حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

صالة لواحد

سباقات الموسم: الأوسكار ضد الغولدن غلوبس

محمد رُضـــا

يوم الجمعة الماضي، تم إغلاق باب الترشيحات لجوائز الغولدن غلوبس الأميركية التي تمنحها جمعية مراسلي هوليوود الأجانب المؤلّفة من نحو 86  عضواً من أنحاء العالم يكتبون فيما لا يقل عن أربعين لغة ومجموع قرائهم يتجاوز الخمسين مليون قاريء.

في الرابع عشر من هذا الشهر، تعلن الجمعية الأفلام والشخصيات التي تم ترشيحها للجائزة وفي السادس عشر من كانون الثاني/ يناير تُقام حفلة توزيع الجوائز التي تتناقلها مباشرة بضعة محطات عالمية، ثم تتداول نتائجها مئات المواقع والمحطّات الإعلامية حول العالم.

من ناحيتها، يتم إعلان ترشيحات الأوسكار، الذي تمنحه "أكاديمية العلوم والفنون السينمائية" في هوليوود، في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني/ يناير. أما الحفلة ذاتها فتقام بعد شهر كامل، أي في السابع والعشرين من شهر شباط/ فبراير المقبل.

بين المناسبتين الشهيرتين، هناك مناسبات عديدة أخرى من بينها ما ينتمي الى جمعيات نقدية، او نقابات مهنية، مثل جوائز "جمعية النقاد الأميركيين" ومثل جوائز "نقابة الممثلين" و"نقابة الكتّاب" و"نقابة المخرجين" وسواها. في أوروبا هناك السيزار الفرنسي والبافتا الفرنسي وبضعة جوائز عالمية أخرى.

لكن أحداً لا يساوي الأوسكار والغولدن غلوبس. الأول هو الأشهر، لكن الثاني من الأهمية والقوّة داخل إطار السينما الأميركية الى درجة أنه يسبب وجع رأس لأكاديمية العلوم والفنون السينمائية. فهما يتزاحمان على نفس النوعية من المهتمّين وعلى ذات النسبة من المشاهدين، وجوائز كل منهما تتكرر على نحو أو آخر. بما أن حفلة الأوسكار تأتي من بعد حفلة الغولدن غلوبس، فإنها تحمل عبء التجديد في الأفلام والشخصيات المطروحة لنيل الجوائز لكن عليها، في نهاية الأمر، الامتثال إلى ما يراه الناخبون حتى وإن جاءت الاختيارات متشابهة.

مشاكل الأوسكار متعددة والذنب ليس ذنب الغولدن غلوبس ولا الجوائز الأخرى. فبالنسبة  مثلاً  لحفلة الأوسكار تأتي في نهاية كل الجوائز المذكورة أعلاه. بالتالي فإن العديد من الأعمال المختارة سبق وأن طُرحت أكثر من مرّة.  كذلك، هناك حقيقة أن كثرة الجوائز تجعل الأوسكار يحفل بالمنافسين. جائزة أفضل مخرج مثلاً تمنحها جمعية المخرجين وجمعية مراسلي هوليوود كذلك الجمعيات النقدية، ونفس الشيء يُقال عن جوائز كتاب السيناريو والتصوير والتمثيل وسواها.

إلى ذلك، فإن ما يميّز حفلة الغولدن غلوبس عن الأوسكار هو مناخها، إذ تقام في قاعة كبيرة في أحد أكبر فنادق المدينة، يشعر الحضور بأنهم ليسوا محبوسين في مقاعد الصالة لثلاث ساعات ونصف. في حين أن حفلة الأوسكار تقام في قاعة لا تستطيع الحراك فيها.

إنه لهذه الأسباب أقدم الأوسكار في العام الماضي على توسيع إطار الأفلام الى عشرة ترشيحات عوض خمسة. وهذا العام اختار الممثل جيمس فرانكو والممثلة آن هاذاواي لتقديم الحفلة في محاولة لجذب الجمهور الشاب هذا التوسع في عدد الأفلام جاء رغبة في مجاراة الغولدن غلوبس التي تضم في مسابقاتها خمسة أفلام درامية وخمسة كوميدية، خمسة أفلام أنيماشن، خمسة أفلام مصنوعة تلفزيونياً وخمسة أفلام أجنبية. كذلك تمنح عدداً أكبر من الجوائز للممثلين، فهم دراما وكوميديا، رجالي ونسائي، ممثلون أول ومساندون، وممثلون في السينما أو التلفزيون.

هذا العام سيعتبر تحدّياً كبيراً يواجه الجميع لأن المنافسة ليست بين فيلم كلّف 250 مليون دولار، كما حال »أفاتار« وآخر مستقل كلّف نحو خمسة ملايين فقط، كحال »خزانة الألم« الذي فاز بالأوسكار بالفعل، بل بين مزيج كبير من الأفلام الجديرة.

العناوين التي جذبت أعضاء الغولدن غلوبس  شملت »بداية« لكريس نولَن و«جزيرة مغلقة« لمارتن سكورسيزي و«الشبكة الاجتماعية« لديفيد فينشر و»127 ساعة« لداني بويل، و«المقاتل« لديفيد أو راسل و»عظمة الشتاء« لدبرا غرانيك و»خطاب الملك« لتوم هوبر و«عام آخر« لمايك لي و»عزم حقيقي« للأخوين كووَن.

هذا على النطاق الدرامي. في الخلطة الكوميدية- الموسيقية نجد «الفتيان في خير« لليزا شولودنكو، «برليسك« لستيفن أنتين، »الحب وعقاقير أخرى« لإد زويك و«البجعة السوداء« لدارن أرونوفسكي
في قسم الأفلام الأجنبية، فإن الغالبية تبدو متوجّهة إلى بعض أفضل المتاح: «الحافة« الروسي، »جميل« المكسيكي، «خارج عن القانون« الفرنسي و«عسل« التركي. وعندما تعلن الترشيحات الرسمية بعد أيام، ستكون المنافسة بين الغولدن غلوبس والأوسكار قد دخلت مرحلة جديدة تستدعي التوقّف عندها مرّة أخرى.

من أفلام موسم الجوائز: خطاب الملك

فيلم «خطاب الملك» الذي يفتتح مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته السابعة هذا العام، هو  في طليعة الأفلام الجديدة المتوقّع ترشيحها رسمياً للأوسكار، بل من بين تلك التي يتوقع لها السينمائيون أن تفوز في الأوسكار الرئيسي أيضاً وبأكثر من جائزة.

إنه ثالث فيلم يحققه توم هوبر من بعد »غبار أحمر« الدرامي  (2004)  و»الملعونون متحدون« الرياضي (2009). وإذا لم يكن أحد سمع بأي من هذين الفيلمين، فالعذر له ذلك أن كليهما كانا من الأعمال البريطانية الصغيرة التي لم تسافر لعروض دولية الا في مناسبات قليلة.

هذا على العكس من  »خطاب الملك« الذي عرضه مهرجان توليارويد الأميركي وتورنتو الكندي ولندن البريطاني قبل وصوله الى مهرجان دبي. كذلك فإن توزيعه التجاري مبرمج ليشمل أوروبا والولايات المتحدة وعواصم عربية في آن معاً. ذلك ربما ليس أمراً مميّزاً من عدّة نواح، لكنه مميّز بشدّة بالنسبة لمخرجه الشاب إذ هو أول نجاح له، فهو مطروح بشدّة لعدة جوائز رئيسية في بريطانيا وحول العالم، من بينها الأوسكار والغولدن غلوبس والبافتا البريطانية. ومعه مطروحة أسماء كولين فيرث، الذي يؤدي شخصية الملك جورج السادس، الذي قاد، وونستون تشرشل،  بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية. كذلك من أقوى المرشّحين كل من هيلينا بونهام كارتر عن دور زوجة الملك وجيفري رَش في دور الطبيب الذي لم يكن يحمل شهادات، لكنه نجح في مداواة معضلة خطيرة:  لم يكن يصلح جورج لأن يكون ملكاً على عرش بريطانياً بوجودها.

هؤلاء المذكورين فازوا فعلاً بجوائزهم الأولى وذلك خلال حفلة جوائز السينما البريطانية المستقلة. والفيلم في حد ذاته إنتاج مستقل ومحدود الكلفة. معظم ميزانيّته التي لم تزد عن مليوني دولار ذهبت الى ممثليه والى إتقان  ملامح وشروط الفترة التاريخية التي تدور فيها الأحداث.

نتعرّف على الملك جورج قبل وفاة أبيه (مايكل غامبون) الذي كان متضايقاً من حقيقة أن ولده يتلعثم كلّما أراد الحديث، خصوصاً إذا ما كان ذلك الحديث هو خطاب في مناسبة ما. جورج السادس كان أكثر ضيقاً بتلك المعضلة مدركاً أن البلاد لن تطيق سماع ملك لا يجيد الكلام. وهو سعى للتغلّب على هذه المعضلة عبر  الذهاب الى عدة أطبّاء، لكن أحداً منهم لم يستطع نفعه. أخيراً، اهتدى الى طبيب استرالي أسمه  ليونل لوغ (جفري رَش) الذي بدأ يمارس معه تدريبات نطق غير تقليدية الى أن استطاع إنجاز المهمّة في الوقت المناسب: خطاب الملك لمناسبة تولّيه العرش. كل هذا والطبيب أخفى عن الملك أنه ليس طبيباً على الإطلاق، بل استرالي مهاجر وربما ترك وطنه هرباً من قضاء صادر بحقّه.

أدوات المخرج الفنية ليست متعددة. مفاتيحه في هذا المجال محدودة ومفرداته اللغوية بسيطة. لكنه يحسن الإمساك بالاهتمام وإدارة الممثلين وخلق مشاهد متوتّرة على بساطة تكوينها. إننا أمام ملك يعرف أنه يطلب ما يبدو المستحيل، لكنه موزّع بين الضغط المتمثّل في مركزه المرتقب وبين القبول بالهزيمة والاستسلام  لمشكلة تلعثمه. لاحقاً ما يجد نفسه أيضاً موزّع الرغبة ما بين طرد الطبيب المزيّف واعتبار أنه خاض معه تجربة خاسرة، وبين الدفاع عنه أمام رجال البلاط والكنيسة على إيمان داخلي منه بأن هذا الطبيب لديه ما يدعو للثقة

لكن أهم ميزة لهذا الفيلم ليست في الإدارة الفنية والمعالجة القصصية، بل في التصميم الفني من ناحية والتمثيل من ناحية أخرى.

في المجال الأول، عمد الفيلم الى ألوان داكنة وهادئة على العين (بني، أسود، أخضر، أزرق داكن) تيمّنا بفترة لم تكن فيها الألوان الفاقعة معتمدة كما في الحقب اللاحقة. هذا الى جانب أن معظم الأحداث داخلية ما يحدد نوعية الألوان المستخدمة (في مقابل ألوان الطبيعة الأكثر إشراقاً).

أما التمثيل فهو إنجاز رائع من قبل الجميع خصوصاً كولين فيرث. هنا يجب أن لا ننسى أن تمثيل التلعثم أمام الكاميرا ليس فقط صعب على الممثل، بل صعب على الفيلم لأنه يتطلّب منه تحويل الصد الآلي للمشاهدين الى قبول. المخرج يحقق ذلك بنجاح، لكنه لم يكن سيحقق شيئاً لولا حسن أداء ممثله للدور.

الجزيرة الوثائقية في

12/12/2010

 

فيلم.. وأكثر من رسالة

محمد رفعت 

الحوار مع الآخر ليس من سماتنا كشرقيين، فنحن ندمن الكلام مع أنفسنا ونظل نغلى ونصرخ إذا تعرض الغرب لنا بسوء حتى تفرغ شحنة الغضب دون أن يسمعنا أحد، ولذلك فوجئنا بتنامى ظاهرة «الإسلام فوبيا» فى العالم كله دون أن ننتبه إلى الاسباب الحقيقية لانتصار من يشوهون صورتنا ويقدمون أفكاراً مغلوطة عنا فهم يوجهون خطابهم إلى الآخر، ونحن نكتفى فقط بأن نتحاور مع أنفسنا ونثور فى وجوهنا ونهاجم بعضنا البعض ونتبادل الاتهامات بالعمالة والرجعية وأحياناً الخيانة ثم نسكت فى النهاية ونمل من كثرة الخلاف والاختلاف ولذلك فقد كان صادما لكثير من الأمريكيين أن يشاهدوا فيلماً بسيطاً مثل «مسلم» الذى أخرجه شاب مسلم من أصل أفريقى، وأنتجته أمريكية ذكية ومتسامحة أرادت أن تستثمر حمى الهجوم على الإسلام والاهتمام به فى أمريكا والغرب فى انتاج فيلم يلفت الانتباه ليس فقط إلى حقيقة التناقضات التى يعيشها المسلم فى مجتمع غربى منفتح، لكن التناقضات داخل المجتمعات الإسلامية نفسها، والصراع الذى يعيشه الشخص المتدين بين رغبته فى الالتزام بتعاليم دينه، وحب الحياة والرغبة فى الاستمتاع بها، وهو الخيط الذى الذى يلتقطه المخرج الشاب قاسم باسير بنعومة شديدة ويغزل عليه أحداث الفيلم الذى لجأ فيه إلى أسلوب القطع المتوازى والمزج بين أحداث وقعت فى الماضى ووقائع تحدث فى الحاضر ونجح ببساطة شديدة فى أن يكشف أسباب التمزق النفسى والإنسانى التى يعيشها بطل الفيلم «طارق» بسبب ذكرياته السيئة عن معاملة والده القاسية له بحجة أنه يريده أن ينشأ ملتزماً دينياً، وبين عذاب والدته التى عانت الكثير من تشدد زوجها، يجد الخلاص فى شقيقته الزهرة الجميلة «تقوى» وهى شابة متدينة بالقلب والفطرة ولكنها تحب الحياة ولا تحبس نفسها وراء أسوار العيب والحرام.. والجميل أن رسالة الفيلم ليست موجهة فقط للأمريكى أو الغربى حتى يعرف أن الإسلام ليس دين العنف وأن المسلم ليس شرطاً أن يكون إرهابياً، لكن موجهة للمسلمين أيضاً، ليبحثوا تلك الأزمة.. أزمة التوافق مع العصر، ويجدوا إجابات لأسئلة كثيرة معلقة، وأهمها هذا السؤال كيف تستمتع بالحياة دون أن تقع فى المحظور وترتكب الآثام؟! ورغم أن فيلم «مسلم» لايجيب عن هذا السؤال، لكنه سيقودك إلى الإجابة من خلال الصداقة البريئة بين طارق وزميلته فى الجامعة والتى مهد لها السيناريو بعلاقة قديمة مرفوضة من الجميع بينه وبين فتاة بيضاء تعرف عليها وهو طفل وطرده والدها وحذره من أن يحاول الاتصال بها مرة أخرى لأنه مسلم وأسود.. ورغم أن الفيلم يمتلئ بالرسائل والأفكار وينتقل من منطقة ملغومة إلى أخرى أكثر سخونة، إلا أنه لم يقع أبدا فى خطأ المباشرة أو توجيه الرسائل الأخلاقية أو الخطب الرنانة.. والمطلوب عشرات من هذه الأفلام التى تقدم صورة حقيقية لحياة المسلم فى بلاد الغرب وازدواج الهوية وكثير من القضايا الأخرى المسكوت عنها، وبدلاً من إهدار الأموال على مهرجانات سينمائية عربية تقيمها دول ليس فيها سينما من الأساس، فمن الأفضل استثمار هذه الأموال فى انتاج أفلام تقدم وجهنا الحقيقى للعالم وتكشف زيف آلة الدعاية الجهنمية الموجهة ضدنا.

مجلة أكتوبر المصرية في

12/12/2010

 

على بدرخان: الأجيال الجديدة فى السينما غلابة

أحمد إبراهيم 

فنان قدير صاحب المعارك الناعمة فبأفلامه التى قدمها تجده فى عراك وصدام دائم مع ما حوله من كل أشكال الفساد والانحراف..كما أنه لا يكل عن المطالبه والسعى للفوز بمقعد النقيب لنقابة السينمائيين....، معه كان الحوار:

·         أين المخرج القدير على بدرخان بعد فيلم «الرغبة» فى 2002؟

** هذا السؤال دائم الطرح وبصراحة هذا السؤال لابد أن يوجه لآليات الإنتاج والمسئولين عنها فأنا لست منتجا أنا مخرج..وأنا جاهز ولدى أعمال أريد تقديمها كما أن لى تاريخا والكل يعلم أن الساحة الفنية يسودها الاستسهال الآن وكذلك التأخر فى الذوق العام لممارسات طويلة..فالأجيال الجديدة غلابة...

·         أى من المخرجين الحاليين الذى تتابع أعماله؟

** يوجد العديد من المخرجين لديهم ذائقة وأسلوب خاص بهم فالفن وإنتاجه مثل البصمة فلا يوجد اثنان متشابهان.. لكنى أرى أن هناك هبوط عاما فى مستوى المخرجين..

·         هل ترى أن الأفلام التى تقدمها السينما الآن تتمتع بالجرأة؟

** الجرأة الآن محكومة بالمنتج وبالرقابة والمجتمع ذاته... وكل الأفلام تتناول سلبيات وتتناول المجتمع المخملى الفاسد وأشياء كثيرة من هذا النحو وكل الأفلام بها نقد الديمقراطية والفوارق الطبقية والخدمات.. إلخ. ولكن هذا النقد سطحى يشير إلى المشكلة التى يعلمها رجل الشارع العادى فالفن يتاجر بالمشاكل لكنه لا يحلل هذه المشكلة ولا يوضح لى ما هى أسبابها أو ما هو الطريق الذى يجب أن أسلكه لأحدث تغيرا فيها ..

·         ما معنى أن الفنان لابد أن يكون ملازما لقضايا مجتمعه؟

** أى فنان سواء أكان رساما موسيقيا ممثلا كاتبا شاعرا لابد أن يكون لفنه هدفا وكل الفنانين يجتمعون على شىء واحد هو تغير الحياة للأفضل نعمل ونعيش ونحب ونبحث عن حرية وديمقراطية بشكل أفضل.. دائما الأفضل هو ما يسعى إليه الفنان وألا يكل عن مطالبته بالأفضل وإلا يقلع عن الفن إذا رأى أنه وصل للأفضل..

·         هل ترى للفنان وظيفة أخرى غير الإبداع؟

** بالطبع فالفنان ناقد واعٍ لا يكف عن النقد وعلى كل المستويات ولكل الأشكال وإلا سوف يقتصر دورة على التسلية فهو إذاً يتحول لأراجوز.

·         ما حقيقة تجهيزك لفيلمين أحدهما «محمد نجيب» والآخر «إخناتون»؟

** صراحة كنا سنبدأ الفيلمين لكن كل شىء توقف وعاد للأدراج من جديد فالمسئولون عن الإنتاج أوقفوا المشروعين من جديد.

·         لماذا يختفى فنان بقيمة «بدرخان» واكتفى بتدريس السينما؟

** أنا أرى أن هذا الدور هو جزء من قيمة الفنان الحقيقى لأننى أقوم بتخريج أجيال جديدة تعى الكثير عن المجتمع وتهتم بقضاياه ومشاكله وهذا دور شاق وليس بقليل ودور المعلم أرقى كثيرا من دور المخرج ..

·         كيف ترى النقابة الآن وأنت بعيد عنها؟

** الأوضاع داخل النقابة ليست مرضية فالمهنيون الجادون غير راضين عن أدائها...النقابة الآن بها أعداد كبيرة من الدخلاء والهدف من عضويتهم السيطرة على النقابة..

·         ما سر إصرارك على الفوز بالنقابة؟

** النقابات هى مجتمع مدنى نشط يمكن الاستفادة منه وتطوير الحياة المهنية ولكن ما يحدث فى نقابة السينمائيين هو محاولة شلها وبدلا من أن يديرها مبدعون يسيطر عليها موظفون لايحققون أى إنجاز بل يعدون بالنقابة للخلف ...

·         إذاً ما هو الخلل الذى تراه فى عمل النقابة؟

** عندما تكون نقابة هدفها إبداعىولكن عندما تسهل العضوية لسائقين وسعاة لاستخدامهم كصوت انتخابى وموظفين إداريين بالتليفزيون ليس لهم أى علاقة بالنواحى الإبداعية وهذا يعد «سيحان فى المخ» فهم يقدمون المجاملات على حساب المهنة...

·         هل هذا فقط هو سر غيرتك على النقابة؟

** لا هناك أشياء أخرى فهناك من يمتلك تأمينا ومعاشا فى جهة أخرى ويشاركنى أنا ابن المهنة فيما تمنحنى النقابة من حقوق كما أن هؤلاء الدخلاء لا يدفعون الرسم النسبى للنقابة ولا يقدمون لها أى فائدة...

·         البعض يتهمك بأنك تهاجم عهود وفترات زمنية بعد رحيل رموزها مثل فيلم «الكرنك» و«أهل القمة»..؟

** أنا لا أهاجم شخصيات ولكنى أهاجم ممارسات سلبية فبالرغم من ناصريتى قدمت الكرنك ليس لتشويه هذا العهد ولكن لتجنب سلبياته فى المستقبل فليس من المعقول أن نتحول لنمشى وراء الزعيم أيا كانت تصرفاته ... وأنا أتمنى للناصرية أن تكون أفضل وإن لم أشرح عيوبها أكون فنانا كذابا ومنافقا.. وأهل القمة تنبأ بما سيحدث من نتائج الانفتاح وكان هذا التنبؤ سليما...

مجلة أكتوبر المصرية في

12/12/2010

 

 

«انتصار».. تحفة إيطالية فى هجاء الفاشية

محمود عبدالشكور 

إحدى الروائع التى عرضها مهرجان الفيلم الأوروبى فى دورته الثالثة العمل الإيطالى المذهل «vincere» أو «انتصار» للمخرج الإيطالى الكبير «ماركو بيللوكيو» الذى اختار أن يقدم هجاء عنيفاً للفاشية من خلال زواية جديدة تماماً وإنسانية أيضاً. لجأ المخرج الكبير إلى تقديم الحكاية الحقيقية لزوجة منسية للزعيم الفاشى «موسولينى» اسمها «أيدا دالسر» أحبته بجنون، وأنجبت منه طفلاً اسمه «بنيتو ألبينو موسولينى»، ولكنها تخلى عنها عندما عاد من الحرب العالمية الأولى، وعندما بدأ رحلة الصعود الطويلة للسلطة، والتى انتهت به وببلده إلى الهاوية، لم تسكت المرأة على التجاهل، وكتبت خطابات تؤكد فيها أنها زوجة الدوتشى المنسية، فانتقم منها بإيداعها مستشفى للأمراض العقلية لمدة 11 عاماً لتحدث عام 1937، أما ابنها الذى كان يعلن أيضاً أنه ابن الدوتشى المجهول، فقد انتزع من أمه، وأودع مدرسة خاصة، وعمل بحّاراً لسنوات، ثم أودع مستشفى للأمراض العقلية ليموت وعمره 26 عاماً فقط، وقد ظلت هذه المأساة مجهولة تماماً حتى كشف عنها صحفى إيطالى اسمه «ماركوزينى».
ولكن الفن ليس هو الواقع، وإنما رؤية لهذا الواقع من خلال ذات الفنان، وهكذا قرر «بيللوكيو» أن ينطلق من تفاصيل الحكاية الإنسانية إلى آفاق أوسع بكثير، فاختار أن يكون البناء حافلاً بالدلالات التاريخية والسياسية والدينية أيضاً، بدت «ايدا» فى حبها الجنونى الأعمى لـ «موسولينى» عندما التقته عام 1907، ثم تكرر القاء عام 1914 كما لو كانت إيطاليا الباحثة عن معبود أو منقذ، وبدا «موسولينى» الذى نراه فى المشهد الأول وهو يجد فى حق الله، وكما لو كان يستعد لتدشين نفسه كإله مزيف حاملاً شعارات مزيفة، ومع صعود «الدوتشى» الذى أصبح فى عام 1922 أصغر رئيس للوزراء فى تاريخ إيطاليا «39 عاماً»، يبدأ سقوط «إيدا» الجسدى والروحى والإنسانى، وبهذه المقابلة يقول الفيلم بوضوح أن انتصار الفاشية يكون على جثة الإنسان.

أودعت «إيدا» إحدى المهمات النفسية، وهناك التقت بالدكتور «كابيلليتى» الذى كان يعرف أنها ليست مجنونة، ولكنه وفى إشارة سياسية واضحة لصعود الفاشية ينصحها بأن تمثل على الآخرين، ولا تقول لهم الحقيقة، لأن هذا هو الزمن الذى يجب أن يستعد الجميع للتمثيل فيه. بهذا المعنى تحولت مأساة امرأة آمنت برجل فخذلها وتخلى عنها إلى مأساة شعب صدق إلهاً مدعياً و15 من رفاقه وعشيقته الأخيرة «كلارا بيتاتشى» فى أبريل عام 1945، وإذا كان الفيلم يبدأ بتدشين محاولات «موسولينى» لكى يكون إلهاً لشعبه، فإن الفيلم ينتهى بتحطيم تمثال «موسولينى»، وإذا كانت «ندالة» «موسولينى» مع زوجته التى لم تستطع إظهار وثيقة زواجها يمكن أن تتكرر مع حالات مختلفة فى كل زمان ومكان، إلاّ أن الندالة والجبن والخسَّة أصبحت مع صعود الفاشية فى إيطاليا دستوراً للحياة، والفيلم يوضح بصورة لا تحتمل اللبس كيف كان «موسولينى» أقرب إلى «الأراجوز» الذى فشل أن يكون موسيقياً أو كاتباً فأراد أن يكون زعيماً، ويوضح أيضاً كيف انقلب على أفكاره من أجل مصالحه، فبعد أن كان ضد الملكية والملك «فيكتور عمانويل» أصبح متعاوناً معه فى الحكم، وبعد أن كان ضد رجال الدين، أصبح الدوتشى الزعيم الذى اعترف بدولة الفاتيكان فى قلب روما، لا شىء إلا المصلحة وليسقط الجميع. على مستوى الصورة وشريط الصورة نحن أمام جدارية ضخمة استخدم فيها «بيللوكيو» أفلاماً روائية صامتة وجرائد سينمائية، وأبدع مدير التصوير «دانييل كيرى» فى رسم ملامح صورة تغلب عليها مساحات واسعة من اللون الأسود، ثم أبدع أبطال الفيلم خاصة «جيوفان ميزجيورنو» فى دور «أيدا» فى التعبير عن مأساة شعب من خلال مأساة امرأة.

مجلة أكتوبر المصرية في

12/12/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)