حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رؤية خاصة

ثورة .. ورد الجناين

بقلم : رفيق الصبان

هل علينا ان ننتظر سنة أو أكثر حتي تختمر فكرة (ثورة التحرير) في ضمير وخيال سينمائيينا.. ثم نري نتيجة هذا الصبر.. بأفلام تنظر بموضوعية وحياد من خلال نظرة فنية مدروسة الي هذه الأحداث التي لم تهز مصر وحدها.. وانما هزت العالم بأسره.. واثبتنا ان الشباب حقا قادر علي ان يغير مجري القدر وان يضع الأحداث سلة صغيرة علي كتفه يطرحها عندما يشاء وفي المكان والوقت الذي يشاء.

أم علينا ان نقنن حرارة اللحظة وحيويتها.. وان نقدم الأحداث ساخنة حية متحركة كما رأها مخرجونا الشبان الذين عاصروا أيام الثورة منذ انطلاقتها الأولي.. وحتي الاحتفال بجمعة النصر.. الذي ضم ما يفوق الثلاثة ملايين شاب في هذه الساحة التي أصبحت الآن علما من اعلام الحرية.. ومزارا حضاريا حقيقيا.. تتعلم منه الأجيال القادمة كيف يمكن للمرء ان يكون صارما ومسالما في الوقت نفسه غاضبا ومتأملا في لحظة واحدة شابا وشيخا في فترة من الزمن لاتتجاوز ليلة واحدة ولا تقطع ثمارا.

والحقيقة ان كلا الأمرين متاح.. وان كنت اعتقد حازما ان حرارة الشباب لن تنتظر برودة الأيام.. حتي تظهر معدنها النفيس وتدقيق للأنظار.

ويحضرني في هذا المجال أكثر من تعبير سينمائي عن حركات الشباب في ارجاء العالم الأربعة البعض فيها قدم ثورته ساخنة ملتهبة تفيض بعرق شبابها ودمائهم.. والبعض الأخر اثر الانتظار ليحكم من خلال مرور الزمن.. علي ماهو اصلح للبقاء.. وما طيرته الريح في هبوبها العاصف.

أحداث الطلبة والشباب في امريكا.. الذين صرخوا عاليا ضد حرب فيتنام التي كانت تأكل الأخضر واليابس آنذاك. والتي كانت تصر حكومتهم المستبدة علي أعمالهم مضحية بدماء شبابها وعنفوانهم وحماستهم.

اطلق الشباب الأمريكي صيحته الغاضبة انذاك والتي تجلت في عبارة واحدة (الحب لا الحرب) وسارت جماعات الشباب في كل مدن امريكا.. تصرخ مطالبة حكومتها الاستعمارية بالاعتراف بخطأها وفشلها وهزيمتها.. والانسحاب من هذه البلاد الصغيرة التي ظلت تقاومهم حتي اخر رمق في عروق شبابها رافضة الاستسلام.. مفضلة الموت علي الخضوع للطغيان الامريكي.

وحاولت الحكومة الامريكية انذاك ان تفك عقدة هذا التجمع الشبابي الرافض فاتهمته بالانحلال وتعاطي المخدرات والأغراق في الجنس والخروج عن تقاليد المجتمع.

وحاولت بشتي الاشكال والأساليب ان تلطخ سمعته.. وان تبعد انظار العالم عن هدفه الأساسي.. وهو السلام في الفيتنام والانسحاب الامريكي والاعتراف بالهزيمة.

وتصارعت الادارات ووقف كل جانب معتمدا علي عناده .. الجيش والسلطة في جانب والشباب المسالم الذي يدافع عن الحق في جانب.

ومرت الأيام.. وعجزت امريكا بزعامتها الضخمة واموالها الهادرة ومخابراتها الذكية ان تكبح جماح ثورة الشباب التي فازت اخيرا بالنصر.. واجبرت الجيوش الامريكية علي اعلان هزيمتها في فيتنام والانسحاب منها.

لا أنكر ان شجاعة الشعب الفيتنامي وتضحياته ومقاومته كان لها أكبر الأثر في هذا الانسحاب ولكن حركة الشباب الغاضبة.. هي التي دفعت الرأي العام الي ان يقف ضد سياسة حكومته التي كانت تعتمد علي النفس الطويل لقهر ثورة الفيتناميين.. والتي عجلت بانتصار ثورة الشباب واصرارهم وطموحهم وبراءة المثل العليا التي كانوا ينادون بها.

غضبة الشباب الأخري في مايو ٨٦ فرنسا والتي هزت المجتمع الفرنسي كله واجبرته علي اختيار طرق مسالك ما كان له ان يسلكها لولا هذه الثورة العارمة من الشباب الفرنسي والتي دعمها مفكروه وفنانوه وسينمائيوه.

ربما لم تحقق ثورة الشباب الفرنسي ما ارادت لنفسها ان تحقق ولكنها كانت الدافع القومي لثورات اخري متعاقبة. شهدتها بلدان اوروبا الأخري.. وخصوصا الشرقية منها والتي كان أكثرها نجاحا واشدها تأثرا هي ثورة العمال الشباب في بولندا والتي خلدها المخرج الكبير (اندريه فابدا) في فيلمين لاينسيان.

ثورتنا المصرية.. تبدو لي شيئا مختلفا تماما عن هذه الثورات وغيرها مما حرك ضمائر الشعوب في العالم.

ثورتنا.. ولدت في قلوب شبابنا الصغار.. الذين جمعتهم رائحة واحدة نفاذة لا تمكن مقاومتها هي رائحة الحرية والكرامة.. فتجمعوا دون زعيم خاص يوحدهم أو يوجههم تركوا بوصلة قلوبهم وضمائرهم تفتح لهم الأبواب الموصدة.. خرجوا يحملون املا ناصع البياض كاللؤلؤ الخام في قبضاتهم السمراء ووضعوا القرنفل

والياسمين من شفاههم
.

ارادوا ان يكونوا مثالا خاصا بهم يعرفون ويدركون ان شباب البرتغال قد استطاعوا هم ايضا بايديهم العارية.. ان يطيحوا بدكتاتور متعصب احكم علي رقابهم فوق الثلاثين عاما بالازار البرتغالي ليس بعيدا عن مبارك المصري.. والشباب هو وحده.. في كل مكان يتوحد في عيونه وفي خطوته وفي نداءه وفي طموحه مع كل شباب العالم.. طالما ان هدفه الوحيد والأوحد هو الدفاع عن كرامة وطنه وتطهير ارضه من الفساد والظلم والدكتاتورية.

شباب حر لاينتمي الي أي حزب سياسي سوي حزب الحرية والكرامة. ولا يؤمن بزعيم الا قلبه وضميره ووجدانه ولايتبع في خطاه احدا إلا سليقتة وعفويته وطهارة قلبه.

هذا الشباب وحده هو القادر بقبضة يده الصغيرة ان يهد أكثر الأبواب الحديدية صلابة وامتناعا وان يطلق هذه الأسهم النارية التي لاتنطلق إلا من اعين الشباب نقطا.. لتحطم الأسوار.. وترفع اعلامهم البيضاء المزركشة بدماءهم وصرخاتهم وامالهم التي حبست طوال سنين في صدورهم.

ما شهدناه في ميدان التحرير يفوق خيال اي مبدع سينمائي أو أي كاتب أو شاعر أو رسام.. انه حصيلة تجمع يربط بين موسيقي الكلمة.. وانسيابية الحركة وتوازن المطالب والمقصد لم يكن هناك مخرج عبقري يدير حركتهم أو يوجه لهم النصح والارشاد بوصلتهم الكبري كانت قلوبهم الصغيرة الدافئة التي تنثر عطر الياسمين اينما ذهبت وحيثما توجهت.

ولا عجب ان التاريخ والجماهير في عفويتها قد اطلقت اسماء الورود علي هذه الحركات الشعبية الصادقة والمطالبة بالحرية والكرامة والعدل.

في البرتغال اطلقوا عليها اسم ثورة القرنفل وفي تونس قالوا عنها ثورة الياسمين وفي مصر قالوا ورد مصر اللي فتح في الجناين.

لم يكن هناك من بعد اقتران هذه الهبة الشبابية بعطر الورد وزهوه جماله ورهافته وقدرته علي نثر الجمال والرائحة الزكية في اي مكان ينتشر فيه.

يمكن لمصر ان تزهو بشبابها.. ويمكنها ان تسطر في دفتر الحضارة الانسانية سطورا من ذهب وزعفران.. وان تضع عنوانا لمسيرتها.. (لا مستحيل اذا الشباب اراد).. ولا موقع للقوارض والزواحف.. اذا حلقت طيور السنونو في السماء.

ياشباب التحرير.. اركع علي قدمي خاشعا امام قداسة قلوبكم وكبرياء اعينكم وطهارة هدفكم.

نداءنا لربنا ان يحقق هدفكم وان يبارككم.. بارح طريق الحجاز واتجه ليحط كطائر الرخ الاسطوري في ميدان التحرير.. فطوبي لكم.

أخبار النجوم المصرية في

24/02/2011

 

خواطر ناقد

ثورة ٢٣ وثورة ٢٥

بقلم:طارق الشناوي 

المجلس الأعلي للقوات المسلحة يسعي لكي يسلم السلطة إلي الرئيس المصري المنتخب في موعد أقصاه ستة أشهر والحقيقة أن مصر ظاهريا يحكمها الجيش ولكنها فعليا تحيا الآن حياة مدنية.. ظاهريا يحكمها قانون الطواريء إلا أنها فعليا تتنفس لأول مرة في تاريخها المعاصر نسيم الحرية!!

الفارق شاسع بين الضباط الذين فجروا الثورة في ٣٢ يوليو وبين الضباط الذين يسابقون الآن الأيام من أجل حياة مدنية.. ضباط ثورة يوليو رفضوا العودة الي مكانهم الطبيعي ثكنات الجيش بينما هؤلاء أعلنوا مخلصين وصادقين أنهم يعدون الأيام للعودة لأداء دورهم الحقيقي لحماية حدود الوطن.. ويسلمون أمانة حفظ منجزات ثورة ٥٢ يناير لصناعها..  مصر تغيرت فنيا وثقافيا لم تنتظر اصدار قرار بالتغيير ولكن هناك بالتأكيد حالة ابداعية مغايرة لن تبقي علي نفس الوجوه ولا الأفكار.. لا اعتقد أن المسلسلات والافلام التي تم اعدادها قبل ثورة الشباب صارت صالحة الآن.. لن يوجه أحد الفنان ليقول له نريد فنا ثوريا سوف يتوجه المبدع مباشرة إلي احساسه ليقوده الي ملامح أخري.. بينما لم ينتظر رجال حركة الجيش المصري في ٣٢ يوليو عام ٢٥٩١ التي اطلقنا عليها تعبير ثورة بعد أن اعتبر عميد الادب العربي طه حسين أن ما قاموا به هو ثورة.. لم ينتظر رجال الثورة كثيرا حتي وجهوا بوصلتهم الي الفن وهكذا فان محمد نجيب أول رئيس مصري بعد ٠٤ يوما فقط من قيام الثورة أصدر بيانا عنوانه »الفن الذي نريده« وتوجه مباشرة الي السينما وبعد ذلك كتب مقالا في مجلة »الكواكب« اسمه »رسالة الي الفن« اتسعت دائرة الرؤية في هذا المقال لتشمل أطياف الفن كلها مسرح، سينما، غناء وجاء فيه أن الفن ارتبط بالمياعة والخلاعة التي كانت من معالم العهد البائد وطالبهم بتقديم فن ثوري ثم اجتمع رجال الثورة مع عدد من السينمائيين طلبوا من المخرجين تقديم فن يليق بالثورة ويدعو ويدعم مبادئها!!

لا أتصور أن ما حدث قبل نحو ٠٦ عاما من الممكن أن يتكرر الآن مرة أخري.. لا يمكن أن نري فنا موجها.. كانت الدولة في الماضي تملك كان الوسائط الفنية ولهذا كان من الممكن أن تمنع وتسمح من خلال أن لديها اليد الطولي في توجيه الابداع.. الآن تعددت الوسائط بعيدا عن قبضة الدولة!!

إلا أن الثابت هو انه دائما ما يتغير المزاج الفني للجمهور بعد الثورات الكبري أو الهزائم الكبري.. وكما أن الناس أرادت اسقاط النظام فلقد أرادوا أيضا تغيير الوجوه ولا يعني ذلك انهم يقصدون فقط كبار السياسيين بداية من حسني مبارك ولكن كان داخل الدولة وجوه حملت في واقع الأمر حالة من الارتباط الشرطي بينهم وبين النظام.. فنانون واعلاميون.. هؤلاء كانوا يلعبون أدوارا أخري لصالح الدولة.. يدركون بالطبع أن لكل شيء ثمنا وكلما اقتربوا أكثر من رجال النظام كان هذا يعني أن مكافأة كبري تنتظرهم.. وهكذا كانت الدولة حريصة علي توطيد العلاقة علي ما دأبنا أن نطلق عليهم »الأسلحة الناعمة« صاروا بالفعل أسلحة تعمل لصالح النظام انتشروا في الفضائيات الخاصة والصحف الخاصة وذلك من أجل أن تضمن الدولة في اللحظات الحاسمة السيطرة الكاملة علي كل الاطياف.. الفنان والاعلامي الشهيد قائد رأي ويستطيع أن يقنع الملايين أن يتحركوا في الاتجاه الذي تريده الدولة.. بالتأكيد  فإننا عندما نتحدث عن فنان النظام الاول الواجهة التي كانت تدافع عن الدولة وعن توريث الحكم من »مبارك« الأب الي »مبارك« الابن سوف يصعد علي الفور اسم »عادل إمام« ووقف خلف »عادل« نجوم آخرون ومن كل الاجيال.. الهدف الاساسي هو انهم من خلال نجوميتهم يقدمون خدمة لا تنسي للنظام لأن الاجهزة الامنية كانت تدرك أن بداية الغيث قطرة وكانت هذه التظاهرات التي كنا نراها قبل بضع سنوات في وسط البلد أو علي سلم نقابة الصحفيين هي القطرة ولهذا كان زميلنا محمد عبدالقدوس أشهر من وقف أمام النقابة وحمل العلم في يد والميكروفون في يد كان محمد كثيرا ما يتعرض لنقد لاذع من عادل إمام!

نجوم هذا الجيل كانوا هم الاسرع في التلبية لنداء الثورة وهكذا وجدنا عمرو واكد ، آسر ياسين، خالد أبوالنجا، أحمد عيد، خالد الصاوي، خالد صالح، خالد النبوي، خالد يوسف، يسري نصر الله، داود عبدالسيد، مجدي أحمد علي، جيهان فاضل، والفنان المصري الذي شارك في العديد من الافلام الاجنبية خالد عبدالله رغم انه يقيم في بريطانيا الا ان هذا لم يمنعه من أن يأتي للقاهرة ويشارك في مظاهرات ميدان التحرير وغيرهم بالطبع.. الشباب كانوا هم الاقرب الي روح الثورة وان كان هذا لم يمنع أن نري أيضا نجوما شبابا اتجهوا لمؤازرة »مبارك« ونظامه يقولون الآن انهم كانوا يعترضون علي توجيه أي اهانة لرمز مصر ولم يكن هذا في الواقع صحيحا فلقد كانوا يدافعون وينتظرون أيضا الثمن من النظام لأنهم كانت لديهم قناعة بأنه من المستحيل اسقاطه والدليل أنهم بعد أن حسم الانتصار لصالح الثورة لم يذهبوا الي مظاهرات ميدان مصطفي محمود التي اقيمت الجمعة الماضية وكان الهدف منها ايقاف توجيه الاهانات الي مبارك الأب!!

الحياة الفنية لاشك ستعاني في الفترة المقبلة من حالة انقسام سنري فريقين كل منهما يتهم الآخر بالخيانة وسوف ينعكس ذلك علي الاعمال الفنية أتمني أن نقفز سريعا بعيدا عن هذا المنحدر!!

المؤكد أن أهم ملامح في الابداع الدرامي القادم هو في المراهنة علي الشباب الواعي وليس هؤلاء الذين كنا نراهم في أفلام »هنيدي« و»سعد« و»السقا«  لو عدت للأفلام التي واكبت ثورة ٣٢ يوليو سوف تجد أن ضابط الجيش هو البطل.. أفلام مثل »الله معنا« ، »رد قلبي« ، »أرض السلام«، »عمالقة البحار« وغيرها دائما الحلم هو الضابط.. أتصور أن القادم من الاعمال الدرامية سوف يراهن علي شباب الانترنت الذي كان يحلم في العالم الافتراضي بالتغيير واستطاع أن يحيل الحلم الي واقع.. ويبقي النجوم الاعلاميون الكبار الذين راهنوا علي النظام ٠٣ عاما وبعد سقوط النظام صاروا يراهنون علي الشباب وثورتهم.. هؤلاء أتصور أنهم لن يجدوا لأنفسهم مكانه ولا مكان تحت شمس ثورة ٥٢ يناير!!

أخبار النجوم المصرية في

24/02/2011

 

اوراق شخصية

صانعو التاريخ .. وسارقو الحلم

بقلم : آمال عثمان  

كنت أترقبها .. وداخلي يقين بأنها قادمة لا محالة .. لكني لم أكن أتوقع أبدا أنها ستنطلق من تلك القلوب الخضراء .. التي ألهمت العالم وعلمته كيف يصنع التاريخ بأياد بيضاء .. وكيف يمكن أن تغير الثورة كل ما فينا .. ويصبح الحلم عصفورا إلي دنيانا يشتاق .. كنت أتوقعها ثورة للجياع الذين عجزوا عن توفير قوت يومهم .. فإذا بها ثورة يقودها شبابنا المثقف الواعد .. الرافض لكل صنوف الظلم والفساد والاستبداد .. ذلك الشباب الذي خرج مثل الموج الهادر بعد أن افترش الظلام الطرقات طوال سنوات .. وفقد كل ما حولنا شرعية البقاء .. وصارت رائحة الفساد تزكم الأنوف وتطبق علي الأنفاس .. وتحول الوطن إلي غابة يسكنها المسعورون ويتحكم في مصائرها تجار قوت البشر .. والباحثون عن السطوة والنفوذ والمال والسلطان .. ولم يعد هناك صوت يعلو فوق صوت قانون البلطجة والسطو والرشوة والتزوير .. لتتواري امامه  كل الأصوات !!

جاءت الثورة التي أعادت لمصر كرامتها وهيبتها أمام العالم ، في وقت كنا فيه أحوج ما نكون إلي قطرة ضياء  نتشبث بها قبل أن تتبعثر الأحلام في الأعماق ، وينهش الفقر والخوف والخنوع بقايا الضلوع والأنفاس، ويغمر الطوفان أطلال النهار،  لذلك سارع كل الشعب بنسائه وشيوخه وأطفاله للحاق "بسفينة " الشباب التي هبطت من فضاء العالم الافتراضي  لتسكن الميدان ، وتسابق الجميع لكي يصنع منها  "سفينة الخلاص" ، خلاص الوطن من الفساد والمفسدين والظلم والظالمين والطمع والطامعين ، لذلك تحولت "ثورة الياسمين " سريعا من ثورة شباب إلي ثورة شعب حر قد يغفو ويستكين قليلا ..لكنه أبدا لا يستسلم ولا يموت !

> > >

أعترف إنني أدين للقراء باعتذارين الأول لعدم صدور عدد أخبار النجوم في الأسواق يوم 3 فبراير الماضي ، لكن عذري إنني ظللت طوال رئاستي لتحريرها حريصة علي مصداقيتها ونزاهتها ورسالتها التي لن أحيد عنها يوما، ولم يحدث أطلاقا أن تنازلت عن قناعاتي ومبادئي لكسب رضاء السلطة أو تحقيق منفعة شخصية .

أما الاعتذار الثاني فيرجع لتوقفي طوال الشهور الماضية عن الكتابة ، ولا أخفيكم سرا إنني كنت  قد وصلت الي حالة من اليأس والإحباط والغضب ، أنطفأت  معها الرغبة في الاستمرار وسط صور فساد الوطن وتزييفه  وضجيج النفاق ، اختنقت كلماتي وتعثرت خطواتها وعجز قلمي عن التصالح مع أوراقي  بعد أن آبت صرخات الغضب الكامنة في أعماقي أن تفسح حيزا - ولو ضئيلا _ لتلك الكلمات التي اعتدت أن أسطرها فوق أوراقي لأزيح بها بعضا مما يقبع فوق صدري ويؤرق وجداني ، والحق أنني أجد نفسي اليوم _ مثل الملايين غيري من أبناء مصر- أدين بكل الشكر والامتنان لجيل الشباب الذين أعادوا لنا الأمل والحلم والتفاؤل بغد أكثر إشراقا وضياء ، هؤلاء الشباب الذين أعادوا لنا كلمات كانت قد هوت من فوق عروشها مستسلمة لصراع الأقلام الرخيصة  والضمائر الخربة المتعطشة للنفاق ، هؤلاء الشباب الذين حموا الوطن بسواعدهم عندما صدر "فرمان الخيانة " للدولة البوليسية بالهروب والانسحاب ، هؤلاء الذين تصدوا لبلطجية حزب النظام ، وصمدوا أمام ألسنة النيران الحارقة وقنابل المولوتوف ، ولم ترهبهم خناجر وسيوف ورصاص انطلق من "جمال " و " بغال " أصحاب الحصانة في مجلس التزوير والتزييف والتضليل !!

> > >

في الوقت الذي بدأت فيه مصر عصرا جديدا ، شاءت الظروف أن نبدأ نحن أبناء دار أخبار اليوم عهدا مختلفا أيضا داخل مؤسستنا العريقة ، ومثلما حرصت أن أتابع بكل ذرة في كياني ووجداني شباب مصر وهم يغيرون وجه الوطن ويكتبون تاريخا جديدا له ، تابعت أيضا الخطوات التي يخطوها الكاتب الصحفي محمد بركات رئيس مجلس الإدارة الجديد منذ توليه منصبه قبل أيام من ثورة 25 يناير، تلك الخطوات التي اتسمت بالوضوح والنزاهة والشفافية ، وأعادت لنا الثقة في قدرتنا علي اجتياز الأزمات وتجاوز الأخطاء وكتابة سطور مشرقة في سجل دار أخبار اليوم العظيمة بمواقفها وأبنائها .

> > >

الفارق كبير بين أحلام الشباب وأطماع الكبار .. الهوة شاسعة بين شجاعة وإصرار هؤلاء الذين هبوا في وجه الظلم والفساد والاستبداد وبين الضعف والاستسلام والخنوع الذي أصاب أجيالا آثرت الصمت واللهث وراء لقمة العيش - التي تحولت مع الأيام إلي مجرد فتات - متغاضية عن إنسانيتها ومتناسية كرامتها ، لذلك وجدنا شباب الثورة يضحون بحياتهم من أجل مبادئهم وقناعاتهم وأفكارهم ، ويرفعون أصواتهم من أجل كرامة مصر وحقوق وحرية كل المصريين ، في حين خرج الانتهازيون والمتسلقون فوق أعناق الثورة  مطالبين بمكاسب ومغانم شخصية ، ومنحوا أنفسهم الحق في استخدام  كل أنواع الابتزاز الرخيص للحصول علي مطالب مشروعة وغير مشروعة ، حقا لقد صمتوا دهرا ونطقوا كفرا !!

> > >

من حق كل إنسان أن يعبر عن أرائه وأفكاره وقناعاته بكل حرية ، لكن تلك الحرية لا تعطيه الحق أبدا في الابتذال والمزايدة والتهجم علي الآخرين ، لذلك فلا أعتبر الاتهامات الأخلاقية التي وجهها  طباخ الرئيس طلعت زكريا لشباب وفتيات ميدان التحرير مجرد رأي ولكنها وقاحة تستوجب الحساب والعقاب !! أما الرغبة التي أعلنتها سماح أنور علي الملأ من خلال شاشة التليفزيون  ، والتي تتمثل في  مطالبتها بإحراق شباب الثورة في ميدان التحرير ، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبرها حرية رأي ، غير أنها ولا شك "سادية ووحشية "تستوجب العلاج في إحدي المصحات النفسية والعصبية !!

أخبار النجوم المصرية في

24/02/2011

 

طلقة حبر

لاعب الدرامز .. الذي لعب بالنظام

بقلم : د. أحمد سخسوخ 

تم اقتياده إلي سجن طرة مع العادلي وجرانة والمغربي، ليرتدي ملابس المسجونين، وليضع رأسه تحت يدي حلاق السجن ليطيح بشعره الأسود الكثيف الذي كان يجعل منه شعاراً لأفكاره السوداء التي أطاحت بالفقراء وبالطبقة الوسطي وبكامل الشعب المصري، وكانت سببا في الإطاحة بالنظام نفسه.

لم يفهم أن قانون التراكم هو قانون الطبيعة والتاريخ والثورات والحياة، فقد تراكمت خزائن البنوك بما يرسله من ثروات الشعب المنهوبة، في الوقت الذي فرغت فيه أمعاء المصريين من الخبز، بل وفرضت عليهم الضرائب، ومورس عليهم القهر والظلم والتعذيب، بل والقتل في الأقسام والسجون، وأحيانا في الطريق العام، حتي خرج الشباب وخرج الشعب بكامله يوم الخامس والعشرين من يناير عام ١١٠٢.

حين دفع به إلي إحدي زنزانات السجن، كانت الساعة تقترب من التاسعة والنصف مساء يوم الخميس السابع عشر من فبراير، هنا خرج عليه المساجين بأغنية:

(ياحلوة يابلحة يامقمعة، شرفتي اخواتك الأربعة)

إن حكايته ما بين هذا اليوم الذي حلقت فيه رأسه ودخل الزنزانة، وبين صعود نجمه أواخر القرن الماضي حين تعرف علي ابن الرئيس عام ٦٩٩١، حكاية نظام جعله يختصر الدولة بكاملها في شخصه وشخص ابن الرئيس ومجموعة اللصوص التي كانت حوله، لأنهم الأفسد خلقا.

 المتهم

إنه أحمد بن عبدالعزيز عز، الشهير بأحمد عز، من مواليد التاسع من يناير عام ٩٥٩١، ومن مفارقة القدر أن الشهر الذي قذف فيه إلي الوجود، هو نفس الشهر الذي قامت فيه ثورة الشباب للإطاحة به وبأمثاله.

عازف الدرامز

بدأ حياته عازفا علي آلة الدرامز وقد ألحقه الأخوان مودي وحسين الإمام بفرقتيهما، وهي فرقة »طيبة « الغنائيه والموسيقية عام ٦٧٩١ حين كان مايزال طالبا بكلية الهندسة، وقد حل محل آخر كان قد سافر للدراسة خارج مصر، وكانت الفرقة تقدم حفلاتها أسبوعيا في النوادي المختلفة واشترك في الألبوم الغنائي الذي قدمته الفرقة بعنوان: (الدنيا صغيرة)، وهو ما رأيناه في أحد الكليبات التي أذيعت علي الفضائيات.

تجارة العملة

لم يكن عازف الدرامز مهتما بالسياسة، وإنما كان منذ صغره مهتما بجمع المال، إذ ترك الفرقة ليعمل مع والده في الحديد، ثم في تجارة العملة، وقد قبض علي والده وتم اعتقاله لهذا السبب عام ٩٨٩١، وهنا فر عز من قوة الضبط التي قادها العقيد محمود الفيشاوي، وكان لعبدالعزيز عز والده دكان صغير لتجارة الحديد في السبتية معقل تجارة الخردة، كما يقول اللواء المقرحي مدير مباحث الأموال العامة الأسبق.

 الصعود إلي القمة

رغم هذا التاريخ المفرغ من أي اهتمامات سياسية، والذي انحصر في تجارة الحديد والعملة حتي تم اعتقال والده، وهروبه من هذا الاعتقال، إلا أنه صعد علي رأس الهرم السياسي بسبب تعرفه علي جمال بن الرئيس عام ٦٩ في مؤتمر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولم  يمض عامان علي هذا التعارف، إلا وكان عز أحد رعاة جمعية المستقبل، وبفعل قربه من بن الرئيس احتكر صناعة السيراميك، وأنشأ شركة للتجارة الخارجية، وأصبح وكيلا لاتحاد الصناعات وامتلك الأراضي الشاسعة.

وفي عام ٩٩٩١ تعرضت شركة الدخيلة للحديد والصلب إلي أزمة، فاحتال علي الأزمة واستولي علي أموال شركة الدخيلة بمبادلة صورية بين أسهم شركته الخاصة (عز للحديد والتسليح) وتخفيضه انتاج شركة الدخيلة لحديد التسليح ليتسني له تسويق انتاج شركته الخاصة.

وبعد عدة أشهر أصبح رئيسا لمجلس إدارة الشركة، وفي عام ٢٠٠٢ حصل علي عضوية  الأمانة العامة للحزب الوطني، وقد حل محل كمال الشاذلي ليصبح أمينا للتنظيم ورئيسا للجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب، وقد أصبح عز واجهة الأسرة الحاكمة، فكان يدير أموالها في البورصة، ويمول انتخابات رئيس الجمهورية، ويقدم لهم الوجبات الساخنة قبيل اتخاذ القرارات المهمة التي كان يحسمها بمجرد نظرة أو إشارة أصبع مما جعل مصطفي بكري يقول: ليس لديه نفوذ سياسي في البرلمان فحسب، بل هو يتحكم في مصير الحزب الحاكم ويمسك بقاعدته التنظيمية.

وبسبب سطوته هذه توقع بكري أن يصل عز إلي رئاسة الجمهورية في ظل هذا الفساد الذي استشري في عظام النظام، بعد أن تحول رجاله أصحاب التاريخ الطويل أمام سطوة عز إلي مجرد خيالات لا وجود لها، فهو الآمر الناهي في كل شيء.

 السقوط إلي الهاوية

وصلته معلومات عن حركة شباب ثورة ٥٢ يناير، فسخر منهم علي الفور وحقر من شأنهم لأنه لم يفهم وكان جاهلا بحركة التاريخ، وبسبب هذه الثورة التي احتقرها، دخل زنزانة طرة حليق الرأس بملابس المسجونين في انتظار عدالة شعب ثائر لايتنازل عن حقوقه بعدما صبر طويلا.

 جسد النظام

إذا كانت الثورة قد أطاحت برأس النظام وبعض رموزه، إلا أن جسد النظام القديم مايزال جاثما علي صدر الشعب يتمثل في إدارته للمؤسسات الأكاديمية والجامعية والخدمية والثقافية والفنية والعلمية والادارية وغيرها من مؤسسات، والغريب أنهم مايزالون يمارسون نفس أساليب النظام القديم بالتهديد والوعيد وإخفاء فسادهم بكل الطرق الممكنة دون أن يفهموا بعد بأن الزمن قد تغير.. فالثورة لم تنته، وقد بدأت بالإطاحة برأس النظام وبعض معاونيه فقط، وهي الخطوة الأولي، وآلاف الخطوات يدركها الغد ويفهمها القائمون علي صنع المستقبل.

أخبار النجوم المصرية في

24/02/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)