حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فنون يقدمها: محمد صلاح الدين

أحمد عز "الفنان" وليس "الحداد": كل ما أرجوه هو وقف المزايدات علي بعضنا البعض!

ياسمين كفافي

هل أتت ساعة القصاص؟ هل أصبح علي كل نجم ونجمة قبل الدخول إلي الاستوديو إخراج كارنيه أنا مع الثورة أم لا؟ وإذا كان العديد من رجال العهد السابق لايزالون في الحكم مؤكدين انهم كانوا مرغمين علي سياستهم فما بالك بأهل الفن الذين أمتعونا.. أتمني أن يزدهر الفن ليستمروا في امتاعنا.
نجم اليوم لم يتم تصنيفه مع الثورة مثل خالد الصاوي مثلاً وضدها مثل سماح أنور.. بل كان علي الحياد وكل ما قاله حسب كلامه لي هو أنه "يبحث عن خير مصر".. انه النجم الشاب أحمد عز الممثل طبعاً وليس رجل الحديد كما ضحكنا سوياً علي تشابه الاسم أحمد تصادف عرض فيلمه الجديد "365 يوم سعادة" يوم الأربعاء 25 يناير وكان قدمه "حلو" علي أحمد عز ملك الحديد والحزب بأكمله.. وكان وش السعد ربما علي مصر بأكملها التي أنقذها الله والشباب ب 365 يو م سعادة فعلاً؟!

التقيت به.. قال لا أرغب في شيء سوي فتح حوار مع جمهوري وكان لنا هذا الحوار:

·         جاء عرض الفيلم ليلة الثورة.. فما تعليقك؟

** ياستي الفيلم كله بالسلامة.. المهم أشارك أهل بلدي إحساسهم وكان همي ألا يضرب المصري أخاه المصري.. وأنا الغيت العرض الخاص ليلتها تضامناً مع الشعب المصري.. أما الغاء الفيلم كله فهو أمر في يد الشركة المنتجة وشركات التوزيع التي خسرت الكثير وليس في يدي..!

·         ولكن كانت هناك مؤشرات حول ما سيحدث؟

** بالتأكيد ما حدث وسرعته لم يتخيلها أحد ولم يحسبها أحد.. كل شيء كان سريعاً.. ومؤثراً!

·         بصراحة "الحريق" المشتعل الآن بين أهل الفن هل تراه يحمل صورة إيجابية حول الخلاف بين الرأي والرأي الآخر أم له شكل سلبي؟

** أتمني أن يحمل شكل الخلافات بين الرأي والرأي الآخر.. فهذه هي الديمقراطية التي ننادي بها وقمنا بالثورة من أجلها.. يجب أن نسمع للرأي الآخر وكل ما أطلبه هو عدم وجود مزايدات لأننا جميعاً في النهاية نحب مصر.

·         ولكن بعض الفنانين هاجموا الثورة بأسلوب فظ مثل سماح أنور التي قالت "نولع فيهم"؟

** بالتأكيد لا يصح أن نقول هذا علي شخص مصري سواء اتفقنا أو اختلفنا معه. خاصة لو كان يكافح من أجل الحرية.. وبالتأكيد هي زلة لسان خطيرة.

·         لم أجدك علي القائمة السوداء للنجوم والحمد لله ولكنك علقت علي ما يحدث في إحدي القنوات الفضائية فماذا قلت؟

** قلت إن الفنان المصري لا يجب أن ينضم لأي حزب.. حزبه هو مصر وأهل مصر لا يجوز أن يتضارب "أهل البلد" بعضهم البعض.. وأنا مع الثورة من أول يوم.. ولكن البعض كان يزايد وأنا متأكد أنه بعدما تعود الحياة للهدوء سيظهر الصادق من الكاذب للناس.

·         في رأيك أول فيلم عن الثورة سواء أنت بطله أو غيرك سيدور عن أي لقطة فيها الشباب أو عن أسباب الثورة أو عن مصر بعد الثورة؟

** أول لقطة أتمني أن أقوم بها وأسعي لها بالفعل هي تقديم فيلم يخلد "شهداء 25 يناير" لأنهم يستحقون منا كل التقدير والاحترام.. وهم سبب ما نحن فيه الآن من حرية.. أما السينما بشكل عام فمشاكلها لا تخصني الآن بل مشاكل مصر هي ما تؤرقني.

أعمال تافهة

·         بصراحة ما هو السبب الرئيسي الذي جعل الشباب ينفجر في ثورة وأنت نجم الشباب؟

** الفروق الاجتماعية.. ولقمة العيش.. والبطالة.. حتي من كان يعمل كان لديه أزمات في عمله.. مثل الاضطهاد أو ضعف المرتب أو الإهانة.

·         وما كان يضايق أحمد عز شخصياً؟

** الحالة التي وصلنا ليها.. احنا بلد عظيم وطيب يجب أن يقدم أكثر من هذا كان يجب أن يكون هناك حرية وتمثيل حقيقي للأحزاب.. وحوار محترم بين الناس. وبعضها علي اختلاف اتجاهاتها. وبدون سخرية من الآخر. وهو ما لم يكن موجوداً.

أما علي المستوي الفني أحياناً كنت أري أعمالاً تافهة وأشعر بالأسي علي حال السينما المصرية.

·         هل كنت تنوي تقديم عمل تليفزيوني وهل كنت راضياً شكل الأعمال المملة وكثرتها؟

** منذ تقديمي "الأدهم" قبل عامين وأنا ضد المسلسلات الثلاثين حلقة لأنها مملة ومليئة بالتطويل.

·         فيلمك القادم "مصلحة" مع السقا أخباره إيه؟

** صورنا أكثر من أسبوع وتوقفنا.. لأننا نرغب في تقديم شيء للبلد.. وسننتظر لنري ما سيحدث في المستقبل القريب.

دعوة للتسامح

·         كان هذا العمل سيكون مختلفاً لأنه يضم أحمد السقا وأحمد عز الآن وبعد هذه الأحداث وهذه الثورة ألا تري معي أنه يمكن تقديم أعمال جماعية تضم العديد من النجوم عز والصاوي والسقا والمخرج خالد يوسف مثلاً؟

** أتمني أن يحدث هذا التوحد. وليس فقط علي مستوي الفن بل علي مستوي المصريين كلهم توحد بلا مزايدات أو ضغائن أو حسابات شخصية لنتمكن من الوصول لبداية جديدة.. بل تسامح.. بلا تسامح لا معني للثورة "كلنا نزلنا الشارع لنحرس بيوتنا" وكنا خايفين علي المصريين.. وعلي بعض.. قد يكون أحد الفنانين خانه التعبير ولكن هذا لا يعني أنه إرهابي أو خائن أو عدو للوطن.. بل حسابات أو قناعات شخصية.. إنها دعوة مني للتسامح لا لتأليه شخص أو لعن آخر.

الجمهورية المصرية في

24/02/2011

 

ليل ونهار

زعيط ومعيط!!

محمد صلاح الدين 

* أحذر من مرحلة مقرفة جداً. ظهرت بشايرها في تخوين بعضنا البعض.. الديكتاتورية بدأت تسود. ولا يحتمل أحد رأي الآخر.. نسينا فولتير وسارتر وطه حسين والفكر كله.. وكل مباديء الحرية والديموقراطية.. فماذا جري؟!

* كل واحد يمسك بميكروفون أو يطلع في برنامج عايز يفرض رأيه بالقوة علي الآخرين.. يتحول إلي ديكتاتور. ولا يقبل أو يحترم رأي الآخر.. ويريد أن نسير في ركابه بالعافية.. هو "المايك" فيه إيه بالظبط؟!

* لذا علي التليفزيون ألا ينساق للتسلط مثلما كان يفعل في الماضي ولكن بقناع آخر.. عليه أن يكون مثل الدعاة والمثقفين.. يسمو برسالته.. حتي لا يتعلم أولادنا أدب الحوار..

* لابد أن يكون منصب رئيس الجمهورية "خدمي" أكثر منه سيادي.. متجردا من معظم صلاحياته القديمة.. ونشترط علي المترشح أن يقدم برنامجا واضحا.. ويحرم علي زوجته وابنائه العمل في البيزنس طوال مدة الرئاسة.. وقبيل دخوله وخروجه يعلن عن ثروته كاملة.. حتي نغلق الباب أمام زعيط ومعيط ونطاط الحيط!!

* ليست الشرطة فقط التي يجب أن "تكون في خدمة الشعب" بل يجب رفع شعار علي مبني مجلس الوزراء يقول أن "الحكومة في خدمة الشعب" لان ارهاق الناس والضغط عليهم ومذلتهم ليست من شأن الحكومات.. بل شأن الجلادين وحدهم!!

* وبالمرة يجب أن يبتعد مبني مجلس الوزراء عن مبني مجلس الشعب.. لماذا لا يكون في أطراف القاهرة في الهرم مثلا أو مدينة نصر أو حتي في مجلس قيادة الثورة القديم.. المهم يبعد!!

* كفايانا بقي مظاهرات واضرابات.. فالشيء اللي يزيد عن حدة ينقلب ضده.. دقت ساعة العمل الثوري.. يقول الحق من فوق سبع سموات: "وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلي عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" فالمظاهرات سهلة ولذيذة ومطالبها لا تنتهي.. ولكن العمل اصعب وبه مشقة.. ويحتاج لمجهود أكبر!!

* للأسف طالب البعض في عدم فهم دقيق للأمور بإلغاء دين الدولة الرسمي من الدستور بحجة الدولة المدنية.. وهذا خطأ رهيب سيتم دفع ثمنه غاليا.. بداية الدين ليس سبة أو معرة حتي يتبرأ منه أحد. وانما حماية للمسلم والمسيحي علي حد سواء. لأنه يقف حائط سد أمام مطالب الغرب لنا بالذات بالتخلي عن الاخلاقيات. لينتشر الشذوذ والزواج المثلي في مجتمعاتنا.. ولطالما الأزهر استعان بهذه المادة للرد علي جحافل الفساد واسرائيل ليست ببعيدة فلا تجردوه منها وكونوا عونا واخوانا!!

* أول مرة أعرف أن المناضلين والثورجية يتقاضوا مرتبات "9" ملايين جنيه.. فعلا هي دي العدالة الاجتماعية.. تحيا مصر!!

* لماذا ننسي أن الأمة متخمة بالعلماء والمفكرين والادباء والفنانين اصبح لا صوت يعلو فوق صوت السياسة.. تلك المهنة القبيحة أو المسخ كما يصفها الساسة أنفسهم.. الثقافة العربية عندنا اكثر عمقا وأكثر انسانية!!

* ستظل أغنية محمد منير "إزاي" هي أقوي وأصدق ما عبر عن الثورة كلمات ولحنا واداء.. اما الباقي فجاء مصنوعا ومفتعلا.. ويبقي تساؤله المحير: إزاي أنا رافع رأسك. وانتي بتحني في راسي ازاي.. أو إزاي احميلك ضهرك. وانا ضهري في آخر الليل دايما بيبات محني ومكشوف!!

Salaheldin-g@hotmail.com

الجمهورية المصرية في

24/02/2011

 

"هي فوضى" و "حين ميسرة" و "ظاظا" و"جنينة الأسماك"

أفلام توقعت انهيار النظام في مصر 

يبدو أنه في حالة انعدام الجاذبية في المجالات السينمائية والتلفزيونية في مصر، بعد ثورة 25 يناير، يميل المؤشر الفني هناك، الى التأمل في التجارب، قريبة العهد، التي شهدتها الشاشتان الصغيرة والكبيرة. ولعل الأعمال السينمائية البارزة في مجال الارهاص المبكر بثورة الشباب في مصر وانهيار النظام، تستقطب هامشاً واسعاً من هذا التأمل والتفكير الهادئ الذي يخيم على أذهان النقاد والمنتجين وسواهم، في الوقت الراهن.

من بين الافلام التي ترد مباشرة الى الذهن في هذا السياق "هي فوضى" الذي نفذه المخرج الكبير يوسف شاهين قبل وفاته، بالتعاون مع تلميذه المخرج خالد يوسف. يقدم هذا العمل صورة فاقعة وان لم تكن سباقة، عن جبروت أجهزة الشرطة والأمن المركزي في مصر وانفلات غرائز العنف لدى عناصر هذه الأجهزة، عندما تدعو الظروف الى احتكاك غرائز العنف لدى عناصر هذه الأجهزة، عندما تدعو الظروف الى احتكاك في الشارع بين هؤلاء الناس العاديين، على نحو مماثل، يطالع المشاهدين في فيلم "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف، صور تندرج في الاطار الاجتماعي عينه، حول شريحة واسعة من الشعب المصري تعيش في حالة من الفقر المخيف الذي يجعلها مهمشة بالكامل، ولكنها تتحين الفرص من أجل ان تتمرد على واقعها وتهب هبة واحدة استنكاراً لموقعها الاجتماعي المتدني في الحياة المصرية.

في السياق نفسه، يتصدر فيلم "ظاظا" الذي أدى فيه الفنان هاني رمزي الشخصية الرئيسية، تعبيراً عن تذمر الناس من السلطة ورموزها الى حد الارتعاد من هذه الزمرة التي تكاد تجثم على صدور المواطنين، وتحديداً الفقراء والمهمشين والعاطلين عن العمل. فبينما يصور فيلم "حين ميسرة" انتفاضة محتملة لمن يعضهم الجوع، يشكل فيلم "ظاظا" ارهاصاً حديث العهد يتناول انتفاضة محتملة ايضا لمن يعتبرون أن الارهاب الرسمي على أيدي الأجهزة الأمنية امر لا يمكن التعايش معه على الاطلاق.
في سياق الأفلام التي انجزت في السنوات الثلاث الأخيرة، يبرز ايضا ثلاثة أعمال هامة على هذا المستوى. أولها "على من نطلق الرصاص" تطرح هذه الأفلام خطورة الفجوة الطبقية بين الاثرياء والفقراء على نحو يمكن ان يوحي بذلك الغليان الذي تفجر في ثورة 25 يناير. يضاف اليها عمل رابع لا يقل اهمية هو: "احكي يا شهرزاد" الذي يتطرق الى القمع والذل والاستعباد التي تتعرض لها المرأة في المجتمع المصري خصوصاً، والعربي بشكل عام. ثمة أعمال سينمائية أقدم تعزى الى السبعينات والثمانينات تشتمل على هذا الارهاص المشار اليه، ومع ذلك فان الأفلام التي انتجت في السنوات القليلة الأخيرة اكثر قدرة على التعبير عن واقع الحال. 

"الميدان" أول الأفلام المرتقبة عن ثورة 25 يناير في مصر

يبدو أن أولى المحاولات الفنية للإفادة من مشهد التظاهرات في ميدان التحرير، في العاصمة المصرية القاهرة، ستكون موقّعة باسم المخرج مجدي أحمد علي. عنوان العمل السينمائي، ويندرج في الإطار الروائي، هو "الميدان"، الأول من نوعه حول ثورة الشباب التي انطلقت في 25 كانون الثاني يناير الماضي وأدت الى حمل الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، على التنحّي عن السلطة.

وكان المخرج المذكور قد ذكر في مقابلات صحافية، أنه واظب على الذهاب الى ميدان التحرير طوال 18 يوماً من دون انقطاع، ولا يزال يرتاد هذا المكان الذي تحوّل رمزاً لثورة 25 يناير. وأضاف أنه التقط مئات من الصور الفوتوغرافية، ولا يزال، من أجل أن تتوضّح صورة العمل في ذهنه. من بين المناظر التي سجّلها في كاميرته، مشاهد قمع المتظاهرين، وإطلاق الرصاص المطاطي عليهم، وقذفهم بالقنابل المسيلة للدموع، إضافة الى عمليات الكر والفر بين عناصر الأمن والمتظاهرين. وهو لم يغفل مشاهد أخرى كمثل محاصرة ميدان التحرير من جميع الجهات لإحباط عزيمة الشباب، ومداهمة الميدان بالجمال والأحصنة لدب الذعر في قلوبهم وإجبارهم على التشتت والعودة الى منازلهم. وتتضمن صوره الفوتوغرافية أيضاً ردود فعل المتظاهرين في الميدان وفي شوارع وأحياء مختلفة من مدينة القاهرة على البيان الأخير للواء عمر سليمان الذي أعلن فيه تنحي الرئيس حسني مبارك وتسليمه السلطات الى القيادة العسكرية.

وأكد مجدي أحمد علي، أن عمله المرتقب لن يكون تسجيلياً أو وثائقياً بل روائي تدور أحداثه حول النشاط المكثف الذي كان يقوم به جراح القلب المشهور الدكتور طارق حلمي، على مستوى معالجة المصابين في الميدان. يشار الى أن هذا الأخير كان شارك في انتفاضة الشباب وأفراد عائلته، إضافة الى انشغاله الدائم بمتابعة الأحوال الصحية لمن أصيب من الشباب في الميدان وخارجه.

المستقبل اللبنانية في

24/02/2011

 

دعاء سلطان تكتب: صفقة مع القاريء

لن أضع قوائم سوداء للفنانين المناهضين للثورة المصرية الشريفة، فقد وضعها الكثيرون – ولا ألومهم- ووضعت أنا قائمتي الخاصة، لكني لن أنسى، وبمنطق أنني صحفية أعمل في مجال الصحافة الفنية وبناءا على نصائح من مقربين أثق في صدقهم ورجاحة عقلهم، وفي شرفهم ونزاهة مواقفهم، قررت أن أعقد – تقريبا لأول مرة في حياتي – صفقة.

الصفقة بيني وبين القاريء.. مفادها أنني صحفية فنية.. أتماس بشكل أو بآخر مع الوسط الفني، وأنا مؤمنة إيمانا كاملا بأن الفن قيمة محلقة راقية وعالية، بل إنه أعلى من الفنانين الذين يتكسبون منه ويمتهنونه، وأجاهد دوما لإعلائه مع آخرين يعملون في الصحافة الفنية ومع جميع من يعملون في الوسط الفني، وليس أقل من أن نحترم الفن احتراما مطلقا.. كنت قد قررت في مقال سابق بأنني لن أكتب عن فنان صرح بتصريح مخز في حق الشهداء والثوار.. قلت إنني لن أكتب حرفا عنه، والآن أتراجع.. ليس تراجع المهزم الذي كسر الخزي ظهره، فالحمدلله أن الله أقام ظهري وظهر أبنائي بشرف والدهم ووالدتهم - اعتقد أن من حقي أن أفخر، كما أن من حقهم أن يعلنوا عن تراجعهم-  ولكن بمنطق البني آدم المراجع لمواقفه الحادة الجادة.

الصفقة تبدأ بسؤال: ماذا لو قدم هذا المنافق المرتجف الفنان – للأسف – عملا فنيا بارعا - والحقيقة أنني أتمنى من كل قلبي أن لا يشترك أي من هؤلاء المنافقين المرتجفين المرتبكين في أي عمل فني جيد- هل من الممكن تجاهل العمل الفني بسبب وجود فنان خائب الموقف فيه؟!

الحقيقة أن أمانة المهنة تجبرني ألا اتجاهل العمل الفني، بل وربما أنني سأشيد – للأسف مرة أخرى – بأداء الفنان، لكن -وهذه هي الصفقة- أنا لن أدع هذا الفنان يفرح ويطرب بكلمات الثناء في أدائه والتي ربما أكون أنا كاتبتها، ففي آخر كل مقال أو موضوع أو تقرير يشيد به، سأذّكر دوما بموقفه من ثورة 25 يناير.. معلش أنا صعيدية ولا أنسى بسهولة ولا أسامح في الدم.

ملحوظة: هذه الصفقة كانت نصيحة من صديق شرير جدا، وقد أرضتني تماما.

هذه هي الصفقة إذن.. عقدتها – بيني وبين نفسي على مضض- لكن وجاهتها قد تريح الكثيرين.. والله إنها لا تريح ضميري الإنساني، لكنها وللأمانة تريح ضميري المهني، فلا الفنانون اعتذروا بإعلانات مدفوعة الأجر عن قساوة تصريحاتهم، ولا كان تراجعهم عنها إيمانا بالثورة وصدقيتها وطهارة وشرعية مطالبها.

حسنا.. لن نضع قوائم سوداء للفنانين أو الإعلاميين الذين خانوا دماء الشهداء.. وشاركوا بأضعف الإيمان "بالكلمات" في معاونة القاتل على جرح وترويع الآلاف.

سأتجاوز وأتغابى عن كون الفنانون قبلوا أن يلعبوا دور المعاق ذهنيا في مشهد الثورة، رغم أن طبيعة الأشياء وقانون الفن يفرض أن يكونوا الأكثر وعيا والأكثر انتباها للإشارات التي تأتي من الشعب، بمنطق أنهم لسان حالهم والمعبر عن مواجعهم.. سأبذل جهودا جادة للسماح لقلبي أن يلين أمام دموع ونداءات "ولايا الفنانين والفنانات" الذين يطلبون الآن – الآن فقط- أن نتسامح وأن نستمع للرأي الآخر، وأن لا نكون ديكتاتوريين وأن نفتح صفحة جديدة بلا ضغائن وأن لا نتخذ موقف محاكم التفتيش في الضمائر "هل كانوا حقا يملكون ضمائر عندما قذفوا كلمات طائشة مخبولة مرتعشة عن الثوار والشهداء؟".. سأجاهد نفسي حقا في نسيان خزيهم وعارهم ونفاقهم وجبنهم وبشاعة موقفهم.

لكن.. هل تهتمون أنتم – أيها الفنانون - حقا بتبييض صفحتكم وتنقية سمعتكم انطلاقا من ندم حقيقي على ما اقترفتموه في حق شهداء وثوار هذا الوطن.. أم أنكم ترغبون فقط أن ينسى الناس ما فعلتموه لتواصلوا حياتكم التافهة البائسة؟ وإذا نسى الناس، هل ستنامون مرتاحي الضمير والبال مما قلتم؟!

هل جرحت القوائم السوداء أبناءكم ونكست رؤوسهم أمام أصدقائهم.. هل شعرتم بحجم العار الذي جلبتوه لأبناء لا ذنب لهم إلا أنكم أباؤهم؟

كان أبناؤكم يفتخرون كونكم نجوما، والآن أصبحوا – بالتأكيد- يتوارون خجلا من أصدقائهم.. هل أدركتم الآن أهمية أن تكونوا نجوما ومسئولين عن كل كلمة تنطقون بها؟

هل ترغبون حقا في التطهر مما فعلتم، أم أنكم فقط تتمنون أن ينسى لكم التاريخ فداحة موقفكم؟

ما رأيكم الآن في الاتهامات التي أشعلتم جذوتها في نفوس أهالي الثوار والشهداء.. كان ابناؤهم شهداء وثوار وكنتم تنعتوهم بأقذر وأحط الكلمات، وأقلها كونهم "مغيبين"؟!   

لا يتحدث عن التسامح وعن سخف فكرة القوائم السوداء الآن إلا من على رأسه بطحة موقفه المخزي من الثورة، أو هو من المقربين لأحد في هذه القوائم.

هذه القوائم لن تعلق الأسماء الموجودة فيها من أرجلها، لكنها فقط موجودة كي لا ننسى، وكي لا ينسى أي أحد فينا نفسه وموقعه وموقفه.. ما بعدها حياة جديدة.. سيستمر فيها الفنان الجيد جيدا وإن كان موقفه مخزيا، وسيلفظ تاريخ الفن الفنان الرديء من تلقاء نفسه، لكنها موجودة كي لا ننسى أبدا، وستظل هكذا ما حيينا، وهذه ليست قساوة قلب وجبروت ورغبة في التشفي أو تصفية الحسابات، وإنما هي فقط تاريخ لا يجب أن تنساه الأجيال الجديدة من الفنانين، كي لا ينزلق أيهم في نفاق السلطان وكي يكون انحيازه المطلق والأول والأخير للشعب.. جمهوره الذي هو منهم وإليهم يعود وبهم يكون نجما وبغيابهم يخفت نجمه إلى أن ينطفيء تماما.

الحقيقة أنني اتمنى أن يتنحى كل فنان قال كلمة جرحت مشاعر أهالي الشهداء، وخدشت نقاءة ثوار التحرير من تلقاء نفسه، كي لا أكون أنا مضطرة ذات يوم لتمجيد هذا الفنان في عمل فني جيد شارك فيه، بمنطق المهنية.

أعلن لكم سرا.. سحقا للمهنية التي تجعلنا عبيدا لها.. وأرجو من القراء أن يرفضوا الصفقة التي عقدتها، ولن ألومهم والله.

الدستور المصرية في

24/02/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)