حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تحتاج إلى تحكيم القلب وليس العقل

كيرا نايتلي: عشت مصدومة سنوات بعد ترك الدراسة

إعداد: أشرف مرحلي

تلعب النجمة والعارضة الإنجليزية كيرا نايتلي دور الفتاة الطائشة “روث” في فيلم “ نيفر ليت مي جو” أو “لا تدعني أرحل”، وهو الدور الذي جعل النجمة الإنجليزية “، كاري موليجان” التي شاركتها الفيلم تنخرط في نوبة من البكاء في أحد مشاهده . 

ولدت كيرا في 26 مارس/آذار ،1985 في تيدينجتون في لندن، لكاتبة اسكتلندية- إيرلندية الأصل تدعى شارمان ماكدونالد وللممثل المسرحي والتلفزيوني الإنجليزي ويل نايتلي، ولها أخ يكبرها يدعى كاليب . 

كانت نايتلي تعاني صعوبة في القراءة، بيد أنها كانت متفوقة دراسيا، مما جعلها تظفر براعٍ للمواهب وتتجه للتمثيل . وكانت طلبت وهي في الثالثة راعيا لموهبتها وحصلت عليه بالفعل عندما بلغت السادسة .

وصرحت بأنها كانت عازمة على الاتجاه للتمثيل منذ طفولتها، حيث أدت عدداً من الأدوار في أعمال محلية مخصصة للهواة مثل “افتر جولييت” التي كتبتها والدتها، و”يونايتيد ستيتس” التي كتبها أستاذها للدراما آنذاك “ايان ماكشين” . 

وبدأت نايتلي التمثيل في طفولتها وكان دورها في الفيلم الكروي “ بيند ات لايك بيكهام” في أغسطس/آب 2002 من أهم  الأدوار التي قدمتها، وبلغت حصيلته 18 مليون دولار، وهو الدور الذي اكسبها شهرة كبيرة ومن خلاله عملت في فيلم “قراصنة الكاريبي: لعنة اللؤلؤة السوداء” مع أورلاندو بلووم وجوني ديب . وهو الفيلم الذي أنتجه جيري بروكهيمر في 2003 وحقق أعلى الايرادات .

وفي يوليو/تموز 2006 قامت ببطولة فيلم “ديد مانز تشيست” وهو من سلسة أفلام قراصنة الكاريبي .   

وشهد العام 2007 عرض مجموعة من الأفلام لنايتلي مثل “سيلك” عن قصة للكاتب اليساندرو باريكو، وفيلم “ات وورلند ايند” من سلسلة قراصنة الكاريبي .

وشاركت في أفلام اخرى ورشحت لجائزة أوسكار أحسن ممثلة ولجائزة الجولدن جلوب عن دور اليزابيث بينيت  في فيلم “برايد اند بريجوديس” للكاتبة جين أوستين، بعد تعديلات أجراها الكاتب جو رايت على القصة . ورشحت منذ عامين مرة ثانية لجائزة الجولدن جلوب كأحسن ممثلة، ولجائزة الأكاديمية البريطانية BAFTA  عن الدور الرئيس في فيلم “اتونمينت” .

التقت صحيفة “الجارديان” نايتلي وأجرت معها هذا الحوار .

·         أديتِ دور “روث” في فيلم “لا تدعني أرحل” فهل قرأتِ رواية كاوزايشيجورو قبل أدائكِ هذا الدور؟

لم يكن لدي أدنى فكرة عن الرواية، فقط قرأتُ النص الذي قدم لي ووجدته رائعا، وبعد ذلك قرأتها . الأفلام دائما تميل إلى البساطة بهدف خلق التفاعل مع الجمهور . وأحسبها تجربة رائعة أن أكون ضمن فريق عمل مثل هذا .

·         عملت من قبل مع النجمة المساعدة “كاري موليجان” في فيلم “برايد اند بريجوديس” في ،2005 فكيف كان شعورك بالعمل ثانية معا؟

شعرت بسعادة بالغة ووجودها في العمل كان من أهم الأسباب التي دفعتني لقبول هذا الدور . 

·         هل صحيح أنكِ أبكيت الشخصية التي كانت تجسدها موليجان؟

نعم، إنه شيء فظيع فكنت أضطر بعد كل مشهد أن أتوجه لها بالاعتذار، لترد على قائلة “إنه فقط عمل فني وليس حقيقة” .

·         هل موليجان تميل دائما للبكاء؟

نعم، تحب البكاء بدرجة كبيرة، فبعد المشهد الذي قلت لها فيه “ حسنا، أقول هذه الكلمة كل مرة، أريد أن أرى دمعة واحدة تذرفها عينك اليمنى”  انهمرت دموعها لدرجة لم أشاهدها من قبل، واحدة فقط هي التي تستطيع أن تفعل ذلك أيضا وهي النجمة سيينا ميللر .

·         صرح المخرج مارك رومانيك أنكِ تحبين العمل كممثلة بدافع من داخلك، فيما معناه أنكِ تفكرين أولا بالشخصية قبل قبول الدور وتجسيدها على الشاشة . فما تعليقكِ؟

نعم، إنه محق تماماً، فلدي ميل كبير للتفكير التحليلي وكل الأعمال التي قبلتها مؤخرا كانت تحدياً كبيراً لذكائي، ولا أجد صعوبة في وضع طاقاتي الذهنية في تحد دائم، فهو دائما ما يجعلني أتعاطف مع أناس وفي مواقف ليس من السهل التعاطف معها في الأحوال العادية . لذا، أعتقد أنه على صواب، وربما تكون هذه السمة مشكلة بالنسبة لي كممثلة، ربما أكون في احتياج أكبر لأن أعمل بدوافع من القلب، ولكني أحب البحث في الأشياء والتقصي، بعدما تركت المدرسة وأنا في ال ،16 ولم أتلق أي تعليم رسمي بعدها، لذا فأنا اعتبر هذا جزءاً من تعليمي ويدفعني للقراءة في مجالات عدة، وهذا يسعدني كثيرا . 

·         هل تعتقدين بالفعل انك لستِ ماهرة؟

أشعر أحيانا كثيرة بأنه ينقصني الذكاء، وأشعر أحيانا أخرى بأنني على ما يرام، وغالبا ما يراودني إحساسي بنقص الذكاء بعد المقابلات الصحفية كهذه، ولكنني أستطيع الكلام جيدا عن فستاني مثلا .

هل تجدين نفسك مضطرة أكثر لإثبات ذاتكِ بسبب ترككِ لمدرسة بعد المرحلة الثانوية من أجل التمثيل؟

أشعر بذلك حقيقة، فكنت متفوقة جدا في دراستي، ولازمني إحساس بالصدمة لسنوات كلما تذكرت تركي للمدرسة، واعتدت الحقيقة الآن، ولكن سيظل هذا جزءا من شخصيتي . 

·         هل تجدين متعة أكبر في تجسيد شخصيات غير مقبولة مثل “روث” عن أداء شخصيات محببة؟

أحب التعقيدات كثيرا وأجد فيها متعة شديدة، فأهتم بالبحث واستكشاف الأشياء المعقدة معنويا، والتي تتسم بالغموض . 

·         كيف انسجمت هذه الرغبة مع دور إليزابيث سوان في فيلم “قراصنة الكاريبي”؟

كانت هناك بالفعل صعوبة في ذلك، فعندما بدأت العمل في الفيلم كنت في ال 17 وبلغت ال 21 عندما انتهيت منه، وهي فترة مهمة وجوهرية من حياتي تغيرت فيها شخصيتي كثيراً، فأشعر الآن بإنني إنسانة مختلفة، ولم يكن دوري في الفيلم سهلاً ولكنني استمتعت كثيرا به، أما فيلمي الأخير “لا تدعني أرحل”، فهو بلا شك متعة كبيرة .

·         هل تشبه الشخصيات التي تقدمينها على الشاشة شخصيتك الحقيقية؟

بالطبع لا، فالأضواء تلعب دورا مهما على الشاشة، ويعتمد ذلك أيضاً على نوع الشخصية ذاتها، فعند أداء دور الشخصية الرئيسة في الفيلم تعمل الإضاءة بشكل مختلف، وتتلقى تعليمات حول طريقة إظهار الوجه، بينما يختلف الأمر إذا أراد المخرج تقديم الممثلة بشكل مختلف، مع العلم بإنني لست أي منهما.    

·         هل تحبين كونك ناجحة؟

نعم ولا، فالنجاح أتاني في سن مبكرة، وشعرت كثيرا بالخوف من ذلك ولكني أعتقد بانني استحقه .

·         ما ردة فعل من يقابلك ويتعرف إليكِ في الشارع؟

ظللت لفترة طويلة مجهولة بالنسبة للجمهور وكان ذلك شعوراً قاسياً علي، أما الآن فالترحيب بي في الشارع أكثر دفئا، والسبب لا أعلمه .

·         هل التقدم في العمر يقلقكِ، أم أنه يعني لكِ مزيداً من التحرر؟

إطلاقا، ولا أنكر أن بعض الأدوار التي تلقيتها كانت بسبب شكلي مثل دوري في “قراصنة الكاريبي”، والبعض الآخر لم يكن كذلك .

·         تعملين حاليا على مسرح “ ويست اند” ضمن برنامج “ ساعة الأطفال”، فما رؤيتك للمسرح مقارنة بالسينما؟

المسرح حي تتحرك عليه هنا وهناك، وفيه الكثير من الارتجال في كل عرض من العروض أما السينما فهي ليست كذلك أبدا . 

·         هل مللتِ الترشح مرارا للجوائز وعدم نيلك إياها؟

لا، فأنا اعتقد أن الشيء الأكثر رعباً هو الفوز نفسه لأنه سيطلب إليك وقتها إلقاء حديث وهذا يرعبني .

·         منذ 3 سنوات، قالت مجلة “فوربس” إنك تتلقين ثاني أعلى أجر بين ممثلات “هوليوود”، بما تعلقين على ذلك؟

أصحيح ذلك؟ لم أعلم به أبداً، فقط سمعت ذات مرة أنني أكسب 36 مليون دولار سنويا، وأعتقد أن هذا شيء عظيم إذا كان بالفعل كذلك، ولكنه غير صحيح إطلاقا . 

·         هل تظنين أن الممثلات يتقاضين أجورا باهظة في العموم؟

نعم، نحن نفكر ملياً في ذلك، فالبعض منهن بالفعل يتقاضين أجورا مرتفعة، والبعض الآخر لا، ويعتمد ذلك على حصيلة الفيلم نفسه، وفي اعتقادي أن الناس عموما يجب أن يدفع لهم كثيرا لقاء ما يقدمونه، كالأطباء والممرضات والمدرسين، فنحن نعيش في عالم جائر.

الخليج الإماراتية في

16/03/2011

 

تقديراً لشهداء ثورة 25 يناير

عودة "بيبو وبشير" بلا احتفالات

القاهرة - دينا إبراهيم:  

استكملت الفنانة منة شلبي والفنان آسر ياسين تصوير فيلمهما “بيبو وبشير” في استوديو المغربي كأول تصوير داخلي للفيلم بعد انتهاء التصوير الخارجي في شرم الشيخ، وجاء ذلك وسط حضور مجموعة من الصحافيين والقنوات الفضائية للحديث معهما عن الفيلم، كما حضر المخرج خيري بشارة لتهنئة أسرة الفيلم التي حرصت على عدم وجود “تورته” في الاحتفال الذي أُقيم في إطار ضيق احتراماً منها لشهداء الثورة والحفاظ على مشاعر أسرهم .

صرح آسر ياسين بأنه سينتهي من تصوير الفيلم بالكامل خلال أسبوعين مؤكداً أنه يقوم بدور مدرب كرة سلة وليس كرة قدم كما تردد، حيث يجسد شخصية شاب تنزاني يتعلم اللهجة السواحيلي وتجمعه قصة حب بفتاة تقوم بدورها منة شلبي في إطار كوميدي .

وأوضح ياسين أنه متفائل بمستقبل السينما بعد الثورة، مؤكداً ضرورة تغيير كل الأوضاع في السينما لتكون في مكانها الصحيح، وأن يتم التعامل مع السينما كصناعة وضرورة إلغاء الرقابة أو تعديلها على الأقل حتى لا تحد من الإبداع الفني .

كما أشار إلى أنه لا يفضل تقديم عمل عن الثورة في الوقت الحالي إلا عندما يجد السيناريو القوي الذي يقدم صورة كاملة ورصداً كافياً لها .

من جانبها أكدت منة شلبي أن الفيلم يمثل نوعية جديدة من الأفلام الكوميدية الخفيفة بعيداً عن الأدوار الصعبة التي قدمتها من قبل، حيث تقوم بدور “بيبو” فتاة ريفية تأتي إلى القاهرة وتتعلم الموسيقا وتجمعها قصة حب بآسر ياسين . وأوضحت أنها سعيدة بكواليس هذا العمل نظراً لطبيعته الكوميدية وعملها مع ممثلين من جيلها سواء آسر ياسين أو المخرجة مريم أبو عوف .

من ناحية أخرى تحدثت منة عن الثورة فقالت: “أنا لست مسيّسة لكني تعلمت من الثورة كثيراً، حيث فكرت في عمل بطاقة انتخابية، وإن شاء الله ما حدث سيكون ثمناً لحياة أفضل ومزيد من الحرية حتى على مستوى السينما، حيث نطالب بإلغاء الرقابة التي تعرقل أفلاماً لمخرجين كبار بسبب تحفظها على جمل بسيطة، فلابد أن يكون لدينا حرية فكر وتحضر أكثر حتى على مستوى سلوكياتنا، ونقتدي بشباب الثورة الذين قاموا بتنظيف الشوارع” .

على الجانب الآخر، نفت منة ما تردد عن رغبتها في ترشيح مبارك قبل قيام الثورة قائلة: “أنا لا أفهم في السياسة ولم يخطر على بالي عمل بطاقة انتخابية، وبالتالي كيف يقال إنني كنت سأرشح مبارك” .

أما المخرجة مريم أبو عوف فقالت إن الفيلم فكرته جديدة ويمثل كوميديا حقيقية ومختلفة عما تعودنا عليه، وتنفيذه صعب لأنه يمزج بين ألوان كثيرة سواء كوميدية أو تراجيدية أو رومانسية، وجوانب منه تركز على الموسيقا والحفلات . وأشارت إلى أنها واجهت مشكلات في مواعيد التصوير بسبب حظر التجوال، كما أن هذا الفيلم بالتحديد كان حظه غريباً  على حد قولها  حيث واجهته أكثر من مشكلة منها هدم ديكوره منذ أربعة أشهر، بسبب بعض الشخصيات التي لم ترغب في تصويره وسلبيات النظام وصعوبة الحصول على تصاريح للتصوير .

وعن اختيارها للممثلين قالت إنها اقتنعت بآسر ياسين كونه ممثلاً جيداً يستطيع تقديم دور كوميدي، لذلك لم ترغب في البحث عن كوميديان ليقدم الدور حيث لا تقتنع بتصنيف الممثلين بين كوميدي وتراجيدي والأمر نفسه بالنسبة لمنة شلبي .

وأضافت: اختياري للمخرج محمد خان ضيف شرف في الفيلم سببه أنه أستاذ عزيز عليّ وكنت أحلم بالعمل معه، كما يضم الفيلم ضيوف شرف آخرين وهم الفنانة صفية العمري ود . عزت أبو عوف .

وتكمل: “بالنسبة للثورة هي أفضل شيء حصل في تاريخ مصر، لكني لا أفضّل تقديم عمل عنها في هذا التوقيت، حتى تهدأ الأمور وأخرج من مشاعر الغضب التي سيطرت عليّ وقتها وأحدد الزاوية التي أركز عليها في الثورة وأتناولها” .

الفيلم يعد التجربة الأولى للمؤلف كريم فهمي الذي اقترح فكرة الفيلم منذ عامين وعرضها على آسر ياسين وأعجبته، فاستعان بصديقه المؤلف والممثل هشام ماجد ليشاركه الكتابة إيماناً منه بأهمية الكتابة الجماعية، وفكرة الورشة التي تثمر عن أفكار جيدة برأيه، خاصة عندما يشاركه فيها شخص قريب من تفكيره .

من جانبه قال هشام ماجد إنه لم يتمكن من تعديل أحداث الفيلم بعد الثورة، رغم إيمانه الشديد بأنها أهم الأحداث التي شهدتها مصر، لكنه يرى أنه ليس شرطاً أن تكون كل الأفلام المقبلة عن الثورة حتى تكون هناك نوعية أخرى تعيد الحياة إلى السينما مرة أخرى بعد توقفها .

الخليج الإماراتية في

16/03/2011

 

 

فيلم صيني تستفيد منه الحكومة السورية

ناصر ونوس 

كان فيلم الافتتاح في "أيام سينما الواقع دوكس بوكس 2011" هو "القطار الأخير إلى المنزلHome  Last Train".  وهو فيلم صيني من إخراج "ليكسن فان Lixin Fan" (وأورد هنا اسم الفيلم ومخرجه بالإنكليزية لمن يريد الاستزادة). يتناول قضية العمال المهاجرين داخل الصين. ففي الصين، وكما يتحدث الفيلم، هناك نحو مئة وثلاثين مليون عامل مهاجر من الريف إلى المدن الصناعية المتطورة. يلقي الفيلم الأضواء على شروط الأعمال القاسية التي يمارسونها في المصانع وأوضاعهم المعيشية البالغة الصعوبة. إنهم يعملون لساعات طويلة داخل معامل مكتظة بهم وبالآلات التي يعملون عليها. وعندما يعودون إلى مساكنهم. نجدهم يعيشون في شقق بالغة الصغر بالكاد تسمح لهم بالحركة داخلها. الحركة التي لا تتيح لهم سوى إعداد قوت يومهم والاستحمام والنوم في أسرة ضيقة. إنها شقق أقرب إلى الزنازين منها إلى الشقق الصالحة للسكن. لكن مأساة هؤلاء العمال المهاجرين لا تقف هنا. فهؤلاء العمال لا يحق لهم أخذ إجازات من عملهم إلا لمرة واحدة في العام، وتلك الإجازات عادة ما تكون خلال عطلة نهاية السنة الصينية التي تصادف فصل الربيع، يعودون خلالها إلى قراهم لتفقد عائلاتهم وذويهم وأخذ قسط من الراحة غالباً ما تنتهي بمأساة مثلما حدث مع عائلة "جانغ" الذي يتخذ المخرج من قصتها نموذجاً لهؤلاء العمال المهاجرين ويعرض قضية فيلمه من خلالها. إن "جانغ" وزوجته عاملان مهاجران من إحدى القرى الصينية يعملان في أحد مصانع الألبسة التي تصدّر منتاجتها إلى الغرب وسط ظروف عمل قاسية. ويعيشان في شقة بالغة الصغر بالكاد تصلح للسكن الآدمي. وعندما يريدان السفر والعودة إلى قريتهما لقضاء إجازتهما أثناء عطلة نهاية السنة يذوقان أشد أنواع المعاناة للحصول على تذكرة السفر والوصول إلى القطار ومن ثم الانتقال من القطار إلى عبّارة توصلهما إلى قريتهما عبر أحد الأنهر. وعندما يصلان إلى بيتهما في القرية بعد رحلة شاقة وطويلة يجدان مشاكل ولديهما بانتظارهما. فالابنة المراهقة تركت المدرسة، وهاهي تترك البيت بحثاً عن عمل في المدينة، وبالتالي لتدخل دورة الاستغلال نفسها التي يعيشها والديها. بينما الابن يتراجع تحصيله الدراسي يوماً بعد يوم. وكل ذلك بسبب غياب الأهل وابتعادهم عن الأولاد ورعايتهم لهم. وبالتالي يكون الثمن فادحاً بالنسبة للعائلة بكاملها. لكن ما من خيار آخر أمامهم.

لكن المأساة، مأساة العائلة والتي هي مأساة عشرات ملايين العمال المهاجرين، لا تتوقف هنا، فمع الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بالعالم الرأسمالي عام 2008 يبين لنا مخرج الفيلم كيف أصبحت هذه المصانع خاوية من العمال وحتى من الآلات. وهي المصانع التي كانت تصدّر منتجاتها إلى الدول الغربية، وخصوصاً الألبسة. لكن مع الأزمة الاقتصادية هبطت القدرة الشرائية للمستهلك الغربي ولم يعد بوسعه شراء المنتجات حتى ولو كانت صينية. وهنا يبين لنا مخرج الفيلم كم أن هذا الاقتصاد العالمي هو اقتصاد معولم. بحيث أن أي أزمة تعصف بالدول الغربية ستترك أثرها حتى على أبعد مصنع ولو كان في الصين. بل حتى ولو كان في أبعد بقعة في العالم. كما يبين أن التحول الاقتصادي الذي أجرته الحكومة الصينية على اقتصادها لم يكن بديلاً صالحاً للنظام الاقتصادي الاشتراكي التي كانت الصين تسير وفقه. لقد تخلت الصين عن النظام الاقتصادي الاشتراكي وتحولت إلى ما أسمته باقتصاد السوق الاشتراكي. لكن هذا النظام الاقتصادي الجديد لم يجلب السعادة أو الرفاهية لأبناء الصين، ولم يحقق لهم العيش الكريم. بل على العكس من ذلك، زادهم فقراً على فقر، وبؤساً على بؤس. والدليل هو هذه الأوضاع المعيشية المزرية التي يعيشها نحو مئة وثلاثين مليون عامل صيني الذين عرض الفيلم معاناتهم.

لقد وجدت الحكومة السورية في النمط الاقتصادي الصيني الجديد قدوة تحتذى. فقالوا إننا له لمحتذون. فأتوا به وسموه "اقتصاد السوق الاجتماعي". واتخذوا عدداً من الإجراءات الاقتصادية وأصدروا العديد من القوانين التي تتيح تطبيق مثل هذا النظام. وإلى الآن، وبعد نحو عشر سنوات، لم يلمس المواطن السوري أو يرى أياً من حسنات هذا النظام الاقتصادي الجديد. ولا أحد يعرف حتى الآن إلى أين يسير الاقتصاد السوري. وهنا، ومن مبدأ ضرورة إيصال الحقيقة لمن تهمهم وتعنيهم أو يفترض أن تهمهم وتعنيهم، اقترح على إدارة "أيام سينما الواقع" عرض الفيلم على الحكومة السورية خلال اجتماعها الأسبوعي ليشاهد الوزراء الأفاضل، وخصوصاً رئيس مجلس الوزراء ونائبه للشؤون الاقتصادية، ووزير الاقتصاد، ووزير المالية، ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل، ليشاهدوا بأم أعينهم إلى أي درجة من البؤس أوصل "اقتصاد السوق الاشتراكي" الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للشعب الصيني. علّهم يكفوا عن الاحتذاء بهذا النظام الاقتصادي ويبحثوا عن نمط اقتصادي مختلف يؤمن العيش الكريم للشعب السوري. وإذا حدث ذلك يكون مهرجان "أيام سينما الواقع" قد قدم أكبر خدمة للشعب السوري من حيث لا يدري منظموه، مثلما يكون مخرج الفيلم الصيني "ليكسن فان Lixin Fan" قد قدم بدوره للشعب السوري خدمة لم يكن يتوقعها، أو حتى تخطر في باله. وهنا تكمن الأهمية الكبرى للفيلم، والأهمية الكبرى للسينما، والسينما التسجيلية على وجه التحديد. أي عندما يصنع المخرج فيلماً يمكن أن يغير سياسات حكومات، ومصائر شعوب. من هنا، ومن غير هنا، نال هذا الفيلم عن جدارة ثلاث جوائز عالمية هي جائزة أفضل فيلم في "لقاءات الأفلام التسجيلية الدولية" في كندا عام 2009. وجائزة أفضل فيلم تسجيلي طويل في مهرجان أمستردام الدولي في العام نفسه. وجائزة أفضل فيلم تسجيلي في "مسابقة جوترا" في كندا عام 2010. وهو فيلم يستحقها جميعاً وربما يستحق المزيد مثلها. لقد بذل مخرجه جهوداً جبارة في إنتاجه، وخصوصاً عمليات التصوير، عندما صور هذه الحشود الضخمة المقدرة بالملايين للعمال المسافرين واكتظاظهم وتدافعهم لنيل تذكرة سفر، وانتظارهم القطارات، ومن ثم تدافعهم للوصول إلى القطارات والصعود إلى داخل عرباتها.

ومرافقتهم خلال السفر والتنقل من وسيلة نقل إلى أخرى. والولوج إلى عوالم هؤلاء العمال وتصوير معاناتهم اليومية وطريقة عيشهم والتمكن من نقل مأساتهم. وهنا لا نعرف إن كانت قصة العائلة كلها حقيقية أم أن المخرج أدخل عليها بعض التعديلات بمشاهد تمثيلية، وخصوصاً علاقة الوالدين بالأبناء والشجار الذي نشب بين الأب والابنة والذي انتهى بالعراك والضرب. لكن ربما تكون هذه مشاهد تمثيلية لتزيد من درامية الفيلم وبالتالي لنكون أمام فيلم من نوع "ديكودراما". أي الفيلم الذي يجمع بين الوثائقي والدرامي. وفي كل الأحوال، وبغض النظر عن نوعه الفني، فإنه فيلم بالغ الأهمية. فهو فيلم استطاع مخرجه من خلاله نقل معاناة نحو مئة وثلاثين مليون عامل مهاجر من أبناء وطنه إلى العالم.

الجزيرة الوثائقية في

16/03/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)