حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"البجعة السوداء" جديد دارن أرونوفسكي في الصالات المحلية:

بين الفن والحياة تماهِ يشترط قتل الأصل

ريما المسمار

من عالم الملاكمة إلى عالم الباليه، قفز المخرج دارن أرونوفسكي بين فيلمه قبل الأخير"الملاكم" (The Wrestler) وجديده الأخير "البجعة السوداء" (Black Swan)، في تحوّل أراده صادماً، يشوّش الذهن ويعصر الجسد ويتحدّى الأفكار المسبقة. العنف والألم الجسدي والأرق معالم مشتركة بين العالمين، ولكن الفارق الأساسي بين الفيلمين وعالميهما يكمن في أمرين أساسيين: الأول علاقة المشاهد بكل منهما- مألوفة مع عالم الملاكمة وبعيدة باردة يشوبها الاحترام مع عالم الباليه- والثاني علاقة السينما بهما. ينتمي "الملاكم" إلى إرث سينمائي قديم بينما يزور "البجعة السوداء" كواليس الباليه للمرة الأولى في تاريخ السينما منذ أكثر من ستين عاماً. على هذين العنصرين، يبني المخرج معظم تقنياته على نحو صدامي، مناقضاً في مكان النظرة المسبقة عن عالم الباليه ومشتبكاً في مكان آخر مع أجناس سينمائية أخرى سائدة مثل الرعب والتشويق، ليطلع علينا بهجين سينمائي، يصعب أن يحقّق الإجماع حتى بين السينيفيليين.

يجوز وصف "البجعة السوداء" بالفيلم الذي يصوّر عوالم الباليه السفلية. وذلك في حد ذاته يتناقض مع الصورة السائدة عن هذا الفن الراقي و"النظيف"، ابن البلاط وتسلية النّخبة. منذ المشهد الأول، يمعن الفيلم في تلطيخ تلك الصورة، بداية بقماشة الصورة نفسها والعناصر المتّصلة بها، وتالياً بالأمكنة التي تشكّل مسرح أحداثه. وأول ما تتناقض الصورة معه هو ملصق الفيلم المشع بصورة ناتالي بورتمن وماكياجها الاستعراضي التي توهم المشاهد بأنه على وشك الاستمتاع باستعراض راقص، فإذا بمشاهد الفيلم تنطلق بإضاءة خافتة، تتنتج صورة خشنة خالية من أي استعراض أو مقوّمات جمالية بالمعنى المتعارف عليه والتقليدي. وبعد أن يتّضح أن المشهد الراقص الافتتاحي لم يكن سوى حلم (أو الأحرى كابوس)، تصحو "نينا" (بورتمن) على مشهد غرفة خانقة بمزاجها الطفولي وألوانها البائدة بفعل الزمن، تتحسس أصابع رجليها المتورّمة والدامية، تلقي نظرة على خدش في ظهرها قبل أن تتنقل في أرجاء شقة ضيقة ومعتمة. كل شيء تفوح منه رائحة القلق والخوف والتوتر: صوت نينا المخنوق، تعابيرها المتوترة، عيناها الذابلتان وعلاقتها بأمها التي توحي على الفور بسلطة الأخيرة عليها. لن ينتهي الكابوس هنا، بل سينتقل إلى القطار النفقي حيث يتهيأ لنينا أنها لمحت شبيهتها ومن ثم إلى غرفة الملابس في كواليس المسرح حيث تتندّر الراقصات على "بيث" (وينونا رايدر) راقصة الفرقة الأولى زائلة المجد. ومن هناك إلى جلسة التمرين على المسرح، يقطعها "توماس" (فانسان كاسل) موجزاً فكرة العمل القادم، "بحيرة البجع"، ومشعلاً المنافسة بين الراقصات على الدور الجديد الذي ستلعبه إحداهن، مجسّدة شخصيتي البجعة البيضاء وغريمتها السوداء. كل ذلك والكاميرا لا تفارق وجه "نينا"، الباسم رغماً عنه وعنها، ولكن عاجزاً عن مداراة هشاشتها. في كواليس المسرح الأشبه بشوارع خلفية قذرة ومعتمة، تنتظر "نينا"، منفضة عن الجمع، جلسة اختبار راقصة الفرقة الأولى الجديدة بعد أن قرر "توماس" الاستغناء عن "بيث". تخرج الأخيرة بموجة غضب عارمة، بينما تراقبها "نينا" كأن اسطورة تنهار أمامها. خلال الاختبار، تؤدي "نينا" المقطع باتقان كبير ولكن "توماس" يتحداها بالقول إن دور "البجعة البيضاء" مصمّم على مقاسها، وكأنه يقول لها إنها هي البجعة البيضاء، سجينة نفسها كما هي الأميرة سجينة هيئة البجعة. ولكن البجعة السوداء هي التي تتطلّب شيئاً إضافياً لا تملكه "نينا": الإغواء والتفلّت. الكمال بالنسبة إلى "نينا"، وإلى المشاهد أيضاً، هو قمة الاتقان. أما "توماس" فيريد ما هو أبعد من ذلك؛ يريد راقصة وأكثر. إمرأة شهوانية تستطيع أن تغوي الأمير. من هذا الباب، يطرح الفيلم سؤال العلاقة بين الفن والحياة، ويحرّض "توماس" "نينا" على كسر قيودها. الفكرة مألوفة في التمثيل المسرحي والسينمائي، فكرة أن يتحوّل الممثل الى الشخصية التي يلعبها. أما في الرقص، وفي الباليه تحديداً، فهي تفصيل غير مطروق على هذا النحو، بما يمنح "البجعة السوداء" الجزء الأكبر من حيويته وتأثيره وتجديده.

يصمّم أرونوفسكي الفيلم برمّته من وجهة نظر "نينا" موصداً الباب على نوايا الشخصيات الأخرى وحتى على طبيعتها. لماذا يقرر "توماس" منح الدور إلى "نينا"؟ هل يسعى إلى إغوائها فقط؟ أم أنه يريد من خلال تحديها تفجير طاقاتها الكامنة؟ هل الراقصة الجديدة "ليلي" (ميلا كونيس) ودودة بالفعل؟ أم أنها تسعى إلى مكانة "نينا" ودورها؟ هل يمكن أن تصل غيرة والدة "نينا"، راقصة الباليه السابقة التي لم تعرف الشهرة، إلى سجن ابنتها داخل عالمها مجهض الأحلام والأمل؟ أسئلة كثيرة يحوكها الفيلم على طريق سرد حكايته من دون أن يمنح المشاهد أي خيط توضيحي، بل إنه يعمد إلى تعقيدها أكثر بحبكها مع عالم "نينا" المسكون بالهلوسة والأحلام والتهيؤات. كأن "نينا" بذلك تبتلع الفيلم برمته لتعيد "بصقه" (وهذه صفة مستلّة من ميل الفيلم إلى تصوير الأحشاء بالمعنيين الفعلي والمجازي) معجوناً بكبتها وتخيّلاتها ونظرتها المائلة إلى الحياة من حولها.

لا يغرق الفيلم تماماً في المساحة المموهة بين الواقع والفانتازيا ولكنّه على الرغم من ذلك لا يفقد قدرته على أن يكون مؤرقاً وفي بعض اللحظات مقزّزاً، لأن الواقع والفانتازيا فيه لا يرحمان. واقع "نينا" ليس أقل وطأة من استحلاماتها وتهيؤاتها، كما أن أياً منهما لا يقدم احتمال خلاص. لذلك تكثر المرايا العاكسة بأبعادها المختلفة. كل الشخصيات تعكس شيئاً من "نينا". حتى انعكاس الأخيرة في المرآة يتّخذ حياة خاصة به، كأن صورتها في المرآة شبح حي، يضيء جوانب غير ظاهرة من شخصيتها، تخيفها قبل أن تؤرقنا. ينتهج المخرج التقشّف أسلوباً في تدوير شخصية "نينا". لا بوح ولا تحليل نفسي ولا رموز. يكتفي بإسباغ وجهة نظرها على الشخصيات المحيطة بها ليوحي بحجم الكبت والضغط اللذين تعاني منهما. هي ثمرة تلك الأم التي لا تريد لابنتها أن تكبر وتستقل عنها. وهي ثمرة مهنتها القائمة على فكرة الاتقان المتناهي والمنافسة العالية والجهد القاتل ولكنّها لا تكافئها إلا إذا حرّرت شياطينها وسلكت طريق اللاعودة.

لا أوهام في مقاربة أرونوفسكي لعالم الفن ولا مواربة حتى ولو كان مسرحها الباليه الذي نراه هنا وللمرة الأولى في السينما من المسافة صفر، إذ "تفضح" الكاميرا الجسد وتحيله كتلة عظام هشة وعضلاً متأوّهاً وجلداً مخدوشاً. تعرية كاملة تقوم بها الكاميرا مع "نينا"، لنرى إلى ذلك الجسد المختبئ في ثياب الباليه الرشيقة والمزهوة والرجلين المحشورتين في "بوانت" ظاهره من الساتان الأملس وباطنه من الخشب الخشن. يبني الفيلم بصرياً على هذه الفكرة، فتكثر مشاهد الدم النافر من الأصابع والأرجل واللحم المتشقّق. من المسافة صفر أيضاً، نشاهد الرقص، فنسمع صوت الأقدام إذ تنقر على الأرضية الخشب والمفاصل إذ تتهشّم والعضل إذ يتقلّص.

رحلة اكتشاف الذات هي بالنسبة إلى "نينا"، لا ترافقها النشوة بقدر الصدمة ولا النضج بقدر تبدّل الجلد. مرة ثانية يتخذ الفيلم من هذا التعبير المجازي تطبيقاً واقعياً. "نينا" تبدّل جلدها بالفعل، وإن في خيالها، فينبت لها ريش كتعبير مجازي عن تحوّلها إلى البجعة السوداء، بما هو تنويع على فكرة "المستذئب" (werewolf) في السينما لتصبح في حالة الفيلم "المستبجعة" (were-swan). هنا فقط، تتفوّق "نينا" وتتحرّر من قيودها لتقدّم أداءً عضوياً، تتماهى فيه مع الشخصية-البجعة، أحد انعكاساتها الكثيرة في الفيلم. ولكن الانعكاس يحيا فقط مع لحظة موت الأصل، كما يقول الفيلم لنا. تعثر "نينا" على البجعة السوداء في أعماقها ولكن فقط بعد أن تقتل كل ما عداها من انعكاسات وقبلها الأصل. وفي هذا ما يقول الكثير عن التماهي بين الفن والحياة.

على صعيد آخر، يجوز اعتبار "البجعة السوداء" نقطة تحوّل في جلد ناتالي بورتمن الممثلة. فهذا المزيج من الطفلة والمرأة الذي يميزها يجد بين يدي أرونوفسكي تجسيده الفعلي، معرياً الممثلة الموهوبة من سحرها المعتاد وواضعاً إياها في مواجهة مع شرورها الداخلية وقدراتها الكبيرة.  

في الصالات

"خطاب الملك" دراما تاريخية بتأثيرات تلفزيونية ومسرحية

انطلقت مسيرة فيلم "خطاب الملك" من مهرجان تورنتو السينمائي في أيلول الماضي حيث فاز بجائزة الجمهور، ليرسّخ حضوره خلال الشهرين الأخيرين بمجموعة كبرى من الترشيحات والجوائز. فمن فوزه بجائزة الكرة الذهب لأفضل ممثل في دور درامي (كولن فيرث)، ذهب ليحصد قبل أسابيع اثني عشر ترشيحاً لجوائز الأوسكار التي ستُعلن يوم 27 شباط/ فبراير المقبل. كما حاز قبل أيام سبع جوائز بافتا في مسقط رأسه بريطانيا. وبقدر ما رسّخت تلك التكريمات مكانته ولفتت الأنظار إليه، استفزّت مجموعة من المؤرخين والنقاد لا سيما في بريطانيا اعتبرتها - أي التكريمات - تتويجاً للأخطاء التاريخية "الجسيمة"، في عرفهم، التي يشتمل الفيلم عليها. ولكن كما هي الحال دائماً مع هذا النوع من الأفلام، يردّ صناعها غياب بعض الحقائق إلى ضرورات الاختزال بينما يصعب على المشاهد العادي اقتناص تلك المغالطات، ليبقى مشدوداً إلى الحكاية والدراما اللذين يشكّلان ركيزة قوية في "خطاب الملك".
لعلّ المدخل الأكثر إثارة وحميمية إلى "خطاب الملك" يأتي من خارج الفيلم، من حكاية الكاتب الإنكليزي- الأميركي دايفيد سايدلر وعلاقته الشخصية بالمشروع. ذلك أن سايدلر (72 عاماً) عانى في طفولته من التأتأة تماماً مثل الملك جورج السادس محور الفيلم. وحين تنبّه إلى أن الملك استطاع التغلب على مشكلته، اقتنع أن بإمكانه أيضاً تجاوزها. من هنا، شكّل مشروع فيلم عن الملك حلماً بالنسبة إلى سايدلر، إلا أن والدة جورج السادس الملكة الأم طلبت منه أن يتمهّل في إنجازه إلى ما بعد وفاتها تفادياً للألم الذي تعيده الذكرى إليها. هكذا طفق الكاتب يشتغل أفلاماً تلفزيونية عادية إلى حين وفاة الملكة عن عام بعد المئة أي بعد نحو ثلاثين عاماً من تفكيره بالفيلم. هكذا، تؤسس هذه الحكاية الخلفية لعلاقة بين الجمهور والفيلم أبعد من كونها قصة واقعية عن ملك ربما لا يأبه له، إذ يصبح الفيلم في تصورنا سيرة كاتبه. بمضمونه التاريخي، يعود الشريط بالمشاهد إلى عصر مختلف من النجومية والشهرة والعلاقة بهما كما إلى عصر كان الراديو اكتشافه الأكبر. لا شك في أن العمل يحتوي على عناصر إنسانية مؤثرة وحكاية مليئة بالمشاعر وإن كانت أحداثه متوقعة. ولكن المؤكد أيضاً أن "خطاب الملك" ليس عملاً سينمائياً بقدر ما هو أدبي وأحياناً مسرحي. ولا غرو أن يقع تحت تأثير الأخيرين حيث أداره كاتب (سايدلر) ومخرج (توم هوبر، 38 عاماً) قادمان من خلفية طويلة في العمل التلفزيوني وحيث النص الأساسي الذي كتبه سايدلر كان مسرحياً. ولا ننسى أن الفيلم يتعاطى بشكل أساسي مع موضوع الصوت وإحساس المتأتئ بأن لا صوت له ولا حق له في الكلام والتعبير. وذلك ما ظهر في الفيلم على نحو كبير، مانحاً الصوت وأبعاده ودلالاته مساحة كبرى تطغى على الصورة في أحيانٍ كثيرة. على أن الأخيرة لم تغب تماماً، ولكن تصوّر المخرج توم هوبر روّضها لتكون انعكاساً لحالة الملك النفسية. هكذا استغنى، لا سيما في النصف الأول من الفيلم، عن الكادرات الواسعة مختزلاً القصر الملكي في مجموعة أماكن مشتّتة ومقفلة كالردهات والغرف المغلقة للتعبير عن حالة جورج السادس الذهنية وإحساسه الدائم بأنه سجين عاهته. كولن فيرث الذي حقق العام الفائت نقطة تحول من خلال فيلمه "رجل عازب"
A Single Man ، يعثر في هذه الدراما التاريخية على تتمة ملائمة لتظهير شخصيته السينمائية التي كانت حتى الأمس القريب أسيرة اختزالين: شخصية "السيد درارسي" التي قدمها في اقتباس "بي بي سي" لرواية جاين أوستن الشهيرة "كبرياء وتحامل" Pride and Prejudice عام 1995 وأدوار الكوميديا الرومنسية في أفلام من طراز "مذكرات بريدجيت جونز" و"ماما ميا". وهنالك بالطبع تجربة لافتة قدمها في شريط أتوم اغويان المميز "حيث تكذب الحقيقة" Where the Truth Lies. في "خطاب الملك"، يقدم فيرث أداءً لافتاً يحكي الكثير عن استحقاقه لجائزة أوسكار. ولا يقل حضوراً في الفيلم الممثلان جيفري راش في الدور معالج النطق "ليونيل لوغ" وهيلينا بونهام كارتر في دور زوجته "أليزابيث" التي ستصير في ما بعد الملكة إليزابيث.

المستقبل اللبنانية في

18/02/2011

 

 

هل كان تشارلي تشابلن غجريًا؟

إعداد لؤي محمد

كشفت رسائل تعود إلى تشارلي تشابلن عن أنه قد يكون من أصل غجري. جاء العثور على هذه الرسائل في مستودع محمي من القنابل في سويسرا ومخصص للودائع الثمينة.

لكن صحيفة الغارديان اللندنية تعتبرها أثمن من أي كنز موجود في ذلك المستودع، لأنه يخص واحدًا من أبرز وجوه القرن العشرين. إذ ظل الكثير من الناس يظنون أن كل شيء قد كشف عن حياة تشابلن خلال حياته وبعد موته، فهو قد ولد عام 1889؛ وعاش طفولة قاسية بسبب فقر أسرته. 

وأصبح أكثر الوجوه المعروفة عالميًا بعد ظهوره في سلسلة طويلة من الأفلام الصامتة، التي أضحكت البشرية خلال العقدين الثاني والثالث من القرن الماضي، قبل أن تصل السينما الناطقة.

مع ذلك، فإن مستودع مونترو قد كشف ثروة لم تصلها يد من قبل. إنها رسائل كتبها تشابلن خلال الخمسينات من القرن الماضي، وعكس فيها شعوره العميق بالمرارة من أميركا، بعد بدء الحملة المكارثية على اليسار الأميركي. هناك تسجيلات محفوظة أيضًا يظهر تشابلن فيها خلال الثلاثينات من القرن الماضي وهو يطرح إمكانية العودة إلى بلده الأمّ بريطانيا ليشارك في الحياة السياسية.

وكان الأكثر إثارة في ما تم العثور عليه هو تلك الرسالة الودية القصيرة التي أرسلها شخص في سنّ يتجاوز الثمانين اسمه جاك هيل، وكتبها من منطقة تامويرت خلال السبعينات من القرن الماضي، وفيها قال إن تشابلن ليس أحد أبناء جنوب لندن الأكثر شهرة في العالم، بل هو قد دخل هذا العالم في عربة (كارافان) تعود إلى  الغجرية كوين، التي هي خالة المرسل هيل، وإنه قد ولد في منطقة "بلاك باتش" في سموثويك بالقرب من برمنغهام.

وحسبما أوردت صحيفة الغارديان، فإن منطقة"بلاك باتش" كانت مملوءة بأفراد من جالية رومانية غجرية، وتقع هذه المناطق عند أطراف مدينة برمنغهام. وحتى الآن لم يكشف عن هوية تشابلن، في حين كانت هانا أم تشابلن، التي تلقب عائلتها بـ "هيل"، سليلة عائلة متنقلة. لذلك فإنه ليس من المستبعد أن يكون تشارلي نفسه غجريًا من منطقة ويست لاندز.

إيلاف في

18/02/2011

 

 

الفيسبوك يتحول إلى ساحة لمعارك الفن السوري

دعوات لمنع فراس إبراهيم من تمثيل دور محمود درويش.. ولعدم الإساءة إلى ذكرى اميرالاي:

دمشق - 'القدس العربي' ـ من محمد منصور:  

بسبب ضعف الصحافة الفنية في سورية، وخضوعها للرقابة الشديدة من قبل وزارة الإعلام، وغياب النقد عن كثير مما يكتب في الصحف اليومية الرسمية في مجال المتابعات الفنية، وتحول الكثير منها إلى صحافة مجاملات ومدائح بلهاء تثير ضجر القارئ، وتدفع إلى إعراضه عن المتابعة، كما نرى في ملحق (تشرين دراما) على سبيل المثال لا الحصر، تحول موقع التواصل الاجتماعي الأشهر (الفيسبوك) إلى ساحة لمعارك الفن السوري.

ساحة لا يديرها إعلاميون وصحافيون من السهل اتهامهم بأنهم (مأجورون) و(منحازون) كما درجت على ذلك إدارات المؤسسات الإعلامية والفنية والكثير من الفنانين معهم، بل يشارك فيها شباب الفيسبوك من أصحاب الاهتمامات الثقافية والفنية، الذي بات يجد في موقع التواصل الذي فك الحجب عنه في سورية مؤخراً، وسيلة إعلامه: الحرة والخاصة والسهلة الانتشار، والقادرة على الاستغناء عن استعلاء الإعلام الرسمي عليه، ومحاربته للرأي الآخر حتى في مجال الفن والدراما والسينما.

إلا محمود درويش

وفي هذا السياق تشهد صفحات (الفيسبوك) حملة غير مسبوقة يحاول أصحابها من عشاق الشاعر محمود درويش منع الممثل فراس إبراهيم من تجسيد شخصيته، في المسلسل الذي يجري تصويره حالياً ويحمل اسم (في حضرة الغياب).

أكثر من مجموعة أسسها الشباب السوريون على (الفيسبوك) تناشد الممثل والمنتج فراس إبراهيم التخلي عن تجسيد شخصية الشاعر الكبير محمود درويش في المسلسل الذي كتبه حسن م يوسف، ويخرجه نجدت أنزور، واكبر هذه المجموعات، الصفحة التي حملت عنوان: (معاً لمنع فراس إبراهيم من تمثيل شخصية محمود درويش)، التي بلغ عدد أعضائها وحتى ساعة كتابة هذه الكلمات حوالي (2000) شخص، والعدد مازال في تصاعد.

ويتناوب أعضاء الصفحة على كتابة التعليقات الساخرة، التي تمس شخص الفنان فراس إبراهيم، في سابقة لم تحدث في تاريخ الفن السوري من قبل... ومن الكلمات التي وجهها أعضاء هذه المجموعة: (لأ... لحد محمود درويش وكفى... احملوا اسماءكم وانصرفوا) وكتب آخر (شباب أنقذوا محمود درويش من العذاب) وقال ثالث: (محمود درويش بقبره رح يلعن الساعة اللي صار فيها شاعر)... وامتلأت الصفحة بالتعليقات الجارحة التي شككت بإمكانات فراس إبراهيم التمثيلية، وألغت كل محاولاته الفنية السابقة التي لا تخلو من أعمال ناجحة، إذ قال أحدهم: (فراس إذا مثل حاله رح يطلع بشع) فيما شبهه آخر (في وقت سابق) بالرئيس المخلوع حسني مبارك الذي كان يسمع الشتائم بحقه وظل مصراً على البقاء في الحكم قبل أن يتنحى... وعلق آخر على إحدى صور المسلسل التي ظهر فيها فراس إبراهيم بدور درويش (الصورة المنشورة) بالقول: (مين عندو ولاد... هذا هاري بوتر وحيد في المنزل)!

وتحفل الصفحة بكم من التعليقات الطريفة فأحدهم يهدد بإغلاق التلفزيون طيلة شهر رمضان ومقاطعة الدراما السورية إذا ظهر المسلسل إلى النور، وآخر يدعو إلى الله أن يقطع التيار الكهربائي في كل سورية، طيلة فترة عرض المسلسل!

ويشعر المشرفون على الصفحة بالغيظ والقلق من أن تشوه صورة واحد من أكبر شعراء العرب في العصر الحديث على حد تعبيرهم... ولهذا فهم يطالبون أعضاء الصفحة بوضع اقتراحات عملية يمكن أن تمنع فراس إبراهيم من أداء الشخصية... ونقرأ بلغة لا تخلو من عصبية: (يا شباب هيك ما بيصير يا بتحطوا اقتراحات يا بلا منها هالصفحة)... ومن الاقتراحات التي وردت ما كتبه أحد الأعضاء: (اليوم خطر عبالي انو شي فضائيه تعمل برنامج خاص بالموضوع بمشاركة هالصفحة) أما آخر فقد اقترح أن (نقوم بعمل اعتصام أمام بيت فراس إبراهيم حتى يتراجع عن تمثيل الدور) فيما طالب ثالث باختطافه وعدم الإفراج عنه حتى تنتهي دورة رمضان على خير وسلام.

صفحة ثانية على (الفيسبوك) أيضاً، حملت عنوان: (بدنا مسلسل عن محمود درويش بدون فراس إبراهيم) وضعت شعاراً لها صورة الشاعر محمود درويش، وإلى جانبها صورة للفنان فراس إبراهيم، وقد غطتها إشارة (إكس) حمراء كبيرة، دلالة على وجوب حذف صورته من المسلسل، ويدعو أصحاب هذه الصفحة إلى زيادة عدد الأعضاء فيها كي (يوصلوا صوتهم بقوة) على حد تعبيرهم، إذ يبلغ عدد أعضاء هذه الصفحة (207) حتى الآن.

وطرح أعضاء هذه الصفحة أسماء ممثلين آخرين للعب الدور كالفنان بسام كوسا الذي كان اسمه الأكثر تداولاً، ثم تيم حسن ومكسيم خليل... لكن العديد من المعلقين أشاروا إلى أن فراس إبراهيم هو منتج المسلسل، وبالتالي فهو قد فرض نفسه على الشخصية (بفلوسه) على حد زعمهم... فيما اقترح أحد الظرفاء إطلاق حملة تبرعات لجمع مبلغ كبير من المال، وإعطائه لفراس إبراهيم كي يتنازل عن الدور.

وبخلاف هذه المجموعات تحفل الصفحات الشخصية للعديد من الشباب والكتاب والصحافيين، بإشارات تعبر عن امتعاضها من تمثيل فراس إبراهيم لشخصية محمود درويش، وصمت أسرته عن هذا الأمر... إلا أن الصفحة الشخصية للفنان فراس إبراهيم تضم بدورها حوالي (5000) صديق، يعبر كثير منهم عن إعجابهم به وتمنياتهم له بالتوفيق والنجاح.

على صعيد آخر صرح أحد من اطلعوا على نص مسلسل (محمود درويش) الذي كتبه حسن م يوسف، بأنه سينافس نص قمر الزمان علوش عن نزار قباني في الإساءة لذكرى الشاعر الكبير محمود درويش، وتحدث عن اللغة الخطابية المتثاقفة التي تغلب على الحوار، ناهيك عن إطلاق الخيال في قصص وخطوط عاطفية لم يُعرف مصدر موثوق لها في حياة الشاعر محمود درويش... إلا أن كل هذا الكلام، يبقى سابقاً لأوانه، ولا يشكل أي ركيزة مناسبة لإطلاق حكم على المسلسل، إلا بعد أن يظهر إلى النور، ويعرض على الجمهور... وهو ما ينطبق برأينا على أداء الفنان فراس إبراهيم الذي يبقى أسوأ ما في معركته، ليس لأنه يرى نفسه مناسباً لأن يمثل دور محمود درويش، بل لاأنه منتج العمل!

اتهامات لمؤسسة السينما

من جهة أخرى، أنشأت مجموعة من الشباب ويفترض أن فيهم بعض الإعلاميين غير المنتسبين للإعلام الرسمي في سورية، صفحة على الفيسبوك بعنوان: (ملفات الفساد في المؤسسة العامة للسينما) وضعوا شعاراً لها، صورة للناقد السينمائي الزميل محمد الأحمد المدير العام لمؤسسة السينما في سورية، ومدير مهرجان دمشق السينمائي، ورئيس تحرير سلسلة الفن السابع، ورئيس تحرير مجلة (الحياة السينمائية) ومعد برنامجي السينما في التلفزيون السوري. وتضم الصفحة حتى الآن أكثر من مئتين وعشرين عضواً، يتداولون في ما بينهم ما يقولون إنه (ملفات فساد) على حد تعبيرهم.

ومن الواضح أن ثمة تفاصيل مهنية وتقنية تمس آلية العمل في المؤسسة وفي إدارة مهرجان دمشق السينمائي وفي التلفزيون، من الصعب على الشباب العادي أن يفهمها أو يصل إليها، مما يوحي بوجود أشخاص من داخل الوسط السينمائي والإعلامي مشاركين في إنشاء هذه الصفحة.

ولعل أخطر ما نشر في صفحة (ملفات الفساد في المؤسسة العامة للسينما) الرسالة التي وجهها أحد الأعضاء إلى مدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون في سورية يقول فيها:

(الأستاذ معن حيدر المحترم باعتبارك سيدي إنسانا مشهودا له بالنزاهة والأخلاق وصاحب يد بيضاء، فهل ترضى أن يتم عرض أفلام أجنبية حديثة جداً على القناة الأولى للتلفزيون السوري ضمن برنامج فيلم الأسبوع الذي يعرض مساء يوم السبت، إعداد وتقديم محمد الأحمد، بدون حصول تلك الأفلام على حقوق عرض نظامية، ولأخذ العلم فان ممثلي الشركات الموزعة للأفلام التي تم عرضها وسيتم عرضها في ما بعد، ربما قد تتخذ إجراءات قانونية بحق ذلك، وللعلم أننا لو دخلنا إلى السجلات الخاصة للتلفزيون فلن نجد أي وارد في ما يخص شراء هذه الأفلام (...) والجميع يعلم مدى نفوذ محمد الأحمد في التلفزيون السوري نتيجة علاقته الوطيدة مع وزير الإعلام، ونتمنى من التلفزيون السوري أن يعرض أفلاماً مختارة بعناية وبترخيص عرض نظامي، حرصاً على نزاهة هذا الجهاز العظيم الذي يكن له غالبية الشعب السوري تاريخاً من المحبة والذاكرة الطيبة).

كما يشير عضو آخر في الصفحة إلى أن السيد مدير مهرجان دمشق يعرض أفلاماً مشاركة في المهرجان من دون علم أصحابها، فهو يشتريها من موزعي الأفلام في القاهرة وبيروت ويقول أنها أرسلت إلى المهرجان الذي لا يمنح لأحد شهادة مشاركة فيه كما بقية المهرجانات الأخرى!

وإذا كانت 'القدس العربي' لا تتبنى أياً من هذه (الادعاءات) أو (الاتهامات) التي لم تثبت صحتها بعد ولا تصدقها... فإنها تفترض في الجهات المعنية أن تحقق فيها، حرصاً على سمعة التلفزيون السوري، والمهرجان السينمائي الوحيد في سورية.

الإساءة إلى ذكرى مخرج كبير

وعلى صعيد آخر أطلقت مجموعة من الفنانين والسينمائيين بياناً على (الفيسبوك) أيضاً، ضد الناقد محمد الأحمد على خلفية تصريحاته التأبينية عن المخرج عمر اميرالاي في أحد برامج التلفزيون السوري، والتي أثارت موجة من الغضب في أوساط السينمائيين واعتبرها بعضهم (مسيئة لذكرى الراحل الكبير) على حد تعبير الغاضبين. ومما جاء في هذا البيان الذي أطلقه كاتب السيناريو الشاب غسان زكريا على صفحته الشخصية على الفيسبوك:

(بعيداً عن النظرة الشخصية، الفردية، لشخص السيد محمد الأحمد، وبعيداً عن الأخبار المتواترة عن انتشار الفساد الإداري والمالي المستشري في أروقة المؤسسة العامة للسينما، كان وقع حديث السيد محمد الأحمد عن المخرج الراحل عمر أميرالاي علينا شديداً، مما دعانا إلى الخروج عن الصمت، حيث دلَّ الحديث لا على استفراد الأحمد بالمؤسسة، وبالسينما السورية كلها، وكأنها مزرعته الشخصية الخاصة فحسب، بل ودل أيضاً على جهل كبير بالفن السينمائي لدى من يُعتَبر المؤتمَن على السينما السورية بوصفه ناقداً مميزاً. فحديث السيد الأحمد عن الراحل عمر أميرالاي، وهو أحد الرموز السينمائية المهمة في سورية، جاء بعيداً كل البعد عن قواعد النقد الفني السينمائي الذي يُفتَرض به تناول الأعمال الفنية من الناحية الجمالية أولاً والفكرية ثانياً والارتباط بينهما ثالثاً).

وكان من أبزر الأسماء الموقعة على البيان: المخرج السينمائي نبيل المالح والفنان فارس الحلو، والشاعر فرج البيرقدار، والسينمائية هالة العبد الله، ومدير التصوير عبد القادر شربجي، والكاتب سحبان السواح، والكاتبة مية الرحبي، والشاعر منذر المصري، والماكييرة بشرى حاجو، والكاتب عمرو السواح، والصحافية إيمان الجابر، والممثلة ريم علي، والإعلامية المخضرمة هالة الأتاسي، ومهندس الغرافيك إياد شهاب أحمد، والصحافي عامر مطر، والناقد حازم العظمة، والممثلة ميسون أبو أسعد، والممثلة مريم علي، والممثلة حلا عمران، والمخرجة إيناس حقي، وشقيقها طالب الإخراج السينمائي سعد حقي، وهما ابنا المخرج هيثم حقي الذي غاب توقيعه على البيان.

ناقد فني من سورية

mansoursham@hotmail.com

القدس العربي في

18/02/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)