حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تعاني معوقات كثيرة وسيطرة النجوم والأفلام الأميركية

مهرجانات السينما العربية تعددت الأسباب والهم واحد

القاهرة ـــ أسامة عسل

ما هو المطلوب من مهرجان سينمائي عربي لكي يصبح قادرا على الدخول في منافسة مع المهرجانات الكبرى (برلين وكان وفينيسيا)، أو يكون متميزا وسط 4 آلاف مهرجان سينمائي حول العالم؟

من الصعب الإجابة عن ذلك حاليا، لأن مهرجاناتنا العربية تكتفي فقط بعرض أفلام من باريس وبرلين وأثينا ولا تزال بعيدة جدا عن الخريطة العالمية وصنع أفلام أجنبية أو حتى عربية تقدم إليها خصيصا، لكن الملفت في الأمر أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت مؤخرا نشطة في سوق التوزيع والعروض السينمائية بجانب تصوير أكثر من عمل بها، حيث تم الإعلان هذا العام عن عقد صفقات إنتاجية مع استوديوهات هوليوود الكبرى لمشاريع مستقبلية، وهو ما يعني عامل جذب ولمعان يجب أن تستفيد منه تلك المهرجانات لتأكيد وجودها عالميا.

وبعيدا عن الزحام الشديد المتمثل في الفترات القريبة لعشرة مهرجانات سينمائية عربية تقام خلال الشهرين الأخيرين من كل عام ويتسبب ذلك في التداخل والتضارب وتكرار الأفلام بينها، عكس مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ43 من خلال اجتماع رؤساء أكثر من مهرجان عربي ودولي معوقات لا تزال المهرجانات تواجهها وتشترك معا في (هم) التأثر بها، ويتمثل ذلك في أزمات التمويل والقرصنة والبحث عن رعاة وتدخل الدول في سياستها وسطوة الفضائيات التي تتيح للجمهور الأفلام ما يجعله لا يقبل على دور العرض السينمائي.

وأفرزت المناقشات، التي غاب عنها ثلاثة من رؤساء المهرجانات هم محمد الأحمد، رئيس مهرجان دمشق وعبد الحميد جمعة، رئيس مهرجان دبي وزيليا فاليفا، رئيسة مهرجان كازان بروسيا، إلى ضرورة العمل على تطوير المهرجانات وليس فقط الحرص على استمرارها، وكان من أبرز المطالبات فكرة (توأمة المهرجانات العربية) من أجل تبادل الخبرات، واتفق عدد من رؤساء المهرجانات السينمائية الدولية على إنقاذ دور العرض السينمائي من الانقراض وزيادة التعاون المشترك خصوصا بين المهرجانات التي تعاني نقصا تقنيا وماديا، مع ضرورة إيجاد موارد جديدة لتمويل تلك المهرجانات من خلال الشركاء المحليين والحكومات والسماح بإيجاد سوق أكبر للفيلم السينمائي لمواجهة تحول منتجي السينما إلى إنتاج الدراما باعتبار أن سوقها رائج أكثر في المنطقة العربية التي يقبل سكانها على مشاهدة التلفزيون أكثر من السينما.

كذلك ألقت مشكلات مثل ارتفاع أجور النجوم الأميركيين الذين يتم استضافتهم في المهرجانات وصعوبة الحصول على نسختين للفيلم مصحوب أحدها بالترجمة باللغتين العربية والإنجليزية، وخوف بعض الموزعين من سرقة أفلامهم بعد عرضها في المهرجانات، وسيطرة الأفلام الأميركية على 09% من نسبة الأفلام التي يتم عرضها في المهرجانات الدولية، بالعديد من علامات الاستفهام التي تحاصر القائمين على تلك المهرجانات في ظل تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية.

ووسط هذا الوضع العربي من ناحية والعالمي من ناحية أخرى، تبدو معظم المهرجانات العربية في حاجة إلى قوة دفع وإعادة تنظيم من جديد، كي تكون بالفعل التقاء للثقافات والحضارات وتدعيما لفن السينما نفسه، ما يساعد ذلك في نمو الحركة السينمائية وتطوير أدوات السينمائيين وتفتيح مدارك الجمهور العربي الذي بات يتفهم مدى تأثير السينما في حياته.

وفي السطور التالية، يرصد (الحواس الخمس) في لقاءات مع رؤساء بعض المهرجانات تصوراتهم للتغلب على المشكلات التي يواجهونها، ويسلط الضوء على خطورة بعضها وما تمثله من تهديدات باتت تشكل تحديا أمام نجاح تلك المهرجانات ورغبتها في أن يكون لها دور مفيد للسينمائيين والمشاهدين معا.   

في استطلاع لـ (5 حواس) مع رؤسائها العرب والدوليين

كابوس التمويل والقرصنة يهدد المهرجانات السينمائية

تقام سنوياً عدة مهرجانات سينمائية عربية مهمة تحتل فعالياتها عناوين الأخبار ويحضرها نجوم عالميون وتجمع كل مظاهر البريق والجمال التي ترتبط تقليديا بصناعة السينما في أنحاء العالم.

والفرق بين مهرجانات السينما في الغرب ونظيرتها العربية هو التنافس على أفضل مظهر الأمر الذي يؤدي إلى انقسامات كبيرة، خصوصا أن مهرجانات (فينيسيا وبرلين وكان) تعرض قرابة 60 في المائة من حجم الإنتاج السينمائي العالمي، وحفز هذا التنافس والخلاف رؤساء ومديري مهرجانات السينما العربية على الالتقاء منذ سنتين وبشكل متوال في مهرجان القاهرة السينمائي لمناقشة التنسيق بينهم في مواعيد المهرجانات لتفادي التضارب وتكرار الأفلامز.

ووضع في على أجندة تلك الاجتماعات مشروع اتفاق يهدف لتوزيع مهرجانات السينما العربية الكبرى على أشهر السنة لإتاحة فرصة للمشاركين لتقديم أفضل ما لديهم، وفتح الأسواق المحلية على الأفلام الأجنبية وفتح الأسواق العالمية على الأفلام العربية، وجاء لقاء هذا العام ليكشف عن معوقات ومشاكل مشتركة تواجهها المهرجانات السينمائية وتبحث عن حلول جذرية لها، وفي استطلاع سريع لـ(الحواس الخمس) قال عزت أبو عوف رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، إنه ينبغي وجود اتصالات دائمة بين ممثلي المهرجانات للاتفاق على خطة عمل وتنفيذها فيما يدفع باتجاه «للتغلب على الكثير من المعوقات التي تواجه المهرجانات السينمائية مشيرا إلى أن أهمية الاجتماع تتمثل في الكشف عن كونها معوقات مشتركة».

ونوه أبو عوف إلى ضرورة إنقاذ دور العرض السينمائي من الانقراض وزيادة التعاون المشترك بين المهرجانات التي تعاني نقصا تقنيا وماديا مع ضرورة إيجاد موارد جديدة لتمويل تلك المهرجانات من خلال الشركاء المحليين والحكومات والسماح بإيجاد سوق أكبر للفيلم السينمائي من خلال تلك المهرجانات.

وأوضح أبو عوف انه من الضروري تبادل الخبرات والآراء والتجارب الناجحة بين سائر المهرجانات التي تواجه العقبات والأزمات في طريقها للعالمية، مع أهمية عقد أكثر من اجتماع دوري في العام الواحد بين رؤساء تلك المهرجانات السينمائية للوقوف على أبرز المستجدات.

من ناحية أخرى أكد ماركو سولاري رئيس مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي بسويسرا إن عدد المهرجانات السينمائية بلغ عددها حاليا نحو أربعة آلاف مهرجان سينمائي حول العالم، حيث كانت البداية في سويسرا عام 1932 ثم توالت المهرجانات حتى ظهور المهرجانات الحديثة مثل مهرجان دبي وأبوظبي، وقال: رغم ذلك لا تزال المشكلات قائمة وأغلبها يتعلق بالأمور الفنية والتقنية في ظل غياب عنصر الجودة وصعوبة الحصول على نسختين للفيلم مصحوب أحدها بالترجمة للغة أخرى.

وأضاف: إن أبرز المشكلات التي تعتري المهرجانات السينمائية على الصعيد الدولي تكمن في تقلص عدد قاعات دور العرض السينمائي نتيجة انتشار ما يسمى بالسينما المنزلية التي نشأت من خلال انتشار الفضائيات والقرصنة عبر شبكة الإنترنت، بجانب مشاكل أخرى تتعلق بسلوك بعض الموزعين والمشكلات التمويلية، علاوة على مدى توافر الاستمرارية والثبات في إقامة المهرجان الواحد.

وطالب سولاري بضرورة تطوير المهرجانات وعدم الاكتفاء بعنصر الاستمرارية فقط وتبني مبدأ الحرية الفنية والإبداعية، بالإضافة إلى توفير الوسائل المالية وضرورة ربطها بالبعد السياسي.وأشار بيتر سكارليت المدير الفني لمهرجان أبوظبي السينمائي إلى أن من أبرز المشاكل التي تواجه أغلب المهرجانات تكمن في الحصول على الأفلام العالمية بالإضافة إلى صعوبة الحصول على نسختين من الأفلام باللغتين العربية والإنجليزية بجانب حجم الأفلام، وقال: يضع البعض حجم الأفلام كمعيار لقوة المهرجان وهذا مفهوم خاطئ، لأن المعيار الحقيقي هو عنصر الجودة وليس حجم الأفلام، والدليل على ذلك أن مهرجانات كبيرة مثل مهرجاني «كان» و«فينيسيا» لا تضع اهتماماً لحجم الأفلام بقدر مراقبتها لعنصر الجودة، كما حذر أيضاً من خطورة القرصنة على الأفلام وخوف بعض الموزعين من سرقة أفلامهم بعد عرضها في المهرجانات.

وأوضح عيسى المزروعي، مدير المشروعات الخاصة بهيئة الثقافة والتراث بأبوظبي إلى أن مهرجان أبوظبي السينمائي يهتم بشكل كبير بالعمل في ظل أسس علمية منظمة وبروح الفريق منذ اللحظة الأولى لانطلاقه قبل نحو أربع سنوات، مؤكدا أن المهرجان استطاع أن يثبت وجوده خلال تلك الفترة لكنهم لا يعانون مشكلات مالية كباقي المهرجانات، ولكن المعوقات الرئيسية التي واجهتهم هو الإقناع علي الاستمرارية.

ويرى مشيل ودراوجو المفوض العام لمهرجان بوركينا فاسو أن هناك مهرجانات ليس لها دور أو وظيفة خاصة على وجه التحديد، وقال: هناك مهرجانات أقرب ما يمكن أن يطلق عليها «نواد للسينما» ويبلغ عددها تقريباً 002 مهرجان عبر العالم، وأشار إلى ضرورة الحصول على الدعم السياسي لحشد الموارد المالية لدعم المهرجانات دون أي تدخل من الشركاء السياسيين أو الدول والهيئات الثقافية المعاونة الأخرى مثل الاتحاد الأوربي أو المركز الثقافي الفرنسي وغيرهما، وطالب بضرورة عمل لوبي ضغط لزيادة تلك الموارد، وركز على أهمية التضامن بين المهرجانات وتوافر العدالة بينها في التمويل.

وقالت فرانسيسكا فيا رئيسة مهرجان روما السينمائي الدولي ان المهرجانات الأفريقية تعاني ضعفاً شديداً في الرعاية والدعم المادي، بالإضافة إلى إغلاق قاعات السينما في الكثير من الدول الإفريقية، واعتبرت ذلك بمثابة الخنجر في جسد المجتمع وثقافته حيث إنها تعد أحد المرافق الأساسية التي يجب توافرها للإنسان، وأكدت فيا أنهم يتلقون دعماً من عمدة روما وبعض رجال الأعمال الذين يسعون للحصول علي الدعاية لهم، كما أشارت إلى دور الجمهور في دعم المهرجان من خلال وجودهم الدائم في فعاليات المهرجان، وطالبت بضرورة وجود سوق للتلاقي الدولي للمهرجانات من خلال تسويق الفيلم السينمائي.

وقال أندرية سيوتيريك رئيس مهرجان أفلام الحب بمونز ببلجيكا إنه ليس من مصلحة مهرجانه أن يتواجد داخل ما أسماه «منطق السوق»، مشيرا إلى أنه يريد أن يلحق بمهرجانه أفلام يتم تصويرها بالتلفون المحمول، بالإضافة إلى جذب أفلام الدول والثقافات الأخرى خاصة بعد أن سيطرت الأفلام الأميركية على 90% من نسبة الأفلام التي يتم عرضها في المهرجانات الدولية.وقال فيما يتعلق بالتمويل المادي فقد طالب بإعادة تقييم مصادر التمويل مشيرا إلى أن أغلب المهرجانات تعاني ضعفا ماديا ولذلك من الصعوبة عليهم دعوة نجوم السينما الكبار من هوليوود وأوربا، وطالب بضرورة التعاون والتضامن بين المهرجانات المختلفة لتكون في مصاف المهرجانات العالمية.

وأشارت نينا فريز مستشارة مهرجان جراندا سين ديل سور بأسبانيا إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت أسبانيا قلصت من عمليات الدعم للمهرجان بجانب غياب توافر مسؤولين متخصصين في إدارة المهرجان وجذب الاستثمارات إليه من طرق مختلفة.وتحدث عبد الحق المنطرش، رئيس مهرجان الرباط السينمائي الدولي بالمغرب قائلا: يوجد بالمغرب 62 مهرجانا صغيرا في القرى والمدن الصغيرة كما أصبحت الدولة تدعم المهرجانات بنسبة كبيرة خاصة بعد أن دخل في الحكومة أناس مهتمون بالثقافة وبالنسبة للأموال فهي ليست كل شيء لذلك أود أن نتكاتف كمهرجانات عربية للنهوض والتقدم لموازاة المهرجانات العالمية.

وأشار إلى أنه بعد انتشار الفضائيات أغلقت في الرباط عدد من دور العرض السينمائي وحل محلها مبان سكنية ضخمة، وأضاف عبد الحق: أن المركز السينمائي بالمغرب يدعم السينما بـ15 مليون يورو بجانب أن المغرب أصبح ينتج في الآونة الأخيرة 15 فيلما سينمائيا بشكل سنوي واقترح ضرورة إيجاد تعاون مؤسسي بين المهرجانات العربية كنواة للتعاون المشترك بعد ذلك، ونوه إلى أهمية الاجتماع بصفة دورية للوقوف على التطورات التي تحدث في المهرجانات العالمية الكبيرة.

البيان الإماراتية في

13/12/2010

 

متابعات

السينما المستقلة في مصر..إنتصار حقيقى

القاهرة – سهام لطفى

لقد أثبت حصول الفيلمان،  "حاوى"  " إخراج إبراهيم البطوط على الجائزة الكبرى فى مهرجان ترابيكا فى الدوحة، و"ميكرفون" من إخراج أحمد عبد الله على جائزة التانيت الذهبى فى مهرجان قرطاج السينمائى الدولى، ومنذ أيام علي جائزة أفضل فيلم عربى فى الدورة الرابعة والثلاثون من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، أن السينما المستقلة هى التى تستحق البقاء، وجديرة بأن تكون هى السينما الحقيقية، وان الإستمرار فى حصد الجوائز فى مهرجانات سينمائية فى العالم ، ما هو إلا دليل على قدرتها على الإستمراية، بفضل مخرجين، يحملون علي أكتافهم معارك أفلامهم مع الرقابة.

إنتصارالسينما المستقلة فى الفترة الأخيرة فى مصر، كان حصيلة عشرة أعوام من التجارب السينمائية الصغيرة والغير تقليدية.. كبرت وإتسعت مع إتساع طموح شباب يحلمون بخلق سينما مختلفة وجديدة بعيدة عن شروط السوق ..

وخلال تلك الفترة إستطاعت السينما المستقلة – بفضل مخرجيها-  إثبات قدرتها على تخطى الخطوط الحمراء من خلال طرح أفكار وموضوعات، فى الغالب ما يكون صعب التطرق لها فى السينما الأخرى – وهى السينما التجارية-  أمام رقابات المجتمع المختلفة.

قد يكون ذلك، هو نتيجة للمعارك الكثيرة التى خاضها ولا يزال يخوضها مخرجين السينما المستقلة مع الرقابة، وإصرارهم على الدفاع عن أفلامهم، التى قد يعتبرها اليعض أفلاماً غير شرعية – فى السينما، لتحررها من هيمنة المنتج والموزع، وخروجها عن الاطر المعروفة فى طرحها للقضايا والأفكار، والتى غالباً ما يراها البعض بدون رقابة، لذلك قد يظل الصراع والصدام دائم بين الرقابة والسينما المستقلة.

وفى العشر سنوات الأخيرة ، أصبح مفهوم أو تعبير السينما المستقلة، هو أحد المصطلحات السينمائية المتداولة ، بين السينمائيين الشباب – خاصة ممن يطمحون فى صناعة أفلام بأقل تكلفة.. لذلك بات لمفهموم  هذه السينما، أسلوباً ليناً، والدليل فوز الأفلام فى الكثير من مهرجانات السينما فى العالم، وإنتصار ثلاثة أفلام – أنجزوا تحت عباءتها- حصلوا علي الكثير من الجوائز فى مهرجانات سينمائية فى العالم،  وتم عرضها فى دور العرض السينمائية فى مصر وهما "عين شمس" إخراج إبراهيم البطوط، و"بصرة" إخراج أحمد رشوان، و "هيليوبوليس" إخراج أحمد عبد الله...

وربما كان تخطى حاجز الغير مألوف فى الأفلام المستقلة – ذات الإنتاج المحدود- جعلها تتميز بموضوعاتها وأفكارها – التى قد تبدو للكثيرين صادمة- لكن هذه الأفلام أصبح لها تواجد كبير فى المهرجانات، وأصبح الحديث مثل الطرق على أبواب ظلت مغلقة ومسكوت عنها طويلاً، على الاخص فى الأفلام الروائية القصيرة..فمثلا فيلم "راجلها" والذى يعتبر أول أفلام مخرجته أيتن امين فى الأفلام الروائية القصيرة،  كان واحداً من الأفلام التى أثارت جدلاً عقب عرضه للمرة الاولى عام 2007، لأنه يضم مشهد سحاق بين زوجة وضرتها، كذلك الفيلم الروائى القصير "أحمر وأزرق" إخراج محمود سليمان، ويتعرض الفيلم للعلاقات الجنسية غير الشرعية بين شاب وفتاة، تخشى أن تكون قد حملت أثناء المعاشرة بينهما.

وتظل هناك العديد من النماذج، التى نجحت فى خلق دائرة - تكاد تكون قد إقتربت من الإكتمال السينمائى والإنتصار لوجودها- من الألفة التى إعتاد عليها البعض، من خلال مشاهدته لأفلام غير تقليدية، أحياناً تكون صادمة مثل الفيلم الروائى القصير "السنترال" – والذى يعتبر أول فيلم روائى قصير لمخرجه محمد حماد، والذى حصل مؤخراً على ثلاثة جوائز هامة عن فيلمه القصير "أحمر باهت"، فقد واجه "سنترال" عاصفة رقابية شديدة، بسبب الألفاظ الخارجة والإباحية التى تضمنها الفيلم علي لسان بطلته، فهو يرصد حكايات مجموعة من الناس يترددون علي سنترال خاص فى احد الأحياء الشعبية، يكشفون فيه عبر مكالماتهم التليفونية عن حياتهم الجنسية بلغة واقعية وجارحة، لم تقدم بهذه الطريقة من قبل فى الأفلام المصرية...كذلك نجد فيلم "الجنيه الخامس" إخراج أحمد خالد، من الأفلام التى أثيرت حوله زوابع رقابية فهو يحكي عن شاب وفتاة يدفعان جنية زائد عن أجرة الأتوبيس المكيف ليمارسا علاقة جنسية في مقاعده الخلفية.

وهذه الأفلام، كانت قد سبقتها تجارب سينمائية أخرى، فى بداية الالفية الثانية، وتحديداً عندما بدأ يظهر تيار السينما المستقلة، ومن بين تلك التجارب عام 2003، بل وأهما فيلم   "نظرة إلى السماء" إخراج كاملة أبوذكرى، وهو فيلم مأخوذ عن قصة قصيرة للأديب إحسان عبدالقدوس بعنوان "رسالة إلى الله"، الفيلم يدور حول فتاة صغيرة تربطها قصة حب مع شاب فى مثل عمرها، يراها عمها على كوبرى قصر النيل مع حبيبها فيشى بها إلى والدها، مما يضطر الفتاة تحت الخوف إلى القسم على المصحف بأنها لم تكن على الكوبرى، وتعيش الفتاة أياماً من الخوف أن يصيبها الله بالعمى عقاباً لها على القسم الزائف، ولكن العم هو الذى يتعرض لحادث ويفقد بصره!( الفتاة تظهر فى الفيلم محجبة).

وفى العام التالى، أثار الفيلم الروائى القصير "الأسانسير" إخراج هديل نظمى، ضجة كبير بسبب تطرقه لموضوع الحجاب والحب أيضاً، والفيلم كان بمثابة مشروع تخرج لمخرجته من ورشة نظمتها شركة "سمات"، والفيلم يدور حول فتاة محاصرة داخل مصعد يتعطل، تأتيها مكالمة خطأ من شاب لا تعرفه، ويغازلها الشاب فتجاريه أملاً فى أن يأتى لمساعدتها، أو لتضييع الوقت، إلى أن يتم إصلاح الأسانسير، وقد تعرض الفيلم لحملة اتهامات ظالمة ، ولم ينقذه سوى أن الفيلم كان قد شارك فى المهرجان القومى للسينما فى عام 2005، وحصل على الجائزة الأولى لأفضل فيلم روائى قصير.
ولا أحد يغفل تجربة المخرج مراوان حامد، فى فيلمه الروائى القصير "لى لى" عام 2000، والماخوذ عن قصة ليوسف إدريس ويدور حول شيخ جامع شاب يستجيب لغواية جارته الحسناء. يوسف إدريس هو أحد الكتاب المفضلين لمخرجى الأفلام المستقلة أفضل من عبر عن الحياة الجنسية السرية المسكوت عنها للطبقات الشعبية والفلاحين فى مصر.

وهناك أفلام روائية قصيرة اخرى، خلقت تميزها من واقع ما تطرحه مثل فيلم "بيت من لحم" إخراج رامى عبد الجبار، والماخوذ عن قصة ليوسف إدريس، ويدور حول شيخ أعمى يتزوج من أرملة شابة ويضاجع بناتها العانسات الثلاث، وفيلم "أكبر الكبائر" للمخرج يوسف هشام، ومأخوذ أيضا عن قصة بنفس الإسم ليوسف إدريس، والتى تتشابه إلى حد كبير مع "بيت من لحم"، لكنها تدور فى الريف، حيث يتحول شاب فحل "أهبل" إلى زير نساء للزوجات المكبوتات

وفى المقابل، يظل دائما صناع السينما المستقلة، يدافعون عن أفلامهم، والتصدى لعبارة زائفة هى "الإساءة لسمعة مصر"، على إعتبار أن أفلامهم تقدم صورة سيئة ومشوهة عن مصر، وهو ما حدث مع المخرجة تهانى راشد، عندما قدمت فيلمها  الوثائقى "البنات دول" والتى رصدت فيه وللمرة الأولى فى السينما حياة بنات الشوارع فى حى المهندسين، وفى ذاك الوقت، شارك فيلمها " البنات دول" فى الكثير من مهرجانات السينما فى العالم أهمها مهرجان كان السينمائى الدولى، وحصد العديد من الجوائز، وهذا ما يثبت فشل تلك العبارة السابقة.

من الظلم أن نزعم ان كل الأفلام المستقلة لا تشغلها هموم مجتمع منهك ومتهالك مثل مصر، فهذه الأفلام تخلق معاركها تلقائياً، نتيجة ما تطرحه من أفكار وحقائق، فى الغالب تخشى – بل تخجل-  السينما الأخرى من المساس بها، فالسينما المستقلة  يعتبرها كثيرون إبناً غير شرعياً للسينما المصرية..

لم تقتصر معارك الأفلام المستقلة مع الرقابة على الأفلام الروائية القصيرة فحسب، فقد كانت هناك معارك  اخرى يواجهها مخرجى السينما المستقلة، خاصة صناع الأفلام الروائية الطويلة، فى سبيل خلق مساحة لأفلامهم هذه وسط عفونة سينمائية، فلا أحد ينسي الإنتصار الذى حققه الفيلم الروائى الطويل "عين شمس"، وهو اول افلام مخرجه إبراهيم البطوط الروائية الطويلة، بعدما نجح فى عرض فيلمه فى دور العرض التجارية فى مصر، والذى كان قد صوره بكاميرا ديجيتال إتش دى وقام بتحويله إلى سينما..فلم يكن إنتصار الفيلم صدفة، وقبول الرقابة وجهات التوزيع بالسماح له بالمرور سهلاً، ففوز الفيلم بجوائز مثل جائزة لجنة التحكيم فى قرطاج العام الماضى، وأفضل فيلم فى مهرجان تاورمينا، اكسبه ثقلاً، ورد إعتباره امام كثيرين ممن حاربوه وعلى رأسهم رئيس الرقابة السابق، علي أبوشادى..

وربما إدراكنا بقيمة وتجربة فيلم "عين شمس"، هو ما جعل العجلة تدور، وتفرز تجارب سينمائية اخرى، جادة ومميزة، ولديها القدرة علي منافسة أفلام بتكاليف هائلة وتحصد الجوائز، رغم انها أفلام لا تصل تلكفتها أجر نجم من شباك التذاكر فى الوقت الحالى..

فمثلا فوز فيلم "ميكرفون" للمرة الأولى بالتانيت الذهبى فى مهرجان قرطاج السينمائى الدولى، كان الصفعة التى طالت صناع السينما فى مصر، والذين إعتادوا أن يهرعون خلف النجم والقصة المستهلكة والميزانيات الضخمة، فالفيلم يعتبر ثانى أفلام مخرجه   أحمد عبد الله الروائية الطويلة بعد "هليوبوليس" – هو أيضا ينتمى للسينما المستقلة- أنجزه بأقل التكلفة، وقام بتصويره بكاميرا فوتوغرافيا – 5 D- ، كذلك فيلم "حاوى" – إخراج إبراهيم البطوط- هو أيضا تم تصويره بأقل التكاليف، لكنه حصل أيضاً على منحة إنتاجية لتحويله سينما وغيرها من التجهيزات الأخيرة للفيلم من أماكن تدعم هذا النوع من السينما مثل معهد الدوحة للسينما، وأروما، ومهرجان روتردام..وما يجمع الفيلمين، هو الإعتماد علي فكرة الإرتجال فى النص السينمائى، والتخلى عن نظرية النجوم، فالفيلمان، لا يوجد بهما ممثلين محترفين، ممثلين غير معروفين، بإستثناء تجربة فيلم "ميكرفون" والذى شارك فيه خالد أبو النجا، لمجرد إيمانه بتجربة السينما المستقلة، ومشاركته فى إنتاج الفيلم.

لقد استطاعت السينما المستقلة فى مصر أن تكسر الكثير من الحواجز والتابوهات خلال السنوات الماضية، والأهم أنها نجحت فى الانتشار والتواجد المكثف فى كل مكان ومهرجان .

الجزيرة الوثائقية في

14/12/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)