حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عشر سنوات سينما تتأرجح بين الكوميدى والأكشن والواقعى

كتبت علا الشافعى

عشر سنوات مضت شهدت العديد من الظواهر السينمائية والفنية وأيضا كانت لها خصوصيتها فى تسيد نوعية معينة من الأفلام الكوميدية ثم الأكشن والعودة إلى الأفلام الواقعية، وظهور جيل كامل من النجوم الذين تألقوا فى خلال هذه الفترة، وانطلقوا إلى البطولات المطلقة وحقق بعضهم إيرادات خيالية، ومنهم النجم محمد سعد وأحمد حلمى وأحمد السقا وكريم عبد العزيز، وسجل محمد سعد أرقاما قياسية فى الإيرادات مثل اللمبى وبوحه والتى كانت تحقق مليون جنيه فى اليوم الواحد وأحيانا كانت تتخطى ذلك.

ومن أهم الظواهر التى شهدتها هذه السنوات هو تألق الزعيم عادل إمام وحفاظه على عرش الإيرادات، رغم أن الخط البيانى له كان يشهد صعودا وهبوطا، إلا أنه دائما ما كان يثبت أنه النجم الأكثر ذكاء فى الأجيال الفنية، حيث يعرف اللحظة التى يستعيد فيها الأمور، كما ظهرت التكتلات السينمائية من خلال الكيانين الأكبر واللذين يحتكرن الإنتاج والتوزيع وهما الشركة العربية لصاحبتها إسعاد يونس والمجموعة الفنية، وتضم شركات الماسة لهشام عبد الخالق وأوسكار لوائل عبد الله وأفلام النصر لمحمد حسن رمزى، وهى الكيانات التى احتكرت أيضا العديد من النجوم وشهدت تلك العشرية انتقال للسوبر ستارز من نجوم السينما المصرية بين الشركتين والصراع عليهما مثل هنيدى وكريم عبدالعزيز وأحمد السقا، وأيضا لم تخل تلك الفترة من صراع على الإيرادات وإعلان كل شركة عن تحقيقها لإيرادات أكبر ورفضهم التصريح بالإيرادات الحقيقية، مما أدى إلى تدخل وزارة المالية والتى ألزمت الطرفين بضرورة إيداع نسخ من الإيرادات بوزارة المالية.

وفى العشرية نفسه ظهرت شركة جود نيوز كواحدة من أضخم الكيانات السينمائية والفنية وقدموا أنفسهم على أنهم الأضخم إنتاجا والأكثر دفعا للأجور، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار النجوم، وبالتالى كل العمالة الفنية، وأيضا شهدت صناعة السينما فى تلك السنوات طفرات حقيقية على مستوى الصناعة والصورة، حيث انعكست الطفرات السينمائية على شكل الصورة السينمائية، وزادت عدد دور العرض المصرية والشاشات، ومع ظهور تقنية السرى دى وهو ما أدى إلى انتعاش توزيع الفيلم الأمريكى فى مصر، وأصبح هناك 10 دار عرض فى مصر مجهزة لعرض الأفلام بهذه التقنية، وفى نهاية العشرية حدثت طفرة حقيقية فى إنتاج السينما المستقلة، وهى الحركة الفاعلة والتى أصبح لها رموزها ومنهم إبراهيم البطوط وأحمد عبدا لله وأحمد رشوان وغيرهم.

ورغم الارتباكات والصعود والهبوط فى حركة الإنتاج السينمائى المصرى والتى ارتفعت من20 فيلما فى العام ثم وصلت إلى 50 فيلما إلى أنها عادت وتراجعت بسبب انسحاب شركات عربية من الإنتاج ومنها أل إيه أر تى وروتانا والتى قلصت حجم إنتاجها، وأيضا شركة جود نيوز والتى توقفت عن الإنتاج، وبدأت من جديد السينما تعود إلى إنتاج الأفلام متوسطة التكلفة فى محاولة للحافظ على استمرار عجلة الإنتاج.

اليوم السابع المصرية في

30/12/2010

 

10 سنوات من الصراع بين العربية والمجموعة المتحدة

كتب جمال عبد الناصر

ظهور الكيانات الإنتاجية الضخمة واختفاء المنتج الفرد يعدان من أشهر ظواهر الـ10 أعوام السابقة فى المجال السينمائى، حيث تحكم فى سوق الإنتاج السينمائى مع بداية عام 2000 كيانان كبيران هما " الشركة العربية للإنتاج والتوزيع " والثلاثى " الماسة وأوسكار والنصر " دخلت بعدهما بفترة شركة جود نيوز وكان باكورة إنتاجها " عمارة يعقوبيان "، ثم شهدت ساحة الإنتاج والتوزيع السينمائى صراعا كبيرا بين العربى والمجموعة المتحدة ورفضت كل منهما عرض أفلام الأخرى فى دور العرض التى تمتلكها رغم وجود الكثير من محاولات التنسيق بينهما .

وأحدث دخول شركة جود نيوز الساحة السينمائية تغييراً كبيرا فى خريطة السينما، حيث ارتفعت أجور الممثلين وأسرفت الشركة فى إنتاجها على الأفلام التى قامت بإنتاجها ثم فجأة ومع ظهور شبح الأزمة الاقتصادية انسحبت من السوق، ونفس الأمر تكرر مع بعض الفضائيات التى كانت تأمل فى التواجد الإنتاجى لتوفر لنفسها تكلفة شراء الأفلام وعرضها حصريا لكنها تعرضت لخسائر فانسحبت مثل روتانا والـ " إى آر تى ".

ومن الظواهر التى طفت على الساحة السينمائية فى العشر سنوات الأخيرة ظاهرة المنتجين الموزعين، ويتوقع الكثيرون أن تستمر لأن المنتجين الموزعين لن يتوقفوا عن الإنتاج ومعظمهم يملكون دور عرض التى يصفها البعض بأنها أفواه مفتوحة تحتاج إلى أفلام كثيرة حتى تملأها.

ويعقد البعض آمالاً على دخول الدولة السوق السينمائى فى الفترة المقبلة كمنتج حتى يحدث نوع من التوازن، رغم أن المؤشرات تؤكد دوما تخلى الدولة عن هذه الصناعة وعدم دعمها لها وبالتالى انعدام دور غرفة صناعة السينما، وطالما أن الدولة تتخلى على صناعتها وتسمح لرؤوس الأموال الخارجية الأجنبية بالتحكم فى صناعة السينما فسوف تستمر حالة الإفلاس.

ويعد احتكار رؤوس الأموال الأجنبية لصناعة السينما المصرية أمر فى منتهى الخطورة ومن المفترض أن تنتبه الدولة لهذه الخطورة وتغذى منتجيها المصريين وتدعمهم لان السينما فى النهاية أداة لنشر الثقافة داخل المجتمع، وهى المسئولة عن تكوين وجدان الجمهورولكن المؤشرات الحالية تؤكد أن السينما فى عام 2011 ستكون الأفضل وسيعود عدد كبير من المنتجين للساحة ويأتى على رأسهم جود نيوذ .

والواقع يؤكد أن السوق المصرى الإنتاجى أصبح لا يشجع أى منتج يبحث عن الإنتاج الحقيقى ، فالموجود حاليا هو تاجر وليس منتجا سينمائيا هدفه صناعة السينما فقط بهدف المكسب والخسارة والخوف فى الفترة القادمة من أن نصل لمرحلة الإنتاج الجاف التى كانت فى أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات لكن مشكلة الإنتاج وقتها لم تكن تتعلق بالسيولة المادية بل كانت هناك عوامل أخرى أهمها مرور السينما بمرحلة انتقالية إضافة إلى أزمة صالات العرض.

اليوم السابع المصرية في

30/12/2010

 

ميداليات الذهب لصناع السينما المستقلة.. أبو النجا والبطوط ورشوان

كتب محمود التركى

تعد السينما المستقلة أحد أبرز الظواهر الفنية فى العشر سنوات الماضية، ورغم أنها لم تشهد انتشاراً كبيراً إلا أن وجودها كان مؤثراً لدرجة كبيرة، خصوصا أن صناعها يؤمنون بها ويدركون أهميتها، ومنهم المخرجان إبراهيم البطوط وأحمد رشوان والفنان خالد أبو النجا.

وحصدت الأفلام الخارجة من رحم السينما المستقلة على جوائز عديدة فى أفلام مختلفة، منها فيلم "عين شمس" للمخرج إبراهيم بطوط الذى ساهم فى إنتاجه المركز السينمائى المغربى، وفاز بجائزة أحسن فيلم أول لمخرجه فى مهرجان الفيلم العربى فى روتردام بهولندا، كما فاز أيضا بالجائزة الذهبية "الثور الذهبى" لأفضل فيلم فى مهرجان تاورمينا بإيطاليا، وجائزة التانيت الخاص من أيام قرطاج السينمائية.

ويعد البطوط واحداً من أهم صناع السينما المستقلة وفاز مؤخرا فيلمه "الحاوى"، بجائزة أحسن فيلم فى مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائى الدولى الذى أُقيم بمدينة الدوحة فى قطر بعد منافسة قوية مع 51 فيلمًا، ويقوم ببطولته مجموعة من الوجوه الجديدة، منهم حنان يوسف، محمد السيد، شريف الدسوقى، إضافة إلى فرقة "مسار إجبارى" الغنائية التى استقى البطوط فكرة الفيلم من إحدى أغانيها.

وتتميز السينما المستقلة بأنها لا تعتمد على ميزانيات إنتاجية مرتفعة كما تتطرق إلى موضوعات خاصة وجديدة لا تتطرق لها كثيراً السينما التجارية المعروفة، لكنها تواجه مشاكل كثيرة من أجل خروجها للجمهور، كما حدث مع المخرج أحمد رشوان فى فيلمه "بصرة" بطولة باسم مسرة وإياد نصار الذى عرض مؤخرا بالسينما، لكن بنسخ قليلة جدا رغم أن الفيلم فاز بجوائز عدة فى مهرجانات مختلفة منها جائزة أفضل فيلم روائى طويل فى مهرجان الفيلم العربى ببروكسل، وجائزة التصوير فى مهرجان "فالينسيا" بأسبانيا، وجائزة السيناريو فى المسابقة العربية بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وجائزتى أفضل إخراج عمل أول، وجائزة الإنتاج الثالثة فى المهرجان القومى للسينما، وجائزة أفضل ممثل لباسم سمرة فى مهرجان روتردام للفيلم العربى.

ومن النجوم المتحمسين دائما للسينما المستقلة النجم خالد أبو النجا الذى فاز فيلمه "ميكرفون" بـ3 جوائز مختلفة فى مهرجانات عربية سينمائية كبيرة آخرها جائزة أفضل مونتاج بمهرجان دبى السينمائى، وأفضل فيلم عربى بمهرجان القاهرة السينمائى والتانيت الذهبى بمهرجان قرطاج، كما سبق أن قام أبو النجا ببطولة فيلم "هليوبوليس" مع المخرج أحمد عبد الله وهو نفس مخرج فيلم "ميكرفون".

اليوم السابع المصرية في

30/12/2010

 

سعد وهنيدى وحلمى ينتزعون من "الزعيم" لقب "نجم شباك"

جمال عبد الناصر

تطلق تسمية نجم الشباك على الممثل الذى يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة وتتمكن أفلامه من تحقيق إيرادات مرتفعة فى دور العرض، ورغم أن أفلام عادل إمام تصدرت قمة الإيرادات لأكثر من ربع قرن وبقيت أفلامه تعتلى الإيرادات، إلا أن ظهور – الكوميديانات - الجدد أمثال محمد هنيدى ومحمد سعد وأحمد حلمى، إضافة إلى أحمد السقا وكريم عبد العزيز وأحمد مكى مؤخراً هدد عرش الزعيم فى الإيرادات وشهد العشر سنوات الأخيرة أفلاماً أخرى تحقق أرقاماً قياسية.

ويأتى فيلم "اللمبى" لمحمد سعد عام 2002 بتحقيقه رقم 32 مليوناً فى المقدمة يليه فيلم "بوحه" عام 2005 الذى وصل لـ 26.5 أما فيلم "اللى بالى بالك" الذى أنتج عام 2003 فقد وصل لـ20 مليوناً وعوكل عام 2004 حقق 18 مليوناً.

أما النجم عادل إمام فقد وصل لرقم الـ20 مليوناً ولم يتخطاه فى التوزيع الداخلى، وذلك من خلال فيلمه "السفارة فى العمارة" عام 2005، وبالنسبة لفيلم عريس من جهة أمنية الذى عرض عام 2004 فلم يتخطى الـ15 مليوناً والوحيد الذى تخطى رقم 20 مليوناً ويأتى فى المرتبة الثانية بعد سعد هو أحمد حلمى الذى بدأ بـ12 مليون جنيه فى فيلم "ميدو مشاكل" ثم وصل لـ12.5 مليون فى فيلم "زكى شان" عام 2005 ولكنه وصل لـ24 مليوناً فى فيلمه "آسف على الإزعاج" وتخطاه بقليل فى "كده رضا" ووصل لـ24.5 أما أحمد السقا وكريم عبد العزيز ومحمد هنيدى وأحمد مكى فتتراوح أفلامهم ما بين الرقم 12 مليون و15ولم يصل هنيدى لرقم الـ20 مليون بعد "إسماعيلية رايح جاى" سوى فى فيلم "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة".

اليوم السابع المصرية في

30/12/2010

 

«ستة، سبعة، تمانية»

راسم المدهون

حلقة برنامج «العاشرة مساء» التي ناقشت الفيلم المصري «ستة، سبعة، تمانية» جاءت غنية ومثيرة من كافة جوانبها.

منى الشاذلي، التي استضافت أسرة الفيلم، أطلقت حواراً مهماً حول قضية التحرّش الجنسي في مصر اليوم، والتي هي موضوع الفيلم، الذي أثار ولا يزال جدالات عاصفة، تناقضت بين من يؤيدون مضمونه، وبين من يقفون ضده بدرجات متفاوتة.

لافتة في حلقة البرنامج إلى واقعية التناول، سواء من المذيعة الشاذلي، التي أدارت حواراتها برصانة، وإن بنعومة، أو من ضيوفها، الذين قدموا عرضاً سلط الضوء على تلك الظاهرة الاجتماعية الشاذة، خصوصاً عبر سرد واقعي لمحاولات تحرش وقعت خلال التصوير، بل واضطرار أسرة الفيلم تكليف «دوبليرات» لتصوير بعض المشاهد درءاً لمخاوف التحرش.

في حلقة البرنامج مداخلات مهمّة من مشاهدات قدمن شهاداتهن التي أغنت النقاش، ومنحته مصداقية وواقعية ارتفعتا بالموضوع كلّه إلى الأهمية التي يستحقها، باعتبار تلك الظاهرة واحدة من أبرز مظاهر الخلل الاجتماعي التي تعكس تناقضات العيش في مصر اليوم، بفعل عوامل كثيرة ، قد تبدأ من الخراب الاقتصادي والتطرف الديني، ولا تنتهي عند التربية بمستوياتها المتعددة، البيت والمدرسة، ناهيك عن تربية الوسائل الإعلامية، وفي مقدمها التلفزيون.

حلقة واحدة لمناقشة هذا الموضوع الخطير ليست كافية، فالبرنامج تناول الظاهرة الشاذّة من خلال فيلم سينمائي، وهو مدعو لتوسيع الحوار حول الموضوع بتخصيص حلقة أو أكثر يمكن أن تستضيف خبراء اجتماعيين، ومثقفين بارزين، ناهيك عن استضافة بعض ضحايا التحرش، وتسليط الضوء على الحالة من الجهة القانونية والتشريعية التي يناط بها معالجة أحداث ووقائع جرائم التحرش الجنسي.

أهمية الحلقة تأتي أيضاً من المفارقة في الوعي الاجتماعي، الذي يجعل مَن تعرّضْن للتحرش في موقع الحرج من اللجوء للشرطة والقضاء، بسبب النظرة الاجتماعية الخاطئة التي تساوي الضحية بالجلاد، وكذلك بسبب طوفان الآراء المخاتلة التي تفسّر التحرش بحجج وأسباب غير حقيقية يسوقها بعض المتعصبين ضد النساء.

سيكون مفيداً أن يعود البرنامج لحلقة أخرى، نعتقد أنها ضرورية لتحفيز نقاش مجتمعي أكبر وأكثر جدّية.

الحياة اللندنية في

30/12/2010

 

عودة الى كلاسيك السينما (4): ليلة الصياد

الى "حلاق بغداد" صادق

حميد مشهداني من برشلونة

في بداية الستينات كنت تلميذا في “متوسطة الجعيفر الرسمية” في الصف الثاني، لم أبلغ حينها الرابعة عشر من عمري، وبين درس و فرصة، كنت اخرج الى الشرفة المطلة على الشارع العام، الذي يربط “علاوي الحلة” بـ”الكاظميية شارع مزدحم بالسيارات والباصات ذات الطابقين، و”العربنجية” ووسائط النقل القديمة بين المدينتين خصوصا تلك التي تنقل الركاب بسرعة مدهشة، وعبر دخانها، وضجيحها كنت أرى “صالون صادق للحلاقة” على الجانب الاخر من الشارع، وهذا كان جديدا وأنيقا، وفي ايام الجمعة كنت اقترب واجهته الزجاجية العريضة لأرى جدرانه مزينة بصور جميلة امعظم نجوم “هوليوود” نحن صغارا أعتدنا الحلاقة الشهرية في في دكان شعبي قريب من “حمامات الرحمانية” العتيدة هذا المحل كان يديره رجل طيب “أسطة فنطل” وبأسعار رخيصة جدا 20 فلسا كل حلاقة، وأحيانا كنا نزاغل عليه هذا السعر البسيط، ولكن “صادق كان يقبض 40 فلسا بسبب حداثة اجهزته، والتبريد، والنظافة، ولكن الاهم من كل هذا كانت صور الممثلين، وبعض “شيتات” أفلام تأريخية وكلها امريكية،
صادق الحلاق كان رجلا غامضا، غليظ الجسم، و وجه مدور كما كرة قدم تتوسطه عينان جاحظتان كثيرا ما كانت تقفز من مداراتها،لتستقر مبحلقة في وجه الزبون مما كان يثير الخوف أحيانا خصوصا . حينما تراه هكذا وبيده موسى حلاقة حادة جدا، هذا كان “مرجعا”في السينما الامريكية بالخصوص، وكان قد شاهد وحضر العروض الاولى لمعظم الافلام في دور سينمات بغداد الكثيرة حينذاك، منذ الاربعينات ويحفظ عن ظهر قلب، القصة، والممثلين، والمخرجين، وكتاب السيناريو، والموسيقى التصويرية لكل فيلم بذاكرة خارق.

المرة الاولى التي زرت فيها “صالون صادق” لم أعتبر سعره غاليا، رغم انه كان يقبض ضعف ما يقبضه “أسطة فنطل” المحترم الذي لم أخطو دكانه منذ ذالك اليوم بسبب الصور الدينية التي كانت معلقة على جدران دكانه، مثل معركة الخندق، والائمة، وصور الامام علي في أوضاع مختلفة، ولوحات سيفه “ذو الفقار” في يمينه وفي اليسرى معلقا رأس “الشمر” المقطوع داميا، في الواقع كانت في معظمها صورا ولوحات كابوسية تثير الخوف في قلوبنا الصغيرة، على عكس ما كان موجودا في صالون “صادق” من اشارات الى السينما بين

صور و”شيتات” أفلام، وكتب، ومجلات منتشرة في كل زوايا صالونه، وهو أيضا كان لا يتوقف الحديث عن أفلام جميلة كان فد شاهد عرضها الاول، وكان يقصها لزبائنه بشكل مثير،وأنا عرفت قصص العديد من الافلام قبل مشاهدتها، و يوما حكى لي بين مقص ومقص قصة فيلم “ليلة الصياد” وبطله المضل الذي كان “روبرت ميتشوم” ولحد الان اتذكر كيف كان يترك ادوات الحلاقة ليقلد طريقة سير الممثل في الكثير من أفلامه، مائل الكتف، بطيئا متدلي الذراعين دون حركة حينما يمشي، وهذا لاحظته فعلا في أفلام عديدة قام ببطواتها هذا الممثل الرائع .

ليلة الصياد، 1955 كان الفيلم الوحيد الذي أخرجه الممثل العظيم ”جارلس لوفتون” البريطاني، متبنيا سيناريو كان قد كتبه الناقد السينمائي المشهور “جيمس أجي” الذي بدوره استلهمه من رواية الكاتب “دافيد غروب” ورغم هذا اضطر المخرج الى إعادة كتابة السيناريو مرة اخرى

يبدأ الفيلم بلقطات سريعة، تعطي الانطباع الاول لابطال هذه القصة، فنرى الداعي الديني،القس “روبرت ميتشوم” يناجي الرب بعد قتله الارملة السابعة فهو كان صياد أرامل، لينتهي في نفس زنزانة المتهم بسرقة 10000 دولار والمحكوم بالاعدام، ويعيد في نوع من “فلاش باك” سريع حادثة السطو والقتل، وكيف خبى هذا المبلغ المسروق في دمية ابنته الصغيرة ويطلب من اخيها ان يقسم على عدم البوح بهذا السر مهما كلف الامر، ليضعنا أمام أبطالها في حالة اجتماعية، و اقتصادية تعقدت فيها الاحلام والطموحات، والخوف من الفقر الوشيك، ليشير الى دور العقيدة الدينية المتعثرة في ازمات أخلاقية دورية كما هو حال “البورصة” التي تقيس كل يوم صحة النظام الرأسمالي، فبعد اطلاق سراح القس الفاسق يبدأ هذا رحلة صيد جديدة، نحو قرية اللص المعدوم، حالما العثور على المبلغ الذي لا أحد يعرف مخبئه غير الطفلين، وهنا تبدأ غنائية الفيلم الحزينة، في اشارات الى جمل وعبارات أنجيلية سرعان ما تجد صداها في مجتمع مسحوق بسبب الازمة الاقتصادية في بداية الثلاثينات، ليبدأ الصراع بين الخير والشر، كلمتين كان “الداعي”قد وشمهما على اصابع يديه، وبحيل، وخداع متدين يتمكن من أغراء أرملة اللص “شيلي ونترز”ليتزوجها بعد ذالك، وبعد محاولات عسيرة لاستدراجها أن تخبره شيئا عن المبلغ المسروق يقتنع انها لاتعلم بذالك فيقتلها و يلقي بجثتها في النهر، ليتجه بعد ذالك الى الاطفال محاولا نفس المهمة، وهنا هما اول ضحايا الجشع.

في أعتقادي ان “روبرت ميتشوم” قام بأجمل أدوار حياته في هذا الفيلم “المستقل” لان فيه من الغرابة والسحر، والغنائية ترافقنا على طول منحدر نهر الميسيسبي في لحن حزين يشير الى مهد موسيقى “البلوز” على ضفافه، كما فيه الكثير من اللمسات “السوريالية” والكابوسية تلوي الاحشاء بمرارة، ويضعنا في حالة انتظار مدمرة مع نفاذ الصبر، حيث، الشر “الوحش” أو القس الذي يطارد برائة طفلين لا حول ولا قوة لهما .تمكنا الهروب من براثن الشيطان في ليلة مظلمة بزورق قديم ليتركوا مصيرهم في تيار هذا النهر “القدر” لينتهوا في ضفاف الخير منهكبن حيث يرسي زورقهم أمام منزل خيري تديره سيدة محترمة “ليليان غيش” لاعانة الايتام والاطفال الضائعين بعد ليالي مطاردة مرعبة من قبل الصياد “القس” الجشع.

الممثل العبقري “جارلس لوفتون” ذو التجربة الطويلة في العديد من الافلام الرائعة على مدى عقود صقل كل خبرته الفريدة في صناعة هذا الفيلم، فكما ذكرت سابقا طريقته في التقديم بتلك اللقطات السريعة التي لا تأخذ منه اكثر من بضعة دقائق، يقدم للمشاهد كل العناصر الرئيسية الضرورية لفهمه فيما بعد، لينطلق بعد ذالك هادئا، و مرعبا في نفس الوقت، طارحا معضلة الخير والشر الكامنة في قلوب البشر خصوصا في فترة الانتكاسة الاقتصادية - الاخلاقية، وتأثيرها في مجتمع ضعيف الارادة المتناقض الاخلاق،حيث الجشع، والتعصب الديني، والعنصري، ومهمة الدين في تربية رعاياه، هذا الدين الذي ترك المؤمنين بيد حفنة من المضاربين، والاحتكاريين اللاضمير يسكن ارواحهم. و أول ضحايا هذه الازمات هم الاطفال، كما هو الحال في ازمتنا الحالية، حيث تزداد حالات السطو والاحتيال، والابتزاز، فرجل الدين هذا، في زمن مضطرب يبدأ الصيد في المياه العكرة، والنصابين والمحتالين عادة ما يكونوا أبطالا قذرين في زمن قذر، فهو يتمكن من خداع اهل القرية بتدينه، ليغري بعدها أرملة اللص، ليقتلها، ليطارد أطفالها فيما بعد. وفي تصوير “ستانلي كورتيز” الليلي الدائم والغريب يضعنا المخرج في حالات رعب مستخدما فن الانارة والتناقض الضوئي حسب تكنيك تلك الفترة البسيط لنرى القس المحتال “بعبعا” يخيف نعاس الاطفال، وهنا يلجأ المخرج الى التراث التقليدي لقصص الاطفال,

يعرف عن “جارلس لوفتون”كممثل، دقته في الاداء فهو مثل العديد من معاصريه البريطانيين الذين فازوا احترام “هوليوود” كان خريج مسارح “لندن“ العريقة، فتجربته المسرحية الكلاسيكية الطويلة على خشبات مسرح هذه المدينة جعلته يهذب أداءه بطريقة مذهلة، وكثيرا ما كان يحتد نقاشه مع مخرجين مهمين حول تفاصيل أدواره كما حصل مع “الفريد هيتشكوك”و “ديفيد لين” وآخرين، لينتهي بفكرته وطرحه، فوضع كل هذه الخبرة السينمائية و المعرفة في أنجاز هذا الفيلم الذي لم يفز بأي جائزة، لم يحصل على غير سخط “النقاد؟” الرديئين الذين نسفوه بنقدهم الردئ والبائس، وضاع الفيلم، وغمر بشكل غير عادل ليعود بعد سنوات كي يصير “أيقونة” هواة ومحترفي صناعة السينما، فهو يعالج فترة اجتماعية، واقتصادية معقدة، اراد منها استخلاص “قدر الانسان” بطيبته، وقبحه، و براءته، في حالة فريدة، حيث الدين ومؤليه، يصيرون أدوات الشر .

هذا الفيلم يعتبر “كاملا”من جميع جوانب صناعة السينما، حسب مؤرخيها وبعض النقاد البارزين، حبكه “جارلس لوفتون”ببراعة لا تظاهى مع كاتب السيناريو “جيمس اجي” و أيضا مع الممثل “روبرت ميتشوم” الذي قام بأداء تأريخي، وتعبيرية تخنق الانفاس، وهذ كان قد قام ببطولة عشرات الافلام الرائعة، ولكنني أعتقده في هذا الفيلم، أدى اجمل أدوار حياته الفنية .

اما”شيلي ونترز” أرملة اللص، وزوجة القس فيما بعد، تقوم بدورا غريبا فيه الكثير من “السوريالية” تذكرنا بأعمال المخرج الاسباني “لويس بونويل” في فتراته الاولى، فهي تمثل شخصية كررتها في معظم الافلام لاحقا، كأم أرملة متصابية، لاتشك في الزواج مع خطيب في سرعة قياسية بعد وفاة زوجها، دورا قامت به في العديد من المسلسلات التليفزيونية، لكي تقوم بعد سنوات بنفس الدور تقريبا في فيلم “لوليتا” الذي أخرجه “ستانلي كوبريك”.

أخيرا، فيلم رائع، وضروري جدا مشاهدته أكثر من مرة.

إيلاف في

30/12/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)