركية هذه. عملان مؤثّران لنوري بيلج جيلان: «بعيد» (2002) و»ثلاثة قرود» (2008). الإيقاعان متشابهان: ذاك الهدوء الظاهريّ في مقاربة الذات وتحوّلاتها، من خلال مقاربة البيئة والزمن والتفاصيل أيضاً. تلك البساطة الظاهريّة في الاقتراب من نقاط حسّاسة في العيش على التخوم الواهية للحياة. غير أن الظاهريّ مجرّد غشاء يتفكّك تدريجاً لكشف خفايا الغليان والعنف والصدام والخيبة والألم، المندرجة كلّها في شرايين الروح ومسام الجسد. الشوق والعزلة والوحدة والذهول مداخل إلى النفس البشرية، من خلال قصّة رجلين قريبين يلتقيان في استنبول (بعيد). انقلاب القدر قلب موازين القوة الفردية التي فضحت هشاشة الروح وانزلاقها إلى الانفجارات المختلفة (ثلاثة قرود). للطبيعة مكانٌ واضحٌ في الفيلمين أيضاً. الغيوم الرمادية أو ارتفاع درجة الحرارة. المطر إشارة إلى الاغتسال الجسدي والتطهّر الروحي. لكن الاغتسال والتطهّر لا يؤدّيان، دائماً، إلى النجاة. أو ربما النجاة نفسها لا تعثر على مكان لها وسط الانهيارات. المصالحة مع الذات والآخر دونها عقبات وتحدّيات ومسافات شاسعة مليئة بألغام شتّى.

تحوّلات

نوري بيلجي جيلان مخرج مختلف: المجلة الفرنسية المتخصّصة «دفاتر السينما» قدّمته، ذات مرّة، بقولها إنه «المخرج الأشهر والأكثر تمثيلاً لبلده». الناقد السينمائي الفرنسي جان ـ ميشال فرودون أشار إلى قدرته «على التنقّل عبر بلده ليصوّب وجوهه المتعدّدة من دون فولكلور». ميزته: لغة سينمائية مزجت إيقاعاً هادئاً بمراقبة صارمة للتحوّل الروحي الخاصّ بالإنسان، أو بالمجتمع أيضاً. له «غيوم أيار» (1999). الترجمة الحرفية للعنوان التركي، عن طريق اللغة الفرنسية، تفيد أن للفيلم عنواناً آخر: «ضجر أيار». أما «مناخات» (2006) فمنسجم أكثر والقراءة السينمائية الخاصّة بالتبدّل الغامض للزمن الذي يمرّ، ولهروب السعادة: «استنبول التي نراها هنا (أي في «ثلاثة قرود») مختلفة تماماً عن تلك التي شاهدناها في «بعيد». والعلاقات الإنسانية المفتوحة على عوامل خارجية، والمتداخلة على نحو مُعقّد، تختلف عن حميمية العلاقة بين الزوجين في «مناخات». والطبقة الوسطى التي ينتمي إليها أبطال الفيلمين السابقين ليست منبت شخصيات الفيلم الحالي» كما كتبت الزميلة ريما المسمار في صحيفة «المستقبل» (18 آذار 2011)، لأن العائلة المكوّنة من ثلاثة أشخاص في «ثلاثة قرود» منتمية إلى الطبقة العاملة الفقيرة، المقيمة في أحد أحياء استنبول المطلّة على البوسفور. أي أن الفقر مدخلٌ إلى التهميش. والتهميش مكانٌ روحي يُصيب المرء بألف صدمة ووجع وانكسار وخيبة وتمزّق.

التجربة مهمّة: مشاهدة هذا التنويع معاينة خاصّة بصناعة سينمائية متجذّرة في تاريخها العريق، ومنفتحة على الاختبار الحديث: «قطارات آدم» (2007) لباريس بيرهاسان و»المسبحة الخطأ» (2009) لمحمود فاضل كوسكون و»تقوى» (2006) لأوزير كيزيلتان و»هدف حياتي» (2008) لمرات سيكير (بعض العناوين المترجمة إلى العربية منقولة من الكرّاس الخاصّ بالتظاهرة): أُريد لهذه الرحلة السينمائية أن تُقدّم أفلاماً تناولت التنوّع الجغرافي والثقافي لتركيا، «الذي هو، في الواقع، سمة مميّزة للمجتمع التركي»، حيث تجد تعبيراً لها في الأفلام هذه، التي بدت أشبه بتعزيز «أكثر ثراءً لصورة أكثر تعقيداً عن تركيا الحديثة»، كما قدّم كيهان كيرمزغول، رئيس «جمعية سينما أزمير»، التظاهرة هذه.

السفير اللبنانية في

19/03/2011

 

تكريم بولس وسويد في المهرجان اللبناني للكتاب

رحلة السينما اللبنانية ورحلة العمر الطويلة

مايا ابو صليبي خشان 

تنوّعت أمسيات الحركة الثقافية ـ انطلياس، أمس وأمس الأول. فجمعت بين الفن والإعلام، الأدب، الجمال والسلك العسكري معاً، إلا أن الواجب الثقافي والوطني هذا الذي تناضل وتسعى الحركة من أجله سنوياً، جمع من حوله نسباً متفاوتة من المهتمين، سواء من مدعوين أو من روّاد زاروا أروقة معرض الكتاب في المهرجان اللبناني للكتاب، اهتموا ورغبوا في المشاركة في الحدث القائم.

فها هي الندوة حول كتاب إبراهيم العريس «الصورة الملتبسة، السينما في لبنان: مبدعوها وأفلامها»، لم تنجح في استقطاب عدداً كبيراً من اللبنانيين إلى مسرح الحركة، فيما سبقهم إليه المهتمين السوريين الذين أتوا خصيصاً من سوريا لمشاركة العريس فرحة إصداره الجديد...

كتاب إبراهيم العريس

في العلاقة التفاعلية بين الكتاب والمؤلف، رأى جورج اسطفان في إدارته للندوة التي عقد حول كتاب إبراهيم العريس، أن ثمة «شؤونا صغيرة» بالمعنى النزاري، لا يدخل عليها غيره، مهما انهمرت المقالات والمقابلات و»الاستنطاقات».

من جهتها، لفتت الزميلة فيكي حبيب انه لا شك أن هموماً شغلت الناقد العريس في وضع كتابه: حرصه على إبراز دور الثقافة في كتابة التاريخ، فبدا متأثراً بالمنهج الذي بلورته مدرسة الحوليات، المنهج الذي لا يؤرخ من خلال الأحداث التاريخية الكبرى، إنما يلتفت إلى منشأ الأحداث ويعتبرها محرك التاريخ الكامن في الاقتصاد والاجتماع وخصوصاً الثقافة... وعن الهم الثاني، اعتبرت انه همّ معرفي بحت انطلاقاً من إيمان الكاتب بأن الفن السابع هو ما هو من الفنون الأكثر ديمقراطية. أما الهم الثالث، فأشارت إلى انه ذاتي يحاول من خلاله الكاتب إشراك قارئه شغفه بفن من الفنون سار في دمائه قبل أن يختاره طواعية.

بدوره، اعتبر الزميل نديم جرجورة أن النص النقدي الذي صنعه العريس مستمر في مواكبة منعطفات التجارب الفردية في صناعة الأفلام اللبنانية. كما أشار إلى أن كتابه الجديد هذا، لا يقف عند تتبّع المسار التاريخي لصناعة الأفلام في لبنان فقط، لأنه ذاهب إلى ما هو أبعد بقليل، المجتمع اللبناني وتحولاته، منذ تأسيس دولة لبنان الكبير إلى الانهيارات الآنية، في السياسة والثقافة والفن والإعلام والنقاش. ثم لفت إلى أن الكتاب إضافة تأريخية لمسار مرتبك وضائع وغير موثّق كلياً لغاية الآن...

هذا وعبّر أخيراً الكاتب العريس عن فرحه لوصول جوهر كتابه إلى القراء.

تكريم جان كلود بولس

وأشارت بريجيت كسّاب في إدارتها لحفل تكريم الإعلامي بولس، أن المكرم واحد من الذين يستمرون بالتفتيش عن إبداع يرفع وطنهم ويحميه من إشاعة موضة حيث الظهور، الفارغ أحياناً من مضمون وعمق الثقافة التي تكثر في أيامنا وتدخل بيوتنا دون استئذان من خلال الشاشة الصغيرة. كما لفتت إلى أنه لم يكتف بهندسة الأبنية لإبراز جماليتها، إنما أرادها متكلمة تضجّ بالحياة والثقافة والابتسامة.

من جهته، رأى كميل منسى أن ظرف المكرم ظريف وطريف، سرعة خاطره غريبة ولافتة، حيويته تضاهي حيوية فرقة كشافته، لا يعرف السكينة ولا يسمح لغيره بأن يعرفها أو يستمتع بها.

وأعلن أخيراً المكرّم إيمانه بلبنان الواحد الضابط الكل، الذي صار وطناً وصلب على عهود عديدة وتألم ومات وقبر وقام من بين الأموات.

كتاب جورج مغامس

بداية اعتبرت الشاعرة فيكتوريا سلموني أن ما يميز كتاب مغامس «من نبض باريس.. ومراح المنبر»، هو الوصف الحيّ المزدوج المتشابك المؤثر الموحي، وخطوات: الإنساني النزعة والانطلاقة...

أما المشارك الوزير السابق ادمون رزق، فرأى أنه قرأ الكاتب فوجده كاتباً، مثله متحدثاً وراوياً، على صفاء نفس، أناقة صوغ وبشاشة طلة، يتحيّز اللفظة كما ينتقي الحلّة، شأن خبير يتروّح الأباريق، شميماً وتلمظاً، حتى إذا استطاب، سكب وسقى، فلا يستطيع الندامة عن مدامه انكفاءً ولا السمّار عن محابره اكتفاءً.

وبعدما تتبّع الدكتور غالب غانم خط سير الكاتب وسيرة قلمه، استبان له أن مغامس رحالة إلى مدائن الطفولة، مدائن الروح، الحزن الشفيف والشوق، وأخيراً إلى مدائن الجمال حيث ترقص اللغة رقصتها الفاتنة محتفلة بفرارها من سجون القواميس إلى غوى الجسد وعراء الحرية.

هذا ووصف النقيب انطوان رعد، مغامس، بالكاهن الذي كرّس حياته للكلمة ونذر ريشته للجمال، وله على الكلمة دالة وسلطان. وأضاف أن الكاتب ترك لنا في كتابه هذا، عشارية عن باريس وهو ليس من العشاريين ولا من الفريسيين، بل من أبناء الطوبى ورثة الملكوت ملكوت اللغة.

تكريم ياسين سويد

أدار منير سلامة حفل تكريم العلم الثقافي العميد الدكتور سويد، وأشار إلى أن الأخير حمل وطناً في قلبه وعقله، وحلم بمستقبل أفضل له ولأبنائه، فكتب للوطن وللجيش وللمواطن ضد التعصّب وضد الانتماء والغرائزي... كما كتب في ماضي الأيام والأمجاد وأرّخ للمستقبل لأولادنا ليقرأوا بعضاً من ماضينا وحاضرنا.

وبعدما عرض العميد الدكتور عبد الرؤوف سنو في كلمته التي ألقاها الدكتور عصام خليفة لسيرة المكرم الذاتية، قسّم مسيرته العلمية إلى ثلاثة مراحل. مرحلة الانطلاق أولاً، حيث تركت كتاباته أثناء المرحلة الثانوية على التاريخ العربي وقضية فلسطين... ومنذ دخوله المدرسة الحربية عام 1949، تبدأ المرحلة الثانية وتمتد حتى تقاعده عام 1990، حين بدأت المرحلة الثالثة عنده، فكانت مرحلة نتاج علمي خلاق بكل المعايير والتوصيفات.

هذا وأشار المكرّم إلى أن رحلة الثمانين عاماً، كانت طويلة وشاقة، إلا أنها كانت ممتعة، مثمرة ومثقلة بأطيب الثمار وأحلاها. وبعد أن استمع لشهادات فيه من جان كميد، العميد الدكتور أحمد حطيط، العميد الركن نزار عبد القادر، العميد أمين حطيط، العميد الدكتور سمير الخادم، الدكتور يسين عساف وكريمته ندى سويد، وجّه الشكر لهم وللحركة على تكريمه، قبل ان يتسلّم درع الحركة من أمينها العام أبي صالح.

أنشطة مهرجان الكتاب اللبناني في أنطلياس

^ اليوم السبت :  4،30 مساء، مناقشة كتاب «مساهمة المؤرخين الأرثوذكس في التاريخ»، يشارك فيها بطرس لبكي، منذر جابر، كانديس ريمون، إدارة سعاد أبو الروس سليم.

6،30 مساء، تكريم جورج شامي، تقديم إلهام كلاب البساط، إدارة فرانسوا قزي.

تواقيع:

جوزف معلوف «محنة العقل الديني» (3 – 5)، إيلي لحود «الأب حنا طنوس شاعر المسرح» (5 – 7)، سليم قهوجي «حنا الفغالي، نصور مسافر» (5 – 7)، وجيه كوثراني «أفكار النهضة بين الأمس واليوم» (5 – 7)، أوسكار فارس «قصص من فرنسا والشرق» (5)، أنطوان جبارة «أوبريت إيليا» (7 – 9)، بطرس لبكي، La Contribution des historiens orthodoxes à l’Histoire (7-9).

^ غدا الأحد 11 صباحاً: حكايات للأولاد بيرا عون.

4،30 مساء: مناقشة كتاب شارل مالك «وبه كان كل شيء – شهادة مؤمن»، يشارك فيها المطران بولس مطر، القس حبيب بدر، المطران أفرام كرياكوس» إدارة الأب جوزف عبد الساتر.

6،30 مساء: حفلة موسيقية يحييها المطربان ليال اسطفان وبيار مطر.

تواقيع:

سمير خليفة «صفرون» (3 -5)، جرمانوس جرمانوس «بسهر أنا وياك لطلوع الحمام» (5 -7)، عزة آغا ملك «الجقيبة» (5 -7)، اسعد جوان «المجموعة الشعرية الكاملة» (7 – 9).

السفير اللبنانية في

19/03/2011

 

أعظم قصص الحب في السينما ( 4 )

شروق أبدي لعقل بلا ذكريات

فضل سالم 

قدمت السينما العالمية وعبر تاريخها الطويل مئات الأفلام الرومانسية والعاطفية، وشاهد جمهورها العريض أجمل قصص الحب في أفلام لعب بطولتها نجوم عالميون حققوا شعبية كبيرة.

كثيرون يتساءلون ما هو أجمل فيلم قدم قصة حب على الشاشة العالمية عبر التاريخ، وكان الجواب من خبراء في السينما العالمية درسوا مئات الأفلام التي قدمت على مدى سنوات طويلة، وخرجوا بقائمة تضم قرابة خمسة وعشرين فيلما تعد الأفضل حسب آرائهم.

ونحاول هنا تسليط الضوء على بعض الأفلام التي تضمنتها القائمة.

هل من الممكن أن يتوصل العلماء مستقبلاً إلى طريقة يستطيعون بواسطتها تلبية رغبة شخص ما بإزالة ذكريات معينة من دماغه عن علاقة لا يريدها من دون المساس بغيرها من ذكريات؟

حول هذه الفكرة التي تمزج بين الحب الحقيقي والخيال العلمي تدور أحداث فيلم ETERNAL SUNSHINE OF THE SPOTLESS MIND الذي أنتج عام 2004 وهو من بطولة كيت وينسليت وجيم كاري. وقد استوحي اسم الفيلم من عنوان قصيدة للشاعر ألكسندر بوب عن نعمة النسيان.

وقد حظي الفيلم بثناء النقاد الفنيين الذين صنفوه كأفضل فيلم يشجع على التفكير الجاد أنتج عام 2004، بل ان البعض منهم اعتبره واحداً من ضمن أفضل الأفلام التي أنتجت في السنوات العشر الأخيرة. كما أن الفيلم حصد عدداً كبيراً من الجوائز العالمية ومن بينها جائزة أفضل نص سينمائي. أما عائداته فبلغت سبعين مليون دولار في حين أن ميزانيته لم تتجاوز العشرين مليوناً.

صدمة عاطفية

تبدأ أحداث الفيلم بلقاء في القطار المتجه من نيويورك إلى لونغ آيلاند بين جويل باريش (جيم كاري) المصدوم عاطفياً، وكليمنتين كروزينسكي (كيت وينسليت) ذات الأفكار المشوشة، فلا تعرف ماذا تريد بالضبط.

يشعر كل منهما أنه قريب من الآخر على الرغم من الاختلاف الكبير بين شخصيتيهما. لا يوجد سبب يمكن أن يقنع أحداً بإمكان التقارب بينهما لكن هذا ما حدث خلال لقائهما في القطار.

لم يدرك أي منهما أنهما كانا على علاقة غرامية ملتهبة طوال عامين انتهت بخلاف حاد، فما كان من كليمنتين إلا أن طلبت من طبيب في مركز طبي معروف في المدينة أن يزيل من ذاكرتها كل ما يتعلق بالحبيب السابق لأنها تريد نسيانه وإلغاءه تماماً من ذاكرتها.. وبالفعل فقد حقق لها الطبيب رغبتها.

جزء ضائع

تحدد قصة الفيلم اسم المركز الطبي بكلمة lacuna التي تعني الفجوة أو الجزء الضائع والمقصود هنا أن المركز يعمل فجوة في الذاكرة تضيع فيها ذكريات معينة ومحددة.

عندما عرف جويل بالأمر قرر الانتقام واللجوء إلى الطبيب ذاته لإزالة ذكرياته عن الحبيبة السابقة من دماغه.

معظم أحداث الفيلم تدور في دماغ جويل الذي خضع لإجراءات الطبيب أثناء نومه وبالتالي لم تُنس الحبيبة دفعة واحدة بل على مراحل، في البداية نراه كأنه قد ندم على قرار إزالة ذكرياته عنها فيحاول تذكر ما يستطيع من قصة الحب الرائع كما يصفه.. يبذل جهداً كبيراً ليتذكر.. ينجح أحياناً ويفشل في معظم الأحيان لكنه في النهاية يستسلم بعد أن ينتهي الطبيب من عمله، فلا يبقى في ذاكرة جويل أي شيء يتعلق بالحبيبة السابقة.. أما آخر شيء أُزيل من ذاكرته فكان قوله لها: لقاؤنا في محطة مونتوك في نيويورك.

تحققت رغبة الطرفين على أيدي ذلك الطبيب وسار كل منهما في طريق إلى أن التقيا في ذلك القطار بعد عامين من محو ذكريات قصة الحب الأول.

شخصيات متناقضة

وفي أحداث لا علاقة لها إلى حد بعيد ببطلي الفيلم نشهد أن المركز الطبي نفسه يغلي بالشخصيات المتناقضة نوعاً ما.. فالطبيب المسؤول (توم ويلكنسون) متزوج لكنه على علاقة بسيدة تعمل في المركز، وعندما تكتشف زوجته تلك العلاقة يجن جنونها.. يحاول الطبيب إنهاء العلاقة للحفاظ على زواجه فتنتقم الموظفة منه بسرقة ملفات زبائن المركز بما فيها من معلومات سرية وشخصية ومن ثم تقوم بتوزيعها على كل من هب ودب.

موظف آخر تولى مهمة إزالة ذكريات كليمنتين من دماغ جويل فعرف بسبب مهمته كل تفاصيل وأسرار تلك العلاقة فاستخدم هذه المعلومات لإقامة علاقة مع كليمنتين.. حاول إغراءها بالأسلوب نفسه الذي سبق لجويل أن سحرها وكسب حبها به.

بعد لقائهما في القطار يتسلم كل منهما نسخة من تلك الملفات السرية عن حبهما الذي أرادا إزالة ذكرياته.. صدمتهما تفاصيل ذلك الحب الذي أجمعا على وصفه بالرائع أثناء جلسات التنويم المغناطيسي مع الطبيب.. وعلى الرغم من تسلمهما تلك النسخ ما زالا عاجزين عن تذكر أي شيء عن تلك العلاقة التي جمعتهما تحت سقف واحد طوال عامين.

ليس هذا فقط بل إنهما فشلا في تذكر أنه سبق لهما أن التقيا، أو أنهما خضعا لعملية إزالة ذكريات معينة.. وهذا هو سبب الصدمة فقد كانا يقرآن في تلك الملفات السرية تفاصيل لم يسمعا بها من قبل وكأنهما يتابعان أحداثاً جرت مع شخصين آخرين لا يعرفانهما.

حاول جويل إقناع كليمنتين أن في استطاعتهما أن يبدآ من جديد لكنها أصرت على أن البدء في علاقة جديدة قد يواجه مصير العلاقة السابقة على الرغم من أنها لا تزال عاجزة عن تذكر شيء عن تلك العلاقة لكنها تقرأ تفاصيل تلك العلاقة في الملفات السرية التي تسلمتها.

تنجح في إقناعه بعدم العودة إلى الماضي واستعادة علاقة مضى زمنها فيقرر الاثنان ترك الملفات السرية والاستمتاع بعلاقة حب جديدة وحياة جديدة.

خيال من دون جراحة

قصة الفيلم تعتمد على الخيال العلمي وتُزال الذكريات المطلوب التخلص منها من دون الحاجة الى عمليات جراحية.. وفي أحد المشاهد نرى الطبيب المختص أثناء إقناع جويل بعدم وجود أي خطر لهذه العملية فيقارنها بتناول كمية غير قليلة من الخمور في سهرة مع الأصدقاء.

موقع على الإنترنت

ضمن الحملة الإعلانية للفيلم أنشأ المنتج موقعاً على شبكة الإنترنت أسماه Lacuna Inc. يتضمن الكثير من التفاصيل.

البشر بعد الفئران

على الرغم من أن الفيلم يعتمد على أحداث خيالية فقد أثبتت أبحاث علمية حديثة أن في الإمكان إزالة ذكريات معينة من أدمغة فئران التجارب وتبين أيضاً أن مثل هذا الإجراء قد يؤدي إلى علاج التوتر الذي يعقب الصدمات. ويأمل العلماء القائمون بهذه التجارب أن يصلوا فيها إلى مرحلة تمكنهم من تطبيقها بنجاح مع البشر.

صباغة الشعر

خلال أحداث الفيلم يلجأ المخرج إلى طريقة فريدة وطريفة في التعبير عن الحالة النفسية لبطلة الفيلم.. فبعد انفصالها عن الحبيب تصبغ شعرها باللون البرتقالي.. وبعد إزالة ذكرياتها عنه تصبغه باللون الأزرق.. وحين تلتقيه في القطار بعد عامين من الانفصال تصبغ شعرها باللون الأخضر، ولا تلبث أن تعيد صباغته باللون الأحمر حين تقع في غرامه مجدداً.

مركز متقدم

في عام 2006 أصدرت جمعية نقاد السينما في الولايات المتحدة قائمة بأفضل الأفلام التي أنتجتها هوليوود حتى الآن فحل فيلم Eternal Sunshine of the Spotless Mind في المركز الثالث والثمانين من بين آلاف الأفلام.

كما جاءت كيت وينسليت بسبب هذا الفيلم في المركز 83 ضمن قائمة بأفضل 100 ممثلة عرفتها هوليوود.

القبس الكويتية في

19/03/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)