حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

بائع البطيخ الأنيق شاهد على رومانسية الماضي والحاضر

مطر أيلول.. وجبة حب عذري خالية من القٌبل والمشاهد الساخنة

رامي عبد الرازق - mbc.net

يقدم المخرج عبد اللطيف عبد الحميد -أحد أهم المخرجين السوريين خلال عشرين عاما ماضية، في فيلمه الجديد "مطر أيلول"- تجربة تتحرك بين الواقع و"الفانتازيا" بإطار كوميدي، لتقدم وجبة من الحب العذري دون أية قبل أو مشاهد ساخنة.

يبدأ الفيلم بمشهد عازف البزق السوري الشهير محمد عبد الكريم في أربعينيات القرن الماضي وهو يتجه لدار الإذاعة في السادسة صباحا لكي يعزف مقطوعة الافتتاح الشهيرة، التي ميزت الإذاعة السورية منذ عقود.

هذه الافتتاحية تشعرنا أن ثمة "حنين للماضي" يصبغ صانع الفيلم، الذي يظهر في المشهد الأول كأنه جزء من هذا الزمن القديم، ونشعر أن عبد الحميد يضعنا أمام مقارنة زمنية بين الماضي والحاضر، وهي مقارنة في صالح الماضي بالطبع وضد الحاضر على طول الخط.

بعدها ينتقل السيناريو إلى الزمن الحالي؛ حيث نتعرف على نماذج الفيلم التي تشكل بناءه الدرامي والفكري، كما أراده المؤلف، فنحن أمام الحب كمادة خام تصاغ منها كل العلاقات بين الرجل والمرأة في مجتمع تحكمه الطبقية من ناحية، والظروف الاجتماعية السيئة من ناحية أخرى، بالإضافة إلى نظام سلطوي قهري.

الشخصية المحورية في الفيلم الأب (الفنان السوري أيمن زيدان) بائع البطيخ الأنيق الهادئ الذي يبدو قادما من زمن آخر، والذي يعيش قصة حب عذرية رقيقة مع امرأة، نكتشف فيما بعد أنها الخادمة (الفنانة سمر سامي) التي تأتي لتنظيف منزله الكلاسيكي الذي يقيم فيه مع أبنائه الـ6 الذكور.

عشاق خائبون

يمثل الأبناء الـ6 -إلى جانب أبيهم- نماذج العشاق الخائبون في هذا الزمان؛ حيث تقهرهم طوال الوقت عناصر أخرى داخل ذواتهم وداخل المجتمع.

أكبر الأبناء سنا يعيش حبا خياليا؛ حيث يجري كل يوم لمسافات طويلة حاملا وردة لمجرد أن يقذفها من شباك حبيبته لتطل عليه بوجهها الجميل ليعيشا الحب عبر النظرات.

أما ثاني الأبناء فهو أكثر إيجابية، رغم أنه في علاقة مستحيلة، حيث يعمل كسائس جراج يقوم بغسل سيارة حبيبته الحمراء كل يوم، لمجرد أن يحظى منها بابتسامة ولمسة يد حين يعطيها المفتاح.

أما الأبناء من الثالث إلى السادس، فيمثلون العشاق المنصاعين لتقاليد المؤسسة الاجتماعية.. وقد جسد المخرج هذا الانصياع من خلال ارتدائهم ملابس واحدة باللون نفسه والموديل وارتداء الفتيات الأربعة المخطوبات لهم فستانا واحدا بالشكل واللون نفسه.

وبينما يجلس بينهم طوال الوقت الأب والأم (أهل البنات) ليراقبوا الاحتشام والاحترام. يسخر عبد الحميد من هذا الاحتشام الظاهري في مشهد يجتمع فيه الأبناء وخطيباتهم على الغداء، وبينما يجلس بينهم الأب والأم يتحسس كل منهم رجل خطيبته تحت المائدة، التي تمثل هنا مؤسسة التقاليد الهشة التي تمنع في العلن فقط، تاركة السر يموج بالكبت والحرمان العاطفي.

ورغم الحديث المستمر عن العشق والحب، فإن الفيلم يخلو من أي مشهد جنسي أو قبلة ساخنة، فعبد الحمد ينتصر في هذا الفيلم للحب الشعوري الخالص -أي للحب كفكرة وقيمة- وبالتالي فإن القبلة الوحيدة التي نرها بالفيلم هي قبلة الخادمة على وجنة الأب، في لقائهم المختلس بالسيارة موديل "الأربعينيات"، والتي تكمل فكرة انتماء هذه الشخصية للماضي بكل عبقه ولحظاته الجميلة.

السلطة والقهر

وكما عبر عبد الحميد عن تصوره لنماذج من العشاق والصراع ضد الطبقية والتقاليد البالية، عبر أيضا عن خط ثان من الصراع، وهو الصراع ضد السلطة، وهي السلطة الممثلة في 4 أشخاص يرتدون أكمام الموظفين السوداء، ويمسكون بدفاتر الموظفين الكبيرة، ويرأسهم شخص سمج جدا اسمه السيد طارق، هذه المجموعة نراها تجوب شوارع المدينة، تراقب العشاق في كل حالاتهم، وتنظر إليهم نظرات غير مريحة وغير مطمئنة أيضا، وتدريجيا تبدأ عملية الاضطهاد، والتي تتبلور بشكل مكثف جدا من خلال مرور هذه المجموعة في كل مكان يلتقي فيه الأب أو أبناؤه العشاق مع حبيباتهم، وبعدها تختفي الحبيبات واحدة وراء الأخرى.. في البداية تختفي الخادمة ولا تعود للقاءات الحب في الغابة، ثم لا تعود حتى لتنظيف البيت، وبعدها يمر الموظفون في الشارع الذي تسكنه حبيبة الابن الأكبر فتختفي هي الأخرى، ويغلق شباكها بالأخشاب وبابها بالأقفال، وأخيرا في اليوم الذي تصارح فيه حبيبة الأخ الأصغر أنها تحبه تموت في حادثة سيارة لينتحر بعدها.

لكننا فجأة، ورغم هذا الخط الدرامي والفكري الواضح، نفاجأ أن الخادمة عادت للظهور مرة أخرى، دون أن ندري سر اختفائها في أحد أشكال للفانتازيا بالفيلم، والتي تجسدت أيضا مرة أخرى عندما تحدث الابن مع أبيه عن الحب؛ حيث يسقط مطر أيلول.

الـ mbc.net في

03/01/2011

 

لين وكوبولا ورحلتهما في أدب جوزيف كونراد

محمد رضا  

الحاجة لنقل الأدب عرفت طريقها إلى السينما منذ العقد الأول من القرن التاسع عشر. كانت السينما بدأت صوراً متلاحقة، ثم صوراً متواصلة مازجة بين الروائي والتسجيلي فيلم الأخوين لوميير «خروج العمّال من مصنع لوميير« (1895) ليس ككونه أوّل فيلم، بل ككونه أشهر فيلم أوّل، هو تدبير حال خروج عشرات العمّال لحظة فتح بوابة المصنع وتدفّقهم خارجه  ذلك الفيلم لم يكن تسجيلياً (أو وثائقياً) كما هو مُشاع ولو اتخذ هذا الشكل، بل هو ترتيب غير تلقائي ودليل ذلك وجود عدّة نسخ من الفيلم تختلف كل منها عن الأخرى في تفاصيل مختلفة الفيلم الأول الفعلي، «مشاهد حديقة غراوندهاي» للويس أوغوستين لوبرينس (1888)

تم أيضاً التدخل في تحريك شخصياته التي توهمنا بأنها تقوم بالسير في حديقة لكن الحقيقة أن هؤلاء تحرّكوا بامتثال لتعليمات مخرج. لا يعني ذلك أن النحو التسجيلي للسينما لم يكن موجوداً فيلم لوميير "فلسطين" (1896) وفيلم «حاشية عربية في جنيف» (1897) مثالان على مفهوم السينما الوثائقية كاملاً: كاميرا هناك لتنقل ما نراه من دون تدخل منها الحاجة لكي تسرد حكاية بلغة القصّاص تداعت في أواخر العقد الأول من القرن العشرين وسريعاً ما سنجد أن أولى محاولات اقتباس مسرحيات وليام شكسبير وردت في النصف الثاني من ذلك العقد: «كينغ لير« و»ماكبث« و»روميو وجولييت« كلها طُرحت سينمائياً في دقائق يسيرة لا تسل هنا عن كيف يمكن تلخيص العمل كاملاً الى بضعة مشاهد، لأن ذلك مردود عليه بأن سينما آنذاك لم تكن تتوقّع لنفسها أن تتجاوز نطاق الدقيقتين والثلاث دقائق من الصور لذلك كان البذل هو اختيار ما يمثّل بداية ونهاية الرواية الواحدة وليس تجسيد أي شيء منها وهذه الفترة كانت ضرورية للانتقال إلى المرحلة اللاحقة التي وصل طول الفيلم فيها الى عشر دقائق ثم الى عشرين دقيقة وبعد ذلك إلى تأسيس الفيلم كحالة قائمة بذاتها تتناول حكاياتها عبر سبيلين لا ثالث بينهما: التأليف الخاص للسينما والاقتباس من مصدر آخر

الاختلاف يكمن في أن محبّذي العالم الأدبي سيقولون لك: الكتاب هو الأساس، والمتشددون في حب عالم الرواية الأدبي ومناهج التعبير فيه سيؤكدون أنه لا بديل للكتاب وأن الفيلم عاجز عن نقل إبداعه الى صور في الجانب الآخر هناك أولئك الذين يعتبرون السينما هاضمة كل العوالم الأخرى  في تجارب عدّة حاولت السينما التعبير عن حركة الضوء وفي مرّات مماثلة حاولت أن تجد صورة للصوت، كيف لا يمن لها أن تجد صوراً للمعنى الأدبي؟

على ذلك، هناك تحدّيات كبيرة تواجه السينما إذا ما أرادت تحويل أعمال أدبية معيّنة وكان المخرج ديفيد لين طالما  منّى نفسه بعمل بصري كبير من تلك التي اشتهر بها ("لورنس العرب"، "دكتور زيفاغو" و"جسر نهر كواي") يقتبسه عن رواية جوزيف كونراد "نوسترومو" (المنشورة سنة 1904 مشكلة هذه الرواية التي تم بالفعل نقلها إلى الشاشة عبر مسلسل تلفزيوني ألماني/ بريطاني مشترك سنة 1996 هي أنها، كباقي أعمال كونراد، وصفية السرد وليست قائمة على الأحداث  في النهاية توصّل لين إلى قبول سيناريو يقص الحكاية التي تقع في مكان جنوب أميركي خيالي مع شخصيات هي أكثر شخصيات الكاتب اكتمالاً وتبلوراً بين معظم ما كتب لكن لين توفّي قبل أسابيع قليلة قبل بدء التصوير سنة 1991...

جوزريف كونراد رحلة الظلمات

السيناريو ليس متوفّراً للمطالعة، لكن إذا ما كانت "نوسترومو" من أكثر الكتابات صعوبة في التنفيذ، وإذا ما كان ديفيد لين من أكثر المخرجين تحدّياً للصعوبات، فإن هناك أشياء مثلت حلولا ساعدتهما على التعاون..

المسألة ليست كيفية تحويل عبارات تتحدّث عن دواخل أحد بطليهما الرئيسيين بقدر ما هي فك طلسم أبعاد شخصياتها جميعاً هذه الشخصيات حملت متاهات النفس الخائفة من خطواتها ومواقفها من مراجعة أفعالها ومواجهة نتائجها يركبها الخيال والهوس وتحاول أن تجد طريقها من دون أن تمد يدها إلى شمعة تنير لها دربها ليس فقط أنها صعبة النقل إلى صور، بل هي صعبة القراءة  بقدر ما هي صعبة الكتابة الجمل طويلة وما تصفه لا يخلو من التعميم ما يجعل التخصيص تحديّاً لكنها تتميّز بجماليات لغتها وقوّة مدلولاتها وشعرية أبعادها وعمق ما يجول داخل تلك الشخصيات التي تحويها في مراجعته النقدية، يصف روي مكميلان ذلك العمق قائلاً: "مدى العمق الذي تتمتع به الرواية مثير للدهشة وبالغة التميّز بسبب القوّة الرمزية التي تحتويها"..

لكن إذا ما كان لين وجد الوسيلة لمعالجة هذا الموضوع كاسراً صلابة الأسلوب الذي كُتبت به (بعض المراجع تذكر أن كونراد وجد نفسه في مأزق حين كتب هذه الرواية بسبب السقف الإبداعي المرتفع الذي وضعه لنفسه ونظراً لحجمها وما حفلت به من صور شعرية ونثرية للعالم الذي أنشأته) فإن المخرج فرنسيس فورد كوبولا طوّع رواية وصفية أخرى كتبها كونراد بعنوان "قلب من الظلام "إلى فيلم شامخ بعنوان" سفر الرؤيا الآن" (1979)..

إنها ليست رواية طويلة تلك التي نشرها المؤلّف كتاباً سنة 1902 بعد نشرها على ثلاث حلقات في مجلة قبل ذلك التاريخ بثلاثة أعوام في الرواية هناك البريطاني الذي يأخذ على عاتقه قبول مهمّة استكشاف في الكونغو الظلام الذي في العنوان ليس واحداً بل على ثلاثة مستويات تعبّر الرواية عنها تعبيراً رائعاً: هناك الظلام الذي يشمل الرحلة بأسرها ظلام الغابة التي يشقّها المركب الذي يحمل فوقه الرحالة تشارلز مارلو، كما هو اسم الشخصية الأصلية، ثم الظلام الذي يعيش داخل تشارلز مارلو والثالث هو ظلام المهمّة التي يقوم بها كظل لواقع الاحتلال الأبيض للكونغو وبل للقارة الأفريقية بأسرها...

في اقتباسه، وجدنا كوبولا يحافظ على تلك المستويات الثلاثة حتى من بعد التحريف في المهمّة المسنودة إلى بطله الكابتن بن ويلارد (مارتن شين) لقد طلبت منه الإدارة العسكرية الأميركية الانتقال إلى موقع الكولونيل وولتر كورتز الكامن في أعماق فيتنام عند الحدود الكمبودية لتنفيذ مهمّة قتله بن ويلارد عليه أن يتعامل خلال ذلك مع شخصيّته ونظرته إلى الأمور يبحث في نفسه وفي تاريخه الشخصي والعسكري بلا ثقة وحين يلتقي والكولونيل (لاحظ أن الكابتن ولارد أصغر رتبة من الكولونيل كورتز ما يجعل تنفيذ المهمّة أكثر صعوبة واستدعاءاً للخروج من الزي العسكري الى الشخصية المدنية واستحالة ذلك في الوقت ذاته) فإن ثقته غير المعول عليها أساساً تنزلق إلى حيث لا قرار طريقته الوحيدة في تنفيذ المهمّة سوف لن تكون تنفيذ الأمر المناط بعملية قتل أو اغتيال بمنهج عسكري أو حتى سياسي، بل تنفيذ المهمّة باللجوء تماماً إلى حس القاتل في ذات كل شخص منا.

الجزيرة الوثائقية في

03/01/2011

 

دموع رأس السنة

بقلم محمد رُضا

كان هناك موزع لبناني اشترى فيلماً عن حياة السيد المسيح وداوم على عرضه في صالة الريفولي كل سنة لمناسبة الكريسماس والسنة الجديدة. لا أعرف عنوان الفيلم الأصلي، لكن الموزّع أحسن اختيار إسم آخر له هو "آلام السيد المسيح"، والأغلب أنه أنجز منه أرباحاً تتعدّى كل الأفلام الأخرى التي وزّعها في لبنان وباقي دول المنطقة.

لقد كانت ضربة موفّقة بالتأكيد. الإنسان، الى أيّ دين انتمى، في حاجة الى الروحانيات التي ترد من أبواب مختلفة، بعضها يتأّلف من المشاعر الدينية العميقة وبعضها من الإحساس بالذنب والإثم حيال الواقع، ما يجعله يبحث عن فكرة خلاص، والبعض الآخر من تلك الروحانيات ربما تكفيه ذكريات من الأمس.

عرفت السينما أن الأعمال الدينية أساسية بالنسبة الى الناس. في مطلعها الصامت، أغارت على العديد من قصص الإنجيل والعهد القديم، وأثمر ذلك عشرات من الأفلام تعاملت والحكايات الواردة. بذلك ظهرت كحليف للدين والتديّن وليست معادية له، كما كانت حال وقعها الأول بين بعض أرثوذكس روسيا وكاثوليك الغرب الأوروبي.

في عالمنا العربي، فازت السينما سريعاً على كل المجابهات الدينية التي لا بد أنها تعالت في العشرينات او الثلاثينات. أدرك الجمهور أنها ترفيه يحمل حكايات وعوالم، ويحقق أحلاماً ويقلب واقع الحياة الى آخر أكثر زهواً. لكننا اليوم، ومنذ عقود، عدنا الى حيث لم نبدأ: السينما تواجه نظرة دينية متزمّتة قوامها عدم الإعتراف بها، لا فنّا ولا ثقافة ولا جمالاً ولا مضموناً ولا بالطبع ترفيهاً.

تتداعى بين حين وآخر احتجاجات الجهات الدينية، إسلامية ومسيحية، تطالب بمنع هذا الفيلم وسحب ذاك، والدوافع قليلة، قوامها أنه يسيء إلى. علماً أن لا إساءة توازي منع الحريّات. لا إساءة ترتفع الى مستوى بناء جدار يمنع المرء من قراءة ما يريد، او مشاهدته او الإستماع اليه.

لو أن المنع يُفيد، لقلنا إن الجماعة كانت أنجزت ما يُتيح لها معاودة التكرار. لكن ماذا يُفيد أن تمنع فيلماً والواقع ينضح بما هو أسوأ، وكل الرقابات لا تحقق ما تصبو إليه من نفع للبلاد او للعباد؟!

ليست الأمور الدينية هي وحدها التي تتدخل للمنع. كثيراً ما يأتي هذا المنع من جهات أمنية أو من سفارات أو وزارات. ثمة في كل بلد عربي رقابة تتيح وتمنع، لكن بعض تلك الرقابات أفضل وضعاً من بعضها الآخر. أسوأها هي تلك التي تتحجج بأن مصلحة البلد تفرض منع هذا الفيلم.

أساساً، تتدخل الرقابة في السيناريو. تقرأه وتجيزه أو تجيزه بشروط ومواصفات تضعها لحذف بعض المشاهد، أو تمنعه تماماً. عند هذا المستوى المبدئي يُصاب الخلاّق (في شخص كاتب السيناريو أو في شخص المخرج الذي ربما كتب العمل أو تبنّاه) بلكمة قويّة. ها هي رغبته في إنجاز ما هو مختلف وما هو نقدي، تصطدم بمعاملة محبطة تريده أن يلجأ الى تلك الحلول الغبية التي تحتل الشاشات كل أسبوع.

فلنفترض أنه صوّر، ملتزماً قدر الإمكان تلك التوصيات (التي هي بالأحرى شروط)، فإن الرقابة الثانية ستلاحق ملاحظات الرقابة الأولى على النص لترى ما إذا كان قد التزم، ثم عليها أن تنتبه الى ما صوّره المخرج، بصرف النظر عن النصوص. هل صوّر أطفال الشوارع؟ هل وضع صورة الرئيس مقلوبة؟ هل تطاول على هيئة ما؟ أو هل تحدّث كيف يجبر الفقر إمرأة على خيانة زوجها؟ هل تظهر فيه إمرأة عارية؟

إذا وردت هذه الدلالات، فإنها تقول لا. عبثاً يحاول المخرج نقاشها لكنها لا تريد أن تستمع. سواء أفعل ذلك من أجل الفن أم من أجل الحقيقة أم من أجل سواهما، على المخرج لا أن يقبل بذلك الحد من حرية تعبيره فقط، بل المطلوب منه أن يدافع عن تهمة خطرة: الإساءة الى سمعة البلد.

لماذا على المخرج فقط حماية سمعة الوطن؟ لماذا لا يحاول أن يحميها السياسي الفاسد والإقتصادي الجشع والموظّف البيروقراطي والديكتاتور الجبان والغشّاش والمجرم والحرامي والظالم والذي يضرب زوجته وأولاده وتاجر المخدّرات والكاذب والجاهل والخليع والفنان الهابط؟ لماذا على المخرج وحده أن يحمل مسؤولية الآخرين فلا يسمح لنفسه بعرض الحقيقة على أعين الناس لكي تعي وتفهم وتقدّر وتتعلّم؟

ما هي هذه المجتمعات التي تفكّر بطريقة أن المواطن الصالح هو الذي يقبل أن يركب صامتاً؟ أن يُساق كخروف في مرعى؟ أن لا يرفع نظره ولا يفتح فمه وأن لا يهز رأسه الا للموافقة؟ أي وطن هذا الذي يريد من الغالبية فيه أن لا تكون سوى نشّافات حبر؟ وأن ترى حقوقها الإجتماعية والمدنية تمضي في البالوعات لصالح القلّة التي لديها القدرة على أن تجهر بما تريد، بما أن ما تجهر به هو مصلحة الوضع القائم؟

بذلك، فإن الرقابة، كل رقابة، على الكتب والآداب والفنون وسواها، هي جواسيس الدولة على الخلاّقين، وذراع الأمن على الرافضين، وغطاء الطنجرة الضاغطة الذي يغلق كل منفث ومنفذ.

في مطلع السنة الجديدة، ليس أمامنا سوى أن ندعو الى زلزال ثقافي يغيّر الأوضاع. لأن أيام الريفولي و"آلام السيد المسيح" في الستينات وأوضاع العالم العربي بأسره كانت بصراحة، أفضل من هذه الأيام. آلام السيد الإنسان اليوم مبرّحة!

النهار اللبنانية في

04/01/2011

 

33 عاماً علي رحيل دولت أبيض أول فنانة مصرية تحترف التمثيل بداية القرن العشرين

نادر أحمد  

يمر اليوم 33 سنة علي رحيل الفنانة دولت أبيض والتي توفيت عن عمريناهز 84 عاماً حيث ولدت29 ينايرسنة 1889 في محافظة أسيوط من أم ذات أصول روسية ووالد من أصول لبنانية ويدعي حبيب بطرس قصبجي والذي كان يعمل مترجماً لوزارة الحربية بالسودان.

تحمل دولت أبيض لقب أول ممثلة مصرية احترفت الفن في بداية القرن العشرين وهي زوجة رائد المسرح المصري جورح أبيض الذي أهداها لقب عائلته بعد أن تزوجها.

درست دولت أبيض في مدرسة الراهبات الداخلية بالخرطوم حيث كان يعمل والدها هناك..وظهرت موهبة التمثيل واضحة منذ أن كانت تلميذة حيث لعبت أدواراً كثيرة في مسرح المدرسة..ثم اكتشفها الفنان عزيز عيد عام 1917بعد أن انبهر بجمالها وموهبتها فالتحقت بفرقته المسرحية
ولكنها لم تمكث معه سوي شهر واحد وتركته لأنها لم تحب نوعية الدراما التي يقدمها ثم التحقت بفرقة نجيب الريحانى00 ثم فرقة جورج أبيض والتي كانت تقدم التراجيديا التي تعشق تقديمها وعمرها 23 سنة ولعبت دور الملكة جوكست في رواية أديب , ومن ثم قامت بجولة فنية مع الفرقة إلي لبنان وسوريا وفلسطين , ثم تزوجت بعد ذلك من قائد الفرقة جورج أبيض عام 1923

عملت دولت أبيض مع عدة فرق مسرحية أخري من بينها فرقة منيرة المهدية وفرقة سيد درويش وفرقة يوسف وهبي ولعبت بطولة أوبريت شهرزاد , ومسرحية ريا وسكينة وعطيل وكليوباترا والجريمة والعقاب والملك لير وشمشون ودليلة وغادة الكاميليا وفي عام 1944 قامت ببناء مسرح بإسمها في حدائق القبة

في مجال السينما شاركت في بطولة فيلم «زينب « أول فيلم مصري صامت من إخراج محمد كريم واشتهرت في السينما المصرية بدور الحماة القاسية والأم الأرستقراطية00إلي جانب دور الزوجة المتسلطة

وكان حظها في السينما أفضل من زوجها جورج أبيض وقدمت ما يقرب من 30 فيلماً وشهدت فترة الأربعينات غزارة أعمالها السينمائية من أشهرها فيلم « مصنع الزوجات «إخراج نيازي مصطفي بطولة كوكا وليلي فوزي وأنور وجدي واسماعيل يس ,و»ابن البلد بطولة واخراج استيفان روستي وتمثيل عزيزة أمير ومحسن سرحان, وفيلم الريف الحزين إخراج محمد عبد الجواد بطولة فاطمة رشدي ويحيي شاهين ومحمود المليجي ,ومن أشهر أفلامها غرام الأسياد مع لبني عبد العزيز وأحمد مظهر إخراج رمسيس نجيب ,وفيلم الوردة البيضاءمع محمد عبد الوهاب ,ومع الفنانة ماجدة فيلمان هما المراهقات اخراج أحمد ضياء الدين وبطولة رشدي أباظة ,والحقيقة العارية بطولة ايهاب نافع اخراج عاطف سالم

أما أخر أفلامها فكان فيلم»إمبراطورة ميم» إخراج حسين كمال وبطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر عام 1972 قبل رحيلها بست سنوات

حصلت دولت ابيض علي وسام الدولة للفنون في عيد العلم عام 1960 ,والجائزة الأولي في التمثيل عام 1926 ,وأشهرت إسلامها عام 1953 ومعها زوجها جورج أبيض وفي اخرأيامها اهتمت بتربية أحفادها من ابنتيها سعاد وإيفون

الجمهوريةالمصرية في

03/01/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)