حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عرض 15 فيلماً عنها

الحرب لا تزال مشتعلة في السينما الكورية

محمد رُضا

في الخامس والعشرين من يونيو/ حزيران 1950 قامت قوات كوريا الشمالية بغزو جارتها الجنوبية ما أدّى إلى اشتعال حرب ضروس بين البلدين تركت أثرها الدامي على الشعبين وعانت منها القرى والمدن الحدودية في كوريا الجنوبية التي سقطت لفترة تحت احتلال الجزء الشمالي من ذلك البلد الواحد ذي النظامين المتناقضين، هذا قبل أن تسترد القوات الجنوبية المناطق المحتلّة وتنقل المعارك إلى الجبهة من جديد .

إحدى وستّون سنة مرت على تلك الحرب والكوريون لم ينسوا بعد ما حدث، بل يعيشون احتمالاتها المتجددة بين الحين والآخر . وربما اليوم أكثر من أي وقت مضى، يشعر الكوريون الجنوبيون أنهم بحاجة لسينما تتحدّث عن ويلاتها وقسوة أحداثها وكيف أن الكوري قاتل الكوري، بل قاتل، كما في فيلم “تاييكوجي” الذي تم إنتاجه قبل ست سنوات، أخاه المنشق بضراوة فرضتها ظروف الصراع .

يعرض “السيماتيك الكوري” سبعة عشر فيلماً كوريا تحدّث عن تلك الحرب التي استمرّت حتى عام 1953 بينها أوّل فيلم تم إنتاجه عنها وهو “رد الضربة” للي كانغ-شووَن وفيه تناول كيف تؤدي الحرب إلى تدمير الجانب الإنساني للبشر .

في عام 1961 قام كيم كي ديوك بإخراج فيلم “خمسة جنود مارينز” عن الموضوع نفسه تبعه بعد عامين “المارينز ذهبوا” للي مان-هي، الذي كان في الواقع أوّل فيلم كبير الإنتاج عن تلك الحرب .

المنحى الذي اختاره المخرج مان - هي واقعي مستفيداً من بعض أفلام “هوليوود” التي خرجت في الخمسينات حول حروبها في كوريا أو في الفيلبين ضد القوات اليابانية .

الحرب حملت، ضمن ما حملته، اضطرار عائلات كثيرة إلى الانفصال، وهذا كان موضوع المخرج مان-هي التالي سنة 1965 وعنوانه “شمال وجنوب” . وفي العام ذاته خرج “الشال الأحمر”، فيلم يتناول في أحداثه دور الطيران الكوري الجنوبي في ذلك الصراع . الفيلم يُعتبر من كلاسيكيات سينما الحرب الكورية وتُوّج ذلك بسبب نجاحه فنياً وجماهيرياً، وحالياً يتم تصوير جزء ثان من ذلك الفيلم لعرضه في أغسطس/ آب .

بالانتقال إلى فترة أقرب إلينا نجد فيلم “جبال تايبك” للمخرج إم كوون-تايك يعالج الحرب كأزمة هوية أيضاً . لم يكن الأول الذي اقترب من هذا الجانب، لكنه الأقوى . يتحدّث الفيلم عن دور الحزب الشيوعي في كوريا الجنوبية وكيف أسهم في إشعال الفتنة بين مواطني قرى جبال تايبك القريبة من الحدود لدفعهم للحرب ضد بلادهم . لجانب الاستعراض البصري القوي واللافت أسلوباً وقيمة، هناك تلك المواقف التي تتبدّى فيها حيرة بعض الشخصيات الرئيسية وهي لا تعرف إلى أن جانب تنتمي في هذا الصراع . ليس كل الشخصيات هكذا، إذ عمل المخرج، في الوقت ذاته، على إعلاء شأن البطولات الجنوبية خلال المحنة.

“جبال تايبك” كان عملاً كبيراً تم تحقيقه سنة 1998 لكن بعد ست سنوات لحقه فيلم أكبر حجماً بعنوان “إخوة الحرب” الذي لم يكن مجرد فيلم كبير، بل كان الأكبر من كل ما حققته السينما الكورية من أعمال في هذا الموضوع وأكثرها نجاحاً .

هذا الفيلم من إخراج جي-جيو كانغ وفيه نرقب حياة عائلة كورية شمالية مكونة من الأم وولديها وزوجة أكبرهما . يتم طلب الشقيق الأكبر للانضمام إلى الجهود العسكرية مع مطلع الحرب، وبالخطأ يتم تجنيد شقيقه الصغير، وعبثاً حاول الشقيق الأكبر التدخل لإعفاء أخيه من الخدمة، لكن محاولاته لا تنجح وما يلبث أن يجدا نفسيهما على الجبهة يقاتلان العدو المشترك . هذا يستمر، مع مشاهد قتال ضخمة، حتى يفقد الشقيق الأكبر بوصلة الانتماء وينضم إلى القوات الشمالية، وما هي إلا نصف ساعة من الأحداث قبل أن يلتقي الشقيقان في رحى معركة ضارية ويتواجهان كل لمصلحة الطرف المضاد لأخيه .

التراجيديا المتمثّلة بشقيقين يتقاتلان كل دفاعاً عن كوريا يؤمن بها موجودة أيضاً في فيلم سابق عنوانه “وطنيون شماليون في كوريا الجنوبية” أخرجه جانغ - صون وو سنة 1990 .

في عام ،2000 تجاوز فيلم “منطقة عسكرية مشتركة” كل هذه الطروحات من دون أن يفقد التركيز على المشكلة . الفيلم، من إخراج تشان - ووك بارك، يدور حول نقطة عسكرية جنوبية يتسلل إليها جنود من الطرف الآخر للسمر والسهر . العلاقات أليفة بين شعبين هما في الأصل واحد، هذا إلى أن تقع حادثة فينقلب كل لمواجهة الآخر . 

الجزائر مرة أخرى في فيلم جيد

في الوقت الذي يواجه فيه فيلم “الخارج عن القانون” لرشيد بوشارب احتمالاته في سباق الأوسكار، ينصرف فيلم “حول الآلهة والرجال” إلى عروضه التجارية في الولايات المتحدة . نقطة التلاقي بينهما هي أنهما يدوران حول الجزائر وأن كل منهما مقتبس أحداث حقيقية . الأول يدور حول فريق قتالي جزائري تم تشكيله من المهاجرين الجزائريين في فرنسا أيام الثورة الجزائرية وذلك بدافع تأييد حق الجزائر بالاستقلال ولو عبر الكفاح المسلّح على أرض البلد المحتل، فرنسا . الثاني هو عن الرهبان الفرنسيين السبعة الذي قضوا سنة 1996 عندما قامت جماعة إسلامية مسلّحة بالقبض عليهم وإعدامهم بعدما نشبت مواجهات عنيفة بين الجماعة وقوّات الحكومة . وإذا كان الفيلم الأول خطف حديث الإعلام على نحو واضح، بدءاً باحتجاج اليمين الفرنسي على عرضه وانتهاء بترشيحه لأوسكار أفضل فيلم أجنبي، فإن الفيلم الآخر، وقد أخرجه اكزافيير بيوفوا، نال أقل من ذلك الحجم من الإهتمام حتى الآن، ومن الأسباب أن بوشارب، مخرج “الخارج عن القانون” يحتل مكانة إعلامية أكبر حجماً من تلك التي يمثّلها بيوفوا الذي يجهله الغربيون قبل سواهم .

أحداث “حول الآلهة والرجال” تقع في المنطقة الجبلية التي وقعت فيها الأحداث الحقيقية . أبرشية من رهبان فرنسيين يعيشون هناك جنباً إلى جنب مع أبناء المنطقة المسلمين من دون مشكلات . على العكس، يحرص المخرج اظهار مدى الترحيب الذي يلقاه المسيحيون من جانب أهل المنطقة من المواطنين، وكيف أن كرستيان، رئيس الرهبان القاطنين هناك، يجيد العربية ويقرأ القرآن الكريم او يصغي إليه باحترام متفهّماً معناه . كذلك يحرص الفيلم لاحقاً على التفريق بين المواطنين العاديين من أبناء المنطقة وبين القلّة المتطرّفة التي تسللت إليها .

بعد تقديم المكان وتقديم الشخصيات وخلق الجو المسالم المذكور، يجمع المخرج بيوفوا السحب فوق فيلمه . هناك اضطرابات في الأفق . القوات الحكومية تحاول مواجهة المسلّحين الإسلاميين، هؤلاء يلجؤون إلى تلك القرى النائية هرباً، وما هي إلا أيام قبل أن يظهروا لأول مرّة على أرض الكنيسة وقد أصيب أحدهم . الراهب كرستيان (لامبرت ولسون) ليس طبيباً لكنه يحاول جهده . المتطرّفون يغادرون المكان وقد وعدوا بعدم التعرّض للرهبان، لكن ذلك ليس صحيحاً . الرهبان ليسوا فقط معادين تقليديين ونموذجيين للتطرّف، بل رهائن حاضرون أيضاً . وعلى الرغم من النصائح التي يتلقّونها بضرورة مغادرة المكان، الا أنهم يبقون ما يعرّضهم للاختطاف وتنفيذ حكم الإعدام بهم باستثناء واحد استطاع النجاة بنفسه بعدما اختبأ عن الأعين .

يقول كرستيان لامبرت إنه وقع في حب الدور أول ما عرض عليه . والسبب واضح فهو دور مركّب لشخص على ثقة وضعف في ذات الوقت . ويعترف بأنه حتى الآن مثل في العديد من الأفلام الرديئة: “نعم ارتكبت أخطاء بحق نفسي . في كل مرّة أتسلم فيها مشروع فيلم رديء أخرجه في بالي وأراه جيّداً، لكن حين التطبيق أجد أن المخرج الذي يقوم بالعمل لديه لغة أخرى غير لغتي . . على ذلك لا أنفي أن هذه الأفلام تؤمن لي دخلاً ماديّاً كبيراً” .لكن أفلاماً مثل “حول الآلهة والرجال” هي التي تؤمّن له القيمة وربما الجوائز أيضاً . 

أوراق ناقد

ترويج سينمائي

كلما اشترك مكتب السينما التركية في مهرجان عالمي، حمل إلى المهرجان العدّة الضرورية للترويج للسينما التركية . هذا الفعل بدهي، لأن المكتب أُسس لغاية الإعلام للسينما التركية وترويجها وبيع ما يمكن من أفلامها . ما هو لافت تلك العدّة المذكورة . لوازم النجاح للمهمّة . فعلى عكس معظم المكاتب العربية مثلاً، التي تكتفي بحمل ملصقات وصور وقليل من اسطوانات الأفلام، يوزّع المكتب أسطوانات مختلفة تحمل أنواعاً مختلفة من الأفلام: في مجال الفيلم القصير، هناك ثلاث أسطوانات، مدّة كل منها تجاور الساعتين، تحمل كل ما تم إنتاجه من أفلام قصيرة . في مجال الفيلم الوثائقي، ثلاث اسطوانات أخرى، واحدة لمقتطفات من أفلام وثائقية طويلة، والأخرى عليها الأفلام الوثائقية القصيرة التي تم إنتاجها في إطار عام . وهناك اسطوانة للأفلام التجريبية، ثم اسطوانتان لمشاهد من أفلام روائية طويلة . وإذا طلبت ستجد أن المكتب حمل معه إلى المهرجان نسخاً من أفلام كاملة .

حين سألت المشرف على مكتب السينما التركية في سوق مهرجان برلين أن يقترح عليّ فيلماً متوفراً عنده على اسطوانة، فتح كتاب الدليل السنوي للسينما التركية ووضع علامة على أكثر من خمسة عشر فيلماً (نحو ثلث ما تم إنتاجه) وقال: اختر ما تريد . عندنا نسخ منها جميعاً، وأنا لم أبخل على نفسي حيال هذا العرض .

إذاً أسطوانات وكتب (أيضاً في المجالات المذكورة) ومعلومات عن المهرجانات التركية الرئيسية (في مقدّمتها طبعاً أنقرة واسطنبول) وكتاب لعناوين المؤسسات السينما التركية . . . وماذا بعد؟ فناجين صغيرة لا ينقصها سوى القهوة، وهذه أيضاً متوفّرة .

م.ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

27/02/2011

 

 

«قصة الفيس بوك».. فيلم يشبه شيكا بدون رصيد

كتب محمود عبد الشكور 

تجربة مشاهدتي للفيلم الأمريكي «the socieal network» أو كما عرض تجارياً في الصالات المصرية تحت اسم «قصة الفيس بوك» تشبه بالضبط حكاية الرجل الذي تسلم شيكا بمبلغ معتبر من المال فلما ذهب إلي البنك اكتشف أن الشيك بدون رصيد ذهبت إلي الفيلم ومعي هذا الشيك الثمين ممثلا في تفاصيل حكاية تأسيس موقع «الفيس بوك» أشهر المواقع الاجتماعية التي تضم 500 مليون إنسان علي وجه المعمورة وقصة المؤسس الشاب الصغير مارك زوكر برج الذي كنت قد عرفت بعض ملامح صعوده الصاروخي واعتقدت أن في هذا الصعود الذي جعله أصغر ملياردير في العالم ما يكفي لصناعة عمل جيد وكان في خانة الشيك الثمين أيضا أن مخرج الفيلم هو ديفيد فنيشو صاحب الأفلام المميزة من «نادي القتال» إلي «سبعة» إلي «الحالة الغريبة لبنيامين بوتون» فلما دخلت لمشاهدة الفيلم وطوال ساعتين تقريبا من المتابعة اكتشفت من الآخر أن الشيك الذي دخلت به بدون رصيد هناك جهد كبير لا شك في تربيط المشاهد ومحاولة ضبط إيقاع الحوارات الطويلة ولكن كل ذلك يضيع وسط طوفان من الثرثرة المعلوماتية والإغراق في التفصيلات وعدم القدرة علي إشباع خط واحد مؤثر يجعلنا نعيش الأحداث ونتفاعل معها وأظن أنه أحد أسوأ الأفلام التي شاهدتها مقتبسة عن وقائع حقيقية رغم أن الأمريكيين مشهورون ببراعتهم في معالجة هذ النوعية من الأفلام.

حتي لا تتوه معي مثلما تهت وأنا أتابع فيلم «قصة الفيس بوك» أقول لك إن السيناريو الذي كتبه آرون سوركن عن كتاب قام بتأليفه «بن زيريخ» مثقل بالمعلومات والتفصيلات التي يمكن أن تحصل علي أضعافها من الانترنت ورغم أنه اتخذ طابعا تسجيليا إلا أنه حتي لو أردت أن تضفي علي عملك هذا الطابع فلابد أن تحدد أولاً محور الدراما ثم تضع كل التفصيلات في خدمتها بصورة مشوقة لابد أيضا أن ترسم شخصياتك بصورة جيدة وقوية وخاصة أن كل أبطال الفيلم أحياء علي الأرض يرزقون.

ربما يكون للكتاب المأخوذ عنه الفيلم هذا الطابع القريب من التحقيق الصحفي أو التليفزيوني ولكن عندما تكتب العمل للسينما لابد أن تأخذ بالضبط ما تحتاجه مع تحديد المواقف واتجاه الصراع ولكن «قصة الفيس بوك» حاول أن يسير في اتجاهين معا الاتجاه الأول هو نجاح طالب جامعة هارفارد النابغ مارك زوكر برج في إنشاء موقع الفيس بوك عام 2003 ثم نجاحه في استغلاله اقتصاديا بحيث جعله مليارديرا في نهاية المطاف أما الاتجاه الآخر فهو مقاضاة زوكر برج نفسه بتهمة سرقة الفكرة وعدم إعطاء حقوق ثلاث شخصيات كانوا أيضا طلابا في هارفارد وهم الشقيقان كاميرون وتيلور وينكليفوس وشريك الأول وصديقه ومديره المالي إدوارد وسافيرين وفي معظم أجزاء السرد يسير الخطان متوازيان حيث تتداخل عملية محاكمة زوكر برج مع تفاصيل صعوده الإلكتروني والمالي لا مشكلة أبداً ولا اعتراض علي هذا البناء الطموح جداً ولكن المشكلة في هذا الحشود السردي والحواري طوال ساعتين كاملتين مما يجعلك تتساءل عما إذا كان الأمر يستحق كل ذلك والمشكلة الأخطر أنك تخرج تقريباً دون أن تفهم رغم ذلك أشياء كثيرة لأن كاتب السيناريو كان مهتما بالتكديس لا الشرح والتفسير فمثلاً ستسأل نفسك: هل مارك يتصارع مع الآخرين من أجل المال أم من أجل انفراده بالمجد الأدبي؟ هل سرق الفكرة أم أن الآخرين يقومون بابتزازه؟ هل هو شخص يعوضه ذكاؤه عن كل شيء أم أنه يشعر بالدونية تجاه أصدقائه الأكثر منه ثراء؟

هذه أسئلة محورية والإجابة عنها تعني أن لدينا دراما قوية وشخصيات واضحة المعالم والدوافع ستسأل نفسك ما هو المعني في حكاية شاب ابتكر شيئاً ثم نازعه البعض في ساحات القضاء؟ تصور أن فيلم «قصة الفيس بوك» لا يري في الحكاية إلا هذا الجانب وياليته ينجح في تقديمه بشكل مشوق وبحبكة قوية وإنما نتأرجح معه صعوداً وهبوطاً ودائما تبدو المعلومات هي الأهم فالأحداث يتم سردها بتفاصيلها بمجرد أنها حدثت هكذا في الواقع دائما نقول أن الدراما الجيدة تقوم علي تفاصيل ولكن ليس إلي الدرجة التي تصبح فيها التفاصيل عبئاً علي الدراما نفسها فلا نحن شاهدنا قصة اجتماعية عن علاقات بين عدة أصدقاء ولا نحن شاهدنا تفاصيل قضية متماسكة تنظرها المحاكم وأعجب ما أثار دهشتي أن السيناريست الذي أغرق نفسه في حكايات مليئة بالتفاصيل لم يلتفت إلي الخيط الوحيد الذي كان يمكن أن يصنع دراما عظيمة فهناك تناقض صارخ بين صانع ومؤسس أكبر شبكة تواصل اجتماعي علي مستوي العالم وبين حياته الاجتماعية الفقيرة جدا حياته محورها الكمبيوتر وصديقته الوحيدة هجرته وصديقه الصدوق إدواردو سافيرين اشتكاه في المحكمة ولكن هذا الخط باهت تماماً وبالكاد تستطيع أن تصل إليه وسط طوفان الحكايات والأسهم والأرقام والنسب المئوية.

رغم كل ما نراه من عالم «مارك» الخاوي حيث لا نجد له عائلة أو أبا أو أما فإن بطلنا لا يعنيه سوي شيء واحد هو «أنا صاحب فكرة الفيس بوك» علي طريقة عاطف «الأشموني» صاحب العبارة الشهيرة: «أنا مؤلف الجنة البائسة»! ولو ألمح السيناريو إلي مجرد شعور «مارك» بالوحدة رغم أنه جعل الكرة الأرضية تصادق بعضها من خلال الفيس بوك لصنع ذلك شعورا دراميا مؤثرا بدلا من هذا «البرود» الذي جعلنا نتابع صراعا لا نستطيع أن ننحاز فيه لطرف من الأطراف.

ولنتوقف قليلا عند رسم الشخصيات: حكاية «مارك» بأكملها بدأت بما يشبه انتقام المراهقين: حبيبته «اريكا أولبرايت» أصابها الصداع النصفي - مثلما أصابنا- بسبب ثرثرته المستمرة فتركته بعد أن قالت له «يا غبي»، الحقيقة أنها قالت له عبارة نابية لا يمكن كتابة ترجمتها الحرفية، باللغة العربية، فما كان منه إلا أن اخترق شبكة جامعة «هارفارد» الشهيرة، ورد إليها السباب والتشهير وانشأ موقعا بعنوان «فيس ماش» دخله 22 ألف طالب في ساعات لاختيار أجمل البنات إثارة، ولكن هذا الحادث الذي عوقب بسببه «مارك» بمراقبته أكاديميا لمدة 6 أشهر، جذب إليه أنظار ثلاثة شباب في هارفارد يمارسون التجديف ويحلمون بتأسيس موقع اجتماعي يحمل اسم «وصلة هارفارد»، هؤلاء الثلاثة هم: الشقيقان «كاميرون وينكليفوس» و«تايلور ونيكليفوس» وزميلهما «ديفيا نارنيدرار» لقد استدعوا «مارك» وطلبوا منه تنفيذ الفكرة ولكنه اختفي واستعان بصديقه «ادورد» الذي دفع ألف دولار كبداية لانجاز الفكرة «مارك» قال إنه لم يستخدم أبدا «كود» فكرة «وصلة هارفارد» وقال في التحقيق إنك إذا صنعت كرسيا خاصا فليس معني ذلك أنك سرقت فكرة الكرسي عموما، لا يعنيني شخصيا هذا الجدل ولكن ما يعنيني موقف صناع الفيلم الذين لا يفسرون لنا لماذا يبدو «مارك» هو صاحب الفكرة منفردا؟ ولماذا لم يتمسك بموقفه حتي النهاية فقبل أن يدفع مبلغا للإخوين «وينكليفوس» ثم قبل أن يدفع 65 مليون دولار لـ«إدواردو» وإذا كان «مارك» لا يحب النقود ويحتاج إلي الحماية.. لماذا لم يوقف الخلاف مع إدواردو، ورغم التفاصيل فإن هناك نقطة أخري أكثر غموضا وهي: لماذا يبدو «مارك» معقدا من ثراء زملائه ودخولهم النوادي مع أنه معهم في «هارفارد» جامعة الصفوة؟!

كل ما وضح في الفيلم هو السخرية من الشقيقين «ونيكليفوس» اللذين يمثلان الارستقراطية المنقرضة، ولكنهما ظهرا أفضل بكثير من «شون باركر» الذي سيفتح باب الثروة أمام «مارك»، أيهما أفضل: ارستقراطية الشقيقين وخصومتهما الشريفة أم تعاطي «شون» للكوكايين والقبض عليه؟!

يمكن أن تعتبر ما سبق مجرد أمثلة لكي أؤكد لك فكرتي في أن الدراما تقوم علي توظيف المعلومات الضرورية لا تكديسها، علي مستوي التنفيذ لا أنكر أن هناك اجتهادا كبيرا في التنفيذ وتحديدا في أداء الممثلين والمونتاج، إلي حد كبير كانت الانتقالات سلسة بين مشاهد المحاكمة ومشاهد العودة إلي الماضي، ولكني مازلت أعتقد أن ضبط الفيلم كان يحتاج إلي كثير من التكثيف، خذ مثلا لمشهد مقابلة الشقيقين «ونيكليفوس» لعميد جامعة «هارفارد» الذي استغرق شهرين أحدهما في حجرة السكرتارية، يجب بشكل خاص الإشادة بأداء ثلاثة من الممثلين الشباب المميزين حقا: «جيس ايزنبرج» في دور «مارك زوكر برج»، وأندروجارفيلد» في دور «إدواردو سافيرين» و«جاستون تمبرليك» في دور «شون باركر»، رغم ملاحظة واحدة مزعجة هي الطريقة السريعة التي ينطقون بها الحوار علي طريقة «يوسف شاهين»، قد تكون هذه إحدي لوازم «مارك زوكربرج» الحقيقي، ولكن أن تصبح إحدي لوازم معظم الشخصيات التي تمارس الثرثرة طوال الوقت، فإن ذلك يعني شيئا واحدا هو أن تخرج من قائمة العرض بشيك بدون رصيد ومصابا بنوع من أنواع الصداع النصفي!

روز اليوسف اليومية في

27/02/2011

 

إلغاء الرقابة لا يعنى الانحلال ولكن كسر حاجز الخوف وإطلاق مارد الإبداع

إياد إبراهيم 

الآن وبعد أن ختمت الثورة فصلها الأول والأهم، وبعد أن اتخذ الوطن طريق العودة لمناخ من الحرية الحقيقية، يأتى السينمائيون ليطالبوا بإلغاء جهاز الرقابة على المصنفات، متضامنا معهم فى هذا الرقيب الحالى نفسه بل والرقباء السابقون أيضا الذين يرون جميعا أنه جهاز قمعى يحدد الفكر ويقف حائلا أمام الأفكار والإبداع.

ولكن سرعان ما وجهت هذه المطالب بتخوفات ومهاجمات شعبية تحسبا من أن تكون هذه المطالبات بوابة لفوضى فنية تسمح بالخروج على آداب وتقاليد المجتمع.. و فى هذا التحقيق نحاول معا رسم صورة حية لمجتمع ما بعد الرقابة: هل سيكون حقا مجتمعا فوضويا يستخدم الحرية بابا لتجاوزات أخلاقية وغيرها كما يظن البعض! أم بابا لاستنشاق هواء الإبداع الحقيقى الذى لا يعرف حدود أواطر فى اقتحام واقع المجتمع دون محاذير.

الدعوة وإن ظهرت مؤخرا على أيدى مجموعة من صناع الفن السابع تضامنا مع الرقيب نفسه الذى طالب بهذا إلا أنه كان مطروحا وبقوة إبان رئاسة الدكتور مدكور ثابت لجهاز الرقابة «2004:1999» على المصنفات الفنية حيث اقترح هذا الأمر ووضع مشروعا من 100 ورقة بالتعاون مع مجموعة من الباحثين وضع فيه مدكور هيكل مشروع تحويل الرقابة من جهاز رقابى إلى جهاز للمحافظة على حقوق الملكية الفكرية وتصنيف الاعمال تصنيفا عمريا بما يناسب كل شريحة، متبعا فى هذا جميع الأنواع الرقابية فى المجتمع بأسره.

مدكور ثابت تحدث عن مشروعه قائلا: جميع دول العالم تتبع تصنيفا رقابيا عمريا ولا تمنع أو تصادر.. والرقابة الفعلية تكون شعبية أو بلدية كما فى الخارج وكنت اريد تحويل الجهاز الرقابى إلى جهاز مكلف بحفظ وحماية الملكية الفكرية للمؤلف فقط..

ويؤكد مدكور أنه حاول تنفيذ ملامح من هذا المشروع الذى وئد بمجرد تركه للجهاز.. حيث حاول تصنيف بعض الافلام عمريا ولكن نتيجة لعدم وجود مشروع كبير بآليات محددة تحافظ على تطبيق مقولة للكبار فقط، سار هذا عامل جذب أكبر للمشاهدين ولكن إذا طبق نظام كامل يحدد الفئة العمرية ويتابع التنفيذ ويحدد أيضا عدد النسخ للفيلم واماكن عرضها سيكون نظاما مهما جدا للإبداع وحرية الرأى..

وشدد مدكور على أهمية أن يقتصر جهاز الرقابة على حماية حقوق الملكية الفكرية للمبدعين وأكد أن مشروعه كان يضم اسما جديدا للجهاز يحمل هذا الوصف وتمنى أن يخرج المشروع الذى ما زال موجودا فى أدراج وزارة الثقافة إلى النور لأنه كان حصيلة بحث واجتماعات عديدة..

ومن الرقيب السابق إلى الرقيب الحالى د. سيد خطاب الذى بدأ حديثه عن التخوفات التى يتحدث عنها بعض فئات المجتمع وقال: أنا سعيد جدا بهذه الحالة من الجدل ومن الخوف لدى البعض لأنها تعنى أننا نجحنا فى خلق حالة من النقاش الصحى والفعلى بين فئات المجتمع تمكننا أن نخرج فى النهاية بتصور نهائى لشكل هذا الجهاز..

وفسر خطاب الوضع الآن قائلا: إننا نتكلم عن فكرة الرقابة القبلية بمعنى ألا يقرأ أحد النص بعد كتابته ويجب أن يعلم الجميع أن الرقابة ستطبق من تلقاء نفسها بمعنى أنه إذا تم سب وقذف فالقانون يحكمها واذا ارتكب جرائم فى حق المجتمع أو جرائم ازدراء اديان أو أى من اشكال التجاوز فالقانون موجود.

ويضيف خطاب: كل الأمر اننا سنزيل هذا الجهاز القمعى صاحب كلمة لا للمبدع الذى بدوره سيلتزم بقواعد المجتمع فلن يزدرى دينا أو يخرج على الآداب العامة بشكل صارخ وإن فعل ذلك فالرهان على المتلقى أن يرفض هذا.. ويجب النظر الآن إلى التقنيات الحديثة فى السينما التى أفرزت لنا أفلاما كحاوى وميكروفون وغيرهما.. وكلها أفلام لم تخضع للرقابة قبل كتابتها ولكنها افلام على مستوى جيد وطبق فيها المبدع التزامه بمجتمعه ولكن دون رقابة قمعية..

وشدد خطاب على ما سماه الثقة فى المبدع حيث قال: لابد أن ننظر للمبدع على أنه إنسان وطنى لن يستغل الحرية ضد نفسه ومجتمعه ويجب أن نثق ايضا فى المتلقى الذى سيقبل ويرفض والتصنيف موجود فى كل العالم بما يلائم الطبيعة المجتمعية للجمهور ولا يجب أن ننسى أن المتلقى حين يرفض فيلما ما سيجعل المنتج يفكر الف مرة بعد ذلك فى طرح تلك الافلام التى لا يقبلها السواد الاعظم من الجمهور لذا اقول إن الحرية المطلقة ستعلم المبدع الالتزام لا العكس..

الفنانة نيللى كريم أيدت قرار إلغاء الرقابة وقالت: ارحب جدا بهذا القرار واطالب بتطبيق ما تطبقه كل دول العالم فى هذا الصدد من تصنيفات وغيرها لأن الرقابة الموجودة رقابة تقف على اشياء بسيطة وغريبة جدا وتعوق عمل المبدع ولابد من الحرية الكاملة للمبدع ليستطيع العمل بطلاقة.

وتحدثت نيللى عن أحد أهم المكاسب التى ستحدث عند إلغاء الرقابة وهى على حد قولها: سيستطيع المبدع الخوض فى شتى النواحى المجتمعية والسياسية فى ابداعه دون قيود أو عوائق كالتى تعرضنا لها فى السابق وسيكون من حق الجميع أن يعلن رأيه فى أى شىء دون خوف.

أما عن تخوف البعض من المشاهد الجنسية وما يتعلق بها فقالت: أنا بطبعى متحفظة وأعرف أن لكل شىء حدودا ولكن إن تم هذا فسيتم بتصنيف عمرى وسيكون ايضا من حق المشاهد أن يرى أو لا يرى وفى النهاية هناك مخرج ومنتج مسئولان عن العمل..

المؤلف هانى فوزى أحد أكثر صانعى الجدل الرقابى على افلامهم فهو صاحب تجربة بحب السيما وأيضا فيلم بالألوان الطبيعية وله فيلم متوقف منذ عشرة اشهر بعنوان «كله تحت السيطرة» وهو الفيلم الذى توقف نتيجة تعرضه لشخصية بلطجى يستعان به فى الانتخابات وأيضا لبعض الموضوعات المتعلقة بعلاقة المسلمين بالأقباط.

هانى فوزى تحدث عن ضرورة إلغاء الرقابة وقال: لابد من تنفيذ هذا المطلب الذى نادينا به مرارا وتكرارا لأننا لا يمكن تحقيق افلام ذات قيمة الا إن الغينا الرقابة على الابداع وهذا ينبع من رغبتنا فى الخوض فى أى تفصيلة مجتمعية دون قيود.

وضرب مثلا بالأفلام المستقلة التى تطلق بتكلفة بسيطة جدا وقال هذه الافلام التى خرجت بعيدا عن الرقابة أثبتت شيئا مهما وهو اتباع الجمهور للموضوع الجيد وإلغاء الرقابة سيكرس هذا الأمر.

وعدد فوائد إلغاء الرقابة وقال: أولا ستخرج افلام مهمة وجديدة لم نخضها من قبل.. ثانيا فتح الباب للسينما المستقلة لتستكمل طريقا مهما بدأته.. ثالثا سنتمكن من المنافسة فى جميع المهرجانات لأننا سنستطيع تقديم افلام مهمة وقوية بموضوعات جريئة. المخرج هانى خليفة صاحب تجربة سهر الليالى قال: الوضع الحالى قد يبدو خادعا ولابد من تفهمه لأن الغاء الرقابة هو للحفاظ على الحريات أما الآداب العامة فلها طرق عديدة للسيطرة عليها ولا يستطيع احد السيطرة عليها، كما أن هذه الثورة حدثت من خلال الانترنت والحرية التى سمح هذا الوسيط بالتمتع بها.. وأنا نفسى مع النظام ومع تقاليده ولا نتكلم عن مسها ولكننى اريد تقديم موضوعات حساسة ويجب ألا نخاف من الحرية فهى من سمحت لنا بهذه الثورة ويجب أن نعلم أن هذا الجيل رفض الوصاية على العقل مع احترام الاسس وفى كل المجتمعات هناك طريقة للسيطرة.. وفى النهاية شدد «هانى» على ضرورة عدم الاختلاف الكبير حول هذه الفروع الآن لأنه يستشعر أن هناك من يحاول جرنا لمعارك فرعية تهدد نجاحات الثورة.

بينما قال الفنان آسر ياسين: أنا من الناس التى وقعت على البيان المطالب بإلغاء الرقابة ولا يجوز بعد الثورة أن تكون هناك جهة تمارس الرقابة على المبدعين ولابد أن نتكاتف لإلغاء هذا الجهاز وتأخذ الرقابة أشكالا جديدة يتفق عليها السينمائيون فيمن بينهم..

الفنانة منة شلبى اتفقت مع آسر تماما فى كلامه وأضافت: هناك أفلام مهمة جدا لمخرجين كبار لم تر النور بسبب هذا الجهاز.. وأكدت أنه لابد للسينمائيين أن يعرفوا أن هناك فارقا بين الحرية والابتذال.

الشروق المصرية في

28/02/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)