حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فيلم «المصلحة» يجمعني مع أحمد عز

أحمد السقا: حسبي الله ونعم الوكيل فيمن يوجه لي الاتهامات الكاذبة

عبدالستار ناجي

ذو الابتسامة وذو القلب الكبير وذو الروح الطيبة وذو الانفتاح على الجميع، هكذا هو الفنان الرائع أحمد السقا الذي التقيته مرات عدة، تارة في القاهرة وأخرى في مهرجان «كان» السينمائي حينما قدم في سوقها الدولية فيلمه «ابراهيم الأبيض» وايضا أخيرا في دبي حيث حل ضيفا على مهرجان دبي السينمائي الدولي، وليحصد هناك جائزة أفضل ممثل شاب خلال السنوات العشر الاخيرة ومنحته الجائزة ستديوهات «روتانا» و«فوكس» في الحفل الذي أقيم بعد عرض فيلم «678»، وقد سلمته الجائزة الاعلامية د. هالة سرحان. وفي حديث متقطع تارة في ردهات فندق القصر في مدينة جميرا وتارة في قاعة ارينا ثم ثالثا في حوار مشترك مع عدد من نجوم السينما المصرية. نسأله أولا، عن مشاركته في مهرجان دبي السينمائي ليرد قائلا: «انها المرة الاولى التي أشارك فيها في مهرجان دبي السينمائي الدولي، وقد سمعت الكثير عن المهرجان بالذات الدورات الست الماضية ونحن اليوم في الدورة السابعة حيث التنظيم والاعداد وأيضا التقاليد السينمائية والاحتفالية العالية المستوى، وأنا سعيد بالتواجد هنا في دبي».

·         عذرا للمقاطعة، ولكن ثمة أخباراً نشرت في القاهرة تشير الى انك لم تشارك في مهرجان القاهرة، وحضرت الى دبي وألمحت الى بعض الجوانب المادية؟

أولا: دعني أقول حسبي الله ونعم الوكيل لمن يوجه لي الاتهامات الكاذبة، ثانياً: قمت بالرد على تلك الاتهامات من خلال موقعي على «الفيسبوك».

ويستطرد الفنان أحمد السقا قائلا: «تحزنني مثل تلك الكتابات، فلا أحد يشكك في انتمائي لمصر ولأرضها ومهرجاناتها وما كتب يا عزيزي هو محض افتراءات.

وبمزيد من التفصيل يقول: يقولون انني حضرت الى دبي وفضلت مهرجان دبي على مهرجان القاهرة، انني لم أتسلم جائزة والدي المخرج الراحل صلاح السقا (رحمه الله) ومثل هذه الاتهامات غير صحيحة، لان مهرجان القاهرة السينمائي لم يوجه لي الدعوة جملة وتفصيلا ووالدتي (حفظها الله) أحق بتسلم جائزة والدي، كما ان علاقتي بوالدي ليست جائزة، فقد كان الاب والصديق والاخ والمعلم والاستاذ والموجه وانا أدين له بالفضل بعد الله بكل ما حققته من نجومية ومكانة وشهرة، وسأظل دائما وفيا له ولاسرتي ولبلدي ولجمهوري ولفني.

·         هل نغلق هذا الملف.. التقيتك في «كان» منذ ثلاثة أعوام من خلال فيلم «ابراهيم الابيض» كيف ترى تلك التجربة؟

استفدت كثيرا من تجربة مشاركتي في مهرجان «كان» السينمائي ورغم ان فيلم «ابراهيم الابيض» عرض في السوق الدولية الا انه اتاح لي فرصة الحضور والمشاركة وايضا الاهتمام من قبل النقاد والمتابعين وايضا حقق لي فرصة ايجابية للتواصل والحوار مع السينما العالمية من فنانين ومنتجين وموزعين وأعتقد ان مهرجان «كان» السينمائي هو الملتقى السينمائي الاهم عالميا.

·         أنت أحد أبرز نجوم أفلام المغامرات في العالم العربي، كيف ترى صناعة هذه الافلام ومقارنتها عالميا؟

سؤال جميل، ودعني اقول لك بكل صراحة، سينما المغامرات تتطلب مواصفات انتاجية عالية المستوى، على الصعيد المادي والفني والتقني... وانا هنا لا أقلل من قيمة الكوادر والانتاج العربي، ولكن مساحة السوق تحدد كلفة الانتاج، وعدم المقدرة على تجاوز تلك الظروف بينما الانتاج الاميركي يمتلك سوقاً اميركياً واسعاً تغطى اضعاف الانتاج، بالاضافة للاسواق العالمية، ولهذا فإن صناعة افلام المغامرات تتطور بل تقفز قفزات واسعة. ويستطرد: لا تنقصنا الافكار.. او الكوادر.. ولكن الظروف الانتاجية يجب ان تتطور.. وان نفتح اسواقاً جديدة، لان مثل تلك الاسواق، ستساعد على الارتفاع بمستوى الكلفة الانتاجية وبالتالي تحقيق افكارنا الكبيرة.

·         هذا يعني المقدرة على الاستمرارية والتطور؟

شخصيا أعيش حالة دائمة من التحدي لقدراتي الفنية، ولهذا تجدني اعيش حالة من القلق، والرغبة في تقديم كل ما هو جديد ومتميز، وللعلم فإنني إقرأ شهريا العشرات من السيناريوهات، واطلع على المئات من الافكار، ولكن حالة القلق والتحدي، تجعلني ابحث عن ابعد من ذلك، واشاهد يوميا عدداً من الاعمال السينمائية العالمية، وكم اتمنى ان تتاح لنا ذات الظروف الانتاجية الرفيعة التي تجعلنا نذهب بأفلامنا الى فضاء العالمية.

·         تسلمت جائزة «افضل ممثل شاب» خلال الاعوام العشرة الماضية، وايضا جائزة «روتانا» فوكس ضمن تقليدهم الجديد لمنح الجائزة لأفضل ممثل خلال العام؟

تلك الجوائز مسؤولية وامانة كبرى، تجعلني في حالة من القلق والتحدي، وانا اشكر جميع القطاعات، وعلى رأسها جمهوري الحبيب في كل مكان، الذي منحني ثقته وبارك افلامي وتابعها وشاهدها.. وهكذا النقاد الحقيقيين وايضا الزملاء الفنانيين والاعلاميين.. واتمنى ان اظل دائما عند حسن ظنهم.

·         ماذا عن الجديد؟

فور عودتي من دبي، سأبدأ بتصوير فيلم جديد بعنوان «المصلحة» مع الفنان الصديق أحمد عز وحنان ترك وزينه.

ويستطرد: وانا سعيد بالعمل مع هذا الفريق الرائع من الفنانين، واشير الى انني سعدت بأن يكون الى جواري الفنان أحمد عز لما يمتلكه من التزام انساني وفني وهو يجسد في الفيلم شخصية «الضابط» الملتزم.

وأتوقع ان ننتهي من العمل مع منتصف فبراير المقبل واترك التفاصيل عن الفيلم عند عرضه.. لانه لايزال الامر مبكرا للحديث عن الفيلم الجديد.

·         ماذا تقول لجمهورك في العالم العربي؟

ابارك لهم بالعام الجديد.. واقول «يارب يكون عام خير على الامة العربية والاسلامية.. وجميع انحاء العالم.. وان يعم السلام والخير.. وكل سنة وانتم طيبون. 

وجهة نظر

منافسة

عبدالستار ناجي

دعونا نتكلم بكثير من الصراحة...

لو كنا نريد للإعلام المحلي.. والدراما المحلية ان تنافس على المستويين الخليجي والعربي، فاننا وعلى مدى المنظور من السنوات لن نكون بعدها قادرين على المنافسة، أو حتى الظهور على الخارطة الابداعية، لاننا امام منافسة غير تقليدية، تضخ من خلالها دول المنطقة، والعديد من الدول العربية ميزانيات ضخمة، من شأنها حسم مفردات المنافسة وبشكل مبكر.

نعترف بان لدينا أفضل النجوم وأكثرهم شهرة وانتشاراً.. وهكذا الأمر بالنسبة للكوادر الفنية والقدرات الاعلامية، ولكن كل ذلك ما قيمته من دون الدعم «المادي» و«المعنوي».

فحتى الحظة لم نسمع أو نقرأ، عن ستديوهات حديثة... سمعنا الكثير عن «المدينة الإعلامية» وفجأة كل شيء توقف... وسمعنا عن عشرات المسارح والقاعات.. ولاشيء في الأفق.

لا استديوهات.. ولا صالات حديثة.. ولا مقار للفرق المسرحية الأهلية.. ولا ميزانيات تستوعب طموحاتنا بنتاجات درامية عالية المستوى.. ولا مدينة اعلامية.. هذا بالاضافة الى قانون المرئي والمسموع وكمية المعوقات الرقابية التي تبدأ منذ كتابة النص وتنتهي عند مشاهدته.

واحذف هذا المشهد والغٍ تلك المفردة.. وغيره.

كل ذلك وتريدوننا ان ننافس...

فماذا تقول بقية دول المنطقة، التي (اقرت) ميزانيات ضخمة للانتاج.. وهناك دول فرغت من بناء أكبر مدينة (استديوهات) باتت تستقطب كبريات المشاريع الهوليوودية (آخرها فيلم «المهمة المستحيلة4» بطولة توم كروز) وغيرها من الانجازات.

انها دعوة لحوار منهجي.. وموضوعي.. يأخذ بعين الاعتبار مستقبل صناعة الاعلام.. والدراما في الكويت.

وعلى المحبة نلتقي.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

05/01/2011

 

'

الجامع' و'رصاصة طائشة' و'اخر ديسمبر':

حين تغيب الرؤية الناضجة ويحضر الارتباك والشخصنة

محمود عبد الرحيم  

فيلم' الجامع' للمخرج المغربي داود اولاد السيد، و'رصاصة طائشة' للمخرج اللبناني جورج هاشم، وفيلم 'اخر ديسمبر' للمخرج التونسي معز كمون، ثلاث تجارب عاكسة لوضعية السينما العربية، والى اي مدى يسودها الارتباك والشخصنة وغياب الرؤية الناضجة، وافتقاد صناعها، في معظم الاحيان، الى القدرة على امتلاك الادوات الفنية بشكل جيد، رغم ان مناخ العولمة، والتكاثر اللافت للمهرجانات السينمائية السنوية، فتحا الباب واسعا للاحتكاك والاستفادة من تجارب الاخرين البارزة، على نحو يصب في الاخير في خانة تطوير الاداء الفني، وهو ما صرنا نراه في سينمات حديثة العهد في اسيا وافريقيا وشرق اوروبا، التي باتت تفرز صناع افلام مبشرين، واعمالا جديرة بالالتفات اليها، والاستمتاع بها على اكثر من مستوى، مقارنة بالسينما العربية، سواء العريقة منها او حديثة العهد، بما فيها السينما المصرية التي تتراجع عاما بعد عام، وتصيب ما حولها بذات العدوى السلبية.

وفي تصوري ان الثلاثة اعمال كانت تصلح كافلام قصيرة وليس طويلة، لتفادي حالة الملل المتسرب من طول المشاهد واللقطات في معظمها بدون داع، ومحاولة اصطناع احداث تطيل المساحة الزمنية، اكثر مما تحتملها التيمة البسيطة التي ينطلق منها البناء الفني للفيلم، على نحو اربك الايقاع، واصابه بالبطء الشديد. وربما فيلم'الجامع' لداود اولاد السيد الاكثر تعبيرا عن هذا المنحى، رغم ان لمخرجه تجربة سينمائية سابقة لافتة 'في انتظار بازوليني'، الذي سعى لاستثمار نجاحها في بناء هذه التجربة التي جاءت للاسف هزيلة ومخيبة للتوقعات، بتقديم ما يمكن ان يسمى، تجاوزا، بجزء اخر لهذا العمل، وسط حالة من الشخصنة بتعمد الظهور في الفيلم بدون مبرر، على نحو شبيه بما كان يصنعه المخرج المصري يوسف شاهين من وقت لاخر، كاعلان عن تضخم الذات، من دون ضرورة فنية.

ولا ادري ان كانت وقائع هذه التجربة واقعية ام من نسج خيال المخرج، لكن في الحالتين كان اولى به ان يصيغها في قالب ينسجم معها، سواء كان روائيا قصيرا او تسجيليا، لو ان ثمة حادثة واقعية وقعت حال انتهائه من تصوير فيلمه 'في انتظار بازوليني'، كالتصارع على ديكور الجامع، والتعامل معه من قبل سكان الحي على انه جامع حقيقي، وليس مبنيا فقط لاغراض فنية لا تستوجب القداسة، وقابلا للهدم. فالعبرة ليست بطول الشريط السينمائي، وانما بما يقوله، وكيف يتناول الفكرة.. هل بشكل مختلف ومدهش ام باعتيادية ورتابة؟ واللغة السينمائية الجذابة هي الاكثر تكثيفا وايحاء، والاكثر بساطة واقناعا، والاكثر ابتعادا عن الثرثرة والافتعال.

وربما الملاحظة الاساسية على فيلم 'رصاصة طائشة' للمخرج جورج هاشم، بخلاف الملاحظة العامة التي تشترك فيها الاعمال الثلاثة، هي اقحام السياسة على بنية غير سياسية، وربما هنا يتماهى بدرجة ما مع داود اولاد السيد في الشخصنة، اذ سعى لاستغلال فيلمه الاول لتسجيل موقفه السياسي كلبناني مسيحي ضد الفلسطينيين المقيمين في لبنان، والنظر اليهم على انهم قتلة ومجرمين، وانهم اصل البلاء الذي حل ببلده، وورطه في حرب اهلية لا تزال اثارها شاخصة في الاذهان، رغم ان المشهد اللبناني في تلك الحقبة كان يحمل الكثير من التعقيدات. وثمة تداخل للعوامل السياسية الداخلية والخارجية، التي قادت لهذا الحدث التاريخي، الذي لا يصح الحكم عليه بهذه البساطة، ومن منظور ضيق شوفيني يختزل الوقائع، ويستبعد السياق التاريخي. وربما قصد المخرج ليس فقط اعلان موقف سياسي معروف لدى مسيحيي لبنان، وانما ايضا وضع فيلمه الاول في دائرة الجدل الذي يلفت الانظار، رغم خطورة العزف على هذه الاوتار، وتكريس هذه النظرة العنصرية العدائية للفلسطينيين في افلام عربية من صناع عرب.

وتبدو القصدية واضحة من الاشارة الاولى الى زمن الفيلم وربطه بالحرب الاهلية، ثم اختيار اسرة مسيحية يتم من خلالها رواية الاحداث، رغم ان المخرج سعى لتمرير هذه الرسالة بشكل غير مباشر ومراوغ، بجعل موقفه السياسي في الهامش، وفي ثنايا الحكاية الرئيسة، وبعض جمل الحوار القصيرة، اما المتن فخصصه لتيمة انسانية ذات بعد نفسي، تنطلق من فكرة الغيرة داخل الاسرة الواحدة بين البنت الكبرى العانس والصغرى المقبلة على الزواج، والاحباطات التي تزيد من وتيرة التوتر العائلي، والصراع بين حرية الاختيار الفردي والوصاية العائلية، الذي لم تفلح الفتاة في حسمه، فاصيبت بانهيار عصبي، خاصة بعد موت امها امام عينيها.

ولو خلص المخرج فيلمه من هذا الاقحام السياسي لكان قدم تجربة انسانية جيدة، غير ان المشاهد الاخيرة تستوجب التوقف عندها، حيث تعد الاقوى، ولغتها السينمائية بها قدر من الشاعرية، حيث اتى المخرج بلقطة طويلة للفتاة في الشارع الخاوي بعد طردها من بيت العائلة، وسط صوت نباح الكلب ونحيب طفل وموسيقى توحي بالتوتر، ليجسد مشاعر الاضطراب والضياع، ثم ربط بين زخات الرصاص المنطلقة بشكل عشوائي في الاحراش، ووفاة الام، التي يقطع عليها، ثم على الكلب المقتول بلقطة كلوز آب، ليوحي بان حياة الانسان لا تساوي شيئا عند القاتل، وقد يُقتل المرء بلا ذنب اقترفه. وفي المشهد الاخير، نرى الاخت الكبرى تأتى لزيارة اختها الصغرى، وتتمشى معها في حديقة المصحة، ثم تأتيها بفستان العرس من دولاب الام، وترحل، وكان هذا اعلانا عن انتهاء الضغينة التي كانت في الصدور بين الاختين، خاصة ان العرس الذى يرمز له الفستان، وكان مشعلا للغيرة، لم تعد له قيمة الان، كما ان شد الممرضة للفستان الذي ركزت عليه الكاميرا في النهاية، وعلى يد البطلة التي تتشبث به، ثم اغلاق الباب، تجسيد للرغبة في اغلاق باب الذكريات المؤلمة، فيما الفتاة الواجمة الصامتة ما زالت تفضل الاستسلام والتلذذ بالالم.

اما الملاحظة الرئيسة الخاصة بفيلم 'اخر ديسمبر' فتتمحور حول المونتاج الذي جعل بناء الفيلم مرتبكا، والانتقال غير سلس من لقطة للقطة، او من مشهد لمشهد، وسط قدر لابأس به من التعسف في القطع، وثمة لقطات تبدو زائدة او بلا سياق درامي، ولقطات اخرى في غير مكانها الصحيح، او بالاحرى في غير توقيتها المناسب، ولعل من ابرزها لقطات البداية، حيث نرى الطبيب منهارا ويبكي من دون ان نعرف لماذا، ومن دون ان تؤسس هذه اللقطة لاية نقلة درامية، ثم تبعتها لقطة له وهو يشرب الكحول في المستشفى، ثم لقطة وهو يتعارك مع رئيسه في العمل، ثم في الاخير هذا التمهيد الذي يوحي بأننا امام مأساة ما سنعرف فصولها لاحقا، وان الاحداث سيتصدر بطولتها هذا الشاب، فاذا بنا نفاجأ بان القصة تتمحور حول فتاة ومعاناتها بعد تعرضها للخديعة على يد من تحب، على نحو يؤشر الى ان المخرج كان يفكر في بناء شخصيتين متوازيتين، ثم عدل عن الفكرة، ربما اثناء المونتاج اختصارا لوقت العرض ولمساحة الشريط الذي طال ولم يستطع التحكم فيه. وايضا، ثمة لقطة تجمع الطبيب مع التلميذة لدى قدومه للقرية، ومحاولة التقرب منه، ثم يختفي اثر هذه الصلة التي مهد لها، والتي كان توحي بان هذه الفتاة الصغيرة ستكون مخزن اسرار القرية، وتنقلها له اولا باول، خاصة انها ثرثارة وفضولية، لكننا نراها قريبة جدا للبطلة وليست للبطل، الى جانب لقطة سقوط الفتاة من فوق التل التي فقدت قيمتها الدرامية، لكونها اتت زمنيا بعد مدة طويلة من اعلامنا بسقوطها الواقعي باقامة علاقة غير شرعية، ما افقد اللقطة دلالاتها، الى جانب انه اذا كان الغرض من اصابة الفتاة ودخولها المستشفى، ليتعاطف الطبيب معها، فالاحداث السابقة اظهرت لنا الطبيب متعاطفا معها من الاصل، ويعرف تفاصيل حكايتها، بل ساعدها على رحلة الاجهاض في ذلك المشهد الطويل، الذي لا قيمة درامية لاطالته على هذا النحو، بالاضافة الى الانتقال المفاجئ المتجسد على سبيل المثال في لقطة المستشفى، حيث البطلة راقدة على السرير ومصابة بكسور، وجروح، ثم فجاة في اللقطة التالية مباشرة، نراها في اتم صحة وتقف بجوار البطل على شاطئ البحر، رغم ان المخرج لو كان صاغ المشهد بشكل مغاير، كما لو كان حلما للفتاة وهي بين الحياة والموت لكان اكثر قوة وبلاغة، خاصة ان عناصره متوافرة، حيث نرى الفتاة والشاب بملابس بيضاء ويتعانقان في البحر، بينما يقطع على مركب خاو، ربما ينقلهما للفردوس او يساعدهما على الهروب من جحيم الارض والبشر السيئين.

وثمة عديد من اللقطات كانت ستصبح لها قيمتها الدلالية لو وضعت في مكانها الصحيح، لخلق معادل بصري يعمق المعنى ويجسده دراميا، منها على سبيل المثال لقطة الدخان المتصاعد لدى اشعال الام الاخشاب، بعد شيوع حكاية ترك الخطيب الآتي من باريس للفتاة لشكه في سلوكها.

وثمة اطالة في مشاهد غير ضرورية كخلاف اهل القرية على نقلهم الى مكان اخر، او مشهد شرب الطبيب الخمر، وسط الحي وقيامه بالعزف والغناء على الجيتار، او مشهد اختيار فتيات ليل لاقامة حفل راقص، لتقليد ما تقوم به فتيات المدراس الامريكية.

وثمة تحفظ اصلا عن تيمة العمل ذاتها التي لا تنسجم مع طبيعة المجتمع التونسي الاكثر انفتاحا عربيا، بحكم التأثير الثقافي الفرنسي الحاضر بقوة حتى اللحظة، والقرب الجغرافي من اوروبا الذي القى بظلاله على الواقع اليومي، وحرره من كثير من الافكار التقليدية السائدة في المشرق العربي، وفي مجتمعات مغلقة كما الحال في دول الخليج، ومن ثم تصبح مناقشة قضية سطوة الفكر الذكوري ونظرة المجتمع السلبية للفتاة المتحررة، او من تصنع علاقة باختيارها الحر، او قيام الام باللجوء الى 'الخاطبة' والتدليل على بنتها من اجل تزويجها بشكل تقليدي او رفض شاب يحمل الجنسية الفرنسية لفتاة غير عذراء، نوعا من اللعب على صور نمطية من زمن ماضوي ربما، او من مجتمعات تقليدية اخرى، وعلى نحو غير مقنع.

لكن مع ذلك، ثمة عناصر ايجابية في هذا العمل لا يجب اغفالها تتمثل في الروح الكوميدية التي تسربت بشكل جيد في ثنايا الفيلم، وجسدتها بشكل خاص الشخصية الكاريكاتورية للشاعر الذي يدعي المعرفة بكل شيء، وهو جاهل حتى بما يدور في بيته، الذي وصل الى خيانة زوجته له، بينما هو مشغول بالبحث عن دور في الحياة العامة، او اظهار فحولته الشعرية، او شخصية الام، خاصة لدى ممارسة طقوس دينية يختلط فيها الديني بالشعبي، ووصل الامر الى مخاطبة الرب على انه شخص تعتذر منه لاخذ الكثير من وقته، على نحو يذكرنا بحوار الطفل المشاغب في الفيلم المصري 'بحب السيما'.
وربما توظيف الطبيعة واعطاء مساحة لابراز جماليات المكان من صحراء وجبال ومعابد قديمة وبحر، كان ملمحا جيدا، يحسب للمخرج، الى جانب قوة اداء الممثلين اللافت، الذي خفف عن المشاهد بعض الشيء، وسط رتابة الاحداث، وحالة الملل، والارتباك والمصداقية المفقودة.

' كاتب صحافي وناقد مصري

mabdelreheem@hotmail.com

القدس العربي في

05/01/2011

 

الإرهاب والعنف والوحدة الوطنية: دراما واقعية تنزف الدماء

'يحيا الهلال مع الصليب' شعار ثلاثية نجيب محفوظ وحسن الإمام

القاهرة ـ 'القدس العربي' كمال القاضي:  

قضية الإرهاب تأتي عادة مقابلة لقضية الوحدة الوطنية في السينما، فمتى ذكرت الأولى جاءت الثانية نافية لها، في تحسب غريب بأن كلا منهما مرتبط بالآخر، وهذه ازدواجية تخل دائما بالعمل الفني وتأخذ بناصية الكتاب والمخرجين في اتجاهات شتى، مما يترتب عليه اضطراب في الفكرة والتفاصيل على حد سواء، حيث يكون المستهدف من البداية التأكيد على عدم وجود فتنة طائفية، وفي المقابل وجود قدرة فائقة على دحض الإرهاب أينما وجد، ومن ثم يأتي الفشل عاجلا لأية معالجة سينمائية تتبنى هذه المفاهيم، إذا لا أحد يريد أن يعترف بوجود إرهاب أكبر من مجرد الشعارات والتصريحات باقتلاعه من جذوره، وفتنة طائفية تنفخ في نارها أفواه خارجية ـ صهيونية ليستمر الاشتعال، تلك الأبجدية النموذجية في تعامل السينما مع قضيتين هما الأخطر على الإطلاق، تكرس الفكرة ولا تنفيها وتضعف محاولات الاقتراب الجدية من جانب المبدعين، والقياس على تجارب سابقة، مثل فيلم 'الإرهابي وحسن ومرقص والتحويلة' وغيرها من التجارب الأسبق سيؤدي لمزيد من التعقيد والخداع، لأن ما أصبح طافيا على السطح لا يمكن إنكاره أو التغطية عليه بالكلام المعسول والصور النمطية للإخاء بين عنصري الأمة، مسلمين وأقباطا، حتى وإن كان الاحتقان المتكرر عارضا ومآله إلى زوال وعلى السينما تجديد جلدها ودمائها وفكرها والتزامها بمبدأ الشفافية والواقعية والصراحة والبحث عن صيغ موضوعية مختلفة تتعامل بها مع المرض المزمن لتكون أداة كشف لا أداة تعمية، فالأولى من الحديث عن الوحدة الوطنية هو مناقشة الأسباب المؤدية لتكوين بؤر الإرهاب السرطانية والأشياء المفجرة لنوازع الكراهية والحقد لدى الطرفين، غير أن تطوير الأداء الإعلامي المتصل بالقضية ذاتها أصبح ضرورة ملحة في ظل تعدد فضائيات المشايخ وأصحاب اللحى والجلابيب البيضاء، الذين يكفرون من يتعامل مع غير المسلمين من المسلمين، مستجدات طرأت مؤخرا على النمط الفكري للمجتمع المصري من شأن السينما أن تلتفت إليها وترصدها ولا تغفل على الجانب الآخر إخفاق الحكومة في تعميم الخطاب التنويري وإصراره فقط على المعالجة الأمنية لحظة وقوع الحوادث لخوفها من أن يتسبب الخطاب التنويري المفرط في تنشيط الأذهان اكثر من اللازم فيواجهون خطرا أكبر لا تجدي معه المجنزرات والمدرعات، وهذا بالطبع خطأ فادح يمثل نوعا من الحيطة الساذجة لحكومة تريد أن تكون هي المتصرف الوحيد في حل كل المشكلات وبالطريقة التي تراها مناسبة، والأمثلة الدالة على الرعونة في هذا الصدد كثيرة، من بينها ما تمنعه رقابة المصنفات الفنية من أفلام ترى أنها تخوض في قضايا سياسية كبرى تكدر الأمن العام حسب الوصف الدارج دائما، غير أن معظم الاحتفاليات والأنشطة الثقافية التي تقيمها جماعات المثقفين المنتمين لتيارات مناهضة للتيار السلفي تحبط باستمرار، وبالتالي تصبح الفرصة مواتية أمام الإرهاب أن يتشعب ويفرض قانونه بالقوة ويزرع بذور الفتنة في التربة الخصبة بعشوائيات الفقر والبطالة والجوع والتجسس، ليس الهلال وحده هو الرمز الإسلامي المقرر والمكرر في السينما والتلفزيون والمسرح، ولا الصليب هو العلامة المميزة للمواطن المسيحي، بل ما يجب أن يتبع تنطوي معانيه على دلالات تبتعد عن المباشرة في الرمز، وتتركز على تعاليم وطقوس الديانتين السمحتين، فعناق حسن ومرقص أو عادل إمام وعمر الشريف في الفيلم الشهير ليس عنوانا للمصالحة، بل على العكس هو شكل من اشكال المزايدة الوطنية، ونخص بالذكر هذا الفيلم على وجه التحديد لأنه جاء على خلفية ما حدث منذ سنوات في مدينة الإسكندرية من مواجهات عنيفة بين المسلمين والمسيحيين بحي الأربعين، تماثل ما حدث مجددا بالمدينة الساحلية ذاتها، وقد تصور الأبطال حينئذ وعلى رأسهم عادل إمام أن تلك المبادرة الفنية سيكون لها تأثيرها الايجابي ولكن خاب ظنه، فالمبادرة كانت أضعف من أن يكون لها التأثير المرجو، ومثلما شغلت السينما الروائية الطويلة مساحة واسعة من التعبير عن مفهوم الوحدة الوطنية ولم تفلح بالشكل الكافي، كان أيضا للسينما القصيرة خطوات محدودة على نفس المساحة الشائكة الملتهبة بنفس الكيفية، فهناك على سبيل المثال فيلم بعنوان 'الكل في واحد' للمخرج أحمد شحاتة حصل على الجائزة الأولى من المهرجان القومي للسينما الروائية عام '91' لحساسية التناول والاعتناء بالروابط القوية المتينة التي تؤكد التحام كل فئات الوطن وشرائحه من مختلف الديانات، أي أن الفوز لم يأت للتميز الفني للفيلم بقدر ما جاء لتناغم الفكرة مع الاتجاه السياسي العام، وهذا يجعل قرار لجنة التحكيم مجروحا، وما يستنتج من تلك التجربة البعيدة لا يخرج عما ذكرناه في البداية حول خطورة 'نمذجة' العلاقة بين المسلمين والأقباط، والأمر لا يختلف كثيرا في الفيلم الروائي القصير الأحدث، 'هو النهاردة إيه' للسيناريست والصحافي ماهر زهدي الذي قدم لنا رؤية بديعة من الناحية الفنية عن صداقة نشأت بمحض الصدفة بين رجلين، أحدهما مسلم والآخر قبطي عبر مكالمة تليفونية تطورت في ما بعد فأسفرت نتائجها عن تحول جذري في سلوك الرجل المسلم المتشدد ليصبح بعد العداوة الافتراضية كأنه ولي صميم لنظيره القبطي، ورغم الجوانب الكثيرة المضيئة في الفيلم إلا أنه لم يعرج على غير السائد والمألوف، وظل حريصا على ان تكون النهاية مثالية حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة، نعود لطروحات نوع آخر من السينما يطلق عليها السينما 'الحرة'، وتأتي التسمية لكونها لا تخضع لأية رقابة وتمثلها أفلام يتم تصويرها بالكاميرا الديجتال وأحيانا بالموبايل، يعتمد أصحاب الأفلام على التقاط الصور الغرائبية والنادرة التي تشكل في مضمونها ومعناها وحدة واحدة، فما يناقش من قضايا سياسية تكون صورة كلها في هذا الاتجاه، فهناك ما يطرح تصورا لمعنى الحرية أو الوحدة الوطنية أو يعرض نموذجا صارخا للقهر بشكل معين أو يشير الى حالات للتحرش الجنسي بالمرأة، إلى آخره، وكلها نوعيات يتخلى فيها أصحاب التجارب عن الخوف والحذر وكل أنواع الردع، حيث ما يهدفون إليه يكون أقوى من نوازع الخوف والرهبة ومجافيا للحذر!

ما يشغل هؤلاء هو الحقيقة، لا شيء سواها، أما شعار يحيا الهلال مع الصليب فذاك كان عنوان مرحلة وثقها حسن الإمام في ثلاثية نجيب محفوظ - السكرية ـ بين القصرين ـ قصر الشوق، التي واجه فيها المسلمون والأقباط رصاص الاحتلال الإنكليزي بصدورهم قبل أن تتعدد وجوه الاحتلال والإرهاب ويصير لكل منهما ألف قناع.

القدس العربي في

05/01/2011

 

افلام قصيرة بها بصيص أمل وكائنات فضاء تستكشف مستقبل القدس

القدس - من دان وليامز 

هل تعيث يوما كائنات فضاء فسادا في شوارع القدس القديمة المرصوفة بالحجارة، فيضطر الاسرائيليون والفلسطينيون الى تحويل سلاحهم الى عدو مشترك، ام هل ستتخلص القدس بمعجزة من انقساماتها الطائفية والمتاريس والحواجز الشاهقة لتحل محلها ناطحات سحاب مثل تلك التي في دبي، او لوحات اعلانات عليها أسماء الشركات التجارية الكبرى؟ وماذا سيفعل السيد المسيح اذا توقف العرب واليهود أخيرا عن حروبهم هناك؟

لو حكمنا بما خلصت اليه مسابقة رعاها اسرائيليون لافلام رسوم متحركة قصيرة تصور القدس بعد قرن من الان، لوجدنا ان الاوضاع لن تكون أسهل على المدينة التي هي في قلب صراع الشرق الاوسط، لكن وسط أفلام الخيال العلمي المغالية في التشاؤم، هناك تيار من الامل يعتقد منظمو مسابقة 'القدس 2111' انه سيجذب اهتمام هوليوود عاصمة السينما الامريكية.

فاز بالجائزة وقدرها عشرة الاف دولار ديفيد جيدالي، الذي يدرس السينما في الولايات المتحدة والذي يصور فيلمه الذي يحمل اسم (الحي العلماني) ومدته دقيقتان، شابا يهوديا متدينا وشابة يهودية ترتدي ملابس متحررة وقد وقفا وجها لوجه بعد ان أزالت كائنات الفضاء الاقفاص الضخمة التي كانت تفصل بين الحي الذي يعيش فيه كل منهما. وقال جيدالي في حفل تسلم الجائزة يوم الجمعة 'أنهيت الفيلم بنغمة تفاؤل لاطلاق الفكر وحتى يسأل الناس انفسهم (هل نحتاج حقا لمركبات قادمة من الفضاء لتزيل الجدران بيننا ام أن بإمكاننا ان نفعل ذلك بأنفسنا؟'.

شملت المسابقة أنواعا متباينة من الافلام، من أفلام الرسوم غير المتحركة البدائية الى أفلام رسوم توضيحية بأجهزة الكمبيوتر أرسلت من خلال موقع يوتيوب لتحميل الافلام. ووفرت بلدية القدس صورا للقدس التقطت من الجو حتى يمكن تحميلها في الفيلم.a

واختير فيلم (الحي العلماني) وفيلمان آخران من بين أفضل عشرة افلام وضمت لجنة التحكيم جون لانداو منتج فيلم (افاتار) والمخرج الالماني فيم فيندرز. ويرى دانيل ويركين أحد منظمي مسابقة 'القدس 2111' امكانية حصول بعض الافلام المشاركة في المسابقة على التمويل والاهتمام الدولي لتتحول الى افلام طويلة.

ويصور أحد افلام المسابقة المدينة بالكامل مدينة عربية تعيش في سعادة. بينما يصور آخر انفجارا نوويا في المدينة يمتد أثره ليدمر العالم كله. لكن هل اسرائيل - التي تعتبر القدس بشطريها عاصمة لها، وهو زعم يرفضه الفلسطينيون ولم يلق اعترافا دوليا- ستروج لهذه الرؤى المستقبلية القاتمة وغير المقبولة لدى البعض؟

كما وجهت طعنات للتسامح الديني.. ففي أحد الافلام يطل رسم متحرك للسيد المسيح وهو ينظر الى مجموعة من اليهود والعرب يتفقدون كائنات غريبة قاموا بذبحها. ويظهر معبد يهودي ضخم الى جوار المسجد الاقصى في القدس القديمة، وهي قضية مشحونة بالحساسيات على مستوى العالم الاسلامي كله، لكن ويركين لا يعبأ بهذه الحساسيات والمخاوف، ويقول 'مهمة الخيال العلمي ان ينتقد المجتمع حتى يتقدم. كم من المرات شهدنا فيها (في الافلام) نيويورك وهي تدمر خلال كوارث طبيعية وهجمات لكائنات فضائية ووحوش خيالية؟'.

'بالإضافة الى هذا كانت بعض الافلام المشاركة تعزف نغمة ايجابية على نحو أثار دهشتنا'. وأشار لانداو منتج (افاتار) الى تركيز الافلام على 'طرفين يتلاقيان' لكنه ركز أكثر على الجانب الدولي. وقال لرويترز من الولايات المتحدة 'حقيقة الامر انها (الافلام) تدور حول مستقبل العالم والقدس هي الخلفية'. وقال ان مسابقة 'القدس 2111' ضمت 'عددا من صانعي الافلام الموهوبين جدا. نحن نتحدث عن شبان صغار وهم مرعوبون مما سيحدث في المستقبل'. (رويترز)

القدس العربي في

05/01/2011

 

فيم تفكر يا بناهى؟

بقلم: خالد محمود  

ترى فيم يفكر المخرج الإيرانى الشهير جعفر بناهى وهو داخل سجنه.. المخرج البولندى الرائع بولانسكى حطم كل أسوار السجن وقيوده واستعاد عالمه الرحب وأخرج باقى مشاهد فيلمه الأخير «الشبح».. كان على تواصل مع نفسه ومساعديه فى إصرار على العيش كسينمائى.

ترى هل يفعلها بناهى؟ هل يمكن أن يقاوم الحكم الصادم الذى تعدى كل حدود حقوق الإنسان وحق المبدع الحر فى أن يدلى بشهادته على ما يدور حوله سواء بالصوت أو بالصورة.. هل يمكن ألا يترك السلطات الإيرانية وتبعتها من قرارات بسجنه ست سنوات وتوقفه عن الإخراج وصناعة الأفلام لمدة 20 عاما لتنال من أحلامه وأفكاره وهمته؟

إن بناهى رغم قسوة أفلامه إلا أنه كان دائما هناك يقدم صورة لثمة أمل لمجتمع بائس مسكين، وجملة تبشر بهلول طاقة نور فى شوارع يسودها الظلام.

كان بناهى ــ البالغ من العمر 50 عاما ــ يعرف أن السينما ثورة بديلة تدين القهر والظلم والديكتاتورية والطغيان، وأن السينما كتلة لهب توجع وتوقظ مجتمعا أصابه الجمود والبرود.. كان يعرف أن السينما قصيدة حب تغذى الإنسان بالعواطف التى تجمدت داخل جدران سجن سياسات لا تبغى إلا مصلحتها.

عندما سمعت الحكم بحرمان المخرج الإيرانى من التأليف والإخراج للسينما لمدة 20 عاما، كانت صدمتى كبيرة، وأعترف أننى أكتب متأخرا عن هذا الحكم، لكنى كنت أنظر ماذا سيفعل بناهى، وظللت أتساءل عما يدور بينه وبين نفسه هل سيستدعى شريط الذاكرة وأمجاد ماضيه السينمائى ــ «الدائرة» الحاصل على الأسد الذهبى من فينسيا و«تسلل» الفائز بجائزة الدب الذهبى من برلين و«البالونة البيضاء» و«الذهب القرمزى» زهرتى مهرجان كان ــ .. ترى هل يستدعى شريط الذاكرة ويعيده مرارا ليقضى ما تبقى له فى الحياة؟.. أدعو لبناهى ألا ينال منه اليأس وأن يبقى على ما تبقى من أحلامه فى الشريط السينمائى ويجعله حيا ينبض.. يكتب ويخرج ويصور وينتج أحلامه السينمائية الجديدة ويبقى عليها فى وجدانه.

إن بناهى واجه تهمة مؤازرة مجموعة من المعترضين على بعض السياسات والقرارات.. وقف بجانب مجتمع هو ملهمه فى أفلامه.. ومن غير المبدع يمكن أن يطلق آهاته وصرخته لتعبر عن جراح ملهمى أفكاره وشخوصه وتضمد جراحهم ولو حتى بالمؤازرة؟

الشروق المصرية في

05/01/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)