حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

السينما اليابانية أكثر من سخر الوحش الأمريكي

"غودزيللا" يعود بـ 100 مليون دولار

محمد رضا

هناك عودة قريبة الى الوحش الخرافي المعروف ب”غودزيللا” بطلها مخرج بريطاني ناشئ اسمه غاريث إدواردز أنجز في العام الماضي فيلما تشويقيا رخيص الكلفة بعنوان “مونسترز”، كان الأول له ونال عنه ثناء النقاد والمنتجين السينمائيين في الوقت نفسه في حالة شبه نادرة هذه الأيام .

كان إدواردز انكب على هذا المشروع منذ بضعة أشهر، لكنه لم يكن في وضع يمكّنه من الترويج لفكرته هذه الى أن خرج فيلمه للعروض فتقدم بمشروعه ونال سريعاً موافقة شركتي إنتاج هما “وورنر” و”لغندري”، ما ساعد على اعتماده مخرجاً لفيلم قد تصل كلفته الى أكثر من مئة مليون دولار، حقيقة إن فيلمه الأول ذاك أظهر عناية فائقة بالتصميم العام للمشاهد وبتصويرها على ضوء يخلق جماليات موحشة تناسب فكرة ذلك الفيلم .

والوحش الخارج من مياه المحيط الهادئ لأول مرّة سنة 1945 في فيلم أخرجه حينها إيشيرو هوندا، استولى على الاهتمام سريعاً، ما جعله بطلاً قومياً محتفى به في 28 فيلماً يابانياً توالت من ذلك التاريخ الى عام 2004 .

هذا الى جانب الكتب وألعاب الفيديو ومجلات الكوميكس والمسلسلات السينمائية . ويختلف “غودزيللا” عن وحوش هوليوود التي خرجت في الفترة ذاتها في أنه ذو شخصية مركّبة إذا ما صح التعبير . ففي جذوره الأولى أنه نتاج إلقاء القنبلتين الذريّتين على هيروشيما وناغازاكي قبل عشر سنوات من تاريخ الفيلم الأول . بذلك تقمّص الوحش، في الوجدان الشعبي الياباني، أسوأ المخاوف المحتملة ولو في هامشها الخيالي العريض . “غودزيللا” (او “غودزيرا” كما في اليابانية) هو الكابوس الذي يقع نتيجة استخدام الإنسان للقوّة النووية . ومع أن بعض الأفلام صوّرت “غودزيللا” على أساس أنه مستعد للدفاع عن البشر ضد مخلوقات ضارية أخرى، فإن معظم الأفلام صوّرت كذلك الدمار الكبير الذي يستطيع الوحش إحداثه في المدن اليابانية من دون أن تتمكن القوّات العسكرية المختلفة من التصدّى فعلياً له . في جل هذه الأفلام يخرج من الماء الى اليابسة ويدمّر في مسيرته الجسور والمباني والطرق ومن عليها .

من هذا كلّه يستطيع المرء أن يستنتج أن ردّ فعل اليابانيين على قيام الولايات المتحدة بإلقاء القنبلة النووية على بلادهم كان تجسيد الاعتداء في شخص وحش ضخم لا يرحم ولا يردعه شيء عن تدمير الحياة فوق الأرض . في الوقت ذاته، وبما أن الشعور العام لليابانيين بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة أنهم دفعوا ثمن ما قاموا به حين شنّوا الحروب على دول جنوب شرق آسيا، فإن الرسالة التي في الأفلام المذكورة، خصوصاً تلك التي انتجتها شركة شووا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، أن الوحش كان ردّة فعل أكثر منه فعلاً . لقد تم إيقاظه من سباته الطويل، كما تقول تلك الأفلام، وعلى اليابان تحمّل النتائج .

الحقبة الثانية وردت في النصف الثاني من الستينيات حين ابتاعت شركة أخرى، اسمها هايسي، السلسلة وانتجت سبعة أفلام طوّرت فيها من التقنيات ومنحت “غودزيللا” مظهراً يثير قدراً أكبر من التعاطف . لكن بصرف النظر عن تلك النظرة او سواها، فإن اليابانيين الذين التفوا على كل أفلامه، ومعظهما بالأبيض والأسود، كانوا في الواقع يقبلونه بأي صورة كانت .

حينما قام المخرج الأمريكي رولاند إيميريك بتحقيق نسخة أمريكية مكلفة من تلك الشخصية، سمّاها، ببساطة، “غودزيللا”، كان الأمل ابتكار سلسلة ناجحة من الأفلام يكون ذلك العمل، الذي قام ببطولته ماثيو بروديريك وجان رينو، أوّلها .

فيلم إيميرك لم ينجز من النجاح ما يكفي لاعتماده تمهيداً لسلسلة تحمل اسمه، كان مثيراً للضحك في مناسبات لم يكن المقصود منها ذلك، وكان مغالياً في تحديثه صورة الوحش الى درجة أن المشاهدين وجدوا أنفسهم أمام شخصية كاريكاتيرية وليست كلاسيكية سبق لهم أن أقبلوا عليها لعناصر وقيم أخرى . في الوقت ذاته، هناك دلالات تشير الى أن غاية إيميريك كانت تقليد ستيفن سبيلبرغ والإيعاز بأن هناك آخرين يستطيعون تحقيق ما ينجزه . وكان إيميريك قدّم قبل نسخته من “غودزيلا” فيلمه الخيالي العلمي “يوم الاستقلال” سنة ،1969 وذكر حينها أنه غير معجب بأفلام سبيلبرغ التي تصوّر مخلوقات الفضاء مخلوقات مسالمة، قاصداً بذلك “اي تي” و”لقاءات قريبة من النوع الثالث” .

مهما يكن، فإن التجربة الهوليوودية التي تمثّلت في فيلم “غودزيللا” لم تثر الاهتمام المطلوب ولا نصف القدر من الإعجاب الذي سجّلته الأفلام البيضاء والسوداء وذات المؤثرات البدائية المصنوعة في اليابان . هذه هي المفارقة المهمّة التي يعد غارث إدواردز بتداركها .  

طبيب تشيخوف سجين "الجناح رقم 6"

من بين الأفلام التي تم تداولها في الأشهر الأخيرة بين المهرجانات الصغيرة ثم بين أعضاء “الغولدن غلوب” والأوسكار فيلم يحمل عنوان “الجناح رقم 6” وهو عنوان رواية من أعمال تشيخوف الرائعة واقتباس  مخرجيها الروسيين كارِن شانازاروف وألكسندر غورنوفسكي .

مثل العديد من روايات تشيخوف، تتحلّى الرواية بأسلوب نثري صعب النقل الى السينما . إنها رواية تكاد أن تكون بلا حوارات، تميل إلى الوصف والاستطراد فيه ما يخلق لدى كاتب السيناريو مشكلة كبيرة يصعب حلّها وهي كيفية الإبحار بين أحداثها وهي القصّة القائمة على نص وصفي يرفض التقسيم السريع إلى أحداث ومفارقات مجزّأة . هذه الصعوبة لم تمنع محاولات سابقة جرت لتحويل الرواية وبعضها تمتّع بحسنات أكيدة . ما هو جديد في هذا الفيلم الجديد هو أن التحدّي أثمر وسيلة جديدة لتصوير حكاية الطبيب النفسي الذي وجد نفسه مريضاً نفسياً . 

الوسيلة التي ابتكرها المخرجان شانازاروف، وكانت رئيسة الإنتاج في استديوهات موسفيلم الأسطورية لسنوات عديدة، وغورنوفسكي هي إسناد عملية السرد إلى شهادات يدلي بها المرضى الذين عرفوا الطبيب ولديهم ما يقولونه في مأساته .

بمجرد اختيار هذه الوسيلة فإن الفيلم يجد نفسه لاجئاً في أرض السينما الوثائقية . الكاميرا على الوجوه وهي تدلي بشهاداتها . الجميع يتحدّث الى الكاميرا بطبيعة الحال، وبالتالي فإن الشعور

المتولّد هو أن الفيلم يسرد وضعاً حقيقياً وليس تمثيلياً .

الحقيقة، حتى ومن دون العودة الى أصول الفيلم الأدبية، هي أنه يستخدم الأسلوب الوثائقي لسرد حكاية خيالية مئة في المئة . يبدأ بممارسة المنهج التسجيلي في دقائق طويلة أولى، ثم يقطع فجأة إلى مشاهد تمثيلية نتعرّف فيها إلى الطبيب ومكانته ورجاحة عقله، ثم نعود الى الأسلوب التوثيقي، قبل العودة الى المشاهد التمثيلية لنرى بداية أزمة الطبيب مع واقعه وعمله وهذا يحدث من جديد قبل أن نجد أنفسنا أمام طبيب تم سجنه في جناحه من المستشفى مع باقي المجانين والمرضى النفسيين لأنه، بالنسبة لأطبّاء آخرين، فقد رجاحة عقله، ولو أنه لا يزال يعتقد أنه لم يفقد شيئاً يستحق من أجله أن يتحوّل إلى واحد من المرضى .

إزاء المنحى التسجيلي المركّب (هل أقول المزيّف؟)، يتبدّى كيف يمكن قدر الحرية المتاحة أمام الفيلم الروائي إذا ما أراد الخروج من السرد التقليدي . هنا اللعب على العلاقة بين التسجيلي والروائي ينتج فيلماً ذا بعد ثالث .  دراما جادّة حول وضع عاش بيننا جميعاً، لوقت من الأوقات كنكتة أو ككابوس أحياناً (تصوّر شخصاً يدخل المستشفى لعيادة قريب له فيتم حبسه والإفراج عن القريب المجنون بالخطأ)، لكن لا الفيلم نكتة ولا الرواية في الأصل مكتوبة للدعابة . كلاهما يبحث في الإنسان وخفايا وضع جدّي يعبّر عنه الممثل  فلاديمير إيلين خير تعبير . إنه ممثل قصير وبدين ويميل للصلع واللقاء الأول بيننا وبينه يجعلنا ندرك أنه يحمل هموماً متراكمة يعانيها يومياً مع كل أولئك المرضى من حوله . لا عجب أنه انتهى كواحد منهم .

لكن هذه النهاية لها أسباب بيئية واجتماعية وسياسية إذا أردت . نقل الكاتبان- المخرجان - الفترة الزمنية التي وضع فيها تشيخوف قصّته هذه الى الزمن الحالي . لكن هذا الزمن الحالي ليس حديثاً ولا معاصراً، بل يحمل أجواء مرعبة كما لو أنه يدور في عالم آخر تماماً . عالم لا يخلو من الخوف . ليس لأن الفيلم ينتمي إلى سينما الرعب، لكن مجرد التفكير في حكايته، ومجرد النظر إلى الشكل القشيب جداً الذي وضعه المخرجان فيه يجعلان المرء يدرك أنه أمام حالة مفزعة لا يريد حتى التفكير باحتمالاتها .

تشيخوف كتب عن كابوس طبيب ينزلق إلى الجنون . الفيلم وجد طريقة رائعة للتعبير عنها والنتيجة عمل خالٍ من الرونق الكاذب، يشابه الواقع الذي يحف بموضوعه وتتحوّل أحداثه إلى مشاهد تبقى في البال طويلاً، ما يجعله فيلماً كابوسيا من الطراز الأول . 

أوراق ناقد

تخمة الوهم

كتب إليّ أحد الأصدقاء رسالة يذكر فيها أن أحد المخرجين ما أن استلم جائزته في مهرجان سينمائي عربي حتى تغيّر تماماً . تصرّفاته أصبحت متعالية . كلامه مع الذين يخاطبونه أصبح لا يخلو من الاستعلاء والتواضع الذي كان يتميّز به حين كان لا يزال يعيش حالة الحلم الكبير بتحقيق فيلمه تلاشى في طيّ اليوم السابق . الآن، يقول الصديق، صار مخرجاً لامعاً . . . لقد نال جائزة .

يضيف الصديق، أن جزءاً من المسؤولية في ذلك يتحمّلها النقد الذي أعجب بالفيلم وكتب عنه بالإيجاب، بينما هو في الواقع فيلم ضعيف لا يستحق لا الجائزة ولا الإعجاب .

المخرج المعني جديد في الساحة وفيلمه هذا هو الأول ما يجعل المرء يتساءل عما كان سيفعل هذا المخرج لو أنه أنجز للآن خمسة أو عشرة أفلام وتم تقديره عن مجمل أعماله؟ هل كان سيبنى سوراً حول نفسه وينعزل فيه بعيداً عن العالم لأن العالم أقل منه مستوى ومعرفة وقيمة؟

الآفة التي يعاني منها هذا المخرج يعاني منها كثيرون في السينما والفنون الأخرى، بل في نواحٍ ومهن كثيرة أخرى . ينجز الواحد نجاحاً فتنقلب كل جدران البيت الى مرايا يقف أمامها بإعجاب كبير مبتسماً لنفسه . لقد داخله اليقين من أنه ينتمي إلى النخبة . ما كان عليه أن يفكّر به هو إذا ما كانت هذه النخبة (في السينما تاركوفسكي وأبوسيف وفيلليني وهيتشكوك وكوريساوا ورنوار وكوزنتسيف والعشرات سواهم) سيقبلون به عضواً .

والحقيقة أن من حق المرء أن يشك في أن المخرج سمع عن أي من تلك الأسماء، وإن فعل فهل شاهد لها أي فيلم، وإن شاهد لهم جميعاً فيلماً واحداً أو اثنين، هل تعلّم منه شيئاً . لقد حقق فيلماً جيّداً لا ريب لكن الجودة ذات درجات كثيرة وقد يكون هو في مطلع هذه الدرجات . حتى ولو كان على سدّتها الفوقية، هل يعطيه ذلك الحق في أن يختال ويعتبر نفسه قد وصل الى رحاب العالم بأسره؟

صديق آخر قال لي ذات مرّة ملاحظاً: “هل تعلم أن الإنسان العربي أكثر البشر حبّاً لنفسه؟” . لا أعرف إذا ما كان ذلك حقيقياً أو لا، لكن بالنظر حولي في هذه الأيام وملاحظة كيف أن بعضنا يتصرّف بمعزل عن المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه كإنسان . لقد قرر أنه لا يعلم ولا يكترث أن يعلم بأنه واحد من المجموعة . فجأة هو أهم من كل الناس بل من الوطن بأسره .  هو الأول والدنيا لا معنى لها إذا ما كانت تنصاع لمطلبه . مثله في ذلك من يطلب المصعد فقط ليتأكد من أن المصعد سيستجيب لطلبه ويصعد إليه .

تبقى المشكلة مشكلة الشخص الذي ينساق وراء وهم أنه أصبح حالة خاصّة، بينما لو فكّر بالعالم الذي يعيش فيه لأدرك أنه، ومعظم من فيه من المواهب والمبدعين، لا يزالون نقطة في البحر . حبة رمل في كون خلقه الله لنتعلم التواضع حين ننظر إليه .

مسألة أن النقد مسؤول، هو ما لا أوافق عليه . هل مطلوب منّا أن نكون نقّاداً نكتب ما نعرفه والرأي القائم على تلك المعرفة، أو نفتح عيادات نفسية نداوي بها من يُصاب بتخمة الوهم؟

م.ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

09/01/2011

 

حديث مع المخرج تيم بيرتون المشهور بالمخرج الغريب

محمد رُضـــا 

الفيلم المقبل الذي سنشاهده للمخرج تيم بيرتون  هو أنيماشن يجمع بين الرعب والخيال العلمي وبعض الكوميديا وعنوان "فرانكنويني" مع أصوات وينونا رايدر، كاثرين أوهارا، مارتن لانداو، مارتن شورت من بين آخرين .... ومن دون جوني دَب هذه المرّة (على غير عادة). لكن جوني على موعد مع بيرتون في فيلم لاحق هو "لظلال الطويلة"  وكلا الفيلمين موعدهما العام 1912

أما آخر ما شوهد لهذا المخرج الغريب كأفلامه فكان "أليس في أرض العجائب" الذي عرض قبل نحو ستة أشهر لكن الحديث يتكرر عنه الآن بسبب موسم الجوائز، وهناك فرصة كبيرة أن يخطف الفيلم جائزة غولدن غلوب من "جمعية المراسلين الأجانب في هوليوود" عنوة عن بعض أفلام لا تحمل ذات القدر من الغرابة والتجديد0

تيم بيرتون (52 سنة في منتصف العام الجديد) من نباتات ستديو ديزني التي دخلها شابّاً لديه أفكاراً لأفلام عجائبية قصيرة.  تركته ديزني يفكّر ويبتدع على هواه فأنجز لها بضعة أفلام من هذا النوع، ثم شارك في إنجاز أفلام كرتونية طويلة من بينها "الثعلب والكلب"0

على ذلك، فيلم بَرتون الأول لم يكن كرتونياً، بل كوميدياً ولم يكن من إنتاج ديزني بل وورنر. إنه Pee-wee's Big Adventure . وما يعلق بالأذهان في هذا الفيلم المنجز سنة 1985 إنه مختلف بالفعل في شكله وحركته: الألوان الأساسية، الأزرق والأحمر والأخضر والأصفر، وطريقة استخدامها كما الطاقة التي يحتويها أمام الكاميرا وخلفها. ذلك الفيلم أسس أيضاً للشخصيات التي يحب بَرتون تقديمها على الشاشة: شخصيات نافرة عن المعتاد. لديها حب للجديد والمختلف وتبدو كما لو أنها كَبُرت من دون أن تنمو كثيراً. الطفل الذي عاش في داخلها بقي ملازماً لها وقد أصبحت راشدة0

هذه الصورة تكررت في أول أفلام بَرتون مع ممثله المفضّل جوني دَب "إدوارد سيزرهاند"  وازدادت قتامة فيما بعد إذ نجدها هناك أخرى قاتمة ومخيفة  نجدها في فيلمه الثالث مع دب Sleepy Hollow
حيث العالم داكن لا يؤتمن والشخصيات تدور داخل عواطفها لا تستطيع الخروج مما هي فيه من أزمات.   وسواء أكان الفيلم الذي يخرجه كرتونياً او حيّاً، او مزيجاً، كما الحال في "أليس في أرض العجائب"، الا أن هذه المعالجة للشخصيات المتوحّدة والمنفردة، وللعالم الداكن الذي تعيش فيها وتتشرب من لونه وشروطه كل مصادر شخصيّتها، دائماً ما هي موجودة. بَرتون من المخرجين القلائل اليوم الذين لا داعي لقراءة أسمائهم على الشاشة حين دخول أفلامهم. تعرفه من بين طيّات أعماله مهما تنوّعت مواضيعها: "إد وود"، "سليبي هولو"، "السمكة الكبيرة"، "كوكب القردة"، "تشارلي ومصنع الشوكولا"، "سويني تود" وسواها0

في غرفة مغلقة في فندق وسط منطقة بفرلي هيلز جلست وإياه أطرح الأسئلة وأنظر الى شعره غير الممشط من حين لآخر..

·     كثيراً ما نكتب عن  تعاونك الدائم مع جوني دب0 أعتقد أن "أليس ..."  هو السابع بينكما... لكن الآن هناك تعاون آخر يربطك مع الممثلة زوجتك هيلينا بونهام كارتر. كيف تعمل لإصباغ جديد على إداء ممثل تتعاون معه بانتظام؟

بيرتون: أحياناً ليست هناك حاجة للإتيان بأي جديد. على العكس أنت تطلب الممثل ذاته لأنه استطاع في الماضي تقديم ما تريده من شخصية او ملامح او أداء في فيلمك الجديد. بونهام ممثلة تبذل أقصى ما في وسعها للتأكيد من تفاصيل الدور. جوني أيضاً مستعد لفعل كل ما يمكن لكي يغرق في الشخصية التي يؤديها. أنا محظوظ (يضحك)0

·     الا يعني أنه من الصعب أن يجد الممثل نفسه قادرا على التطوّر إذا ما أراد تأمين ذات الملامح او الشروط التي تطلبها منه في كل مرّة؟

بيرتون: لا. لا أعني هذا على الإطلاق. بصرف النظر عن العلاقة التي تربطني بهيلينا  أشعر بسعادة كبيرة حين أسند إليها مهاماً بحجم ما أسندته اليها في هذا الفيلم وفي "سويني تود". مرّة ثانية أريد منها تلك الموهبة الخاصّة التي لديها وأن تعمل على وضعها في قالب هذه الشخصية او تلك. تلعب هنا شخصية "الملكة الحمراء" بجدارة تجعلني غير مرتاح الآن لمشاهدتها بملامحها وشكلها الطبيعي (يضحك)0

بالنسبة لعملي مع جوني دب، لدي سرور مماثل بالعمل معه . بديهيا، أصبحنا الآن على ثقة مطلقة كل بالآخر.  وهو كان دائماً ما يمنح ثقته حين يريد وحين يفعل لا يتراجع. إنه ليس من أولئك الممثلين الذين يريدون التأكد مما أنجزوه بعد كل لقطة بمراجعة المونيتور او بالحرص على مشاهدة ما تم طبعه من مشاهد. يتركني على راحتي وهناك أحيانا حاجة ملحّة تستوجب أن يشاهد ما تم تصويره0 لكنه قلّما يطلب ذلك.  في الحقيقة، وسأذهب هنا الى أبعد من ذلك، لست واثقاً من أنه شاهد أي من الأفلام التي صنعناها معاً (يضحك). لا. أتحدّث جدّياً. هذا غريب لكنه ليس أمراً منافياً او سيئاً على الإطلاق0

·     كل من فيلم »أليس في أرض العجائب" و" العروس الجثّة" يشتركان في أشياء كثيرة من بينها أن أحداثهما  تقع تحت سطح الأرض. هل من سبب يدعوك للذهاب في هذا الاتجاه؟

بيرتون: لا أدري. هذه ملاحظة لم أسمعها من قبل لكنها صحيحة ربما  لأنه عالم يجمع بين عناصر عالمنا نحن والملامح الخاصّة به. لا ندري ما تحت الأرض فعلاً فنتخيّل، ولا أقصد الحديث عن نفسي فقط، هناك المؤلّفون عبر التاريخ، البعض ذهب الى الفضاء والبعض نزل تحت الأرض ولأسباب كثيرة والنتيجة في الغالب مثيرة0

·         هل ألاحظ تأثيرات تعبيرية من فترة الفيلم الألماني  الصامت؟

بيرتون: أعتقد نعم. خصوصاً في أفلام رعب. أعتقد  أن هذه التأثيرات ظاهرة أكثر في فيلمي السابق  "سويني تود" من أي فيلم آخر. لكن دائماً ما أريد إضافة عناصر من عندي، أو اعتقد أنها من عندي. مسألة التأثيرات متشابكة لأن ما في بالك هو عالم كامل من الصعب البحث فيه عن أصول ومصدر تلك التأثيرات0

·         حين قررت تحقيق "أليس في أرض العجائب" ما الصور التي تداعت في مخيّلتك. أي نوع من الأفلام هدفت إليه؟

بيرتون: إنها ذات النوع الذي مارسته من قبل. إذا شاهدت أفلامي تجد إنها تختلف تقريباً في كل شيء ما عدا في استلهاماتها التعبيرية0

·     في أفلامك عموماً  هناك دائما نقطة اهتمام عاطفية. أحياناً، كما الحال هنا وفي "سويني تود" هناك قصّة حب كبيرة في الأساس. كيف تفسّر ذلك؟

بيرتون: أحب أن يلفت هذا الأمر اهتمام المشاهد. الحب قد ينمو في أي بيئة حتى في دكانة  بعض أفلامي. فيلم مثل "أليس في أرض العجائب"0 فيلم مثل "سويني تود" كما ذكرت. شخصياتي تعيش أزمات مختلفة ناتجة عما تريده. ما تريده أليس في هذا الفيلم ليس ما تريده أمّها مثلاً. في "سويني تود" ما تريده هلينا (يقصد هيلينا بونهام كارتر التي لعبت البطولة النسائية) هو ذلك الرجل الذي تحب، لكن الرجل الذي تحب يريد شيئاً آخر. يريد ان ينتقم من القاضي. بعض الشخصيات بالنسبة لي تطرح أكثر مما تبديه وأنا لا أمانع في ذلك0

·     هناك أيضاً العلاقة المتأزمة دوماً بين الابن وأبيه كما ظهرت في "السمكة الكبيرة" وفي "تشارلي ومصنع الشوكولا". لماذا  هذا القدر من التركيز على العلاقة بين الآباء والأبناء؟

بيرتون: في بعض أفلامي السابقة كان لابد من رسم بعد لهذه الشخصية التي تكمن في منتصف الأحداث. تجدها أيضاً في "إدوارد سيزرهاندز" وفي "إد وود". ليس أن جوني دب فيهما لديه أب ماثل أمامه، بل رمز لأب يؤديه فنسنت برايس ومارتن لانداو. في أفلام أخرى هناك أب حقيقي لتلك الشخصيات لكن كل هذا لكي أؤكد أهمية الأب في الحياة الفردية. إنه ليس مطلقاً من أي باب نفسي فرويدي او سواه، كما اقترح بعض الذين ناقشوا أفلامي. إنها مجرّد رغبتي في توطيد علاقة كثيراً ما نلحظ أنها ضائعة خصوصاً هنا في الغرب بين الأب وإبنه. كلاهما يشق طريقاً ربما مختلفاً لكن العلاقة الروحية بينهما لا تنقطع سلباً او إيجاباً وعندي أنها من الأفضل أن تكون إيجاباً0

·         كيف ترى مستقبل السينما ... ببعدين او بثلاثة؟

بيرتون: أميل للاعتقاد بأن استبدال عادة عمرها اليوم أكثر من 100 سنة ليس أمراً هيّناً ولسبب مهم في اعتقادي: ليس كل فيلم يصلح لأن يكون بالأبعاد الثلاثة. بالتالي هل سنخرج من صالة تعرض فيلماً بالبعدين وندخل صالة تعرض فيلماً بثلاثة أبعاد ونقارن؟ هل يمكن لهما أن يتقاسما السوق من دون أن ينفر الناس منهما معا او من أحدهما؟ أيضاً هاك سبب آخر: بعض المخرجين، وأنا من بينهم، ليسوا متأكدين من أن الأبعاد الثلاثة مهمّة الى الدرجة التي تدفعنا لنبذ الفيلم ذي البعدين. لقد قمنا بإعادة عرض فيلم "هالووين قبل الكريسماس" الذي كما تعرف تم إنتاجه بالشكل العادي، أعدنا عرضه بالأبعاد الثلاثة ولم ينجز ذلك تطوّراً او يجلب اليه معظم من كان شاهده أول مرّة0

·         هل يقلقك أن يعتقد البعض أن أفلامك عنيفة؟

بيرتون: لا وسأقول لك السبب. لا أعتقد على الإطلاق أنها عنيفة0 أنت لا ريب تعلم أن "سويني تود" او أي فيلم آخر أخرجته وفيه مشاهد يصفها البعض أنها عنيفة هو فيلم خيالي لا يمكن تجزأته حين نرغب الى مشاهد نسحبها من توليفته الكاملة. أقصد أن الفيلم ليس واقعيا، لذلك فإن العنف الذي فيه ليس واقعياً بدوره وبالتالي لا يترك التأثير نفسه التي تتركها أفلام رعب مباشرة كتلك التي لا نيّة عندي في تحقيقها. على أي حال هذه الملاحظة لم تعد مثارة  بنفس الحدة كما في الأمس. هناك ضروريات خلال العمل لابد منها ليس من بينها أن ترضي كل الأذواق معاً0

الجزيرة الوثائقية في

09/01/2011

 

تحت الضوء، مُستجدات سوق السينما العالمية

صلاح سرميني ـ باريس 

من بين المطبوعات النادرة التي يُصدرها مهرجان دبيّ السينمائي الدولي كتابٌ، كتيّبٌ، أو تقريرٌ سنويّ على قدرٍ من الأهمية، أتفحصه بعنايةٍ على الرغم من ارتكازه على معلوماتٍ بيانية، أرقام، وإحصائياتٍ تحتاج إلى الكثير من اليقظة في متابعتها، وهي حصيلة وقتٍ، وجهدٍ لا يستطيع أحدنا بمفرده، مهما طال صبره، العثور عليها في أدبيّات عشرات المُؤسّسات السينمائية في العالم، ومن ثمّ تجميعها، تكثيفها، وتحليلها.

يصدر الكتيّب/التقرير سنوياً عن "سوق الفيلم" لمهرجان كان السينمائي الدولي، ويعود تاريخ إصداره إلى عام 1998، ومنذ ثلاث سنواتٍ يُعيد مهرجان دبي السينمائي الدولي طباعته باللغة العربية، والإنكليزية، ويُضيف إليه ملحقاً هاماً، ومفيداً عن العالم العربي (تقديرية في معظمها).

ويتحمّل "سوق الفيلم"، و"المرصد الأوروبيّ للمواد السمعية/البصرية" مسئولية المعلومات الواردة في الكتيّب، بينما يتحمّل مهرجان دبي السينمائي الدولي مسئولية المُلحق الخاصّ بالدول العربية (تحرير "مؤيد. م. خيتي").

وُفق الكلمة الافتتاحية التي كتبها "جيرم بيلارد" المدير التنفيذيّ ل"سوق الفيلم" لمهرجان كان، و"ولفغانغ كلوس" المدير التنفيذيّ لـ"المرصد الأوروبيّ للمواد السمعية/البصرية"، يسعى الكتيّب إلى تأسيس "معايير جديدة فيما يتعلق بالمحتوى المعلوماتي، ويقدم إطلالة بانورامية شاملة على الأسواق العربية، ...ونظرة لا غنى عنها على صناعة السينما التي تشهد تغيرات كبيرة، ومستمرة".

بينما يُشير المدير الفنيّ لمهرجان دبي السينمائي الدولي في مقدمة الكتيّب، بأنّ المطبوعة "تهدف إلى ترسيخ التزامنا ببناء قاعدة دقيقة، ومتفحصة عن صناعة السينما، وخاصة في العالم العربي الذي يفتقر إلى أساليب التوثيق الملائمة، ناهيك عن كونه سوقاً صغيرة نسبياً مقارنة بأسواق السينما الأخرى في العالم".

وهي نقطةٌ تحتاج إلى النقاش، صحيحٌ بأنّ العالم العربي "يفتقرُ إلى أساليب التوثيق المُلائمة"، ولكنه ليس "سوقاً صغيرة نسبياً مقارنة بأسواق السينما الأخرى في العالم" من الناحية الجغرافية، وأعداد الجمهور"المُحتملة" الذي تخلى مُجبراً، أو طواعيةً عن المُشاهدة الجماعية في صالات السينما لحساب المُشاهدة الفردية، أو العائلية للمُنتجات التلفزيونية.

يمكن أن تكون البلدان العربية سوقاً/أسواقاً ضخمة للسينما إذا افترضنا جمهوراً يشاهد الأفلام في الصالات، أو حتى عن طريق وسائل أخرى، ومنها الأقراص المُدمجة (المُقرصنة غالباً).

في بلدٍ ما، عندما يوجد جمهور، فإنّه من الطبيعيّ بأن يزداد عدد الصالات السينمائية، وينتعش الإنتاج الوطنيّ عن طريق آلياتٍ أثبتت فعاليّاتها في الدول المُتقدمة سينمائياً، ومنها كمثالٍ، استقطاع نسبة بسيطة من ثمن كلّ تذكرة مُباعة، وتحويلها إلى صناديق الدعمّ المحلية التي يمكن أن تُنشئ لهذا الغرض، بالإضافة لتنويع مصادر التمويل الحكومية، والخاصة : وزارة الثقافة، السياحة، الإعلام، التربية، التراث، ....البلديات، اليانصيب الوطني، والمُحفزات الضريبية،....

وإذا تفحصنا البيانات الإحصائية في الكتيّب، سوف يتضحُ لنا بأنّ أعداد الجمهور في أمريكا الشمالية، الإتحاد الأوروبي، الصين، واليابان في ارتفاع متزايدٍ خلال الأعوام 2005-2009، وهذا يعني حتماً ارتفاع إيرادات شباك التذاكر، وخاصةً في أمريكا الشمالية، والإتحاد الأوروبي، وفي نفس المنطقة الجغرافية، يزداد عدد صالات السينما بفضل الإقبال على مشاهدة الأفلام، واحتياج الأسواق إلى صالاتٍ جديدة، وفي الوقت الذي يزداد معدل إنتاج الأفلام الطويلة في الإتحاد الأوروبي، حيث يرتفع الرقم من 920 فيلماً في عام 2005 ويصل إلى 1168 فيلماً في عام 2009، ينخفضُ العدد في الولايات المتحدة من911 فيلماً في عام 2005 إلى 677 فيلماً في عام 2009.

هناك مفارقاتٌ إحصائية تستحقُّ التوقف عندها، حيث تُعتبر فرنسا (230 فيلماً)، ألمانيا (220 فيلماً)، إسبانيا (186 فيلماً)، إيطاليا (133 فيلماً)، المملكة المتحدة (116) في طليعة الدول الأوروبية المُنتجة للأفلام الروائية الطويلة، بينما يُثير عدد الأفلام(78 فيلماً في عام 2009) المُنتجة في الإتحاد الروسي بعض التساؤلات عن أسباب انخفاضه بالمُقارنة مع حجم الإنتاج في دول أوروبية صغيرة مثل :

سويسرا (76 فيلماً)، بلجيكا (74 فيلماً)، هولندة (52 فيلماً)، السويد (36 فيلماً)، ايرلندة (34 فيلماً)، النمسا (33 فيلماً)، الدانمرك (30 فيلماً)، النرويج (27 فيلماً)، فنلندة (25 فيلماً)، البرتغال (23 فيلماً)، وحتى أيسلندة التي يبلغ عدد سكانها حولي 300 ألف نسمة، وتنتجُ حوالي 8 أفلام في العام، وفي أوروبا الشرقية "سابقاً" تتصدّر جمهورية التشيك القائمة (45 فيلماً)، هنغاريا (27 فيلماً)، رومانيا (19 فيلماً)، سلوفاكيا(18 فيلماً)، كرواتيا (13 فيلماً)، بلغاريا (11 فيلماً)، سلوفينيا (6 أفلام).

فرنسا تحت الضوء

رُبما من المُفيد في هذه القراءة التركيز على الإحصائيات الواردة في الكتيّب الخاصة بفرنسا تحديداً، والتي وصل عدد سكانها 64.7 مليون نسمة، وفي عام 2009 بلغ عدد صالات السينما 5522 صالة (مُقابل 5418 في عام 2008)، وهذا يعني، بأنّ الصالات تندثرُ في بلادنا، بينما يزداد عددها في فرنسا (وقد تبين أعلاه بأنها زيادةٌ عالمية).

ووُفق إحصائية خاصة جمعتها من الدليل الأسبوعيّ "l'Officiel des spectacles"، هناك في باريس وحدها، بتقسيماتها الإدارية العشرين، 356 صالة سينمائية (ماعدا الضواحي القريبة، والبعيدة).

وفي الكتيّب، تُشير الإحصائيات إلى أكثر من 200.9 مليون تذكرة مُباعة، وصل إجمالي إيراداتها إلى 1.23 مليار يورو.

متوسط سعر التذكرة 6.14 يورو (ويمكن أن يصل إلى حدٍّ أدنى بكثير بفضل الاشتراكات السنوية)، وإذا عرفنا بأنّ الأفلام الصادرة في أقراصٍ مدمجة تتراوح أسعارها ما بين 5 و25 يورو، فهو على الأقلّ سبب ماديّ يمنع الفرنسيّ من شراء الأفلام المُقرصنة الممنوعة، والغير متوفرة في الأسواق أصلاً (ماعدا بداية انتشار ظاهرة جديدة، ومحدودة يقودها مهاجرون من الهند، باكستان، وبنغلاديش يبيعون الأفلام في ممرات، ومخارج محطات المترو، والأسواق الشعبية).

من جهةٍ أخرى، تُسجل البيانات تراجعاً طفيفاً في الإنتاج الفرنسيّ للأفلام الروائية الطويلة عن مستواه في عام 2008، حيث وصل العدد إلى 230 فيلماً (مقابل 240 فيلماً في عام 2009).

جديرٌ بالذكر أيضاً، بأنّ حصة الأفلام المحلية في دورة التوزيع التجارية وصلت في عام 2009 إلى 36.8 %، بينما حصلت السينمات الأجنبية على نسبة 63.2% ذهب النصيب الأكبر منها إلى السينما الأمريكية وحدها (ولكنها في نفس الوقت تضخُ نسبةً مئويةً من الإيرادات في صناديق الدعم الوطنية).

ويتراوح الإنتاج الفرنسيّ للأفلام الروائية الطويلة خلال السنوات الخمس الماضية بين 200 و 240 فيلماً سنوياً، ويتضمّن هذه الأرقام الأفلام الفرنسية الخالصة الإنتاج، وتلك التي تمتلكُ الحصة الأقلّ، والأكبر في حالة الإنتاج المُشترك.

ولكنّ، تشير هذه النسبة فقط إلى الأفلام التي حصلت على تأشيرة التوزيع (Le visa d'exploitation) التي يُصدرها "المركز الوطني للسينما"، بينما تظهر قائمة تصلني عن طريق "النقابة الفرنسية لنقاد السينما" حوالي 350- 400 فيلماً فرنسياً يُعرض في العام (تاريخ الحصول على تأشيرة الاستثمار التجاريّ لا يتفقُ بالضرورة مع تاريخ عرض الفيلم في الصالات التجارية).

في المُقابل، يحتوي الكتيّب على معلوماتٍ تتعلقُ بالمشهد السينمائي العربيّ، ومقارنته مع حال السينما العربية يُثير الأوجاع، ويستحقُ الدراسة المُعمّقة أكثر من الرصد الإحصائيّ، أو البيانيّ، ومن بين هذه المعلومات، فقرة تحت عنوان "الفرص، والتحديات" :

"تكمن فرص المزيد من التطور في أسواق السينما العربية بشكلٍ رئيس في المناطق التي تبذل فيها جهود لتحقيق إنتاج محلي، أو مشترك، وتتجه نحو رقمنة صالات السينما إلى جانب التوزيع المُوازي للإصدارات العالمية الكبرى، بيّد أن التحديات الرئيسة التي تواجه هذه الأسواق، تتضمن الكساد العالمي المتواصل، والذي يؤثر على أعداد الحضور، وتحوّل الاستهلاك الإعلامي الذي قد يجعل رواد السينما يفضلون مشاهدة الأفلام على أقراص د.ف. د، أو عبر الانترنت، والقرصنة التي تُثير المخاوف على مستوياتٍ عالمية".

إذا افترضنا ـ كما الفقرة أعلاه ـ بأنّ "الكساد العالميّ المُتواصل يؤثر على أعداد الحضور...." في الدول العربية، وبالتدقيق بإمعانٍ في الأرقام، والبيانات، سوف نلاحظ بأنه خلال الأعوام 2004-2008 تضاعف عدد الجمهور بشكلٍ ملحوظ في الإمارات العربية المتحدة، وارتفع من 4.5 مليون في عام 2004 إلى 8.8 مليون في عام 2008.

وارتفع العدد قليلاً في لبنان من 1.6 مليون في عام 2004 إلى 2 مليون في عام 2008.
بالتوازي، ارتفع عدد الصالات بشكلٍ ملحوظ في الإمارات العربية المتحدة من 185 صالة في عام 2005 إلى 236 صالة في عام 2009 (191 وُفق المُلحق العربي ؟).

بينما انخفض الرقم قليلاً في لبنان من 84 صالة في عام 2005 إلى 80 صالة في عام 2009.
وكان ارتفاع عدد الجمهور في مصر طفيفاً خلال الأعوام 2004-2008، وتُشير الأرقام التقديرية إلى 24.5 مليون في عام 2004 وصل إلى 25.6 مليون في عام 2008.

الأرقام المُتعلقة بالمغرب مُرعبة حقاً بسبب تدهور أعداد المُتفرجين، والصالات معاً، فقد وصل عدد الجمهور في عام 2004 إلى 6.79 مليون، وهبط في عام 2008 إلى 2.96 مليون، بالمُقابل، انخفض عدد الصالات من 127 صالة في عام 2004 إلى 70 صالة في عام 2008.

وإذا دققنا في بياناتٍ بلدانٍ أخرى، سوف نلاحظ بأنّ أعداد الجمهور ارتفعت خلال الأعوام 2005- 2009 في أمريكا الشمالية، دول الإتحاد الأوروبي الـ 27، الصين، واليابان (بدون أن نذكر الأرقام كي لا يتوه القارئ فيها).

وبالتوازي، ارتفع إجمالي إيرادات شباك التذاكر خلال نفس الفترة (في الصين ارتفع الرقم من 244 مليون دولار عام 2005 إلى 908 دولار عام 2009).

وإذا أضفنا بأنّ أعداد صالات السينما قد ارتفعت أيضاً في المناطق الجغرافية المُشار إليها أعلاه (في الصين ارتفع العدد من 2979 صالة في عام 2005 إلى 4723 صالة في عام 2009).

وبدون الدخول في تفاصيل كلّ بلدٍ أوروبيّ، أو أمريكيّ على حدة، يؤكد ارتفاع أعداد الجماهير، بأنّ الاستنتاج المُشار إليه في تلك الفقرة خاطئٌ تماماً، فإذا كان "الكساد عالمياً"، فلماذا لم تتأثر الأسواق العالمية الأكثر عرضةً للتأثر، بينما تأثرت بعض البلدان العربية فقط، إلاّ إذا كانت الأسباب "كلّ شيءٍ" ماعدا "الكساد العالميّ"، وسوف أوضح هذه الـ "كلّ شيءٍ" في قراءةٍ لاحقة.

مع أنّ الفقرة نفسها تستدركُ هذا التعميم، وتشير إلى الأسباب الأكثر إقناعاً، وهي:

"تحوّل الاستهلاك الإعلامي الذي قد يجعل روّاد السينما يفضلون مشاهدة الأفلام على أقراص د.ف.د، أو عبر الانترنت، والقرصنة التي تثير المخاوف على مستوياتٍ عالمية".

الجزيرة الوثائقية في

10/01/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)