حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الآخرة "فيلم لكلينت إيستوود .. ماذا يكمن وراء الحياة ؟

أحمد فاضل

كلينت إيستوود الزاحف نحو الثمانين من العمر لايكل ولايمل من البحث عن مواضيع لأفلامه يبهر بها المشاهد بعد ان أصبح مخرجا قدم للشاشة العريضة افلاما تربو على ال31 خلال اربعين عاما.

" الآخرة " نمط درامي آخر يزخر بالخيال يضاف الى تلك المجموعة من الأفلام التي أخرجها والذي حقق لدى عرضه مؤخرا في ستة من دور العرض الرئيسية شهدتها مدن لوس انجليس ونيويورك وتورنتو أرباحا خيالية في اسبوعه الأول ،اضافة الى ما تناولته اقلام النقاد مشيدة بإستوود كصانع ماهر يعتمد الدقة في التفاصيل عند إخراجه لأفلامه وهذا يخدم بطبيعته طاقم العمل المشارك معه بشكل جيد ويسمح بمساعدتهم على معايشة الأدوار الموكلة لكل واحد منهم ، فهو يغذيهم دائما بالمعلومات الجديدة ولأنه ببساطة يستطيع القيام بكل شيئ بمفرده ، فهو منتج وممثل ومخرج لامع - كما تقول مؤرخة الأفلام وعضو المجلس الوطني للنقد جانين بايزينجر - في دمج التأثيرات الخاصة وأساليب سرد القصص التقليدية في افلامه ، ولقد حظي بحياة مهنية مدهشة ولم ينتهي بعد .

حين يريد إيستوود اختيار نص الفيلم يعّول على قاعدة واحدة فيسأل نفسه : ( هل أرغب في مشاهدة هذا الفيلم ؟ ) ، فعندما تحدث المخرج ستيفن سبيلبرغ اليه هاتفيا وقال له : ( لدي نص لفيلم مثير للإهتمام ) ، وافق إيستوود الذي تُقدم اليه باستمرار عروض مماثلة على إلقاء نظرة اليه وبعد قراءة بعض الصفحات من النص الذي كتبه بيتر مورغان حول الوسيط الروحاني المتردد والفتاة التي نجت من التسونامي ، وجد إيستوود نفسه يتعاطف مع هذه الشخصيات ، لكنه يضيف على سيناريو مورغان فلسفة يرى من حلالها ان الله لايريد أن يحاسبنا على كل الأخطاء التي نرتكبها ويكمن اعتقاده الروحي في أنه على الإنسان أن يقدم افضل ما لديه وهو موجود على الأرض ، والآخرة لايبتعد موضوعه عن مجموعة افلام كان إيستوود قد اخرجها ترتبط مواضيعها بالفناء ولأنه يعشق مثل هذه القصص فقد تمنى لو توافرت له الفرصة سابقا لكان اخرجه وهو في سن الأربعين ، لكنه ومع تقادم عمره فقد اصبح مؤهلا اكثر للخوض في تجربة مثيرة لشخصية خارجة عن الطبيعة .

يستعرض العمل قصص ثلاثة اشخاص وصلاتهم بحياتهم بعد الموت بالرغم من ان كلا منهم يتواجد في مكان مختلف من العالم ( سان فرانسيسكو ، باريس ، لندن ) ، سعيا منهم للتوصل إلى إجابة حول حقيقة وجوده إلا انه في اللحظة التي تتقاطع فيها خطوط حياتهم يبدو وأن قوى العالم الآخر الخارقة باتت تسيطر على كل شيئ .

الفيلم من بطولة النجم مات ديمون والنجمة سيسيل دوفرانس والتوأم جورج وفرانكي ماكلاين ونخبة اخرى من المع ممثلي السينما الأمريكية وعلى رأسهم جاي مورويرايس والاس هوارد وكتب له السيناريو العملاق بيتر مورغان .

يقوم ديمون بدور المواطن الأمريكي " جورج " الذي يتمتع بقدرات خاصة في التعامل مع عالم الأموات ، وفجأة يجد نفسه يتعرض لحوادث مرتبطة بحياة الشخصين الآخرين اللذين يشاركانه بطولة الفيلم ، بخلاف أحداث غريبة اخرى تنقله رغما عنه الى تسونامي إندونيسيا المدمر ، واحداث عنف الشوارع التي تقع في العاصمة البريطانية لندن ،وهكذا يصبح جورج رغما عنه وسيطا روحانيا للإتصال مع العالم الآخر ، وهي قوى خارجية وصفات خارقة لايريدها لما لها من تأثير غيرت حياته بصورة جذرية عندما اكتشف بالفعل قدرته على التواصل مع اشخاص لقوا حتفهم بالفعل ، إلا ان هذه القدرات اصبحت مصدر قلق دائم بالنسبة له حيث باتت تفسد عليه حياته وتقتحم بدون سابق انذار اكثر لحظاته حميمية لما لتجربة الإتصال مع العالم الآخر من تأثير هائل عليه .

يقول إ يستوود الحائز على خمس جوائز أوسكار ، وخمس جوائز غولدن غلوب ، وجائزة النجم السينمائي المفضل في كل العصور : ( ادهشتني المعالجة التي قدم من خلالها بيتر مورغان القصص الثلاثة ، لدرجة ان كل قصة منها تصلح لأن تكون عملا قائما بذاته ، إلا أنه نجح في نسج شبكة الصلات بينها بمهارة لتبدو في نسق واحد ) .

مات ديمون الذي رشحه إيستوود لدور البطولة والذي تحمس بدوره للمشاركة في الفيلم أكد أن مرونة إيستوود كان لها العامل الأكبر في مساعدته على الانتهاء من تصوير مشاهده دون الالتزام بجدول التصوير العادي لباقي الاحداث ، وكان إيستوود قد فكر في مبادرة جريئة جدا تقوم على تصوير القصص الثلاثة كل على حدة ، كما لم يبدأ بتصوير مشاهد ديمون بل قام بها في مراحل متقدمة من المشروع ، ولم يكن امام كاثلين كينيدي مسؤولة ( الكاستنج ) والمشرفة على الانتاج سوى الانصياع لنزوات راعي البقر العجوز ومؤيدة اختياره لديمون لبطولة الفيلم لإيمانها ايضا بقدراته كممثل خاصة بعد تألقه اللافت في افلام هامة مثل " مستر ريبلي الموهوب " لأنطونيو مينجيلا و " صانع المطر " لفورد كوبولا مع داني دي فيتو و " الراحلون " مع جاك نيكلسون وليودي كابريو من اخراج مارتن سكورسيزي ، كما حصل على الأوسكار عن دوره في فيلم " العثور على جودويل هانت " ، كينيدي تؤكد ايضا ان تألق ديمون المستمر يجعلنا نكتشف فيه واحدا من افضل نجوم هوليوود على الاطلاق هذه الأيام نظرا لأهمية وتنوع الأدوار التي يقدمها, ديمون المولود في ماساشوستس وهو على مشارف الأربعين يؤكد أنه يشعر بوجود كيمياء قوية بينه وبين إستوود ، وان هذا يعد بالاضافة الى اشياء اخرى تجمع بينهما ، من أهم العوامل التي شجعته على التعاون مع مخرج فيلم " فتاة بمليون دولار " الذي يتعلم منه دائما الكثير سواء كمخرج أو ممثل .

بالاضافة الى فريق العمل المميز ، يحظى الفيلم بثراء كبير من حيث تنوع المشاهد ومواقع التصوير ، التي تنتقل بين هاواي وباريس وسان فرانسيسكو ولندن ، وهذا ما دفع ديمون للتأكيد على ان الفيلم يحمل ملامح عالمية تمثل أهمية كونية كبيرة وبالتالي يتوقع ان يجذب انتباه قطاع كبير من المشاهدين من جميع انحاء العالم .

استخدم إ يستوود تقنيات خاصة للتمييز بين محاور وملامح القصص الثلاثة ، سواء من حيث مواقع التصوير أو من حيث الاحداث التي تقع لها ، ومن هنا كان التعاون الوثيق بين المخرج الثمانيني وبين مدير التصوير توم شتيرن اثناء مراحل عملية المونتاج الرقمية أو وضع المؤثرات التي تضفي على كل مدينة طابعها الخاص مما أسهم بدوره في تسليط المزيد من الضوء على ابعاد القصة في مجملها .

وكانت المحصلة النهائية شريط مميز يحمل بصمة راعي البقر العجوز الخاصة والذي شارك ايضا في إعداد الموسيقى التصويرية للفيلم ، يشار الى أن مسؤولة الموسيقى التصويرية بالفيلم الاسترالية اشلي إيرفين قامت بالتعامل مع 22 مقطوعة موسيقية مختلفة بالتعاون مع إيستوود ومهندس الصوت روبرت لورنزو والمونتير جويل كوكس .

في الوقت نفسه اعلن المخرج والممثل المخضرم بعد الانتهاء من " الآخرة " عن التحضير للوقوف خلف الكاميرا مجددا لإخراج فيلمه الجديد " هوفر " الذي يتناول جوانب معقدة من شخصية مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق إدجار هوفر .

كان آخر دور أداه إيستوود على الشاشة هو " جران تورينو " الذي ناقش قضايا التعايش والعنصرية بين ابناء الجاليات المختلفة في الولايات المتحدة ومع ذلك لايفكر النجم الكبير في الاعتزال بالرغم من اعترافه ان الفكرة تراوده منذ سنوات .

الهوامش /

Los Angeles Times /صحيفة

Financial Times / ميك لاسال

ليليانا مارتينيز سكاربيلليني / صحفية امريكية كانت قد عقدت مع إيستوود لقاءا مطولا  

خاص "أدب فن"

أدب وفن في

22/02/2011

 

سينما ومسرح وغناء احتفاء بتونس ومصر

نقولا طعمة - بيروت  

انضمت السينما والمسرح والغناء والشعر إلى مسيرة الشباب في تحركاتهم لإسقاط الحكام الذين مرت عشرات السنون على تمسكهم بالكراسي. واحتشدوا بالمئات في مسرح بيروت في حي عين المريسة، فقدم كل ما عنده تعبيرا عن المشاركة في الثورات، وتضامنا معها.

أبرز ما قدم في بداية اللقاء، فيلمان وثائقيان، واحد ما انفك يعيد الصور التي اجتاحت ميدان التحرير في القاهرة عند مدخل المسرح، متيحا للعابرين النظر في تطورات الحركة الشبابية، والشعارات التي رفعت مثل: "كلنا منحب مصر..لا للتخريب.. لا للفساد.. نعم للحرية"، و"لو كنت واحد منا، بلاش ترغى وتقولنا، نمشي ونسيب حلمنا"، بالإضافة إلى الأحداث التي وقعت منذ الانطلاقة، والمشاركة الشعبية الواسعة في الميدان، والمدن الأخرى، وانضمام العديد من الجنود والضباط للحركة، وتنظيم الحركة في الشارع من قبل شباب الثورة.

الفيلم الثاني، كان فيلم تحريك بعنوان "حكم البانغو"، يعرض لصراع بين رئيس متمسك بالكرسي، لا يخليها مهما كلفه من أثمان، وشعب يصر على إزاحته. أدار الفيلم عصام بو خالد، وقال أن كلمة بانغو تشير إلى كل ما هو خارج عن القانون، مثل المهربين، ومروجي المخدرات، والأجهزة المخابراتية المستأجرة.

وما لبثت قصة الفيلم أن قدمت في برنامج اللقاء كاسكتش مسرحي لفرقة ديسيبل للصم والبكم.

اللقاء تم بدعوة مشتركة من "مسرح بيروت" و"نادي لكل الناس"، تحت عنوان "احتفاء بثورتي مصر وتونس”.

وفي مدخل المسرح أيضا، أقيم معرض صور عكس الحياة المصرية الاجتماعية، أسواقها، أناسها، باعة البطيخ والخضار، مواقع الاستجمام، الفلاحين.

وعلى جدار السلم، رفعت شعارات منها: "مصر وتونس ضي العين، والحكام يغوروا الاثنين"، و“الحرية لم تعد حلما"، و"هما بياكلو حمام وبط، وكل الشعب جالو الضغط"، و"قول يا محمد قول يا يونس..بكره مصر تحصل تونس"، و"تونس تتكلم..تونس تتكلم"، و"ارحل ارحل يا فرعون..دي رغبة 80 مليون".

وإلى داخل الصالة، توافد حشد غصت الصالة بهم من الأجيال المختلفة، قدمت ميرا صيداوي العارضين، وأدت نسرين حميدان -عازفة على العود- أغان وطنية منها: "أهو ده اللي صار" و"موطني"، ثم أهدت أمل كعوش منفردة- من دون موسيقى -أغنيات من التراث الفلسطيني -مثل يما مواويل الهوى يما مويليا- لثورتي مصر وتونس، بعدها قدم الطالب الجامعي المصري وليد عبد الرحمن تجربة مصر كما عاشها عند تلبيته دعوة التظاهر في 25 كانون الثاني ذاهبا من لبنان، وعرض دور الشباب في الثورة مستخدما التقنيات الحديثة لتحقيق غايته، وقد فوجئ بالشعب منتظرا اللحظة ليهب مع الشباب، وقال أن من أهم أسباب نجاح الثورة هو وحدة الرأي والموقف لأطراف واتجاهات متنوعة، ومستوى الوعي والتنظيم الذي تمتع به الشباب الثائر.

فقصيدة محمود درويش - سجل أنا عربي- أداها شاب فلسطيني من مخيم شاتيلا.

وختم الحفل جهاد الهنداوي-عازفا على العود- بأغان خاصة، وأخرى للشيخ إمام -دور يا كلام وشيد قصورك- وقصيدة للمصري إسلام حامد التي وضعها في ميدان التحرير، وقام الهنداوي بتلحينها.

وكان صندوق اقتراع وضع على عتبة السلم المفضي للمسرح، مع قلم وأوراق للاقتراع، عنوانها "مرشحك للسقوط" من الحكام العرب، أدلى فيها الحاضرون بمرشحيهم لدى دخولهم الصالة. وقبل ختام الحفل، أعلنت نتيجة التصويت، ففاز الرئيس الليبي معمر القذافي، ولم تكن الثورة الليبية قد اندلعت.

ميرا خليل من إدارة مسرح بيروت قالت ل"الجزيرة الوثائقية" أن "المبادرة كانت عملا عفويا وسريعا، وكنا على عجلة من أمرنا تعبيرا للتضامن مع تحرك شباب العرب. شعرنا بأنه من المستحيل أن لا نشارك ونتجاوب مع التحرك العربي، فبادرنا إلى هذه الدعوة بسرعة فلباها عدد من الشباب والفرق".

ورأت أمل كعوش من قرية ميرون الصفد الفلسطينية تشتغل في مجال الكاريكاتير، ولها تجارب بالغناء وكتابة الأغنية- أن "للفن دور في الثورات والدليل هو زخم الأغاني الوطنية على طول تاريخ الثورات، فالفن يغذي الثورات، والأغنية تخاطب ذوق الناس وتبث الأمل فيهم، مما يعطي دافعا لإكمال المسيرة وتحفيز الشعوب للاستمرار بالنضال. الأغنية الوطنية في ثورتي مصر وتونس أعادت لنا الأمل، وساهمت بإخراجنا من الإحباط الذي تعيشه أجيالنا منذ عقود".      

وقال رئيس "نادي لكل الناس" نجا الأشقر أن "تحركنا جاء لدعم تحرك شعوب المنطقة بالمسرح والغناء والموسيقى، وهذا أبسط ما يمكن أن نقدمه خصوصا أن الشعب اللبناني كان يشعر بأن القضية هي قضيته، وراح يتابعها لحظة بلحظة”.

وأعرب ل"الجزيرة الوثائقية" عن اعتقاده بأن للفن دور هام فالناس يهربون من الشعارات السياسية المباشرة، ولذلك رأينا كيف كان لأغاني الشيخ إمام وللفن دور في تطوير الحركة، وتفعيلها. فالفن والثقافة تعوض عن ضعف الطرح السياسي لدى القوى السياسية والحزبية الذي يفترض أن يعبر عن صوت الشباب، فيقدم الفن والثقافة نوعا من البديل في إطار تشكيل قيادات شابة للمستقبل".

الجزيرة الوثائقية في

22/02/2011

 

التحريك يحمل آثام السياسية الايرانية

محمد موسى  

عندما اختار المخرج الأمريكي المعروف كونتين تارنتينو "التحريك" لتقديم بعض مشاهد فيلمه "أقتل بيل"، كان الخيار فنيا بحتا، تعلق وقتها بالعنف الاستثنائي لتلك المشاهد المقصودة، وما يمكن ان يثيره التقديم التقليدي (وحسب ما موجود في النص المكتوب) أو حتى الرمزي من إرباك الإيقاع المحدد الهوية للفيلم، والذي استعاد حقبة سينمائية معروفة من أفلام العنف التجارية الأمريكية والآسيوية من سبعينات القرن الماضي، تميزت بانها كانت بعيدة عن العنف "المفصل"، بل ان تلك الافلام، كانت تحمل السخرية في جوهرها من المبالغات التي تحفل بها، والتضخيم الكاريكتوري للأشرار والأبطال على حد سواء فيها.

مخرجون آخرون ارتبطت مشاريعهم ،ومنذ بدايتها بالتحريك لأسباب لوجستية على الغالب. فأفلام مثل: " بيرسبوليس " للمخرجة الإيرانية مرجان ساترابي والذي أنجزته مع زميلها الفرنسي فنسنت بارنو أو فيلم المخرج الإسرائيلي آري فولمان "فالس مع بشير" اختارت "التحريك" بسبب استحالة تقديم قصة عن الثورة الإيرانية كخلفية لتمرد فتاة من طهران على التقاليد المكرسة في المجتمع الايراني، او تلك التي نمت مع الثورة الاسلامية في ايران المعاصرة، في الفيلم الأول. أو تصوير الاجتياح الإسرائيلي العسكري لبيروت في عام 1982 ، بإنتاج إسرائيلي في لبنان في الفيلم الثاني.

ويمكن اعتبار أن خيار "التحريك" لفيلم المخرج الإيراني علي سمادي اهادي "الموجة الخضراء" والذي عرض في مهرجان "سندانس" السينمائي الاخير، وضمن التظاهرة الالمانية للدورة الاخيرة لمهرجان برلين السينمائي والتي اختتمت قبل أيام، محكوم أيضا باشتراطات السياسية، إذ تعيد مشاهد الرسوم المتحركة في الفيلم بناء يوميات مدونين إيرانيين سريين حظوا على شهرة إعلامية عالمية بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، وأثناء الاحتجاجات الكبيرة التي بدأت في إيران قبل أيام قليلة من الانتخابات الإيرانية الرئاسية الأخيرة في بداية شهر يونيو من عام 2009. إذًا يجمع الفيلم الشهادات التي نشرت على مواقع مثل "توتير" و "الفيس بوك"، ويحليها إلى دراما مؤثرة، تصل إلى القسوة أحيانا، وخاصة عندما تعرض بالتناوب مع بعض الأفلام الحقيقية الصادمة والتي صورها ايرانين عاديين لتلك الاحتجاجات، والتي وصل بعضها، وبسبب نشرها على موقع الفيديو "الفيس بوك" الى الكثيرين وقتها.

ويستعين الفيلم بشهادات 3 من المدونين. يبدأ معهم من بدايات الأزمة الإيرانية، ومع بدء التحضير للانتخابات الرئاسية الأخيرة، ليبقى معهم الى نهايات الاحتجاجات. احد المدونون اعرب ومع بدء التحضير للانتخابات الرئاسية عن شكوكه الكبيرة بان ينجح اي تحرك شعبي ضد الحكومة الإيرانية. الشاب الذي لم يتجاوز الحادية والعشرين، انضم بعدها إلى المتحمسين إلى التغيير السياسي في إيران وبعد مشاركته في تجمع شعبي للمعارضة الإيرانية. مدونة شابة كانت تنتظر الفرصة لحدث كبير يهز الحياة السياسية الإيرانية، وانضمت بحماسة كبيرة الى مدونين آخرين كانوا يحاولون تسجيل ما يحدث في إيران ونقله إلى الخارج.

وتكشف بعض الشهادات تفاصيل لم تصل إلى الإعلام الواسع وقتها، بسبب الحظر الذي فرضته السلطات الإيرانية ، وطرد جميع المراسلين الأجانب، وبعد أيام من انطلاق الاحتجاجات الكبيرة. فالمدونة الشابة تتحدث عن أزمة بعض رجال الأمن الإيرانيين، والشعور بالذنب للعنف الذي تعاملوا به مع المعارضة المدنية، والذي وصل إلى القتل المخطط له، وعلى طريقة الاغتيال السياسي. فتنقل لمدونة الإيرانية الشابة كيف ان احد أقاربها من الذين يعملون مع الأمن الإيراني، قام مع زملاء له بقتل 3 من الشباب الإيراني المعارض في احد الشوارع الصغيرة في العاصمة الإيرانية طهران. وان هذا القريب قام بالاتصال بها، لكي ينقل لها أزمته والكثيرين من زملائه.

وتصف شهادة مدون شاب إيراني آخر، ظروف الاعتقال الذي تعرض له لمشاركته في الاحتجاجات ضد حكومة الرئيس الإيراني احمدي نجاد. فهو يصف السجن الضيق الذي وضع به مع العشرات، والاعتداءات التي كانوا يتعرضون لها من حرس السجن. والتي أدت إلى موت البعض تحت التعذيب. عندما يصل الفيلم إلى هذه الشهادة، يتجه التحريك نفسه الى الرمزية، فالمخرج يستعيض بمشاهد التعذيب، بآخر طويل لدماء تسيل من تحت باب السجن المغلق، وأصوات الألم للمسجونين تصم الآذان.

ورغم أن الفيلم نجح في الحصول على لقاءات مع شخصيات إيرانية معروفة مثل المحامية الإيرانية شيرين عبادي والفائزة بجائزة نوبل للسلام ، وآخرين من الإيرانيين الذين تركوا بلدهم ، إلا أن هذه اللقاءات ذاتها هي التي سحبت الفيلم إلى التقليدية. فهي تكشف ايضا عن النمطية التي تسقط بها شخصيات عامة في حديثها لكاميرات الأفلام أحيانا ، وعدم التميز بين الوثيقة الصورية التاريخية ، ولقاء تلفزيوني عابر.

كذلك اختار الفيلم تجاهل المظاهرات المليونية المؤيدة للرئيس احمدي نجاد، والتي كانت احد الأسباب التي أوقفت تظاهرات المعارضة. بالإضافة طبعا إلى تهديد الدولة باستخدام العنف ضد المحتجين على نتائج الانتخابات ، وغضب مرشد الجمهورية الإسلامية علي الخامنئي ، والذي عبر عنه في احد خطبه، من المعارضة ورموزها.

وينضم فيلم "الموجة الخضراء" إلى مجموعة أفلام تسجيلية إيرانية اهتمت بموضوع ما يعرف الآن بالثورة الخضراء الإيرانية، منها فيلم المخرجة الإيرانية هنا مخملباف "الأيام الخضراء" والذي عرض في دورة العام الماضي (2010) من مهرجان روتردام الدولي، والذي يسجل هو ايضا ومن داخل ايران، بدايات الحركة الاجتماعية والتي رافقت ترشيح مرشح المعارضة الإيرانية مير حسين موسوي للانتخابات الإيرانية. ثم تقدم بعاطفية زائدة وتشنج نهايات الحركة الشعبية، والخيبة التي أصابت جيل الشباب الإيراني والذي انحاز الكثير منه للمرشح موسوي.

كذلك عرض مهرجان برلين السينمائي في دورة العام الماضي وضمن تظاهرة "بانوراما" فيلم "احمر، ابيض، اخضر" للمخرج نادر دافودي، والذي يقدم هو الآخر يوميات الاحتجاجات الإيرانية لكن بدون البحث المعمق فيما تعنيه الانتفاضة الإيرانية للذين اعتقدوا لأيام قليلة بان غيروا بدون عنف مصير بلدهم.

الجزيرة الوثائقية في

22/02/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)