حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المُخرجات العربيات بمسابقة المهر التسجيلية

صلاح سرميني ـ دبي

تضمّنت مسابقة المهر العربي للأفلام التسجيلية في الدورة السابعة لمهرجان دبي السينمائي التي انعقدت خلال الفترة من 12 وحتى 19 ديسمبر 2010 عشرة أفلامٍ روائية طويلة، و13 فيلماً تسجيلياً طويلاً، و15 فيلماً روائياً قصيراً، وكلّ من شاهد تلك الأفلام، أو بعضها، أو تصفح على الدليل الرسميّ على الأقلّ، لاحظ رُبما بأنّ المرأة العربية المخرجة(أو من أصولٍ عربية) قد غابت تماماً عن الأفلام الروائية الطويلة، بينما وقفت أربع مخرجاتٍ خلف الكاميرا من مجموع 15 فيلماً روائياً قصيراً:

ـ حبيبتي، نور وزي (لبنانية)، المملكة المتحدة.

ـ تليتا، سابين الشمعة (لبنانية)، لبنان

ـ مختار، حليمة ورديري (مغربية)، كندا.

ـ ما نموتوش، أمل كاتب (جزائرية)، فرنسا.

ولا أعرف فيما إذا كانت الصدفة وحدها هي التي رجحت كفة عدد مخرجات الأفلام التسجيلية الطويلة المُتسابقة( 7 أفلام من أصل 12 فيلماً، وفيلمٌ واحدٌ من إخراج مشترك بين مخرج، ومخرجة) .
ولا أمتلك إحصائياتٍ توثيقية أكيدة، وغير أكيدة عن حضور المرأة العربية المخرجة في كلٍّ من الأفلام الروائية الطويلة، والتسجيلية (ومن المفيد إضافة أفلام التحريك، الأفلام التجريبية، والفيديو كليب)، ورُبما تستوجبُ هذه الإشارة دراسة مُعمّقة حول ميول المرأة العربية المخرجة (ومن أصولٍ عربية) نحو أحد الأنواع السينمائية .

وسوف أكتفي اليوم بتقديم كشف عامّ للأفكار، والقضايا الشخصية، والعامة التي تشغل المرأة العربية المخرجة في أحدث إنتاجاتها (كلّ الأفلام من إنتاج عام 2010).

في فيلمها "بيروت ع الموس" تُنجز اللبنانية "زينة صفير" فيلماً عائلياً حميماً عندما تُوجه الكاميرا نحو أبيها "إيلي صفير"، وتنبش في ذكريات حياته المديدة حلاقاً في أحد أكثر صالونات بيروت رقياً، وفخامة، ويبقى هذا النوع من "الأفلام التكريمية" أكثر صدقاً من موضوعاتٍ أخرى يُغلفها القليل، أو الكثير من التصنّع.

"بيت شعر" فيلم المصرية المُقيمة في ألمانيا "إيمان كامل" أكثر من رسالة إعجابٍ تُوجهها إلى النساء البدويات في شبه جزيرة سيناء المصرية، وليست الصدفة وحدها التي قادت المخرجة للسفر إلى ذلك المكان القاسي حياتياً، واللقاء مع البدوية "سليمة جبالي" التي تمكنت من تحطيم الكثير من العادات، والتقاليد، حيث تعلمت، وعملت، وتزوجت في سنٍ متأخرة من قاهريّ.

في المُقابل، يعكس الفيلم صورة امرأة أخرى هي المخرجة نفسها التي ترّبت في أجواء فنية، وثقافية متميزة، وفي عام 1987 رحلت بدورها إلى ألمانيا، وعادت إلى سيناء في رحلةٍ تأملية صوفية، تتعلم منها، وتُعلم.

يُظهر الفيلم قواسم مشتركة بين المرأتيّن على الرغم من اختلاف الظروف المكانية، والحياتية بينهما.

"سقف دمشق، وحكايات الجنة"، فيلم السورية "سؤدد كعدان" لا يقلّ شعريةً عن عنوانه، وهي بدورها أنجزت فيلماً طازجاً يحتفي بالمكان، والناس العاديين ينبشون ذكرياتهم، حكاياتهم، وأساطيرهم عن الأمكنة التي يعيشون فيها، أو تعيش فيهم، فيلمٌ "تواصلي"ّ بين الأجيال، يخطف العين، والقلب في رقته، وحنانه.

في فيلمها "حمامة"، لم تبتعد الإماراتية "نجوم الغانم" كثيراً عن زميلاتها، فقد اختارت امرأة مسنة عاشت حياتها تمارس الطبّ الشعبي، وهي لا تقلّ صبراً، وعزيمة على الرغم من سنواتها التسعين، ومنها سنوات طويلة بدوية مثل "سليمة جبالي" المصرية الأكثر شباباً في فيلم "بيت شعر" للمخرجة "إيمان كامل".

تتشارك الأفلام الأربعة بتيمةٍ واحدة، قصّ الحكايات، والإصغاء لها، حكاية والد "زينة صفير"، الحكايات التي كانت تنسجها "إيمان كامل" صغيرةً، وتلك التي تحكيها "سليمة جبالي"، "سؤدد كعدان" تستمع إلى الحكايات المُسترخية في باحات البيوت الدمشقية القديمة، و"نجوم الغانم" تكرم حكاية "حمامة" التسعينية.

بينما تُواجه التونسية "كوثر بن هنية" في فيلمها "الأئمّة يذهبون إلى المدرسة" موضوعاً حساساً في فرنسا، إن لم نقل ملتهباً، وتُعرفنا على الأئمة الجدد في جامع باريس الكبير الذين ينجزون برنامجاً تدريبياً لا علاقة له بالدين امتثالاً للتشريعات الاجتماعية الجديدة.

وفي فيلمها "الطريق إلى بيت لحم"، تلجأ الفلسطينية "ليلى صنصور" إلى القصص الشخصية التي يمتزج فيها الخاصّ بالعام، وتُضفي عليه مسحةً روائية، إنها قصة المخرجة نفسها التي تعود إلى مدينتها "بيت لحم"، فتجد المشروع الذي فكرت مسبقاً بإنجازه عن الجدار، يأخذ مساراً آخر لم تتوقعه، فيلمٌ داخل الفيلم، نفس الانطلاقة التي بدأتها المخرجة المصرية "إيمان كامل" في بداية فيلمها "بيت شعر"، وتعليقها الصوتي "حكايتها" بأنها في طريقها لإنجاز فيلم، وفي الحالتين، تعود المخرجتان من مكان إقامتهما، "إيمان كامل" من ألمانيا إلى "جبل البنات" في سيناء المصرية، و"ليلى صنصور" من المملكة المتحدة إلى "بيت لحم" الفلسطينية.

الجزائرية "رحمة بن حمو المدني" في فيلمها "تاغناوييتود" حاضرة بدورها تكشف عن شغفها الشخصي بالطقس التقليدي للـ"غشية"، فيلمٌ عن موسيقى "الغناوة" الفولكلورية المُطعمّة بعناصر من الموسيقى الغربية، والعربية، ورغبة في اكتشاف جذور هذه الموسيقى، ورحلة في العادات، والتقاليد، والطقوس التي لا تزال حية في المغرب، ومالي.

ويبقى "ظلال" من إخراجٍ مشترك بين رجلٍ، وامرأة، المصرية "ماريان خوري"، والتونسي المصري الهوى "مصطفى الحسناوي".

يرصد الفيلم يوميات المرضى في مستشفى العباسية للأمراض النفسية، والعصبية بالقاهرة، والذي منحنا "د. حسين عبد القادر" أستاذ علم النفس في المعهد العالي للسينما بالقاهرة فرصة زيارته يوماً، ومنذ ذلك التاريخ ما تزال بعض الصور عالقة في ذهني عن تلك الزيارة، يومها فكرت بأنّ الكاميرا يمكن أن تلتقط الكثير من القصص، والحكايات عن المكان، والشخصيات.

ويعتبر الاقتراب من هذا الموضوع الحساس نوعاً من المُحرمات، ليس في الوطن العربي فحسب، ولكن في العالم، بينما قدم الجزائري "مالك بن إسماعيل" في عام 2004 فيلما تسجيلياًً بعنوان "اغترابات" تدور أحداثه في أحدى المصحات النفسية في "قسطنيطنة" الجزائرية، ويظهر "الجنون المُعلن" في داخل الجدران، بينما ينتشر "الجنون العادي" خارجه.

أخيراً، من المُفيد الإشارة، بأنّ أربع من المخرجات الثمانية يعشن خارج بلادهن :

المصرية "إيمان كامل"، التونسية "كوثر بن هنية"، الفلسطينية "ليلى صنصور"، والجزائرية "رحمة بن حمو المدني".

هامش:

من بين 13 فيلماً اشترك في مسابقة المهر العربي للأفلام التسجيلية في الدورة السابعة لمهرجان دبي السينمائي الدولي 2010، هناك 6 من إنتاجٍ مُشترك مع الإمارات العربية المتحدة، وفيلمٌ واحد من إنتاج إماراتي خالص (بمجموع 7 أفلام بدعمٍ من "سوق دبي السينمائي الدولي").

الجزيرة الوثائقية في

04/01/2011

 

معاناة في غياهب التعذيب

وراء كل تعذيب وحشي أمريكا

ناصر ونوس 

"أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا". عبارة قالها الشاعر محمود درويش قبل نحو ثلاثة عقود. مرت العقود الثلاثة واستمرت خلالها أمريكا تقدم لعبارة الشاعر الفلسطيني المزيد من المصداقية. بل أكثر من ذلك، ازدادت أمريكا وحشية يحسدها عليها الطاعون... ولا نريد هنا الاستطراد أكثر لإثبات قضية غدت معروفة وبديهية... فالمناسبة هي فيلم بثته قناة الجزيرة الوثائقية في حلقتين قبل أيام بعنوان "معاناة في غياهب التعذيب"، موضوعه التعذيب الوحشي الذي يتعرض له المعتقلون في السجون والمعتقلات الأمريكية. من سجن أبو غريب في العراق، إلى معتقل غوانتانامو في  كوبا، إلى سجن باغرام في أفغانستان، إلى السجون السرية التي أقامتها الولايات المتحدة في عدد من الدول الأوروبية والشرق أوسطية خلال السنوات الأخيرة، إلى "مدرسة الأمريكيتين" التي تخرّج الجلادين والقتلة والكارهين لشعوبهم.

في هذا الفيلم يأخذ المخرج نماذج من الناس الذين تعرضوا للتعذيب في تلك المعتقلات والسجون. يبدأ مع "مراد ابن شلالي" الشاب الفرنسي من أصل جزائري الذي قاده فضوله للتعرف على جماعة طالبان في أفغانستان، وهناك يجد نفسه فجأة في مكان لم يكن يتوقعه أو يريد المجيء إليه، وهو معسكر للتدريب على القتال، ولم يعد أمامه من مفر. حدث هذا قبل أحداث الحادي عشر من أيلول. وبعد تلك الأحداث وغزو أفغانستان استمر الشاب في محاولات الفرار، لكن دون جدوى، وسرعان ما اعتقل وسلم للقوات الأمريكية. وهنا بدأت رحلة تعذيبه في غياهب المعتقلات الأمريكية. اقتيد أولاً إلى مركز اعتقال في مطار قندهار، ومن هناك نقل إلى معتقل غوانتانامو. يتحدث مراد عن تجربته في ذاك المعتقل السيئ الصيت. فيقول إن هناك غرفة تحقيق علق على بابها كلمة "جهنم"، مدهونة كلها بالأسود، وفيها مكبرات صوت وأضواء. وقد أدخل إليها وأجبر على الجلوس مقيداً، وسرعان ما أداروا الموسيقى الصاخبة والأضواء المزعجة، واستمر ذلك لساعات، وعندما انتهت حفلة التعذيب خرج وهو يهذي ويتملكه إحساس بالجنون.

يعرض المخرج بين مقطع فيلمي وآخر فقرات من "كتيّب التعذيب السري" الذي تستهدي به وكالة الاستخبارات الأمريكية. ومما جاء فيه: "التحقيق المضاد (كو بارك) هو كتيب تستخدمه وكالة المخابرات المركزية لإجبار المعتقلين على البوح بالمعلومات قسراً. وهو يحتوي كل الأساليب والتقنيات لانتزاع الاعترافات قسراً. وهي مصممة لكسر إرادة المعتقلين، وإجبارهم بعد انهيارهم على الاعتراف بما لم يفعلوه. تتلخص تلك التقنيات بما يلي: الاعتقال، الاحتجاز، الحرمان من استخدام الحواس بطريقة طبيعية، الترهيب، الألم، الإيحاء والتنويم المغناطيسي، المخدرات، ودفع الجسد للوهن حتى أقصى الحدود".

كما يطعّم الفيلم بمقاطع أرشيفية من خطابات الرئيس بوش الابن وهو يتهدد ويتوعد "الإرهابيين" بالقتل والتعذيب.

يكمل مراد حديثه عن تجربة غوانتانامو لنر كيف كانت تطبق عليه وعلى زملائه المعتقلين تلك التعليمات التي جاءت في الكتيب السري. لقد أجبروهم على تناول المخدرات. كما كانوا يجربون الأدوية عليهم. لينتهي بعضهم في المستشفى. لقد تفننوا في إيجاد وسائل التعذيب التي تهين كرامتهم كمسلمين على وجه التحديد. وبعد خروج مراد من المعتقل لازمته الكوابيس والكآبة المزمنة، ويقول المحيطون به إنه أصبح عدوانياً. مما منعه من ممارسة حياته الطبيعية. بعد خروجه من المعتقل وعودته إلى بلده فرنسا لم تتركه السلطات الفرنسية وشأنه، بل اعتقلته لمدة عام ونصف العام، ولم تطلق المحكمة الفرنسية سراحه إلا بعدما توصلت لقرار يقول إن مراد "لا يشكل تهديداً للمجتمع". لكن رغم ذلك لا تزال قضيته مفتوحة.

يأتي مخرج الفيلم بالدكتور "بيتون لي" طبيب ومستشار الرئيس بوش الأب ليعلق على تلك الممارسات. فيتحدث عن الحروب الصليبية مذكّراً إيانا بأساليب التعذيب التي كانت تمارسها محاكم التفتيش في اسبانيا والكنيسة الكاثوليكية، ومقارناً إياها بوسائل التعذيب الأمريكية التي ربما فاقتها وحشية. ثم يقول إن إحدى الحملات الصليبية لإخضاع المسلمين استمرت عقوداً طويلة وأن الحرب كانت حرباً دينية. وهنا يضع المخرج مقطعاً من خطاب للرئيس بوش الابن يقول فيه إن "الحرب مستمرة" وأن الولايات المتحدة ستنتصر فيها. فيصفق له الحضور تصفيقاً مدوياً، وفي مقدمة هؤلاء الحضور أعضاء الإدارة الأمريكية ومنهم رامسفيلد وكولن باول وديك تشيني، نائب الرئيس ومهندس الحروب الأمريكية على العالم الإسلامي، والذي كان يقف على يمينه فوق المنصة. وهنا نتيقن أننا أمام مخرج ذكي يعي تماماً المشهد السياسي والتاريخي الذي يتناوله. بعدها نرى صوراً وقد نبشها المخرج من سجلات محاكم التفتيش تظهر أساليب تعذيب المعتقلين مقارناً إياها بصور أساليب التعذيب في المعتقلات الأمريكية.

يلتقي المخرج باثنين من بين المئات، وربما الآلاف، الذين اعتقلوا في أفغانستان وعذبوا على أيدي الجنود الأمريكيين، الأول هو سعيد نبي، ضابط الشرطة الأفغاني، الذي لم تشفع له رتبته العسكرية من التعرض للاعتقال والتعذيب. لقد بقي خمسة عشر يوماً يتعرض للضرب والتعذيب، والذي مازال يعاني من آثاره حتى اللحظة. ثم أطلقوا سراحه بعدما اكتشفوا أن لا علاقة له بطالبان أو القاعدة. أما الشخص الثاني فهو مواطن عادي يمارس بعض الأعمال التجارية الصغيرة. لقد اعتقلوه مع والده البالغ أربعة وتسعين عاماً، يقول: "ضربوني كثيراً وارتكبوا أفعالاً لا يمكن تخيلها... كان يتواجد ثمانية أشخاص أمريكيين يتناوبون على ضربي لثلاث ليالٍ متتالية". ويتابع أنه تم اعتقاله بناء على خلاف شخصي مع أحدهم. لقد اعتقل لمدة ثلاثة عشر شهراً في قاعدة باغرام ولم يوجه إليه أي اتهام. ثم أتوا إليه وقالوا له إنه ليس في سجله أي مأخذ وأن المحققين أخطئوا باعتقاله. وبعد أربعة أشهر تم إطلاق سراحه.

من أفغانستان ينتقل المخرج إلى العراق، حيث سجن أبو غريب وعشرات السجون المماثلة التي لم تحظ بشهرته. وفي العراق يلتقي بالمدرّس المتقاعد الحاج علي القيسي، الذي اعتقل وزج به في سجن أبو غريب. إن صورة الشبح التي وسمت ذلك السجن المشؤوم، وهي صورة لمعتقل مصلوب زجَّ رأسه بكيس، وجسده بعباءة فضفاضة، وعلقت الأسلاك الكهربائية في أصابع يديه ورجليه، هي صورة للحاج علي القيسي، كما يخبرنا في الفيلم. يروي الحاج إنه بعدما زجّ به في تلك الوضعية أحس وكأن هناك ضوءاً قوياً خرج من عينيه، واصطكت أسنانه، وفي إحدى الصعقات الكهربائية عضّ لسانه وبدأ الدم يخرج من فمه. وإنه في حالة الصعق الكهربائي يحس المرء أن عينيه تنقلع من محجريها. ثم يروي حادثة طلبه من السجّان الأمريكي مسكِّن ألم ليده التي أجري عليها عمل جراحي قبل دخوله المعتقل، فما كان من السجان الأمريكي إلا أن طلب منه وضع يده على الأرض، وعندما فعل قام السجان بكل ما أعطي من وحشية بسحلها بقدمه وهو يقول له: "هذا هو المسكِّن الأمريكي". لقد تركت عملية السحل هذه عاهة دائمة في يد الحاج القيسي. يكشف القيسي عن وجود ثلاثة عشر سجناً في العراق شبيهة بسجن أبو غريب، وستة وسبعين قاعدة أمريكية في كل منها سجن شبيه بسجن أبو غريب. إن أساليب التعذيب الوحشية يتحدث عنها الأمريكيون أنفسهم الذين مارسوها أو شاهدوها. فها هي المحققة كايلا ويليامز تكشف عن الأوامر العليا المعطاة لهم باتباع أشد أنواع التعذيب وحشية بغية انتزاع المعلومات من المعتقلين، ومنها أن الجنود الأمريكيين كانوا يطفئون أعقاب السجائر على أجساد المعتقلين العارية. هذا عدا عن الصفع والركل وغيرها من أشكال التعذيب.

يلتقي مخرج الفيلم عدداً من ممثلي الجمعيات التي تعني بحقوق الإنسان، ومنها جمعية أورسولين الأمريكية، التي تقول ممثلتها دايانا أورتيز إن أساليب التعذيب التي يتبعها الأمريكيون في العراق ليست حوادث معزولة كما يزعم المسؤولون الأمريكيون، بل كانت معممة على كافة السجون الموجودة لدى الأنظمة التي كانت تدعمها أمريكا مثل البيرو وبوليفيا والباراغواي والأرجنتين والفلبين وفيتنام. وكمثال على ذلك ينتقل المخرج إلى غواتيمالا، حيث ارتكبت الحكومة المدعومة أمريكياً مذبحة ذهب ضحيتها مئتا ألف شخص. ثلاثة وثمانون بالمئة منهم كانوا من هنود المايا. وإلى جانب ذلك ارتكبت 646 مجزرة ولم يقدم أحد للمحاكمة أو المحاسبة أو المساءلة. وقد نجت دايانا أورتيز من تلك المجازر بأعجوبة، حيث كانت تعمل هناك في تدريس الأطفال واعتقلت عن طريق الخطأ بعد اشتباه مع إحدى النساء المعارضات للسلطة القمعية. تتحدث دايانا عن التعذيب الذي تعرضت له وتقول إن ندوب الحروق بالسجائر مازالت ماثلة على جسدها، منها مئة وإحدى عشرة ندبة على ظهرها، عدا عن الندوب الموزعة في بقية أنحاء جسمها. كما أنها تعرضت للاغتصاب والضرب الوحشي على أيدي عدد من السجانين.

وقد وضعت كتاباً عن تلك التجربة، يعرضه المخرج، بعنوان "عيون معصوبة - رحلتي من التعذيب إلى الحقيقة" بمساعدة باتريشيا دايفس. يشبِّه مخرج الفيلم حكاية دايانا بحكاية ينبشها من القرن الخامس عشر عن امرأة تقول: "في القرن 15 اتهمت امرأة بالسحر على يد محاكم التفتيش في اسبانيا. وأخضعت لقانون الطفو. فإذا طفت فوق الماء فهي مذنبة ويجب أن تحرق بالنار. أما إذا غرقت فهي برئية". وكأن المخرج يقول لنا إن عبثية جرائم التعذيب التي كانت تمارس في القرون الوسطى على أيدي محاكم التفتيش، ليست أكثر عبثية من جرائم التعذيب التي ترتكب داخل السجون الأمريكية، أو داخل سجون الحكومات المدعومة أمريكياً.

ينتقل المخرج إلى مدينة كولومبوس في ولاية جورجيا الأمريكية، وهناك نجد باتريسا إساسا، الأرجنتينية التي اعتقلت وتعرضت للتعذيب ونجت بأعجوبة من مذبحة الأرجنتين، وهي تتحدث أمام جمهور غفير عن "مدرسة الأمريكيتين" وتطالب بإغلاقها. تقول باتريسا: "أثناء الحرب الباردة افتتحت الولايات المتحدة مدرسة حربية شنيعة لبلدان أمريكا اللاتينية علّموا فيها الضباط من أمريكا اللاتينية كيف ينقلبون على شعوبهم ويستعدونهم ويرتكبون بحقهم المجازر". وهنا يبين المخرج حجم النفاق السياسي الأمريكي الذي رافق تأسيس تلك المدرسة والإعلان عنها، وذلك من خلال إعلان تلفزيوني يستعيده من الأرشيف يقول: "مدرسة الأمريكيتين الحربية – الشراكة في الديمقراطية". يتبع ذلك الإعلان تدوين لواقعة تاريخية تقول: "في 24 آذار/ مارس عام 1976 وقع انقلاب في الأرجنتين. اثنان من الجنرالات الذين نفذوا الانقلاب وحكموا الأرجنتين بديكتاتورية مطلقة من العام 76 حتى العام 83 تخرجا من مدرسة الأمريكيتين". ثم تتحدث باتريسا عن تجربة اعتقالها على أيدي أولئك الانقلابين، وذلك بتهمة "الإرهاب". كان عمرها ستة عشر عاماً عند اعتقالها. والآن وبعد أربعة وثلاثين عاماً تتذكر تلك التجربة وترويها وتتأمل في ثناياها، لقد قيدت عارية إلى ما يسمى "السرير التركي" ومورس عليها الصعق الكهربائي. ومن بين ما قالته: "شعرت بالبرد وبالأجزاء المعدنية في بطني... شعرت أولاً بصعقة كهربائية. إنها مرعبة بكل ما في الكلمة من معنى. دخلت في عالم آخر. كانت الصدمة من القوة بحيث جعلت كل عضلاتي تنقبض. استمرت لفترة. من يدري كم طالت. بدا كل شيء أبدياً سرمدياً مع أنها كانت لحظة. لا أستطيع أن أشرح كيف... تشعر بلحمك يحترق. تشم رائحة لحمك يحترق. وجاءت لحظة قلت: يكفي. إن أردتم قتلي افعلوا. لكن يكفي. أحدهم أخرج سلاحاً ولقّمه فانتظرت. كان الانتظار أبدياً مع أنه استغرق لحظة. سمعت صوت التلقين فأغمضت عيني ومازالت أسمع الصوت. ضحك المتواجدون وكأن الأمر نكتة. في حفلات التعذيب الضحك أسوأ الأمور. إنه يؤلم أكثر من الصدمات الكهربائية... لقد تألمت كثيراً، ومازلت أتألم". لا تريد باتريسا لأحد أن يمر بتلك التجربة. ولهذا تشارك في الاحتجاجات المطالبة بإغلاق "مدرسة الأمريكيتين" التي خرّجت وتخرّج مثل أولئك الجلادين. وبسجن أبو غريب، وبكل السجون التي يمارس فيها التعذيب الوحشي على بني البشر. إنها، وبعد مضي كل تلك السنوات لا تستطيع أن تنسى ما حدث معها.

لكن هل التعذيب، بكل أشكاله الوحشية ودرجات قسوته، يؤدي لانتزاع المعلومات؟ كايلا ويليامز، الضابط الأمريكي التي شهدت التعذيب في سجون أبو غريب تجيب بالنفي. "فبعد نقطة معينة يصبح عديم الفائدة. والناس ستعترف بأشياء وهمية لوقف التعذيب. وهذا يضلل التحقيق". وهو ما يجمع عليه كل الذين تمت مقابلتهم في الفيلم. فالدكتور "بيترون لي" يتحدث عن النتائج العكسية لمثل هذه الممارسات. فإذا عذبت المزيد من الناس فسيكرهك المزيد، فهل تلقي عليهم قنبلة هيدروجينية؟ هل تدمّر الكوكب؟ بالطبع لا. وبالتالي فإن البديل هو الحوار، والمزيد من الحوار.

إن فيلم "معاناة في غياهب التعذيب" لهو فيلم كاشف وفاضح للوحشية الأمريكية في التعامل مع المعتقلين في السجون والمعتقلات التي أسستها أو تديرها أو تشرف عليها الولايات المتحدة الأمريكية. مع أن معظم هؤلاء المعتقلين هم من الأبرياء. ورغم ذلك نجد الرئيس بوش يصدر في 17 أكتوبر عام 2006 قراراً يعفي فيه الجنود الأمريكيين الذين ارتكبوا الجرائم بحق "الإرهابيين" من المحاكمة. إنها العدالة الأمريكية فعلاً.

الجزيرة الوثائقية في

05/01/2011

 

«السائح».. من الوجه والقناع إلي الحب والخداع

كتب محمود عبد الشكور 

ينتمي الفيلم الأمريكي «The tourist» أو «السائح» الذي اخرجه الألماني الموهوب «فلوريان هينكيل فون دونير سمارك» إلي ما نطلق عليه الأفلام جيدة الصنع، إنها ببساطة تلك الأعمال التي يدرس أصحابها طبيعة النوع أو الأنواع التي سيقدمون حكايتهم من خلالها، ثم يرفعون شعار الاتقان الفني في كل مراحل التنفيذ، «السائح» في حقيقته ليس فيلمًا سهلاً أو بسيطًا وإن بدا كذلك، ولكنه مزيج معقد نسبيا بين الأفلام الرومانتيكية المنقرضة تقريبًا، وبين أفلام التشويق التي تتلاعب بتيمة «فوضي الهويات»، لدينا حبكتان متضافرتان وممتزجتان، الأولي رومانسية والثانية تشويقية، وحل الحبكة الأولي سيؤدي إلي حل الحبكة الثانية في اللقطة الأخيرة من الفيلم، والحبكتان متقنتان إلي حد كبير، أما السيناريو فهو متماسك ومتقن، فإذا اضفت إلي ذلك أنك أمام مخرج اشترك مع آخرين في الكتابة، وأثبت موهبته، من قبل في الفيلم الألماني الذي حصل علي جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي وعنوانه «حياة الآخرين»، وأن لديك طاقم ممثلين متميزين ولديه حضور علي رأسه «جوني ديب» و«أنجلينا جولي»، وإذا كانت الأحداث تنتقل من باريس ولندن إلي فينسيا، فأنت، بالتأكيد أمام فيلم ممتع بكل المقاييس ومن كل الزوايا، من أين تبدأ رحلة الإبداع في السائح؟ في رأيي أنها تبدأ من نجاح السيناريو المركب في إعادة فك وتركيب أحداث القصة التي لا تخلو من الطرفة، السرد في الواقع يسير في خطين متداخلين بنعومة أخاذة: حكاية حب بين رجل بريطاني اسمه «إلكسندر بيرس» سرق من أحد رجال المافيا 2.3 مليار دولار ثم اختفي، وبين فاتنة تعمل في جهاز الجرائم المالية البريطاني، اسمها «إليزوورد» «أنجلينا جولي» كلفت بالايقاع «بألكسندر» ليس لأنه نصب علي رجل المافيا، ولكن لأن الأموال المسروقة مستحق عليها ضرائب ضخمة تصل إلي 744 مليون دولار، ولكن العميلة الجميلة تقع في غرام اللص مما يؤدي إلي ايقافها عن العمل، ولكنها - وبعد عامين - من الاختفاء تتلقي خطابًا من «ألكسندر» لكي يلتقيا من جديد في «فينسيا»، أما الخط الثاني فهو تعرض «إليز» في رحلتها من باريس إلي فينسيا إلي مراقبة كل من رجال «سكوتلانديارد» الذين يريدون الوصول إلي «ألكسندر» لكي يسدد الضرائب، ورجال زعيم المافيا المسروق «ريجنا لدشو» الذي يريد معرفة مكان النقود ثم قتل غريمه «الكسندر» الهارب!

هذان هما العمودان اللذان يحملان بناء الفيلم بأكمله، لم يفلت الخطان ولو في مشهد واحد من كتاب السيناريو المحكم إلي حد كبير، بل أخذ كل خط يقوم بتغذية الخط الآخر مع عشرات التفصيلات الذكية واللمسات الساخرة هنا وهناك، لا يبدأ الفيلم الحدوتة من بدايتها كما حكيتها لك، ولكنه يبدأ من نقطة ساخنة هي رقابة رجال «اسكوتلانديارد» لـ«إليز» عند وصول خطاب «الكسندر» الأول إليها في أحد مقاهي باريس، ولن نعرف أنها عميلة موقوفة عن العمل بسبب غرامها باللصوص الذين تحاول الايقاع بهم إلا في منتصف الفيلم تقريبًا، وسيظهر «ريجنالدشو» في الوقت المناسب ليزيد الصراع اشتعالاً، ثم سيدعم الحبكة فكرة التلاعب بهوية «الكسندر» الحقيقي خاصة مع ظهور سائح أمريكي فلي «فينسيا» اسمه «فرانك توبيلو» «جوني ديب» تتعرف عليه «إليز» في القطار، وتستخدمه لتضليل المطاردين لأنه يشبه في الطول حبيبها الهارب «الكسندر».

يمارس السيناريو فكرة اللعبة في بعديها الرومانسي والتشوقي حتي آخر المدي: «إليز» - التي تعودت علي الوقوع في الحب - تقع في غرام السائح الذي يبدو كالطفل البريء المتورط في مطاردات لا يعرف مغزاها، وفي البعد التشويقي يصبح من العسير التعرف علي «ألكسندر» الحقيقي الذي تؤكد المعلومات أنه أجري عملية للتجميل غير من خلالها ملامح وجهه تمامًا، وينجح السرد في تقديم مشاهد شديدة الرومانسية بين «إليز» و«فرانك» دون أي إسراف، فبعد قُبلة سريعة في الفندق يقطع المخرج علي الفور لرجال البوليس وهم يراقبون النوافذ، وبالقرب منهم رجال زعيم المافيا المكلّفين بالقتل واستعادة الأموال.

لا تستطيع أبدًا فصل الحبكتين عن بعضهما: الوقوع في الحب هو سبب إيقاف العميلة عن العمل، والوقوع في الحب هو سبب رسائل اللص «ألكسندر» لكي تقابله في «فينيسيا»، والعلاقة بين الاثنين هي وسيلة التعرف علي «ألكسندر» الحقيقي للقبض عليه أو قتله، يمكنك أيضًا أن تكتشف بعدًا آخر شديد الذكاء بين طرفي الصراع: «إليز» وحبيبها «ألسكندر» شخصيتان تعتمدان علي الخيال الخلاّق ثم يدخل علي الخط «فرانك» الذي يستنكر أن الأمريكيين واقعيون أكثر من اللازم، وفي الطرف الآخر رجال البوليس والمافيا الذين يعتمدون علي تجميع تفصيلات شديدة الواقعية باستخدام الأجهزة التكنولوجية الحديثة، وفي النهاية ينتصر الفيلم انتصارًا كاملاً لفريق الخيال والحب في مباراته مع فريق الواقع والعنف.

ما يربط الخط الرومانسي بالخط التشويقي في «السائح» ليس فقط عنصر التغذية المتبادلة المشروحة سابقًا، ولكن أيضًا فكرة التفكيك ثم التجميع، في المشهد الافتتاحي تقوم «إليز» بحرق الرسالة التي تلقّتها من «ألسكندر» في المقهي الباريسي، فيقوم رجال «اسكوتلانديارد» بجمع الأجزاء المحترقة، واستخدام برنامج كمبيوتر لاستعادة مضمون الرسالة، ثم مواصلة المطاردة إلي «فينيسيا»، لو تأملت قليلاً ستجد أن السرد السينمائي تعامل مع قصتي السرقة والحب بنفس المنطق حيث بدأ بتفكيكهما ثم أعاد تجميعهما معًا، نحن إذن أمام عمليتي إعادة بناء: قصة حب لم نشهد بدايتها ولكننا سنشاهد عملية بعثها، وقصة سرقة ومطاردة لم نشهد حدوثها ولكننا سنشاهد نهايتها، وفي بؤرة واحدة يمثلها مشهد تهديد «شو» رجل المافيا بقتل «إليز» تتلاقي القصتان، ومع ذلك يتواصل التلاعب بشخصية «ألكسندر» الحقيقية حتي نكتشف في النهاية أنه «فرانك توبيللو» بعد أن تغيرت معالم وجهه إثر عمليات جراحية متواصلة خلال عامين!

تبدو دراسة صناع الفيلم لعالم أفلام التشويق من خلال هذا التلاعب بل إنهم يتهمون «فرانك» صراحة بأنه «ألكسندر» ثم يلغون الاتهام بصورة مُقنعة تمامًا، وتبدو دراسة صُنَّاع الفيلم للأعمال الرومانسية في الحوارات الرقيقة بين «إليز» و«فرانك»، وفي بناء العلاقة في هدوء ونعومة، وفي مشاهد قليلة ولكن مقنعة جدًا، ثم تبدو قدرة كتاب الفيلم في صنع المزيج الصلب بين الفيلم التشويقي والرومانسي في حل عقدة الفيلم بنهاية سعيدة غريبة: اسكوتلانديارد حصل علي شيك تركه «فرانك» لهم بمبلغ الضرائب، ورجل المافيا تم قتله، و«إليز» عرفت أن «فرانك» هو «إلكسندر» وأنها أحبت الاثنين دون أن تدري أنهما شخص واحد.

وهكذا أحبت «إليز» «ألكسندر» مرتين: مرة بوجهه الحقيقي ومرة بوجهه الجديد، وهكذا أيضًا حصلت علي المال والحب معًا، وكأننا وصلنا بعد نهاية اللعبة إلي استعادة قصة الحب الأولي التي لم نرها بين «إليز» و«ألكسندر».

نحن إذن أمام سيناريو من الفئة الأولي الممتازة لولا نقطة واحدة لم تكن مقنعة تمامًا وهي اختيار «إليز» لـ«فرانك» بالذات من بين كل ركاب القطار، ثم - وهذا هو الأهم - فشلها في التعرف علي أنه «ألكسندر» ولو بالإحساس رغم أنها عاشت مع «ألكسندر» عامًا كاملاً، ولكن ما أخفي هذه الثغرة الأداء الفذ للنجم «جوني ديب»، وهو محور الدراما كلها، صعوبة دور «جوني ديب» في هذا القناع البريء المندهش مما يجري حوله مع أنه صانعه الأول، لو أفلت تعبير واحد يفْهم منه المتفرج أن «فرانك» يعرف «إليز» من قبل لانهارت الدراما كلها، الطريقة التي يؤدي بها الممثل دوره مسئوليته ومسئولية المخرج أيضًا، ولعلنا نتذكر أن «أحمد السقا» لم يفلح في رسم قناع مماثل في «ابن القنصل» فأفلتت الحبكة علي مستوي التمثيل مع أنها مكتوبة جيدًا علي مستوي السيناريو.. «أنجلينا جولي» كانت مناسبة تمامًا لدور المرأة العاطفية التي تبدو في نفس الوقت عميلة محترفة خارجة توًا من القصص البوليسية أو حكايات الجاسوسية، علي مستوي العناصر التقنية، تقمص المخرج الألماني «فلوريان هينكل» النموذج الأمريكي سواء في بناء فيلم التشويق أو الفيلم الرومانسي، واحتفظ لبطليه بهالة النجومية وكأنهما أبطال لقصص شعبية ناجحة، كان هناك أيضًا استغلال رائع للأماكن المفتوحة، وسيطرة كاملة علي التتابعات الرومانسية (لقاء إليز وفرانك في الفندق) أو التتابعات التشويقية (مواجهة فرانك مع شو لإنقاذ إليز).. لاحظت أن الموسيقي سواء في جملها المصاحبة للمشاهد الرومانسية أو مشاهد التشويق المطاردة تعيدنا بقوة إلي موسيقي أفلام الخمسينيات الصريحة، واعتقد أن ذلك مقصود للإحالة إلي الأعمال الكلاسيكية الناجحة مع ملاحظة أن كتاب اليوم لا يستطيعون - فيما يبدو - الحديث عن الحب بمفرده، وإنما ممتزجًا بالمطاردات والسرقات ورجال المافيا الأشداء!

روز اليوسف اليومية في

05/01/2011

 

الفنانون يرفعون شعار «نصلي معاً.. من أجل مصر»

كتب: إسلام عبد الوهاب وسهير عبد الحميد وآية رفعت ونسرين علاء الدين  

نصلي من أجل حب مصر.. هكذا كانت دعوة عدد كبير من المثقفين والفنانين المصريين للمشاركة في صلاة القداس يوم 7 يناير الموافق «عيد الميلاد المجيد» كمحاولة للتضامن ضد أي فتنة خارجية يحاول البعض إشعالها، «روزاليوسف» وجهت مجموعة من الأسئلة لبعض الفنانين عن امكانية الصلاة في القداس كنوع من اظهار التضامن ضد أي فتنة تحدث بين أبناء الوطن الواحد فأبدي الجميع الموافقة..

في البداية يؤكد الفنان يحيي الفخراني أن هذا الحادث المؤسف اثبت قوة الترابط بين المصريين مسلمين وأقباط وأن إحساس المشاركة الذي انتاب الجميع لرفض ما حدث حقيقي ونابع من داخلنا خاصة أن هذا الحادث راح ضحيته 21 مصريا دون النظر لدينهم.

وعن المشاركة ليلة 7 يناير يقول الفخراني: بالطبع سأشارك بدون دعوة لأن لي أقارب مسيحيين ونشارك بعضنا البعض في جميع مناسباتنا، وحول تقديم أعمال فنية تناهض الإرهاب يقول: في رأيي أنها لا تساوي الاحساس الحقيقي بالحب والترابط بين المصريين، أما إلهام شاهين فأشارت إلي أنها ستحضر احتفالات عيد الميلاد حيث تعتاد علي اصطحاب صديقتها الفنانة هالة صدقي كل عام ويحتفلان سويا، وأشارت إلي أنها تشعر باستياء شديد لما حدث وأن الجناة لا يوجد لهم دين ينتمون إليه لأن كل الأديان السماوية حرمت قتل الأبرياء.

وأضافت: يجب أن يكون لدي المصريين وعي ولا ندع الفرصة لأحد أن يخرب عقولنا لذلك لابد أن نتصدي لكل من يحاول التفرقة بيننا ونقف وقفة أمة واحدة لا يستطيع أحد أن يتخللها. ويقول الفنان أحمد بدير: أنا مع أي وقفات أو مواقف تمنع الاحتقان الاجتماعي ونوضح للعالم أننا مصريون ولسنا منقسمين لمسيحيين ومسلمين، فنحن نقف مع زملائنا المسيحيين أمام الكاميرا بدون أن نعلم شيئا عن ديانتهم ولا نهتم بديانة أحد فنحن نتعامل كاخوان وأصدقاء وأي شيء يؤكد أننا ضد الارهاب مثل الصلاة يوم 7 يناير أنا سأقوم بها وسأقف بجانب أصدقائي المسيحيين.

ويضيف ما حدث عملية ارهابية مقصود بها مصر وزعزعة السلام الداخلي فهي جريمة ضد الإنسانية وضد مبادئ الدين الإسلامي والمسيحي معا.. الفنان أشرف عبدالباقي يقول: «مش محتاجين نأكد علي حبنا لإخواننا الأقباط لأن هذا موجود من زمان وأنا مش محتاج أروح الكنيسة حتي أقول لهاني رمزي أو لطفي لبيب أنني أحبهم، كما أننا لا نحتاج دعوة حتي نشاركهم أعيادهم لأننا نشاركهم بالفعل وأعتقد أن التأكيد علي الموضوع يزيد من حساسيته.

ويضيف عبدالباقي مسألة تقديم أعمال فنية ضد الارهاب لن يجدي ولن يحل شيئا فهناك أعمال فنية قدمت عن الارهاب ولم تؤثر بشكل إيجابي.

ومن جانبها عبرت الفنانة داليا البحيري عن شعورها بالحزن الشديد تجاه ما حدث بالإسكندرية، وأعربت أنها علي يقين أن ما حدث ما هو إلا حادث إرهابي، مشين ليس له أي علاقة بالإسلام ولا يجب أن يؤثر بأي شكل من الأشكال علي وحدتنا الوطنية، وأضافت أنها تحرص علي حضور احتفالات عيد الميلاد يوم السادس من يناير كل عام جنبا إلي جنب مع أصدقائنا الأقباط وأن ما يحدث هذا العام يثبت مدي وحدتنا الوطنية.

أما أحمد عيد فأكد أن فكرة الوحدة الوطنية لا يصح أن نتحدث عنها لأنها أساس مصر ولا يمكن أن نترك الأزمة الحقيقة وننساق وراء مسيرة لا تقدم ولا تؤخر ولكن يجب أن ننظر وراء الأسباب التي أدت إلي دخول الارهاب في بلدنا وليست الأزمة في وحدتنا الوطنية علي الاطلاق وإن كان هناك بعض العناصر الفردية عبرت عن غضبها بشكل غير لائق فيجب أن نلتمس لهم العذر، وأضاف لا يوجد شيء في مصر اسمه مسلم ومسيحي والإعلام يجب أن يكون عليه المسئولية الأكبر في تدعيم الركائز الأساسية لمصر والوقوف عند أسباب حادث الإسكندرية المشين الذي يكاد أن يهدد أمان مصر وأحلام شعبها والوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط.

ويقول الفنان لطفي لبيب: ما حدث ظواهر صحية لبناء وبداية نهضة مصر فسوف تحتشد قوي الشعب والدولة معا لبناء دولة مدنية لرفض هذا السلوك اللا إنساني الرخيص ولا أعتقد أن العملية لها ذيول خارجية فكل المؤشرات تؤكد أنها داخلية ووليدة ثقافة مغلوطة سائدة، فيجب تغيير الثقافة والتعليم والإعلام، لأننا كلنا مواطنون مشاركون وكل ما نعانيه في المجتمع من أزمات تعليمية وثقافية وصحية ومالية نحن فيها شركاء، والوقفات والصلوات الجماعية التي ندعو إليها هي تنبيه من الناس لضرورة وجود دولة «مدنية» وليست دولة قائمة علي الدين.

ويؤكد المخرج مجدي أحمد علي أهمية الذهاب إلي الكنيسة حيث قال سأذهب للصلاة في الكنيسة وسأقوم بالتواجد خلال الفترة المقبلة داخل أي احتفالية مسيحية كما أنوي المشاركة في الوقفة التضامنية التي تنظمها نقابة المهن التمثيلية وإشعال الشموع تعبيرا عن التضامن وأنوي عمل فيلم عن العمليات الجهادية التي تمت في مصر في الفترة من الثمانينيات والتسعينيات وهي الفترة التي شهدت عمليات إرهابية مؤسفة وأعتقد أن دور الفن هو الوحدة وليس الفرقة وبالتالي لا أحب أن اسمع مقولة أنت كمسلم وأنت كقبطي فنحن جميعا في بلد واحد اسمه مصر وما حدث هو تنفيذ صريح لتهديدات القاعدة التي نفذتها ضد أقباط العراق ومصر.. أما المخرج هاني جرجس فوزي فقال إنه مستاء لما حدث ضد المصريين وأنه يري في ذلك شقًا إيجابيا في وحدة المصريين لأنه خلال الفترة الماضية كانت هناك تصريحات طائفية من قبل بعض رجال الدين هنا وهناك أدت إلي العديد من المناوشات وما حدث منذ سنة في نجع حمادي كان بسبب ذلك وبالتالي فكان لابد من وقفة بين المسلمين والأقباط مرة أخري كنسيج واحد وأري أن ما حدث بالإسكندرية إيجابي لأنه وحد المصريين مرة أخري بسبب وجود قوي خارجية إرهابية تعمل للفتنة في مصر وهو ما سيعيد التوحد مرة أخري.

أما بخصوص الصلاة داخل الكنيسة فقال أتمني أن أري مسلمين داخل القداس ولكن هذا ليس معناه الالزام لهم لأن الأساس هو تصفية النفوس الداخلية وهو ما أراه شيئاً إيجابياً في الفترة الحالية لأنه سيخرص الألسنة الطائفية الموجودة.

أما المخرج أسامة فوزي فقال إن ما يراه من الإعلام هو أشد فتنة لما حدث بالإسكندرية لأن وجود دعاة للفتنة علي منابر المساجد وخطب تحث المسلمين علي عدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم وظهور شيوخ «الفتنة» علي الفضائيات أيضا هناك بعض التصريحات «المستفزة» للعديد من القساوسة وهؤلاء من وجهة نظري لهم خطر أشد من العمليات الإرهابية وبالتالي يجب عدم شحن البعض ضد الآخر بسبب هذه التصريحات لذلك أري أن معالجتها أهم من تعقب الجناة الحقيقيين لحادث الإسكندرية.

ويؤكد المخرج أكرم فريد أن مثل هذه الأحداث هدفها زعزعة الاستقرار بين أبناء الوطن الواحد وقال طوال عمري لم تتم معاملتي في مصر علي أنني مسيحي ولكن أنا مصري وما حدث يوم الجمعة الماضية شيء أصابني بالفزع لأنني وجدت بعض المتربصين يعمل علي التفرقة وجعل ما حدث في الإسكندرية ضد أقباط مصر ولكنني أري أنه ضد المصريين جميعا بدليل أنه مات 21 شخصًا منهم 8 مسلمين ولكن الفكرة ببساطة أن من قام بهذه العملية الحقيرة قصد أن يبين أن مصر بها مسيحيون مضطهدون.

وقال إن تفسيره لما حدث هو في إطار الإرهاب الذي يحدث في العالم بصفة عامة والدليل هو العملية الإرهابية التي حدثت قبلها في العراق.

ويؤكد المخرج أمير رمسيس لو لم تحدث وقفات من الناس أجمعين للتصدي لمثل هذه الكوارث سوف ندخل في مشاكل أكبر وسوف نتحول لبلد تعاني من الحروب الأهلية ويضيف أعتقد أن مسألة أن هذه العملية بترتيبات خارجية وليس لها ذيول داخلية ليس حقيقيا.

فكل ذلك وليد فتنة أحداثها متراكمة منذ سنة تقريباً وهي ناتجة عن غباء نظام تعليمي وغياب دور الدولة في الإشراف علي المؤسسات الدينية وأعتقد أن الصلاة هذه أقل واجب لنقف ضد هذا التيار المتطرف.. أما الفنانة مها أبوعوف فقالت سأشارك أصدقائي الصلوات كما شاركتهم الصلاة يوم 25 ديسمبر الماضي فأنا دائما أذهب معهم للاحتفال داخل الكنائس وفي رأيي ما حدث كان فاجعة فطول عمرنا كمصريين نعيش معاً وتربينا علي التعامل والصداقة والأخوة بين كل الديانات سواء مسيحيا أو مسلمًا أو يهوديا وأنا أحاول تجميع أكبر قدر من الأشخاص حالياً لمشاركتي حملة ضد القنوات الفضائية الدينية المتطرفة وبعض الشيوخ المجهولين الذين شوهوا صورة الإسلام في عقول الشباب وزرعوا بداخلهم الكراهية والعنف والإرهاب فهناك 15 ألف قناة فضائية تبث أفكارًا غريبة «الشهادة» التي سيحصلون عليها إذا قاموا بقتل مدنيين أبرياء وأمهات وأطفال وتشريد أسر هذه ليست شهادة بل انتحار.. وفي رأيي أن وجود هؤلاء الشيوخ هو الذي زاد الأزمة.

أما الفنانة منال سلامة فتؤكد أنها اتفقت مع بعض أصدقائها علي المشاركة في 7 يناير وأنهم سيذهبون إلي الكاتدرائية في العباسية ويصلون مع الأخوة المسيحيين لأن هذا عيد لكل المصريين وقالت إنها كفنانة رافضة لهذا الحادث وتطالب أن يعبر الجميع عن غضبه بشكل إيجابي متحضر حتي لا تتحقق الأهداف من وراء هذا العمل الإرهابي وتنتشر الفتن الطائفية وتتحول مصر لصورة أخري من العراق.

المنتج جمال العدل يؤكد أنه سيذهب هو وآل العدل إلي الكنيسة يوم الخميس المقبل للتعبير عن موقفه بشكل إيجابي وأعد عملاً غنائياً سيتم عرضه يوم 7 يناير وهي قصيدة كتبها الدكتور مدحت العدل ويغنيها كل نجوم الغناء في مصر ويتم التفاوض مع وزير الإعلام لعرضها يوم 7 يناير علي التليفزيون المصري.

روز اليوسف اليومية في

05/01/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)